|
|
ملتقى اللغة العربية و آدابها ملتقى يختص باللغة العربية الفصحى والعلوم النحوية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
خصائص اللغة العربية وخلودها
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
رد: خصائص اللغة العربية وخلودها
خصائص اللغة العربية وخلودها (2/2) محمد مصطفي ناصيف([·]) لقد كان وراء تحضر قريش أسباب جوهرية ترفعها إلى مستوى الصدارة في الحضارة وفي اللغة، وهذه الأسباب تفرضها القبائل العربية التي كانت في الجاهلية تفد إلى مكة قاصدة الحج والأسواق والمجامع الأخرى، مما حمل القرشيين على الاختلاط بهذه القبائل، واقتباس أجزل الألفاظ وأفصح التعبيرات، ومع مرور الزمن تأصلت الفصاحة المكتسبة من كل اللهجات، فنمت فيهم مع نمو المجتمع القرشي، فصارت بذلك جامعة لجميع اللهجات، وقريبة في آن واحد من أي لهجة منها، لأن بعض عناصر هذه اللهجة موجودة فيها. وبما أن اللغة تؤخذ اعتياداً على مر الأوقات، كما تؤخذ تلقناً من ملقن، وكذلك تؤخذ سماعاً من الرواة، واصطنع العرب لغة قريش للتفنن في القول، والإبانة في التعبير، فدل استصفاؤهم على أنها اختارت من كلام العرب أبينه، وراعت أرشقه، واعتمدت أصفاه، إذ امتازت اللغة العربية بقدرتها الذاتية على التعبير، وعلى التمثل والتوليد، وعلى التخير والانتقاء حتى باتت أنموذجاً صالحاً للاقتباس في حالتي الإقامة والتجوال، وإغناء العربية بما يحتاج إليه أبناؤها من مفردات لوازمهم وحاجاتهم المعيشية والتطورية، كما كانت أنموذجاً مميزاً من سائر اللغات العالمية والسامية، بتكاملها مع إنسانها وتلازمها مع دقائق حياة وخصائص العربي. وقد أجمع الرواة أن أفصح العرب: "عليا هوازن، وسفلى تميم" وعليا هوازن هم قبائل: "سعد بن بكر، وجشم بن بكر، ونصر بن معاوية، وثقيف" وأفصحها: سعد بن بكر لقول سيد العرب والعجم، رسول البشرية ومعلمها الخير صلى الله عليه وسلم: "أنا أفصح العرب بيد أني من قريش، وأني نشأت في بني سعد بن بكر". وبإشراق رسالة الإسلام وبعد الانقلاب العظيم الذي أصاب اللغة العربية عقب اللغة انعكاس طبيعى لما عليه حال القوم لأنها أداة الحاضر وصورة التاريخ ظهور الإسلام حالت أحوال، ونسخت ديانات، وأبطلت أمور، ونقلت من العربية ألفاظ من موضع لآخر، بزيادات زيدت، وشرائع شرعت، وشرائط شرطت، إذ كان لظهور الإسلام أثر كبير في ظهور حركة لغوية كبيرة، وكان للقرآن الخالد العظيم أثره الأكبر في حركة التدوين للغة وتفسير معانيها، وبات الاهتمام بها شديداً، فجمعوها من مظانها الصحيحة لتسجيلها ورصد معانيها ورسم أوزانها، ووضع القواعد الضابطة لنطقها وجميع لوازمها. فقال عز وجل في كتابه الخالد: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا} (يوسف: 2)، وقوله عز من قائل: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ. عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِين. بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} (الشعراء: 195)، ووصفه سبحانه وتعالى بقوله: {كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} (فصلت: 3). واللغة العربية- باعتبارها إحدى اللغات الحية- تحتاج دائماً إلى التطوير والتهذيب وللتنمية المستمرة لمسايرة ومواكبة العصر الذي تعيش فيه- وهو دور مجامع اللغة العربية- كما أن المجد اللغوي لا يقل أهميةً عن المجد السياسي للأمة العربية الناهضة، ولابد للمسؤولين وأصحاب القرار العمل على تقوية اللغة الفصيحة التي هي لغة فنية راقية فوق اللهجات، والعمل على ضبط الكتب وجميع المطبوعات بالشكل التام حتى تصبح اللغة ملكة وسليقة لدى جميع القراء، ومن لم ينشأ على حب تلك اللغة فقد استخف بتراث أمته واستهان بخصائص قومه، والمثقف الذي لم يتقن معرفة لغته ليس ناقص الثقافة فحسب بل في رجولته نقص كبير ومهين أيضاً. واللغة كالكائن الحي تنمو وتستعمل، وتنتقل من جيل إلى آخر لتعبر عن أفكارهم وحياتهم، وبانتقالها تؤثر وتتأثر، فتموت ألفاظ وتحيا أخرى، وتضيق ألفاظ وتتسع أخرى بدلالاتها وهذه صفات اللغة الحية، فاللغة لم تخلق لتدفن في بطون الكتب المغلقة، ولا في خزائن العرض.. وإنما للاستعمال. فقد انقلبت اللغة العربية إلى لغة عالمية تتكلم بها شعوب كثيرة جداً فكلما اتسعت حضارة الأمة كثرت حاجاتها ومرافق حياتها، ورقي تفكيرها، وتهذبت اتجاهاتها النفسية، ونهضت لغتها، وسمت أساليبها، وتعددت فيها فنون القول، ودخلت فيها مفردات أخرى عن طريق الوضع والاشتقاق والاقتباس والنحت والقلب والإبدال والتعريب والدخيل والمولد، للتعبير عن المسميات والأفكار الجديدة، عندها تكون قد تكاملت لديها وسائل النمو والمدنية والتطور. واللغة انعكاس طبيعي لما عليه حال القوم، لأنها أداة الحاضر، وصورة التاريخ، منها تقتبس الألوان الحضارية والاجتماعية. واللغة العربية هي واحدة من اللغات التي اتسعت ونمت- وما تزال قادرة على الاتساع والنمو ومحاكاة الأمور- وأقامت لنا من تاريخها شاهداً حياً على طواعيتها وصدقيتها، على عكس باقي اللغات التي درستها ماكينة "العولمة" المزخرفة الحديثة حيث ذابت بهذه الدعوة عشرات اللغات، ومئات اللهجات. ولحفظ الله لرسالته وكتابه الذي قال سبحانه وتعالى فيه {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} (الحجرات: 9). هي الضاد لن يذوي على الدهر عودها وقد خصها الذكر المقدس بالخلد لذا سادت لغة قريش لكونها اللغة الجامعة المعروفة المميزة على غيرها لعوامل سبق ذكرها وبقيت آثارها.. لغات (لهجات) أخرى نراها واضحة في القراءات الصحيحة المتعددة. كما نراها في وجود أكثر من اسم للشيء الواحد، وهذا راجع لاختلاف التسميات بين قبيلة وأخرى لأنه كما ورد في الأثر أنه أنزل على سبعة أحرف، وسنذكر هنا بعض المفردات القرآنية الكريمة من لغات (لهجات) القبائل العربية بياناً لبعض جوانب اللغة العربية المضيئة الخالدة بخلود قرآنها الخالد الذي جعله الله معجزة نبيه المختار الخاتم ورسوله للبشرية جمعاء إلى يوم القيامة، بيد أنه تم حذف ما ذكره من لغة قريش، لأنها اللغة الأساس التي نزل بها القرآن الكريم الخالد ثم أنه من الحمق والمكابرة إنكار ما لرسول البشرية ومعلمها الخير صلى الله عليه وسلم وسيد قريش من فضل كبير في توحيد اللهجات العربية، وقتل العصبيات الفرعية في نفوس القبائل. فيما يلي بيان وأمثلة لبعض لغات القبائل العربية الواردة في القرآن الكريم: سورة البقرة قوله تعالى: {قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ}. السفيه: الجاهل في لغة كنانة. رغداً: الخصب في لغة طيء. رجزاً: العذاب بلغة طيء. خاسئين: صاغرين بلغة كنانة. تعضلوهن: تحبسوهن بلغة أزد شنوءة. "لأعنتكم" هنا، و"ما عنتم" بآل عمران و"العنت منكم" بالنساء، و"ما عنتم" بالتوبة، و"لعنتم" بالحجرات: العنت الإثم بلغة هذيل. الطور: الجبل وافقت لغة العرب في هذا الحرف لغة السريانية. لا شية: لا وضح بلغة أزد شنوءة. بغياً: حسداً بلغة تميم. فباءوا بغضب استوجبوا بلغة جرهم. في شقاق بعيد: في ضلال بعيد بلغة جرهم. لا رفث: لا جماع بلغة مذحج. أفيضوا: انفروا بلغة خزاعة. سورة آل عمران: كدأب آل فرعون: كأشباه بلغة جرهم. سيداً وحصوراً: السيد: الحكيم بلغة حمير. والحصور: الذي لا حاجة له في النساء بلغة كنانة. لا خلاق :لا نصيب بلغة كنانة. إصري: عهدي وافقت لغة النبطية. آناء الليل: ساعات بلغة هذيل. لا يألونكم خبالاً: غياً بلغة عمان. تفشلا: تجبنا بلغة حمير. فورهم: وجوههم بلغة هذيل وقيس عيلان وكنانة. قرح: بالفتح لغة الحجاز، والضم لغة تميم. ربيون: رجال بلغة حضرموت. سورة النساء: تعولوا: تميلوا بلغة جرهم. نحلة: فريضة بلغة قيس عيلان. أفضي: الإفضاء الجماع بلغة خزاعة. تميلوا ميلاً عظيماً: تخطئوا خطأ بيناً بلغة سبأ. كفل: نصيب وافقت لغة النبطية. مقيتاً: مقتدراً بلغة مذحج. حصرت: ضاقت بلغة أهل اليمامة. مراغماً: منفسحاً بلغة هذيل. أن يفتنكم الذين كفروا: يضللكم بلغة هوزان. واللغة العربية أكبر لغات المجموعة السامية من حيث عدد المتحدثين، وهي إحدى أكثر اللغات انتشاراً في العالم يتحدثها أكثر من 422 مليون نسمة، ويتوزع متحدثوها في المنطقة المعروفة باسم "الوطن العربي". ارتفعت مكانة اللغة العربية وأصبحت لغة السياسة والعلم والأدب لقرون طويلة في الأراضي التي تظللت بالإسلام، وأثرت تأثيراً مباشراً أو غير مباشر على كثير من اللغات الأخرى في العالم الإسلامي كالتركية والفارسية والأوردية والألبانية وبعض اللغات الأوروبية والإفريقية. واللغة العربية هي حاملة الرسالة السماوية، ومبلغة الوحي الإلهي، وناشرة الدين الحنيف، وسفيرته إلى العالمين، وفاتحة دعوته، ولسان شعائره وجامعة الأمة، وآصرة الملة، محفوظة حفظ الوحي المنزل بها. واللغة العربية هي مبدعة الحضارة العربية، وراويتها بين الأجيال وذاكرتها على مر العصور، وهي لغة الإبداع الأدبي قبل الإسلام، ولغة الإعجاز الإلهي بعده فقد حملها الإسلام رسالته العالمية إلى البشرية كافة، كما نالت اهتمام وعناية السلف وشعوره بالمسؤولية الواجبة نحوها فبذلوا جهوداً مضنيةً في تأصيلها ووضع قواعدها، وحفظها من شوائب اللحن والخطأ الذي يذهب بجمالها ورونقها وبهائها، وحرصوا على سلامتها وحفظها من الرطانة العجمية واللكنة العامية. وكان أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه يعتبر تعليم اللغة العربية والتعمق في علومها حفظ اللغة العربية والاهنمام بها فهم دقيق وعميق لرسالة الإسلام الخالدة مثل التعمق والتفقه في الدين فيقول: "أما بعد فتفقهوا في السنة، وتفقهوا في اللغة العربية فإنها من دينكم". وقال أيضاً: تعلموا العربية فإنها تزيد في المروءة. كما كان يرى أن الخطأ في الرمي أهون من الخطأ في اللغة فيقول: والله لخطؤهم في رميهم أهون على خطئهم في لسانهم. وقد سبق عمر رضي الله عنه بقرون طويلة ما دعا إليه أحد أعضاء مجلس النواب الأمريكي (الكونجرس) حيث قال: إننا نضع القوانين لمعاقبة المجرمين الذين يسرقون ويقتلون، فلماذا لا نضع القوانين لمعاقبة الذين يفسدون اللغة؟ كما فرضت فرنسا غرامةً قدرها ألفا فرنك فرنسي على كل من يستخدم كلمة أجنبية واحدة يوجد لها مقابل بالفرنسية. ولمكانة اللغة العربية فقد حدد يوم 18 ديسمبر من كل عام يوما عالمياً للاحتفاء باللغة العربية. وكان الأقدمون يعيبون اللحن ويستهجنونه، ويعتبرونه عاراً للكريم ومسبةً للشريف. كما كان اللحن عند أهل البادية ذنباً شنيعاً يستحق صاحبه حرمان الرزق. فمما يؤثر على أحد البدو العرب أنه توجه من الصحراء إلى سوق البصرة، فرأى الناس يلحنون، فصرخ في وجوههم، عجباً كيف تلحنون وترزقون؟ وكذلك أثر عن أبي الريحان البيروني قوله: لأن أشتم بالعربية خير من أن أمدح بالفارسية. وكان السلف الصالح يعدون تلك العربية وخدمتها وحبها من الدين، ويدل على ذلك ما قاله الإمام أبو منصور الثعالبي: "من أحب الله، أحب رسوله، ومن أحب الرسول العربي أحب العرب، ومن أحب العرب أحب العربية التي نزل بها أفضل الكتب على أفضل العرب والعجم، ومن أحب العربية عني بها، وثابر عليها وصرف همته عليها، ومن هداه الله للإسلام وشرح صدره للإيمان وآتاه حسن سريرةٍ اعتقد أن محمداً صلى الله عليه وسلم خير الرسل، والإسلام خير الملل، والعرب خير الأمم، والعربية خير اللغات والألسنة والإقبال على تفهمها من الديانة إذ هي أداة العلم ومفتاح التفقه في الدين وسبب إصلاح المعاش والمعاد. وهكذا.. امتازت اللغة العربية المباركة وتميزت لأنها غنية بكلماتها ومفرداتها، جميلة في أدائها وألفاظها، عميقة في مدلولاتها ومعانيها، رائعة في مادتها وتراكيبها، مرنة في صياغتها واشتقاقاتها، أنيقة في رسمها وأشكالها- حرفاً وكلمةً وجملةً- لذلك هي عند العرب مادة للأدب، وفن للقول، ولغة للعاطفة، وترجمة للعقل.. عبرت عن أدق خلجات نفوسهم، ونبضات قلوبهم صورت أعمق درجات تفكيرهم ونجوى ضمائرهم، وصاغت شخصياتهم وحياتهم ودنياهم.. رسمت مناحي حياتهم ، ورصدت مثلهم، وقيمت إنسانيتهم، تشرفت بأنها لغة القرآن الخالد، ومعجزة نبيها الأكرم صلى الله عليه وسلم وجعل من قرآنها العظيم الخالد لغة تحد إلى يوم القيامة، فبات من حقها علينا وإلزاماً لنا أن نكشف عظمتها، ونعرض روعتها، ونبين قيمتها، ونجعلها لسان نطقنا، ونخدمها بأفضل ما نستطيع، ونقف ضد من يحاول إبعادها وعولمتها، فحفظ اللغة العربية، وإيلاؤها جل العناية والرعاية والاهتمام فهم دقيق وعميق لرسالة الإسلام الخالدة. [(*)] عضو رابطة الأدب الإسلامي العالمية.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |