شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله - الصفحة 10 - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         شرح كتاب فضائل القرآن من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 10 - عددالزوار : 187 )           »          مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن" (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 117 - عددالزوار : 28432 )           »          مجالس تدبر القرآن ....(متجدد) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 175 - عددالزوار : 60056 )           »          خطورة الوسوسة.. وعلاجها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          إني مهاجرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          الضوابط الشرعية لعمل المرأة في المجال الطبي.. والآمال المعقودة على ذلك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 30 - عددالزوار : 827 )           »          صناعة الإعلام وصياغة الرأي العام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          من تستشير في مشكلاتك الزوجية؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          فن إيقاظ الطفل للذهاب إلى المدرسة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث

ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #91  
قديم 03-05-2019, 05:04 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الطهارة
(79)


- (باب استخدام الحائض) إلى (باب في الذي يقرأ القرآن ورأسه في حجر امرأته وهي حائض)

إن شريعة الإسلام وسط بين الشرائع، فالحائض في شريعة الإسلام يجوز مؤاكلتها ومجالستها، ويجوز قراءة القرآن للمسلم وهو ملاصق للحائض أو مستند إليها.
استخدام الحائض
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب استخدام الحائضأخبرنا محمد بن المثنى حدثنا يحيى بن سعيد عن يزيد بن كيسان حدثني أبو حازم قال أبو هريرة رضي الله عنه: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد إذ قال: (يا عائشة! ناوليني الثوب، فقالت: إني لا أصلي، قال: إنه ليس في يدك فناولته)].

شرح حديث أبي هريرة في استخدام الحائض
يقول النسائي رحمه الله: باب: استخدام الحائض، هذه الترجمة وما بعدها من التراجم تتعلق بأحكام الحائض، وهذه الترجمة وهي باب استخدام الحائض، أي: تكليفها بشيء وقيامها بخدمة، أو طلب شيء منها أن تفعله، مثل ما جاء في الحديث من المناولة التي اشتمل عليها الحديث الذي أورده النسائي تحت هذه الترجمة.فالمقصو� �: أن استخدام الحائض ومضاجعتها ومجالستها ومؤاكلتها، كل ذلك جائز، والترجمة معقودة لاستخدامها، وقد أورد فيه النسائي: حديث عائشة رضي الله تعالى عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في المسجد فقال: (يا عائشة! ناوليني الثوب، فقالت: إنني لا أصلي) يعني: هذا كناية عن كونها حائض، فقال عليه الصلاة والسلام: (إن ذلك ليس في يدك)، أي: أن حيضتها ليست في يدها، فكونها تعمل شيئاً بيدها، أو تناول شيئاً في يدها فلا علاقة له في الحيض الذي هو الدم، والذي هو المستقذر، فناولته الثوب لما بين لها عليه الصلاة والسلام أن ذلك سائغ، وأنه لا مانع منه، وأن حيضتها ليست في يدها، وكونها تلمس الشيء وتعطيه، أو تناوله لا يؤثر ذلك، بل إن مضاجعة الحائض ومجالستها ومؤاكلتها لا بأس بذلك.وهذا الحديث يدل على أن المرأة يمكن أن تناول وتخرج يدها من الباب، أو من النافذة وأن ذلك لا يعتبر دخولاً في المسجد، ولا يعتبر استخداماً للمسجد من الحائض، فإخراج يدها من الحجرة، أو من مكان خارج من المسجد ومد يدها إلى المسجد، كل هذا لا يؤثر، ولا يعتبر دخولاً منها للمسجد؛ لأن يدها عندما تناولها ليس الحيض فيها، وإنما الدم في محله، وفي موضعه الذي هو فرجها.وهذا الحديث أيضاً يستدل به على أن من حلف لا يدخل مكاناً، فمد يده إليه، أو أدخل يده إليه؛ فإن ذلك لا يعتبر دخولاً فيه؛ لأن عائشة رضي الله عنها كانت في حجرتها، وهي لا تدخل المسجد للحيضة التي معها، وكونها تمد يدها لا يؤثر ذلك، ولا يقال: إنها دخلت المسجد بإدخال يدها فيه.

تراجم رجال إسناد حديث أبي هريرة في استخدام الحائض
قوله: [أخبرنا محمد بن المثنى].هو العنزي الملقب بـالزمن، وهو ثقة، من شيوخ أصحاب الكتب الستة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو من صغار شيوخ البخاري، إذ كان بينه وبين وفاة البخاري أربع سنوات؛ لأن البخاري توفي سنة ست وخمسين ومائتين، ومحمد بن المثنى توفي سنة اثنتين وخمسين ومائتين، وقد توفي أيضاً معه في تلك السنة محمد بن بشار الملقب بندار، ويعقوب بن إبراهيم الدورقي، وهؤلاء الثلاثة جميعاً شيوخ لأصحاب الكتب الستة.[حدثنا يحيى بن سعيد].وهو يحيى بن سعيد القطان، المحدث المشهور، الثقة، الثبت، الناقد، المعروف بالكلام في الجرح والتعديل، وهو الذي سبق أن ذكرت: أن الذهبي ذكره وذكر عبد الرحمن بن مهدي، وقال في كتابه: الذين يعتمد قولهم في الجرح والتعديل، عندما ذكر جملة منهم على مختلف السنين ومختلف القرون، ذكر يحيى بن سعيد القطان، وعبد الرحمن بن مهدي، وقال: إنهما إذا جرحا شخصاً، فهو لا يكاد يندمل جرحه، يعني أنهما قد أصابا الهدف، فهو لا يكاد يندمل جرحه.فهذا يحيى بن سعيد القطان، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة، وفي طبقته يحيى بن سعيد الأموي، يعني: من طبقة شيوخ شيوخ البخاري؛ لأن البخاري يروي عنهما بواسطة: يحيى بن سعيد القطان، ويحيى بن سعيد الأموي، وهناك شخصان في طبقة قبلهما، وهما في طبقة صغار التابعين، وهما: يحيى بن سعيد الأنصاري، ويحيى بن سعيد التيمي أبو حيان، فهؤلاء من طبقة صغار التابعين، وكلٌ منهم يقال له: يحيى بن سعيد، ومعرفة الشخص إذا كان مهملاً ولم ينسب فإنه يرجع في معرفته إلى طرق الأسانيد الأخرى؛ لأنه قد ينسب الشخص ويتحدد المقصود فيما إذا كان مهملاً، وهو يحتمل عدة أشخاص، وكذلك أيضاً يمكن أن يعرف عن طريق معرفة الشيوخ والتلاميذ، فيعين أحد الشخصين المتفقين في الاسم، أو في الاسم واسم الأب، يعرف ذلك بمعرفة التلاميذ والشيوخ.[عن يزيد بن كيسان].ويزيد بن كيسان هذا صدوق يخطئ، وحديثه عند مسلم، وأصحاب السنن الأربعة، والبخاري في الأدب المفرد.[حدثني أبو حازم].وهو سلمان الأشجعي الكوفي، وهو ثقة، وأبو حازم يطلق على عدة أشخاص، يعني في الكنية، والمقصود به هنا هو: سلمان الأشجعي الكوفي الذي يروي عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.[عن أبي هريرة].وأبو هريرة رضي الله تعالى عنه هو الصحابي الجليل، المكثر من رواية الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل هو أكثر الصحابة على الإطلاق حديثاً، وهو أكثر السبعة الذين عرفوا بكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذين نظمهم السيوطي في ألفيته حيث قال: والمكثرون في رواية الأثرأبو هريرة يليه ابن عمروأنس والبحر كـالخدريوجابر وزوجة النبيِّ

شرح حديث عائشة في استخدام الحائض
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا قتيبة بن سعيد عن عبيدة عن الأعمش ح وأخبرنا إسحاق بن إبراهيم حدثنا جرير عن الأعمش عن ثابت بن عبيد عن القاسم بن محمد عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ناوليني الخمرة من المسجد، قالت: إني حائض، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليست حيضتك في يدك).قال: أخبرنا إسحاق بن إبراهيم، قال: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش بهذا الإسناد مثله].أورد النسائي حديث عائشة رضي الله تعالى عنها، وهو مثل حديث أبي هريرة؛ لأن حديث أبي هريرة يحكي ما حصل لـعائشة، وهنا عائشة تحكي ما حصل لها، وهو أن النبي عليه الصلاة والسلام قال لها: (ناوليني الخمرة من المسجد، فقالت: إني حائض، فقال: إن حيضتك ليست في يدك)، والمقصود أن هذا الحديث مثل حديث أبي هريرة المتقدم، فالرسول صلى الله عليه وسلم كان في المسجد، فقال لـعائشة وهي في داخل حجرتها: (ناوليني الخمرة)، وهناك (ناوليني الثوب) كما في حديث أبي هريرة، والخمرة هي: ما يتخذ للصلاة عليها، كسجادة من خوص أو غيره، فهذه يقال لها: خمرة.وقوله: (من المسجد) ليس ذلك متعلقاً بالمناولة، وأن عائشة تحضر هذا من المسجد، بل هو متعلق بـ(قال)، يعني: قال لها وهو في مكان من المسجد: (ناوليني)، وليس المقصود من ذلك: أن الخمرة في المسجد وهي تدخل المسجد وتحضرها، وإنما المقصود من ذلك: أنه قال ذلك وهو في المسجد، وهو مثل حديث أبي هريرة المتقدم أنه كان في المسجد، وطلب منها أن تناوله، ولهذا قال: (إن حيضتك ليست في يدك)، ولو كان المقصود أنها تدخل لكان الأمر لا يختص باليد؛ لكن لما كان الإخراج لليد من داخل الحجرة إلى المسجد قال: (إن حيضتك ليست في يدك)، فدخول يدك إلى المسجد لا يؤثر؛ لأن الحيضة ليست فيها، والدم ليس فيها، وإنما هو في الفرج، وهي بجسمها في الحجرة، ولكنها ناولته ومدت يدها من داخل الحجرة إلى المسجد.فإذاً قوله: (من المسجد) متعلق بـ(قال)، وليس متعلقاً بالمناولة، وأنها تناوله من المسجد وأن تحضره من المسجد؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان في المسجد، وهي بحجرتها، ولهذا عبرت بأنها قالت: إنها حائض، وأنها لا تدخل المسجد، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال: (ليست حيضتك في يدك)، يعني: إذا مدت يدها إلى داخل المسجد لا تعتبر دخلت المسجد، ولا يؤثر ذلك؛ لأن حيضتها في فرجها، وجسدها في داخل منزلها، ويدها هي التي خرجت من الحجرة وامتدت إلى المسجد، فذلك لا يؤثر.

تراجم رجال إسناد حديث عائشة في استخدام الحائض
قوله: [أخبرنا قتيبة بن سعيد].قتيبة بن سعيد هذا من شيوخ النسائي الذين أكثر عنهم، بل هو أول شيخ روى عنه في سنن النسائي، وما أكثر ما يأتي ذكر قتيبة بن سعيد في الأسانيد يروي عنه النسائي، وهو: قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة، وهو منفرد في رجال الكتب الستة بهذا الاسم.[ عن عبيدة ].وهو عبيدة بن حميد فهو صدوق، وربما أخطأ، وحديثه عند البخاري، وأصحاب السنن الأربعة، ولم يخرج له مسلم، وقد مر ذكر عبيدة بن حميد فيما مضى، ونبهت على أنه بفتح العين، وأن الذين بفتح العين كثيرون، وهم أكثر الرواة الذين في الكتب، والذين هم بضم العين قليلون، ففي التقريب تسعة أشخاص ممن يسمى عَبيدة بفتح العين، وثلاثة أشخاص ممن يسمى عُبيدة بضم العين، وهذا الذي يسمى في علم المصطلح بالمؤتلف والمختلف، والمتشابه، يعني: أنها تتفق الألفاظ في الرسم وتختلف في الحركات، ويقال له: مؤتلف ومختلف، ويقال له: متشابه.[عن الأعمش].والأعمش لقب اشتهر به سليمان بن مهران الكوفي، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو مشهور بلقبه، ويأتي كثيراً باللقب، ويأتي أيضاً بالاسم، وقد نبهت مراراً وتكراراً أن فائدة معرفة ألقاب المحدثين هي حتى لا يظن الشخص الواحد شخصين فيما إذا ذكر مرة باسمه ومرة بلقبه.[ح وأخبرنا إسحاق بن إبراهيم].ثم أتى النسائي بـ(ح) التحويل، ورمز (ح) حرف مفرد مهمل، وهو رمز إلى التحول من إسناد إلى إسناد، فيذكر النسائي إسناداً ثم قبل أن يصل إلى نهايته يعود من جديد، فيأتي بإسناد آخر عن شيخ آخر، ثم يلتقي الإسنادان عند راو معين، فحول الإسناد إلى إسناد آخر، فقال: (ح وأخبرنا إسحاق).وإسحاق بن إبراهيم هو: ابن مخلد الحنظلي المعروف بـابن راهويه، وقد عرفنا مراراً وتكراراً أنه ثقة ثبت، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وقد جمع بين الفقه والحديث، فهو محدث فقيه، وخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه .[أخبرنا جرير].وهو: ابن عبد الحميد، وهو ثقة، خرج له أصحاب الكتب الستة.[عن الأعمش].وهذا هو الملتقى مع الإسناد الأول، فـالأعمش عنده يلتقي الإسنادان الأول والثاني.[عن ثابت بن عبيد].وثابت بن عبيد ثقة، خرج له البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، والأربعة.[عن القاسم بن محمد].وهو القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وهو أحد الفقهاء السبعة في المدينة المشهورين في عصر التابعين، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[عن عائشة].القاسم هذا يروي عن عمته عائشة؛ لأن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق يروي عن عمته عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنهما.والقاسم بن محمد أحد الفقهاء السبعة يروي عن عمته عائشة رضي الله تعالى عنها وأرضاها أم المؤمنين الصديقة بنت الصديق، وهي مكثرة من حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام، وليس في الصحابيات من هو أكثر منها رواية، وحديثها عند أصحاب الكتب الستة.ثم ذكر النسائي إسناداً آخر يلتقي بـالأعمش، ويصل إلى الأعمش، وهو أن إسحاق بن إبراهيم روى هذا الحديث من طريق جرير عن الأعمش، ورواه أيضاً النسائي عن إسحاق بن إبراهيم، عن أبي معاوية، عن الأعمش.إذاً فبعض الإسناد الذي جاء بعد ذكر الحديث إسحاق بن إبراهيم والأعمش قد مرا في الإسناد الذي قبله.[حدثنا أبو معاوية].وهو ابن خازم الضرير الكوفي، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.قوله: [مثله بهذا الإسناد]، يعني: أن الإسناد من الأعمش فما فوق، والمتن مثل الذي قبله، والمقصود بكلمة (مثله): المماثلة التامة، والمماثلة في الألفاظ، بخلاف قولهم: نحوه، أي: إذا قالوا: بهذا الإسناد نحوه؛ فإن المقصود من ذلك: الاتفاق في المعنى مع الاختلاف في بعض الألفاظ، فهذا يعبر عنه بـ(نحوه)، وأما إذا كان المتن مطابقاً لما قبله فيقال فيه: مثله.
بسط الحائض الخمرة في المسجد

شرح حديث ميمونة في بسط الحائض الخمرة في المسجد
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب بسط الحائض الخمرة في المسجدأخبرنا محمد بن منصور عن سفيان عن منبوذ عن أمه أن ميمونة رضي الله عنها أنها قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع رأسه في حجر إحدانا فيتلو القرآن وهي حائض، وتقوم إحدانا بالخمرة إلى المسجد فتبسطها وهي حائض)].قول المصنف رحمه الله: (باب: بسط الحائض الخمرة في المسجد).الخمرة كما عرفنا: هي السجادة من حصير أو غيره يصلى عليه، وقد أورد النسائي تحت هذه الترجمة حديث ميمونة بنت الحارث الهلالية رضي الله عنها، قالت: (كانت إحدانا، أي: أمهات المؤمنين أزواج الرسول صلى الله عليه وسلم، كان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يضع رأسه في حجر إحدانا فيقرأ القرآن وهي حائض، وتقوم إحدانا بالخمرة إلى المسجد وهي حائض)، والمقصود بالجملة الثاني، وهي: بسط الحائض الخمرة في المسجد وهي حائض، لكن هذا لا يعني دخولها في المسجد؛ لأنها يمكن أن تبسطها وهي خارج المسجد فيما إذا كان باب الحجرة على المسجد، فهي تبسطها في المسجد وهي في باب الحجرة، ومن غير أن تخرج إلى المسجد؛ لأن الحد الفاصل بين الحجرة والمسجد الباب، فيمكن أن تقف في الباب وتبسط الخمرة في المسجد دون أن تخرج إلى المسجد.إذاً: ففي الحديث شاهد لما ترجم له المصنف، وفيه أيضاً: كون الرسول صلى الله عليه وسلم يجعل رأسه في حجر إحدى أمهات المؤمنين ويتلو القرآن وهي حائض، ففي هذا دليل على جواز مثل ذلك، وأن قراءة القرآن عند الحائض، أو وهو متصل بالحائض، بمعنى مستند إليها أو ملاصق لها، وأن ذلك لا يؤثر، ولو كان فيها نجاسة، والدليل على ذلك فعل رسول الله عليه الصلاة والسلام.

تراجم رجال إسناد حديث ميمونة في بسط الحائض الخمرة في المسجد
قوله: [أخبرنا محمد بن منصور حدثنا سفيان].ومحمد بن منصور هذا سبق أن عرفنا أن للنسائي شيخين، هما: محمد بن منصور الجواز المكي، ومحمد بن منصور الطوسي، وكل منهما روى عن السفيانين؛ لكن كونه يفسر بأنه سفيان بن عيينة فهو الأوضح؛ لأن محمد بن منصور الجواز مكي، وسفيان بن عيينة مكي، وسفيان الثوري كوفي، ومن المعلوم أنه إذا ذكر شخص مهمل محتمل لشخصين أو أكثر؛ فإنه يحمل على من يكون له علاقته به أكثر، وهنا كونه يكون المكي الجواز هو أقرب؛ لأنهما من بلد واحد، وأنه كثير الملازمة وكثير الاتصال بـسفيان بن عيينة؛ فيكون هو أقرب من أن يكون الثوري، ومما يؤيد هذا ويزيده وضوحاً أن الذي روى عنه سفيان وهو منبوذ هذا روى عنه ابن عيينة، وذكروا ذلك في ترجمته في تهذيب التهذيب.إذاً: فهذا يوضح ما هو مشهور ومعروف من أن محمد بن منصور، وإن كان يحتمل اثنين: الجواز، والطوسي، إلا أنه يحمل على أنه سفيان بن عيينة، وأنه الجواز.ومحمد بن منصور الجواز ثقة، خرج حديثه النسائي وحده، وسفيان بن عيينة كذلك هو ثقة، ثبت، حجة، إمام، عابد، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.[عن منبوذ].هو منبوذ بن أبي سليمان، وقيل: إن اسمه سليمان بن أبي سليمان، ومنبوذ لقب، وهو مقبول، خرج حديثه النسائي وحده، يروي عن أمه، وأمه أيضاً مقبولة، خرج حديثها النسائي وحده.[عن ميمونة].وهي ميمونة أم المؤمنين بنت الحارث الهلالية رضي الله عنها وأرضاها، وحديثها عند أصحاب الكتب الستة، وقد مر ذكرها فيما مضى رضي الله عنها وأرضاها.

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #92  
قديم 03-05-2019, 05:05 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الطهارة
(79)



في الذي يقرأ القرآن ورأسه في حجر امرأته وهي حائض

شرح حديث عائشة: (كان رأس رسول الله في حجر إحدانا وهي حائض وهو يتلو القرآن)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في الذي يقرأ القرآن ورأسه في حجر امرأته وهي حائضأخبرنا إسحاق بن إبراهيم وعلي بن حجر واللفظ له قالا: أخبرنا سفيان عن منصور عن أمه عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (كان رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجر إحدانا وهي حائض وهو يتلو القرآن)].أورد النسائي هذه الترجمة وهي: باب في الذي يقرأ القرآن ورأسه في حجر امرأته وهي حائض، أورد فيه حديث عائشة رضي الله عنها وأرضاها، قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكون رأسه في حجر إحدانا فيقرأ القرآن، وهي حائض)، وهو مثل ما تقدم في الحديث الذي قبله حديث ميمونة، فيقرأ القرآن وهي حائض؛ ويدلنا هذا الحديث على جواز ذلك، وأنه لا بأس من قراءة القرآن في القرب من الحائض، أو في الاتصال بها، سواء كان رأسه في حجرها، أو هو مستند إليها، وما إلى ذلك من الأحوال، فكل هذا سائغ، وإن كان فيها نجاسة، فإنه لا يمنع من أن يكون على صلة بها أو يكون جسمه متصلاً بها وهو يقرأ القرآن، فالدليل على هذا هذه الأحاديث التي جاءت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، عن ميمونة وعائشة رضي الله تعالى عنهما وأرضاهما.

تراجم رجال إسناد حديث عائشة: (كان رأس رسول الله في حجر إحدانا وهي حائض وهو يتلو القرآن)
قوله: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم، وعلي بن حجر].إسحاق بن إبراهيم هو: الحنظلي بن راهويه، الذي تقدم ذكره قريباً، وعلي بن حجر هو: ابن إياس السعدي المروزي، وهو ثقة حافظ، خرج حديثه البخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي.[واللفظ له] وهذا عند النسائي، عندما يذكر الحديث عن شيخين يجعل اللفظ للأخير منهما وينص عليه، وأحياناً يجعل اللفظ لأولهما وينص عليه، يقول: واللفظ لفلان، يعني: للأول، وهذا قليل في عمل النسائي، والأكثر كونه يجعله للشيخ الثاني من الشيخين، فينص عليه ويقول: واللفظ له، فينص على اسمي شيخين من شيوخه ثم يقول: واللفظ له، والضمير يرجع إلى أقرب المذكور، وأقرب المذكور هنا هو علي بن الحجر، فيكون اللفظ لـعلي بن الحجر، أي: المتن لـعلي بن الحجر.[أخبرنا سفيان].وسفيان هنا مهمل غير منسوب، يروي عن منصور وهو: ابن صفية منسوب إلى أمه، وقد روى له السفيانان؛ لكن في ترجمة إسحاق بن راهويه في تهذيب التهذيب أنه روى عن ابن عيينة، فيكون هذا المهمل هو ابن عيينة.وسفيان بن عيينة مر ذكره قريباً.[عن منصور عن أمه].ومنصور هو: ابن صفية، واسم أبيه عبد الرحمن، فهو منصور بن عبد الرحمن بن طلحة الحجبي العبدري، نسبة إلى بني عبد الدار وإلى حجابة الكعبة، وهي سدانتها، يعني: أنه من آل شيبة الذين هم سدنة الكعبة وحجبتها، فـمنصور هذا هو: ابن عبد الرحمن الحجبي العبدري، وأحياناً ينسب إلى أمه فيقال: منصور بن صفية.ومنصور بن عبد الرحمن ثقة، وحديثه عند الجماعة إلا الترمذي، يروي عن أمه صفية، وصفية هي بنت شيبة، أيضاً هي عبدرية، واختلف في صحبتها، منهم من قال: إنها صحابية، ومنهم من قال: إنها غير صحابية، وحديثها عند أصحاب الكتب الستة.[عن عائشة].وعائشة قد تقدم ذكرها رضي الله عنها.
الأسئلة

اسم أم منبوذ ومدى صحة إسناد حديث ميمونة: (كان رسول الله يضع رأسه في حجر إحدانا...)
السؤال: ما اسم أم منبوذ، وهل هذا الحديث صحيح الإسناد؟الجواب: اسم أم منبوذ لم يذكر فـالحافظ في التقريب لما جاء في ذكر النساء قال: أم منبوذ، وما ذكر اسمها، وقال: إنها مقبولة روى حديثها النسائي، والإسناد هذا الذي فيه قيل: عن منبوذ بأنه مقبول، وعن أمه بأنها مقبولة، طبعاً المقبول في اصطلاح الحافظ ابن حجر هو الذي يتابع ويحتاج إلى متابعة، ومن المعلوم أن الحديث جاء عن غير ميمونة بغير هذا الإسناد عن عائشة، وحديث عائشة دال على ما دل عليه حديثه، إلا ما يتعلق بذكر بسط الخمرة في المسجد، ومن المعلوم أن ذلك لا يؤثر؛ لأنه ليس فيه دخولها للمسجد، وإنما فيه أنها يمكن أن يحصل منها وهي خارج المسجد.

مدى مشروعية الصلاة على السجادة والاستدلال بحديث عائشة على الجواز
السؤال: هل يؤخذ من حديث عائشة مشروعية الصلاة على السجادة؟الجواب: نعم: يؤخذ منه جواز الصلاة على السجادة، وعلى الفراش، كما أنه يصلي على الأرض فيصلي على السجادة أو على الفراش، ولا يقال: مشروعية واستحباب الصلاة على السجادة؛ لأنه سائغ أن يصلي على الأرض كما يصلى على السجادة، فكل ذلك سائغ، ولا محذور فيه ولا مانع منه؛ لكن لا يقال: إنها سنة، بمعنى أنه يسن للإنسان أن يصلي على السجادة، وأنه يترك الأرض، لا، بل يقال: يمكن أن يصلي عليها، ويمكن أن يصلي على السجادة.

ما يلزم الحائض إذا شاهدت الطهر ثم بعده بمدة خرجت الكدرة والصفرة
السؤال: إذا شاهدت الحائض الطهرة ثم شاهدت بعدما اغتسلت بسبع ساعات تقريباً كدرة وصفرة، فهل تعيد الاغتسال؟الجواب : نعم، إذا كان في زمن الحيض، فإذا كانت الكدرة والصفرة هذه في زمن الحيض، بمعنى أن عادتها مثلاً سبعة أيام، فهي عند انتهاء الستة الأيام طهرت واغتسلت فخرجت الكدرة والصفرة في زمن العادة فهي حيضٌ.

مدى الاستفادة من تقريب تقريب التهذيب
السؤال: هناك في هذا الزمان من قام بتقريب تقريب التهذيب، فحذف الطبقات ورموز أصحاب الكتب الستة، فهل يستفاد من هذا الكتاب؟الجواب: كما هو معلوم أن التقريب أقل، وهو مختصر، وكما يقولون: المصغر لا يصغر، فهو لا يقبل الاختصار، والناس بحاجة إلى هذه الرموز وهذه الطبقات، ثم أيضاً عندما يريد الإنسان أن يعزو فإنه يعزو إلى هذا المختصر: اختصار فلان، وكما هو معلوم الكتاب في غاية الاختصار، وهو لا يحتاج إلى اختصار، والفائدة هي موجودة في التقريب وزيادة.

مدى سنية حسر الرأس عند نزول المطر
السؤال: هل ثبت أن من السنة حسر الرأس عند المطر، أو عند نزول المطر؟الجواب: أقول: لا أدري؛ لكن جاء في حديث في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخرج عند المطر ويقول: (إنه حديث عهد بربه)؛ لكن كلمة: (حسر الرأس) هذه ما يحضرني فيها شيء.

حكم تقصير اللحية وتهذيبها
السؤال: الرجاء بيان حكم تقصير أو تهذيب أو تحديد اللحية مع الأدلة؟الجواب: إذا كان المقصود بالتحديد هو الحد، يعني: حدها، فاللحية هي الشعر النابت على الخدين والذقن؛ على العارضين واللحيين؛ لأن لحي الإنسان فيه لحيان أيمن وأيسر، والذقن وهو ملتقاهما من أسفل، فالشعر النابت عليهما كله يقال له: لحية، هذا هو حدها.أما تقصيرها وأخذ شيء منها، فذلك لا يجوز؛ لأنه لم يأت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام ما يدل على ذلك، والرسول صلى الله عليه وسلم كان يعفي لحيته، وأصحابه يعفونها وهو يشاهدهم، بل ويأمرهم بعدة ألفاظ، فيقول: (أرخوها)، ويقول: (أعفوها)، ويقول: (وفروها)، وكل هذا يقتضي بقاءها وعدم التعرض لها، وقد جاء في سنن الترمذي حديث ضعيف جداً، (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأخذ من عرضها وطولها)، وهذا حديث في إسناده عمر بن هارون البلخي، وهو متروك وضعيف جداً، لا يحتج به، ووجوده مثل عدمه. إذاً فالأصل هو تركها كما كان يتركها رسول الله عليه الصلاة والسلام وصحابته الكرام رضي الله عنهم وأرضاهم.مداخلة: يأخذون ما زاد على القبض، فهل هذا ثابت؟الشيخ: لم يثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وإنما هذا جاء عن عبد الله بن عمر بعد النسك، ومن المعلوم أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يفعل هذا لا في النسك ولا في غيره، وكذلك أبوه عمر رضي الله عنه ما فعل هذا. إذاً فالأخذ بما جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وعن الصحابة الآخرين الذين لم يأخذوها عند النسك، أو لم يأخذوا شيئاً عند النسك، هذا هو المتعين الأخذ به والمصير إليه، وما جاء عن ابن عمر رضي الله عنه وأرضاه لا يؤخذ به، وإنما يؤخذ بما جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم، والرسول كان يتركها ولا يتعرض لها، ثم إن بعض الناس الذين يأخذون من لحاهم ويحتجون بفعل ابن عمر، لا يفعل كما يفعل ابن عمر، وإنما يتخذ هذا مدخلاً، ثم يكاد أن يحلق، يعني: من شدة التقصير؛ لأنه كما هو معلوم أن الأخذ منها ما زاد على القبضة، فإذا قبض الإنسان على لحيته وأخذ ما زاد عليها، فتكون لحيته طويلة ولا تكون قصيرة، ولكن كما قلت: حتى ما زاد على القبضة لا يؤخذ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ما أخذ، والحجة هو فعل رسول الله عليه الصلاة والسلام.

حكم خدمة المرأة لزوجها
السؤال: ما حكم خدمة المرأة لزوجها مع ذكر الدليل؟الجواب: خدمة المرأة لزوجها سائغ وجائز، وهذا هو الذي كان معلوماً من فعل أمهات المؤمنين مع رسول الله عليه الصلاة والسلام، وكذلك نساء الصحابة ومن بعدهم، كلهم على هذه الطريقة وعلى هذا المنوال، والدليل هو ما جاء في الأحاديث الكثيرة من قيام النساء لخدمة أزواجهن، وفي مقدمتهن أمهات المؤمنين وغيرهن من الصحابيات اللاتي يخدمن أزواجهن.

الراجح في اسم أبي هريرة ومدى صحة كونه أسلم على يد الطفيل بن عمرو الدوسي
السؤال: ما هو الراجح في اسم أبي هريرة عند المحدثين؟ وهل صحيح أن أبا هريرة رضي الله عنه أسلم على يد الطفيل بن عمرو الدوسي في بداية البعثة؟الجواب: أبو هريرة اشتهر بكنيته أبي هريرة، واسمه فيه أقوال كثيرة أشهرها أن اسمه عبد الرحمن، هذا هو أشهرها وأوضحها عند العلماء.وأما إسلامه على يد من كان؟ فلا أدري، والطفيل بن عمرو الدوسي معلوم أنه متقدم في الإسلام، وكان ذلك قبل الهجرة، بل إنه هو الذي عرض على النبي صلى الله عليه وسلم أن يهاجر إلى بلده، وأن قومه فيهم منعة، وأنهم يقومون بالدفاع عنه، ويمنعونه مما يمنعون أنفسهم، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال له: (ارجع إلى قومك)، يعني: ولم يشأ أن يهاجر إلى بلده بلاد دوس، وكان الله عز وجل قد كتب وهيأ وقدر أن يكون ذلك المجيء إلى هذه المدينة المباركة مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكانت هجرته إليها، ولن يوافق النبي عليه الصلاة والسلام الطفيل بن عمرو بالهجرة إلى بلاده، فقد عرض عليه ذلك رضي الله تعالى عنه وأرضاه، ثم إن الرسول صلى الله عليه وسلم لما هاجر إلى المدينة هاجر إليه الطفيل بن عمرو، وجاء إليه في المدينة، وجاء ومعه شخص آخر، وكان ذلك الشخص قد أصاب يده شيء من الألم، فقطع طرف إصبعه من شدة الألم الذي وجده، فبعد ذلك رآه في المنام الطفيل بن عمرو، يعني: بعدما مات ذلك الرجل، فرآه على حالة حسنة، ورأى أن ذلك القطع قد وضع عليه شيئاً غطاه به، فقال: ماذا حصل لك؟ فقال: غفر لي بهجرتي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقص الطفيل بن عمرو الرؤيا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فرفع يديه وقال: (اللهم وليديه فاغفر)، والحديث في صحيح مسلم.

تنبيه طالب العلم بالصلاة على النبي عند ذكره خاصة في حلق العلم
السؤال: فضيلة الشيخ! من الملاحظ أن الإخوة طلبة الحلقة لا يصلون على النبي صلى الله عليه وسلم عند ذكره، ومن المعلوم أن من أبرز فضائل أهل الحديث كثرة صلاتهم على النبي صلى الله عليه وسلم، حبذا لو نبهتهم على ذلك فجزاكم الله خير؟الجواب: معلوم أن الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذكره مشروع ومهم، ومستحب، بل قد جاء في الحديث: (البخيل من ذكرت عنده فلم يصل عليِّ)، عليه الصلاة والسلام، وقال: (رغم أنف امرئ ذكرت عنده فلم يصل عليِّ)، صلوات الله وسلامه وبركاته عليه؛ لكن الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بلازم أن يرفع بها الصوت؛ لكن يشرع للإنسان أن يتلفظ بها، وإن سمعت منه بصوت منخفض لا يشوش على أحد فهذا حسن، وإذا صلى وسلم عليه دون أن يرفع صوته، وبحيث يسمع نفسه فقد حصل المقصود؛ لكن إذا صلى وسلم عليه ورفع صوته رفعاً خفيفاً لا يشوش على أحد، فينبه من كان غافلاً، فهذا هو الذي ينبغي، ومن المعلوم أن هذا من أعظم المكاسب والفوائد التي يحصلها طلبة الحديث؛ لأنه كثير ما يأتي عندهم ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فيصلون ويسلمون عليه، عليه الصلاة والسلام فيحصلون الخير الكثير، فقد قال عليه الصلاة والسلام: (من صلى عليِّ واحدة صلى الله بها عشراً)، صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، فالذي ينبه عليه الجميع هو ألا يغفل أحد عن الصلاة والسلام على رسول الله عليه الصلاة والسلام عند ذكره عليه الصلاة والسلام، ويكون ذلك بصوت منخفض لا يحصل معه تشويش.

النذر لخدمة الإسلام والمسلمين دون إذن الأبوين
السؤال: هل يحق لي أن أنذر نفسي لخدمة الإسلام والمسلمين بدون إذن والدي؟الجواب: كل مسلم ينبغي أن يجعل نفسه في خدمة الإسلام والمسلمين، سواء كان بإذن الوالدين أو بدون إذنهم، فالإنسان يجتهد في أن ينفع نفسه، وينفع غيره ومن المعلوم أن خدمة الإسلام والمسلمين أعظم ما تكون بتوجيههم ودعوتهم إلى الخير، وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، ومساعدتهم على ما يمكنهم مساعدتهم إياه، كما جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم: (كل سلامى من الناس عليه صدقة، كل يوم تطلع فيه الشمس تعدل بين اثنين صدقة، وتميط الأذى عن الطريق صدقة، والكلمة الطيبة صدقة)، يعني: كل هذا من نفع المسلمين ومن خدمة المسلمين ومن إفادة للمسلمين.

ترك الزواج مخافة ترك الجهاد
السؤال: هل يحق لي ألا أتزوج مخافة الجبن وترك الجهاد؟الجواب: لا، لا يترك الزواج مخافة الجبن وترك الجهاد، بل يتزوج ويجاهد، فالرسول صلى الله عليه وسلم سيد المجاهدين وهو الذي تزوج، وشرع لأمته الزواج، وحثهم عليه ورغبهم فيه صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، فمن استطاع الزواج فليبادر إليه، وليحرص مع ذلك على أن ينفع في الجهاد وفي غير الجهاد، والزواج لا يمنع الجهاد، فأصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم الذين كانوا يجاهدون كلهم متزوجون إلا القليل، فما منعهم ذلك من الجهاد في سبيل الله رضي الله عنهم وأرضاهم.

حكم تلاوة القرآن للحائض والجنب
السؤال: هل يمكن أن نستدل بحديثي أبي هريرة وعائشة على جواز تلاوة القرآن للحائض، وكذلك جواز تلاوته للجنب؟الجواب: قراءة القرآن للحائض ليس فيه دليل على ما يمنع من ذلك، ثم أيضاً الحائض لا تستطيع التخلص من الحيض بيدها، بخلاف الجنب، فالجنب يتخلص من الجنابة بيده، فيذهب ويغتسل أو يتيمم إذا لم يجد ماء؛ لكن الحائض ما تستطيع إلا إذا انتهى الحيض، وإذا لم تقرأ قد يؤدي ذلك إلى نسيانها للقرآن، فقراءتها للقرآن لا مانع منه، لا سيما إذا كانت تخشى أن تنسى الحفظ؛ وليس هناك نص يمنع، بل هذا الحديث يستدل به بعض العلماء على أنها لا تقرأ القرآن، قالوا: لأنه ذكر، قالت: (وهي حائض)، يعني: أنه كان يقرأ القرآن وهي حائض، يعني: يمسها، فهذا الحديث لا يدل على أنها كانت تقرأ القرآن.

حكم تسمية المدارس باسم أم النبي صلى الله عليه وسلم
السؤال: هناك مدرسة تسمى مدرسة آمنة بنت وهب، فما رأي فضيلة الشيخ في هذه التسمية؟ فإن آمنة بنت وهب لم تمت على الإسلام والتوحيد، وقد تؤثر هذه التسمية على الناس حيث يتعلق قلوبهم بهذا الاسم وصاحبه.الجواب: لا يصلح التسمية بأسماء غير المسلمين، ولا أيضاً من ينتسب للإسلام وعنده ما يناقض الإسلام، يعني: من جنس بعض المنتسبين للإسلام وعندهم أمور تناقض الإسلام، مثل ابن سينا والفارابي، فـابن سينا قال عنه ابن القيم في كتابه شفاء العليل: شيخ الملحدين ابن سينا في شرح حديث تحاج آدم وموسى، يعني: ذكر عنه تفسيراً في غاية السوء، وكذلك الفارابي فكان يقال عنه: إنه لا يقول بمعاد الأجسام، (المعاد الجثماني)، وإنما يقول: بمعاد الأرواح، فلما ذكره ابن كثير في البداية والنهاية قال: فعليه -إن كان مات على ذلك- لعنة رب العالمين.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #93  
قديم 03-05-2019, 05:06 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الطهارة
(80)


باب غسل الحائض رأس زوجها - باب مؤاكلة الحائض والشرب من سؤرها

يجوز مؤاكلة الحائض والشرب من سؤرها، وكذلك تغسيلها لرأس زوجها، وكل هذا من يسر الدين وسماحته.
غسل الحائض رأس زوجها

شرح حديث عائشة: (كان النبي يومئ إلي رأسه وهو معتكف فأغسله وأنا حائض)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: غسل الحائض رأس زوجها.أخبرنا عمرو بن علي حدثنا يحيى حدثنا سفيان حدثني منصور عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يومئ إلى رأسه وهو معتكف، فأغسله وأنا حائض)].هنا يقول النسائي رحمه الله باب غسل المرأة رأس زوجها وهي حائض. هذه الترجمة تتعلق ببعض الأمور المتعلقة في الحائض، وهي كونها تغسل رأس زوجها في حال حيضها، وأن ملامستها له بالماء وغيره أنه لا بأس به ولا مانع منه، وقد أورد النسائي رحمه الله عدة أحاديث، أولها: حديث عائشة رضي الله تعالى عنها أنها قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئ إليّ رأسه وهو معتكف، فأغسله وأنا حائض)، يعني: أنه يخرج إليها رأسه من المسجد وهي في الحجرة، وذلك في حال اعتكافه صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، فتغسله وهي حائض، وهو واضح الدلالة على ما ترجم له، وأن هذا العمل سائغ وجائز وأنه لا مانع منه، فقد كان عليه الصلاة والسلام يخرج رأسه إلى عائشة وهو في المسجد، وهي في الحجرة فتغسله وهي حائض.

تراجم رجال إسناد حديث عائشة: (كان النبي يومئ إلي رأسه وهو معتكف فأغسله وأنا حائض)
قوله: [أخبرنا عمرو بن علي].هو عمرو بن علي بن بحر بن كنيز الفلاس، محدث، مشهور وناقد، كلامه كثير في الجرح والتعديل، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة، وهو من الثقات، الأثبات، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة، وقد مر ذكره كثيراً.[أخبرنا يحيى].وهو ابن سعيد القطان، وهو أيضاً محدث، ناقد، من أئمة الجرح والتعديل، وهو ثقة ثبت وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.[حدثنا سفيان].وسفيان هذا غير منسوب، فيحتمل أن يكون الثوري ويحتمل أن يكون ابن عيينة، وفي ترجمة يحيى بن سعيد القطان في تهذيب الكمال يقول: إنه روى عن السفيانين: سفيان الثوري وسفيان بن عيينة، وفي ترجمة منصور بن المعتمر يقول: إنه روى عنه السفيانان: سفيان الثوري وسفيان بن عيينة، إذاً: فالاحتمال قائم؛ لأن كلاً من السفيانين روى عنهما يحيى بن سعيد القطان، وكلاً منهما رويا عن منصور بن المعتمر، ووجه الترجيح أو الذي يمكن أن يرجح به أحدهما على الآخر أن يقال: الأظهر أنه سفيان الثوري؛ لأن سفيان الثوري كوفي، ومنصور بن المعتمر كوفي، وسفيان بن عيينة مكي، ومن المعلوم أن ملازمة الكوفي للكوفي لكونه من بلده يكون له به خصوصية، بخلاف من هو في بلد آخر، فإنه لا يلتقي به إلا في رحلة وفي أوقات مخصوصة، وكونه في مكة يمكن أن يتم ذلك بحج أو عمرة أو رحلة لطلب الحديث.إذاً: فكون سفيان الثوري كوفياً ومنصور بن المعتمر كوفياً يجعل جانب رجحان أن يكون سفيان الثوري أقرب من أن يكون سفيان بن عيينة.وسفيان الثوري إمام محدث كبير مشهور، وقد وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهي من أعلى صيغ التعديل وأرفعها، ولا تحصل إلا للقليل النادر من المحدثين، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة. وسفيان غير منسوب كما عرفنا، وهذا يسمى المهمل في علم المصطلح وليس المبهم، فإذا قيل: عن رجل، أو حدثني رجل، فهذا يقال له: مبهم؛ لأنه غير مسمى، وأما المهمل يسمى ولكن تهمل النسبة، ويعرف التمييز بالرجوع إلى الطرق المتعددة، وقد يسمى بها ذلك المهمل، أو بمعرفة الشيوخ والتلاميذ، فإنه يمكن بواسطة ذلك أن يعرف ذلك المهمل الذي هو غير منسوب.[حدثني منصور].هو منصور بن المعتمر ثقة ثبت، وهو كوفي، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.[عن إبراهيم].وهو ابن يزيد بن قيس النخعي الكوفي أيضاً، وهو ثقة وفقيه مشهور، معروف بالفقه ومعروف بكثرة الحديث، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.[عن الأسود].وهو ابن يزيد النخعي، وخاله هو إبراهيم النخعي، وهو مخضرم وثقة، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة، والمخضرمون هم الذين أدركوا الجاهلية والإسلام ولم يروا النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يحصل لهم شرف الصحبة، وقد كانوا موجودين في زمانه ولم يحصل لهم شرف لقياه حتى يكونوا بذلك من الصحابة.[عن عائشة].وهي أم المؤمنين الصديقة بنت الصديق رضي الله عنها، وحديثها عند أصحاب الكتب الستة، وقد مر ذكرها كثيراً.إذاً: فهذا الإسناد رواته كلهم حديثهم عند أصحاب الكتب الستة: عمرو بن علي الفلاس، ويحيى بن سعيد القطان، وسفيان الثوري، ومنصور بن المعتمر، وإبراهيم النخعي، والأسود بن يزيد النخعي، وعائشة؛ سبعة رواة كلهم حديثهم عند أصحاب الكتب الستة، ومن دون الصحابية كلهم ثقات: الأسود بن يزيد، وإبراهيم بن يزيد، ومنصور بن المعتمر، وسفيان الثوري، ويحيى بن سعيد القطان، وعمرو بن علي الفلاس، فكل هؤلاء من الثقات.

شرح حديث عائشة: (كان رسول الله يخرج إليّ رأسه من المسجد وهو مجاور فأغسله وأنا حائض)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن سلمة حدثنا ابن وهب عن عمرو بن الحارث وذكر آخر عن أبي الأسود عن عروة عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج إليّ رأسه من المسجد وهو مجاور فأغسله وأنا حائض)].وهنا أورد النسائي حديث عائشة رضي الله عنها من طريقٍ أخرى، وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخرج إليها رأسه من المسجد وهو مجاور له، فتغسله وهي حائض، (ومجاور) يعني: معتكف، وهو مثل الذي قبله، بل هو موضحٌ للذي قبله؛ لأن كلمة: (يومئ) تفسرها هذه الرواية وهي: يخرج (ويومئ) يعني: يخرج، فالرواية الثانية هذه مفسرة للرواية الأولى.

تراجم رجال إسناد حديث عائشة: (كان رسول الله يخرج إليّ رأسه من المسجد وهو مجاور فأغسله وأنا حائض)
قوله: [أخبرنا محمد بن سلمة].وهو المرادي المصري، وهو ثقة، خرج حديثه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه، فخرج له مسلم وثلاثة من أصحاب السنن الأربعة، وهم من عدا الترمذي.[حدثنا ابن وهب]. وهو عبد الله بن وهب المصري، الثقة الفقيه، المكثر من الحديث، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.[أخبرنا عمرو بن الحارث وذكر آخر].يعني: أن عبد الله بن وهب المصري روى عن عمرو بن الحارث وهو أيضاً مصري، وهو ثقة ثبت، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة، أعني عمرو بن الحارث، والرجل الآخر هنا لم يسم فهو مبهم، والمبهم هو الذي لم يذكر اسمه بأن يقال: رجل، وأما إذا سمي كالذي مر في الإسناد الذي قبل هذا وهو سفيان، لم يقل: الثوري ولا ابن عيينة، فهذا يقال له: مهمل، يعني: مهمل النسبة، وأما هذا فيقال له: مبهم، والمبهم لا يؤثر إلا إذا كان وحده في الإسناد، أما ما دام قد ذكر مع غيره ممن هو ثقة فالعمدة على غيره، وهذا وجوده كعدمه لا يؤثر، سواءً ذكر أو لم يذكر، عرف أو لم يعرف؛ لأن العمدة على المسمى وهو ثقة، وهو عمرو بن الحارث المصري، وهذا الرجل الذي لم يسم الأظهر أنه عبد الله بن لهيعة؛ لأن النسائي تجنب حديث عبد الله بن لهيعة وأعرض عنه، وقد ذكروا أن ذلك من انتقائه، وأن حديث عبد الله بن لهيعة عنده ويعرفه حديثاً حديثاً، ومع ذلك لم يخرج في سننه عن عبد الله بن لهيعة؛ لأنه صدوق، احترقت كتبه فترك، ولم يأخذ عنه بعض العلماء، ومنهم من أخذ عنه وروى عنه، لكن النسائي تجنب حديثه، فلعله يعنيه؛ لأنه جاء في الإسناد: عن عمرو بن الحارث، ورجل آخر، فيحتمل أن يكون ابن لهيعة ولكنه لم يسمه؛ لأنه ما أراد الرواية عنه، وقد تجنب حديثه، وهو عمرو بن الحارث في طبقةٍ واحدة، وهما مصريان، وعبد الله بن وهب مصري، فالأظهر أنه عبد الله بن لهيعة، لكن كما قلت: لا يؤثر عدم تسميته؛ لأنه ليس عليه اعتماد، فوجوده كعدمه؛ لأن الاعتماد على المسمى وهو عمرو بن الحارث، وعمرو بن الحارث كما ذكرت هو ثقة ثبت، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.[عن أبي الأسود]. وهو محمد بن عبد الرحمن بن نوفل الأسدي، المشهور بلقب (يتيم عروة)، وقيل له: يتيم عروة؛ لأن أباه أوصى به إلى عروة، فصار يقال له: يتيم عروة، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة، وهو مدني. [عن عروة]. وهو عروة بن الزبير، وهو أحد الفقهاء السبعة المشهورين في عصر التابعين في المدينة، وهو من الثقات، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.[عن عائشة]. يروي عروة عن خالته عائشة رضي الله عنها؛ لأن أمه أسماء بنت أبي بكر، هي أخت عائشة، فهو يروي عن خالته عائشة رضي الله تعالى عنها، وقد مر ذكرها في الحديث الذي قبل هذا.إذاً: فهذا الإسناد رواته كلهم من الثقات، وكلهم خرج له أصحاب الكتب الستة إلا شيخ النسائي: محمد بن سلمة المرادي، فإنه لم يخرج له البخاري ولا الترمذي، والباقون خرج لهم أصحاب الكتب الستة.وفي الإسناد: محمد بن سلمة المرادي، وعبد الله بن وهب، وعمرو بن الحارث، وهؤلاء مصريون، وأما يتيم عروة الذي هو أبو الأسود محمد بن عبد الرحمن بن نوفل، وعروة، وعائشة فهم مدنيون، فنصف الإسناد مصريون، ونصفه مدنيون، وكل الرواة ثقات الذين هم دون الصحابية، وأما الصحابة فلا يقال عن الواحد فيهم: ثقة، وإنما يكفي أن يقال عنه: صحابي كما عرفنا ذلك فيما مضى، فالصحابة لا يحتاجون إلى تعديل مع تعديل الله لهم وتعديل رسوله صلى الله عليه وسلم، لا يحتاجون إلى تعديل المعدلين وتوثيق الموثقين.

شرح حديث عائشة: (كنت أرجل رأس رسول الله وأنا حائض)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا قتيبة بن سعيد عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها، أنها قالت: (كنت أرجل رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا حائض)].وهنا أورد النسائي حديث عائشة رضي الله عنها أنها كانت ترجل رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي حائض، وترجله يعني: تسرحه، والترجيل هو: تسريح الشعر، وهذا يدل على أن كون المرأة تغسل شعر رأس زوجها أو ترجله وتسرحه في حال حيضها أنه لا بأس بذلك ولا مانع منه.

تراجم رجال إسناد حديث عائشة: (كنت أرجل رأس رسول الله وأنا حائض)
قوله: [أخبرنا قتيبة].وهو ابن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، الثقة الثبت، والذي خرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وقد جاء ذكره كثيراً في سنن النسائي، بل هو أول شيخ روى عنه النسائي في سننه.[عن مالك]. وهو مالك بن أنس إمام دار الهجرة، المحدث الفقيه الإمام، صاحب أحد المذاهب الأربعة المشهورة، وهو من أئمة الحديث في الفقه، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.[عن هشام بن عروة]. وهو هشام بن عروة بن الزبير، وهو ثقة، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة، وأبوه عروة، وعروة يروي عن عائشة، وقد مر ذكرهم في إسناد الحديث الذي قبل هذا.

شرح حديث عائشة: (كنت أرجل شعر رسول الله وأنا حائض) من طريق أخرى
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا قتيبة بن سعيد عن مالك (ح) وأخبرنا علي بن شعيب حدثنا معن حدثنا مالك عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها مثل ذلك].وهنا أورد النسائي طريقاً آخر أو طريقين آخرين من النسائي، وكلها تلتقي عند مالك.والنسائي ما ذكر المتن، ولكنه أحال إلى المتن الذي قبله، وقال: (مثل ذلك)، يعني: ذلك الحديث المتقدم، وهو أن عائشة قالت: (كنت أرجل شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا حائض)، فالمتن في هذا الإسناد مثل المتن السابق، وقد ذكرت سابقاً أن التعبير بمثله يقتضي المماثلة في المتن، بخلاف التعبير بنحوِه؛ فإن هذا يقتضي الاتفاق في المعنى وإن حصل اختلاف في بعض الألفاظ، فهذا يقال فيه: نحوه، وأما إذا كان المتن مطابقاً للمتن فيقال: مثله.

تراجم رجال إسناد حديث عائشة: (كنت أرجل شعر رسول الله وأنا حائض) من طريق أخرى
قوله: [قتيبة بن سعيد عن مالك].وهو مماثل للإسناد الذي قبل هذا.[(ح) وأخبرنا علي بن شعيب].ثم أتى بـ (ح) التحويل فقال: وعلي بن شعيب وهو السمسار البغدادي، وهو ثقة، وخرج حديثه النسائي وحده، ولم يخرج له الباقون من أصحاب الكتب الستة. [حدثنا معن]. وهو معن بن عيسى، وهو ثقة ثبت، وقال أبو حاتم: هو أثبت أصحاب مالك، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة، وقد مر ذكره فيما مضى.[عن مالك]. مالك هو الذي مر في الإسناد الذي قبله.وعلى هذا فالإسنادان: الإسناد العالي، والإسناد النازل كلاهما إلى مالك؛ لأن بين النسائي وبين مالك في الإسناد الأول قتيبة بن سعيد، وفي الإسناد الثاني بينه وبين مالك شخصان وهما: علي بن شعيب ومعن بن عيسى، فالإسناد الثاني يعتبر نازلاً بالنسبة للإسناد الأول، والإسناد الأول يعتبر عالياً بالنسبة للإسناد الثاني. [عن الزهري]. وهو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب بن عبد الله بن الحارث بن زهرة بن كلاب، وقد مر ذكره كثيراً، وهو فقيه محدث جليل، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.[عن عروة عن عائشة]. وقد مر ذكرهما في الأسانيد السابقة.

توضيح معنى: إسناد العالي والنازل
ونقول بأن العلو والنزول نسبيان، يعني: يكون الإسناد عالياً بالنسبة إلى إسناد آخر، ونازلاً بالنسبة إلى إسناد عال، والإسناد العالي هو: الذي يقل فيه الرجال بين المصنف وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم، والإسناد النازل هو: الذي يكثر فيه الرجال، فمثلاً: أعلى الأسانيد عند النسائي الرباعيات، فيكون بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة أشخاص، هذا بالنسبة لكامل الإسناد، لكن هنا بالنسبة للرواية عن مالك، فإن النسائي روى عن مالك الحديث من طريقين: طريق فيه بينه وبين مالك: قتيبة شيخه، وطريق آخر بينه وبين مالك: علي بن شعيب البغدادي ومعن بن عيسى المدني، فإذاً يعتبر الإسناد الأول عالياً بالنسبة للإسناد الثاني؛ لأن النسائي في الإسناد الأول بينه وبين مالك شخص واحد وواسطة واحدة، وفي الإسناد الثاني بينه وبين مالك واسطتان، إذاً الإسناد الأول أعلى من الثاني؛ لأن الأول قلت الوسائط وليس فيه إلا واسطة واحدة، وفي الإسناد الثاني كثرت الوسائط ففيه واسطتان.إذاً عندنا الأسانيد العالية والنازلة؛ فالأسانيد العالية: هي التي يقل فيها الرواة، فمثلاً: النسائي أعلى الأسانيد عنده الرباعيات، والبخاري أعلى الأسانيد عنده الثلاثيات، ويقال: إن أنزل الأسانيد عنده التساعيات، يعني: تسعة أشخاص بين البخاري وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم، والبخاري عنده اثنان وعشرون حديثاً ثلاثيات، وعنده أحاديث أسانيدها ثمانيات وسباعيات وسداسيات، لكن عنده تساعيات، ويقال: إنها أنزل شيءٍ عنده، أو أطول شيءٍ عنده التساعيات، وأما النسائي فلا أدري ما هو أنزل شيء عنده، لكن عنده عشاريات، يعني: بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة أشخاص.



يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #94  
قديم 03-05-2019, 05:07 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الطهارة
(80)





مؤاكلة الحائض والشرب من سؤرها

شرح حديث عائشة في مؤاكلة الحائض والشرب من سؤرها
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب مؤاكلة الحائض والشرب من سؤرها. أخبرنا قتيبة حدثنا يزيد وهو ابن المقدام بن شريح بن هانئ عن أبيه عن شريح عن عائشة رضي الله عنها قال: (سألتها: هل تأكل المرأة مع زوجها وهي طامث؟ قالت: نعم، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوني فآكل معه وأنا عارك، وكان يأخذ العرق فيقسم علي فيه، فأعترق منه، ثم أضعه فيأخذه فيعترق منه، ويضع فمه حيث وضعت فمي من العرق، ويدعو بالشراب فيقسم علي فيه قبل أن يشرب منه، فآخذه فأشرب منه، ثم أضعه فيأخذه فيشرب منه، ويضع فمه حيث وضعت فمي من القدح)].وهنا أورد النسائي هذه الترجمة وهي: باب مؤاكلة الحائض والشرب من سؤرها، وأورد فيه حديث عائشة رضي الله عنها، أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يكون الطعام بين يديه، فيأخذ العرق وهي طامث أو عارك، والطامث والعارك هي: الحائض؛ يقال لها: طامث، ويقال لها: عارك، وقد جاء في الحديث هذا ذكر عارك وطامث والمراد به أنها حائض، فكان رسول الله يأخذ العرق ويعطيه لـعائشة قبل أن يأكل منه ويحلف عليها أن تتعرق، ثم تأخذه وتتعرقه، وإذا وضعته أخذه وأكل من حيث أكلت، يعني: المكان الذي كانت تضع عليه فمها، يضع فمه عليه عليه الصلاة والسلام.والعرق: هو العظم الذي عليه بقية من اللحم بعدما يخفف، فيتناوله الآكل ويأكل منه، يعني: لا يأخذه وهو كثير، وإنما يخفف ما عليه من اللحم حتى يبقى عليه قليل من اللحم فيتناوله الآكل، فيتعرقه يعني: يأخذه بأسنانه، وكان عليه الصلاة والسلام يقسم على عائشة ويحلف عليها أن تأخذه وأن تأكل قبله فتأكل، ثم يأخذ فيأكل من حيث أكلت، وكان يدعو بالماء فيؤتى به فيقسم عليها أن تشرب قبله، فإذا شربت أخذه ووضع فمه على الناحية التي وضعت فمها عليها من القدح فيشرب منه وهي حائض، والحديث دال على ما ترجم له المصنف من جهة مؤاكلتها والشرب من سؤرها، وهذا الحديث واضح الدلالة عليه.وفيه أيضاً: بيان أن الدين الإسلامي وسط بين ما كان عليه اليهود والنصارى، فإن اليهود إذا حاضت المرأة لا يجالسونها، ويتجنبونها ويبتعدون عنها، والنصارى يجامعونها، فعندهم إفراطٌ وتفريط، والدين الإسلامي وسطٌ بين ما كان عليه اليهود وما كان عليه النصارى؛ لأنها تؤاكل ويجلس معها، لكن لا تجامع.وهذا الحديث فيه ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم من كمال الأخلاق وحسن المعاشرة لأهله عليه الصلاة والسلام، ولطفه بهم ومؤانسته إياهم، فإنه كان كما ذكرت عائشة يعطيها العظم الذي عليه لحم ويحلف عليها أن تأكل قبله، ثم إذا أكلت أخذه منها ووضع فمه حيث وضعت فمها من العرق، فيأكل من بقية ما أكلت، ويؤتى بالماء فيحلف عليها أن تشرب قبله، وإذا شربت أخذه منها ووضع فمه على حافة الإناء في الجهة التي وضعت فمها عليها، فهذا من حسن معاشرته لأهله، ولطفه بهم صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.

تراجم رجال إسناد حديث عائشة في مؤاكلة الحائض والشرب من سؤرها
قوله: [أخبرنا قتيبة]. قد مر قريباً. [حدثنا يزيد وهو ابن المقدام]. وهو يزيد بن المقدام بن شريح، وهو صدوقٌ، وخرج له البخاري في الأدب المفرد، وأصحاب السنن الثلاثة: أبو داود والنسائي وابن ماجه.[عن أبيه]. وأبوه هو المقدام بن شريح، وهو ثقة، وخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، ومسلم وأصحاب السنن الأربعة.[عن شريح]. يعني: المقدام يروي عن شريح، وهو: شريح بن هانئ، وهو ثقة، وخرج حديثه مسلم، والبخاري في الأدب المفرد، وأصحاب السنن الأربعة.[عن عائشة]. وهي أم المؤمنين، وقد مر ذكرها في الأسانيد الماضية.وهذا الحديث يعتبر من روايات من روى عن أبيه عن جده؛ لأن يزيد يروي عن المقدام عن شريح، فـيزيد يروي عن المقدام، والمقدام يروي عن شريح، فهي رواية ابن عن أب عن جد.

شرح حديث عائشة: (كان رسول الله يضع فاه على الموضع الذي أشرب منه فيشرب من فضل سؤري وأنا حائض)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا أيوب بن محمد الوزان حدثنا عبد الله بن جعفر حدثنا عبيد الله بن عمرو عن الأعمش عن المقدام بن شريح عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع فاه على الموضع الذي أشرب منه، فيشرب من فضل سؤري وأنا حائض)].وهنا أورد النسائي حديث عائشة من طريقٍ أخرى، وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضع فمه على موضع فمها من الإناء الذي شربت منه، فيشرب من سؤرها وهي حائض، وهو دالٌ على ما ترجم له المصنف، وهو مثل الذي قبله، ويدل على ما دل عليه الذي قبله.

تراجم رجال إسناد حديث عائشة: (كان رسول الله يضع فاه على الموضع الذي أشرب منه فيشرب من فضل سؤري وأنا حائض)
قوله: [أخبرنا أيوب بن محمد الوزان].وهو أيوب بن محمد الوزان، وهو ثقة، خرج حديثه أبو داود والنسائي وابن ماجه .[حدثنا عبد الله بن جعفر]. وهو عبد الله بن جعفر الرقي، وهو ثقة، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.[حدثنا عبيد الله بن عمرو]. وهو الرقي أيضاً، وهو ثقة، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.[عن الأعمش]. وهو سليمان بن مهران الكاهلي، والأعمش لقب له، وهو مشهور بلقبه، وهو ثقة، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة. [عن المقدام بن شريح عن أبيه].وقد مر ذكرهما في الإسناد السابق.
الأسئلة

الحلف بالطلاق على شيء مطابق للواقع
السؤال: رجل حلف بالطلاق على شيء، وكان ما حلف عليه مطابقاً للواقع، هل عليه شيء؟ يقول: غير حرمة الحلف بغير الله.الجواب: الإنسان لا يحلف بالطلاق، لكن إذا كان الذي حصل عليه الحلف مطابقاً للواقع وما حصل، ليس عليه شيء، لكن لا يجوز له أن يحلف إلا بما يحلف به، فلا يحلف بالطلاق ولا بغيره، وإنما يحلف بالله.

تكنية التلميذ لشيخه بكنية يختارها له
السؤال: هل يجوز للتلميذ أن يكني شيخه بكنية يختارها له؟ وهل وقع أن كنى تلميذ شيخه بكنية هو يختارها له؟ الجواب: لا أعرف أن التلميذ يختار كنية، وإنما الشيخ يعرف بكنية أو يشتهر بها، فيكنى بما هو معروف به، أما كون التلميذ يكنيه بشيء فلا أعرف عنه شيئاً، هل حصل هذا؟ يمكن أن يكني ويشتهر؟ لكن هل يكنيه من تلقاء نفسه ويأتي بشيء من تلقاء نفسه؟ فكونه يكنى أو أحد يكنيه ثم يشتهر بهذه الكنية، يعني: الكنية لا تلزم أن تكون عن الأولاد؛ لأن الكنية تكون بدون ولد، والصغير يكنى، مثل ما جاء في الحديث: (يا أبا عمير! ما فعل النغير؟)، طفل صغير يلعب بالنغير وقد كني، وأبو بكر ليس له ابن اسمه بكر، وعمر ليس له ابن اسمه حفص، وبعض الصحابة لهم كنى ليس لهم أولاد بهذه الأسماء.

حكم هدم المساجد لمصلحة تقتضيه
السؤال: هل يجوز هدم المساجد إذا لم ينو إعادة بنائها؟ الجواب: هدم المساجد إذا كان هدمها لأمر يقتضيه كأن تكون على قبور فجائز وإن لم ينو إعادة بنائها؛ لأن إعادة بنائها في نفس المكان لا يجوز، وكذلك إذا هدم المسجد لكونه قريباً جداً من مسجد آخر، يعني يهدم ولا ينوى إعادة بنائه؛ لأنه قريب من مسجد.

حكم السهر على اللعب واللهو
السؤال: ما حكم السهر على اللعب واللهو؟ هل هو محرم أو مكروه؟ الجواب: من المعلوم أن السهر حتى لو كان سليماً فالرسول صلى الله عليه وسلم كان يكرهه؛ كما جاء في الحديث: (كان يكره النوم قبلها، والحديث بعدها) أي: صلاة العشاء، لكن إذا كان سهره لأمور نافعة وأمور تنفع المسلمين، أو ينتفع بها الإنسان ولا يؤثر ذلك على التخلف عن صلاة الفجر، فإنه لا بأس به، أما كون الإنسان يقضي وقته بالسهر واللعب، وقد يكون اللعب في أمور محرمة، فلا شك أن الابتعاد عن ذلك متعين ولازم؛ لأن هؤلاء الذين يشغلون أوقاتهم باللعب وقد يكون اللعب في أمور محرمة يجمعون بين مصائب؛ كونهم يقضون أوقاتهم في أمر محرم، وكونهم يتأخرون عن صلاة الفجر أو ينامون عنها، فيكونون قد جمعوا بين مصيبتين وبين بليتين: انشغال في أمر محرم، وفوات صلاة الفجر عليهم.

كيفية معرفة القائل في سند النسائي: (وذكر آخر)
السؤال: قال النسائي رحمه الله: (أخبرنا محمد بن سلمة حدثنا ابن وهب عن عمرو بن الحارث وذكر آخر)، قوله: (وذكر آخر) يحتمل أن يكون من كلام ابن وهب أو من كلام محمد بن سلمة أو من كلام النسائي، فكيف عرفنا أنه من كلام النسائي؟ الجواب: هو محتمل، لكن فهمنا أنه من كلام النسائي؛ لأنه كان متجنباً الرواية عن حديث ابن لهيعة، فهو إذا جاء في إسناد واحد فلا يأتي بالإسناد إذا كان ليس فيه إلا ابن لهيعة، فيتجنبه، لكن إذا كان فيه غيره فهو يأتي بذلك الغير ويحافظ على ما كان موجوداً فيبهمه، وهذا يحصل من بعض العلماء عندما يكون لا يروي عن شخص، ولكن الطريقة أنه جاء مقروناً بغيره وهو لا يريد أن يذكره فيبهمه، يعني: عبد الله بن وهب طبعاً ما يحتمل أن يكون منه؛ لأنه هو سماه عبد الله بن وهب، فما بقي الاحتمال إلا لـمحمد بن سلمة والنسائي، أما ابن وهب فما يحتمل فيه؛ لأن ابن وهب ذكر اسمه، وإنما الذي دونه هو الذي قال: ورجلٌ آخر، فلم يبق إلا محمد بن سلمة والنسائي، وكونه النسائي فهو أقرب؛ لأنه معروف أن النسائي تجنب حديث عبد الله بن لهيعة.

حكم الصلاة على التراب أو الحصير في السفر والحضر
السؤال: إذا كان الإنسان في البر، فهل السنة أن يصلي على حصير أو يصلي على التراب؟ لأن بعض الناس يقول: إن الصلاة على التراب إذا كان الإنسان في البر -مثلاً- هو السنة.الجواب: أبداً، بل كل ذلك جائز، يصلي على الأرض، أو يصلي على الفراش، كل ذلك سائغٌ وجائز، والذي يصلي على الفراش أو على سجادة أو ما إلى ذلك لا يقال: إنه خالف السنة، بل الأمر فيه سعة.

حكم الصلاة على السجادة في المسجد
السؤال: ما حكم الصلاة على السجادة إذا كان في المسجد؟ الجواب: الصلاة على السجادة إذا كانت على البلاط ويريد أن يضعها من أجل تجنب البرودة فلا بأس به، أما كون الإنسان يأتي بسجادة معه فيتعب بنقلها، ثم يأتي ويفرشها على فراش، نقول: هذا لا وجه له ولا حاجة له.

حكم دعاء أهل القبور وقبول العذر ممن يجهل الحكم
السؤال: هل دعاء أهل القبور والاستغاثة بهم شرك؟ وهل يعذر الجهلة منهم أو لا يعذرون؟الجواب: وهو كون أصحاب القبور يدعون ويستغاث بهم فهذا هو الشرك، وإذا لم يكن هذا هو الشرك فما هو الشرك؟ فكونه يقال: إن فلاناً شارك الله في خلق السموات والأرض إذا دعا غير الله عز وجل، وسأل غير الله مما لا يسأل إلا منه سبحانه وتعالى، كسؤال الأموات ونداء الملائكة أو الجن والاستغاثة بهم، وسؤال الغائبين فيما لا يقدرون عليه، وما لا يجوز أن يسأل مثل الغائب، وأن الغائب يمكن أن يسأل وكأنه حاضر مثل الذي عن طريق التلفون، كل ذلك كفر وشرك أكبر، وصاحبه قد أتى ما يقتضي الكفر، ولكن وجود ذلك من بعض من ينتسب للإسلام، اختلف في ذلك: هل يعذر بالجهل أو لا يعذر؟ فمنهم من قال: إنه لا يعذر، ومنهم من قال: يعذر حتى تقام عليه البينة، فإن قامت عليه البينة واستمر فإنه لا يعذر.

حكم تغسيل الشهيد والصلاة عليه
السؤال: هل من خصائص الشهيد أنه لا يغسل ولا يصلى عليه؟ وما هو الدليل على ذلك؟ الجواب: شهيد المعركة في الجهاد في سبيل الله عز وجل في قتال الكفار لا يغسل؛ لأن تغسيله يزيل الدم، والسنة جاءت بأنهم يكفنون في ثيابهم ولا يغسلون؛ لأن التغسيل يذهب معه أثر القتل، وهو يأتي يوم القيامة والدم يخرج منه، اللون لون الدم والريح ريح المسك، ويكون ذلك شهادة له بأنه قتل في سبيل الله، فكونه يخرج الدم منه يوم القيامة على هذه الحال، فهذه علامة على كونه قتل في سبيل الله.وأما الصلاة، فإنه يمكن أن يصلى عليهم، وإذا تركت الصلاة عليهم فلا بأس بذلك، لكن إن صلي عليهم فالصلاة عليهم سائغة وجائزة؛ لأنها دعاءٌ لهم، وإن لم يصل عليهم فهو سائغ، وأما التغسيل فإنهم لا يغسلون؛ لأن التغسيل يزيل أثر الشهادة الذي هو القتل في سبيل الله عز وجل.

تقسيم السنن إلى عادية وتعبدية
السؤال: هل صحيح أن العلماء قسموا السنة إلى قسمين: سنة تعبدية، وسنة عادية؟ فإذا كان الأمر كذلك فمثل لنا يا شيخ.الجواب: هناك سنن شرعها رسول الله عليه الصلاة والسلام، مثل: ما يتعلق بالصلاة وسنن الصلاة وأحكام الصلاة، فهذه يقال لها: سنن مشروعة، وهناك أفعال فعلها رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهي من أمور العادات، مثل: اللباس، يعني: يلبس كل اللباس بشرط ألا يوافق الكفار، وألا يكون فيه مشابهة وتقليد لهم، فسواءً لبس قميصاً على أي حالة، أو لبس إزاراً ورداءً، أو لبس ثوباً فضفاضاً، أو لبس أي لباس، فكل هذا سائغ وجائز، ولا يقال: إن من ترك ذلك اللباس ترك السنة، فكون الرسول كان يلبس العمامة فلا يقال: من لا يلبس العمامة على الهيئة التي لبسها الرسول صلى الله عليه وسلم مخالف للسنة؛ لأن أمر اللباس أمره واسع، فكان يلبس القميص، وكان يلبس الإزار ويلبس الرداء، والذي منع منه هو مشابهة المشركين والكفار، فهذا هو الذي يمنع منه.وهناك أمور جبلية من فعله عليه الصلاة والسلام، مثل: القيام، والقعود، وما إلى ذلك، فهذه أمور جبلية، يعني: لازمة للإنسان.

حكم مبادلة مال الوقف بمال آخر مكانه
السؤال: ورثنا من أبينا عدة أملاك من بينها عمارة وقف، وبعد توزيع الأملاك استبدل أخي ملكه بالوقف، فأخذ الوقف وجعل ملكه هو الوقف، فما حكم ذلك؟ الجواب: الوقف لا يغير ولا يبدل ولا يملك، بل منافعه تصرف في الجهة التي عينها الواقف، فإذا كان الوقف صحيحاً مشروعاً فإنه يصرف في مصارفه، وليس لأحد أن يبدل الوقف بغيره، بحيث يأخذ شيئاً من ماله فيجعله بدل الوقف، فهذا لا يجوز، وإنما الوقف على ما هو عليه، ولا يتصرف في الوقف ببيع ولا بهبة ولا بتبديل ولا بغيره.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #95  
قديم 05-05-2019, 10:44 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الطهارة
(81)


- باب الانتفاع بفضل الحائض - باب مضاجعة الحائض

دلت الأحاديث على جواز الأكل والشرب مما فضل من طعام الحائض، وأنه يجوز مضاجعتها مع وجود حائل والمباشرة دون جماع.
الانتفاع بفضل الحائض


شرح حديث عائشة في الانتفاع بفضل الحائض
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الانتفاع بفضل الحائض.أخبرنا محمد بن منصور حدثنا سفيان عن مسعر عن المقدام بن شريح عن أبيه أنه قال: سمعت عائشة رضي الله عنها تقول: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يناولني الإناء فأشرب منه وأنا حائض، ثم أعطيه فيتحرى موضع فمي فيضعه على فيه)].يقول النسائي رحمه الله: باب: الانتفاع بفضل الحائض. الفضل: هو الزيادة؛ وهو السؤر الذي يبقى في الإناء بعد استعمالها من ماء؛ حيث تشرب من الإناء فيشرب من الإناء الذي شربت منه، والذي بقي من شربها، وقد أورد النسائي فيه حديث عائشة رضي الله عنها، قالت: إنها كانت تشرب من الإناء ثم تناوله النبي عليه الصلاة والسلام، فيشرب من ذلك الإناء -الذي شربت منه- بقية الماء الذي بقي من شربها، ويتحرى موضع فمها من القدح، فيضع فمه عليه الصلاة والسلام على موضع فمها رضي الله عنها، والحديث شاهد لما ترجم له المصنف؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام انتفع من الفضلة التي أبقتها من الماء؛ حيث شرب بقية الماء الذي شربت منه، والذي هو سؤرها الباقي من شربها، بل إنه عليه الصلاة والسلام يضع فمه على موضع فمها من الإناء، وهذا فيه دليل على حسن معاشرته لأهله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، ولطفه بهم، وإحسانه إليهم عليه الصلاة والسلام.وهذا بخلاف ما كان عليه اليهود والنصارى الذين هم على طرفي نقيض؛ فإن اليهود إذا حاضت المرأة لا يؤاكلونها ولا يشاربونها ولا يجالسونها، والنصارى يجامعونها، ودين الإسلام جاء في التوسط بين هذا وهذا؛ بحيث تؤاكل وتشارب، ويؤكل مما تأكل منه، ويشرب مما تشرب منه، ويجلس معها، ويضطجع معها على الفراش، لكنها لا تجامع، فكان دين الإسلام وسطاً بين إفراط اليهود وتفريط النصارى.

تراجم رجال إسناد حديث عائشة في الانتفاع بفضل الحائض
قوله: [أخبرنا محمد بن منصور].سبق أن مر بنا: أن النسائي له شيخان كل منهما يقال له: محمد بن منصور؛ أحدهما: المكي الجواز، والثاني: الطوسي، والجواز يروي عن سفيان الغير منسوب، وهو: ابن عيينة؛ لأن: محمد بن منصور الجواز مكي مثل سفيان بن عيينة مكي، وسفيان الثوري كوفي، ومن المعلوم أن لقاء المكي بالمكي وكثرة اتصاله به وكثرة أخذه عنه، تختلف عما إذا كان من بلد آخر لا يصل إليه ولا يلتقي به إلا برحلة، والرحلة تكون مؤقتة، فالذي له به اتصال وله به علاقة، فإنه يحمل عليه المهمل، فيكون محمد بن منصور هو الجواز المكي، وهو ثقة، خرج له النسائي وحده، ولم يخرج له أحد من أصحاب الكتب إلا النسائي.قوله: [حدثنا سفيان ].هو سفيان بن عيينة وهو أحد الأئمة الثقات الأثبات العباد، المعروف بكثرة الرواية، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.[عن مسعر].هو ابن كدام، وهو ثقة ثبت، حديثه عند أصحاب الكتب الستة أيضاً، وقد مر ذكره قريباً.[عن المقدام بن شريح عن أبيه].هو المقدام بن شريح بن هانئ، وهو ثقة، خرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.وأبوه: شريح، وهو ثقة، خرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة، فالذين خرجوا لـشريح هم الذين خرجوا لابنه المقدام بن شريح، فالمخرجون لهذا هم المخرجون لهذا، وهم: البخاري في الأدب المفرد، ومسلم في الصحيح، وأصحاب السنن الأربعة.[سمعت عائشة].هي عائشة رضي الله عنها أم المؤمنين الصديقة بنت الصديق، وهي الصحابية الوحيدة التي لم يرو أحد من الحديث مثلما روت في الكثرة، وهي أحد السبعة المكثرين من رواية الحديث؛ لأنهم سبعة؛ ستة من الذكور وواحدة من الإناث وهي عائشة، وهي معروفة بكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يرو أحد من النساء مثلما روت رضي الله عنها وأرضاها.إذاً: فإسناد الحديث محمد بن منصور ثقة، خرج له النسائي وحده.وسفيان بن عيينة ثقة، خرج له أصحاب الكتب الستة.ومسعر بن كدام ثقة ثبت، خرج له أصحاب الكتب الستة.والمقدام بن شريح وأبوه شريح كل منهما ثقة، وكل منهما خرج له البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.وعائشة خرج حديثها أصحاب الكتب الستة.إذا قال قائل: كيف عرفنا أن محمد بن منصور هو: الجواز المكي، وكيف عرفنا سفيان أيضاً؟نقول: سبق أن ذكرت فيما مضى: أن محمد بن منصور يطلق على اثنين: الجواز المكي والطوسي، والجواز المكي يروي عن سفيان بن عيينة وسفيان الثوري، لكن كون محمد بن منصور الجواز مكي، وسفيان بن عيينة مكي، فبهذا يعرف أنه الجواز؛ لأنه له خصوصية بـسفيان بن عيينة، بخلاف الثوري فإنه كوفي، ومن المعلوم أن اتصال المكي بالكوفي لا يكون إلا عن طريق رحلة، وعن طريق مناسبة يحصل به لقاؤهما. وإذا احتمل أن يكون سفيان بن عيينة أو أن يكون سفيان الثوري فالذي يروي عن محمد بن الجواز يحمل عند الإهمال على من له به اتصال، ومن له به علاقة وخصوصية. ومن المعلوم أن الاتصال والعلاقة والخصوصية إنما هي بين المكي الذي هو الجواز وبين سفيان بن عيينة المكي.

شرح حديث عائشة في الأكل والشرب من موضع أكل وشرب الحائض
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمود بن غيلان حدثنا وكيع حدثنا مسعر وسفيان عن المقدام بن شريح عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (كنت أشرب وأنا حائض، وأناوله النبي صلى الله عليه وسلم فيضع فاه على موضع في فيشرب، وأتعرق العرق وأنا حائض، وأناوله النبي صلى الله عليه وسلم فيضع فاه على موضع في)]. هنا أورد النسائي حديث عائشة رضي الله عنها من طريق أخرى، وهو يتعلق بأكلها وشربها وأكل النبي صلى الله عليه وسلم من فضلها وسؤرها، فبالنسبة لشرب الماء فإنه عليه الصلاة والسلام كانت عائشة تشرب من الإناء فيشرب منه بعدها، ويضع فمه على موضع فمها من الإناء. وبالنسبة للأكل فإنها كانت تتعرق العرق؛ يعني: أنها تأخذ العظم الذي عليه بقية اللحم، فتأخذ منه بأسنانها وتأكله، ثم يأخذه النبي صلى الله عليه وسلم منها، فيأكل من موضع أكلها من العرق -الذي هو العظم- الذي عليه بقية اللحم. وكما عرفنا أن هذا دال على حسن معاشرته لأهله عليه الصلاة والسلام، ولطفه بهم، ومعاملته الطيبة لهم صلوات الله وسلامه وبركاته عليه. وهو أيضاً دال على ما ترجم له المصنف من الانتفاع بفضل الحائض، وهذا الانتفاع يتعلق بفضلها في المأكول والمشروب، وأنه يؤكل من حيث أكلت، ويمكن أن يوضع الفم على موضع فمها من الإناء، أو من العرق الذي عليه لحم.

تراجم رجال إسناد حديث عائشة في الأكل والشرب من موضع أكل وشرب الحائض
قوله: [أخبرنا محمود بن غيلان].محمود بن غيلان سبق أن مر ذكره في مواضع عديدة، وهو ثقة، خرج له البخاري، ومسلم، وخرج له الترمذي، والنسائي، وابن ماجه؛ يعني: خرج له أصحاب الكتب الستة إلا أبا داود فإنه لم يخرج له شيئاً.[حدثنا وكيع].هو ابن الجراح الرؤاسي الكوفي، وهو ثقة إمام، ومحدث مشهور، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.[حدثنا مسعر وسفيان].مسعر هو: ابن كدام الذي مر في الإسناد الذي قبل هذا، وهو ثقة ثبت، حديثه عند أصحاب الكتب الستة. وسفيان هنا غير منسوب، فـوكيع روى عن سفيان الثوري وسفيان بن عيينة، لكنه مكثر عن سفيان الثوري؛ لأنه كوفي وسفيان الثوري كوفي، فهو معروف بكثرة التحديث والأخذ عن سفيان الثوري، ومقل في الرواية عن سفيان بن عيينة؛ لأن الثوري من بلده. وهو عكس محمد بن منصور الجواز الذي مر؛ لأن محمد بن منصور الجواز مكي، وسفيان بن عيينة مكي، فعند الإطلاق والإهمال يحمل على من له به علاقة، ففي هذا الإسناد سفيان يحمل على من له به علاقة؛ وهي: كثرة الحديث عنه، وكثرة الأخذ عنه، وهو من أهل بلده الكوفة؛ لأن وكيعاً كوفي، وسفيان الثوري كوفي، وقد ذكر هذا الحافظ ابن حجر في فتح الباري وقال: إن وكيع بن الجراح معروف بكثرة حديثه عن سفيان الثوري، ومقل عن سفيان بن عيينة، فإذا جاء مهملاً، فالقاعدة: أنه يحمل على من له به خصوصية، والخصوصية إنما هي لـسفيان الثوري.فإذاً: يكون هذا المهمل في هذا الإسناد يراد به سفيان الثوري، ولا يراد به سفيان بن عيينة، وهذا عكس ما جاء في الإسناد المتقدم بالنسبة لمحمد بن منصور الجواز وسفيان بن عيينة.وسفيان الثوري ثقة ثبت، وإمام حجة، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهو من أعلى صيغ التعديل وأرفعها، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.قوله: [عن المقدام بن شريح عن أبيه عن عائشة].هذا يتفق مع الإسناد الذي قبله، وقد عرفنا أن كلاً من المقدام وأبيه شريح ثقة، وكل منهما خرج له البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
مضاجعة الحائض


شرح حديث أم سلمة في اضطجاعها مع رسول الله في خميلة وهي حائض
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب مضاجعة الحائض.أخبرنا إسماعيل بن مسعود حدثنا خالد حدثنا هشام ح وأخبرنا عبيد الله بن سعيد وإسحاق بن إبراهيم حدثنا معاذ بن هشام واللفظ له حدثني أبي عن يحيى حدثنا أبو سلمة: أن زينب بنت أبي سلمة حدثته: أن أم سلمة رضي الله عنها حدثتها أنها قالت: (بينما أنا مضطجعة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخميلة إذ حضت، فانسللت فأخذت ثياب حيضتي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنفست؟ قلت: نعم، فدعاني، فاضطجعت معه في الخميلة)].هنا أورد النسائي هذه الترجمة وهي باب مضاجعة الحائض. يعني: الاضطجاع معها في فراش واحد، واتصال البشرة بالبشرة، ولمس البشرة للبشرة من غير جماع، فهذا هو المقصود بالترجمة، يعني: أن المرأة الحائض لها أن تضطجع مع زوجها في فراش واحد وفي لحاف واحد. وقد أورد النسائي رحمه الله حديث أم سلمة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، واسمها هند بنت أبي أمية، أنها كانت مع رسول الله عليه الصلاة والسلام تحت الخميلة، وهي: غطاء فيه خمل وهو الهدب، وهي الأشياء البارزة التي هي ظاهرة منه، فكان ملتحفاً به ومعه أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها، ففي أثناء اضطجاعها معه شعرت بأن الحيض جاءها، أي: فاجأها الحيض، وجاءها وهي في فراشها، ولم تكن في أول الأمر حائضاً، لكن الحيض داهمها وهي في فراشها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحصل منها الانسلال، يعني: أنها انسلت بخفية وبرفق؛ حتى لا تزعج الرسول صلى الله عليه وسلم، وحتى لا يشعر بها؛ لأنها ظنت أن الحائض لا تضطجع بجوار زوجها وفيها الدم، قالت: (فاضطجعت معه في الخميلة) يعني: تحتها، فالرسول صلى الله عليه وسلم لما شعر بها سألها عن الذي حصل لها، وقال لها: (أنفست؟ قالت: نعم، فدعاها) أي: أمرها أن ترجع، فدلَّ ذلك على أنه لا مانع ولا بأس من مضاجعة الحائض، وبقائها مع زوجها وهي حائض، وكذلك مس بشرته بشرتها وهي حائض، ولكن لا يجامع، وهذا الذي يدل عليه حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام هذا، حيث سوغ ذلك وأجازه، وأمرها بأن تعود وأن ترجع إلى فراشها معه، وأن ذلك لا يؤثر وهي معه.وقوله: (أنفست؟) هو بفتح النون وكسر الفاء من الحيض. وبضم النون: من النفاس بعد الولادة؛ يعني: حصول الدم بسبب الولادة، وهو مأخوذ من النفس، والنفس تطلق بمعنى الدم؛ لأن النفس لها معان، ومن ذلك قولهم: (ما لا نفس له سائلة، لا ينجس الماء إذا مات فيه)؛ يعني: ما ليس له دم، وهذه الكلمة سبق أن ذكرت أن ابن القيم في كتابه: (زاد المعاد في هدي خير العباد) قال: إن أول من قالها إبراهيم النخعي، وعنه تلقاها الفقهاء من بعده، فالتعبير بما لا نفس له سائلة في الحشرات والحيوانات هي التي ليس فيها دم، مثل: الجراد، والذباب، وما إلى ذلك مما لا دم فيه.إذاً: قوله: (أنفست) مأخوذة من النفس، والنفس هو الدم، يعني: أحصل لك دم الحيض؟ وخرج منك دم الحيض؟ هذا هو المقصود من ذلك، قوله: (قلت: نعم، فدعاني، فدخلت معه في الخميلة) أي: في ذلك الكساء الذي فيه خمل؛ وهو الهدب.

تراجم رجال إسناد حديث أم سلمة في اضطجاعها مع رسول الله في خميلة وهي حائض
قوله: [أخبرنا إسماعيل بن مسعود].هو الجحدري، البصري، وهو ثقة، خرج حديثه النسائي وحده.[حدثنا خالد].هو خالد بن الحارث، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وقد مر ذكره كثيراً.[حدثنا هشام].هو أبو عبد الله الدستوائي، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[ح وأخبرنا عبيد الله بن سعيد وإسحاق بن إبراهيم].قول النسائي: (ح) هذا هو التحويل من إسناد إلى إسناد وعبيد الله بن سعيد هو: السرخسي، وقد قال عنه الحافظ في التقريب: إنه ثقة، مأمون، سني، قيل له ذلك؛ لأنه أظهر السنة في بلاده سرخس، وحديثه عند البخاري، ومسلم، والنسائي. و إسحاق بن إبراهيم هو إسحاق بن إبراهيم بن مخلد بن راهويه الحنظلي، وهو ثقة ثبت، محدث فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وقد خرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه .[حدثنا معاذ بن هشام واللفظ له، عن أبيه].قوله: (واللفظ له) يعني: لـمعاذ بن هشام، عن أبيه هشام. ومعاذ بن هشام بن أبي عبد الله الدستوائي، وأبوه الذي هو أبو عبد الله واسمه شنبر، ومعاذ هذا صدوق ربما وهم، وقد خرج له الجماعة، فالإسناد الأول: إسماعيل بن مسعود قال: حدثنا خالد، حدثنا هشام، والثاني: عبيد الله بن سعيد وإسحاق بن إبراهيم قالا: حدثنا معاذ بن هشام، عن أبيه، فالتقى الإسنادان عند هشام بن أبي عبد الله الدستوائي، وهو كما ذكرت ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[عن يحيى].هذا غير منسوب، وهو ابن أبي كثير اليمامي، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وخرج حديثه الجماعة، وسبق أن مر بنا ذكره، وهو الذي ذكر عنه مسلم في صحيحه الكلمة المشهورة في الحث على طلب العلم والصبر عليه، وهو قوله: (لا يستطاع العلم براحة الجسم)، فهذا هو صاحب الكلمة العظيمة المشهورة التي رواها عنه مسلم بإسناده في الصحيح، وهو بصدد إيراد طرق حديث عبد الله بن عمرو بن العاص في مواقيت الصلاة، فكان يسرد تلك الأسانيد في مواقيت الصلاة، فأتى بالإسناد إلى يحيى بن أبي كثير، فقال: (لا يستطاع العلم براحة الجسم). قال النووي في شرحه: إن مسلماً أورد هذا الأثر في هذا المكان لما جمع هذه الطرق الكثيرة لحديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه في مواقيت الصلاة، وتحصيل هذه الطرق وتجميعها والوصول إليها ما حصل إلا بتعب ومشقة، فلعله تذكر هذا الأثر فأورده في هذا المكان؛ لينبه على أن تحصيل العلم والتوسع فيه والتمكن فيه لا يحصل إلا بالتعب والنصب وبالمشقة، فهذا هو يحيى بن أبي كثير اليمامي بالميم، وهذا قد يلتبس أحياناً فيأتي مصحفاً فيقال: اليماني؛ لأن اليماني واليمامي متقاربان في اللفظ، فأحياناً يأتي التصحيف فيقال: يماني بدل يمامي.[عن أبي سلمة].أبو سلمة يروي عنه يحيى بن سعيد الأنصاري، ويحيى بن أبي كثير، وهنا مهمل، وما ذكر نسبه، قيل: يحيى فقط، وما قيل: ابن أبي كثير، ولا قيل: ابن سعيد الأنصاري، فهو يحتمل هذا وهذا، لكن ذكر الحافظ في الفتح: بأن يحيى راوي هذا الإسناد هو: يحيى بن أبي كثير اليمامي.وأبو سلمة هو: ابن عبد الرحمن بن عوف وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو أحد الفقهاء السبعة على أحد الأقوال الثلاثة في سابع السبعة؛ لأن ستة من فقهاء المدينة المشهورين متفق على عدهم في الفقهاء السبعة، والسابع اُختلف فيه، فعلى أحد الأقوال هو: أبو سلمة بن عبد الرحمن هذا، وأحد الأقوال أنه: أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وعلى أحد الأقوال: سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب.قوله: [أن زينب بنت أبي سلمة حدثته: أن أم سلمة].زينب بنت أبي سلمة هي ربيبة النبي صلى الله عليه وسلم -ابنة زوجته- وهي صحابية، حديثها عند أصحاب الكتب الستة، وأمها أم سلمة أم المؤمنين هند بنت أبي أمية وحديثها عند أصحاب الكتب الستة.

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #96  
قديم 05-05-2019, 10:45 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الطهارة
(81)





شرح حديث عائشة: (كنت أنا ورسول الله نبيت في الشعار الواحد وأنا طامث..)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن المثنى حدثنا يحيى بن سعيد عن جابر بن صبح سمعت خلاساً يحدث عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (كنت أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم نبيت في الشعار الواحد، وأنا طامث أو حائض، فإن أصابه مني شيء غسل مكانه ولم يعده وصلى فيه ثم يعود، فإن أصابه مني شيء فعل مثل ذلك، ولم يعده وصلى فيه)].هنا أورد النسائي رحمه الله حديث عائشة رضي الله عنها أنها كانت تنام مع النبي صلى الله عليه وسلم وهي طامث في الشعار الواحد؛ يعني: في الغطاء الذي يلي الجسد؛ لأن الشعار هو الثوب الذي يلي الجسد، فيقال له: شعار، والذي وراءه وفوقه يقال له: دثار، فالشعار: هو ما يتصل بالجسد ويلاقيه؛ لأنه يتصل بالشعر ويلاقيه؛ ولهذا قيل له: شعار.وقد جاء في الحديث: ( أن زينب ابنته لما ماتت أعطاهم إزاره وقال: أشعرنها إياه )؛ يعني: اجعلنه يلي جسدها. ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم في الأنصار: (الأنصار شعار، والناس دثار) لما وزع غنائم حنين، وأعطى المؤلفة قلوبهم ممن أسلموا عام الفتح المئات من الإبل، فيعطي الواحد مائة من الإبل، ولم يعط الأنصار شيئاً، فكأنهم وجدوا في أنفسهم وقالوا: سيوفنا تقطر من دمائهم، ثم يعطيهم ولا يعطينا، فبلغ ذلك رسول الله عليه الصلاة والسلام فجاء إليهم في مكان وجمعهم فيه، وتحدث إليهم، وأتى بالكلمات العظيمة الدالة على فضل الأنصار، والتي حصل بها رضاهم وسرورهم رضي الله عنهم وأرضاهم، وكان من جملة ما قال: (الأنصار شعار، والناس دثار)، يعني: أنهم بمنزلة الشعار؛ أي: باتصالهم به وقربهم منه، فهم بمنزلة الشعار الذي يلي الجسد (والناس دثار) أي: أنهم وراءهم، فهذا فيه بيان فضل الأنصار رضي الله عنهم وأرضاهم.إذاً: فقولها: (بالشعار) يعني: في الغطاء الذي يلي جسد رسول الله عليه الصلاة والسلام.قول عائشة: (وأنا طامث أو حائض). الطامث هي الحائض، فالكلمتان معناهما واحد، وإنما قيلت على سبيل الشك؛ يعني: أنها قالت: طامث، أو قالت: حائض؛ وهي واحدة من اثنتين، وهما بمعنى واحد.وقول عائشة: (فإن أصابه مني شيء غسل مكانه ولم يعده وصلى فيه) أي: إن أصاب ذلك الشعار الذي يلي جسديهما شيء من الدم، فإنه يغسل ذلك الذي أصابه ولم يعده؛ يعني: لم يتجاوز ذلك، ويكتفي ويقتصر بغسل المكان الذي حصل فيه الدم، ولا يغسله كله، فإذا علم محل النجاسة فإنه يغسل وحده، ولا يلزم أن يغسل معه بقية الثوب، لكن لو جهل مكان النجاسة، أو عرف أن فيه نجاسة لكنه جهل ذلك فإنه يغسل كله؛ لأنه لا يتحقق إلا به، بخلاف لو علم مكان النجاسة، فإنه يغسل وحده ويكفي.قوله: (ثم يصلي فيه) يعني: أنه يقوم ويصلي، ويستعمل هذا الكساء الذي كانا ملتحفين فيه، ثم يرجع ويلتحف به معها (فإن أصابه شيء) يعني: مرة أخرى غسله، (ولم يعده وصلى) يعني: لم يتجاوز ذلك المكان الذي فيه الدم، ولم يتجاوزه في الغسل إلى غيره، بل يكتفي بالموضع الذي أصابه الدم فيغسله، ولا يتجاوزه إلى غسل غيره.والحديث دال على ما دل عليه الحديث الذي قبله من مضاجعة الحائض، وكونها تكون مع زوجها في لحاف واحد، وهو شاهد لما ترجم له المصنف من مضاجعة الحائض.

تراجم رجال إسناد حديث عائشة: (كنت أنا ورسول الله نبيت في الشعار الواحد وأنا طامث...)
قوله: [أخبرنا محمد بن المثنى].هو العنزي، الملقب بـالزمن، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة؛ فكل منهم روى عنه مباشرة وبدون واسطة، وهو محمد بن المثنى رفيق محمد بن بشار بندار.[حدثنا يحيى بن سعيد].هو القطان، المحدث المشهور الناقد، حديثه عند أصحاب الكتب الستة، وقد مر ذكره كثيراً.[عن جابر بن صبح].هو جابر بن صبح، وهو صدوق، خرج له أبو داود، والنسائي، وابن ماجه ، ولم يخرج له الترمذي، وما خرج له الشيخان.[سمعت خلاساً يحدث].هو خلاس بن عمرو ، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وكان على شرطة علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة، وهو ثقة يرسل، وخِلاس بكسر الخاء.[عن عائشة].هي عائشة رضي الله عنها أم المؤمنين، وقد مر ذكرها.
الأسئلة


رأي أهل السنة والجماعة بالأئمة الأربعة ورأي أهل الحديث بالإمام أبي حنيفة
السؤال: شيخنا! إني أحبك في الله، ما رأي أهل السنة والجماعة بالأئمة الأربعة أصحاب المذاهب؟ وأيهم أفضل؟ وما رأي أهل الحديث بالإمام أبي حنيفة رحمه الله؟ وجزاكم الله خيراً.الجواب: إن الأئمة الأربعة: أبا حنيفة النعمان المتوفى سنة: (150هـ)، ثم بعده الإمام مالك المتوفى سنة: (179هـ)، ثم بعده الإمام الشافعي المتوفى سنة: (204هـ)، ثم بعده الإمام أحمد المتوفى سنة: (241هـ)، هؤلاء هم الأئمة الأربعة أصحاب المذاهب المشهورة المعروفة، الذين حصل لمذاهبهم من العناية ما لم يحصل لغيرها؛ وذلك لوجود أتباع لهم عنوا بكلامهم وبالتأليف فيه والعناية به، فاشتهرت هذه المذاهب وانتشرت، وإلا فإن هناك أئمة مثل هؤلاء الأئمة كانوا في زمانهم، وقبل زمانهم، وبعد زمانهم، وهم أصحاب فقه، لكنه ما حصل لهم كما حصل لهؤلاء من العناية بمذاهبهم وأقوالهم، وإلا فإنهم أئمة أجلة، مثل: إسحاق بن راهويه، ومثل: الأوزاعي، ومثل: سفيان الثوري، وغيرهم من العلماء الذين اشتهروا بالفقه والحديث. وهؤلاء الأئمة الأربعة: أبو حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد أولهم أبو حنيفة والثلاثة الباقون بعد أبي حنيفة، والإمام أحمد تلميذ للشافعي، والشافعي تلميذ لـمالك، وهؤلاء الثلاثة أئمة معروفون بالفقه والحديث، ومشتهرون بالحديث ومشتهرون بالفقه. أما أبو حنيفة فإنه مشهور بالفقه، ولكنه عند المحدثين فيه كلام من حيث الحديث، وأما من حيث الفقه فإنه فقيه مشهور، وإمام معروف، وفقهه حصل له كما حصل لغيره من العناية.ومن المعلوم أن الفضل لا يستطاع تحديده بأن يقال: هذا أفضل من فلان، ولكن يمكن أن يقال: إن الثلاثة الآخرين كلهم متميزون بالحديث والفقه، بخلاف أبي حنيفة فإنه ليس مثلهم في الحديث، بل هو يقل عنهم بكثير، وأما تفضيل بعضهم على بعض فالله تعالى أعلم والله تعالى يقول: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ [الحجرات:13]، لكن كلهم أئمة وكلهم ثقات وكلهم محدثون فقهاء، لكن تمييز بعضهم على بعض، وتفضيل بعضهم على بعض فالله تعالى أعلم به.

حكم السفر إلى بلاد الكفار على سبيل السياحة في الأرض
السؤال: هل يجوز السفر إلى بلاد الكفار على سبيل السياحة في الأرض، أو على سبيل التفكر في خلق الله؟الجواب: الذي ينبغي للإنسان ألا يسافر إلى بلاد الكفار إلا إذا كان مضطراً إلى ذلك، كعلاج بحيث لا يوجد في بلاد المسلمين، أو كان لدراسة لازمة ومتعينة ولا توجد في بلاد المسلمين، أو يسافر للدعوة إلى الله عز وجل مع كونه متحصناً ومتسلحاً بسلاح العلم والإيمان والمعرفة، فهذا هو الذي ينبغي له أن يسافر، أما كون الإنسان يسافر للسياحة وللتجوال فإن هذا قد يضر نفسه، ويحصل له ضرر بهذا السفر، وإذا أراد أن يسيح وأن يتجول فليتجول في البلاد والأماكن التي تكون السياحة فيها فائدة وفيها سلامة، وأما تلك فهو إن رأى مناظر لا يراها إلا بهذا السفر فإنه سيرى أموراً محرمة وأموراً منكرة، وقد يحصل له ابتلاء وامتحان فيقع في أمور محرمة، أقلها لو سافر بأهله أن يتكشف أهله، وأن يحصل لهم ترك الحشمة والصيانة وإبداء الزينة، وذلك محرم.

توجيه لمن يقوم باستقدام نساء خياطات بدون محارم
السؤال: محلات الخياطة الرجالية والنسائية التي يرد إليها النساء لخياطة ملابسهن، الملاحظ أن بعض أصحاب هذه المحلات يستقدمون خياطات بغير محارمهن ومن يكن من بلاد الكفر، ويحتج هؤلاء بأننا إذا لم نوفر للنساء خياطات فسوف يلجأن إلى التعامل مع الرجال، فما رأي فضيلتكم؟الجواب: من المعلوم أنه حصل توسع في استقدام الخدم واستقدام العمال لحاجة ولغير حاجة، وهذا من المعلوم أنه -وإن حصل فيه شيء من المنافع- يحصل به أضرار كبيرة، ومن المعلوم أن استقدام النساء فيه محاذير، منها: مجيئهن بدون محرم، وكونهن يكن في البيوت، وقد يكون لهن اتصال بالرجال بحيث يراهن الرجال، وهن يرين الرجال، فيترتب على ذلك فتنة، ويترتب على ذلك مضرة، وقد جاء في الحديث: ( أن الرسول عليه الصلاة والسلام جاءه رجلان يختصمان، فقال أحدهما: يا رسول الله! إن ابني كان عسيفاً على هذا فزنى بامرأته ) يعني: كان أجيراً، وبسبب المخالطة والاحتكاك حصلت الفاحشة، فهو قال: (إنه كان عسيفاً) يعني: أجيراً، فما جاء وتسلق الجدار، أو كسر الأبواب وهجم على أهل البيت، واعتدى عليهم، لا، بل بالاحتكاك والاختلاط حصلت المضرة، ولهذا ينبغي الابتعاد عن ذلك، وإذا حصل اضطرار إلى الاستقدام فلتستقدم المرأة وزوجها؛ حتى يكون هو وإياها في مكان واحد، وحتى يعفها وتعفه، وحتى لا تتعرض المرأة للرجال من أهل البيت، ولا يتعرض الرجل للنساء من أهل البيت، وإنما يكون هو وإياها في مكان واحد، تفيده ويفيدها، وتستغني به ويستغني بها، ويسلم من الشر وتسلم هي من الشر، هذا إذا حصل الاضطرار إلى ذلك، وأيضاً حتى يحصل السلامة من الاستقدام بدون محرم، والجلوس بدون محرم، والتعرض للفتنة، فهذا هو الذي ينبغي أن يفعل.وبالنسبة لاستقدام الخياطات فالناس كانوا مستغنين بدون وجود هذا الاستقدام الهائل، وكانت أمورهم جيدة، وكانوا يلبسون، وما جلسوا بدون لباس، وأمورهم تسير على السداد، لكن جاء الترف وجاء السرف وصار هذا الذي حصل، فإذا حصل الاستقدام فينبغي أن يكون بهذه الطريقة التي أشرت إليها؛ تأتي المرأة وزوجها حتى يستفاد منها، وحتى يبتعد من حصول الضرر منها ولها، وكذلك بالنسبة للرجل.

حكم الاحتجاج بالحديث إذا قيل عن إسناده: لا بأس به
السؤال: إذا قال بعض أهل العلم في حديث ما: رواه فلان بسند لا بأس به، فهل يعني أن الحديث يحتج به أو لا بد له من شاهد أو متابع؟الجواب: إذا قيل: لا بأس به فإنه يحتج به، ومعناه: أنه حسن.

حكم مشاهدة كرة القدم
السؤال: ما حكم مشاهدة مباريات كرة القدم؟الجواب: هذا مما ابتلي به الناس في هذا الزمان، وهذا من الابتلاء الذي عم وطم، وخير لكل إنسان عاقل أن يشتغل بالجد ويترك الهزل، فافتتان الناس بالمباراة والتشجيع؛ هذا يشجع هذا، وهذا يشجع هذا، ويتألم ويطير عنه النوم إذا انهزم هذا الفريق، فهذا من السفه، وهذا من الأمور التي يجب على كل إنسان عاقل أن يحذر أن يبتلى بها، وعليه أن يشتغل فيما فيه جد وما فيه خير وما فيه سعادة الدنيا والآخرة، وكون الرجال والنساء يفتنون به ويهتمون به ويعنون به، فهذا لهو وتوسع فيه، وإذا كان هناك مباراة تجد الآلاف من الناس يذهبون ويصعدون على الجبال وعلى الجدران من أجل أن يشاهدوا، ولو سمعوا إعلاناً عن محاضرة فيها الدلالة على الخير، وفيها بيان الحق والهدى، ما يأتي لها إلا عدد قليل من الناس، هذا يدل على الانتكاس، ويدل على انعكاس المفاهيم، وأن الشيء الذي ينبغي أن يصار إليه وأن يحرص عليه يزهد فيه، والشيء الذي ينبغي أن يترك وألا يشتغل به هو الذي يفتتن به.وحكم لعب الكرة إذا لم يحصل فيه افتتان ولم يحصل فيه انشغال عن أمور نافعة، وإنما يحصل في أوقات قليلة، ثم لا يكون فيه خصومات وحصول شحناء وعداوات وما إلى ذلك، فلا بأس به، لكن التوسع فيه والاشتغال به عما ينفع فهذا هو المحذور، وإلا فهو في حد ذاته إذا استعمله الإنسان في بعض الأحيان فلا مانع منه، ولا بأس به.وإذا قال بعض الناس: أهذه من الأساليب المفيدة للدعوة إلى الله؟نقول: أبداً، هذا كلام فارغ لا قيمة له، فالدعوة إلى الله لا تأتي عن طريق لعب الكرة أبداً، الدعوة إلى الله تأتي عن طريق الإخلاص والجد والحرص على نفع الناس، أما أن يأتيهم في الملعب ويدعوهم إلى الله فلا يسمعون له، ولا يقبلون منه.

حكم التخطيط على السجاد لتسوية الصفوف
السؤال: يسأل عن حكم التخطيط على السجاد في المسجد لتسوية الصفوف؟الجواب: كون السجاد يكون من الأصل فيه علامات فلا بأس بذلك، لكن كون الناس يأتون يلصقون عليها لصق ويمدون عليها خيط هذا لا يصلح، لكن يقال: استووا، وهم يستوون، وكل ينظر إلى الذي بجواره.وينبغي للناس أن يتعلموا تسوية الصفوف وأن يعنوا بها، ولا تكون القضية إذا وجد خط سووا الصفوف، وإذا لم يوجد خط اختلت الصفوف.

سبب رواية الشيخين عن بعض أهل البدع
السؤال: إن البخاري، ومسلماً وغيرهم من المحدثين قد خرجوا أحاديث لبعض المبتدعين، مع أن السلف قد شددوا في مجالستهم واحترامهم، فما توجيه ذلك؟الجواب: البخاري ومسلم رووا عن جماعة رموا ببدع، لكن الحافظ ابن حجر ذكر في مقدمة فتح الباري الذين تكلم فيهم من رجال البخاري ببدعة أو بغير بدعة، وأجاب عن ذلك بأجوبة: وهو أن من عرف بشيء من البدعة، إما أن يكون ما ثبت عنه، أو يكون ثبت عنه ولكنه لا يؤثر؛ لأنه معروف بالصدق، ومعروف بالتثبت، فكونه حصل منه خطأ في أمر ولم يكن ذلك متعلقاً ببدعته، فهم الذين روى عنهم الشيخان، فالذي رواه الشيخان عن أناس تكلم فيهم لا يؤثر ذلك في روايتهم، إما أن يكون الذي تكلم فيهم ما ثبت فيهم الكلام الذي قيل فيهم، أو أنه ثابت ولكن ذلك لا يؤثر؛ لأن الذي رموا به لا يستحقون ترك حديثهم معه، بل تجنبوا الشيء الذي يحذر من روايتهم، والشيء الذي لا محذور فيه أخذوه عنهم، وكما قلت: الحافظ ابن حجر ذكر المتكلم فيهم من رجال البخاري، وذكر ما قيل فيهم من الكلام، وأجاب عن الإخراج لهم في صحيح البخاري.
حكم خلع المرأة لباسها في بيت أقاربها
السؤال: ما حكم خلع المرأة ثيابها خارج البيت؟الجواب: خلع المرأة ثيابها خارج البيت إذا كانت في بيت قريبتها -أختها أو صديقتها أو ما إلى ذلك- فلا بأس به، هذا إذا كان المقصود منها خلع اللباس الخارجي الذي هو مثل العباءة، والتي هي الثياب العالية التي هي فوق الألبسة الخاصة، فلا بأس بذلك، وهذا أيضاً إذا كانت تجلس مع النساء ولا يراها إلا النساء، والمهم ألا يراها رجال، وألا ترى هي الرجال.
مدى اعتبار التمثيل من أساليب الدعوة إلى الله تعالى
السؤال: ما رأيكم يا شيخ! فيمن يتخذون الكرة والأناشيد والتمثيل وسيلة للدعوة إلى الله سبحانه وتعالى، وتجد معهم شباب مردان أشباه النساء؟الجواب: لا تكون الدعوة إلى الله عز وجل عن طريق التمثيل؛ لأن التمثيل هو كذب، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: (ويل لمن يكذب ليضحك القوم، ويل له ويل له)، ومن المعلوم أن التمثيل في الغالب يؤتى به من أجل إضحاك الناس، ويتأتى عن طريق الكذب، وليس حقيقة، فهو في حد ذاته منكر، فلا يستعمل في الدعوة إلى الله عز وجل؛ لأن الدعوة إلى الله عز وجل لا تأتي عن طريق التمثيل، فالتمثيل هزل، والدعوة إلى الله عز وجل تأتي عن طريق الجد والإخلاص، ومن المعلوم أن سلف هذه الأمة هم السباقون إلى كل خير، والحريصون على كل خير، وطرقهم معروفة في الدعوة إلى الله عز وجل، وهم الذين نجحوا في دعوتهم، وعم النفع بهم. أما اتخاذ التمثيل وسيلة للدعوة إلى الله عز وجل كما يقال: إن أعداءنا عندهم سلاح فنأتي بسلاح مثل سلاحهم، هذا كلام غير صحيح؛ لأن عملنا يجب أن يكون في حدود ما هو مشروع وما هو سائغ، ولا نساير الناس فيما يفعلون؛ لأنهم ليسوا متقيدين بدين، وليسوا متقيدين بشريعة، ونحن يجب علينا أن نتقيد بما جاء في هذه الشريعة التي جاء بها رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، فالدعوة إلى الله عز وجل لا تكون عن طريق التمثيل، وإنما تكون عن طريق الجد والاجتهاد، والنصح والإخلاص والصدق، وكون الإنسان يكون قدوة لغيره فيدعو الناس ويكون أسبق الناس إلى ما يدعو إليه، وهذا هو الذي فيه التأثير، كما يقول الشاعر:وإنك إذ ما تأت ما أنت آمر به تلفي من إياه تأمر آتيا
علاقة زيت الحبة السوداء بالحبة السوداء
السؤال: ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن في الحبة السوداء شفاء من كل داء)، ونرى كثيراً من الناس في هذا العصر يستعلمون زيت الحبة السوداء، والحديث نص في الحبة نفسها، فما رأي فضيلتكم؟الجواب: الزيت المستخرج من الحبة السوداء طبعاً ليس هو غير الحبة السوداء، فهو منها؛ لأن الزيت كما هو معلوم مستخرج من الحبة وليس غيرها.
حكم مال المرأة الناتج من عمل سافرت فيه بدون محرم
السؤال: إذا سافرت المرأة بدون محرم لها، وعملت في مجال النساء وليس معها محرم، فما حكم المال الذي تتقاضاه على هذا العمل، هل هو حرام أو حلال؟الجواب: المال الذي تحصله عن الطريق المشروع هو حلال، وفعلها الذي هو السفر بدون محرم هو الحرام، وإذا كان أن هذا المال الذي تحصله ليس عن طريق اختلاط أو عن طريق رجال أو عن طريق التعرض لأمور محرمة، فليس فيه شيء وكونها اشتغلت بدون محرم هذا تأثم فيه، ومثل ذلك: ما لو حجت بدون محرم، فيصح حجها وتأثم بسبب سفرها بدون محرم.
مدى اعتبار صوت المرأة عورة
السؤال: هل صوت المرأة عورة؟ وإذا كان كذلك هل هناك دليل على هذا؟الجواب: صوت المرأة ليس عورة بإطلاق؛ لأنه يمكن عند الحاجة الاستماع إلى صوت المرأة؛ مثل استفتاء، أو بيع أو شراء مع احتشام، أو ما إلى ذلك، فهنا لا بأس به، ولكن المحذور هو الاستمتاع بالصوت أو التلذذ به. إذاً: كونها تلين الصوت وتخضع بالقول فهذا هو الذي فيه المحذور، وأما مجرد الصوت من حيث هو فليس بعورة.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #97  
قديم 05-05-2019, 10:46 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الطهارة
(82)


- (باب مباشرة الحائض) إلى (باب ما يجب على من أتى حليلته في حال حيضتها)

يجوز للزوج مباشرة زوجته فيما دون الفرج كما دلت الأحاديث على ذلك، لكن بعد أن تشد وسطها بإزار، ويجب على من وطأ امرأته وهي حائض كفارة ذلك وهي أن يتصدق بدينار إذا كان موسراً، أو نصف دينار إذا كان معسراً.
مباشرة الحائض


شرح حديث عائشة في مباشرة الحائض بعد أن تشد عليها إزارها
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب مباشرة الحائضأخبرنا قتيبة حدثنا أبو الأحوص عن أبي إسحاق عن عمرو بن شرحبيل عن عائشة أم المؤمنين أنها قالت: (كانت إحدانا إذا كانت حائضاً يأمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم فتشد إزارها، ثم يباشرها وهي حائض)].يقول النسائي رحمه الله: باب مباشرة الحائض. المقصود بمباشرتها: الاستمتاع بها بما دون الجماع؛ وذلك بأن تشد على وسطها إزاراً ثم يباشرها، فتلتصق بشرته ببشرتها، ويستفيد منها من كل شيء سوى الجماع.وقد أورد النسائي حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (كانت إحدانا إذا كانت حائضاً يأمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم فتشد إزارها، ثم يباشرها وهي حائض)، فدل ذلك على جواز مثل هذا العمل، وأن هذا من التوسط الذي جاء به الإسلام بين ما كان موجوداً عند اليهود وما كان موجوداً عند النصارى؛ فإن اليهود لا يخالطونهن ولا يؤاكلونهن ولا يشاربونهن، والنصارى يجامعونهن، فجاء الإسلام بالمضاجعة، والمباشرة وبمنع الجماع، وهذا توسط بين الإفراط والتفريط؛ بين إفراط اليهود، وتفريط النصارى.وعائشة رضي الله عنها تحكي ما كان يفعله الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم من أمر إحداهن -أي: نساءه- بأن تشد إزارها عليها، ثم يباشرها وهي حائض.

تراجم رجال إسناد حديث عائشة في مباشرة الحائض بعد أن تشد عليها إزارها
قوله: [أخبرنا قتيبة].هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني الذي يأتي ذكره كثيراً، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة، وهو من الثقات.[حدثنا أبو الأحوص].هو سلام بن سليم الحنفي، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة أيضاً.[عن أبي إسحاق].هو عمرو بن عبد الله الهمداني السبيعي، وسبيع هم من همدان، والنسبة إلى همدان نسبة عامة، والنسبة إلى سبيع نسبة خاصة، وهو مشهور بـأبي إسحاق السبيعي، وهو ثقة، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.[عن عمرو بن شرحبيل].هو أيضاً الهمداني الكوفي، وهو ثقة، مخضرم، وحديث عند أصحاب الكتب الستة.[عن عائشة أم المؤمنين].هي الصديقة بنت الصديق التي أنزل الله براءتها في آيات تتلى في سورة النور، وهي أكثر الصحابيات حديثاً، وهي أحد السبعة الذين عرفوا بكثرة الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهم ستة رجال وامرأة، والمرأة هي عائشة رضي الله عنها.وهذا الإسناد رجاله كلهم ممن خرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهم -دون الصحابية- كلهم من الثقات: قتيبة بن سعيد، وأبو الأحوص سلام بن سليم الحنفي، وأبو إسحاق السبيعي، وعمرو بن شرحبيل الهمداني، فهؤلاء كلهم ثقات. وكل الرواة خرج حديهم أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث عائشة: (كانت إحدانا إذا حاضت أمرها رسول الله أن تتزر ثم يباشرها) من طريق أخرى
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا جرير عن منصور عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (كانت إحدانا إذا حاضت أمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تتزر ثم يباشرها)].هنا أورد النسائي حديث عائشة من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله، تقول عائشة رضي الله عنها: (كانت إحدانا إذا حاضت أمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تتزر ثم يباشرها) أي: وهي حائض، فهو مثل الذي قبله تماماً.

تراجم رجال إسناد حديث عائشة: (كانت إحدانا إذا حاضت يأمرها رسول الله أن تتزر ثم يباشرها) من طريق أخرى
قوله: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم].هو ابن مخلد الحنظلي المعروف بـابن راهويه، وهو ثقة، محدث، فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، فهو من جملة المحدثين الذين وصفوا بهذا الوصف الرفيع، الذي هو من أعلى صيغ التعديل، وحديثه خرجه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه .[أخبرنا جرير].هو جرير بن عبد الحميد، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[عن منصور].هو: منصور بن المعتمر، وهو ثقة، حديثه عن أصحاب الكتب الستة أيضاً.[عن إبراهيم].هو إبراهيم بن يزيد بن قيس النخعي، المحدث، الفقيه، وهو ثقة، عابد، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.[عن الأسود].هو الأسود بن يزيد بن قيس النخعي خال إبراهيم النخعي، وهو مخضرم، ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[عن عائشة].عائشة مرت في الإسناد الذي قبل هذا.إذاً: فإسناد الحديث من دون الصحابية كله من الثقات، والرواة كلهم ممن خرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا شيخ النسائي إسحاق بن إبراهيم الحنظلي، فإنه لم يخرج له ابن ماجه وخرج له الباقون.

شرح حديث ميمونة في مباشرة الحائض إذا احتجزت بإزارها
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا الحارث بن مسكين قراءة عليه وأنا أسمع عن ابن وهب عن يونس والليث عن ابن شهاب عن حبيب مولى عروة عن بدية وكان الليث يقول: ندبة مولاة ميمونة عن ميمونة رضي الله عنها، أنها قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يباشر المرأة من نسائه وهي حائض، إذا كان عليها إزار يبلغ أنصاف الفخذين والركبتين)، وفي حديث الليث: (محتجزة به) ].هنا أورد النسائي حديث ميمونة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها -وهو قريب من معنى حديث عائشة المتقدم- ( أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يباشر المرأة من نسائه وهي حائض، إذا كان عليها إزار يبلغ أنصاف الفخذين والركبتين ) يعني: أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يأمرهن بالاتزار، والإزار أحياناً يصل إلى الركبتين، وأحياناً يصل إلى أنصاف الفخذين، يعني: تارة هكذا وتارة هكذا، والمهم أن يغطى الفرج بالإزار، ثم تحصل المباشرة، ويحصل كل شيء إلا الجماع في الفرج، فهذا هو الذي تدل عليه هذه الأحاديث.وقوله: [وفي حديث الليث: (محتجزة به)].يعني: أنها متزرة به إلى أنصاف فخذيها أو إلى ركبتيها، ثم يباشرهن رسول الله عليه الصلاة والسلام وهن على هذه الحالة.

تراجم رجال إسناد حديث ميمونة في مباشرة الحائض إذا احتجزت بإزارها
قوله: [أخبرنا الحارث بن مسكين قراءة عليه وأنا أسمع].هو الحارث بن مسكين وهو المصري، ثقة، وهو قاضٍ في مصر، خرج حديثه أبو داود، والنسائي، ولم يخرج له الباقون، والنسائي سبق أن ذكرت أنه كان بينه وبين الحارث بن مسكين شيء من الوحشة، وأن الحارث بن مسكين كان قد منعه من أن يأخذ عنه، وأنه كان يأتي ويجلس من وراء ستار، ويسمع قراءة القارئ الذي يقرأ عن الحارث بن مسكين ثم يروي عنه بهذه الطريقة، ولا يستعمل أخبرنا، ولكنه في بعض الأحيان كما في هذا الموضع الذي معنا يقول: أخبرنا؛ ولعل ذلك -أي: التفريق بين الحالتين- مبني على أنه كان منعه أولاً ثم أذن له أخيراً، فيكون روايته على الحالين؛ فالحالة التي يكون سمع وهو مأذون له يقول: أخبرنا، وفي الحالة التي سمع خفية من وراء الستار وهو غير مأذون له لا يقول: أخبرنا؛ لأنه ما قصده بالتحديث، وما أذن له في التحديث، فكان يعطفه على غيره، يقول: أخبرنا فلان، ثم يقول: والحارث بن مسكين، فتارة يعبر بالإخبار، وتارة لا يعبر به، وهذا مبني على هاتين الحالتين.[عن ابن وهب].هو عبد الله بن وهب المصري، وهو مصري، كتلميذه الحارث بن مسكين، وهو ثقة فقيه، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.[عن يونس والليث].يونس هو ابن يزيد الأيلي، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة، والليث هو: ابن سعد المصري، وهو ثقة محدث فقيه، حديثه عند أصحاب الكتب الستة أيضاً.[عن ابن شهاب].هو محمد بن مسلم المدني، الإمام الجليل، المعروف بكثرة الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وكذلك أيضاً المعروف بالفقه، وهو الذي قام بتدوين السنة بتكليف من الخليفة عمر بن عبد العزيز رحمة الله عليه، والذي قال فيه السيوطي في ألفيته: أول جامع الحديث والأثرابن شهاب آمر له عمروحديثه عند أصحاب الكتب الستة.[عن حبيب مولى عروة].حبيب هو مولى عروة بن الزبير، وهو مدني، وهو مقبول، خرج له مسلم، وأبو داود، والنسائي.[عن بدية وكان الليث يقول: ندبة].أي: كان الليث يقول: نُدبة أو نَدبة يعني: بضم النون أو بفتحها، وهي مولاة ميمونة، وهي مقبولة، خرج حديثها أبو داود، والنسائي.[عن ميمونة].هي أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث الهلالية رضي الله تعالى عنها وأرضاها، وحديثها عند أصحاب الكتب الستة.
تأويل قول الله عز وجل: (ويسألونك عن المحيض)


شرح حديث أنس في الأمر بمخالطة الحائض مخالفة لليهود
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب تأويل قول الله عز وجل: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ [البقرة:222].أخبرنا إسحاق بن إبراهيم حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس رضي الله عنه، قال: (كانت اليهود إذا حاضت المرأة منهم لم يؤاكلوهن ولم يشاربوهن ولم يجامعوهن في البيوت، فسألوا نبي الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فأنزل الله عز وجل: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى [البقرة:222] الآية، فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يؤاكلوهن ويشاربوهن ويجامعوهن في البيوت، وأن يصنعوا بهن كل شيء ما خلا الجماع)].هنا أورد النسائي هذه الترجمة؛ وهي: باب تأويل قول الله عز وجل: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ [البقرة:222]، والمقصود من هذه الترجمة: بيان تأويل هذه الآية، وأن المقصود بالاعتزال في المحيض؛ هو اعتزال الجماع وتركه، وأما مخالطتها ومباشرتها ومؤاكلتها والشرب معها فإن ذلك سائغ.إذاً: فهذا الحديث مفسر لهذه الآية، ومن المعلوم أن السنة تفسر القرآن وتبينه وتدل عليه، وقد أورد النسائي رحمه الله حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: (كانت اليهود إذا حاضت المرأة لم يؤاكلوهن ولم يشاربوهن، ولم يجامعوهن في البيوت) يعني: لا يخالطونهن، فالمقصود بالمجامعة هنا: المخالطة وليس الجماع، فكانوا لا يؤاكلوهن ولا يشاربوهن ولا يخالطونهن في البيوت، فيعتزلونهن ويبتعدن عنهم ويبتعدون عنهن، حتى ينتهين من الحيض، وهذا إفراط في الترك والاعتزال، ويقابل هؤلاء النصارى الذين يجامعونهن في حال حيضهن، والإسلام جاء بالتوسط بين هذا وهذا، فأباح المؤاكلة والمشاربة والمخالطة في البيوت، ومنع الجماع، وأنه يفعل معهن كل شيء إلا الجماع، فأنزل الله عز وجل: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ [البقرة:222]، لما كان اليهود هذا شأنهم فأنزل الله عز وجل: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ [البقرة:222].قوله: [فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم].أي: فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يؤاكلوهن ويشاربوهن ويجامعوهن في البيوت، إلا أنهم لا يفعلون معهن الجماع.إذاً: فالمجامعة هي: المخالطة في البيوت وليست الجماع؛ لأن التعبير بالبيوت وكذلك الجملة التي بعدها: (وأن يصنعوا بهن كل شيء ما خلا الجماع) يدل على أن المجامعة هي المخالطة، فالتقييد بالبيوت هو من أجل ما جاء بعدها من التنصيص على أنه يفعل كل شيء إلا الجماع.

تراجم رجال إسناد حديث أنس في الأمر بمخالطة الحائض مخالفة لليهود
قوله: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم].إسحاق بن إبراهيم هو: الحنظلي المتقدم قريباً.[حدثنا سليمان بن حرب].هو سليمان بن حرب، وهو البصري، وهو ثقة حافظ، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.[حدثنا حماد بن سلمة].هو حماد بن سلمة بن دينار البصري، وهو ثقة حافظ عابد، وهو أثبت الناس في ثابت البناني؛ وهو شيخه الذي روى عنه في هذا الإسناد، وحماد خرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.[عن ثابت].هو ثابت بن أسلم البناني، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[عن أنس].هو أنس بن مالك رضي الله عنه خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي خدمه عشر سنين، وكان من صغار الصحابة، وقد دعا له الرسول صلى الله عليه وسلم بكثرة المال والولد وطول العمر، فطالت حياته وكثر ولده، وهو من آخر الصحابة موتاً، ومن أكثر الصحابة حديثاً رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.إذاً: إسناد الحديث: إسحاق بن إبراهيم الحنظلي يروي عن سليمان بن حرب عن حماد بن سلمة، عن ثابت البناني عن أنس بن مالك، فمن دون الصحابي كلهم ثقات، وحديثهم عند أصحاب الكتب الستة إلا حماد بن سلمة حديثه عند البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن الأربعة، وإسحاق بن راهويه حديثه عند أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.
ما يجب على من أتى حليلته في حال حيضتها بعد علمه بنهي الله عز وجل عن وطئها

شرح حديث: (أن النبي قال في الرجل يأتي امرأته وهي حائض: يتصدق بدينار أو بنصف دينار)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ما يجب على من أتى حليلته في حال حيضتها بعد علمه بنهي الله عز وجل عن وطئها.أخبرنا عمرو بن علي حدثنا يحيى عن شعبة عن الحكم عن عبد الحميد عن مقسم عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم (أنه قال في الرجل يأتي امرأته وهي حائض يتصدق بدينار أو بنصف دينار)].أورد النسائي هذه الترجمة: وهي باب: ما يجب على الرجل إذا وطأ حليلته بعد علمه بتحريم وطئها في حال حيضها، والمقصود من هذه الترجمة: هو بيان الكفارة التي تجب على من جامع امرأته وهي حائض، وجماع المرأة وهي حائض محرم، وقد جاء تحريمه في الكتاب العزيز وفي السنة المطهرة، وجاءت السنة ببيان ما يجب على من وطأ زوجته وهي حائض؛ بأن يكفر عن ذلك بأن يتصدق بدينار أو نصفه، وهو هذا الذي جاء في هذا الحديث الذي معنا، فهو دال على أن عليه أن يتصدق بأحد هذين المقدارين: الدينار أو نصف الدينار، وقد قيل: إن التفريق بينهما يكون باعتبار حالة اليسار وحالة الإعسار، وقد جاء حديث -فيه كلام- حول هذا الموضوع؛ الذي هو التفريق بين حالة الإعسار وحالة اليسار، فيكون الدينار في حالة اليسر، ونصف الدينار في حالة العسر، فيجب عليه أن يقوم بهذه الكفارة. والحديث اختلف فيه العلماء؛ منهم من صححه، ومنهم من تكلم فيه، ولكن الحديث إسناده صحيح، ورجاله -كما سنعرف- ثقات، بل إنهم على شرط البخاري.

تراجم رجال إسناد حديث: (أن النبي قال في الرجل يأتي امرأته وهي حائض يتصدق بدينار أو بنصف دينار)
قوله: [أخبرنا عمرو بن علي].هو عمرو بن علي الفلاس، حديثه عند أصحاب الكتب الستة، وهو ثقة.[حدثنا يحيى].هو يحيى بن سعيد القطان المحدث الناقد، الثقة الثبت، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.[عن شعبة].شعبة هو: ابن الحجاج الذي وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.[عن الحكم].هو ابن عتيبة الكندي الكوفي، وهو ثقة ثبت، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.[عن عبد الحميد].هو عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب العدوي، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة أيضاً.[عن مقسم].هو مقسم بن بجرة، وهو مولى ابن عباس، وقيل: هو مولى عبد الله بن الحارث بن نوفل، ويقال له: مولى ابن عباس لملازمته إياه، وهو صدوق، خرج حديثه البخاري وأصحاب السنن الأربعة.[عن ابن عباس].ابن عباس ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، حبر الأمة وترجمان القرآن، وهو أحد السبعة المكثرين من رواية الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.إذاً: فرجال هذا الإسناد كلهم خرج لهم أصحاب الكتب الستة إلا مقسم مولى ابن عباس، فإنه خرج له أصحاب الكتب الستة إلا مسلم، وبما أن إسناد الحديث كل رجاله رجال البخاري من أولهم إلى آخرهم، فالحديث صحيح ثابت، وقد ضعفه بعض العلماء؛ ووجه التضعيف يرجع إلى أن فيه التخيير بين الشيء ونصفه، وهذا لا يعهد في باب الكفارات؛ لكن الحديث إسناده صحيح، والذين قالوا بصحته أوجبوا على من جامع امرأته وهي حائض بهذه الكفارة، والذين تكلموا فيه قالوا: إنه لا يجب عليه شيء، وإنما عليه أن يستغفر الله عز وجل ويتوب مما حصل منه، وما دام أن الحديث صحيح فإن على من جامع أن يقوم بهذه الكفارة التي اشتمل عليها هذا الحديث.
الأسئلة


مدى دلالة سلامة الإسناد على سلامة متنه
السؤال: هل سلامة الإسناد تدل على سلامة المتن؟الجواب: سلامة الإسناد وصحة الإسناد إذا كان -مع صحته- ليس فيه شذوذ ولا إعلال، يدل على صحة المتن.

شرح حديث: (خلق الله آدم على صورته)
السؤال: يا شيخ! هل تشرح لنا حديث: (إن الله خلق آدم على صورته)؟ وأين يعود الضمير؟الجواب: هذا الحديث رواه البخاري وغيره، وهو أول حديث في كتاب الاستئذان في صحيح البخاري، وكتاب الاستئذان هو أول الجزء الحادي عشر من فتح الباري، وأما عود الضمير فذكر العلماء فيه ثلاثة أقوال:القول الأول: أن الضمير يرجع إلى الله عز وجل، فقوله: (إن الله خلق آدم على صورته) أي: على صورة الله عز وجل.القول الثاني: إن الضمير يرجع إلى آدم، (خلق الله آدم على صورته) أي: صورة آدم.القول الثالث: إنه يرجع إلى الغلام المضروب، وذلك أنه جاء في بعض طرق الحديث أن رجلاً كان يضرب غلامه، فجاء في الحديث: (إن الله خلق آدم على صورته)، أي: آدم على صورة هذا المضروب. والقول الأول -أن الضمير يرجع إلى الله- قد جاء ما يؤيده في بعض الأحاديث: (على صورة الرحمن)، والحديث تكلم فيه بعض العلماء وصححه بعضهم، ويقولون: إن المراد بالصورة الصفة، ومعنى: (على صورة الرحمن) أي: أنه متصف بالسمع والبصر والكلام، وإن كان ما يضاف إلى الله عز وجل يليق به ويناسبه، وما يضاف إلى المخلوقين يليق بهم ويناسبهم، ولا يلزم من الاتفاق في أسماء الصفات الاتفاق في الصفات نفسها، بل ما يضاف إلى الله عز وجل يليق بكماله وجلاله، وما يضاف إلى المخلوقين يليق بضعفهم وافتقارهم.إذاً: معنى هذا الحديث عند أهل السنة الذين قالوا: إنه يرجع إلى الله عز وجل؛ أي: أنه على صفة الرحمن؛ متكلم سميع بصير، وإن كان ما يضاف إلى الله عز وجل من الصفات يختلف عما يضاف لغيره من المخلوقات، وإن كان معنى الصفة معلوم بالنسبة للجميع إذا أضيف إلى المخلوقين؛ فهو معلوم كيفية ومعلوم معنىً، وإذا أضيف إلى الله عز وجل فهو معلوم المعنى وليس معلوم الكيفية؛ لأن السمع كما هو معلوم يتعلق بسماع أصوات الحركات، كذلك البصر يتعلق بالمرئيات، فإذا وصف الله عز وجل بأنه سميع بصير، فقد علم معنى السمع، ولكن إضافته إلى الله عز وجل تجعل تلك الصفة أو الصفتين تليقان بكماله وجلاله، فلا تماثل صفات المخلوقين، ولا تشابه صفاتهم؛ لأن ذات الله عز وجل تخالف الذوات، وصفاته تخالف الصفات، ولا يشبه شيئاً من المخلوقات، ولا يشبهه شيء من المخلوقات.والقو� � الأول: جاء عن الإمام أحمد وغيره، بل جاء عن الإمام أحمد التشديد والإنكار على من قال بخلافه.أما القول الثاني فقال به ابن خزيمة من أهل السنة، ومعناه عند القائلين به: أن الله خلق آدم على صورته؛ أي: طوله ستون ذراعاً كما جاء في الحديث نفسه في أول كتاب الاستئذان، (إن الله خلق آدم على صورته طوله ستون ذراعاً، فلم يزل الخلق ينقص حتى الآن، فلما خلقه قال له: اذهب إلى جماعة من الملائكة جلوس فسلم عليهم، فانظر ماذا يردون عليك؟ فإنها تحيتك وتحية ذريتك من بعدك)، وهذا وجه إيراد البخاري للحديث في كتاب الاستئذان؛ لأن فيه ذكر السلام وأصل السلام، وذلك عندما خلقه الله عز وجل أمره بأن يذهب إلى جماعة من الملائكة، وأن يسلم عليهم، فينظر ماذا يردون عليه؟ فإنها تحيته وتحية ذريته من بعده.ثم قال: (فذهب إليهم وقال: السلام عليكم، فقالوا: السلام عليك ورحمة الله)، هذا هو الحديث في أول كتاب الاستئذان.ومعنى الحديث على كلام ابن خزيمة، يقول: إن ما جاء بعد جملة: (إن الله خلق آدم على صورته) يبين معناه، وهو أن الله خلق آدم على صورته؛ طوله ستون ذراعاً، يعني: أن الله خلقه وطوله ستون ذراعاً في السماء، ما خلقه متدرجاً كما خلق ذريته تنمو شيئاً فشيئاً، وتكبر شيئاً فشيئاً حتى يصل إلى منتهاه، وإنما خلقه الله من حين ما خلقه ستون ذراعاً، فما كان ذراعاً أو ذراعين ثم كبر، وإنما خلق آدم على صورته التي هو عليها ستون ذراعاً منذ أن خلقه الله، ثم لم يزل الخلق ينقص حتى الآن، حتى صار أحجام الناس وأطوال الناس قليلة جداً بالنسبة لذلك الطول الذي حصل لآدم عليه الصلاة والسلام، وقد جاء في الحديث: ( أن أهل الجنة إذا دخلوا الجنة يدخلون على طول آدم ) يعني: ستين ذراعاً.إذاً: معناه عند ابن خزيمة، وغيره ومن قال به من أهل السنة: أنه يرجع إلى آدم، والمقصود منه أن الله تعالى خلقه وهو بهذا الطول، ولم يتدرج كما حصل لذريته من التدرج شيئاً فشيئاً، والنمو شيئاً فشيئاً حتى وصلت إلى ما وصلت إليه؛ أي: ذريته.ومن يقول: صورة الرحمن صفته، إن هذا تأويل.نقول: أبداً ليس هذا تأويلاً، بل الصورة هي الصفة، والصورة أيضاً جاءت في غير هذا الحديث، ليس هذا الحديث وحده هو الذي جاء فيه ذكر الصورة مضافة إلى الله عز وجل، بل قد جاءت في أحاديث أخرى كما في الصحيحين.أما القول الثالث وهو: أنه يرجع إلى المضروب الذي كان يضرب غلامه، فقيل: (إن الله خلق آدم على صورته)، يعني: على صورة المضروب فشكله شكل آدم من حيث الصورة، والقول الصحيح هو الأول وهو الأرجح، والقول الثاني قال به بعض أهل السنة كما قلت.
الفرق بين الرمل والتراب في التيمم
السؤال: ما هو الفرق بين التراب والرمل في باب التيمم؟الجواب: أبداً، الإنسان يتيمم على الأرض التي هو فيها، سواء كان فيها رمل أو كان فيها تراب، يعني: الذي يتصاعد منه شيء، فالإنسان يتيمم من أي تراب يكون على أي مكان من الأرض؛ لأن الله عز وجل شرع للناس وخفف لهم أن يتيمموا بأن يضربوا أيديهم على الأرض في أي مكان كانوا، ((فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ))[التغابن:16].

التفريق بين عبارات المحدثين: أخبرنا وحدثنا وأنبأنا
السؤال: ما الفرق بين عبارات المحدثين: أخبرنا، حدثنا، أنبأنا؟الجواب: من العلماء من لا يفرق بين هذه العبارات ويجعلها بمعنى واحد. ومنهم من يجعل (حدثنا) لما سمع من لفظ الشيخ، (وأخبرنا وأنبأنا) فيما قرئ على الشيخ وهو يسمع، فيعبر عنه بأخبرنا وأنبأنا، لكن بعض العلماء يسوي بين هذه الألفاظ، فيقول: أنبأنا، وحدثنا، وأخبرنا فيما سمع من الشيخ، وفيما قرئ على الشيخ وهو يسمع.

حكم خروج النساء للجهاد وتدريبهن على ذلك
السؤال: ما حكم خروج النساء في الجهاد؟ وما حكم تدريبهن على السلاح؟الجواب: النساء لسن من أهل الجهاد، ولسن من أهل القتال، ومهمتهن معروفة، والقتال هو للرجال الذين هم أهل الجلد، وأهل القدرة، وأهل الصبر وأهل التحمل، والنساء ضعيفات، والذي جاء أن بعض النساء كن يذهبن مع أزواجهن لخدمتهم، وليس يخرجن للجهاد والقتال في سبيل الله، ولهذا لا يدربن ولا يهيأن للقتال؛ لأن مهمتهن معروفة، وخروجهن في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم مع أزواجهن إنما كان ذلك للخدمة، فلا يعلل بعدم وجود الرجال وقلة الرجال، ومن المعلوم أن النساء لا فائدة فيهن من حيث القتال، ومن المعلوم أن كل بلد فيه رجال وفيه نساء، لكن الناس اتجهوا في كثير من البلاد إلى أن النساء يشاركن الرجال، ويتساوين مع الرجال، وأنه لا فرق بين النساء والرجال، وهذا انتكاس.
ما يلزم من باشر امرأته وهي حائض وأنزل
السؤال: إذا باشر الرجل امرأته وهي حائض ثم أنزل، فهل في ذلك حرج أو إثم؟الجواب: أبداً ليس فيه شيء، ما دام أنه ليس في الفرج فلا بأس في ذلك.
كيفية قضاء الوتر كماً ووقتاً
السؤال: هل المسلم إذا نام عن الوتر يصليه بين صلاة الفجر والظهر؟الجواب: الإنسان إذا نام عن صلاته من الليل فإنه يصليها في الضحى وليس بعد الفجر، ويصليها على مقدار ما كان يصليه ويزيد ركعة؛ لأنه جاء في الحديث ( أن الرسول صلى الله عليه وسلم إذا لم يقم أو لم يؤد صلاته من الليل لعارض شغله عن ذلك صلى من الضحى اثنتا عشرة ركعة )؛ لأنه كان يصلي إحدى عشرة ركعة، فيصلي اثنتا عشرة ركعة، يعني: ولا يصلي وتراً في النهار، فالمقدار الذي كان يفعله يأتي به ويزيد عليه ركعة حتى يخرج من الوتر، فهذا هدي رسول الله عليه الصلاة والسلام في ذلك.
حكم الصلاة على السجادة التي فيها صورة الكعبة
السؤال: ما هو حكم الصلاة على السجادة التي فيها صورة الكعبة؟الجواب: لا بأس بذلك.
حكم التصفيق
السؤال: ما حكم التصفيق؛ أي: التصفير؟الجواب: التصفير غير التصفيق؛ فالتصفير بالفم والتصفيق باليدين، والتصفيق للنساء جائز، وللرجال لا يجوز.
حكم تارك الصلاة تكاسلاً
السؤال: ما حكم تارك الصلاة تساهلاً وهو عالم بأنها ركن من أركان الإسلام؟ علماً بأن التارك لها جحوداً كافر باتفاق العلماء.الجواب: تاركها جحوداً كما ذكر هو باتفاق العلماء كافر، لكن من تركها تهاوناً وكسلاً ففيه قولان للعلماء؛ القول الأول: منهم من يقول بأنه كفره كفر دون كفر، وأنه ليس كافراً كفراً مخرجاً من الملة. والقول الثاني يقول: إنه كافر كفر مخرج من الملة، وهو القول الصحيح؛ لأنه قد جاء في الحديث ما يدل على ذلك: (بين المسلم وبين الكفر والشرك ترك الصلاة)، فهذا يدل على أنه كافر، والرسول صلى الله عليه وسلم بين في الأئمة -أئمة الجور- الذين جاء الحديث فيهم عندما ذكر شيئاً من صفاتهم، فقيل له: (ألا نقاتلهم؟ قال: لا ما صلوا)، فجعل الصلاة هي المانع من الخروج عليهم ومن مقاتلتهم.

مدى صحة الحديث في التخفيف في ركعتي الفجر
السؤال: هل صح أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسرع في ركعتي الفجر؟الجواب: نعم، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخفف سنة ركعتي الفجر، كما جاء في الصحيح عن عائشة أنها قالت: (أقول في نفسي: هل قرأ بفاتحة الكتاب؟ يعني من خفتها). فهذا يدل على تخفيفها.

حكم قبول الهدية ممن يعمل في البنك الربوي
السؤال: إذا كان لدي أقارب يعملون في البنوك الربوية مثل البنك الأهلي التجاري، وأراد أحد هؤلاء أن يصل والدي بشيء من المال الذي يتعاطاه من هذا البنك، فهل يا فضيلة الشيخ! أحذر والدي من هذا المال أو أسكت؟الجواب: إذا كان له دخل غير المال الذي يأتيه من البنك، أو الراتب الذي يأتيه من البنك، والمال الأكثر هو من غير البنك فلا بأس بذلك؛ لأن المحرم مغمور، وأما إذا كان ليس له دخل إلا من هذا، وأن الذي يعطيه أو الذي ينفقه هو من هذا، فالإنسان يترك هذا الشيء ولا يأخذه، ويمكن أنه ينصح أباه بعدم الأخذ؛ لأن العمل في البنوك التي تتعاطى الربا حرام؛ ( لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لعن آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه ) والعامل الذي يكتب أو الذي ينقل الأوراق التي فيها الربا وفيها عقود الربا، ولو لم يكن كاتباً، كل هؤلاء متعاونون على الإثم، والعدوان.

وقفة مع ما ذكر عن عبد الرحمن بن مهدي أنه لا يحسن الصلاة
السؤال: ذكر العجلي في معرفة الثقات في ترجمة عبد الرحمن بن مهدي قال: وكان يسيء الصلاة، فكيف نوفق بين جلالة هذا الإمام وبين ما ذكره العجلي؟الجواب: يمكن أن هذا لم يصح، ويمكن أن يكون صح، مثل ما قيل في سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، صاحب رسول الله وأحد العشرة المبشرين بالجنة، فأهل الكوفة آذوه وكتبوا إلى عمر بن الخطاب: بأنه لا يحسن أن يصلي، وهو سعد بن أبي وقاص أحد العشرة المبشرين بالجنة رضي الله عنه وأرضاه، فإما أن يكون هذا صح، أو أنه لم يصح فيكون فيه مغرضون مثل المغرضين الذين تكلموا في سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه وأرضاه، لما أخبره عمر بشكواهم، وأنهم قالوا: إنك لا تحسن أن تصلي، فأخبرهم بأنه يطيل في الركعة الأولى، وأنه يقصر في الثانية، وأنه يفعل كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل، قال: هذا هو الظن بك يا أبا إسحاق! ولكنه رضي الله عنه وأرضاه عزله حتى لا تحصل فتنة بينه وبين أهل الكوفة، فدرءاً للخطر ودرءاً للضرر وأن يوجد من الأوباش ومن السوقة الذين هم لا يبالون بما يحصل قام بعزله.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #98  
قديم 10-06-2019, 06:15 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الطهارة
(83)


- (باب ما تفعل المحرمة إذا حاضت) إلى (باب المني يصيب الثوب)

إذا حاضت المرأة أو نفست وهي محرمة فعليها أن تقوم بما يقوم به الحاج من أعمال الحج إلا الطواف بالبيت، فإنها تؤجله حتى تطهر، وقد بين الشارع الطريقة التي يزال بها دم الحيض إذا أصاب الثوب وذلك بأن يُحك بعود ويُفرك حتى يزال جرمه في الثوب ثم يغسل بالماء.
ما تفعل المحرمة إذا حاضت


شرح حديث عائشة فيما تفعل المحرمة إذا حاضت
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ما تفعل المحرمة إذا حاضت.أخبرنا إسحاق بن إبراهيم حدثنا سفيان عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ( خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نرى إلا الحج، فلما كان بسرف حضت، فدخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي، فقال: ما لك أنفست؟ فقلت: نعم، قال: هذا أمر كتبه الله عز وجل على بنات آدم، فاقضي ما يقضي الحاج غير ألا تطوفي بالبيت، وضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نسائه بالبقر ).هنا أورد النسائي رحمه الله باب: ما تفعل المحرمة إذا حاضت. هذه الترجمة واضح المراد منها وهو أن المرأة المحرمة إذا طرأ عليها الحيض، فإنها تبقى على إحرامها، وتفعل ما يفعل الحاج أو المعتمر، غير أنها لا تطوف بالبيت حتى تطهر، ولا تسعى بين الصفاء والمروة؛ لأن السعي يكون بعد الطواف، ومن المعلوم أن الطواف إذا لم يحصل، فما يتبعه من السعي فهو تابع له. وقد أورد النسائي رحمه الله حديث عائشة رضي الله عنها أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم خرجوا مع النبي عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع، قالت: (لا نرى إلا الحج) يعني: أن الحج هو الغالب عليهم، وإلا فإن منهم من كان متمتعاً محرماً بالعمرة، ومن هؤلاء عائشة رضي الله تعالى عنها وأرضاها، وعائشة رضي الله عنها كانت متمتعة، وقد حصل لها الحيض في الطريق قرب مكة في هذا المكان الذي يقال له: سرف، ولما حصل لها ذلك جعلت تبكي، فدخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: (ما لك أنفست؟)؛ يعني: ما لك تبكين وما لك متأثرة، أنفست؟ يعني: أحضت؟ وقد سبق أن مر قريباً أن لفظة (نفست) تكون في الحيض وتكون في النفاس، وهي ما يكون بعد الولادة من الدم فيقال: نفست؛ يعني: إذا ولدت، والدم الذي يكون بعد ذلك هو دم النفاس، وإذا حاضت يقال: نفست، وكل من الدم الذي يحصل في الحيض والنفاس مأخوذ من النفس وهو الدم؛ لأن النفس يراد به الدم، وهذا من معاني النفس، ولهذا اشتهر عند الفقهاء جملة وهي: ما لا نفس له سائلة لا ينجس الماء إذا مات فيه، وما لا نفس له؛ يعني: ما لا دم له كالجراد والذباب، وما إلى ذلك مما لا دم فيه، فإن هذا إذا مات في ماء فلا يؤثر موته فيه على الماء ولا ينجسه.إذاً: فالنفس مأخوذ من النفاس، وإطلاق الحيض عليه؛ لأن ذلك من معانيه ويقال فيه: نفست، أي: إن ذلك مأخوذ من النفس، والنفس يراد به الدم؛ لأن هذا من معانيه، وقد نقل ابن القيم في زاد المعاد أن أول من حفظ عنه في الإسلام أنه عبر بهذه العبارة، فقال: ما لا نفس له سائلة أنه إبراهيم النخعي وعنه تلقاها الفقهاء من بعده.قالت: (نعم) قال: (هذا أمر كتبه الله على بنات آدم) (هذا أمر) أي: الحيض، (كتبه الله على بنات آدم) فليس هذا إليك، ولم يحصل منك تقصير، بل إن هذا أمر مكتوب ولا دخل للنساء فيه، ولا دخل للمرأة في مجيء الدم؛ لأن هذا شيء مكتوب، والكتابة هنا قدرية؛ لأن الكتابة تأتي قدرية وتأتي شرعية، أي أنها تأتي بمعنى القدر وهو الذي قدر وكتب أنه يكون كذا، فهذه كتابة قدرية، كقوله تعالى: قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا [التوبة:51]؛ يعني: قدر الله لنا، وقوله: (كتبه الله على بنات آدم) أي: قدره الله على بنات آدم، وأما الكتابة الشرعية فإنها مثل قوله تعالى: وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ [المائدة:45]؛ يعني: في التوراة، وكتبنا أي: شرعنا وأوجبنا، قوله تعالى: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى [البقرة:178]؛ يعني: شرع؛ لأنها كتابة شرعية وكتابة قدرية، وهنا كتابة قدرية: (أمر كتبه الله على بنات آدم) يعني: قدره على بنات آدم أنه يكون، وما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن. إذاً: فهذا أمر خارج عن إرادتك، وخارج عن مشيئتك، فلم يحصل منك تقصير، وإنما هذا أمر مكتوب مقدر فلا شأن لك فيه، فقال ذلك عليه الصلاة والسلام ليهون عليها ما حصل لها مما أفزعها وأبكاها، فأرشدها أن تفعل جميع أفعال الحاج إلا أنها لا تطوف بالبيت، ولا الذي يكون بعده وهو السعي بين الصفا والمروة، فالنبي صلى الله عليه وسلم بين لها أن كل ما يفعل الحاج فإنها تفعله، فهي تقف في عرفات، وتبقى في منى، وتبيت بمزدلفة، وترمي الجمار، وتقصر، وتنحر، فكل ما يفعله الحاج تفعله المرأة الحائض إلا أنها لا تطوف بالبيت. ومن المعلوم أن عائشة رضي الله عنها أحرمت متمتعة محرمةً بالعمرة، وبقيت على عمرتها، لكن لما جاء وقت الحج وهي لم تطهر من حيضها، أمرها رسول الله عليه الصلاة والسلام أن تحرم بالحج وتدخله على العمرة، فتكون بذلك قارنة بعد أن كانت متمتعة؛ لأن الإحرام بالعمرة موجود من الميقات وهو مستمر معها، ولكنه لم يتيسر لها أن تطوف وتسعى وتنهي عمرتها بسبب الحيض، والحج قد وصل ولا تتمكن من إنهاء العمرة، فأمرها عليه الصلاة والسلام أن تدخل الحج على العمرة، وأن تنوي الحج في ذلك الوقت، فيكون إحرامها بالحج مضافاً إلى إحرامها بالعمرة الذي كان في الميقات، فتكون بذلك قارنة ولم تلغي عمرتها، فإن الإحرام بالشيء إذا حصل لا يتخلص منه، بل لا بد من إتمامه وإنفاذه، ولما لم يكن سبيل إلى الإتمام بسبب الحيض والإحرام لا يزال باقياً، أرشدها عليه الصلاة والسلام أن تحرم بالحج فتدخله على العمرة وتصير بذلك قارنة؛ يعني: يكون طوافها بعد الحج وسعيها بعد الحج لحجها وعمرتها؛ لأن القارن عليه طواف واحد وسعي واحد. ثم قالت: ( وضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نسائه بالبقر )، المقصود بذلك: أن الهدي الذي كان على أمهات المؤمنين بسبب تمتعهن فعله عنهن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وكان ذلك بالبقر أي: أن هدي التمتع الذي حصل لهن وهدي القران الذي هو لـعائشة كان بالبقر.

تراجم رجال إسناد حديث عائشة فيما تفعل المحرمة إذا حاضت
قوله: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم].وهو: ابن مخلد الحنظلي المشهور بابن راهويه، وراهويه للمحدثين فيه إطلاق، وللغويين فيه إطلاق، فالمحدثون يجعلون الواو ساكنة وما قبلها مضموماً والياء بعدها مفتوحة، فيقولون: ابن راهويه.أما اللغويون: فيكون الاسم مختوماً بويه، أي: الواو مفتوحة والياء ساكنة، فيقول: راهويه؛ لأن الاسم يكون عندهم مختوماً بويه.وهو ثقة، محدث، فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهي من أعلى صيغ التعديل والتوثيق، وقد خرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه .[حدثنا سفيان].وهنا مهمل؛ يعني: غير منسوب، فهو مهمل النسبة، فإذا ذكر اسم الشخص ولم ينسب، ولم يؤت بما يميزه عن غيره فإنهم يسمونه المهمل، فيكون محتملاً لأشخاص كما هنا؛ لأن سفيان يحتمل: سفيان بن عيينة، ويحتمل: سفيان الثوري، وكانا في زمن واحد، وهما محدثان، فقيهان، مشهوران، وهذا غير المبهم؛ لأن المبهم لا يذكر اسمه، لكن يشار إليه بأن يقال: رجل، أو أخبرني رجل، أو حدثني رجل، أو امرأة، فهذا يقال له: مبهم؛ لأنه غير مسمى، فرجل يعني: جنس. والطريقة إلى معرفة المهمل تعيينه وتمييزه هل هو الثوري أو ابن عيينة هو ما ذكرت مراراً أن المعروف في ذلك أو المشهور في ذلك طريقان: إحداهما: أن يكون مسمى في بعض الطرق التي ورد بها الحديث؛ لأن الحديث يأتي من عدة طرق، فيكون في بعضها مهملاً، وفي بعضها منسوباً، والطريقة الثانية: بالنظر للشيوخ والتلاميذ الذين أخذ عنهم هذا المهمل -مهمل النسبة- وإذا نظرنا في ترجمة شيخ سفيان وهو عبد الرحمن بن القاسم نجد أن في ترجمته في تهذيب الكمال: أنه روى عنه السفيانان، أي سفيان بن عيينة، وسفيان الثوري. فإذاً: فهو محتمل أن يكون هذا أو هذا، لكن لما نظرنا في ترجمة إسحاق بن راهويه في تهذيب الكمال، وجدنا أن المزي لم يذكر إلا سفيان بن عيينة، وما ذكر في شيوخ إسحاق بن راهويه إلا سفيان بن عيينة، وما ذكر من شيوخه سفيان الثوري. إذاً: يكون سفيان بن عيينة، وسفيان بن عيينة ثقة، محدث، فقيه، حافظ عابد، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[عن عبد الرحمن بن القاسم].هو عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر، وهو ثقة عابد، قال عنه سفيان بن عيينة: كان أفضل أهل زمانه. يثني عليه، وهو هنا تلميذه المهمل، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.[عن أبيه].هو القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وهو أحد الفقهاء السبعة في المدينة المشهورين في عصر التابعين، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة، وقد مر ذكره كثيراً في هذا الكتاب.[عن عائشة].هي أم المؤمنين الصديقة بنت الصديق، وحديثها عند أصحاب الكتب الستة، وهي أكثر الصحابيات على الإطلاق حديثاً، وهي أحد السبعة المكثرين من رواية الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهم ستة من الذكور وعائشة رضي الله عنها وأرضاها أم المؤمنين، وهم الذين جمعهم السيوطي في بيتين من ألفيته، حيث قال عنهم: والمكثرون في رواية الأثرأبو هريرة يليه ابن عمر وأنس والبحر كـالخدريوجابر وزوجة النبيِّ
ما تفعل النفساء عند الإحرام


شرح حديث جابر فيما تفعل النفساء عند الإحرام
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ما تفعل النفساء عند الإحرام.أخبرنا عمرو بن علي ومحمد بن المثنى ويعقوب بن إبراهيم واللفظ له، أخبرنا يحيى بن سعيد حدثنا جعفر بن محمد حدثني أبي قال: أتينا جابر بن عبد الله رضي الله عنهما فسألناه عن حجة النبي صلى الله عليه وسلم فحدثنا: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج لخمس بقين من ذي القعدة، وخرجنا معه حتى إذا أتى ذا الحليفة ولدت أسماء بنت عميس محمد بن أبي بكر، فأرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف أصنع؟ قال: اغتسلي واستثفري، ثم أهلي )].هنا أورد النسائي هذه الترجمة وهي: باب ما تفعل النفساء عند الإحرام. أي: إذا حصل لها نفاس؛ يعني: ولدت المرأة، وصارت نفساء يخرج منها الدم، فماذا تصنع؟ هذا هو المقصود بالترجمة، وقد أورد النسائي تحته حديث جابر الذي يقول فيه: إنهم خرجوا مع رسول عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع، ولما كانوا في ذي الحليفة -الميقات-، ولدت أسماء بنت عميس محمد بن أبي بكر، فأرسلت إلى الرسول صلى الله عليه وسلم تسأل: ماذا تصنع؟ فأمرها رسول الله عليه الصلاة والسلام أن تغتسل وأن تستثفر بثوب وأن تهل؛ يعني: تحرم، وتنوي الإحرام وهي نفساء، وكذلك الحائض مثلها، فالحائض والنفساء تحرمان وتدخلان في الإحرام وهما في الحيض والنفاس، فتغتسلان عند الإحرام للتنظف والتهيؤ وتهلان، ولكن كما جاء ذلك مبيناً في الحديث السابق أنه لا يحصل الطواف حتى يكون الطهر، وتفعل كما يفعل الحجاج إلا الطواف بالبيت؛ يعني: وكذلك السعي الذي يكون بعده يكون تبعاً له، فـأسماء بنت عميس امرأة أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنهما ولدت محمد بن أبي بكر وسألت النبي عليه الصلاة والسلام: ماذا تصنع؟ فأخبرها بأنها تغتسل وتستثفر بثوب؛ حتى لا يسيل منها الدم، وكذلك تهل؛ يعني: تدخل في الإحرام، فهذا هو الذي تفعله النفساء عند الإحرام وذلك أنها تحرم وتدخل في الإحرام وعليها النفاس، لكنها تستعد له بالاغتسال وتستثفر.

تراجم رجال إسناد حديث جابر فيما تفعل النفساء عند الإحرام
قوله: [أخبرنا عمرو بن علي، ومحمد بن المثنى، ويعقوب بن إبراهيم واللفظ له].هؤلاء ثلاثة من مشايخ النسائي واللفظ للأخير منهم وهو يعقوب بن إبراهيم.و عمرو بن علي الفلاس يأتي ذكره كثيراً، وهو من النقاد، كلامه كثير في الجرح والتعديل، فهو من أئمة الجرح والتعديل، وهو ثقة، ثبت، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.ومحمد بن المثنى هو الزمن العنزي، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة أيضاً، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة جميعاً.ويعقوب هو ابن إبراهيم الدورقي، وهو أيضاً ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة. وكل من محمد بن المثنى ويعقوب بن إبراهيم شيخان للنسائي وقد ماتا في سنة واحدة وهي سنة اثنتين وخمسين ومائتين؛ أي: قبل وفاة البخاري بأربع سنوات، فهما من صغار شيوخ البخاري الذين هم قريبون منه في السن، وقريبون منه في الوفاة؛ لأنه ليس بين وفاتهما وبين وفاة البخاري إلا أربع سنوات.[أخبرنا يحيى بن سعيد].وهو القطان المحدث، الثقة، الناقد، المعروف بإمامته في الجرح والتعديل، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.[حدثنا جعفر بن محمد].وهو جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وهو من أئمة أهل السنة، وإمام من أئمة أهل البيت، ومن أئمة أهل السنة الذين رووا عنهم الأحاديث، ومن الذين رووا الأحاديث عن رسول الله، وهو المعروف بـالصادق، وهو أيضاً من الأئمة الاثني عشر عند الرافضة الذين يقدسونهم ويعظمونهم ويتجاوزون الحدود فيهم. ومن المعلوم أن الواجب في حق المؤمنين من أهل البيت ومن غيرهم هو المحبة والموالاة، والتوسط بين الإفراط والتفريط، فلا غلو ولا جفاء، وإنما توسط واعتدال، فلا يغلى في أحد ولا يجفى في حق أحد، كما قال الطحاوي رحمه الله في عقيدته -عقيدة أهل السنة- يقول: وعلماء السلف من السابقين ومن بعدهم من اللاحقين أهل الخبر والأثر، وأهل الفقه والنظر لا يذكرون إلا بالجميل، ومن ذكرهم بسوء فهو على غير السبيل. فالواجب هو التوسط بين الإفراط والتفريط، ومن كان من صالح أهل البيت فإنه يحب لأمرين: لتقواه وإيمانه، وهذا هو الأساس، وأيضاً لقرابته من رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهذا هو مذهب أهل السنة الذين يعرفون لكلٍ منزلته، ويعرفون قدر أهل البيت، وينزلونهم منازلهم ويحبونهم ويتولونهم، ولا يجفونهم، ولا يغلون فيهم، وإنما يتوسطون فيهم، والذي سبق إلى هذا التقديم وإلى معرفة هذا الفضل لأهله هم الخلفاء الراشدون رضي الله عنهم وأرضاهم، وأولهم خليفة رسول الله عليه الصلاة والسلام أبو بكر الصديق فإنه قد جاء في صحيح البخاري أنه قال: والله لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إليِّ من أن أصل قرابتي؛ يعني: يحب أن يصل قرابة رسول الله عليه الصلاة والسلام أعظم من محبته لصلة قرابته؛ وذلك لمحبته للرسول صلى الله عليه وسلم ومن تنفيذ وصية الرسول صلى الله عليه وسلم في أهل بيته، في أنهم يحبون ويتولون، لكن بلا غلو ولا جفاء، وإنما بتوسط واعتدال بين الإفراط والتفريط، كما قال أبو سليمان الخطابي: ولا تَغلُ في شيء من الأمر واقتصدكلا طرفي قصد الأمور ذميميعني: الطرفين المجانبين لطريق القصد، وهو الاعتدال والتوسط، كلٌ منهما ذميم أي: جانب الإفراط وجانب التفريط، جانب الغلو وجانب الجفاء، هذا هو مذهب وطريقة أهل السنة في حق أهل البيت. وجاء كذلك عن أبي بكر أيضاً وهو في صحيح البخاري قوله: ارقبوا محمداً صلى الله عليه وسلم في أهل بيته. وكذلك أيضاً عمر رضي الله عنه وأرضاه يقول للعباس: والله لإسلامك أحب إليِّ من إسلام الخطاب لو أسلم؛ وذلك لكونه عم رسول الله عليه الصلاة والسلام، وكون الرسول صلى الله عليه وسلم يحب إسلامه، ويحب إسلام أعمامه، ولهذا حرص على إسلام أبي طالب، وجاء إليه وهو في النزع وفي الرمق الأخير من حياته الدنيوية وطلب منه أن يسلم، وقال: (يا عم! قل: لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله)، فكان عنده بعض جلساء السوء فذكروه بملة عبد المطلب، فكان آخر ما قال: هو على ملة عبد المطلب وأبى أن يقول: لا إله إلا الله، فكان عمر رضي الله عنه وأرضاه يقول هذه المقالة. إذاً: هذا هو قول سادات أهل السنة، وسادات المسلمين أفضل من مشى على الأرض بعد الأنبياء والمرسلين، فـأبو بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما وأرضاهما هذا قولهم وكلامهم في حق أهل البيت، والواجب هو محبة أهل البيت؛ يعني: من كان منهم مؤمناً يحب لإيمانه وتقواه، وهذا هو الأساس في المحبة، ويحب لقرابته من رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.وجعفر بن محمد بن علي بن الحسين الذي في الإسناد هو صدوق، فقيه، وقد روى له البخاري في الأدب المفرد، وروى له مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.[حدثني أبي].وهو محمد بن علي بن الحسين المشهور بـالباقر وهو ثقة، فاضل، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة، ويقال فيه ما قيل في ابنه من جهة المودة والمحبة والموالاة لأهل البيت، فمن كان منهم مستقيماً وصالحاً فإنه يحب لتقواه، ويحب لقرابته من رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، هذا هو قول أهل السنة الذين يتولون الجميع، ويحبون أولياء الله عز وجل من الصحابة ومن أهل البيت، فمن كان منهم صالحاً فإنهم يحبونه لصلاحه ولقرابته من رسول الله عليه الصلاة والسلام، ولا يقصرون الأمر في أحد دون أحد، بل يكونون في المودة لـعلي وأولاده، وللعباس وأولاده، وهكذا لجميع قرابة رسول الله عليه الصلاة والسلام على السواء.فرضي الله تعالى عن علي وعن الصحابة أجمعين، ورحم الله التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.[أتينا جابر بن عبد الله].هو جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه، وهو الصحابي الجليل المشهور، وهو أحد السبعة المكثرين من رواية الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #99  
قديم 10-06-2019, 06:17 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الطهارة
(83)





دم الحيض يصيب الثوب


شرح حديث أم قيس فيما يفعل بدم الحيض إذا أصاب الثوب
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب دم الحيض يصيب الثوب.أخبرنا عبيد الله بن سعيد حدثنا يحيى بن سعيد عن سفيان حدثني أبو المقدام ثابت الحداد عن عدي بن دينار سمعت أم قيس بنت محصن رضي الله عنها: ( أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن دم الحيض يصيب الثوب، قال: حكيه بضلع، واغسليه بماء وسدر )].هنا أورد النسائي رحمه الله باب: دم الحيض يصيب الثوب. يعني: أنه يحك ويغسل، أورد النسائي في هذه الترجمة أم قيس بنت محصن وهي أخت عكاشة بن محصن الصحابي المشهور والذي هو من أهل الجنة في قصة السبعين ألفاً الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب، فهذه أخته سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن دم الحيض يصيب الثوب، فقال: (حكيه بضلع، ثم اغسليه بماء وسدر)، الحك: يكون لإزالة الشيء المتجمد أو الشيء المتجمع؛ حتى يسهل غسله بعدما يذهب الشيء المترسب والمتجمع، فإن الحك يزيل الشيء المتجمع، و(ضلع) قيل: إنه عود على هيئة الضلع مائل، ويمكن أيضاً أن يكون الضلع شيء مأكول اللحم، فإنه يحك به، لكن كما هو معلوم مثل هذا يكون نادراً وجوده، وإنما المتوفر الأعواد، ففسر بأن المقصود من ذلك أنه عود يكون على هيئة الضلع في ميلانه، والمقصود من ذلك أنه يحك؛ حتى يزال ما كان مترسباً ومتجمعاً من دم الحيض، ثم بعد ذلك يحصل الغسل بالماء والسدر، والأصل هو الغسل بالماء والسدر لزيادة التنظيف، وليس بلازم؛ يعني: إذا انضم إليه صار زيادة في التنظيف، وإلا فإن الماء يكون كافياً في غسل النجاسات، فإن النجاسات كلها تغسل بالماء إلا فيما يتعلق بولوغ الكلب في الإناء ولو غسل الإناء فإنه يضاف إلى ذلك التراب، ولا بد من ذلك.إذاً: يكون تنظيف الثياب إذا وقع عليها دم الحيض بالحك؛ وذلك لإزالة ما كان متجمداً مترسباً، ثم بعد ذلك بالغسل.

تراجم رجال إسناد حديث أم قيس فيما يفعل بدم الحيض إذا أصاب الثوب
قوله: [أخبرنا عبيد الله بن سعيد].وهو: السرخسي، وهو ثقة، مأمون، سني، قيل له: سني؛ لأنه أظهر السنة في بلاده سرخس، وحديثه خرجه البخاري، ومسلم، والنسائي.[حدثنا يحيى بن سعيد].وهو القطان الذي مر ذكره في الإسناد السابق، وهو ثقة ناقد، حديثه عند أصحاب الكتب الستة كما عرفنا.[عن سفيان].وسفيان هنا هو الثوري، وسفيان هنا غير منسوب، وقد ذكر في ترجمة ثابت الحداد أنه روى عنه الثوري، فإذاً: يكون المراد بهذا الرجل المهمل الذي لم ينسب هو سفيان الثوري، وهو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، الإمام، المحدث، الفقيه، الثقة، الحافظ، العابد، الذي خرج حديثه أصحاب الكتب الستة، والذي وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهو من أعلى صيغ التعديل والتوثيق.[حدثني أبو المقدام ثابت الحداد].وهو: ثابت بن هرمز الحداد قال عنه الحافظ في التقريب: إنه صدوق يهم، وحديثه عند أبي داود، والنسائي، وابن ماجه .[عن عدي بن دينار].وعدي بن دينار ثقة أيضاً، خرج حديثه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه.[سمعت أم قيس بنت محصن].وهي أم قيس بنت محصن الأسدية، أخت عكاشة بن محصن، وعكاشة بن محصن هو أحد المشهود لهم بالجنة كما جاء ذلك في حديث السبعين الألف الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب، فقام عكاشة بن محصن فقال: ( ادع الله لي أن يجعلني منهم، قال: أنت منهم، ثم قام رجل آخر فقال: ادع الله لي أن يجعلني منهم، قال: سبقك بها عكاشة )، فـعكاشة هو أخو أم قيس، وقد شهد له النبي الكريم صلى الله عليه وسلم بالجنة، وأخته هذه أم قيس صحابية لها أربعة وعشرون حديثاً، اتفق البخاري ومسلم منها على حديثين، وحديثها عند أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث أسماء بنت أبي بكر فيما يفعل بدم الحيض إذا أصاب الثوب
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا يحيى بن حبيب بن عربي حدثنا حماد بن زيد عن هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها، وكانت تكون في حجرها ( أن امرأة استفتت النبي صلى الله عليه وسلم عن دم الحيض يصيب الثوب؟ فقال: حتيه، ثم اقرصيه بالماء، ثم انضحيه وصلي فيه )]. هنا أورد النسائي حديث أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنها: ( أن امرأة سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن دم الحيض يصيب الثوب؟ فقال: حتيه، ثم اقرصيه بالماء، ثم انضحيه وصلي فيه )، فأرشدها عليه الصلاة والسلام أن تحته؛ يعني: مثلاً بعود، أي أنها تحت ما كان متجمداً حتى يتساقط، وحتى لا يشغل بالغسل وإزالته وهو متجمد، فإذا حت وسقط، فهو مثل الذي قبله؛ يعني: هناك قال: حكيه، وهنا قال: حتيه؛ يعني: يحت ويحك بمعنى واحد، والحك بعود أو غيره؛ حتى يسقط ذلك المتجمد، وحتى لا يحتاج إلى غسله كثيراً، بل هذا المتجمد الذي يحت يتساقط.وقوله: (ثم اقرصيه بالماء)، يعني: تحركه بأطراف أناملها حتى يزول، وحتى يسهل غسله وإزالته، ثم تغسله، أي: بعدما تقرصه بأصابعها تصب عليه الماء؛ حتى يطهر الثوب من الحيض وتزول النجاسة عنه، فيصلى فيه؛ لأنه طاهر؛ ولأن النجاسة قد ذهبت عنه بالحت والغسل، فهو مثل الذي قبله فيه حت وغسل.

تراجم رجال إسناد حديث أسماء بنت أبي بكر فيما يفعل بدم الحيض إذا أصاب الثوب
قوله: [أخبرنا يحيى بن حبيب بن عربي].يحيى بن حبيب بن عربي، وهو بصري، ثقة، خرج حديثه مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.[حدثنا حماد بن زيد].وحماد بن زيد أيضاً بصري، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.[عن هشام بن عروة].وهو هشام بن عروة بن الزبير بن العوام، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.[عن فاطمة بنت المنذر].وهي فاطمة بنت المنذر بن الزبير بن العوام، وهي زوجة هشام؛ يعني: يروي عن زوجته؛ لأنها هي بنت عمه، فهو هشام بن عروة بن الزبير، وهي فاطمة بنت المنذر بن الزبير، فهي ابنة عمه، وهي ثقة، حديثها عند أصحاب الكتب الستة.[عن أسماء بنت أبي بكر].وهي أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنها وأرضاها، وهي الصحابية أم عبد الله بن الزبير، وحديثها عند أصحاب الكتب الستة.
المني يصيب الثوب


شرح حديث أم حبيبة في صلاة النبي في الثوب الذي كان يجامع فيه
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب المني يصيب الثوب.أخبرنا عيسى بن حماد حدثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن سويد بن قيس عن معاوية بن حديج عن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما أنه سأل أم حبيبة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم: (هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في الثوب الذي كان يجامع فيه؟ قالت: نعم، إذا لم ير فيه أذى)].هنا أورد النسائي رحمه الله باب: المني يصيب الثوب. يعني: ماذا يفعل به؟ وقد أورد النسائي في حديث أم حبيبة رضي الله تعالى عنها أن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه سألها: ( هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في الثوب الذي يجامع فيه؟ قالت: نعم، إذا لم يكن فيه أذى )، يعني: أنه إذا لم يكن فيه أثر المني وكان موجوداً فيه، فإنه لا يغسل ولا يزال، وليس ذلك لأنه نجس، فإن المني ليس بنجس، بل هو طاهر.

تراجم رجال إسناد حديث أم حبيبة في صلاة النبي في الثوب الذي كان يجامع فيه
قوله: [أخبرنا عيسى بن حماد].وهو عيسى بن حماد التجيبي المصري، ولقبه زغبة، وهو ثقة، خرج حديثه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه .[حدثنا الليث].وهو الليث بن سعد المصري، الفقيه، المحدث، الثقة، الثبت، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.[عن يزيد بن أبي حبيب]وهو أيضاً مصري، وهو ثقة، فقيه، وكان يرسل، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.[عن سويد بن قيس].وهو التجيبي المصري أيضاً، وهو ثقة، خرج حديثه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه .[عن معاوية بن حديج].ومعاوية بن حديج صحابي صغير، وخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، وأبو داود، والنسائي.

الموقف مما جرى بين علي ومعاوية
[عن معاوية بن أبي سفيان].وهو معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، وهو أمير المؤمنين، وأول ملوك المسلمين، وهو خير ملوك المسلمين، وهو كاتب وحي رب العالمين رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وقد حصل بينه وبين أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه ما حصل، وكل منهما قد اجتهد، والمجتهد المصيب له أجران، والمجتهد المخطئ له أجر واحد، والخطأ مغفور، وقد قال بعض العلماء الذين وفقهم الله عز وجل بالكلام الحسن في حق الصحابة والفتن التي كانت في أيامهم: قد صان الله عنها أيدينا، فنسأل الله أن يصون عنها ألسنتنا؛ يعني: أنهم ما أدركوا زمانهم، وما بقي إلا القول، والقول الحق هو أن كل مسلم ناصح لنفسه يجب أن يكون كلامه في ما هو حق؛ لأن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم قال: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت)، فهو إذا لم يقل خيراً في الصحابة فلا أقل من السكوت والصمت، وأما أن يتكلم فيهم بما لا يليق، ففاعل ذلك لا يضرهم وإنما يضر نفسه ويجر البلاء على نفسه، ومن المعلوم أنه ليس عند الناس في الدار الآخرة إلا الحسنات والسيئات، فمن تكلم في أحد بكلام لا يليق فإنه يأخذ من حسناته يوم القيامة، وإذا لم يكن له حسنات فإنه يؤخذ من سيئات المظلوم المتكلم فيه بغير حق ويطرح على القائل، كما جاء في حديث المفلس الذي بينه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بقوله: (المفلس من يأتي يوم القيامة بصلاة وزكاة وصيام وحج، ويأتي وقد شتم هذا، وضرب هذا، وسفك دم هذا، وأخذ مال هذا، فيعطى لهذا من حسناته وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أُخذ من سيئاتهم فطرحت عليه، ثم طرح في النار). إذاً: فالواجب في حق أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام أن نترضى عنهم ونستغفر لهم، ونقول كما قال الله عز وجل: وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَ ا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ [الحشر:10]؛ لأن الله تعالى ذكر في سورة الحشر ثلاثة أصناف من الناس ليس لهم رابع؛ يعني: سالمون ناجون، وأما من سواهم فهو حائد عن طريق الحق والهدى.أما الصنف الأول: فهم المهاجرون، وجاء هذا في آية مستقلة: لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ [الحشر:8]، فوصف الله عز وجل المهاجرين الذين خرجوا من ديارهم، وجاءوا لصحبة رسول الله عليه الصلاة والسلام ونصرته بأنهم صادقون، والله تعالى أمر المؤمنين بأن يكونوا مع الصادقين: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ [التوبة:119]، والمراد بالصادقين أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وقد جاءت هذه الآية بعد ذكر الثلاثة من أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام الذين صدقوا فيما قالوا وفيما خاطبوا به الرسول عليه الصلاة والسلام في تخلفهم عن غزوة تبوك، ولم يحصل منهم ما حصل من المنافقين، فصدقوا ونجاهم الله تعالى بالصدق، ثم أمر الله المؤمنين بأن يكونوا مع الصادقين: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ [التوبة:119].فالمهاجرون وصفهم الله تعالى بأنهم الصادقون، وقد أمر المؤمنين بأن يكونوا مع الصادقين. إذاً: فهذه الآية تشتمل على الصنف الأول من الأصناف الثلاثة وهي الناجية السالمة.والصنف الثاني: الأنصار، وهم جاءوا في الآية التي بعدها: وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [الحشر:9].والصنف الثالث: هم الذين جاءوا بعد المهاجرين والأنصار، مستغفرين لهم داعين لهم، سائلين الله تعالى ألا يجعل في قلوبهم غلاً لهم، فقال: وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ [الحشر:10]؛ يعني: من بعد المهاجرين والأنصار، يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَ ا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ [الحشر:10].وليس وراء هذه الأصناف الثلاثة إلا الخذلان والانحراف عن طريق الحق والهدى؛ لأن من لم يكن من المهاجرين ولا من الأنصار لا يكون ناجياً وسالماً إلا إذا جاء على طريقة المهاجرين والأنصار، وسأل الله عز وجل هذا السؤال الذي اشتملت عليه هذه الآية الكريمة المبينة لما كان عليه هؤلاء التابعون لهؤلاء السالكين، وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَ ا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ [الحشر:10]، وكيف يكون في القلوب غل للذين آمنوا وهم أصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام ورضي الله عنهم وأرضاهم، فإنه لا يكون في القلوب غل إلا في قلوب مريضة، وقلوب خذل أصحابها، وحيل بينهم وبين التوفيق والهدى. بل قد جاء في القرآن ما هو أشد من ذلك وأعظم! فإن الله تعالى ذكر وصف أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام في التوراة والإنجيل، فقال: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ [الفتح:29]، فهؤلاء الصحابة الكرام رضي الله عنهم وأرضاهم نوه الله بشأنهم في الكتب السابقة، وجاء وصفهم والثناء عليهم في الكتب السابقة رضي الله عنهم وأرضاهم وذلك في التوراة والإنجيل وهما أشهر الكتب المتقدمة، ثم قال في آخرها: لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ [الفتح:29]؛ يعني: فمن غاضه أصحاب رسول الله أو غيض بأصحاب رسول الله، فله نصيب من هذه الآية لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ [الفتح:29]، وهذا أشد ما يكون على من في قلبه حقد على أصحاب رسول الله، وأعظم شيء جاء في القرآن في حق من كان في قلبه غل على أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام ورضي الله تعالى عنهم وأرضاهم.ومعاوية بن أبي سفيان رضي الله تعالى عنه وأرضاه -كما قلت- هو أول ملوك المسلمين، وهو خير ملوك المسلمين وكاتب الوحي لرسول الله عليه الصلاة والسلام، وأخو أم حبيبة أم المؤمنين، وكما قلت: جرى بينه وبين علي رضي الله تعالى عنه وأرضاه شيء، فرضي الله تعالى عن علي وعن معاوية وعن الصحابة أجمعين، والواجب هو الكف عما جرى بينهم إلا بالكلام الحق، وحملهم على أحسن المحامل، وأنهم مجتهدون، فالمجتهد المصيب له أجران، والمجتهد المخطئ له أجر واحد وخطأه مغفور. وقد جاء عن بعض السلف أنه قيل له: ماذا تقول في معاوية ؟ فقال: ماذا أقول في رجل صلى خلف النبي عليه الصلاة والسلام، فقال النبي عليه الصلاة والسلام في الصلاة: سمع الله لمن حمده، فقال معاوية وهو وراءه: ربنا ولك الحمد؛ يعني: استجاب الله لمن حمده، وماذا أقول في رجل هذا شأنه؟! يعني: كسائر الصحابة رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم.[عن أم حبيبة].وهي أخته أم المؤمنين بنت أبي سفيان رضي الله تعالى عنها وأرضاها، وحديثها عند أصحاب الكتب الستة.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #100  
قديم 10-06-2019, 06:18 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الطهارة
(84)


- باب غسل المني من الثوب - باب فرك المني من الثوب

بيّن الشرع عدم نجاسة المني وأنه إذا أصاب الثوب فإنه يفرك أو يغسل، وبين أيضاً جواز الصلاة بالثوب الذي فيه أثر المني، وأنه لا يضر.
غسل المني من الثوب


شرح حديث عائشة: (كنت أغسل الجنابة من ثوب رسول الله فيخرج إلى الصلاة وإن بقع الماء لفي ثوبه)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب غسل المني من الثوبأخبرنا سويد بن نصر أخبرنا عبد الله عن عمرو بن ميمون الجزري عن سليمان بن يسار عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (كنت أغسل الجنابة من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيخرج إلى الصلاة وإن بقع الماء لفي ثوبه)].يقول النسائي رحمه الله: باب غسل المني من الثوب. هذه الترجمة تتعلق بشيء من أحكام الجنابة، وهي: ما إذا أصاب المني ثوباً فماذا يُصنع فيه؟ والترجمة فيها أنه يغسل، وهي قول النسائي: باب غسل المني من الثوب.وقد أورد فيه حديث عائشة رضي الله عنها: (أنها كانت تغسل الجنابة- أي المني -من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيخرج إلى الصلاة وإن بقع الماء في ثوبه)، أي: أثر غسل المني، والغسل هذا ليس لكونه نجساً، وإنما لإزالة المنظر الذي لا يحسن أن يرى على الثوب، والإنسان ذاهب أو خارج من المنزل، فهو مثل البصاق الذي يكون على الثوب، فمنظره لا يكون لائقاً، فغسله لإزالة ذلك الأثر، وليس للنجاسة، بدليل الأحاديث التي ستأتي بعد هذه الترجمة، وهي كون عائشة رضي الله عنها تفرك المني من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان يابساً، فلو كان نجساً ما كفى فيه الفرك، وإنما يتعين الغسل مع الفرك؛ لكن لما اكتفي بالفرك حين صار الثوب فيه المني دل على طهارته، وأنه ليس بنجس؛ لأن الفرك لا يكفي لو كان المني نجساً، فدل على أن المني إذا أصاب الثوب؛ إن كان رطباً فإنه يغسل حتى يزول الأثر الذي لا يناسب أن يرى -كما أن البصاق لو كان على الثوب فإنه يغسل ويزال؛ لأنه لا يناسب أن يرى- وإذا كان يابساً فإنه يفرك، وهذا هو دليل طهارة المني.ثم أيضاً الإنسان مخلوق من المني، والإنسان مادته، فأصل خلقه إنما هو من المني، والله تعالى خلق ذرية آدم بهذه الطريقة، فخلقه من تراب، وخلق ذريته من هذا، إلا عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام فإن خلقه ليس كخلق غيره، ولم يكن على الطريقة أو الهيئة التي يتم بها خلق البشر، وذلك أن خلق آدم عليه الصلاة والسلام من تراب، وخلق حواء من آدم نفسه، وليست بالطريقة التي يتم بها خلق الذرية، وخلق عيسى ابن مريم على الهيئة التي جاءت في الكتاب والسنة، وليس كخلق الذرية.إذاً: فثلاثة أشخاص كلٌ خلقه الله على هيئة معينة. آدم، وحواء، وعيسى، والبقية خلقوا كلهم من ماء مهين، كما قال الله عز وجل: أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ * فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَكِينٍ * إِلَى قَدَرٍ مَعْلُومٍ * فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ [المرسلات:20-23]، إذاً: فالمني طاهر، وغسله لإزالة الأثر الذي لا يناسب أن يرى.

تراجم رجال إسناد حديث عائشة: (كنت أغسل الجنابة من ثوب رسول الله فيخرج إلى الصلاة وإن بقع الماء لفي ثوبه)
قوله: [أخبرنا سويد بن نصر].هو المروزي، وقد جاء ذكره في ما مضى كثيراً، وهو راويه عبد الله بن المبارك المروزي، وهو ثقة، خرج حديثه الترمذي، والنسائي، ولم يخرج له الشيخان: البخاري ومسلم، ولا أبو داود، ولا ابن ماجه .[أخبرنا عبد الله].عبد الله هنا غير منسوب، وهو عبد الله بن المبارك؛ لأنه راويته، وكلاهما من مرو، أي: مروزي، فـعبد الله بن المبارك هو شيخ سويد بن نصر، وسويد بن نصر راويته المعروف بالرواية عنه، ولهذا يهمله، وعبد الله بن المبارك المروزي قال عنه في التقريب: إنه ثقة، ثبت، إمام، جواد، مجاهد، جمعت فيه خصال الخير، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.[عن عمرو بن ميمون الجزري].هو ابن مهران الجزري، وهو سبط سعيد بن جبير؛ أي: ابن بنته، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[عن سليمان بن يسار].سليمان بن يسار هو أحد الفقهاء السبعة في المدينة في عصر التابعين، وقد اشتهروا بالفقه والحديث، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.[عن عائشة].عائشة رضي الله تعالى عنها أم المؤمنين، الصديقة بنت الصديق، فقد مر ذكرها كثيراً، وحديثها في الكتب الستة.
فرك المني من الثوب


شرح حديث عائشة: (كنت أفرك المني من ثوب رسول الله)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب فرك المني من الثوبأخبرنا قتيبة حدثنا حماد عن أبي هاشم عن أبي مجلز عن الحارث بن نوفل عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (كنت أفرك الجنابة -وقالت مرة أخرى: المني- من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم)].هنا أورد النسائي رحمه الله هذه الترجمة، وهي باب: فرك المني من الثوب. أي: أنه لا يحتاج إلى غسل، وإنما يكفي فركه إذا كان يساباً، وفركه يدل على أن ذلك كاف، وأنه لا يحتاج إلى غسل، وقد أورد النسائي رحمه الله في هذه الترجمة حديثاً عن عائشة رضي الله تعالى عنها وأرضاها من عدة طرق، فجاء عنها في الذي أورده النسائي أولاً، أنها قالت: (كنت أفرك الجنابة، وقالت مرة أخرى: المني من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيصلي فيه)، أي: بعد ذلك الفرك، ودون أن يحتاج الأمر إلى غسل، فيصلي الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام فيه، فدل على أنه يكفي فيه الفرك، وأنه لا يحتاج إلى غسل إذا كان يابساً.

تراجم رجال إسناد حديث عائشة: (كنت أفرك المني من ثوب رسول الله)
قوله: [أخبرنا قتيبة].هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريق البغلاني، الثقة، الثبت، المحدث، الذي خرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وقد مر ذكره كثيراً، فهو من شيوخ النسائي، وهو أول شيخ من شيوخه روى له حديثاً في سننه.[حدثنا حماد].وحماد هنا غير منسوب، وهو يحتمل: حماد بن زيد، ويحتمل: حماد بن سلمة، لكن هو حماد بن زيد، وليس حماد بن سلمة؛ لأن قتيبة لم يرو عن حماد بن سلمة شيئاً؛ فإذاً كل ما جاء قتيبة في إسناد يروي عن حماد وليس بمنسوب فالمراد به: حماد بن زيد؛ وقد ذكر المزي في تهذيب الكمال فصلاً عقب ترجمة حماد بن سلمة، ذكر فيه أن الحمادين وهما: حماد بن زيد، وحماد بن سلمة، يأتي ذكرهما في الأسانيد مهملين بدون نسبة، ثم ذكر ما يميز به أحدهما عن الآخر، وذلك بمعرفة التلاميذ الذين انفردوا بالرواية عن هذا، أو بالرواية عن هذا، وكان مما ذكره أن قتيبة بن سعيد انفرد بالرواية عن حماد بن زيد، وعلى هذا فإذا جاء حماد يروي عنه قتيبة وهو غير منسوب، فالمراد به حماد بن زيد، وهو حماد بن زيد بن درهم البصري، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وقد مر ذكره كثيراً.[عن أبي هاشم].هو يحيى بن دينار، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[عن أبي مجلز].هو لاحق بن حميد السدوسي البصري، وهو ثقة أيضاً، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[عن الحارث بن نوفل].هو الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب الهاشمي المكي، وهو صحابي خرج حديثه النسائي وحده.[عن عائشة].هي عائشة أم المؤمنين الصديقة بنت الصديق، وقد مر ذكرها كثيراً، ولا سيما في إسناد الحديث الذي قبل هذا، والحديث من رواية صحابي عن صحابية، الصحابي هو: الحارث بن نوفل، عن صحابية وهي أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها وأرضاها.

شرح حديث عائشة: (لقد رأيتني وما أزيد على أن أفركه من ثوب رسول الله) من طريق ثانية
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عمرو بن يزيد حدثنا بهز حدثنا شعبة قال: الحكم أخبرني عن إبراهيم عن همام بن الحارث أن عائشة رضي الله عنها قالت: (لقد رأيتني وما أزيد على أن أفركه من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم)].هنا أورد النسائي حديث عائشة رضي الله عنها وهو قولها: (لقد رأيتني وما أزيد على أن أفركه من ثوب رسول الله عليه الصلاة والسلام)؛ أي: المني، فالضمير يرجع إلى شيء معلوم، وهو: المني، وهو الذي يُفرك من ثوب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو يدل على ما دل عليه الذي قبله، وهو مما روي عن عائشة من طرق متعددة، وفيه: الاكتفاء بالفرك للمني يكون في الثوب دون حاجة إلى غسله.
تراجم رجال إسناد حديث عائشة: (لقد رأيتني وما أزيد على أن أفركه من ثوب رسول الله) من طريق ثانية
قوله: [أخبرنا عمرو بن يزيد].هو عمرو بن يزيد الجرمي، وهو صدوق، خرج حديثه النسائي وحده.[حدثنا بهز].هو بهز بن أسد العمي، وهو ثقة ثبت، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[حدثنا شعبة].هو ابن الحجاج، الثقة، الثبت، الإمام، الناقد، الذي وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهو وصف رفيع، ولقب عال، لم يظفر به إلا عدد يسير من المحدثين، ومنهم: شعبة بن الحجاج هذا، فقد وصف بهذا الوصف، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.[قال: الحكم أخبرني].والمقصود به: أخبرني الحكم، لكن قدم اسم الراوي على الصيغة، وهو سائغ، عمل به أو استعمله بعض المحدثين، وقد ذكر الحافظ ابن حجر في فتح الباري أن شعبة يستعمل هذا كثيراً؛ أي: يستعمل تقديم اسم الراوي على الصيغة؛ لأن الأصل كالجادة المعروفة؛ أخبرني فلان، فيكون اسم الراوي متأخراً عن الصيغة، يكون فاعلاً، وأما هنا يكون مبتدأ، والصيغة بعده خبر، فيقول: (قال: الحكم أخبرني)، والحكم هو: ابن عتيبة الكندي الكوفي، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.[عن إبراهيم].هو إبراهيم بن يزيد بن قيس النخعي، المحدث، الفقيه، الثقة، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.[عن همام بن الحارث].هو همام بن الحارث النخعي، كوفي أيضاً، وهو ثقة، عابد، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[عن عائشة].عائشة قد مر ذكرها.

حديث عائشة: (كنت أفركه من ثوب النبي) من طريق ثالثة وتراجم رجال إسناده
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا الحسين بن حريث أخبرنا سفيان عن منصور عن إبراهيم عن همام عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (كنت أفركه من ثوب النبي صلى الله عليه وسلم)]. هنا أورد النسائي حديث عائشة من طريق أخرى، وهو بمعنى الذي قبله تماماً، وقولها: (كنت أفركه)؛ تعني المني، (من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم)، وهو دال على ما دل عليه الذي قبله، أو الروايات التي قبله؛ لأنها كلها روايات لحديث واحد، تتعلق بفرك المني من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان يابساً.قوله: [أخبرنا الحسين بن حريث].الحسين بن حريث ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة، إلا ابن ماجه .[أخبرنا سفيان].هنا غير منسوب، يحتمل ابن عيينة، ويحتمل الثوري، لكن في ترجمة الحسين بن حريث في تهذيب الكمال لم يذكر من شيوخه إلا سفيان بن عيينة، فعلى هذا يكون سفيان هو ابن عيينة، وليس الثوري؛ لأنه ليس للحسين بن حريث رواية عن سفيان الثوري، وإنما له رواية عن سفيان بن عيينة. وسفيان بن عيينة ثقة، حجة، إمام، عابد، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.[عن منصور].هو منصور بن معتمر الكوفي، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة أيضاً.[عن إبراهيم عن همام عن عائشة].هؤلاء هم الذين جاءوا في الإسناد الذي قبل هذا.

حديث عائشة: (كنت أراه في ثوب رسول الله فأحكه) من طريق رابعة وتراجم رجال إسناده
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا شعيب بن يوسف عن يحيى بن سعيد عن الأعمش عن إبراهيم عن همام عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (كنت أراه في ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأحكه)].هنا أورد النسائي رحمه الله حديث عائشة أيضاً من طريق أخرى، وهو أنها قالت: (كنت أراه)، تعني المني، (في ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم فتحكه)، يعني: معناها أنها تكتفي بحكه وفركه دون حاجة إلى غسله، فهو دال على ما دلت عليه الروايات السابقة.قوله: [أخبرنا شعيب بن يوسف].هو شعيب بن يوسف النسائي، وهو ثقة، خرج حديثه النسائي وحده.[عن يحيى بن سعيد].هو القطان، وهو ثقة، ثبت، محدث، ناقد، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.[عن الأعمش].هو سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو مشهور بهذا اللقب، الذي هو الأعمش، واسمه سليمان بن مهران، وكثيراً ما يأتي ذكره بلقبه، وأحياناً يأتي ذكره باسمه، ومعرفة الألقاب للمحدثين لها فائدة عظيمة؛ وهي دفع أن يظن الشخص الواحد شخصين، فيما إذا ذكر مرة باسمه ومرة بلقبه، فإن من لا يعرف قد يظن أن الأعمش غير سليمان بن مهران، والأعمش ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الست.[عن إبراهيم عن همام عن عائشة].قد مر ذكرهم في الأسانيد السابقة.

حديث عائشة: (لقد رأيتني أفرك الجنابة من ثوب رسول الله) من طريق خامسة وتراجم رجال إسناده
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا قتيبة حدثنا حماد بن زيد عن هشام بن حسان عن أبي معشر عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (لقد رأيتني أفرك الجنابة من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم)].أورد النسائي حديث عائشة من طريق أخرى، وهو بلفظ يدل على ما دل عليه الطرق السابقة، وهو أنها قالت: (لقد رأيتني أفرك الجنابة من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم)، فهو دال على ما دل عليه ما قبله من الاكتفاء بالفرك دون حاجة إلى الغسل. قوله: [أخبرنا قتيبة].قد مر ذكره قتيبة.[حدثنا حماد].هنا قال: حماد بن زيد وسماه، وهو كما ذكرت نقلاً عن المزي في تهذيب الكمال، في فصل عقده بعد ترجمة حماد بن سلمة، ذكر الذين ينفردون بالرواية عن كل منهما، وذكر أن ممن انفرد بالرواية عن حماد بن زيد قتيبة بن سعيد، فهو لم يرو عن حماد بن سلمة، وهنا قد سماه، بخلاف الإسناد الأول، فإنه قد أهمل النسبة، وأما هنا فقد نسبه، فهو ليس بمهمل، بل متميز عن حماد بن سلمة.وقتيبة لم يرو عن حماد بن سلمة، بل روايته عن حماد بن زيد وحده.[عن هشام بن حسان].هو هشام بن حسان الأزدي القردوسي أبو عبد الله البصري، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[عن أبي معشر].هو زياد بن كليب، وهو ثقة، خرج حديثه مسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي.[عن إبراهيم عن الأسود].إبراهيم هو ابن يزيد بن قيس النخعي المتقدم.والأسود هو: خاله الأسود بن يزيد بن قيس النخعي، وهو ثقة، مخضرم، حديثه عند أصحاب الكتب الستة، وقد مر ذكره فيما مضى.[عن عائشة].عائشة قد مر ذكرها.

حديث عائشة: (لقد رأيتني أجده في ثوب رسول الله فأحته عنه) من طريق سادسة وتراجم رجال إسناده
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن كامل المروزي حدثنا هشيم عن مغيرة عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (لقد رأيتني أجده في ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأحته عنه)]. هنا أورد النسائي حديث عائشة رضي الله عنها، وهو قولها: (لقد رأيتني أجده-أي: المني- في ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأحته عنه)، وهو دال على ما دل عليه الذي قبله من الاكتفاء بالحت والفرك دون الغسل.قوله: [أخبرنا محمد بن كامل المروزي].هو محمد بن كامل المروزي وهو ثقة، خرج حديثه الترمذي، والنسائي، ولم يخرج له الباقون.[حدثنا هشيم].هو ابن بشير الواسطي، وهو ثقة، خرج له أصحاب الكتب الستة.[عن مغيرة].هو المغيرة بن مقسم الضبي، وهو ثقة متقن، إلا أنه كان يدلس، خرج له الجماعة.[عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة].قد مر ذكرهم في الإسناد الذي قبل هذا.
الأسئلة


توجيه لطالب العلم الذي يقدح في أبي حنيفة
السؤال: فضيلة الشيخ! نخبركم أولاً أننا نحبكم في الله، ثم أرجو إجابتي عما يلي:هناك من يسمي نفسه طالب علم، ويبالغ بالقبح والشتم في الإمام أبي حنيفة رحمه الله، ويقول: إن عقيدته ودينه وفقهه مقدوح فيه، فما هو القول الوسط في أبي حنيفة بلا إفراط ولا تفريط؟ وهل هو أحد أئمة المسلمين فعلاً أم لا؟الجواب: أولاً: أقول: أحبك الله الذي أحببتنا فيه، ونسأل الله عز وجل أن يجعلنا من المتحابين فيه، وأن يوفقنا جميعاً لما يرضيه.وأما السؤال المسئول عنه، بخصوص ما ذكر عن الإمام أبي حنيفة، فأبو حنيفة إمام معروف من أئمة أهل السنة، وهو معروف بالفقه، وقد حصل له أتباع عنوا بتدوين فقهه، وهو أحد الأئمة الأربعة المشهورين، الذين اعتني بفقههم، أما الذي ينبغي، والذي يليق بالمسلم الناصح لنفسه أن يكون سليم اللسان من الكلام في العلماء إلا بحق. ومن المعلوم أن الإنسان في الأزمان المتأخرة إنما يكون تعويله على كلام المتقدمين، والمتقدمون معلوم أنهم يعرفون قدر أبي حنيفة، وشأنه وفقهه، وأن عنايته بالفقه معروفة، وقد هيأ الله له أتباعاً عنوا بجمع فقهه، واللائق بالمسلم أن يكون لسانه نظيفاً سليماً فيما يتعلق في حق العلماء السابقين.وقد قال أبو جعفر الطحاوي وهو من أصحاب أبي حنيفة، ومن المعروفين في العناية بمذهب أبي حنيفة، وهو محدث، له كتب في الحديث منها: مشكل الآثار، وغيره من الكتب، وهو صاحب العقيدة؛ عقيدة أهل السنة، وقد قال فيها كلمة مفيدة حسنة تتعلق بهذا السؤال وأمثاله، وهي قوله: وعلماء السلف من السابقين ومن بعدهم من اللاحقين، أهل الخبر والأثر -يقصد بذلك أهل الحديث- وأهل الفقه والنظر -يقصد بذلك الفقهاء- لا يذكرون إلا بالجميل، ومن ذكرهم بسوء فهو على غير السبيل.وإذاً: فشأن الإنسان طالب العلم في هذا الزمان، أن يحرص على أن يكون سليم اللسان في حق السابقين، وألا يتكلم فيهم إلا في حدود ما جاء عن العلماء مع التحقق مما جاء عن بعض العلماء، فإن مما يأتي في الكتب، وينقل عن بعض الأئمة منه ما لا يثبت. إذاً: فاللائق في حق أبي حنيفة وفي حق غيره هو الحرص على سلامة اللسان من الكلام إلا بحق، والاحترام والتوقير لأهل العلم، ومعرفة فضلهم، والاستفادة من علمهم، واعتقاد أنهم دائرون بين الأجر والأجرين، إن اجتهدوا فأصابوا فلهم أجران؛ للاجتهاد وللإصابة، وإن اجتهدوا فأخطئوا فلهم أجر واحد، وخطؤهم مغفور.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 335.35 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 329.25 كيلو بايت... تم توفير 6.10 كيلو بايت...بمعدل (1.82%)]