|
فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#11
|
||||
|
||||
![]() ![]() كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي المجلد السابع الحلقة (311) صــــــــــ 213 الى صـــــــــــ 219 أصحابنا عن مالك أن عمر بن عبد العزيز أمر محمد بن مسلم أن يأمر القراء أن يسجدوا في {إذا السماء انشقت} [الانشقاق: 1] وسألت الشافعي عن السجود في سورة الحج فقال: فيها سجدتان فقلت: وما الحجة في ذلك؟ قال: أخبرنا مالك عن نافع أن ابن عمر سجد في سورة الحج سجدتين. (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن نافع عن رجل من أهل مصر أن عمر بن الخطاب سجد في سورة الحج سجدتين ثم قال: إن هذه السورة فضلت بسجدتين فقلت للشافعي: فإنا نقول: اجتمع الناس على أن سجود القرآن إحدى عشرة سجدة ليس في المفصل منها شيء فقال الشافعي: إنه يجب عليكم أن لا تقولوا اجتمع الناس إلا لما إذا لقي أهل العلم فقيل لهم: اجتمع الناس على ما قلتم إنهم اجتمعوا عليه قالوا: نعم وكان أقل قولهم لك أن يقولوا: لا نعلم من أهل العلم مخالفا فيما قلتم اجتمع الناس عليه فإما أن تقولوا اجتمع الناس وأهل المدينة معكم يقولون: ما اجتمع الناس على ما زعمتم أنهم اجتمعوا عليه فأمران أسأتم النظر بهما لأنفسكم في التحفظ في الحديث وأن تجعلوا السبيل لمن سمع قولكم اجتمع الناس إلى رد قولكم ولا سيما إذ كنتم إنما أنتم معتضدون على علم مالك - رحمه الله - وإياه وكنتم تروون «عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه سجد في {إذا السماء انشقت} [الانشقاق: 1] » وأن أبا هريرة سجد فيها ثم تروون عن عمر بن عبد العزيز أنه أمر من يأمر القراء أن يسجدوا فيها. (قال) : وأنتم تجعلون قول عمر بن عبد العزيز أصلا من أصول العلم فتقولون: كان لا يحلف الرجل للمدعى عليه إلا أن يكون بينهما مخالطة فتركتم قول النبي - صلى الله عليه وسلم - «البينة على المدعي، واليمين على المدعى عليه» لقول عمر ثم تجدون عمر يأمر بالسجود في {إذا السماء انشقت} [الانشقاق: 1] ومعه سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورأي أبي هريرة فتتركونه، ولم تسموا أحدا خالف هذا وهذا عندكم العلم؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - في زمانه ثم أبو هريرة في الصحابة ثم عمر بن عبد العزيز في التابعين والعمل يكون عندكم بقول عمر وحده وأقل ما يؤخذ عليكم في هذا أن يقال: كيف زعمتم أن أبا هريرة سجد في {إذا السماء انشقت} [الانشقاق: 1] وأن عمر أمر بالسجود فيها، وأن عمر بن الخطاب سجد في النجم ثم زعمتم أن الناس اجتمعوا أن لا سجود في المفصل وهذا من أصحاب رسول الله، وهذا من علماء التابعين فيقال: قولكم اجتمع الناس لما تحكون فيه غير ما قلتم بين في قولكم أن ليس كما قلتم ثم رويتم عن عمر بن الخطاب أنه سجد في النجم ثم لا تروون عن غيره خلافه ثم رويتم عن عمر وابن عمر أنهما سجدا في سورة الحج سجدتين وتقولون: ليس فيها إلا واحدة وتزعمون أن الناس أجمعوا أن ليس فيها إلا واحدة ثم تقولون: أجمع الناس وأنتم تروون خلاف ما تقولون. وهذا لا يعذر أحد بأن يجهله ولا يرضى أحد أن يكون موجودا عليه لما فيه مما لا يخفى على أحد يعقل إذا سمعه أرأيت إذا قيل لكم: أي الناس أجمع على أن لا سجود في المفصل، وأنتم تروون عن أئمة الناس السجود فيه ولا تروون عن غيرهم خلافهم أليس تقولون: أجمع الناس أن في المفصل سجودا أولى بكم من أن تقولوا: أجمع الناس أن لا سجود في المفصل؟ فإن قلتم: لا يجوز إذا لم نعلمهم أجمعوا أن نقول: أجمعوا فقد قلتم: أجمعوا، ولم ترووا عن واحد من الأئمة قولكم، ولا أدري من الناس عندكم أخلق كانوا لم يسم واحد منهم، وما ذهبنا بالحجة عليكم إلا من قول أهل المدينة وما جعلنا الإجماع إلا إجماعهم فأحسنوا النظر لأنفسكم واعلموا أنه لا يجوز أن تقولوا: أجمع الناس بالمدينة حتى لا يكون بالمدينة مخالف من أهل العلم ولكن قولوا فيما اختلفوا فيه: اخترنا كذا، ولا تدعوا الإجماع فتدعوا ما يوجد على ألسنتكم خلافه فما أعلمه يؤخذ على أحد نسب إلى علم أقبح من هذا قلت للشافعي: أرأيت إن كان قولي اجتمع الناس عليه أعني من رضيت من أهل المدينة وإن كانوا مختلفين فقال الشافعي: أفرأيتم إن قال من يخالفكم ويذهب إلى قول من خالف قول من أخذت بقوله أجمع الناس أيكون صادقا فإن كان صادقا، وكان بالمدينة قول ثالث يخالفكما أجمع الناس على قول فإن كنتم صادقين معا بالتأويل فبالمدينة إجماع من ثلاثة وجوه مختلفة وإن قلتم الإجماع هو ضد الخلاف فلا يقال: إجماع إلا لما لا خلاف فيه بالمدينة قلت: هذا الصدق المحض فلا تفارقه، ولا تدعوا الإجماع أبدا إلا فيما لا يوجد بالمدينة فيه اختلاف، وهو لا يوجد بالمدينة إلا وجد بجميع البلدان عند أهل العلم متفقين فيه لم يخالف أهل البلدان أهل المدينة إلا ما اختلف فيه أهل المدينة بينهم. (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : واجعل ما وصفنا على هذا الباب كافيا لك دالا على ما سواه إذا أردت أن تقول: أجمع الناس فإن كانوا لم يختلفوا فيه فقله، وإن كانوا اختلفوا فيه فلا تقله فإن الصدق في غيره. . [باب الصلاة في الكعبة] وسألت الشافعي عن الرجل يصلي في الكعبة المكتوبة فقال: يصلي فيها المكتوبة والنافلة وإذا صلى الرجل وحده فلا موضع يصلي فيه أفضل من الكعبة فقلت: أفيصلي فوق ظهرها؟ فقال: إن كان بقي فوق ظهرها من البناء شيء يكون سترة صلى فوق ظهرها المكتوبة والنافلة وإن لم يكن بقي عليه بناء يستر المصلي لم يصل إلى غير شيء من البيت فقلت للشافعي: فما الحجة فيما ذكرت؟ فقال: أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر «عن بلال أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى في الكعبة» فقلت للشافعي: فهل خالفك في هذا غيرك؟ فقال: نعم دخل أسامة وبلال وعثمان بن طلحة فقال أسامة نظر فإذا هو إذا صلى في البيت في ناحية ترك شيئا من البيت لظهره فكره أن يدع شيئا من البيت لظهره فكبر في نواحي البيت ولم يصل فقال قوم: لا تصلح الصلاة في الكعبة بهذا الحديث وهذه العلة، فقلت للشافعي: فما حجتك عليهم؟ فقال: قال بلال صلى وكان من قال صلى شاهدا، ومن قال لم يصل ليس بشاهد فأخذنا بقول بلال وكانت الحجة الثابتة عندنا أن المصلي خارجا من البيت إنما يستقبل منه موضع متوجهه لا كل جدرانه فكذلك الذي في بطنه يستقبل موضع متوجهه لا كل جدرانه، ومن كان البيت مشتملا عليه فكان يستقبل موضع متوجهه كما يستقبل الخارج منه موضع متوجهه كان في هذا الموضع أفضل من موضع الخارج منه أين كان فقلت للشافعي فإنا نقول: يصلي فيه النافلة، ولا يصلي فيه المكتوبة. (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : هذا القول غاية في الجهل إن كان كما قال من خالفنا لا تصلى فيه النافلة ولا تصلى فيه المكتوبة وإن كان كما رويتم فإن النافلة في الأرض لا تصلح إلا حيث تصلح المكتوبة، والمكتوبة إلا حيث تصلح النافلة أو رأيت المواضع التي صلى فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - النوافل حول المدينة وبين المدينة ومكة وبالمحصب ولم يصل هنالك مكتوبة أيحرم أن يصلي هنالك مكتوبة وأن صلاته النافلة في موضع من الأرض تدل على أن الصلاة المكتوبة تجوز فيه. [باب ما جاء في الوتر بركعة واحدة] سألت الشافعي عن الوتر أيجوز أن يوتر الرجل بواحدة ليس قبلها شيء؟ قال: نعم والذي أختار أن أصلي عشر ركعات ثم أوتر بواحدة فقلت للشافعي: فما الحجة في أن يجوز بواحدة فقال: الحجة فيه السنة والآثار. (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا مالك عن نافع وعبد الله بن دينار عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة توتر له ما قد صلى» ؟ . (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي بالليل إحدى عشرة ركعة يوتر منها بواحدة» (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن ابن شهاب أن سعد بن أبي وقاص كان يوتر بركعة، أخبرنا مالك عن نافع أن ابن عمر كان يسلم من الركعة والركعتين من الوتر حتى يأمر ببعض حاجته قال وكان عثمان يحيي الليل بركعة هي وتره وأوتر معاوية بواحدة فقال: ابن عباس: أصاب به، فقلت للشافعي: فإنا نقول: لا نحب لأحد أن يوتر بأقل من ثلاث ويسلم بين الركعة والركعتين من الوتر فقال: الشافعي لست أعرف لما تقول وجها والله المستعان إن كنتم ذهبتم إلى أنكم تكرهون أن يصلي ركعة منفردة فأنتم إذا صلى ركعتين قبلها ثم سلم تأمرونه بإفراد الركعة؛ لأن من سلم من الصلاة فقد فصلها مما بعدها ألا ترى أن الرجل يصلي النافلة ركعات فيسلم في كل ركعتين فيكون كل ركعتين يسلم منهما منقطعتين من الركعتين اللتين قبلهما وبعدهما، وأن السلام أفضل للفصل ألا ترى أن رجلا لو فاتته صلوات فقضاهن في مقام يفصل بينهن بسلام كانت كل صلاة غير الصلاة التي قبلها وبعدها لخروجه من كل صلاة بالسلام فإن كان إنما أردتم أنكم كرهتم أن يصلي واحدة؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى أكثر منها، فإنما نستحب أن يصلي إحدى عشرة ركعة يوتر منها بواحدة وإن كان أردتم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «صلاة الليل مثنى مثنى» فأقل مثنى أربع فصاعدا، وواحدة غير مثنى وقد أمر بواحدة في الوتر كما أمر بمثنى. (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وقد أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يوتر بخمس ركعات لا يجلس ولا يسلم إلا في الآخرة منهن» فقلت للشافعي: فما معنى هذا؟ قال: هذه نافلة يسع أن نوتر بواحدة وأكثر ونختار ما وصفت من غير أن نضيق غيره وقولكم - والله يغفر لنا ولكم - لا يوافق سنة، ولا أثرا، ولا قياسا، ولا معقولا، قولكم خارج من كل شيء من هذا، وأقاويل الناس إما أن يقولوا: لا يوتر إلا بثلاث كما قال بعض المشرقيين ولا يسلم في واحدة منهن لئلا يكون الوتر واحدة وأنتم تأمرون بالسلام فيها فإذا أمرتم به فهي واحدة وإن قلتم كرهناه لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يوتر بواحدة ليس قبلها شيء فلم يوتر النبي - صلى الله عليه وسلم - بثلاث ليس قبلهن شيء وقد استحسنتم أن توتروا بثلاث. [باب القراءة في العيدين والجمعة] سألت الشافعي: بأي شيء تحب أن يقرأ في العيدين فقال: ب "ق" و {اقتربت الساعة} [القمر: 1] وسألته بأي شيء تستحب أن يقرأ في الجمعة فقال: في الركعة الأولى بالجمعة وأختار في الثانية {إذا جاءك المنافقون} [المنافقون: 1] ولو قرأ {هل أتاك حديث الغاشية} [الغاشية: 1] أو {سبح اسم ربك الأعلى} [الأعلى: 1] كان حسنا لأنه قد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قرأها كلها فقلت: وما الحجة في ذلك؟ فقال إبراهيم وغيره عن جعفر عن أبيه عن عبيد الله بن أبي رافع عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قرأ في إثر سورة الجمعة {إذا جاءك المنافقون} [المنافقون: 1] (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وأخبرنا مالك عن ضمرة بن سعيد المازني عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن الضحاك بن قيس سأل النعمان بن بشير ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ يوم الجمعة على إثر سورة الجمعة فقال: كان يقرأ ب {هل أتاك حديث الغاشية} [الغاشية: 1] (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا مالك عن ضمرة بن سعيد المازني عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة «أن عمر بن الخطاب سأل أبا واقد الليثي ماذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ به في الأضحى والفطر؟ فقال: كان يقرأ ب {ق والقرآن المجيد} [ق: 1] و {اقتربت الساعة} [القمر: 1] » فقلت للشافعي: فإنا لا نبالي بأي سورة قرأ فقال: ولم لا تبالون، وهذه روايتكم عن النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ فقلت: لأنه يجزيه فقال: أو رأيتم إذ أمرنا بالغسل للإهلال والصلاة في المعرس وغير ذلك اقتداء بأمر النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ لو قال قائل: لا نستحبه أو لا نبالي أن لا نفعله؛ لأنه ليس بواجب هل الحجة عليه إلا كهي عليكم؟ أو رأيتم إذا استحببنا ركعتي الفجر والوتر وركعتين بعد المغرب، وأن يطيل في الصبح والظهر، ويخفف في المغرب لو قال قائل: لا أبالي أن لا أفعل من هذا شيئا هل الحجة عليه إلا أن تقول: قولكم: لا أبالي جهالة وترك للسنة؟ ينبغي أن تستحبوا ما صنع رسول الله بكل حال. . [باب الجمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء] (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا مالك عن أبي الزبير المكي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: «صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الظهر والعصر جميعا والمغرب والعشاء جميعا في غير خوف ولا سفر» قال مالك: أرى ذلك في مطر. (قال الشافعي) : فزعمتم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جمع بالمدينة الظهر والعصر والمغرب والعشاء ولم يكن له وجه عندكم إلا أن ذلك في مطر ثم زعمتم أنتم أنكم تجمعون بين المغرب والعشاء بالمدينة وكل بلد جامع، ولا تجمعون بين الظهر والعصر في المطر (قال الشافعي) : وإنما ذهب الناس في هذا مذاهب فمنهم من قال: جمع بالمدينة توسعة على أمته لئلا يحرج منهم أحد إن جمع بحال ليس لأحد أن يتأول في الحديث ما ليس فيه وقالت فرقة: نوهن هذا لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقت المواقيت في الصلاة فكان هذا خلافا لما رووا من أمر المواقيت فردوا أن يجمع أحد في الحضر في مطر أو غيره وامتنعوا من تثبيته وقالوا: خالفه ما هو أقوى منه وقالوا: لو ثبتناه لزمنا مثل قول من قال: يجمع لأنه ليس في الحديث ذكر مطر ولا غيره، بل قال: من حمل الحديث أراد أن لا تحرج أمته. (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : فذهبتم، ومن ذهب مذهبكم المذهب الذي وصفت من الاحتجاج في الجمع في المطر ورأى أن وجه الحديث هو الجمع في المطر ثم خالفتموه في الجمع في الظهر والعصر في المطر أرأيتم إن قال لكم قائل: بل نجمع بين الظهر والعصر في المطر، ولا نجمع بين المغرب والعشاء في المطر هل الحجة عليه إلا أن الحديث إذا كانت فيه الحجة لم يجز أن يؤخذ ببعضه دون بعض؟ فكذلك هي على من قال: يجمع بين المغرب والعشاء ولا يجمع بين الظهر والعصر، وقلما نجد لكم قولا يصح، والله المستعان أرأيتم إذا رويتم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه جمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء فاحتججتم على من خالفكم بهذا الحديث في الجمع بين المغرب والعشاء هل تعدون أن يكون لكم بهذا حجة فإن كانت لكم به حجة فعليكم فيه حجة في ترككم الجمع بين الظهر والعصر وإن لم تكن لكم بهذا حجة على من خالفكم فلا تجمعوا بين ظهر ولا عصر ولا مغرب ولا عشاء لا يجوز غير هذا، وأنتم خارجون من الحديث، ومن معاني مذاهب أهل العلم كلها، والله المستعان أو رأيتم إذ رويتم الجمع في السفر لو قال قائل كما قلتم: أجمع بين المغرب والعشاء؛ لأن أكثر الأحاديث جاءت فيه ولا أجمع بين الظهر والعصر لأنهما في النهار والليل أهول من النهار هل الحجة عليه إلا أن الجمع رخصة فيها فلا يجوز أن يمنع أحد من بعضها دون بعض فكذلك هي عليكم والله أعلم. . [باب إعادة المكتوبة مع الإمام] . باب إعادة المكتوبة مع الإمام سألت الشافعي عن الرجل يصلي في بيته ثم يدرك الصلاة مع الإمام قال: يصلي معه (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا مالك عن زيد بن أسلم «عن رجل من بني الديل يقال له بسر بن محجن عن أبيه أنه كان في مجلس مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأذن بالصلاة فقام رسول الله فصلى ومحجن في مجلسه فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم: ما منعك أن تصلي مع الناس؟ ألست برجل مسلم؟ قال: بلى يا رسول الله ولكني قد صليت في أهلي فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: إذا جئت فصل مع الناس، وإن كنت قد صليت» . (قال الشافعي) : وأخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه كان يقول: من صلى المغرب أو الصبح ثم أدركهما مع الإمام فلا يعدهما، فقلت للشافعي: فإنا نقول: يعيد كل صلاة إلا المغرب فإنه إذا أعاد لها صارت شفعا (قال الشافعي) : وقد رويتم الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يخص فيه صلاة دون صلاة فلم يحتمل الحديث إلا وجهين: أحدهما وهو أظهرهما أن يعيد كل صلاة بطاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - وسعة الله أن يوفيه أجر الجماعة والانفراد وقد روى مالك عن ابن عمر وابن المسيب أنهما أمرا من صلى في بيته أن يعود لصلاته مع الإمام وقال السائل: أيتهما أجعل صلاتي؟ فقال: أو ذلك إليك؟ إنما ذلك إلى الله وروي عن أبي أيوب الأنصاري أنه أمر بذلك وقال: من فعل ذلك فله سهم جمع أو مثل سهم جمع وإنما قلنا بهذا لما وصفنا من أن حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - جملة، وأنه بلغنا أن الصلاة التي أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - الرجلين أن يعودا لها صلاة الصبح أو يقول رجل: إن أدرك العصر أو الصبح لم يعد لهما؛ لأنه لا نافلة بعد واحدة منهما فهكذا قال بعض المشرقيين وأما ما قلتم فخلاف حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - من الوجهين، وخلاف ابن عمر وابن المسيب وأين العمل؟ وقولكم إذا أعاد المغرب صارت شفعا فكيف تصير شفعا وقد فصل بينهما بسلام أترى العصر حين صليت بعدها المغرب شفعا أو العصر وترا أو ترى كذلك العشاء إذا صليت بعد المغرب أو ترى ركعتين بعد أو قبل المغرب تصيران وترا بأن المغرب قبلهما أو بعدهما أم كل صلاة فصلت بسلام مفارقة للصلاة قبلها وبعدها؟ ولو كنتم قلتم يعود للمغرب ويشفعها بركعة فيكون تطوع بأربع كان مذهبا فأما ما قلتم فليس له وجه. . [باب القراءة في المغرب] (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال: «سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرأ بالطور في المغرب» (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة «عن ابن عباس عن أم الفضل بنت الحارث سمعته يقرأ {والمرسلات عرفا} [المرسلات: 1] فقالت: يا بني لقد ذكرتني بقراءتك هذه السورة إنها لآخر ما سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ بها في المغرب» ؟ فقلت للشافعي: فإنا نكره أن يقرأ في المغرب بالطور والمرسلات، ونقول: يقرأ بأقصر منهما فقال: وكيف تكرهون ما رويتم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعله؟ الأمر رويتم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - يخالفه فاخترتم إحدى الروايتين على الأخرى؟ أو رأيتم لو لم أستدل على ضعف مذهبكم في كل شيء إلا أنكم تروون عن النبي - صلى الله عليه وسلم - شيئا ثم تقولون نكرهه ولم ترووا غيره فأقول: إنكم اخترتم غيره عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا أعلم إلا أن أحسن حالكم أنكم قليلو العلم ضعفاء المذهب. . [باب القراءة في الركعتين الأخيرتين] سألت الشافعي أتقرأ خلف الإمام أم القرآن في الركعة الأخيرة تسر؟ فقال الشافعي: أحب ذلك، وليس بواجب عليه فقلت: وما الحجة فيه؟ فقال: أخبرنا مالك عن أبي عبيد مولى سليمان بن عبد الملك أن عبادة بن نسي أخبره أنه سمع قيس بن الحارث يقول: أخبرني عبد الله الصنابحي أنه قدم المدينة في خلافة أبي بكر الصديق فصلى وراء أبي بكر المغرب فقرأ في الركعتين الأوليين بأم القرآن وسورة من قصار المفصل ثم قام في الركعة الثالثة فدنوت منه حتى إن ثيابي لتكاد تمس ثيابه فسمعته قرأ بأم القرآن وبهذه الآية {ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب} [آل عمران: 8] فقلت للشافعي: فإنا نكره هذه ونقول: ليس عليه العمل لا يقرأ على إثر أم القرآن في الركعة الثالثة بشيء فقال الشافعي: وقال سفيان بن عيينة: لما سمع عمر بن عبد العزيز بهذا عن أبي بكر الصديق قال: إن كنت لعلى غير هذا حتى سمعت بهذا فأخذت به قال: فهل تركتم للعمل عمل أبي بكر وابن عمر وعمر بن عبد العزيز؟ (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا مالك عن نافع عن عبد الله أنه كان إذا صلى وحده يقرأ في الأربع جميعا في كل ركعة بأم القرآن وبسورة من القرآن قال: وكان يقرأ أحيانا بالسورتين والثلاث في الركعة الواحدة في صلاة الفريضة فقلت للشافعي: فإنا نخالف هذا كله ونقول: لا يزاد في الركعتين الأخيرتين على أم القرآن (قال الشافعي) : هذا خلاف أبي بكر وابن عمر من روايتكم وخلاف عمر بن عبد العزيز من رواية سفيان وقولكم لا يجمع السورتين في الركعتين الأوليين هو خلاف ابن عمر من روايتكم، وخلاف عمر من روايتكم لأنكم أخبرتم أن عمر قرأ بالنجم فسجد فيها ثم قام فقرأ بسورة أخرى وخلاف غيرهما من رواية غيركم فأين العمل ما نراكم رويتم في القراءة في الصلاة في هذا الباب شيئا إلا خالفتموه فمن اتبعتم ما أراكم قلتم بمعنى نعرفه إذا كنتم تروون عن أحد الشيء مرة فتبنون عليه أيسعكم أن تخالفوهم مجمعين؟ (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أن أبا بكر صلى الصبح فقرأ فيها بسورة البقرة في الركعتين كلتاهما. فقلت للشافعي: إنا نخالف هذا، نقول: يقرأ في الصبح بأقل من هذا؛ لأن هذا تثقيل على الناس. (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن هشام بن عروة أنه سمع عبد الله بن عامر بن ربيعة يقول: صلينا وراء عمر بن الخطاب الصبح فقرأ فيها بسورة يوسف وسورة الحج قراءة بطيئة فقلت: والله لقد كان إذا يقوم حين يطلع الفجر قال: أجل. فقلت للشافعي: فإنا نقول لا يقرأ في الصبح بهذا ولا بقدر نصف هذا؛ لأنه تثقيل (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد وربيعة بن أبي عبد الرحمن أو الفرافصة بن عمير الحنفي قال ما أخذت سورة يوسف إلا من قراءة عثمان بن عفان إياها في الصبح من كثرة ما كان يرددها فقلت للشافعي: فإنا نقول لا يقرأ بهذا هذا تثقيل (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه كان يقرأ في الصبح في السفر بالعشر الأول من الفصل في كل ركعة سورة، قلت للشافعي: فإنا نقول لا يقرأ بهذا في السفر هذا تثقيل. (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : فقد خالفتم في القراءة في الصلاة كل ما رويتم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم أبي بكر ثم عمر ثم عثمان ثم ابن عمر ولم ترووا شيئا يخالف ما خالفتم عن أحد علمته من الناس فأين العمل؟ خالفتموهم من جهتين: من جهة التثقيل وجهة التخفيف وقد خالفتم بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - جميع ما رويتم عن الأئمة بالمدينة بلا رواية رويتموها عن أحد منهم هذا مما يبين ضعف مذهبكم؛ إذ رويتم هذا ثم خالفتموه ولم يكن عندكم فيه حجة فقد خالفتم الأئمة والعمل، وفي هذا دليل على أنكم لم تجدوا من خلق الله خلقا قط يروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم أبي بكر وعمر وعثمان وابن عمر في القراءة في الصلاة ولا في أمر واحد شيئا ثم يخالفه غيركم وأنه لا خلق أشد خلافا لأهل المدينة منكم ثم خلافكم ما رويتم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي فرض الله طاعته وما رويتم عن الأئمة الذين لا تجدون مثلهم فلو قال لكم قائل: أنتم أشد الناس معاندة لأهل المدينة وجد السبيل إلى أن يقول ذلك لكم على لسانكم لا تقدرون على دفعه عنكم ثم الحجة عليكم في خلافكم أعظم منها على غيركم لأنكم ادعيتم القيام بعلمهم واتباعهم دون غيركم ثم من خالفتموهم بأكثر مما خالفهم به من لم يدع من اتباعهم ما ادعيتم فلئن كان هذا خفي عليكم من أنفسكم إن فيكم لغفلة ما يجوز لكم معها أن تفتوا خلقا، والله المستعان، وأراكم قد تكلفتم الفتيا وتطاولتم على غيركم ممن هو أقصد وأحسن مذهبا منكم. . [باب المستحاضة] . باب المستحاضة سألت الشافعي عن المستحاضة يطبق عليها الدم دهرها فقال: إن الاستحاضة وجهان: أحدهما أن تستحاض المرأة فيكون دمها مشتبها لا ينفصل إما ثخين كله وإما رقيق كله وإذا كان هكذا نظرت عدد الليالي والأيام التي كانت تحيضهن من الشهر قبل أن يصيبها الذي أصابها فتركت الصلاة فيهن إن كانت تحيض خمسا من أول الشهر تركت الصلاة خمسا من أوله ثم اغتسلت عند مضي أيام حيضها كما تغتسل الحائض عند طهرها ثم توضأ لكل صلاة وتصلي وليس عليها أن تعيد الغسل مرة أخرى ولو اغتسلت من طهر إلى طهر كان أحب إلي وليس ذلك بواجب عليها عندي والمستحاضة الثانية المرأة لا ترى الطهر: فيكون لها أيام من الشهر ودمها أحمر إلى السواد محتدم ثم يصير بعد تلك الأيام رقيقا إلى الصفرة غير محتدم فأيام حيض هذه أيام احتدام دمها وسواده وكثرته فإذا مضت اغتسلت كغسلها لو طهرت من الحيضة وتوضأت لكل صلاة وصلت، فقلت للشافعي: وما الحجة فيما ذكرته من هذا؟ فقال الشافعي: أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أنها قالت: «قالت فاطمة بنت أبي حبيش يا رسول الله: إني لا أطهر أفأدع الصلاة؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما ذلك عرق وليس بالحيضة فإذا أقبلت الحيضة فاتركي الصلاة فإذا هب قدرها فاغسلي الدم عنك وصلي» (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا مالك عن نافع عن سليمان بن يسار عن أم سلمة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - «أن امرأة كانت تهراق الدم على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاستفتت لها أم سلمة ![]()
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |