|
فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#21
|
||||
|
||||
![]() ![]() كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي المجلد الأول -كتاب الصلاة الحلقة (21) صــــــــــ 157 الى صـــــــــــ166 [باب سجود التلاوة والشكر] وقد ترجم سجود القرآن في اختلاف علي وابن مسعود - رضي الله عنهما - وفي اختلاف الحديث وفي اختلاف مالك والشافعي رحمهما الله تعالى مرتين.أما الأول ففيه أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي هشيم عن شعبة عن عاصم عن زر عن علي - رضي الله عنه - قال: عزائم السجود {الم - تنزيل} [السجدة: 1 - 2] {والنجم} [النجم: 1] ، و {اقرأ باسم ربك الذي خلق} [العلق: 1] ولسنا ولا إياهم نقول بهذا نقول في القرآن عدد سجود مثل هذه أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي هشيم عن أبي عبد الله الجعفي عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي - رضي الله عنه - قال كان يسجد في الحج سجدتين وبهذا نقول وهذا قول العامة قبلنا: ويروى عن عمر وابن عمر وابن عباس - رضي الله عنهم - وهم ينكرون السجدة الآخرة في الحج وهذا الحديث عن علي - رضي الله عنه - يخالفونه أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا ابن مهدي عن سفيان عن محمد بن قيس عن أبي موسى أن عليا - رضي الله عنه - لما رمى بالمجدح خر ساجدا ونحن نقول: لا بأس بسجدة الشكر ونستحبها ويروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه سجدها، وعن أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما - وهم ينكرونها يكرهونها ونحن نقول لا بأس بالسجدة لله تعالى في الشكر وأما الثاني: وهو الذي في اختلاف الحديث ففيه أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا محمد بن إسماعيل عن ابن أبي ذئب عن الحارث بن عبد الرحمن عن محمد بن عبد الرحمن عن ثوبان عن أبي هريرة - رضي الله عنه - «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرأ بالنجم فسجد وسجد الناس معه إلا رجلين قال أراد الشهرة» أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل عن ابن أبي ذئب عن يزيد عن عبد الله بن قسيط عن عطاء بن يسار عن «زيد بن ثابت أنه قرأ عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالنجم فلم يسجد فيها» . (قال الشافعي) : وفي هذين الحديثين دليل على أن سجود القرآن ليس بحتم ولكنا نحب أن لا يترك؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - سجد في النجم وترك. (قال الشافعي) : وفي النجم سجدة ولا أحب أن يدع شيئا من سجود القرآن وإن تركه كرهته له، وليس عليه قضاؤه؛ لأنه ليس بفرض فإن قال قائل: ما دل على أنه ليس بفرض؟ قيل: السجود صلاة قال الله تعالى: {إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا} [النساء: 103] فكان الموقوت يحتمل مؤقتا بالعدد ومؤقتا بالوقت فأبان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «أن الله عز وجل فرض خمس صلوات فقال رجل يا رسول الله هل علي غيرها؟ قال لا إلا أن تطوع» فلما كان سجود القرآن خارجا من الصلوات المكتوبات كانت سنة اختيار فأحب إلينا أن لا يدعه ومن تركه ترك فضلا لا فرضا وإنما سجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في النجم؛ لأن فيها سجودا في حديث أبي هريرة وفي سجود النبي - صلى الله عليه وسلم - في النجم دليل على ما وصفت؛ لأن الناس سجدوا معه إلا رجلين، والرجلان لا يدعان الفرض إن شاء الله ولو تركاه أمرهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بإعادته. (قال الشافعي) : وأما حديث «زيد أنه قرأ عند النبي - صلى الله عليه وسلم - النجم فلم يسجد» فهو والله أعلم أن زيدا لم يسجد وهو القارئ فلم يسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يكن عليه فرضا فيأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - به.أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار «أن رجلا قرأ عند النبي - صلى الله عليه وسلم - السجدة فسجد. فسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم قرأ آخر عنده السجدة فلم يسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله قرأ فلان عندك السجدة فسجدت وقرأت عندك السجدة فلم تسجد فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: كنت إماما فلو سجدت سجدت معك» . (قال الشافعي) : إني لأحسبه زيد بن ثابت؛ لأنه يحكى أنه قرأ عند النبي - صلى الله عليه وسلم - النجم فلم يسجد وإنما روى الحديثين معا عطاء بن يسار. (قال الشافعي) : فأحب أن يبدأ الذي يقرأ السجدة فيسجد وأن يسجد من سمعه فإن قال قائل فلعل أحد هذين الحديثين نسخ الآخر قيل فلا يدعي أحد أن السجود في النجم منسوخ إلا جاز لأحد أن يدعي أن ترك السجود منسوخ والسجود ناسخ، ثم يكون، أولى؛ لأن السنة السجود لقول الله عز وجل {فاسجدوا لله واعبدوا} [النجم: 62] ولا يقال لواحد من هذا ناسخ ولا منسوخ، ولكن يقال هذا اختلاف من جهة المباح.وأما الثالث: وهو الذي في اختلاف الحديث مالك والشافعي - رضي الله عنهما - ففيه سألت الشافعي عن السجود في {إذا السماء انشقت} [الانشقاق: 1] قال فيها سجدة فقلت له وما الحجة أن فيها سجدة فقال: أخبرنا مالك عن عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان عن أبي سلمة بن عبد الرحمن «أن أبا هريرة - رضي الله عنه - قرأ لهم {إذا السماء انشقت} [الانشقاق: 1] فسجد فيها فلما انصرف أخبرهم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سجد فيها» أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن الأعرج أن عمر بن الخطاب قرأ " والنجم إذا هوى " فسجد فيها، ثم قام فقرأ سورة أخرى أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا بعض أصحابنا عن مالك أن عمر بن عبد العزيز أمر محمد بن مسلم أن يأمر القراء أن يسجدوا في {إذا السماء انشقت} [الانشقاق: 1] أخبرنا الربيع سألت الشافعي عن السجود في سورة الحج فقال فيها سجدتان فقلت: وما الحجة في ذلك فقال: أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه سجد في سورة الحج سجدتين، أخبرنا مالك عن نافع عن رجل من أهل مصر أن عمر سجد في الحج سجدتين، ثم قال: إن هذه السورة فضلت بسجدتين فقلت للشافعي فإنا نقول اجتمع الناس على أن سجود القرآن إحدى عشرة سجدة ليس في المفصل منها شيء فقال الشافعي: إنه يجب عليكم أن لا تقولوا اجتمع الناس إلا لما إذا لقي أهل العلم فقيل لهم اجتمع الناس على ما قلتم إنهم اجتمعوا عليه قالوا: نعم وكان أقل أقوالهم لك أن يقولوا لا نعلم من أهل العلم له مخالفا فيما قلتم اجتمع الناس عليه وأما أن تقولوا: اجتمع الناس وأهل العلم معكم يقولون: ما اجتمع الناس على ما زعمتم أنهم اجتمعوا عليه فأمران أسأتم بهما النظر لأنفسكم في التحفظ في الحديث وأن تجعلوا السبيل لمن سمع قولكم اجتمع الناس إلى رد قولكم ولا سيما إذا كنتم إنما أنتم مقصورون على علم مالك رحمنا الله وإياه وكنتم تروون عن عمر بن عبد العزيز أنه أمر من يأمر القراء أن يسجدوا فيها وأنتم قد تجعلون قول عمر بن عبد العزيز أصلا من أصول العلم فتقولون: كان لا يحلف الرجل المدعى عليه إلا أن يكون بينهما مخالطة فتركتم بها قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه؛ لقول عمر، ثم تجدون عمر يأمر بالسجود في {إذا السماء انشقت} [الانشقاق: 1] ومعه سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورأي أبي هريرة ولم تسموا أحدا خالف هذا وهذا عندكم العمل؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - في زمانه، ثم أبو هريرة في الصحابة، ثم عمر بن عبد العزيز في التابعين والعمل يكون عندكم بقول عمر وحده وأقل ما يؤخذ عليكم في هذا أن يقال كيف زعمتم أن أبا هريرة سجد في {إذا السماء انشقت} [الانشقاق: 1] وأن عمر أمر بالسجود فيها وأن عمر بن الخطاب سجد في النجم، ثم زعمتم أن الناس اجتمعوا أن لا سجود في المفصل وهذا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهذا من علماء التابعين فقال: قولكم اجتمع الناس لما حكوا فيه غير ما قلتم بين في قولكم أن ليس كما قلتم، ثم رويتم عن عمر بن الخطاب أنه سجد في النجم، ثم لا تروون عن غيره خلافه، ثم رويتم عن عمر وابن عمر أنهما سجدا في سورة الحج سجدتين وتقولون ليس فيها إلا واحدة وتزعمون أن الناس أجمعوا أن ليس فيها إلا واحدة، ثم تقولون أجمع الناس وأنتم تروون خلاف ما تقولون وهذا لا يعذر أحد بأن يجهله ولا يرضى أحد أن يكون مأخوذا عليه فيه لما فيه مما لا يخفى عن أحد يعقل إذا سمعه أرأيتم إذا قيل لكم أي الناس اجتمع على أن لا سجود في المفصل وأنتم تروون عن أئمة الناس السجود فيه ولا تروون عن غيرهم مثلهم خلافهم أليس أن تقولوا أجمع الناس أن في المفصل سجودا، أولى بكم من أن تقولوا اجتمع الناس على أن لا سجود في المفصل فإن قلتم لا يجوز إذا لم نعلمهم أجمعوا أن نقول اجتمعوا فقد قلتم اجتمعوا ولم ترووا عن أحد من الأئمة قولكم ولا أدري من الناس عندكم أخلقا كانوا فما اسم واحد منهم وما ذهبنا بالحجة عليكم إلا من قول أهل المدينة وما جعلنا الإجماع إلا إجماعهم فأحسنوا النظر لأنفسكم واعلموا أنه لا يجوز أن تقولوا أجمع الناس بالمدينة حتى لا يكون بالمدينة مخالف من أهل العلم، ولكن قولوا فيما اختلفوا فيه أخبرنا كذا كذا ولا تدعوا الإجماع فدعوا ما يوجد على ألسنتكم خلافه فما أعلمه يؤخذ على أحد يتثبت على علم أقبح من هذا. (قلت) للشافعي أفرأيت إن كان قولي اجتمع الناس عليه أعني من رضيت من أهل المدينة وإن كانوا مختلفين؟ فقال الشافعي أرأيتم إن قال من يخالفكم ويذهب إلى قول من يخالفكم قول من أخذت بقوله اجتمع الناس أيكون صادقا؟ فإن كان صادقا وكان بالمدينة قول ثالث يخالفكما اجتمع الناس على قوله فإن كنتم صادقين معا بالتأويل فبالمدينة إجماع من ثلاثة وجوه مختلفة وإن قلتم الإجماع هو ضد الخلاف فلا يقال إجماع إلا لما لا خلاف فيه بالمدينة.قلت هذا هو الصدق المحض فلا تفارقه ولا تدعوا الإجماع أبدا إلا فيما لا يوجد بالمدينة فيه اختلاف وهو لا يوجد بالمدينة إلا ويوجد بجميع البلدان عند أهل العلم متفقين فيه لم يخالف أهل البلدان أهل المدينة إلا فيما اختلف فيه أهل المدينة بينهم. (وقال لي الشافعي) واجعل ما وصفنا على هذا الباب كافيا لك لا على ما سواه إذا أردت أن تقول أجمع الناس فإن كانوا لم يختلفوا فقله وإن كانوا اختلفوا فلا تقله فإن الصدق في غيره. (وترجم مرة أخرى في سجود القرآن) وفيها سألت الشافعي عن السجود في سورة الحج فقال: فيها سجدتان فقلت: وما الحجة في ذلك فقال: أخبرنا مالك عن نافع أن رجلا من أهل مصر أخبره أن عمر بن الخطاب سجد في سورة الحج سجدتين، ثم قال إن هذه السورة فضلت بسجدتين. (قال الشافعي) : أخبرنا إبراهيم بن سعد بن إبراهيم عن الزهري عن عبد الله بن ثعلبة ابن صفية أن عمر بن الخطاب صلى بهم بالجابية فقرأ سورة الحج فسجد فيها سجدتين. (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه سجد في سورة الحج سجدتين فقلت للشافعي فإنا لا نسجد فيها إلا سجدة واحدة فقال الشافعي فقد خالفتم ما رويتم عن عمر بن الخطاب وعبد الله بن عمر معا إلى غير قول أحد من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - عامة فكيف تتخذون قول ابن عمر وحده حجة وقول عمر حجة وحده حتى تردوا بكل واحد منهما السنة، وتبتنون عليها عددا من الفقه، ثم تخرجون من قولهما لرأي أنفسكم هل تعلمونه مستدركا على أحد قولا العورة فيه أبين منها فيما وصفنا من أقاويلكم. [باب صلاة التطوع] وليس في التراجم وفيه نصوص وكلام منثور فمن ذلك اختلاف علي وابن مسعود - رضي الله عنهما - ابن مهدي عن سفيان عن أبي إسحاق عن عاصم عن علي قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي دبر كل صلاة ركعتين إلا العصر والصبح» . (قال الشافعي) : وهذا يخالف الحديث الأول يعني الذي رواه قبل هذا عن علي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «لا تصلوا بعد العصر إلا أن تصلوا والشمس مرتفعة» وسنذكر هذا بتمامه في باب الساعات التي تكره فيها الصلاة، ومن ذلك في اختلاف علي وابن مسعود أيضا في سنة الجمعة أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال قال ابن مهدي عن سفيان عن أبي حصين عن أبي عبد الرحمن أن عليا - رضي الله عنه - قال: من كان مصليا بعد الجمعة فليصل بعدها ست ركعات، ولسنا ولا إياهم نقول بهذا أما نحن فنقول يصلي أربعا ومن ذلك في اختلاف مالك والشافعي - رضي الله عنهما - في باب القراءة في العيدين والجمعة ردا على من قال لا نبالي بأي سورة قرأ. (قال الشافعي) : أورأيتم إذا استحببنا ركعتي الفجر والوتر وركعتين بعد المغرب لو قال قائل لا أبالي أن لا أفعل من هذا شيئا هل الحجة عليه إلا أن يقول: قولكم: لا أبالي جهالة وترك للسنة ينبغي أن تستحبوا ما صنع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بكل حال. [باب ما جاء في الوتر بركعة واحدة] ومن ذلك فيما يتعلق بالوتر، وقد ذكره في أبواب منها في اختلاف مالك والشافعي. باب ما جاء في الوتر بركعة واحدة أخبرنا الربيع قال سألت الشافعي عن الوتر أيجوز أن يوتر الرجل بواحدة ليس قبلها شيء فقال: نعم، والذي أختار أن صل عشر ركعات ثم أوتر بواحدة فقلت للشافعي فما الحجة في أن الوتر يجوز بواحدة؟ فقال: الحجة فيه السنة والآثار أخبرنا مالك عن نافع وعبد الله بن دينار عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى» أخبرنا مالك عن أبي شهاب عن عروة عن عائشة «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي بالليل إحدى عشرة ركعة يوتر منها بواحدة» أخبرنا مالك عن ابن شهاب أن سعد بن أبي وقاص كان يوتر بركعة أخبرنا مالك عن نافع أن ابن عمر كان يسلم من الركعة والركعتين من الوتر حتى يأمر ببعض حاجته. (قال الشافعي) وكان عثمان يحيي الليل بركعة وهي وتره، وأوتر معاوية بواحدة فقال ابن عباس أصاب فقلت للشافعي فإنا نقول لا نحب لأحد أن يوتر بأقل من ثلاث ويسلم من الركعتين، والركعة من الوتر فقال الشافعي: لست أعرف لما تقولون وجها، والله المستعان إن كنتم ذهبتم إلى أنكم تكرهون أن يصلي ركعة منفردة فأنتم إذا صلى ركعتين قبلها، ثم سلم تأمرونه بإفراد الركعة؛ لأن من سلم من صلاة فقد فصلها عما بعدها ألا ترى أن الرجل يصلي النافلة بركعات يسلم في كل ركعتين فيكون كل ركعتين يسلم بينهما منقطعتين من الركعتين اللتين قبلهما وبعدهما وأن السلام أفضل للفصل ألا ترى أن رجلا لو فاتته صلوات فقضاهن في مقام يفصل بينهن بسلام كانت كل صلاة غير الصلاة التي قبلها وبعدها؛ لخروجه من كل صلاة بالسلام، وإن كان إنما أردتم أنكم كرهتم أن يصلي واحدة؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أكثر منها وإنما يستحب أن يصلي إحدى عشرة ركعة يوتر منها بواحدة، وإن كان أراد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال صلاة الليل مثنى مثنى فأقل مثنى مثنى أربع فصاعدا وواحدة غير مثنى وقد، أوتر بواحدة في الوتر كما أمر بمثنى وقد أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يوتر بخمس ركعات لا يجلس ولا يسلم إلا في الآخرة منهن» ، فقلت للشافعي فما معنى هذا؟ فقال هذه نافلة تسع أن يوتر بواحدة وأكثر ونختار ما وصفت من غير أن نضيف غيره وقولكم: والله يغفر لنا ولكم لا يوافق سنة ولا أثرا ولا قياسا ولا معقولا قولكم خارج من كل شيء من هذا وأقاويل الناس إما أن تقولوا لا يوتر إلا بثلاث كما قال بعض الشرقيين ولا يسلم في واحدة منهن كي لا يكون الوتر واحدة وإما أن لا تكرهوا الوتر بواحدة وكيف تكرهون الوتر بواحدة وأنتم تأمرون بالسلام فيها؟ وإذا أمرتم به فهي واحدة وإن قلتم كرهناه؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يوتر بواحدة ليس قبلها شيء فلم يوتر النبي - صلى الله عليه وسلم - بثلاث ليس فيهن شيء فقد استحسنتم أن توتروا بثلاث، ومنها في اختلاف مالك والشافعي. ![]()
__________________
|
#22
|
||||
|
||||
![]() ![]() كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي المجلد الأول -كتاب الصلاة الحلقة (22) صــــــــــ 166 الى صـــــــــــ175 باب في الوتر. أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا مالك عن نافع قال: كنت مع ابن عمر ليلة والسماء متغيمة فخشي ابن عمر الصبح فأوتر بواحدة، ثم تكشف الغيم فرأى عليه ليلا فشفع بواحدة، قال لي الشافعي: وأنتم تخالفون ابن عمر من هذا في موضوعين فتقولون لا: يوتر بواحدة ومن، أوتر بواحدة لم يشفع وتره قال: ولا أعلمكم تحفظون عن أحد أنه قال: لا يشفع وتره فقلت للشافعي: فما تقول أنت في هذا فقال بقول ابن عمر: إنه كان يوتر بركعة قال: أفتقول يشفع بوتره فقلت لا: فقال فما حجتك فيه فقلت: روينا عن ابن عباس أنه كره لابن عمر أن يشفع وتره وقال: إذا أوترت من أول الليل فاشفع من آخره ولا تعد وترا ولا تشفعه وأنتم زعمتم أنكم لا تقبلون إلا حديث صاحبكم وليس من حديث صاحبكم خلاف ابن عمر ومنها في اختلاف علي وابن مسعود - رضي الله عنهما - في باب الوتر والقنوت أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا هشيم عن عبد الملك بن أبي سليمان عن عبد الرحيم عن زاذان أن عليا - رضي الله عنه - كان يوتر بثلاث يقرأ في كل ركعة بتسع سور من المفصل وهم يقولون نقرأ بسبح اسم ربك الأعلى.والثانية {قل يا أيها الكافرون} [الكافرون: 1] ، والثالثة نقرأ فاتحة الكتاب و {قل هو الله أحد} [الإخلاص: 1] وأما نحن فنقول يقرأ فيها ب " قل هو الله أحد " و " قل أعوذ برب الفلق "، و " قل أعوذ برب الناس "، ويفصل بين الركعتين والركعة بالتسليم ومنها في اختلاف الحديث في باب الوتر. (قال الشافعي) : وقد سمعت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أوتر أول الليل وآخره في حديث يثبت مثله وحديث دونه وذلك فيما وصفت من المباح له أن يوتر في الليل كله ونحن نبيح له في المكتوبة أن يصلي في أول الوقت وآخره وهذا في الوتر، أوسع منه أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان قال أخبرنا أبو يعفور عن مسلم عن مسروق عن عائشة قالت: «من كل الليل قد، أوتر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فانتهى وتره إلى السحر» .وفي مختصر المزني في باب صلاة التطوع (قال الشافعي) :: التطوع وجهان أحدهما صلاة جماعة مؤكدة فلا أجيز تركها لمن قدر عليها وهي صلاة العيدين وخسوف الشمس والقمر والاستسقاء وصلاة منفرد وبعضها، أوكد من بعض فآكد من ذلك الوتر ويشبه أن يكون صلاة التهجد، ثم ركعتا الفجر، قال ولا أرخص لمسلم في ترك واحدة منهما وإن، أوجبهما ومن ترك واحدة منهما أسوأ حالا ممن ترك جميع النوافل فأما قيام شهر رمضان فصلاة المنفرد أحب إلي منه ورأيتهم بالمدينة يقومون بتسع وثلاثين، وأحب إلي عشرون؛ لأنه روي عن عمر وكذلك يقومون بمكة ويوترون بثلاث. (قال المزني) ولا أعلم الشافعي ذكر موضع القنوت من الوتر ويشبه قوله بعد الركوع كما قال في قنوت الصبح ولما كان قول من رفع رأسه بعد الركوع سمع الله لمن حمده وهو دعاء كان هذا الموضع للقنوت الذي هو دعاء أشبه ولأن من قال يقنت قبل الركوع يأمره يكبر قائما، ثم يدعو وإنما حكم من يكبر بعد القيام إنما هو للركوع فهذه تكبيرة زائدة في الصلاة لم تثبت بأصل ولا قياس. وفي كتاب اختلاف علي وعبد الله بن مسعود أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال: قال هشيم عن عطاء بن السائب: إن عليا كان يقنت في الوتر بعد الركوع وهم لا يأخذون بهذا يقولون: يقنت قبل الركوع وإن لم يقنت قبل الركوع لم يقنت بعده وعليه سجدتا السهو. (قال الشافعي) : وآخر الليل أحب إلي من أوله إن جزأ الليل أثلاثا فالأوسط أحب إلي أن يقومه فإن فاته الوتر حتى يصلي الصبح لم يقض قال ابن مسعود الوتر ما بين العشاء والفجر وإن فاتت ركعتا الفجر حتى تقام الظهر لم يقض؛ لأن أبا هريرة قال إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة وفي اختلاف علي وابن مسعود - رضي الله عنهما - أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن علية عن أبي هارون الغنوي عن خطاب بن عبد الله قال قال علي - رضي الله عنه - الوتر ثلاثة أنواع فمن شاء أن يوتر أول الليل أوتر، ثم إن استيقظ فشاء أن يشفعها بركعة ويصلي ركعتين ركعتين حتى يصبح، وإن شاء أوتر آخر الليل.وهم يكرهون أن ينقض الرجل وتره ويقولون إذا، أوتر صلى مثنى مثنى أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال يزيد بن هارون عن حماد عن عاصم عن أبي عبد الرحمن أن عليا - رضي الله عنه - حين ثوب المؤذن فقال أين السائل عن الوتر نعم ساعة الوتر هذه، ثم قرأ {والليل إذا عسعس - والصبح إذا تنفس} [التكوير: 17 - 18] وهم لا يأخذون بهذا ويقولون ليست هذه من ساعات الوتر. (قال الشافعي) هشيم عن حصين قال حدثنا ابن ظبيان قال: كان علي - رضي الله عنه - يخرج إلينا ونحن ننظر إلى تباشير الصبح فيقول: الصلاة الصلاة فإذا قام الناس قال نعم ساعة الوتر هذه فإذا طلع الفجر صلى ركعتين فأقيمت الصلاة وفي البويطي يقرأ في ركعتي الفجر {قل يا أيها الكافرون} [الكافرون: 1] و " قل هو الله أحد " أحب إلي وإن قرأ غير هذا مع أم القرآن أجزأه.وفيه في آخر ترجمة طهارة الأرض ومن دخل مسجدا فليركع فيه قبل أن يجلس فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بذلك وقال: «تحية المسجد ركعتان» [باب الساعات التي تكره فيها الصلاة] وهو مذكور في اختلاف الحديث أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن محمد بن يحيى بن حبان عن الأعرج عن أبي هريرة «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس وعن الصلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس» ، أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يتحرى أحدكم فيصلي عند طلوع الشمس ولا عند غروبها» ، أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن الصنابحي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الشمس تطلع ومعها قرن الشيطان فإذا ارتفعت فارقها فإذا استوت قارنها فإذا زالت فارقها فإذا دنت إلى الغروب قارنها فإذا غربت فارقها ونهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الصلاة في تلك الساعات» . (قال الشافعي) : وروي عن إسحاق بن عبد الله عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الصلاة نصف النهار حتى تزول الشمس إلا يوم الجمعة» أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن ابن المسيب «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نام عن الصبح فصلاها بعد أن طلعت الشمس، ثم قال: من نسي الصلاة فليصلها إذا ذكرها فإن الله عز وجل يقول {وأقم الصلاة لذكري} [طه: 14] » أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار عن نافع بن جبير عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسلم في سفر فعرس فقال: ألا رجل صالح يكلؤنا الليلة لا نرقد عن الصلاة؟ فقال بلال: أنا يا رسول الله قال فاستند بلال إلى راحلته واستقبل الفجر قال فلم يفزعوا إلا بحر الشمس في وجوههم فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا بلال، فقال بلال: يا رسول الله أخذ بنفسي الذي أخذ بنفسك قال فتوضأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم صلى ركعتي الفجر، ثم اقتادوا رواحلهم شيئا، ثم صلى الفجر» . (قال الشافعي) وهذا يروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - متصلا من حديث أنس وعمران بن حصين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ويزيد أحدهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - «من نسي الصلاة، أو نام عنها فليصلها إذا ذكرها» ويزيد الآخر أي حين ما كانت أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا سفيان عن أبي الزبير عن عبد الله بن باباه عن جبير بن مطعم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال «يا: بني عبد مناف من ولي منكم من أمر الناس شيئا فلا يمنعن أحدا طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة شاء من ليل، أو نهار» ، أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا مسلم وعبد المجيد عن ابن جريج عن عطاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله، أو مثل معناه لا يخالفه وزاد عطاء: يا بني عبد المطلب يا بني هاشم، أو يا بني عبد مناف أخبرنا الربيع قال: أخبرنا سفيان عن عبد الله بن أبي لبيد قال: سمعت أبا سلمة قال «قدم معاوية المدينة قال فبينا هو على المنبر إذ قال: يا كثير بن الصلت اذهب إلى عائشة فسلها عن صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - الركعتين بعد العصر قال أبو سلمة: فذهبت معه وبعث ابن عباس عبد الله بن الحارث بن نوفل معنا قال اذهب فاسمع ما تقول أم المؤمنين قال فجاءها فسألها فقالت له عائشة لا علم لي ولكن اذهب إلى أم سلمة فسلها قال فذهبنا معه إلى أم سلمة فقالت دخل علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم بعد العصر فصلى عندي ركعتين لم أكن أراه يصليهما فقلت يا رسول الله لقد صليت صلاة لم أكن أراك تصليها قال: إني كنت أصلي ركعتين بعد الظهر، وإنه قدم علي وفد بني تميم، أو صدقة فشغلوني عنهما فهما هاتان الركعتان» ، أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا سفيان بن عيينة عن قيس عن محمد بن إبراهيم التيمي عن جده قيس قال: «رآني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا أصلي ركعتين بعد الصبح فقال: ما هاتان الركعتان يا قيس؟ فقلت لم أكن صليت ركعتي الفجر فسكت عنه النبي - صلى الله عليه وسلم -» .(قال الشافعي) : وليس بعد هذا اختلاف في الحديث بل بعض هذه الأحاديث يدل على بعض فجماع نهي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والله أعلم عن الصلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس وبعدما تبدو حتى تبرز عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس وبعد مغيب بعضها حتى يغيب كلها وعن الصلاة نصف النهار حتى تزول الشمس إلا يوم الجمعة ليس على كل صلاة لزمت المصلي بوجه من الوجوه، أو تكون الصلاة مؤكدة فآمر بها وإن لم تكن فرضا، أو صلاة كان الرجل يصليها فأغفلها، وإذا كانت واحدة من هذه الصلوات صليت في هذه الأوقات بالدلالة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم إجماع الناس في الصلاة على الجنائز بعد الصبح والعصر. (قال الشافعي) : فإن قال قائل: فأين الدلالة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قيل في قوله «من نسي صلاة، أو نام عنها فليصلها إذا ذكرها» فإن الله عز وجل يقول {وأقم الصلاة لذكري} [طه: 14] وأمره أن لا يمنع أحد طاف بالبيت وصلى أي ساعة شاء وصلى المسلمون على جنائزهم بعد الصبح والعصر. (قال الشافعي) : وفيما روت أم سلمة من «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى في بيتها ركعتين بعد العصر كان يصليهما بعد الظهر فشغل عنهما بالوفد فصلاهما بعد العصر؛ لأنه كان يصليهما بعد الظهر فشغل عنهما» قال: وروى «قيس جد يحيى بن سعيد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رآه يصلي ركعتين بعد الصبح فسأله، فأخبره بأنهما ركعتا الفجر فأقره» ؛ لأن ركعتي الفجر مؤكدتان مأمور بهما فلا يجوز إلا أن يكون نهيه عن الصلاة في الساعات التي نهى عنها على ما وصفت من كل صلاة لا تلزم فأما كل صلاة كان يصليها صاحبها فأغفلها، أو شغل عنها وكل صلاة أكدت وإن لم تكن فرضا كركعتي الفجر والكسوف فيكون نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما سوى هذا ثابتا.(قال الشافعي) : والنهي عن الصلاة بعد الصبح وبعد العصر ونصف النهار مثله إذا غاب حاجب الشمس وبرز لا اختلاف فيه؛ لأنه نهي واحد وهذا مثل نهي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الصلاة نصف النهار حتى تزول الشمس إلا يوم الجمعة؛ لأن من شأن الناس التهجير للجمعة والصلاة إلى خروج الإمام.(قال) : وهذا مثل الحديث في «نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن صيام اليوم قبل شهر رمضان إلا أن يوافق ذلك صوم رجل كان يصومه» .باب الخلاف في هذا البابحدثنا الربيع قال الشافعي - رحمه الله تعالى -: فخالفنا بعض أهل ناحيتنا وغيره فقال: يصلى على الجنائز بعد العصر وبعد الصبح ما لم تقارب الشمس أن تطلع وما لم تتغير الشمس واحتج في ذلك بشيء رواه عن ابن عمر يشبه بعض ما قال. (قال الشافعي) :: وابن عمر إنما سمع من النبي - صلى الله عليه وسلم - النهي أن يتحرى أحد فيصلي عند طلوع الشمس وعند غروبها ولم أعلمه روي عنه النهي عن الصلاة بعد العصر ولا بعد الصبح فذهب ابن عمر إلى أن النهي مطلق على كل شيء فنهى عن الصلاة على الجنائز؛ لأنها صلاة في هذين الوقتين وصلى عليها بعد الصبح وبعد العصر؛ لأنا لم نعلمه روى النهي عن الصلاة في هذه الساعات. (قال الشافعي) : فمن علم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الصلاة بعد الصبح والعصر كما نهى عنها عند طلوع الشمس وعند غروبها لزمه أن يعلم ما قلنا من أنه إنما نهى عنها فيما لا يلزم ومن روى يعلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى بعد العصر ركعتين كان يصليهما بعد الظهر شغل عنهما وأقر قيسا على ركعتين بعد الصبح لزمه أن يقول نهى عنها فيما لا يلزم ولم ينه الرجل عنه فيما اعتاد من صلاة النافلة وفيما تؤكد منها عليه ومن ذهب هذا عليه وعلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الصلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس وبعد العصر حتى تغرب الشمس فلا يجوز له أن يقول إلا بما قلنا به، أو ينهى عن الصلاة على الجنائز بعد الصبح والعصر بكل حال. (قال الشافعي) : وذهب أيضا إلى أن لا يصلي أحد للطواف بعد الصبح حتى تطلع الشمس ولا بعد العصر حتى تغرب الشمس واحتج بأن عمر بن الخطاب طاف بعد الصبح، ثم نظر فلم ير الشمس طلعت فركب حتى أناخ بذي طوى فصلى. ![]()
__________________
|
#23
|
||||
|
||||
![]() ![]() كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي المجلد الأول -كتاب الصلاة الحلقة (23) صــــــــــ 176 الى صـــــــــــ183 (قال الشافعي) : فإن كان عمر كره الصلاة في تلك الساعة فهو مثل مذهب ابن عمر وذلك أن يكون علم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الصلاة بعد الصبح وبعد العصر فرأى نهيه مطلقا فترك الصلاة في تلك الساعة حتى طلعت الشمس ويلزم من قال هذا أن يقول: لا صلاة في جميع الساعات التي نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الصلاة فيها لطواف ولا على جنازة وكذلك يلزمه أن لا يصلي فيها صلاة فائتة وذلك من حين يصلي الصبح إلى أن تبرز الشمس وحين يصلي العصر إلى أن يتتام مغيبها ونصف النهار إلى أن تزول الشمس. (قال الشافعي) : وفي هذا المعنى «أن أبا أيوب الأنصاري سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - ينهى أن تستقبل القبلة، أو بيت المقدس لحاجة الإنسان» قال أبو أيوب فقدمنا الشام فوجدنا مراحيض قد صنعت فننحرف ونستغفر الله وعجب ابن عمر ممن يقول لا تستقبل القبلة ولا بيت المقدس لحاجة الإنسان وقال «رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على لبنتين مستقبلا بيت المقدس لحاجته» . (قال الشافعي) : علم أبو أيوب النهي فرآه مطلقا، وعلم ابن عمر استقبال النبي - صلى الله عليه وسلم - لحاجته ولم يعلم النهي ومن علمهما معا قال النهي عن استقبال القبلة وبيت المقدس في الصحراء التي لا ضرورة على ذاهب فيها ولا ستر فيها لذاهب؛ لأن الصحراء ساحة يستقبله المصلي، أو يستدبره فترى عورته إن كان مقبلا، أو مدبرا وقال: لا بأس بذلك في البيوت لضيقها وحاجة الإنسان إلى المرفق فيها وسترها وإن أحدا لا يرى من كان فيها إلا أن يدخل، أو يشرف عليه. (قال الشافعي) : وفي هذا المعنى أن أسيد بن حضير وجابر بن عبد الله صليا مريضين قاعدين بقوم أصحاء فأمراهم بالقعود معهما وذلك أنهما والله أعلم علما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى جالسا وصلى وراءه قوم قياما فأمرهم بالجلوس فأخذا به وكان الحق عليهما ولا أشك أن قد عزب عنهما «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى في مرضه الذي مات فيه جالسا وأبو بكر إلى جنبه قائما والناس من ورائه قياما» فنسخ هذا أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالجلوس وراءه إذا صلى شاكيا وجالسا وواجب على كل من علم الأمرين معا أن يصير إلى أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - الآخر إذا كان ناسخا للأول، أو إلى أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - الدال بعضه على بعض. (قال الشافعي) وفي مثل هذا المعنى «أن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - خطب الناس وعثمان بن عفان محصور فأخبرهم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهاهم عن إمساك لحوم الضحايا بعد ثلاث» وكان يقول به؛ لأنه سمعه من النبي - صلى الله عليه وسلم - وعبد الله بن واقد رواه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وغيرهما فلما روت عائشة «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عنه عند الدافة، ثم قال كلوا وتزودوا وادخروا وتصدقوا» وروى جابر بن عبد الله عن «النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن لحوم الضحايا بعد ثلاث، ثم قال كلوا وتزودوا وتصدقوا» كان يجب على من علم الأمرين معا أن يقول نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عنه لمعنى، وإذا كان مثله فهو منهي عنه وإذا لم يكن مثله لم يكن منهيا عنه، أو يقول نهى عنه النبي - صلى الله عليه وسلم - في وقت، ثم أرخص فيه من بعد والآخر من أمره ناسخ للأول. (قال الشافعي) : وكل قال بما سمعه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما يدل على أنه قاله على معنى دون معنى، أو نسخه فعلم الأول ولم يعلم غيره فلو علم أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيه صار إليه إن شاء الله (قال الشافعي) : ولهذا أشباه غيره في الأحاديث وإنما وضعت هذه الجملة عليه لتدل على أمور غلط فيها بعض من نظر في العلم ليعلم من علمه أن من متقدمي الصحبة وأهل الفضل والدين والأمانة من يعزب عنه من سنن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيء علمه غيره ممن لعله لا يقاربه في تقدم صحبته وعلمه ويعلم أن علم خاص السنن إنما هو علم خاص لمن فتح الله عز وجل له علمه لا أنه عام مشهور شهرة الصلاة وجمل الفرائض التي كلفتها العامة ولو كان مشهورا شهرة جمل الفرائض ما كان الأمر فيما وصفت من هذا وأشباهه كما وصفت ويعلم أن الحديث إذا رواه الثقات عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذلك ثبوته وأن لا نعول على حديث ليثبت أن وافقه بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا يرد؛ لأن عمل بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - عملا خالفه؛ لأن لأصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - والمسلمين كلهم حاجة إلى أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعليهم اتباعه لا أن شيئا من أقاويلهم تبع ما روي عنه ووافقه يزيد قوله: شدة ولا شيئا خالفه من أقاويلهم يوهن ما روى عنه الثقة؛ لأن قوله المفروض اتباعه عليهم وعلى الناس وليس هكذا قول بشر غير رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. (قال الشافعي) : فإن قال قائل صح الحديث المروي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا خالفه بعض أصحابه جاز له أن يتهم عن بعض أصحابه لخلافه؛ لأن كلا روى خاصة ومعا وإن بينهما مما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أولى أن يصار إليه ومن قال منهم قولا لم يروه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يجز لأحد أن يقول إنما قاله عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما وصفت من أنه يعزب عن بعضهم بعض قوله ولم يجز أن نذكره عنه إلا رأيا له ما لم يقله عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإن كان هكذا لم يجز أن يعارض بقول أحد قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولو قال قائل: لا يجوز أن يكون إلا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يحل له خلاف من وضعه هذا الموضع وليس من الناس أحد بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا وقد أخذ من قوله وترك لقول غيره من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا يجوز في قول النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يرد لقول أحد غيره فإن قال قائل فاذكر لي في هذا ما يدل على ما وصفت فيه قيل له: ما وصفت في هذا الباب وغيره متفرقا وجملة ومنه أن عمر بن الخطاب إمام المسلمين والمقدم في المنزلة والفضل وقدم الصحبة والورع والثقة والثبت والمبتدئ بالعلم قبل أن يسأله والكاشف عنه؛ لأن قوله حكم يلزم حتى كان يقضي بين المهاجرين والأنصار أن الدية للعاقلة ولا ترث المرأة من دية زوجها شيئا حتى أخبره، أو كتب إليه «الضحاك بن سفيان أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كتب إليه أن يورث امرأة أشيم الضبابي من دية زوجها» فرجع إليه عمر وترك قوله وكان عمر يقضي أن في الإبهام خمس عشرة والوسطى والمسبحة عشرا عشرا وفي التي تلي الخنصر تسعا وفي الخنصر ستا حتى وجد كتابا عند آل عمرو بن حزم الذي كتبه له النبي - صلى الله عليه وسلم - «وفي كل أصبع مما هنالك عشر من الإبل» فترك الناس قول عمر وصاروا إلى كتاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ففعلوا في ترك أمر عمر لأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - فعل عمر في فعل نفسه في أنه ترك فعل نفسه لأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - وذلك الذي، أوجب الله عز وجل عليه وعليهم وعلى جميع خلقه. (قال الشافعي) : وفي هذا دلالة على أن حاكمهم كان يحكم برأيه فيما لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيه سنة لم يعلمها ولم يعلمها أكثرهم وذلك يدل على أن علم خاص الأحكام خاص كما وصفت لا عام كعام جمل الفرائض. (قال الشافعي) : وقسم أبو بكر حتى لقي الله عز وجل فسوى بين الحر والعبد ولم يفضل بين أحد بسابقة ولا نسب، ثم قسم عمر فألغى العبيد وفضل بالنسب والسابقة، ثم قسم علي فألغى العبيد وسوى بين الناس وهذا أعظم ما يلي الخلفاء وأعمه وأولاه أن لا يختلفوا فيه وإنما جعل الله عز وجل في المال ثلاثة أقسام: قسم الفيء، وقسم الغنيمة، وقسم الصدقة فاختلف الأئمة فيها ولم يمتنع أحد من أخذ ما أعطاه أبو بكر ولا عمر ولا علي وفي هذا دلالة على أنهم يسلمون لحاكمهم، وإن كان رأيهم خلاف رأيه، وإن كان حاكمهم قد يحكم بخلاف آرائهم لا أن جميع أحكامهم من جهة الإجماع منهم وعلى أن من ادعى أن حكم حاكمهم إذا كان بين أظهرهم ولم يردوه عليه فلا يكون إلا وقد رأوا رأيه قيل: إنهم لو رأوا رأيه فيه لم يخالفوه بعده فإن قال قائل قد رأوه في حياته، ثم خلافه بعده قيل له: فيدخل عليك في هذا إن كان كما قلت أن إجماعهم لا يكون حجة عندهم إذا كان لهم أن يجمعوا على قسم أبي بكر، ثم يجمعوا على قسم عمر، ثم يجمعوا على قسم علي.وكل واحد منهم يخالف صاحبه فإجماعهم إذا ليس بحجة عندهم أولا ولا آخرا وكذلك لا يجوز إذا لم يكن عندهم حجة أن يكون على من بعدهم حجة فإن قال قائل: فكيف تقول قلت: لا يقال لشيء من هذا إجماع ولكن ينسب كل شيء منه إلى فاعله فينسب إلى أبي بكر فعله، وإلى عمر فعله، وإلى علي فعله، ولا يقال لغيرهم ممن أخذ منهم موافقة لهم ولا مخالفة ولا ينسب إلى ساكت قول قائل ولا عمل عامل إنما ينسب إلى كل قوله وعمله، وفي هذا ما يدل على أن ادعاء الإجماع في كثير من خاص الأحكام ليس كما يقول من يدعيه فإن قال قائل أفتجد مثل هذا؟ قلنا: إنما بدأنا به؛ لأنه أشهر ما صنع الأئمة وأولى أن لا يختلفوا فيه وأن لا يجهله العامة ونحن نجد كثيرا من ذلك أن أبا بكر جعل الجد أبا، ثم طرح الإخوة معه، ثم خالفه فيه عمر وعثمان وعلي.ومن ذلك أن أبا بكر رأى على بعض أهل الردة فداء وسبيا وحبسهم لذلك فأطلقهم عمر وقال: لا سبي ولا فداء مع غير هذا مما سكتنا عنه ونكتفي بهذا منه أخبرنا الربيع: قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن هشام بن عروة عن أبيه أن يحيى بن حاطب حدثه قال: توفي حاطب فأعتق من صلى من رقيقه وصام وكانت له أمة نوبية قد صلت وصامت وهي أعجمية لم تفقه فلم ترعه إلا بحملها وكانت ثيبا فذهب إلى عمر فحدثه فقال له عمر: لأنت الرجل لا يأتي بخير، فأفزعه ذلك فأرسل إليها عمر فقال: أحبلت؟ فقالت: نعم من مرعوش بدرهمين وإذا هي تستهل بذلك ولا تكتمه قال وصادف عليا وعثمان وعبد الرحمن بن عوف فقال أشيروا علي قال: وكان عثمان جالسا فاضطجع فقال: علي وعبد الرحمن قد وقع عليها الحد فقال أشر علي يا عثمان فقال: قد أشار عليك أخواك فقال أشر أنت علي قال أراها تستهل به كأنها لا تعلمه وليس الحد إلا على من علمه فقال عمر: صدقت صدقت والذي نفسي بيده ما الحد إلا على من علمه فجلدها عمر مائة وغربها عاما. (قال الشافعي) : فخالف عليا وعبد الرحمن فلم يحدها حدها عندهما وهو الرجم قال: وخالف عثمان أن لا يحدها بحال وجلدها مائة وغربها عاما فلم يرو عن أحد منهم من خلافه بعد حده إياها حرف ولم يعلم خلافهم له إلا بقولهم المتقدم قبل فعله. (قال) : وقال بعض من يقول ما لا ينبغي له إذ قبل حد عمر مولاة حاطب كذا لم يكن عمر ليحدها إلا بإجماع أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جهالة بالعلم وجرأة على قول ما لا يعلم فمن اجترأ على أن يقول: إن قول رجل، أو عمله في خاص الأحكام ما لم يحك عنه وعنهم قال عندنا ما لم يعلم. (قال الشافعي) : وقضى عمر بن الخطاب في أن لا تباع أمهات الأولاد وخالفه علي وقضى عمر في الضرس بجمل وخالفه غيره فجعل الضرس سنا فيها خمس من الإبل وقال عمر وعلي وابن مسعود وأبو موسى الأشعري وغيرهم: للرجل على امرأته الرجعة حتى تطهر من الحيضة الثالثة وخالفهم غيرهم فقال: إذا طعنت في الدم من الحيضة الثالثة فقد انقطعت رجعته عنها مع أشياء كثيرة أكثر مما وصفت فدل ذلك على أن قائل السلف يقول برأيه ويخالفه غيره ويقول برأيه ولا يروى عن غيره فيما قال به شيء فلا ينسب الذي لم يرو عنه شيء إلى خلافه ولا موافقته؛ لأنه إذا لم يقل لم يعلم قوله ولو جاز أن ينسب إلى موافقته جاز أن ينسب إلى خلافه ولكن كلا كذب إذا لم يعرف قوله ولا الصدق فيه إلا أن يقال ما يعرف إذا لم يقل قولا وفي هذا دليل على أن بعضهم لا يرى قول بعض حجة تلزمه إذا رأى خلافها، وأنهم لا يرون اللازم إلا الكتاب، أو السنة وأنهم لم يذهبوا قط إن شاء الله إلى أن يكون خاص الأحكام كلها إجماعا كإجماعهم على الكتاب والسنة وجمل الفرائض وأنهم كانوا إذا وجدوا كتابا، أو سنة اتبعوا كل واحد منهما وإذا تأولوا ما يحتمل فقد يختلفون ولذلك إذا قالوا فيما لم يعلموا فيه سنة اختلفوا. (قال الشافعي) : وهي حجة على أن دعوى الاجتماع في كل الأحكام ليس كما ادعى من ادعى ما وصفت من هذا ونظائر له أكثر منه وجملته أنه لم يدع، الإجماع فيما سوى جمل الفرائض التي كلفتها العامة أحد من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا التابعين ولا القرن الذين من بعدهم، ولا القرن الذين يلونهم، ولا عالم علمته على ظهر الأرض ولا أحد نسبته العامة إلى علم إلا حديثا من الزمان فإن قائلا قال فيه بمعنى لم أعلم أحدا من أهل العلم عرفه وقد حفظت عن عدد منهم إبطاله. (قال الشافعي) : ومتى كانت عامة من أهل العلم في دهر بالبلدان على شيء، أو عامة قبلهم قيل يحفظ عن فلان وفلان كذا ولم نعلم لهم مخالفا ونأخذ به ولا نزعم أنه قول الناس كلهم؛ لأنا لا نعرف من قاله من الناس إلا من سمعناه منه، أو عنه قال وما وصفت من هذا قول من حفظت عنه من أهل العلم نصا واستدلالا. (قال الشافعي) :: والعلم من وجهين اتباع، أو استنباط والاتباع اتباع كتاب فإن لم يكن فسنة فإن لم تكن فقول عامة من سلفنا لا نعلم له مخالفا، فإن لم يكن فقياس على كتاب الله عز وجل، فإن لم يكن فقياس على سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإن لم يكن فقياس على قول عامة من سلف لا مخالف له ولا يجوز القول إلا بالقياس وإذا قاس من له القياس فاختلفوا وسع كلا أن يقول بمبلغ اجتهاده ولم يسعه اتباع غيره فيما أدى إليه اجتهاده بخلافه، والله أعلم [صلاة الجماعة] أخبرنا الربيع بن سليمان قال: أخبرنا الشافعي محمد بن إدريس المطلبي قال: ذكر الله تبارك اسمه الأذان بالصلاة فقال عز وجل {وإذا ناديتم إلى الصلاة اتخذوها هزوا ولعبا} [المائدة: 58] وقال {إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع} [الجمعة: 9] فأوجب الله - والله أعلم - إتيان الجمعة وسن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الأذان للصلوات المكتوبات فاحتمل أن يكون، أوجب إتيان صلاة الجماعة في غير الجمعة كما أمر بإتيان الجمعة وترك البيع واحتمل أن يكون أذن بها لتصلى لوقتها وقد جمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسافرا ومقيما خائفا وغير خائف وقال الله عز وجل لنبيه - صلى الله عليه وسلم - {وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك} [النساء: 102] الآية والتي بعدها (قال الشافعي) : وأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أتى الصلاة أن يأتيها وعليه السكينة ورخص في ترك إتيان الجماعة في العذر بما سأذكره إن شاء الله تعالى في موضعه، وأشبه ما وصفت من الكتاب والسنة أن لا يحل ترك أن يصلي كل مكتوبة في جماعة حتى لا يخلوا جماعة مقيمون ولا مسافرون من أن يصلى فيهم صلاة جماعة أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «والذي نفسي بيده لقد هممت أن آمر بحطب فيحطب، ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها، ثم آمر رجلا فيؤم الناس، ثم أخالف إلى رجال يتأخرون فأحرق عليهم بيوتهم فوالذي نفسي بيده لو يعلم أحدهم أنه يجد عظما سمينا، أو مرماتين حسنتين لشهد العشاء» أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن عبد الرحمن بن حرملة «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: بيننا وبين المنافقين شهود العشاء والصبح لا يستطيعونهما» أو نحو هذا. (قال الشافعي) : فيشبه ما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من همه أن يحرق على قوم بيوتهم أن يكون قاله في قوم تخلفوا عن صلاة العشاء لنفاق والله تعالى أعلم فلا أرخص لمن قدر على صلاة الجماعة في ترك إتيانها إلا من عذر وإن تخلف أحد صلاها منفردا لم يكن عليه إعادتها صلاها قبل صلاة الإمام، أو بعدها إلا صلاة الجمعة، فإن على من صلاها ظهرا قبل صلاة الإمام إعادتها؛ لأن إتيانها فرض عين والله - تعالى - أعلم.وكل جماعة صلى فيها رجل في بيته، أو في مسجد صغير، أو كبير قليل الجماعة، أو كثيرها أجزأت عنه والمسجد الأعظم وحيث كثرت الجماعة أحب إلي، وإن كان لرجل مسجد يجمع فيه ففاتته فيه الصلاة فإن أتى مسجد جماعة غيره كان أحب إلي، وإن لم يأته وصلى في مسجد منفردا فحسن وإذا كان للمسجد إمام راتب ففاتت رجلا، أو رجالا فيه الصلاة صلوا فرادى ولا أحب أن يصلوا فيه جماعة فإن فعلوا أجزأتهم الجماعة فيه وإنما كرهت ذلك لهم؛ لأنه ليس مما فعل السلف قبلنا بل قد عابه بعضهم (قال الشافعي) : وأحسب كراهية من كره ذلك منهم إنما كان لتفرق الكلمة وأن يرغب رجل عن الصلاة خلف إمام جماعة فيتخلف هو ومن أراد عن المسجد في وقت الصلاة فإذا قضيت دخلوا فجمعوا فيكون في هذا اختلاف وتفرق كلمة وفيهما المكروه.وإنما أكره هذا في كل مسجد له إمام ومؤذن، فأما مسجد بني على ظهر الطريق، أو ناحية لا يؤذن فيه مؤذن راتب ولا يكون له إمام معلوم ويصلي فيه المارة ويستظلون فلا أكره ذلك فيه؛ لأنه ليس فيه المعنى الذي وصفت من تفرق الكلمة وأن يرغب رجال عن إمامة رجل فيتخذون إماما غيره وإن صلى جماعة في مسجد له إمام، ثم صلى فيه آخرون في جماعة بعدهم كرهت ذلك لهم لما وصفت وأجزأتهم صلاتهم. [فضل الجماعة والصلاة معهم] (قال الشافعي) : - رحمه الله تعالى - أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة» أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:«صلاة الجماعة أفضل من صلاة أحدكم وحده بخمسة وعشرين جزءا» (قال الشافعي) : والثلاثة فصاعدا إذا أمهم أحدهم جماعة، وأرجو أن يكون الاثنان يؤم أحدهما الآخر جماعة، ولا أحب لأحد ترك الجماعة ولو صلاها بنسائه، أو رقيقه، أو أمه، أو بعض ولده في بيته وإنما منعني أن أقول صلاة الرجل لا تجوز وحده وهو يقدر على جماعة بحال تفضيل النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاة الجماعة على صلاة المنفرد ولم يقل لا تجزئ المنفرد صلاته وإنا قد حفظنا أن قد فاتت رجالا معه الصلاة فصلوا بعلمه منفردين وقد كانوا قادرين على أن يجمعوا وأن قد فاتت الصلاة في الجماعة قوما فجاءوا المسجد فصلى كل واحد منهم متفردا وقد كانوا قادرين على أن يجمعوا في المسجد فصلى كل واحد منهم منفردا وإنما كرهوا لئلا يجمعوا في مسجد مرتين ولا بأس أن يخرجوا إلى موضع فيجمعوا فيه وإنما صلاة الجماعة بأن يأتم المصلون برجل فإذا ائتم واحد برجل فهي صلاة جماعة وكلما كثرت الجماعة مع الإمام كان أحب إلي وأقرب إن شاء الله تعالى من الفضل. [العذر في ترك الجماعة] (قال الشافعي) : - رحمه الله تعالى - أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه أذن في ليلة ذات برد وريح فقال: ألا صلوا في الرحال، ثم قال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يأمر المؤذن إذا كانت ليلة باردة ذات مطر يقول ألا صلوا في الرحال أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا سفيان بن عيينة عن أيوب عن نافع عن ابن عمر «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يأمر مناديه في الليلة المطيرة والليلة الباردة ذات ريح ألا صلوا في رحالكم» أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن الأرقم أنه كان يؤم أصحابه يوما فذهب لحاجته، ثم رجع فقال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول «إذا وجد أحدكم الغائط فليبدأ به قبل الصلاة» أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا الثقة عن هشام عن أبيه عن عبد الله بن الأرقم أنه خرج إلى مكة فصحبه قوم فكان يؤمهم فأقام الصلاة وقدم رجلا وقال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا أقيمت الصلاة ووجد أحدكم الغائط فليبدأ بالغائط» (قال الشافعي) : وإذا حضر الرجل - إماما كان، أو غير إمام - وضوء بدأ بالوضوء ولم أحب له أن يصلي وهو يجد من الوضوء لأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يبدأ بالوضوء وما أمر به من الخشوع في الصلاة وإكمالها وإن من شغل بحاجته إلى وضوء أشبه أن لا يبلغ من الإكمال للصلاة والخشوع فيها ما يبلغ من لا شغل له وإذا حضر عشاء الصائم، أو المفطر، أو طعامه وبه إليه حاجة أرخصت له في ترك إتيان الجماعة وأن يبدأ بطعامه إذا كانت نفسه شديدة التوقان إليه وإن لم تكن نفسه شديدة التوقان إليه ترك العشاء وإتيان الصلاة أحب إلي.وأرخص له في ترك الجماعة بالمرض لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرض فترك أن يصلي بالناس أياما كثيرة، وبالخوف وبالسفر وبمرض وبموت من يقوم بأمره، وبإصلاح ما يخاف فوت إصلاحه من ماله، ومن يقوم بأمره، ولا أرخص له في ترك الجماعة إلا من عذر والعذر ما وصفت من هذا وما أشبه، أو غلبة نوم، أو حضور مال إن غاب عنه خاف ضيعته، أو ذهاب في طلب ضالة يطمع في إدراكها ويخاف فوتها في غيبته. [الصلاة بغير أمر الوالي] أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا مالك عن أبي حازم عن سهل بن سعد «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذهب إلى بني عمرو بن عوف ليصلح بينهم وحانت الصلاة فجاء المؤذن إلى أبي بكر فقال أتصلي بالناس فأقيم الصلاة قال نعم فصلى أبو بكر فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والناس في الصلاة - فتخلص حتى وقف في الصف فصفق الناس وكان أبو بكر لا يلتفت في صلاته فلما أكثر الناس التصفيق التفت فرأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأشار إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن امكث مكانك فرفع أبو بكر يديه فحمد الله على ما أمره به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من ذلك، ثم استأخر أبو بكر وتقدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصلى بالناس فلما انصرف قال: يا: أبا بكر ما منعك أن تثبت إذ أمرتك فقال أبو بكر: ما كان لابن أبي قحافة أن يصلي بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما لي أراكم أكثرتم التصفيق من نابه شيء في صلاته فليسبح فإنه إذا سبح التفت إليه، وإنما التصفيق للنساء» . (قال الشافعي) : ويجزئ رجلا أن يقدم رجلا، أو يتقدم فيصلي بقوم بغير أمر الوالي الذي يلي الصلاة أي صلاة حضرت من جمعة، أو مكتوبة، أو نافلة إن لم يكن في أهل البلد وال، وكذلك إن كان للوالي شغل، أو مرض، أو نام، أو أبطأ عن الصلاة فقد ذهب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليصلح بين بني عمرو بن عوف فجاء المؤذن إلى أبي بكر فتقدم للصلاة وذهب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة تبوك لحاجته فتقدم عبد الرحمن بن عوف فصلى بهم ركعة من الصبح وجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأدرك معه الركعة الثانية فصلاها خلف عبد الرحمن بن عوف، ثم قضى ما فاته ففزع الناس لذلك فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: قد أحسنتم، يغبطهم أن صلوا الصلاة لوقتها قال: يعني أول وقتها إلى هنا (قال الشافعي) : وأحب في هذا كله إن كان الإمام قريبا أن يستأمر وأحب للإمام أن يوكل من يصلي بالناس إذا أبطأ هو عن الصلاة وسواء في هذا كله أن يكون الزمان زمان فتنة، أو غير زمان فتنة إلا أنهم إذا خافوا في هذا شيئا من السلطان أحببت أن لا يعجلوا أمر السلطان حتى يخافوا ذهاب الوقت فإذا خافوا ذهابه لم يسعهم إلا الصلاة جماعة، أو فرادى وسواء في هذا الجمعة والأعياد وغيرها قد صلى علي بالناس العيد وعثمان محصور رحمة الله عليهما.إذا اجتمع القوم وفيهم الوالي (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : إذا دخل الوالي البلد يليه فاجتمع وغيره في ولايته فالوالي أحق بالإمامة ولا يتقدم أحد ذا سلطان في سلطانه في مكتوبة ولا نافلة ولا عيد ويروى أن ذا السلطان أحق بالصلاة في سلطانه فإن قدم الوالي رجلا فلا بأس وإنما يؤم حينئذ بأمر الوالي والوالي المطلق الولاية في كل من مر به ذو سلطان حيث مر وإن دخل الخليفة بلدا لا يليه وبالبلد وال غيره فالخليفة، أولى بالصلاة لأن واليه إنما ولي بسببه وكذلك إن دخل بلدا تغلب عليه رجل فالخليفة، أولى فإن لم يكن خليفة فالوالي بالبلد، أولى بالصلاة فيه فإن جاوز إلى بلد غيره لا ولاية له به فهو وغيره سواء. ![]()
__________________
|
#24
|
||||
|
||||
![]() ![]() كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي المجلد الأول -كتاب الصلاة الحلقة (24) صــــــــــ 183 الى صـــــــــــ191 [إمامة القوم لا سلطان فيهم] (قال الشافعي) : - رحمه الله تعالى - أخبرنا إبراهيم قال: أخبرني معن بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن القاسم بن عبد الرحمن عن ابن مسعود قال: من السنة أن لا يؤمهم إلا صاحب البيت (قال الشافعي) : وروي أن نفرا من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - كانوا في بيت رجل منهم فحضرت الصلاة فقدم صاحب البيت رجلا منهم فقال تقدم فأنت أحق بالإمامة في منزلك فتقدم (قال الشافعي) : وأكره أن يؤم أحد غير ذي سلطان أحدا في منزله إلا أن يأذن له الرجل فإن أذن له فإنما أم بأمره فلا بأس إن شاء الله تعالى وإنما أكره أن يؤمه في منزله بغير أمره فأما بأمره فذلك ترك منه لحقه في الإمامة ولا يجوز لذي سلطان ولا صاحب منزل أن يؤم حتى يكون يحسن يقرأ ما تجزيه به الصلاة، فإن لم يكن يقرأ ما تجزيه به الصلاة لم يكن له أن يؤم وإن أم فصلاته تامة وصلاة من خلفه ممن يحسن هذا فاسدة وهكذا إذا كان السلطان، أو صاحب المنزل ممن ليس يحسن يقرأ لم تجزئ من ائتم به الصلاة.وإذا تقدم أحد ذا سلطان وذا بيت في بيته بغير إذن واحد منهما كرهته له ولم يكن عليه ولا على من صلى خلفه إعادة؛ لأن الفعل في التقدم إذا كان خطأ فالصلاة نفسها مؤداة كما تجزئ وسواء إمامة الرجل في بيته العبد والحر إلا أن يكون سيده حاضرا فالبيت بيت السيد ويكون، أولى بالإمامة وإذا كان السلطان في بيت رجل كان السلطان، أولى بالإمامة لأن بيته من سلطانه.وإذا كان مصر جامع له مسجد جامع لا سلطان به فأيهم أمهم من أهل الفقه والقرآن لم أكرهه أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك بن أنس عن نافع أن صاحب المقصورة جاء إلى ابن عمر. [اجتماع القوم في منزلهم للصلاة] اجتماع القوم في منزلهم سواء (قال الشافعي) : - رحمه الله تعالى - أخبرنا الثقفي عن أيوب عن أبي قلابة قال: حدثنا أبو اليمان مالك بن الحويرث قال: قال: لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «صلوا كما رأيتموني أصلي فإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم» (قال الشافعي) : هؤلاء قوم قدموا معا فأشبهوا أن تكون قراءتهم وتفقههم سواء فأمروا أن يؤمهم أكبرهم وبذلك آمرهم وبهذا نأخذ فنأمر القوم إذا اجتمعوا في الموضع ليس فيهم وال وليسوا في منزل أحد أن يقدموا أقرأهم وأفقههم، وأسنهم فإن لم يجتمع ذلك في واحد فإن قدموا أفقههم إذا كان يقرأ القرآن فقرأ منه ما يكتفي به في صلاته فحسن وإن قدموا أقرأهم إذا كان يعلم من الفقه ما يلزمه في الصلاة فحسن.ويقدموا هذين معا على من هو أسن منهما وإنما قيل - والله تعالى أعلم - أن يؤمهم أقرؤهم أن من مضى من الأئمة كانوا يسلمون كبارا فيتفقهون قبل أن يقرءوا القرآن ومن بعدهم كانوا يقرءون القرآن صغارا قبل أن يتفقهوا فأشبه أن يكون من كان فقيها إذا قرأ من القرآن شيئا، أولى بالإمامة لأنه قد ينوبه في الصلاة ما يعقل كيف يفعل فيه بالفقه ولا يعلمه من لا فقه له وإذا استووا في الفقه والقراءة أمهم أسنهم وأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يؤمهم أسنهم فيما أرى - والله تعالى أعلم - أنهم كانوا مشتبهي الحال في القراءة والعلم فأمر أن يؤمهم أكبرهم سنا ولو كان فيهم ذو نسب فقدموا غير ذي النسب أجزأهم وإن قدموا ذا النسب اشتبهت حالهم في القراءة والفقه كان حسنا؛ لأن الإمامة منزلة فضل وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «قدموا قريشا ولا تقدموها» فأحب أن يقدم من حضر منهم اتباعا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا كان فيه لذلك موضع. (قال الشافعي) : أخبرنا عبد المجيد بن عبد العزيز عن ابن جريج عن عطاء قال: كان يقال يؤمهم أفقههم فإن كانوا في الفقه سواء فأقرؤهم فإن كانوا في الفقه والقراءة سواء فأسنهم، ثم عاودته بعد ذلك في العبد يؤم فقلت يؤمهم العبد إذا كان أفقههم؟ قال: نعم (قال الشافعي) : أخبرنا عبد المجيد بن عبد العزيز عن ابن جريج قال: أخبرني نافع قال: أقيمت الصلاة في مسجد بطائفة من المدينة ولابن عمر قريبا من ذلك المسجد أرض يعملها وإمام ذلك المسجد مولى له ومسكن ذلك المولى وأصحابه، ثم فلما سمعهم عبد الله بن عمر جاء ليشهد معهم الصلاة فقال له المولى صاحب المسجد تقدم فصل فقال له عبد الله أنت أحق أن تصلي في مسجدك مني فصلى المولى صاحب المسجد. (قال الشافعي) : وصاحب المسجد كصاحب المنزل فأكره أن يتقدمه أحد إلا السلطان ومن أم من الرجال ممن كرهت إمامته فأقام الصلاة أجزأت إمامته والاختيار ما وصفت من تقديم أهل الفقه والقرآن والسن والنسب وإن أم أعرابي مهاجرا، أو بدوي قرويا فلا بأس - إن شاء الله تعالى - إلا أني أحب أن يتقدم أهل الفضل في كل حال في الإمامة ومن صلى صلاة من بالغ مسلم يقيم الصلاة أجزأته ومن خلفه صلاتهم، وإن كان غير محمود الحال في دينه أي غاية بلغ يخالف الحمد في الدين.وقد صلى أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - خلف من لا يحمدون فعاله من السلطان وغيره (قال الشافعي) : أخبرنا مسلم عن ابن جريج عن نافع أن عبد الله بن عمر اعتزل بمنى في قتال ابن الزبير والحجاج بمنى فصلى مع الحجاج أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا حاتم عن جعفر بن محمد عن أبيه أن الحسن والحسين - رضي الله تعالى عنهما - كانا يصليان خلف مروان قال فقال: أما كانا يصليان إذا رجعا إلى منازلهما؟ فقال: لا والله ما كانا يزيدان على صلاة الأئمة. [صلاة الرجل بصلاة الرجل لم يؤمه] أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي - رحمه الله تعالى - وإذا افتتح الرجل الصلاة لنفسه لا ينوي أن يؤم أحدا فجاءت جماعة، أو واحد فصلوا بصلاته فصلاته مجزئة عنهم وهو لهم إمام ولا فرق بينه وبين الرجل ينوي أن يصلي لهم ولو لم يجز هذا لرجل لم يجز أن ينوي إمامة رجل، أو نفر قليل بأعيانهم لا ينوي إمامة غيرهم ويأتي قوم كثيرون فيصلون معهم، ولكن كل هذا جائز - إن شاء الله تعالى -، وأسأل الله - تعالى - التوفيق. [كراهية الإمامة] (قال الشافعي) : - رحمه الله تعالى - روى صفوان بن سليم عن ابن المسيب عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «يأتي قوم فيصلون لكم فإن أتموا كان لهم ولكم وإن نقصوا كان عليهم ولكم» (قال الشافعي) : أخبرنا سفيان عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة يبلغ به النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن اللهم فأرشد الأئمة واغفر للمؤذنين» (قال الشافعي) : فيشبه قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والله تعالى أعلم - إن أتموا فصلوا في أول الوقت وجاءوا بكمال الصلاة في إطالة القراءة والخشوع والتسبيح في الركوع والسجود وإكمال التشهد والذكر فيها؛ لأن هذه غاية التمام وإن أجزأ أقل منه فلهم ولكم ولا فعليهم ترك الاختيار بعمد تركه ولكم ما نويتم منه فتركتموه لاتباعه بما أمرتم باتباعهم في الصلاة فيما يجزئكم وإن كان غيره أفضل منه فعليهم التقصير في تأخير الصلاة عن أول الوقت والإتيان بأقل ما يكفيهم من قراءة وركوع وسجود دون أكمل ما يكون منها وإنما عليكم اتباعهم فيما أجزأ عنكم وعليهم التقصير من غاية الإتمام والكمال ويحتمل ضمناء لما غابوا عليه من المخافتة بالقراءة والذكر فأما أن يتركوا ظاهرا أكثر الصلاة حتى يذهب الوقت، أو لم يأتوا في الصلاة بما تكون منه الصلاة مجزئة فلا يحل لأحد اتباعهم ولا ترك الصلاة حتى يمضي وقتها ولا صلاتها بما لا يجزئ فيها.وعلى الناس أن يصلوا لأنفسهم، أو جماعة مع غير من يصنع هذا ممن يصلي لهم فإن قال قائل: ما دليل ما وصفت قيل: قال الله تبارك وتعالى: {أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول} [النساء: 59] ويقال نزلت في أمراء السرايا وأمروا إذا تنازعوا في شيء وذلك اختلافهم فيه أن يردوه إلى حكم الله عز وجل، ثم حكم الرسول فحكم الله ثم رسوله - صلى الله عليه وسلم - أن يؤتى بالصلاة في الوقت وبما تجزئ به وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «من أمركم من الولاية بغير طاعة الله فلا تطيعوه» فإذا أخروا الصلاة حتى يخرج وقتها، أو لم يأتوا فيها بما تكون به مجزئة عن المصلي فهذا من عظيم معاصي الله الذي أمر الله عز وجل أن ترد إلى الله والرسول وأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن لا يطاع وال فيها وأحب الأذان لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «اغفر للمؤذنين» ، وأكره الإمامة للضمان وما على الإمام فيها وإذا أم رجل انبغى له أن يتقي الله عز ذكره ويؤدي ما عليه في الإمامة فإذا فعل رجوت أن يكون خيرا حالا من غيره. [ما على الإمام] (قال الشافعي) : - رحمه الله تعالى - وروي من وجه عن أبي أمامة قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا يصلي الإمام بقوم فيخص نفسه بدعوة دونهم» ، ويروى عن عطاء بن أبي رباح مثله، وكذلك أحب للإمام فإن لم يفعل وأدى الصلاة في الوقت أجزأه وأجزأهم وعليه نقص في أن خص نفسه دونهم، أو يدع المحافظة على الصلاة في أول الوقت بكمال الركوع والسجود. [أم قوما وهم له كارهون] من أم قوما وهم له كارهون (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : يقال: لا تقبل صلاة من أم قوما وهم له كارهون، ولا صلاة امرأة وزوجها غائب عنها ولا عبد آبق حتى يرجع ولم أحفظ من وجه يثبت أهل العلم بالحديث مثله وإنما عني به والله تعالى أعلم الرجل غير الوالي يؤم جماعة يكرهونه فأكره ذلك للإمام ولا بأس به على المأموم يعني في هذا الحال؛ لأن المأموم لم يحدث شيئا كره له وصلاة المأموم في هذه الحال مجزئة ولا أعلم على الإمام إعادة؛ لأن إساءته في التقدم لا تمنعه من أداء الصلاة، وإن خفت عليه في التقدم وكذلك المرأة يغيب عنها زوجها وكذلك العبد يأبق أخاف عليهم في أفعالهم وليست على واحد منهم إعادة صلاة صلاها في تلك الحال وكذلك الرجل يخرج يقطع الطريق ويشرب الخمر، ويخرج في المعصية أخاف عليه في عمله وإذا صلى صلاة ففعلها في وقتها لم أوجب عليه أن يعيدها، ولو تطوع بإعادتها إذا ترك ما كان فيه ما كرهت ذلك له وأكره للرجل أن يتولى قوما وهم له كارهون وإن وليهم والأكثر منهم لا يكرهونه والأقل منهم يكرهونه لم أكره ذلك له إلا من وجه كراهية الولاية جملة، وذلك أنه لا يخلو أحد ولي قليلا أو كثيرا أن يكون فيهم من يكرهه وإنما النظر في هذا إلى العام الأكثر لا إلى الخاص الأقل وجملة هذا أني أكره الولاية بكل حال.فإن ولي رجل قوما فليس له أن يقبل ولايتهم حتى يكون محتملا لنفسه للولاية بكل حال آمنا عنده على من وليه أن يحابيه، وعدوه أن يحمل غير الحق عليه متيقظا، لا يخدع عفيفا عما صار إليه من أموالهم وأحكامهم مؤديا للحق عليه فإن نقص واحدة من هذا لم يحل له أن يلي ولا لأحد عرفه أن يوليه وأحب مع هذا أن يكون حليما على الناس وإن لم يكن فكان لا يبلغ به غيظه أن يجاوز حقا ولا يتناول باطلا لم يضره؛ لأن هذا طباع لا يملكه من نفسه ومتى ولي وهو كما أحب له فتغير وجب على الوالي عزله وعليه أن لا يلي له.ولو تولى رجل أمر قوم أكثرهم له كارهون لم يكن عليه في ذلك مأثم إن شاء الله تعالى إلا أن يكون ترك الولاية خيرا له أحبوه، أو كرهوه. [ما على الإمام من التخفيف] أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا كان أحدكم يصلي بالناس فليخفف فإن فيهم السقيم والضعيف فإذا كان يصلي لنفسه فليطل ما شاء» (قال الشافعي) : وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «كان أخف الناس صلاة على الناس وأطول الناس صلاة لنفسه» (قال الشافعي) : روى شريك بن عبد الله بن أبي نمر وعمرو بن أبي عمرو عن العلاء بن عبد الرحمن عن «أنس بن مالك قال: ما صليت خلف أحد قط أخف ولا أتم صلاة من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» (قال الشافعي) : وأحب للإمام أن يخفف الصلاة ويكملها كما وصف أنس ومن حدث معه وتخفيفها وإكمالها مكتوب في كتاب قراءة الإمام في غير هذا الموضع وإن عجل الإمام عما أحببت من تمام الإكمال من التثقيل كرهت ذلك له ولا إعادة عليه ولا على من خلفه إذا جاء بأقل ما عليه في الصلاة. [باب صفة الأئمة] وليس في التراجم وفيه ما يتعلق بتقديم قريش، وفضل الأنصار، والإشارة إلى الإمامة العظمى أخبرنا الربيع قال: أخبرنا محمد بن إدريس الشافعي قال: حدثني ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن ابن شهاب أنه بلغه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «قدموا قريشا ولا تقدموها وتعلموا منها ولا تعالموها، أو تعلموها» الشك من ابن أبي فديك (قال الشافعي) : - رحمه الله تعالى - أخبرنا ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن حكيم بن أبي حكيم أنه سمع عمر بن عبد العزيز وابن شهاب يقولان قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من أهان قريشا أهانه الله» أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن الحارث بن عبد الرحمن أنه بلغه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال «لولا أن تبطر قريش لأخبرتها بالذي لها عند الله عز جل» (قال الشافعي) : أخبرنا ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر عن عطاء بن يسار «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لقريش أنتم، أولى الناس بهذا الأمر ما كنتم مع الحق إلا أن تعدلوا فتلحون كما تلحى هذه الجريدة» يشير إلى جريدة في يده (قال الشافعي) : أخبرنا يحيى بن سليم بن عبد الله بن عثمان بن خيثم عن إسماعيل بن عبيد بن رفاعة الأنصاري عن أبيه عن جده رفاعة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نادى: «أيها الناس إن قريشا أهل إمامة من بغاها العواثير أكبه الله لمنخريه» يقولها ثلاث مرات حدثنا الشافعي قال: أخبرني عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي أن قتادة بن النعمان وقع بقريش فكأنه نال منهم فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مهلا يا قتادة، لا تشتم قريشا فإنك لعلك ترى منها رجالا، أو يأتي منها رجال تحتقر عملك مع أعمالهم وفعلك مع أفعالهم وتغبطهم إذا رأيتهم لولا أن تطغى قريش لأخبرتها بالذي لها عند الله» (قال الشافعي) : أخبرني مسلم بن خالد عن ابن أبي ذئب بإسناد لا أحفظه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في قريش شيئا من الخير لا أحفظه وقال «شرار قريش خيار شرار الناس» أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - « تجدون الناس معادن فخيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا» أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة " قال «أتاكم أهل اليمن هم ألين قلوبا وأرق أفئدة الإيمان يمان والحكمة يمانية» حدثنا الشافعي قال: حدثني عمي محمد بن العباس عن الحسن بن القاسم الأزرقي قال «وقف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ثنية تبوك فقال ما ها هنا شام وأشار بيده إلى جهة الشام وما ها هنا يمن وأشار بيده إلى جهة المدينة» ، حدثنا الشافعي قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال: «جاء الطفيل بن عمرو والدوسي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله إن دوسا قد عصت وأبت فادع الله عليها فاستقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - القبلة ورفع يديه فقال الناس: هلكت دوس فقال: اللهم اهد دوسا وأت بهم» حدثنا الشافعي قال: حدثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن محمد بن عمرو بن علقمة عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار ولو أن الناس سلكوا واديا، أو شعبا لسلكت وادي الأنصار، أو شعبهم» حدثنا الشافعي قال: أخبرنا عبد الكريم بن محمد الجرجاني قال: حدثني ابن الغسيل عن رجل سماه عن أنس بن مالك «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج في مرضه فخطب فحمد الله وأثنى عليه ثم قال إن الأنصار قد قضوا الذي عليهم وبقي الذي عليكم فاقبلوا من محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم» وقال غيره عن الحسن " ما لم يكن فيه حد " وقال الجرجاني في حديثه إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «اللهم اغفر للأنصار ولأبناء الأنصار ولأبناء أبناء الأنصار» وقال في حديثه «إن النبي - صلى الله عليه وسلم - حين خرج بهش إليه النساء والصبيان من الأنصار فرق لهم، ثم خطب» وقال هذه المقالة (قال الشافعي) : وحدثني بعض أهل العلم أن أبا بكر قال: ما وجدت أنا لهذا الحي من الأنصار مثلا إلا ما قال الطفيل الغنوي:أبوا أن يملونا ولو أن أمنا ... تلاقي الذي يلقون منا لملتهم خلطونا بالنفوس وألجئوا ... إلى حجرات أدفأت وأظلتجزى الله عنا جعفرا حين أزلقت ... بنا بعلنا في الواطئين وزلت قال الربيع: هذا البيت الأخير ليس في الحديث حدثنا الشافعي قال: حدثنا عبد الكريم بن محمد الجرجاني عن المسعودي عن القاسم بن عبد الرحمن أنه قال: ما من المهاجرين أحد إلا وللأنصار عليه منة ألم يوسعوا في الديار ويشاطروا في الثمار وآثروا على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة، أخبرنا الشافعي قال: حدثنا عبد العزيز بن محمد عن محمد بن عمرو بن علقمة عن أبي سلمة عن أبي هريرة «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: بينا أنا أنزع على بئر أستقي» (قال الشافعي) : يعني في النوم ورؤيا الأنبياء وحي قال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «فجاء ابن أبي قحافة فنزع ذنوبا، أو ذنوبين وفيهما ضعف والله يغفر له، ثم جاء عمر بن الخطاب فنزع حتى استحالت في يده غربا فضرب الناس بعطن فلم أر عبقريا يفري فريه» وزاد مسلم بن خالد «فأروى الظمأة وضرب الناس بعطن» (قال: الشافعي) : قوله وفي نزعه ضعف يعني قصر مدته وعجلة موته وشغله بالحرب لأهل الردة عن الافتتاح والتزيد الذي بلغه عمر في طول مدته وقوله في عمر " فاستحالت في يده غربا " والغرب الدلو العظيم الذي إنما تنزعه الدابة أو الزرنوق ولا ينزعه الرجل بيده لطول مدته وتزيده في الإسلام لم يزل يعظم أمره ومناصحته للمسلمين كما يمتح الدلو العظيم، أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا إبراهيم بن سعد عن أبيه عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه «أن امرأة أتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسألته عن شيء فأمرها أن ترجع فقالت: يا رسول الله إن رجعت لم أجدك كأنها تعني الموت قال: فأتي أبا بكر» ، أخبرنا الشافعي قال: حدثنا يحيى بن سليم عن جعفر بن محمد عن أبيه عن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب قال: ولينا أبو بكر خير خليفة الله، أرحمه وأحناه عليه. [صلاة المسافر يؤم المقيمين] أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا الثقة عن معمر عن الزهري عن سالم عن أبيه «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى بمنى ركعتين وأبو بكر وعمر» ، أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر بن الخطاب مثله (قال: الشافعي) : وهكذا أحب للإمام أن يصلي مسافرا، أو مقيما ولا يوكل غيره ويأمر من وراءه من المقيمين أن يتموا إلا أن يكونوا قد فقهوا فيكتفي بفقههم - إن شاء الله تعالى -.وإذا اجتمع مسافرون ومقيمون فإن كان الوالي من أحد الفريقين صلى بهم مسافرا كان، أو مقيما وإن كان مقيما فأقام غيره فصلى بهم فأحب إلي إلى أن يأمر مقيما ولا يولي الإمامة إلا من ليس له أن يقصر فإن أمر مسافرا كرهت ذلك له إذا كان يصلي خلفه مقيم ويبني المقيم على صلاة المسافر ولا إعادة عليه فإن لم يكن فيهم وال فأحب إلي أن يؤمهم المقيم لتكون صلاتهم كلها بإمام ويؤخر المسافرون عن الجماعة وإكمال عدد الصلاة.فإن قدموا مسافرا فأمهم أجزأ عنهم وبنى المقيمون على صلاة المسافر إذا قصر وإن أتم أجزأتهم صلاتهم وإن أم المسافر المقيمين فأتم الصلاة أجزأته وأجزأت من خلفه من المقيمين والمسافرين صلاتهم. [صلاة الرجل بالقوم لا يعرفونه] (قال: الشافعي - رحمه الله تعالى -) : ولو أن قوما في سفر، أو حضر، أو غيره ائتموا برجل لا يعرفونه فأقام الصلاة أجزأت عنهم صلاتهم ولو شكوا أمسلم هو، أو غير مسلم؟ أجزأتهم صلاتهم وهو إذا أقام الصلاة إمام مسلم في الظاهر حتى يعلموا أنه ليس بمسلم، ولو عرفوه بغير الإسلام وكانوا ممن يعرفونه المعرفة الذي الأغلب عليهم أن إسلامه لا يخفى عليهم ولو أسلم فصلى فصلوا وراءه في مسجد جماعة، أو صحراء لم تجزئهم صلاتهم معه إلا أن يسألوه فيقول: أسلمت قبل الصلاة، أو يعلمهم من يصدقون أنه مسلم قبل الصلاة.وإذا أعلمهم أنه أسلم قبل الصلاة فصلاتهم مجزئة عنهم، ولو صلوا معه على علمهم بشركه ولم يعلموا إسلامه قبل الصلاة ثم أعلمهم بعد الصلاة أنه أسلم قبلها لم تجزهم صلاتهم؛ لأنهم لم يكن لهم الائتمام به على معرفتهم بكفره وإن لم يعلموا إسلامه قبل ائتمامهم به وإذا صلوا مع رجل صلاة كثيرة ثم أعلمهم أنه غير مسلم، أو علموا من غيره أعادوا كل صلاة صلوها خلفه، وكذلك لو أسلم، ثم ارتد عن الإسلام وصلوا معه في ردته قبل أن يرجع إلى الإسلام أعادوا كل صلاة صلوها معه [إمامة المرأة للرجال] (قال: الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا صلت المرأة برجال ونساء وصبيان ذكور فصلاة النساء مجزئة وصلاة الرجال والصبيان الذكور غير مجزئة؛ لأن الله عز وجل جعل الرجال قوامين على النساء وقصرهن عن أن يكن، أولياء وغير ذلك ولا يجوز أن تكون امرأة إمام رجل في صلاة بحال أبدا وهكذا لو كان ممن صلى مع المرأة خنثى مشكل لم تجزه صلاته معها ولو صلى معها خنثى مشكل ولم يقض صلاته حتى بان أنه امرأة أحببت له أن يعيد الصلاة وحسبت أنه لا تجزئه صلاته؛ لأنه لم يكن حين صلى معها ممن يجوز له أن يأتم بها. ![]()
__________________
|
#25
|
||||
|
||||
![]()
__________________
|
#26
|
||||
|
||||
![]()
__________________
|
#27
|
||||
|
||||
![]()
__________________
|
#28
|
||||
|
||||
![]() ![]() كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي المجلد الأول -كتاب الصلاة الحلقة (28) صــــــــــ 211 الى صـــــــــــ215 [السفر الذي تقصر في مثله الصلاة بلا خوف] (قال: الشافعي - رحمه الله تعالى -) : «قصر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفره إلى مكة وهي تسع، أو عشر» فدل قصره - صلى الله عليه وسلم - على أن يقصر في مثل ما قصر فيه وأكثر منه ولم يجز القياس على قصره إلا بواحدة من اثنتين أن لا يقصر إلا في مثل ما قصر فيه وفوقه فلما لم أعلم مخالفا في أن يقصر في أقل من سفر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي قصر فيه لم يجز أن نقيس على هذا الوجه كان الوجه الثاني أن يكون إذا قصر في سفر ولم يحفظ عنه أن لا يقصر فيما دونه أن يقصر فيما يقع عليه اسم سفر كما يتيمم، ويصلي النافلة على الدابة حيث توجهت فيما وقع عليه اسم سفر ولم يبلغنا أن يقصر فيما دون يومين إلا أن عامة من حفظنا عنه لا يختلف في أن لا يقصر فيما دونهما فللمرء عندي أن يقصر فيما كان مسيرة ليلتين قاصدتين وذلك ستة وأربعون ميلا بالهاشمي، ولا يقصر فيما دونها، وأما أنا فأحب أن لا أقصر في أقل من ثلاث احتياطا على نفسي، وإن ترك القصر مباح لي فإن قال قائل: فهل في أن يقصر في يومين حجة بخبر متقدم؟ قيل: نعم عن ابن عباس وعن ابن عمر - رضي الله تعالى عنهما - أخبرنا سفيان عن عمرو عن عطاء عن ابن عباس أنه سئل أنقصر إلى عرفة فقال؟ : لا ولكن إلى عسفان وإلى جدة وإلى الطائف قال وأقرب هذا من مكة ستة وأربعون ميلا بالأميال الهاشمية وهي مسيرة ليلتين قاصدتين دبيب الأقدام وسير الثقل أخبرنا مالك عن نافع أنه كان يسافر مع ابن عمر البريد فلا يقصر الصلاة أخبرنا مالك عن نافع عن سالم أن ابن عمر ركب إلى ذات النصب فقصر الصلاة في مسيرة ذلك قال مالك وبين ذات النصب والمدينة أربعة برد أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن سالم عن أبيه أنه ركب إلى رئم فقصر الصلاة في مسيرة ذلك قال: مالك وذلك نحو من أربعة برد (قال: الشافعي) : وإذا أراد الرجل أقل سفر تقصر فيه الصلاة لم يقصر حتى يخرج من منزله الذي يسافر منه وسواء كان المنزل قرية، أو صحراء فإن كانت قرية لم يكن له أن يقصر حتى يجاوز بيوتها ولا يكون بين يديه منها بيت منفردا ولا متصلا وإن كان في صحراء لم يقصر حتى يجاوز البقعة التي فيها منزله فإن كان في عرض واد فحتى يقطع عرضه وإن كان في طول واد فحتى يبين عن موضع منزله وإن كان في حاضر مجتمع فحتى يجاوز مطال الحاضر ولو كان في حاضر مفترق فحتى يجاوز ما قارب منزله من الحاضر وإن قصر فلم يجاوز ما وصفت أعاد الصلاة التي قصرها في موضعه ذلك فإن خرج فقصد سفرا تقصر فيه الصلاة ليقيم فيه أربعا ثم يسافر إلى غيره قصر الصلاة إلى أن يبلغ الموضع الذي نوى المقام فيه فإن بلغه وأحدث نية في أن يجعله موضع اجتياز لا مقام أتم فيه فإذا خرج منه مسافرا قصر ويتم بنية المقام؛ لأن المقام يكون بنية ولا يقصر بنية السفر حتى يثبت به السير.ولو خرج يريد بلدا يقيم فيها أربعا ثم بلدا بعده فإن لم يكن البلد الذي نوى أن يأتيه أولا مما تقصر إليه الصلاة لم يقصرها إليه وإذا خرج منه فإن كان الذي يريد مما تقصر إليه الصلاة قصر من موضع مخرجه من البلد الذي نوى أن يقيم به أربعا قصر وإلا لم يقصر فإن رجع من البلد الثاني يريد بلده قاصدا وهو مما تقصر إليه الصلاة قصر ولو كانت المسألة بحالها فكانت نيته أن يجعل طريقه على بلد لا يعرجه عن الطريق ولا يريد به مقاما كان له أن يقصر إذا كانت غاية سفره إلى بلد تقصر إليه الصلاة؛ لأنه لم ينو بالبلد دونه مقاما ولا حاجة وإنما هو طريق وإنما لا يقصر إذا قصد في حاجة فيه وهو مما لا تقصر إليه الصلاة وإذا أراد بلدا تقصر إليه الصلاة فأثبت به سفره ثم بدا له قبل أن يبلغ البلد، أو موضعا تقصر إليه الصلاة الرجوع إلى بلده أتم، وإذا أتم فإن بدا له أن يمضي بوجهه أتم بحاله إلا أن يكون الغاية من سفره مما تقصر إليه الصلاة من موضعه الذي أتم إليه وإذا أراد رجل بلدا له طريقان القاصد منهما إذا سلك لم يكن بينه وبينه ما تقصر إليه الصلاة والآخر إذا سلك كان بينه وبينه ما تقصر إليه الصلاة فأي الطريقين سلك فليس له عندي قصر الصلاة إنما يكون له قصر الصلاة إذا لم يكن إليها طريق إلا مسافة قدر ما تقصر إليها الصلاة إلا من عدو يتخوف في الطريق القاصد، أو حزونة، أو مرفق له في الطريق الأبعد فإذا كان هكذا كان له أن يقصر إذا كانت مسافة طريقه ما يقصر إليه الصلاة (قال الشافعي) : وسواء في القصر المريض والصحيح والعبد والحر والأنثى والذكر إذا سافروا معا في غير معصية الله تعالى فأما من سافر باغيا على مسلم، أو معاهد، أو يقطع طريقا، أو يفسد في الأرض أو العبد يخرج آبقا من سيده، أو الرجل هاربا ليمنع حقا لزمه، أو ما في مثل هذا المعنى، أو غيره من المعصية فليس له أن يقصر فإن قصر أعاد كل صلاة صلاها؛ لأن القصر رخصة وإنما جعلت الرخصة لمن لم يكن عاصيا ألا ترى إلى قوله تعالى {فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه} [البقرة: 173] وهكذا لا يمسح على الخفين ولا يجمع الصلاة مسافر في معصية وهكذا لا يصلي إلى غير القبلة نافلة ولا يخفف عمن كان سفره في معصية الله تعالى ومن كان من أهل مكة فحج أتم الصلاة بمنى وعرفة وكذلك أهل عرفة ومنى ومن قارب مكة ممن لا يكون سفره إلى عرفة مما تقصر فيه الصلاة وسواء فيما تقصر فيه الصلاة السفر المتعب والمتراخي، والخوف في السفر بطلب أو هرب، والأمن لأن القصر إنما هو في غاية لا في تعب ولا في رفاهية ولو جاز أن يكون بالتعب لم يقصر في السفر البعيد في المحامل وقصد السير، وقصر في السفر القاصد على القدمين والدابة في التعب والخوف فإذا حج القريب الذي بلده من مكة بحيث تقصر الصلاة فأزمع بمكة مقام أربع أتم وإذا خرج إلى عرفة وهو يريد قضاء نسكه لا يريد مقام أربع إذا رجع إلى مكة قصر؛ لأنه يقصر مقامه بسفر ويصلي بينه وبين بلده وإن كان يريد إذا قضى نسكه مقام أربع بمكة أتم بمنى وعرفة ومكة حتى يخرج من مكة مسافرا فيقصر وإذا ولى مسافر مكة بالحج قصر حتى ينتهي إلى مكة، ثم أتم بها وبعرفة وبمنى؛ لأنه انتهى إلى البلد الذي بها مقامه ما لم يعزل، وكذلك مكة وسواء في ذلك أمير الحاج والسوقة لا يختلفون وهكذا لو عزل أمير مكة فأراد السفر أتم حتى يخرج من مكة وكان كرجل أراد سفرا ولم يسافر. [تطوع المسافر] قال وللمسافر أن يتطوع ليلا ونهارا قصر، أو لم يقصر وثابت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يتنفل ليلا وهو يقصر وروي عنه أنه كان يصلي قبل الظهر مسافرا ركعتين وقبل العصر أربعا وثابت عنه أنه تنفل عام الفتح بثمان ركعات ضحى وقد قصر عام الفتح. [باب المقام الذي يتم بمثله الصلاة] أخبرنا سفيان عن عبد الرحمن بن حميد قال: سأل عمر بن عبد العزيز جلساءه: ما سمعتم في مقام المهاجرين بمكة؟ قال السائب بن يزيد: حدثني العلاء بن الحضرمي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «يمكث المهاجر بعد قضاء نسكه ثلاثا» فبهذا قلنا إذا أزمع المسافر أن يقيم بموضع أربعة أيام ولياليهن ليس فيهن يوم كان فيه مسافرا فدخل في بعضه ولا يوم يخرج في بعضه أتم الصلاة واستدلالا بقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «يقيم المهاجر بمكة بعد قضاء نسكه ثلاثا» وإنما يقضي نسكه في اليوم الذي يدخل فيه والمسافر لا يكون دهره سائرا ولا يكون مقيما ولكنه يكون مقيما مقام سفر وسائرا قال فأشبه ما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من مقام المهاجر ثلاثا حد مقام السفر وما جاوزه كان مقام الإقامة» وليس يحسب اليوم الذي كان فيه سائرا، ثم قدم ولا اليوم الذي كان فيه مقيما، ثم سار وأجلى عمر - رضي الله تعالى عنه - أهل الذمة من الحجاز وضرب لمن يقدم منهم تاجرا مقام ثلاث فأشبه ما وصفت من السنة وأقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمنى ثلاثا يقصر وقدم في حجته فأقام ثلاثا قبل مسيره إلى عرفة يقصر ولم يحسب اليوم الذي قدم فيه مكة؛ لأنه كان فيه سائرا ولا يوم التروية لأنه خارج فيه فلما لم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - مقيما في سفر قصر فيه الصلاة أكثر من ثلاث لم يجز أن يكون الرجل مقيما يقصر الصلاة إلا مقام مسافر؛ لأن المعقول أن المسافر الذي لا يقيم فكان غاية مقام المسافر ما وصفت استدلالا بقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومقامه فإن قصر المجمع مقام أربع فعليه إعادة كل صلاة صلاها مقصورة وإذا قدم بلدا لا يجمع المقام به أربعا فأقام ببلد لحاجة، أو علة من مرض وهو عازم على الخروج إذا أفاق، أو فرغ ولا غاية لفراغه يعرفها قد يرى فراغه في ساعة ولا يدري لعله أن لا يكون أياما فكل ما كان في هذا غير مقام حرب ولا خوف حرب قصر فإذا جاوز مقام أربع أحببت أن يتم وإن لم يتم أعاد ما صلى بالقصر بعد أربع ولو قيل الحرب وغير الحرب في هذا سواء كان مذهبا ومن قصر كما يقصر في خوف الحرب لم يبن لي أن عليه الإعادة، وإن اخترت ما وصفت وإن كان مقامه لحرب أو خوف حرب فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقام عام الفتح لحرب هوازن سبع عشرة، أو ثمان عشرة يقصر ولم يجز في المقام للخوف إلا واحد من قولين إما أن يكون ما جاوز مقام النبي - صلى الله عليه وسلم - من هذا العدد أتم فيه المقيم الصلاة وإما أن يكون له القصر أما كانت هذه، أو يقضي الحرب فلم أعلم في مذاهب العامة المذهب الآخر وإذا لم يكن مذهبا المذهب الآخر فالأول، أولى المذهبين وإذا أقام الرجل ببلد أثناءه ليس ببلد مقامه لحرب، أو خوف، أو تأهب لحرب قصر ما بينه وبين ثمان عشرة ليلة فإذا جاوزها أتم الصلاة حتى يفارق البلد تاركا للمقام به آخذا في سفره وهكذا إن كان محاربا، أو خائفا مقيما في موضع سفر قصر ثماني عشرة فإذا جاوزها أتم وإن كان غير خائف قصر أربعا فإذا جاوزها أتم فإذا أجمع في واحدة من الحالين مقام أربع أتم خائفا كان، أو غير خائف ولو سافر رجل فمر ببلد في سفره فأقام به يوما وقال إن لقيت فلانا أقمت أربعا، أو أكثر من أربع قصر حتى يلقى فلانا فإذا لقي فلانا أتم وإن لقي فلانا فبدا له أن لا يقيم أربعا أتم؛ لأنه قد نوى المقام بلقائه ولقيه والمقام يكون بالنية مع المقام لاجتماع النية والمقام. ![]()
__________________
|
#29
|
||||
|
||||
![]() ![]() كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي المجلد الأول -كتاب الصلاة الحلقة (29) صــــــــــ 216 الى صـــــــــــ220 وَنِيَّةُ السَّفَرِ لَا يَكُونُ لَهُ بِهَا الْقَصْرُ حَتَّى يَكُونَ مَعَهَا سَفَرٌ فَتَجْتَمِعُ النِّيَّةُ وَالسَّفَرُ وَلَوْ قَدِمَ الْبَلَدَ فَقَالَ: إنْ قَدِمَ فُلَانٌ أَقَمْت فَانْتَظَرَهُ أَرْبَعًا أَتَمَّ بَعْدَهَا فِي الْقَوْلِ الَّذِي اخْتَرْت وَإِنْ لَمْ يَقْدُمْ فُلَانٌ فَإِذَا خَرَجَ مِنْ مَنَازِلِ الْقَرْيَةِ قَصَرَ وَإِنْ سَافَرَ رَجُلٌ مِنْ مَكَّةَ إلَى الْمَدِينَةِ وَلَهُ فِيمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ مَالٌ، أَوْ أَمْوَالٌ، أَوْ مَاشِيَةٌ، أَوْ مَوَاشٍ فَنَزَلَ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِهِ كَانَ لَهُ أَنْ يَقْصُرَ مَا لَمْ يَجْمَعْ الْمُقَامَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا أَرْبَعًا وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ لَهُ بِشَيْءٍ مِنْهَا ذُو قَرَابَةٍ، أَوْ أَصْهَارٌ، أَوْ زَوْجَةٌ وَلَمْ يَنْوِ الْمُقَامَ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ أَرْبَعًا قَصَرَ إنْ شَاءَ قَدْ قَصَرَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَهُ عَامَ الْفَتْحِ وَفِي حَجَّتِهِ وَفِي حَجَّةِ أَبِي بَكْرٍ وَلِعَدَدٍ مِنْهُمْ بِمَكَّةَ دَارٌ، أَوْ أَكْثَرُ وَقَرَابَاتٌ مِنْهُمْ أَبُو بَكْرٍ لَهُ بِمَكَّةَ دَارٌ وَقَرَابَةٌ وَعُمَرُ لَهُ بِمَكَّةَ دُورٌ كَثِيرَةٌ وَعُثْمَانُ لَهُ بِمَكَّةَ دَارٌ وَقَرَابَةٌ فَلَمْ أَعْلَمْ مِنْهُمْ أَحَدًا أَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْإِتْمَامِ وَلَا أَتَمَّ وَلَا أَتَمُّوا بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قُدُومِهِمْ مَكَّةَ بَلْ حُفِظَ عَمَّنْ حَفِظَ عَنْهُ مِنْهُمْ الْقَصْرُ بِهَا وَلَوْ خَرَجَ رَجُلٌ يُرِيدُ لِقَاءَ رَجُلٍ، أَوْ أَخْذَ عَبْدٍ لَهُ، أَوْ ضَالَّةٍ بِبَلَدٍ مَسِيرَةَ أَقَلِّ مَا تُقْصَرُ إلَيْهِ الصَّلَاةُ، أَوْ أَكْثَرَ فَقَالَ إنْ: لَقِيت الْحَاجَةَ دُونَ الْبَلَدِ رَجَعْت لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَقْصُرَ حَتَّى تَكُونَ نِيَّتُهُ بُلُوغَ الْبَلَدِ الَّذِي تُقْصَرُ إلَيْهِ الصَّلَاةُ لَا نِيَّةَ لَهُ فِي الرُّجُوعِ دُونَهُ بِحَالٍ (قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَلَوْ خَرَجَ يُرِيدُ بَلَدًا تُقْصَرُ إلَيْهِ الصَّلَاةُ بِلَا نِيَّةٍ أَنْ يَبْلُغَهُ بِكُلِّ حَالٍ وَقَالَ لَعَلِيِّ أَبْلُغَهُ، أَوْ أَرْجِعَ عَنْهُ لَمْ يَقْصُرْ حَتَّى يَنْوِيَ بِكُلِّ حَالَةٍ بُلُوغَهُ وَلَوْ خَرَجَ يَنْوِي بُلُوغَهُ لِحَاجَةٍ لَا يَنْوِي إنْ قَضَاهَا دُونَهُ الرُّجُوعَ كَانَ لَهُ الْقَصْرُ فَمَتَى لَقِيَ الْحَاجَةَ دُونَهُ، أَوْ بَدَا لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِلَا قَضَاءِ الْحَاجَةِ - وَكَانَ مَوْضِعُهُ الَّذِي بَلَغَ مِمَّا لَا تُقْصَرُ إلَيْهِ الصَّلَاةُ - أَتَمَّ فِي رُجُوعِهِ، وَإِنْ كَانَ مَوْضِعُهُ الَّذِي بَلَغَ مِمَّا تُقْصَرُ إلَيْهِ الصَّلَاةُ لَوْ ابْتَدَأَ إلَيْهِ السَّفَرَ، ثُمَّ بَدَا لَهُ الرُّجُوعُ مِنْهُ قَصَرَ الصَّلَاةَ وَلَوْ بَدَا لَهُ الْمُقَامُ بِهِ أَتَمَّ حَتَّى يُسَافِرَ مِنْهُ ثُمَّ يَقْصُرَ إذَا سَافَرَ وَلَوْ خَرَجَ رَجُلٌ يُرِيدُ بَلَدًا، ثُمَّ بَلَدًا بَعْدَهُ فَإِنْ كَانَ الْبَلَدُ الْأَدْنَى مِمَّا تُقْصَرُ إلَيْهِ الصَّلَاةُ قَصَرَهَا وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا تُقْصَرُ إلَيْهِ الصَّلَاةُ لَمْ يَقْصُرْهَا، فَإِذَا خَرَجَ مِنْهَا فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَلَدِ الَّذِي يُرِيدُ مَا تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ قَصَرَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَمْ يَقْصُرْ لِأَنِّي أَجْعَلُهُ حِينَئِذٍ مِثْلَ مُبْتَدِئِ سَفَرِهِ كَابْتِدَائِهِ مِنْ أَهْلِهِ.وَإِذَا رَجَعَ مِنْ الْبَلَدِ الْأَقْصَى فَإِنْ أَرَادَ بَلَدَهُ فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا مَا يُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ قَصَرَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ يَقْصُرُ وَإِنْ أَرَادَ الرُّجُوعَ إلَى الْبَلَدِ الَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَلَدِهِ ثُمَّ بَلَدِهِ لَمْ يَقْصُرْ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِهِ إيَّاهَا طَرِيقًا فَيَقْصُرُ، وَإِذَا خَرَجَ رَجُلٌ مِنْ مَكَّةَ يُرِيدُ الْمَدِينَةَ قَصَرَ فَإِنْ خَافَ فِي طَرِيقِهِ وَهُوَ بِعُسْفَانَ فَأَرَادَ الْمُقَامَ بِهِ، أَوْ الْخُرُوجَ إلَى بَلَدٍ غَيْرِ الْمَدِينَةِ لِيُقِيمَ، أَوْ يَرْتَادَ الْخَيْرَ بِهِ جَعَلْته إذَا تَرَكَ النِّيَّةَ الْأُولَى مِنْ سَفَرِهِ إلَى الْمَدِينَةِ مُبْتَدِئًا السَّفَرَ مِنْ عُسْفَانَ فَإِنْ كَانَ السَّفَرُ الَّذِي يُرِيدُهُ مِنْ عُسْفَانَ عَلَى مَا لَا تُقْصَرُ إلَيْهِ الصَّلَاةُ لَمْ يَقْصُرْ وَإِنْ كَانَ عَلَى مَا تُقْصَرُ إلَيْهِ الصَّلَاةُ قَصَرَ، وَكَذَلِكَ إذَا رَجَعَ مِنْهُ يُرِيدُ مَكَّةَ أَوْ بَلَدًا سِوَاهُ جَعَلْته مُبْتَدِئًا سَفَرًا مِنْهُ فَإِنْ كَانَتْ حَيْثُ يُرِيدُ مَا تُقْصَرُ إلَيْهِ الصَّلَاةُ قَصَرَ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا تُقْصَرُ إلَيْهِ الصَّلَاةُ لَمْ يَقْصُرْ وَالْمُسَافِرُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَالنَّهْرِ سَوَاءٌ وَلَيْسَ يُعْتَبَرُ بِسَيْرِ الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ كَمَا لَا يُعْتَبَرُ بِسَيْرِ الْبَرِّ وَلَا الْخَيْلِ وَلَا نُجُبِ الرِّكَابِ وَلَا زَحْفَ الْمُقْعَدِ وَلَا دَبِيبَ الزَّمِنِ وَلَا سَيْرَ الْأَحْمَالِ الثِّقَالِ، وَلَكِنْ إذَا سَافَرَ فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ مَسِيرَةً يُحِيطُ الْعِلْمُ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ فِي الْبَرِّ قُصِرَتْ فِيهَا الصَّلَاةُ قَصَرَ وَإِنْ كَانَ فِي شَكٍّ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَقْصُرُ حَتَّى يَسْتَيْقِنَ بِأَنَّهَا مَسِيرَةُ مَا تُقْصَرُ فِيهَا الصَّلَاةُ.وَالْمُقَامُ فِي الْمَرَاسِي وَالْمَوَاضِعِ الَّتِي يُقَامُ فِيهَا فِي الْأَنْهَارِ كَالْمُقَامِ فِي الْبِرِّ، لَا يَخْتَلِفُ فَإِذَا أَزْمَعَ مُقَامَ أَرْبَعٍ فِي مَوْضِعٍ أَتَمَّ وَإِذَا لَمْ يُزْمِعْ مُقَامَ أَرْبَعٍ قَصَرَ وَإِذَا حَبَسَهُ الرِّيحُ فِي الْبَحْرِ وَلَمْ يُزْمِعْ مُقَامًا إلَّا لِيَجِدَ السَّبِيلَ إلَى الْخُرُوجِ بِالرِّيحِ قَصَرَ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَرْبَعٍ فَإِذَا مَضَتْ أَرْبَعٌ أَتَمَّ كَمَا وَصَفْت فِي الِاخْتِيَارِ فَإِذَا أَثْبَتَ بِهِ مَسِيرَةً قَصَرَ فَإِنْ رَدَّتْهُ الرِّيحُ قَصَرَ حَتَّى يَجْمَعَ مُقَامَ أَرْبَعٍ فَيُتِمَّ حِينَ يَجْمَعُ بِالنِّيَّةِ مُقَامَ أَرْبَعٍ، أَوْ يُقِيمُ أَرْبَعًا إنْ لَمْ يُزْمِعْ مُقَامًا، فَيُتِمُّ بِمُقَامِ أَرْبَعٍ فِي الِاخْتِيَارِ، وَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ مَالِكًا لِلسَّفِينَةِ وَكَانَ فِيهَا مَنْزِلُهُ وَكَانَ مَعَهُ فِيهَا أَهْلُهُ، أَوْ لَا أَهْلَ لَهُ مَعَهُ فِيهَا فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُتِمَّ وَلَهُ أَنْ يَقْصُرَ إذَا سَافَرَ وَعَلَيْهِ حَيْثُ أَرَادَ مُقَامًا غَيْرَ مُقَامِ سَفَرٍ أَنْ يُتِمَّ وَهُوَ فِيهَا كَالْغَرِيبِ يَتَكَارَاهَا لَا يَخْتَلِفَانِ فِيمَا لَهُ غَيْرَ أَنِّي أُحِبُّ لَهُ أَنْ يُتِمَّ، وَهَكَذَا أُجَرَاؤُهُ وَرُكْبَانُ مَرْكَبِهِ.وَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ فَدَارُهُ حَيْثُ أَرَادَ الْمُقَامَ، وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَا مَالَ لَهُ وَلَا دَارَ يَصِيرُ إلَيْهَا وَكَانَ سَيَّارَةً يَتَّبِعُ أَبَدًا مَوَاقِعَ الْقَطْرِ حَلَّ بِمَوْضِعٍ، ثُمَّ شَامَ بَرْقًا فَانْتَجَعَهُ فَإِنْ اسْتَيْقَنَ أَنَّهُ بِبَلَدٍ تُقْصَرُ إلَيْهِ الصَّلَاةُ قَصَرَ وَإِنْ شَكَّ لَمْ يَقْصُرْ، وَإِنْ اسْتَيْقَنَ أَنَّهُ بِبَلَدٍ تُقْصَرُ إلَيْهِ الصَّلَاةُ وَكَانَتْ نِيَّتُهُ إنْ مَرَّ بِمَوْضِعٍ مُخْصِبٍ أَوْ مُوَافِقٍ لَهُ فِي الْمَنْزِلِ دُونَهُ أَنْ يَنْزِلَ لَمْ يَقْصُرْ أَبَدًا مَا كَانَتْ نِيَّتُهُ أَنْ يَنْزِلَ حَيْثُ حَمِدَ مِنْ الْأَرْضِ.وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَقْصُرَ أَبَدًا حَتَّى يَكُونَ عَلَى يَقِينٍ مِنْ أَنَّهُ يُرِيدُ سَفَرًا لَا عُرْجَةَ لَهُ عَنْهُ إلَّا عُرْجَةَ الْمَنْزِلِ وَيَبْلُغُ وَيَكُونُ السَّفَرُ مِمَّا تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ (قَالَ: الشَّافِعِيُّ) : وَلَوْ خَرَجَ قَوْمٌ مِنْ بَلَدٍ يُرِيدُونَ بَلَدًا تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ وَنِيَّتُهُمْ إذَا مَرُّوا بِمَوْضِعٍ مُخْصِبٍ أَنْ يَرْتَعُوا فِيهِ مَا احْتَمَلَهُمْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَنْ يَقْصُرُوا فَإِنْ كَانَتْ نِيَّتُهُمْ أَنْ يَرْتَعُوا فِيهِ الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ لَا يَبْلُغُوا أَنْ يَنْوُوا فِي مُقَامِ أَرْبَعٍ فَلَهُمْ أَنْ يَقْصُرُوا، وَإِذَا مَرُّوا بِمَوْضِعٍ فَأَرَادُوا فِيهِ مُقَامَ أَرْبَعٍ أَتَمُّوا فَإِنْ لَمْ يُرِيدُوا مُقَامَ أَرْبَعٍ وَأَقَامُوا أَرْبَعًا أَتَمُّوا بَعْدَ مُقَامِ الْأَرْبَعِ فِي الِاخْتِيَارِ. [إيجَابُ الْجُمُعَةِ]ِ أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ قَالَ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: 9] الْآيَةُ وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ} [البروج: 3] (قَالَ: الشَّافِعِيُّ) : - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَخْبَرَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِي صَفْوَانُ بْنُ سُلَيْمٍ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ " قَالَ: «شَاهِدٌ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، وَمَشْهُودٌ يَوْمُ عَرَفَةَ» أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِثْلَهُ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَرْمَلَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِثْلَهُ (قَالَ: الشَّافِعِيُّ) : وَدَلَّتْ السُّنَّةُ مِنْ فَرْضِ الْجُمُعَةِ عَلَى مَا دَلَّ عَلَيْهِ كِتَابُ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى (قَالَ الشَّافِعِيُّ) : أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَحْنُ الْآخَرُونَ وَنَحْنُ السَّابِقُونَ بَيْدَ أَنَّهُمْ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِنَا وَأُوتِينَاهُ مِنْ بَعْدِهِمْ فَهَذَا الْيَوْمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ فَهَدَانَا اللَّهُ لَهُ فَالنَّاسُ لَنَا فِيهِ تَبَعٌ الْيَهُودُ غَدًا وَالنَّصَارَى بَعْدَ غَدٍ» (قَالَ: الشَّافِعِيُّ) : أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِثْلَهُ إلَّا أَنَّهُ قَالَ: بَائِدَ أَنَّهُمْ (قَالَ الشَّافِعِيُّ) : أَخْبَرَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «نَحْنُ الْآخَرُونَ السَّابِقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بَيْدَ أَنَّهُمْ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِنَا وَأُوتِينَاهُ مِنْ بَعْدِهِمْ، ثُمَّ هَذَا يَوْمُهُمْ الَّذِي فُرِضَ عَلَيْهِمْ يَعْنِي الْجُمُعَةَ: فَاخْتَلَفُوا فِيهِ فَهَدَانَا اللَّهُ لَهُ فَالنَّاسُ لَنَا فِيهِ تَبَعٌ السَّبْتُ وَالْأَحَدُ» (قَالَ: الشَّافِعِيُّ) : وَالتَّنْزِيلُ، ثُمَّ السُّنَّةُ يَدُلَّانِ عَلَى إيجَابِ الْجُمُعَةِ وَعُلِمَ أَنَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ الْيَوْمُ الَّذِي بَيْنَ الْخَمِيسِ وَالسَّبْتِ مِنْ الْعِلْمِ الَّذِي يَعْلَمُهُ الْجَمَاعَةُ عَنْ الْجَمَاعَةِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَجَمَاعَةٍ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ كَمَا نَقَلُوا الظُّهْرَ أَرْبَعًا وَالْمَغْرِبَ ثَلَاثًا وَكَانَتْ الْعَرَبُ تُسَمِّيهِ قَبْلَ الْإِسْلَامِ " عُرُوبَةٌ " قَالَ الشَّاعِرُ:نَفْسِي الْفِدَاءُ لِأَقْوَامٍ هُمُو خَلَطُوا ... يَوْمَ الْعُرُوبَةِ أَزْوَادًا بِأَزْوَادٍ (قَالَ الشَّافِعِيُّ) : أَخْبَرَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِي سَلَمَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْخِطْمِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيّ أَنَّهُ سَمِعَ رَجُلًا مِنْ بَنِي وَائِلٍ يَقُولُ قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «تَجِبُ الْجُمُعَةُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ إلَّا امْرَأَةً، أَوْ صَبِيًّا، أَوْ مَمْلُوكًا» (قَالَ: الشَّافِعِيُّ) : وَمَنْ كَانَ مُقِيمًا بِبَلَدٍ تَجِبُ فِيهِ الْجُمُعَةُ مِنْ بَالِغٍ حُرٍّ لَا عُذْرَ لَهُ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ، (قَالَ: الشَّافِعِيُّ) : وَالْعُذْرُ الْمَرَضُ الَّذِي لَا يَقْدِرُ مَعَهُ عَلَى شُهُودِ الْجُمُعَةِ إلَّا بِأَنْ يَزِيدَ فِي مَرَضِهِ، أَوْ يَبْلُغَ بِهِ مَشَقَّةً غَيْرَ مُحْتَمَلَةٍ، أَوْ يَحْبِسَهُ السُّلْطَانُ، أَوْ مَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْهُ بِالْغَلَبَةِ، أَوْ يَمُوتَ بَعْضُ مَنْ يَقُومُ بِأَمْرِهِ مِنْ قَرَابَةٍ، أَوْ ذِي آصِرَةٍ مِنْ صِهْرٍ، أَوْ مَوَدَّةٍ، أَوْ مَنْ يَحْتَسِبُ فِي وِلَايَةِ أَمْرِهِ الْأَجْرَ فَإِنْ كَانَ هَذَا فَلَهُ تَرْكُ الْجُمُعَةِ (قَالَ: الشَّافِعِيُّ) : وَإِنْ مَرِضَ لَهُ وَلَدٌ، أَوْ وَالِدٌ فَرَآهُ مَنْزُولًا بِهِ وَخَافَ فَوْتَ نَفْسِهِ فَلَا بَأْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَدَعَ لَهُ الْجُمُعَةَ وَكَذَلِكَ إنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ بِهِ وَكَانَ ضَائِعًا لَا قَيِّمَ لَهُ غَيْرُهُ، أَوْ لَهُ قَيِّمٌ غَيْرُهُ لَهُ شُغْلٌ فِي وَقْتِ الْجُمُعَةِ عَنْهُ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَدَعَ لَهُ الْجُمُعَةَ، (قَالَ الشَّافِعِيُّ) : أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ دُعِيَ وَهُوَ يَسْتَحِمُّ لِلْجُمَعَةِ لِسَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ وَهُوَ يَمُوتُ فَأَتَاهُ وَتَرَكَ الْجُمُعَةَ، (قَالَ: الشَّافِعِيُّ) : وَإِنْ أَصَابَهُ غَرَقٌ، أَوْ حَرْقٌ، أَوْ سُرِقَ وَكَانَ يَرْجُو فِي تَخَلُّفِهِ عَنْ الْجُمُعَةِ دَفْعَ ذَلِكَ، أَوْ تَدَارُكَ شَيْءٍ فَلَتَ مِنْهُ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَدَعَ لَهُ الْجُمُعَةَ وَكَذَلِكَ إنْ ضَلَّ لَهُ وَلَدٌ، أَوْ مَالٌ مِنْ رَقِيقٍ، أَوْ حَيَوَانٍ أَوْ غَيْرِهِ فَرَجَا فِي تَخَلُّفِهِ تَدَارُكَهُ كَانَ ذَلِكَ لَهُ. (قَالَ الشَّافِعِيُّ) : فَإِنْ كَانَ خَائِفًا إذَا خَرَجَ إلَى الْجُمُعَةِ أَنْ يَحْبِسَهُ السُّلْطَانُ بِغَيْرِ حَقٍّ كَانَ لَهُ التَّخَلُّفُ عَنْ الْجُمُعَةِ فَإِنْ كَانَ السُّلْطَانُ يَحْبِسُهُ بِحَقِّ مُسْلِمٍ فِي دَمٍ، أَوْ حَدٍّ لَمْ يَسَعْهُ التَّخَلُّفُ عَنْ الْجُمُعَةِ وَلَا الْهَرَبُ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ مِنْ صَاحِبِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ يَرْجُو أَنْ يَدْفَعَ الْحَدَّ بِعَفْوٍ، أَوْ قِصَاصٍ، أَوْ بِصُلْحٍ فَأَرْجُو أَنْ يَسَعَهُ ذَلِكَ (قَالَ: الشَّافِعِيُّ) : وَإِنْ كَانَ تَغَيُّبُهُ عَنْ غَرِيمٍ لِعُسْرَةٍ وَسِعَهُ التَّخَلُّفُ عَنْ الْجُمُعَةِ وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا بِقَضَاءِ دَيْنِهِ لَمْ يَسَعْهُ التَّخَلُّفُ عَنْ الْجُمُعَةِ خَوْفَ الْحَبْسِ (قَالَ: الشَّافِعِيُّ) : وَإِنْ كَانَ يُرِيدُ سَفَرًا لَمْ أُحِبَّ لَهُ فِي الِاخْتِيَارِ أَنْ يُسَافِرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بَعْدَ الْفَجْرِ وَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يُسَافِرَ قَبْلَ الْفَجْرِ (قَالَ: الشَّافِعِيُّ) : وَإِنْ كَانَ مُسَافِرًا قَدْ أَجْمَعَ مُقَامَ أَرْبَعٍ فَمِثْلُ الْمُقِيمِ وَإِنْ لَمْ يَجْمَعْ مُقَامَ أَرْبَعٍ فَلَا يُحْرَجُ عِنْدِي بِالتَّخَلُّفِ عَنْ الْجُمُعَةِ وَلَهُ أَنْ يَسِيرَ وَلَا يَحْضُرَ الْجُمُعَةَ (قَالَ الشَّافِعِيُّ) : أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ أَبْصَرَ رَجُلًا عَلَيْهِ هَيْئَةُ السَّفَرِ وَهُوَ يَقُولُ لَوْلَا أَنَّ الْيَوْمَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ لَخَرَجْت فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: فَاخْرُجْ فَإِنَّ الْجُمُعَةَ لَا تَحْبِسُ عَنْ سَفَرٍ. (قَالَ: الشَّافِعِيُّ) : وَلَيْسَ عَلَى الْمُسَافِرِ أَنْ يَمُرَّ بِبَلَدٍ جَمَعَهُ إلَّا أَنْ يَجْمَعَ فِيهِ مُقَامَ أَرْبَعٍ فَتَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ إنْ كَانَتْ فِي مُقَامِهِ وَإِذَا لَزِمَتْهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُسَافِرَ بَعْدَ الْفَجْرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ حَتَّى يَجْمَعَ (قَالَ: الشَّافِعِيُّ) : وَلَيْسَ عَلَى غَيْرِ الْبَالِغِينَ وَلَا عَلَى النِّسَاءِ وَلَا عَلَى الْعَبِيدِ جُمُعَةٌ وَأُحِبُّ لِلْعَبِيدِ إذَا أُذِنَ لَهُمْ أَنْ يَجْمَعُوا وَلِلْعَجَائِزِ إذَا أُذِنَ لَهُمْ وَلِلْغِلْمَانِ وَلَا أَعْلَمُ مِنْهُمْ أَحَدًا يُحْرَجُ بِتَرْكِ الْجُمُعَةِ بِحَالٍ. (قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَالْمُكَاتَبُ وَالْمُدَبَّرُ وَالْمَأْذُونُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ وَسَائِرُ الْعَبِيدِ فِي هَذَا سَوَاءٌ (قَالَ: الشَّافِعِيُّ) : وَإِذَا أُعْتِقَ بَعْضُ الْعَبْدِ فَكَانَتْ الْجُمُعَةُ فِي يَوْمِهِ الَّذِي يُتْرَكُ فِيهِ لِنَفْسِهِ لَمْ أُرَخِّصْ لَهُ فِي تَرْكِ الْجُمُعَةِ وَإِنْ تَرَكَهَا لَمْ أَقُلْ لَهُ إنَّهُ يُحْرَجُ كَمَا يُحْرَجُ الْحُرُّ لَوْ تَرَكَهَا؛ لِأَنَّهَا لَازِمَةٌ لِلْحُرِّ بِكُلِّ حَالٍ إلَّا مِنْ عُذْرٍ وَهَذَا قَدْ يَأْتِي عَلَيْهِ أَحْوَالٌ لَا تَلْزَمُهُ فِيهَا لِلرِّقِّ (قَالَ: الشَّافِعِيُّ) : وَمَنْ قُلْت لَا جُمُعَةَ عَلَيْهِ مِنْ الْأَحْرَارِ لِلْعُذْرِ بِالْحَبْسِ، أَوْ غَيْرِهِ وَمِنْ النِّسَاءِ وَغَيْرِ الْبَالِغِينَ وَالْمَمَالِيكِ فَإِذَا شَهِدَ الْجُمُعَةَ صَلَّاهَا رَكْعَتَيْنِ وَإِذَا أَدْرَكَ مِنْهَا رَكْعَةً أَضَافَ إلَيْهَا أُخْرَى وَأَجْزَأَتْهُ عَنْ الْجُمُعَةِ (قَالَ: الشَّافِعِيُّ) : وَإِنَّمَا قِيلَ لَا جُمُعَةَ عَلَيْهِمْ - وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ - لَا يُحْرَجُونَ بِتَرْكِهَا كَمَا يَكُونُ الْمَرْءُ فَقِيرًا لَا يَجِدُ مَرْكَبًا وَزَادًا فَيَتَكَلَّفُ الْمَشْيَ وَالتَّوَصُّلَ بِالْعَمَلِ فِي الطَّرِيقِ وَالْمَسْأَلَةِ فَيَحُجُّ فَيَجْزِي عَنْهُ، أَوْ يَكُونُ كَبِيرًا لَا يَقْدِرُ عَلَى الرُّكُوبِ فَيَتَحَامَلُ عَلَى أَنْ يَرْبِطَ عَلَى دَابَّةٍ فَيَكُونُ لَهُ حَجٌّ وَيَكُونُ الرَّجُلُ مُسَافِرًا، أَوْ مَرِيضًا مَعْذُورًا بِتَرْكِ الصَّوْمِ فَيَصُومُ فَيَجْزِي عَنْهُ لَيْسَ أَنَّ وَاحِدًا مِنْ هَؤُلَاءِ لَا يُكْتَبُ لَهُ أَجْرُ مَا عَمِلَ مِنْ هَذَا فَيَكُونُ مِنْ أَهْلِهِ وَإِنْ كَانَ لَا يُحْرَجُ بِتَرْكِهِ، (قَالَ: الشَّافِعِيُّ) : وَلَا أُحِبُّ لِوَاحِدٍ مِمَّنْ لَهُ تَرْكُ الْجُمُعَةِ مِنْ الْأَحْرَارِ لِلْعُذْرِ وَلَا مِنْ النِّسَاءِ وَغَيْرِ الْبَالِغِينَ وَالْعَبِيدِ أَنْ يُصَلِّيَ الظُّهْرَ حَتَّى يَنْصَرِفَ الْإِمَامُ، أَوْ يَتَوَخَّى انْصِرَافَهُ بِأَنْ يَحْتَاطَ حَتَّى يَرَى أَنَّهُ قَدْ انْصَرَفَ؛ لِأَنَّهُ لَعَلَّهُ يَقْدِرُ عَلَى إتْيَانِ الْجُمُعَةِ فَيَكُونُ إتْيَانُهَا خَيْرًا لَهُ وَلَا أَكْرَهُ إذَا انْصَرَفَ الْإِمَامُ أَنْ يُصَلُّوا جَمَاعَةً حَيْثُ كَانُوا إذَا كَانَ ذَلِكَ غَيْرَ رَغْبَةٍ عَنْ الصَّلَاةِ مَعَ الْإِمَامِ (قَالَ: الشَّافِعِيُّ) : وَإِنْ صَلُّوا جَمَاعَةً، أَوْ فُرَادَى بَعْدَ الزَّوَالِ وَقَبْلَ انْصِرَافِ الْإِمَامِ فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ مَعْذُورُونَ بِتَرْكِ الْجُمُعَةِ (قَالَ: الشَّافِعِيُّ) : وَإِنْ صَلُّوا جَمَاعَةً، أَوْ فُرَادَى فَأَدْرَكُوا الْجُمُعَةَ مَعَ الْإِمَامِ صَلَّوْهَا وَهِيَ لَهُمْ نَافِلَةٌ. (قَالَ: الشَّافِعِيُّ) : فَأَمَّا مَنْ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ مِمَّنْ لَا عُذْرَ لَهُ فِي التَّخَلُّفِ عَنْهَا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ الْجُمُعَةَ إلَّا مَعَ الْإِمَامِ فَإِنْ صَلَّاهَا بَعْدَ الزَّوَالِ وَقَبْلَ انْصِرَافِ الْإِمَامِ لَمْ تُجْزِ عَنْهُ وَعَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَهَا إذَا انْصَرَفَ الْإِمَامُ ظُهْرًا أَرْبَعًا مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ أَنْ يُصَلِّيَهَا وَكَانَ عَلَيْهِ إتْيَانُ الْجُمُعَةِ فَلَمَّا فَاتَتْهُ صَلَّاهَا قَضَاءً وَكَانَ كَمَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ حَتَّى فَاتَهُ وَقْتُهَا وَيُصَلِّيَهَا قَضَاءً وَيَجْمَعَهَا وَلَا أَكْرَهُ جَمْعَهَا إلَّا أَنْ يَجْمَعَهَا اسْتِخْفَافًا بِالْجُمُعَةِ، أَوْ رَغْبَةً عَنْ الصَّلَاةِ خَلْفَ الْأَئِمَّةِ (قَالَ: الشَّافِعِيُّ) : وَآمُرُ أَهْلَ السِّجْنِ وَأَهْلَ الصِّنَاعَاتِ عَنْ الْعَبِيدِ بِأَنْ يَجْمَعُوا وَإِخْفَاؤُهُمْ الْجَمْعَ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ إعْلَانِهِ خَوْفًا أَنْ يُظَنَّ بِهِمْ أَنَّهُمْ جَمَعُوا رَغْبَةً عَنْ الصَّلَاةِ مَعَ الْأَئِمَّةِ. [الْعَدَدُ الَّذِينَ إذَا كَانُوا فِي قَرْيَةٍ وَجَبَتْ عَلَيْهِمْ الْجُمُعَةُ]ُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) : لَمَّا كَانَتْ الْجُمُعَةُ وَاجِبَةً وَاحْتَمَلَتْ أَنْ تَكُونَ تَجِبُ عَلَى كُلِّ مُصَلٍّ بِلَا وَقْتِ عَدَدِ مُصَلِّينَ وَأَيْنَ كَانَ الْمُصَلِّي مِنْ مَنْزِلِ مُقَامٍ وَظَعْنٍ فَلَمْ نَعْلَمْ خِلَافًا فِي أَنْ لَا جُمُعَةَ عَلَيْهِ إلَّا فِي دَارِ مُقَامٍ وَلَمْ أَحْفَظْ أَنَّ الْجُمُعَةَ تَجِبُ عَلَى أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِينَ رَجُلًا وَقَدْ قَالَ: غَيْرُنَا لَا تَجِبُ إلَّا عَلَى أَهْلِ مِصْرٍ جَامِعٍ (قَالَ: الشَّافِعِيُّ) : وَسَمِعْت عَدَدًا مِنْ أَصْحَابِنَا يَقُولُونَ تَجِبُ الْجُمُعَةُ عَلَى أَهْلِ دَارِ مُقَامٍ إذَا كَانُوا أَرْبَعِينَ رَجُلًا وَكَانُوا أَهْلَ قَرْيَةٍ فَقُلْنَا بِهِ وَكَانَ أَقَلُّ مَا عَلِمْنَاهُ قِيلَ بِهِ وَلَمْ يَجُزْ عِنْدِي أَنْ أَدَّعِ الْقَوْلَ بِهِ وَلَيْسَ خَبَرٌ لَازِمٌ يُخَالِفُهُ وَقَدْ يُرْوَى مِنْ حَيْثُ لَا يُثْبِتُ أَهْلُ الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَمَعَ حِينَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ بِأَرْبَعِينَ رَجُلًا وَرُوِيَ أَنَّهُ كَتَبَ إلَى أَهْلِ قُرَى عُرَيْنَةَ أَنْ يُصَلُّوا الْجُمُعَةَ وَالْعِيدَيْنِ.وَرُوِيَ أَنَّهُ أَمَرَ عَمْرَو بْنَ حَزْمٍ أَنْ يُصَلِّيَ الْعِيدَيْنِ بِأَهْلِ نَجْرَانَ (قَالَ الشَّافِعِيُّ) : أَخْبَرَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ: كُلُّ قَرْيَةٍ فِيهَا أَرْبَعُونَ رَجُلًا فَعَلَيْهِمْ الْجُمُعَةُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ أَخْبَرَنَا الثِّقَةُ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَتَبَ إلَى أَهْلِ الْمِيَاهِ فِيمَا بَيْنَ الشَّامِ إلَى مَكَّةَ جَمَعُوا إذَا بَلَغْتُمْ أَرْبَعِينَ رَجُلًا (قَالَ الشَّافِعِيُّ) : فَإِذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الْقَرْيَةِ أَرْبَعُونَ رَجُلًا وَالْقَرْيَةُ الْبِنَاءُ وَالْحِجَارَةُ وَاللَّبِنُ وَالسُّقُفُ وَالْجَرَائِدُ وَالشَّجَرُ؛ لِأَنَّ هَذَا بِنَاءٌ كُلُّهُ وَتَكُونُ بُيُوتُهَا مُجْتَمِعَةً وَيَكُونُ أَهْلُهَا لَا يَظْعَنُونَ عَنْهَا شِتَاءً وَلَا صَيْفًا إلَّا ظَعْنَ حَاجَةٍ مِثْلَ ظَعْنِ أَهْلِ الْقُرَى وَتَكُونُ بُيُوتُهَا مُجْتَمِعَةً اجْتِمَاعَ بُيُوتِ الْقُرَى، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُجْتَمِعَةً فَلَيْسُوا أَهْلَ قَرْيَةٍ وَلَا يَجْمَعُونَ وَيُتِمُّونَ إذَا كَانُوا أَرْبَعِينَ رَجُلًا حُرًّا بَالِغًا فَإِذَا كَانُوا هَكَذَا رَأَيْت - وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ - أَنَّ عَلَيْهِمْ الْجُمُعَةَ فَإِذَا صَلُّوا الْجُمُعَةَ أَجْزَأَتْهُمْ. (قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَإِذَا بَلَغُوا هَذَا الْعَدَدَ وَلَمْ يَحْضُرُوا الْجُمُعَةَ كُلُّهُمْ رَأَيْت أَنْ يُصَلُّوهَا ظُهْرًا وَإِنْ كَانُوا هَذَا الْعَدَدَ، أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ فِي غَيْرِ قَرْيَةٍ كَمَا وَصَفْت لَمْ يَجْمَعُوا وَإِنْ كَانُوا فِي مَدِينَةٍ عَظِيمَةٍ فِيهَا مُشْرِكُونَ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ، أَوْ مِنْ عَبِيدِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ وَنِسَائِهِمْ وَلَمْ يَبْلُغْ الْأَحْرَارُ الْمُسْلِمُونَ الْبَالِغُونَ فِيهَا أَرْبَعِينَ رَجُلًا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمْ أَنْ يَجْمَعُوا وَلَوْ كَثُرَ الْمُسْلِمُونَ مَارِّينَ بِهَا وَأَهْلُهَا لَا يَبْلُغُونَ أَرْبَعِينَ رَجُلًا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمْ أَنْ يَجْمَعُوا (قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَلَوْ كَانَتْ قَرْيَةٌ فِيهَا هَذَا الْعَدَدُ، أَوْ أَكْثَرُ مِنْهُ، ثُمَّ مَاتَ بَعْضُهُمْ، أَوْ غَابُوا، أَوْ انْتَقَلَ مِنْهُمْ حَتَّى لَا يَبْقَى فِيهَا أَرْبَعُونَ رَجُلًا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَنْ يَجْمَعُوا وَلَوْ كَثُرَ مَنْ يَمُرُّ بِهَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ مُسَافِرًا، أَوْ تَاجِرًا غَيْرَ سَاكِنٍ لَمْ يُجْمَعْ فِيهَا إذَا لَمْ يَكُنْ أَهْلُهَا أَرْبَعِينَ. (قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَإِنْ كَانَتْ قَرْيَةً كَمَا وَصَفْت فَتَهَدَّمَتْ مَنَازِلُهَا، أَوْ تَهَدَّمَ مِنْ مَنَازِلِهَا وَبَقِيَ فِي الْبَاقِي مِنْهَا أَرْبَعُونَ رَجُلًا فَإِنْ كَانَ أَهْلُهَا لَازِمِينَ لَهَا لِيُصْلِحُوهَا جَمَعُوا كَانُوا فِي مَظَالَّ، أَوْ غَيْرِ مَظَالَّ (قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَإِذَا كَانَ أَهْلُهَا أَرْبَعِينَ، أَوْ أَكْثَرَ فَمَرِضَ عَامَّتُهُمْ حَتَّى لَمْ يُوَافِ الْمَسْجِدَ مِنْهُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَرْبَعُونَ رَجُلًا حُرًّا بَالِغًا صَلُّوا الظُّهْرَ، (قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَلَوْ كَثُرَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ مِنْ قَوْمٍ مَارِّينَ، أَوْ تُجَّارٍ لَا يَسْكُنُونَهَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَنْ يَجْمَعُوا إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ الْمُقِيمِينَ بِهِ أَرْبَعُونَ رَجُلًا حُرًّا بَالِغًا (قَالَ: الشَّافِعِيُّ) : وَلَوْ كَانَ أَهْلُهَا أَرْبَعِينَ رَجُلًا حُرًّا بَالِغًا وَأَكْثَرَ وَمِنْهُمْ مَغْلُوبٌ عَلَى عَقْلِهِ وَلَيْسَ مَنْ بَقِيَ مِنْهُمْ أَرْبَعِينَ رَجُلًا صَحِيحًا بَالِغًا يَشْهَدُونَ الْجُمُعَةَ كُلُّهُمْ لَمْ يَجْمَعُوا وَإِذَا كَانَ أَهْلُ الْقَرْيَةِ أَرْبَعِينَ فَصَاعِدًا فَخَطَبَهُمْ الْإِمَامُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَانْفَضَّ عَنْهُ بَعْضُهُمْ قَبْلَ تَكْبِيرَةِ الصَّلَاةِ حَتَّى لَا يَبْقَى مَعَهُ أَرْبَعُونَ رَجُلًا فَإِنْ ثَابُوا قَبْلَ أَنْ يُكَبِّرَ حَتَّى يَكُونُوا أَرْبَعِينَ رَجُلًا صَلَّى بِهِمْ الْجُمُعَةَ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا أَرْبَعِينَ رَجُلًا حَتَّى يُكَبِّرَ لَمْ يُصَلِّ بِهِمْ الْجُمُعَةَ وَصَلُّوهَا ظُهْرًا أَرْبَعًا. (قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَلَوْ انْفَضُّوا عَنْهُ فَانْتَظَرَهُمْ بَعْدَ الْخُطْبَةِ حَتَّى يَعُودُوا أَحْبَبْت لَهُ أَنْ يُعِيدَ خُطْبَةً أُخْرَى إنْ كَانَ فِي الْوَقْتِ مُهْلَةٌ ثُمَّ يُصَلِّيَهَا جُمُعَةً، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ صَلَّاهَا ظُهْرًا أَرْبَعًا وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الْخُطْبَةِ وَالصَّلَاةِ فَصْلٌ يَتَبَاعَدُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَإِنْ خَطَبَ بِهِمْ وَهُمْ أَقَلُّ مِنْ أَرْبَعِينَ رَجُلًا، ثُمَّ ثَابَ الْأَرْبَعُونَ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ فِي الصَّلَاةِ صَلَّاهَا ظُهْرًا أَرْبَعًا وَلَا أَرَاهَا تُجْزِئُ عَنْهُ حَتَّى يَخْطُبَ بِأَرْبَعِينَ فَيَفْتَتِحَ الصَّلَاةَ بِهِمْ إذَا كَبَّرَ (قَالَ: الشَّافِعِيُّ) : وَلَا أُحِبُّ فِي الْأَرْبَعِينَ إلَّا مَنْ وَصَفْت عَلَيْهِ فَرْضَ الْجُمُعَةِ مِنْ رَجُلٍ حُرٍّ بَالِغٍ غَيْرِ مَغْلُوبٍ عَلَى عَقْلِهِ مُقِيمٍ لَا مُسَافِرٍ (قَالَ الشَّافِعِيُّ) : فَإِنْ خَطَبَ بِأَرْبَعِينَ، ثُمَّ كَبَّرَ بِهِمْ، ثُمَّ انْفَضُّوا مِنْ حَوْلِهِ فَفِيهَا قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا: إنْ بَقِيَ مَعَهُ اثْنَانِ حَتَّى تَكُونَ صَلَاتُهُ صَلَاةَ جَمَاعَةٍ تَامَّةٍ فَصَلَّى الْجُمُعَةَ أَجْزَأَتْهُ؛ لِأَنَّهُ دَخَلَ فِيهَا وَهِيَ مُجْزِئَةٌ عَنْهُمْ وَلَوْ صَلَّاهَا ظُهْرًا أَرْبَعًا أَجْزَأَتْهُ، وَالْقَوْلُ الْآخَرُ: أَنَّهَا لَا تُجْزِئُهُ بِحَالٍ حَتَّى يَكُونَ مَعَهُ أَرْبَعُونَ حِينَ يَدْخُلُ وَيُكْمِلُ الصَّلَاةَ وَلَكِنْ لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ إلَّا عَبْدَانِ، أَوْ عَبْدٌ وَحُرٌّ، أَوْ مُسَافِرَانِ، أَوْ مُسَافِرٌ وَمُقِيمٌ صَلَّاهَا ظُهْرًا (قَالَ: الشَّافِعِيُّ) : وَإِنْ بَقِيَ مَعَهُ مِنْهُمْ بَعْدَ تَكْبِيرِهِ اثْنَانِ، أَوْ أَكْثَرُ فَصَلَّاهَا جُمُعَةً، ثُمَّ بَانَ لَهُ أَنَّ الِاثْنَيْنِ، أَوْ أَحَدَهُمَا مُسَافِرٌ، أَوْ عَبْدٌ، أَوْ امْرَأَةٌ أَعَادَهَا ظُهْرًا أَرْبَعًا. (قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَلَمْ يُجْزِئُهُ جُمُعَةٌ فِي وَاحِدٍ مِنْ الْقَوْلَيْنِ حَتَّى يُكْمِلَ مَعَهُ الصَّلَاةَ اثْنَانِ مِمَّنْ عَلَيْهِ جُمُعَةٌ فَإِنْ صَلَّى وَلَيْسَ وَرَاءَهُ اثْنَانِ فَصَاعِدًا مِمَّنْ عَلَيْهِ فَرْضُ الْجُمُعَةِ كَانَتْ عَلَيْهِمْ ظُهْرًا أَرْبَعًا، (قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَلَوْ أَحْدَثَ الْإِمَامُ قَبْلَ أَنْ يُكَبِّرَ فَقَدَّمَ رَجُلًا مِمَّنْ حَضَرَ الْخُطْبَةَ وَخَلْفَهُ أَقَلُّ مِنْ أَرْبَعِينَ رَجُلًا صَلُّوهَا ظُهْرًا أَرْبَعًا لَا يُجْزِئُهُمْ وَلَا الْإِمَامُ الْمُحْدِثُ إلَّا ذَلِكَ مِنْ قِبَلِ أَنَّ إمَامَتَهُ زَالَتْ وَابْتَدَلَتْ بِإِمَامَةِ رَجُلٍ لَوْ كَانَ الْإِمَامُ مُبْتَدِئًا فِي حَالِهِ تِلْكَ لَمْ يُجْزِئْهُ أَنْ يُصَلِّيَهَا إلَّا ظُهْرًا أَرْبَعًا (قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَإِذَا افْتَتَحَ الْإِمَامُ جُمُعَةً ثُمَّ أَمَرْته أَنْ يَجْعَلَهَا ظُهْرًا أَجْزَأَهُ مَا صَلَّى مِنْهَا وَهُوَ يَنْوِي الْجُمُعَةَ؛ لِأَنَّ الْجُمُعَةَ هِيَ الظُّهْرُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إلَّا أَنَّهُ كَانَ لَهُ قَصْرُهَا فَلَمَّا حَدَثَ حَالٌ لَيْسَ لَهُ فِيهَا قَصْرُهَا أَتَمَّهَا كَمَا يَبْتَدِئُ الْمُسَافِرُ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ يَنْوِي الْمُقَامَ قَبْلَ أَنْ يُكْمِلَ الرَّكْعَتَيْنِ فَيُتِمَّ الصَّلَاةَ أَرْبَعًا وَلَا يَسْتَأْنِفَهَا. ![]()
__________________
|
#30
|
||||
|
||||
![]() ![]() كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي المجلد الأول -كتاب الصلاة الحلقة (30) صــــــــــ 221 الى صـــــــــــ225 [مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ بِمَسْكَنِهِ]ِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) : قَالَ: اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: 9] (قال: الشافعي) : وإذا كان قوم ببلد يجمع أهلها وجبت الجمعة على من يسمع النداء من ساكني المصر، أو قريبا منه بدلالة الآية (قال: الشافعي) : وتجب الجمعة عندنا على جميع أهل المصر وإن كثر أهلها حتى لا يسمع أكثرهم النداء؛ لأن الجمعة تجب بالمصر والعدد، وليس أحد منهم، أولى بأن تجب عليه الجمعة من غيره إلا من عذر (قال: الشافعي) : وقولي: سمع النداء إذا كان المنادي صيتا وكان هو مستمعا، والأصوات هادئة فأما إذا كان المنادي غير صيت والرجل غافل والأصوات ظاهرة فقل من يسمع النداء. (قال: الشافعي) : ولست أعلم في هذا أقوى مما وصفت وقد كان سعيد بن زيد وأبو هريرة يكونان بالشجرة على أقل من ستة أميال فيشهدان الجمعة ويدعانها وقد كان يروى أن أحدهما كان يكون بالعقيق فيترك الجمعة ويشهدها ويروى أن عبد الله بن عمرو بن العاص كان على ميلين من الطائف فيشهد الجمعة ويدعها (قال الشافعي) : أخبرنا إبراهيم بن محمد قال: حدثني عبد الله بن زيد عن سعيد بن المسيب أنه قال: تجب الجمعة على من يسمع النداء (قال الشافعي) : وإذا كانت قرية جامعة وكان لها قرى حولها متصلة الأموال بها وكانت أكثر سوق تلك القرى في القرية الجامعة لم أرخص لأحد منهم في ترك الجمعة، وكذلك لا أرخص لمن على الميل والميلين وما أشبه هذا، ولا يتبين عندي أن يحرج بترك الجمعة إلا من سمع النداء ويشبه أن يحرج أهل المصر، وإن عظم بترك الجمعة [من يصلى خلفه الجمعة] والجمعة خلف كل إمام صلاها من أمير ومأمور ومتغلب على بلدة وغير أمير مجزئة كما تجزئ الصلاة خلف كل من سلف (قال الشافعي) : - رحمه الله تعالى - أخبرنا مالك بن أنس عن ابن شهاب عن أبي عبيد مولى ابن أزهر قال: شهدنا العيد مع علي - رضي الله عنه - وعثمان محصور. (قال: الشافعي) : وتجزئ الجمعة خلف العبد والمسافر كما تجزئ الصلاة غيرها خلفهما فإن قيل ليس فرض الجمعة عليهما، قيل ليس يأثمان بتركها وهما يؤجران على أدائها وتجزئ عنهما كما تجزئ عن المقيم وكلاهما عليه فرض الصلاة بكمالها ولا أرى أن الجمعة تجزئ خلف غلام لم يحتلم، والله تعالى أعلم.ولا تجمع امرأة بنساء؛ لأن الجمعة إمامة جماعة كاملة وليست المرأة ممن لها أن تكون إمام جماعة كاملة. [الصلاة في مسجدين فأكثر] (قال: الشافعي - رحمه الله تعالى -) : ولا يجمع في مصر وإن عظم أهله وكثر عامله ومساجده إلا في موضع المسجد الأعظم وإن كانت له مساجد عظام لم يجمع فيها إلا في واحد وأيها جمع فيه أولا بعد الزوال فهي الجمعة، وإن جمع في آخر سواه يعده لم يعتد الذين جمعوا بعده بالجمعة، وكان عليهم أن يعيدوا ظهرا أربعا (قال الشافعي) : وسواء الذي جمع أولا الوالي، أو مأمور، أو رجل، أو تطوع، أو تغلب، أو عزل فامتنع من العزل بمن جمع معه أجزأت عنه الجمعة، ومن جمع مع الذي بعده لم تجزه الجمعة وإن كان واليا وكانت عليه إعادة الظهر (قال) : وهكذا إن جمع من المصر في مواضع فالجمعة الأولى، وما سواها لا تجزئ إلا ظهرا. (قال: الشافعي) : وإن أشكل على الذين جمعوا أيهم جمع أولا أعادوا كلهم ظهرا أربعا (قال: الشافعي) : ولو أشكل ذلك عليهم فعادوا فجمعت منهم طائفة ثانية في وقت الجمعة أجزأهم ذلك؛ لأن جمعتهم الأولى لم تجز عنهم وهم أولا حين جمعوا أفسدوا، ثم عادوا فجمعوا في وقت الجمعة (قال: الربيع) : وفيه قول آخر أن يصلوا ظهرا لأن العلم يحيط أن إحدى الطائفتين قد صلت قبل الأخرى فكما جازت الصلاة للذين صلوا أولا وإن لم يعرفوها لم يجز لأحد أن يصلي الجمعة بعد تمام جمعة قد تمت. الأرض تكون بها المساجد أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال وإذا اتسعت البلد وكثرت عمارتها فبنيت فيها مساجد كثيرة عظام وصغار لم يجز عندي أن يصلي الجمعة فيها إلا في مسجد واحد وكذلك إذا اتصلت بالبلد الأعظم منها قريات صغار لم أحب أن يصلي إلا في المسجد الأعظم وإن صلى في مسجد منها غيره صليت الظهر أربعا، وإن صليت الجمعة أعاد من صلاها فيها (قال) : وتصلى الجمعة في المسجد الأعظم فإن صلاها الإمام في مسجد من مساجدها أصغر منه كرهت ذلك له وهي مجزئة عنه (قال) : وإن صلى غير إمام في مسجدها الأعظم والإمام في مسجد أصغر فجمعة الإمام ومن معه مجزئة ويعيد الآخرون الجمعة. (قال الشافعي) : وإن وكل الإمام من يصلي فصلى وكيل الإمام في المسجد الأعظم، أو الأصغر قبل الإمام وصلى الإمام في مسجد غيره فجمعة الذين صلوا في المسجد الأعظم، أو الأصغر قبل الإمام مجزئة ويعيد الآخرون ظهرا (قال: الشافعي) : وهكذا إذا وكل الإمام رجلين يصلي أيهما أدرك فأيهما صلى الجمعة أولا أجزأه وإن صلى الآخر بعده فهي ظهر وإن كان وال يصلي في مسجد صغير وجاء وال غيره فصلى في مسجد عظيم فأيهما صلى أولا فهي الجمعة وإذا قلت: أيهما صلى أولا فهي الجمعة فلم يدر أيهما صلى أولا، فأعاد أحدهما الجمعة في الوقت أجزأت وإن ذهب الوقت أعادا معا فصليا معا أربعا أربعا (قال: الربيع) : يريد يعيد الظهر (قال: الشافعي) : والأعياد مخالفة الجمعة الرجل يصلي العيد منفردا ومسافرا وتصليه الجماعة لا يكون عليها جمعة؛ لأنها لا تحيل فرضا ولا أرى بأسا إذا خرج الإمام إلى مصلاه في العيدين، أو الاستسقاء أن يأمر من يصلي بضعفة الناس العيد في موضع من المصر، أو مواضع، (قال) : وإذا كانت صلاة الرجل منفردا مجزئة فهي أقل من صلاة جماعة بأمر وال وإن لم يأمر الوالي فقدموا واحدا أجزأ عنهم. (قال: الشافعي) : وهكذا لو قدموا في صلاة الخسوف في مساجدهم لم أكره من هذا شيئا بل أحبه ولا أكرهه في حال إلا أن يكون من تخلف عن الجماعة العظمى أقوياء على حضورها فأكره ذلك لهم أشد الكراهية ولا إعادة عليهم فأما أهل العذر بالضعف فأحب لهم ذلك قال: الشافعي) : والجمعة مخالفة لهذا كله (قال) : وإذا صلوا جماعة، أو منفردين صلوا كما يصلي الإمام لا يخالفونه في وقت ولا صلاة ولا بأس أن يتكلم متكلمهم بخطبة إذا كان بأمر الوالي فإن لم يكن بأمر الوالي كرهت له ذلك كراهية الفرقة في الخطبة ولا أكره ذلك في الصلاة كما لا أكرهه في المكتوبات غير الجمعة. [وقت الجمعة] (قال: الشافعي - رحمه الله تعالى -) : ووقت الجمعة ما بين أن تزول الشمس إلى أن يكون آخر وقت الظهر قبل أن يخرج الإمام من صلاة الجمعة، فمن صلاها بعد الزوال إلى أن يكون سلامه منها قبل آخر وقت الظهر فقد صلاها في وقتها وهي له جمعة إلا أن يكون في بلد قد جمع فيه قبله. (قال: الشافعي) : ومن لم يسلم من الجمعة حتى يخرج آخر وقت الظهر تجزه الجمعة وهي له ظهر وعليه أن يصليها أربعا أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا إبراهيم بن محمد قال: حدثني خالد بن رباح عن المطلب بن حنطب «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي الجمعة إذا فاء الفيء قدر ذراع، أو نحوه» ، أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن يوسف بن ماهك قال قدم معاذ بن جبل على أهل مكة وهم يصلون الجمعة والفيء في الحجر فقال لا تصلوا حتى تفيء الكعبة من وجهها. (قال: الشافعي) : ووجهها الباب (قال: الشافعي) : يعني معاذا حتى تزول الشمس، (قال: الشافعي) : ولا اختلاف عند أحد لقيته أن لا تصلى الجمعة حتى تزول الشمس، (قال: الشافعي) : ولا يجوز أن يبتدئ خطبة الجمعة حتى يتبين زوال الشمس (قال: الشافعي) : فإن ابتدأ رجل خطبة الجمعة قبل أن تزول الشمس ثم زالت الشمس فأعاد خطبته أجزأت عنه الجمعة وإن لم يعد خطبتين بعد الزوال لم تجز الجمعة عنه وكان عليه أن يصليها ظهرا أربعا، وإن صلى الجمعة في حال لا تجزي عنه فيه، ثم أعاد الخطبة والصلاة في الوقت أجزأت عنه وإلا صلاها ظهرا والوقت الذي تجوز فيه الجمعة ما بين أن تزول الشمس إلى أن يدخل وقت العصر. (قال الشافعي) : ولا تجزئ جمعة حتى يخطب الإمام خطبتين ويكمل السلام منها قبل دخول وقت العصر. (قال: الشافعي) : فإن دخل أول وقت العصر قبل أن يسلم منها فعليه أن يتم الجمعة ظهرا أربعا فإن لم يفعل حتى خرج منها فعليه أن يستأنفها ظهرا أربعا (قال: الشافعي) : ولو أغفل الجمعة حتى يعلم أنه خطب أقل من خطبتين وصلى أخف من ركعتين لم يخرج من الصلاة حتى يدخل وقت العصر كان عليه أن يصلي ظهرا أربعا ولا يخطب (قال: الشافعي) : وإن رأى أنه يخطب أخف خطبتين ويصلي أخف ركعتين إذا كانتا مجزئتين عنه قبل دخول أول وقت العصر لم يجز له إلا أن يفعل فإن خرج من الصلاة قبل دخول العصر فهي مجزئة عنه، وإن لم يخرج منها حتى يدخل أول وقت العصر أتمها ظهرا أربعا فإن لم يفعل وسلم استأنف ظهرا أربعا لا يجزيه غير ذلك فإن خرج من الصلاة وهو يشك ومن معه، أدخل وقت العصر أم لا؟ فصلاتهم وصلاته مجزئة عنهم؛ لأنهم على يقين من الدخول في الوقت وفي شك من أن الجمعة لا تجزئهم، فهم كمن استيقن بوضوء وشك في انتفاضه، (قال: الشافعي) : وسواء شكوا أكملوا الصلاة قبل دخول الوقت بظلمة، أو ريح، أو غيرهما، (قال: الشافعي) : ولا يشبه الجمعة فيما وصفت الرجل يدرك ركعة قبل غروب الشمس كان عليه أن يصلي العصر بعد غروبها وليس للرجل أن يصلي الجمعة في غير وقتها؛ لأنه قصر في وقتها وليس له القصر إلا حيث جعل له. [وقت الأذان للجمعة] (قال: الشافعي - رحمه الله تعالى -) : ولا يؤذن للجمعة حتى تزول الشمس (قال: الشافعي) : وإذا أذن لها قبل الزوال أعيد الأذان لها بعد الزوال فإن أذن لها مؤذن قبل الزوال وآخر بعد الزوال أجزأ الأذان الذي بعد الزوال ولم يعد الأذان الذي قبل الزوال، (قال: الشافعي) : وأحب أن يكون الأذان يوم الجمعة حين يدخل الإمام المسجد ويجلس على موضعه الذي يخطب عليه خشب، أو جريد أو منبر، أو شيء مرفوع له، أو الأرض فإذا فعل أخذ المؤذن في الأذان فإذا فرغ قام فخطب لا يزيد عليه (قال: الشافعي) : وأحب أن يؤذن مؤذن واحد إذا كان على المنبر لا جماعة مؤذنين أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرني الثقة عن الزهري عن السائب بن يزيد أن الأذان كان أوله للجمعة حين يجلس الإمام على المنبر على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر فلما كانت خلافة عثمان وكثر الناس أمر عثمان بأذان ثان فأذن به فثبت الأمر على ذلك. (قال: الشافعي) : وقد كان عطاء ينكر أن يكون عثمان أحدثه ويقول أحدثه معاوية، والله تعالى أعلم. (قال: الشافعي) : وأيهما كان فالأمر الذي على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحب إلي (قال: الشافعي) : فإن أذن جماعة من المؤذنين والإمام على المنبر وأذن كما يؤذن اليوم أذان قبل أذان المؤذنين إذا جلس الإمام على المنبر كرهت ذلك له ولا يفسد شيء منه صلاته (قال: الشافعي) : وليس في الأذان شيء يفسد الصلاة؛ لأن الأذان ليس من الصلاة إنما هو دعاء إليها وكذلك لو صلى بغير أذان كرهت ذلك له ولا إعادة عليه. [متى يحرم البيع يوم الجمعة] متى يحرم البيع (قال: الشافعي - رحمه الله تعالى -) : قال: الله تبارك وتعالى {إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع} [الجمعة: 9] (قال: الشافعي) : والأذان الذي يجب على من عليه فرض الجمعة أن يذر عنده البيع الأذان الذي كان على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وذلك الأذان الذي بعد الزوال وجلوس الإمام على المنبر، فإن أذن مؤذن قبل جلوس الإمام على المنبر وبعد الزوال لم يكن البيع منهيا عنه كما ينهى عنه إذا كان الإمام على المنبر وأكرهه؛ لأن ذلك الوقت الذي أحب للإمام أن يجلس فيه على المنبر وكذلك إن أذن مؤذن قبل الزوال والإمام على المنبر لم ينه عن البيع إنما ينهى عن البيع إذا اجتمع أن يؤذن بعد الزوال والإمام على المنبر (قال: الشافعي) : وإذا تبايع من لا جمعة عليه في الوقت المنهي فيه عن البيع لم أكره البيع؛ لأنه لا جمعة عليهما، وإنما المنهي عن البيع المأمور بإتيان الجمعة (قال: الشافعي) : وإن بايع من لا جمعة عليه من عليه جمعة كرهت ذلك لمن عليه الجمعة لما وصفت ولغيره أن يكون معينا له على ما أكره له ولا أفسخ البيع بحال (قال: الشافعي) : ولا أكره البيع يوم الجمعة قبل الزوال ولا بعد الصلاة لأحد بحال وإذا تبايع المأموران بالجمعة في الوقت المنهي فيه عن البيع لم يبن لي أن أفسخ البيع بينهما؛ لأن معقولا أن النهي عن البيع في ذلك الوقت إنما هو لإتيان الصلاة لا أن البيع يحرم بنفسه وإنما يفسخ البيع المحرم لنفسه، ألا ترى لو أن رجلا ذكر صلاة ولم يبق عليه من وقتها إلا ما يأتي بأقل ما يجزئه منها فبايع فيه كان عاصيا بالتشاغل بالبيع عن الصلاة حتى يذهب وقتها، ولم تكن معصية التشاغل عنها تفسد بيعه والله تعالى أعلم. [التبكير إلى الجمعة] (قال الشافعي) : - رحمه الله تعالى - أخبرنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن ابن المسيب عن أبي هريرة قال قال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «إذا كان يوم الجمعة كان على كل باب من أبواب المسجد ملائكة يكتبون الناس على منازلهم الأول فالأول فإذا خرج الإمام طويت الصحف واستمعوا الخطبة، والمهجر إلى الصلاة كالمهدي بدنة، ثم الذي يليه كالمهدي بقرة، ثم الذي يليه كالمهدي كبشا، حتى ذكر الدجاجة والبيضة» ، (قال: الشافعي) : أخبرنا مالك عن سمي عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة، ثم راح فكأنما قرب بدنة ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشا أقرن ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة، فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر» (قال: الشافعي) : وأحب لكل من وجبت عليه الجمعة أن يبكر إلى الجمعة جهده فكلما قدم التبكير كان أفضل ما جاء عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ ولأن العلم يحيط أن من زاد في التقرب إلى الله تعالى كان أفضل (قال: الشافعي) : فإن قال: قائل: إنهم مأمورون إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة بأن يسعوا إلى ذكر الله فإنما أمروا بالفرض عليهم وأمرهم بالفرض عليهم لا يمنع فضلا قدموه عن نافلة لهم. [المشي إلى الجمعة] (قال: الشافعي - رحمه الله تعالى -) : قال الله تبارك وتعالى {إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله} [الجمعة: 9] (قال الشافعي) : أخبرنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن سالم عن أبيه قال: ما سمعت عمر قط يقرؤها إلا " فامضوا إلى ذكر الله ". (قال: الشافعي) : ومعقول أن السعي في هذا الموضع العمل قال: الله عز وجل {إن سعيكم لشتى} [الليل: 4] وقال {وأن ليس للإنسان إلا ما سعى} [النجم: 39] وقال عز ذكره {وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها} [البقرة: 205] (قال الشافعي) : قال زهير:سعى بعهدهم قوم لكي يدركوهم ... فلم يفعلوا ولم يليموا ولم يألوا(وزادني بعض أصحابنا في هذا البيت) :وما يك من خير أتوه فإنما ... توارثه آباء آبائهم قبلوهل يحمل الخطى إلا وشيجه ... وتغرس إلا في منابتها النخل (قال الشافعي) : أخبرنا إبراهيم بن محمد قال: حدثني عبد الله بن عبد الرحمن بن جابر بن عتيك عن جده جابر بن عتيك صاحب النبي - صلى الله عليه وسلم - قال إذا خرجت إلى الجمعة فامش على هينتك. ![]()
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |