من مواقف الأنبياء عليهم الصلاة والسلام - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         الاكتفاء بسماع أذكار الصباح والمساء عند قولها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          الفرق بين صلاة التراويح وصلاة القيام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          قراءة القرآن بصوت مرتفع في المسجد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          الفرصة الأخيرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          ترزقوا وتنصروا وتجبروا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          لا سمَرَ إلَّا لِمُصَلٍّ ، أوْ مُسافِرٍ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          على أبواب العشر الأواخر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          رمضان شهر الإقبال على مجالس العلم والعبادة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          التغيير الشامل في رمضان .. هل هو ممكن؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          تاريخ غزوة بدر .. الميلاد الثاني (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 27-03-2020, 05:39 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,505
الدولة : Egypt
افتراضي من مواقف الأنبياء عليهم الصلاة والسلام

من مواقف الأنبياء عليهم الصلاة والسلام




الشيخ أحمد الزومان












إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله، فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أنَّ لا إله إلا الله وَحْدَه لا شريك له، وأنَّ محمدًا عبده ورسوله؛ {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1]، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [الحشر: 18].

أما بعد:
فإنَّ خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة.

حينما ذكر ربنا - عزَّ وجلَّ - أنبياءَه خليله إبراهيم وذريَّته، وجَّه كلامه لخليله محمد في قوله - تعالى -: {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام: 90]، فأمره بالاقتداء بمن سبقه من الأنبياء، فامتثل أمر ربه، فحاز مراتبَ الكمال التي عندهم، وشرع لنا ربنا الاقتداء بخليله محمد؛ {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب: 21]، وأذكر في هذا المقام بعضًا من مواقف رسل ربِّ العالمين؛ شحذًا للهمم للاقتداء والمتابعة في باب الخير، وسعيًا للكمال وقدوة في التواضع، وهضم النفس، وبعدًا عن الرغبة في التشفي والانتقام.

و مما قصه الله علينا ما دار بين نوح - عليه السَّلام - وبين ابنه؛ يقول - تبارك وتعالى -: {وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ * وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ * قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ * وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ * وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ * قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ} [هود: 41 - 46].

فلا يزال نوح في دعوة ابنه الشقي، ويلح عليه؛ ليلحق بركب الصَّالحين، ويبتعد عن مُخالطة المجرمين من غير مَلَل ولا يأس، مستمرًّا في دعوته، حتى حيل بينه وبين دعوة ابنه الشقي.

أين نحن من هذا الجلد في دعوة الأولاد والأهل، والصبر، فتجد الأكثر منَّا بعد جهد يسير مع المدعوين يرى أنَّه لا فائدةَ من دعوة هؤلاء، فينقطع عن الدعوة، ورُبَّما كانت هدايتهم قريبة، ثُمَّ تأملوا اللُّطف في التعامُل مع الأولاد، بل مع الفاجر منهم: يا بُنَيَّ، تلطف في الحديث، واصبر في مُحاورة الجاهل من غير تعنيف، أو تسفيه، أو جرح لمشاعره بغليظ القول، وفي هذه القصة عزاء للآباء الصالحين الذين بذلوا وُسعهم في التربية من الصِّغر، ومع ذلك لم تؤتِ التربية ما أرادوه، وشب الولد مُعوجًّا.

وهذا نبي الله الكليم موسى في أشد المواقف في حياته، حينما يلحق به، وبقومه فرعون الطاغية، وجنوده، وأسباب النجاة المادية مَعدومة، وأسباب الهلاك مُنعقدة، فالعدو الغاشم خلفه، والبحر أمامه، لكنه يبقى واثقًا بنصر الله له، وأنَّ وعْدَه لا يتخلف، وإن كان لا يعلم كيفيَّة النصر؛ {فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ * فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ * وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ * وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ * ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ * إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ * وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} [الشعراء: 61 - 68].

ما أحوجنا إلى هذه الثقة بنصر الله لدينه وأوليائه، حينما تدلهمُّ الخطوب، ويتكالب الكُفَّار على المسلمين، ويجلبون عليهم بكل ما أوتوا من قوة!

ما أحوجَنا إلى هذه الثقة بنصر الله لدينه وأوليائه، حينما ينجم النِّفاق ويستقوي المنافقون بإخوانهم من كفرة أهل الكتاب، فيعمدون جاهدين بكلِّ ما يَملكونه لصدِّ المسلمين عن دينهم، بالشبهات تارة، وبالشهوات تارة أخرى، ويرمون مَن لا يُوافقهم من حملة الشريعة بكلِّ نقيصة، ويَختلقون عليه الأكاذيب!

ما أحوجنا إلى الثِّقة بقول ربنا - تبارك وتعالى -: {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} [الصف: 8 - 9].

وهذا عيسى ابن مريم - عليه السَّلام - يُفترى عليه أعظم فرية، فتنسب إليه فرية أنَّه ألَّه نفسه وأمه، وأمر أتباعه بعبادتهما، فينفي عن نفسه هذه التهمة بأسلوبٍ فيه أدب مع ربِّه، ومع مَنِ افترى عليه، ومع ذلك يتجرَّد من حظوظ النفس، فلا يسعى للانتقام ممن أساء إليه، وافترى عليه، بل يرجو من ربِّه لهم المغفرة، وهذا خلق الداعية الحق، سواء كان طالبَ علمٍ أم كاتبًا، أم معلمًا أو معلمة، أم متصديًا للمُنكرات يعلم أنَّه سيناله ما يناله من كلام الناس، فيوطن نفسَه على ذلك يدفع ما افتري عليه بأسلوب ليِّن يؤثر في من خالفه ومن وافقه، سلم صدره من الحقد على الآخرين، ترفع عن حظوظ النفس العاجلة؛ {وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ * مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ * إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [المائدة: 116 - 118].

وهذا منهج المصلحين يَحرصون على نفع الناس، ويلتمسون لهم العُذر، فهم رحماء مع مَن وافقهم ومن خالفهم؛ عن عبدالله بن مسعود: "كأنِّي أنظر إلى النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - يَحكي نبيًّا من الأنبياء ضربه قومه، فأدموه وهو يَمسح الدم عن وجهه، ويقول: اللهم اغفر لقومي، فإنَّهم لا يعلمون"؛ رواه البخاري (3477)، ومسلم (1792).

كذلك موقف يوسف - عليه السَّلام - مع إخوته؛ {قَالُوا أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ * قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ * قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} [يوسف: 90 - 92].

ما أعظم هذه النفوس! وما أطهر هذه القلوب! إنَّها قلوب سليمة تجردت من حظوظ النفس، وتغلبت على الرَّغبة في التشفي والانتقام.










الخطبة الثانية



وهذا نبيُّ الله أيوب مضرب المثل في الصَّبر على الشدة، أصابه البلاءُ فظلَّ صابرًا محتسبًا متعلقًا بربه - عزَّ وجلَّ - فلما اشتَدَّ به البلاء سنين، توجَّه إلى ربِّه، ورفع إليه حاجته، فجاء الفرج مباشرة، فشفاه مما ابتلاه به من المرض؛ {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ} [الأنبياء: 83 - 84]، فهذه رحمة الله بأوليائه؛ {رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا}، فأيوب قدوة يقتدي به الصالحون، ويَستلي به المصابون، فهو على علوِّ قدره عند ربِّه، ابتلاه بمرضٍ شديد طويل، فليس كل مَن ابتُلِي بسبب ذنبٍ أذنبه، أو بسبب هوانه على الله، وهو قدوة للصالحين في طول صَبْره ورضاه بأقدارِ الله المؤلمة، فلا يَحملهم شدة المرض أو طوله على البَحث عن علاج، وإن كان حرمه الله من ذهابٍ لكهان، أو تداوٍ بمحرم.

و هذا نبي الله داود أتاه الله من الدُّنيا والملك ما أتاه؛ {إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ * وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ * وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ} [ص: 18 - 20]، فلم يشغله ما أتاه الله عن أن يكون إمامًا للمتعبدين في حياته وبعد وفاته؛ فعن عبدالله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال له: ((أحبُّ الصلاة إلى الله صلاة داود - عليه السَّلام - وأحبُّ الصيام إلى الله صيامُ داود، كان ينام نصفَ الليل، ويقوم ثلثه، وينام سدسه، ويصوم يومًا، ويفطر يومًا))؛ رواه البخاري (1131)، ومسلم (1159)، فلا يعذر الشخص بالتفريط بالمستحبات، فضلاً عن الواجبات بحجة الانشغال بالدُّنيا.

وهذا نبي الله لوط يعيش في مُجتمع تكثُر فيه الرذيلة، وتقل فيه الفضيلة، يعيش وسط قوم اختلَّت عندهم الموازين، فأصبح المنكر معروفًا، والمعروف منكرًا؛ {وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ * إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ * وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ} [الأعراف: 80 - 82].

فإنْ كنت في وَسَطِ ناس استمرؤوا الكذب، ويرونه ذكاء وفطنة، وإن كنت في وَسَطِ ناس فَشَت فيهم الرِّشوة، ومن لم يشاركهم في خيانَتِهم للأمانة ينعتونه بالمتزَمِّت المُعَقد، وإن كنت في وسط ناس خفت أماناتهم، فلا يراعون ما ائتُمِنوا عليه، وعَيَّروك بحفظك للأمانة والتزامك بالتعليمات، التي تحفظ بها حقوقُ المسلمين، وإن كنت في أوساط هؤلاء أو غيرهم ممن اختلت عندهم الموازين - فلا يتكدَّر خاطرك حينما يكون الحقُّ سُبَّةً عندهم يعيرونك به، فلك في نبي الله أسوة، فقد عير بتركه الفاحشة، وجعل ذلك سببًا في معاقبته وطرده.

وهذا نبي الله إسماعيل الابن البار بأبيه يَصِفُه ربه بقوله - تعالى -: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولاً نَّبِيًّا} [مريم: 54]، فالوفاء بما التزمه الشخص لغيره من صفات الكُمَّل من المؤمنين، فلذا عاتب ربنا من لا يلتزم بوعده؛ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ} [الصف: 2 - 3]، فإخلاف الوعد من صفات المنافقين نفاقًا عمليًّا.

وهذا يوسف الصديق يُدعى إلى الفاحشة، تدعوه امرأة العزيز ليفجر بها، وقد جمعت أسبابَ الفتنة، فهي ذات مَنصب وجمال؛ {وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ} [يوسف: 23]، فالصديق كغيره من الشباب عنده الرَّغبة في النساء، ومع ذلك منعه إيمانُه من مُقارفة الفاحشة، وأنت أخي الشاب فيك من الإيمان ما يَجعلك تترفَّع عن هذه القاذورات من الفواحش، تترفع عن المشاهد والصور المحرمة.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 61.68 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 59.80 كيلو بايت... تم توفير 1.88 كيلو بايت...بمعدل (3.05%)]