|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
معنى البعث وحقيقته وأدلته
الكلام على معنى البعث وحقيقته وأدلته فواز بن علي بن عباس السليماني البعث في كلام العرب يأتي على وجهين: أحدهما: الإرسال، ومنه قوله تعالى: ﴿ ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى ﴾ [الأعراف: 103] أي: أرسلنا. والثاني: الإثارة والتحريك، تقول بعثت البعير فانبعث؛ أي: أثرته فثار، ومنه بعث الموتى وذلك بإحيائهم وإخراجهم من قبورهم؛ قال تعالى: ﴿ ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ ﴾ [البقرة:56]؛ أي: أحييناكم. تعريف البعث شرعًا وحقيقةً: فالبعث شرعًا: هو إحياء الله للموتى وإخراجهم من قبورهم. وحقيقةً: هو أن الله تعالى يجمع أجساد المقبورين التي تحللت ويُعيدها بقدرته كما كانت، ثم يعيد الأرواح إليها، ويسوقهم إلى مَحشرهم لفصل القضاء؛ قال تعالى: ﴿ وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ ﴾ [يس: 78، 79]. وعن حذيفة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن رجلًا حضره الموت لَما أيس من الحياة أوصى أهله: إذا مت فاجمعوا لي حطبًا كثيرًا ثم أوروا نارًا حتى إذا أكلت لحمي، وخلصت إلى عظمي، فخذوها فاطحنوها، فذروني في اليم في يوم حار أو راح، فجمَّعه الله، فقال: لِمَ فعلت؟ قال: خشيتك، فغفر له»؛ رواه البخاري (3479). فدلت الآية والأحاديث على أن الله تعالى يعيد الأجساد نفسها، ويجمع رفاتها المتحلل حتى تعود كما كانت، فيعيد إليها أرواحها، فسبحان مَن لا يُعجزه شيء، وهو على كل شيء قدير. وقد جاء في السنة بيان كيفية البعث، وأن الله ينزل إلى الأرض ماءً، فينبت به أهل القبور كما ينبت العشب. وقد دل على ذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه الذي أخرجه الشيخان: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ما بين النفختين أربعون)، قال: أربعون يومًا؟، قال: أبَيْت، قال: أربعون شهرًا؟ قال: أبيت، قال: أربعون سنة؟ قال: أبيت، قال: ثم ينزل الله من السماء ماءً، فينبتون كما ينبت البقل ليس من الإنسان شيء إلا يبلى إلا عظمًا واحدًا، وهو عجب الذَّنَب، ومنه يركب الخلق يوم القيامة»؛ رواه البخاري برقم (4935)، ومسلم (2955). فقد دل هذا الحديث على كيفية البعث، وأن أهل القبور يبقون في قبورهم أربعين بين النفختين، وهما نفخة الإماتة ونفخة البعث، ولم يجزم الراوي بتحديد الأربعين ما هي، وهل المراد أربعون يومًا أو شهرًا أو سنة؟ على أنه جاء في بعض الروايات أنها أربعون سنة، ثم إذا أراد الله بعث الخلائق أنزل مطرًا من السماء. جاء في بعض الروايات أنه مثل مني الرجال، فينبت أهل القبور من ذلك الماء، كما ينبت العشب بعد أن فتت أجسادهم إلا عجب الذنب. وهذا بخلاف الأنبياء، فإن أجسادهم لا تبلى، فتبيَّن بهذا حقيقة البعث ووقته وكيفيته، والله أعلم. قلت: لما تواتر من أن الأرض لا تأكل أجساد الأنبياء، والله أعلم. المطلب الثاني: أدلة البعث من الكتاب والسنة والنظر: دَلَّ الكتابُ والسنة على بعث الله تعالى للأموات، وجاء تقريره في مواطن كثيرة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم: فمن الكتاب: قوله تعالى: ﴿ ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [البقرة:56]، وقوله تعالى: ﴿ مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ الله سَمِيعٌ بَصِيرٌ ﴾ [لقمان:28]، وقوله تعالى: ﴿ زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى الله يَسِيرٌ ﴾ [التغابن:7]. ومن السنة: حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا تفضلوا بين أنبياء الله، فإنه ينفخ في الصور، فيصعق من في السماوات ومَن في الأرض إلا من شاء الله، قال: ثم ينفخ فيه مرة أخرى، فأكون أول من بعث، أو في أول من بعث، فإذا موسى آخذ بالعرش»؛ رواه البخاري برقم (3414)، ومسلم (2373). وفي حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه في "البخاري" برقم (2412)، و"مسلم" (2278): «فأكون أول من تنشق عنه الأرض». فدل الحديثان على بعث الله تعالى للأموات يوم القيامة من قبورهم إلى أرض المحشر، وفيهما فضيلة للنبي صلى الله عليه وسلم لكونه أول من يبعث. كما دل النظر الصحيح على تقرير البعث، وذلك أن البعث هو إعادة للخلق. ومعلوم لكل عاقل أن الإعادة للشيء أهون من إنشائه وابتدائه، ولهذا قال الله تعالى في كتابه مقررًا للبعث ووقوعه بإبداء خلق الإنسان ونشأته الأولى، وبأن القادر على الابتداء قادر على الإعادة من باب أولى، فقال المعترض على البعث؛ كما حكى الله عنه: ﴿ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ ﴾، قال تعالى: ﴿ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ ﴾ [يس:78ـ 79]. وقال تَعالى: ﴿ وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ ﴾ [الروم:27]. فهذا دليل شرعي عقلي من كتاب الله للرد على كل معاند مكذب بالبعث، وهو دليل لا يستطيع ردَّه.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |