اللذة مع الحكمة - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4408 - عددالزوار : 847558 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3938 - عددالزوار : 384610 )           »          مجالس تدبر القرآن ....(متجدد) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 163 - عددالزوار : 59456 )           »          المستشرقون.. طلائع وعيون للنهب الاستعماري الحلقة الثالثة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 41 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 16 - عددالزوار : 586 )           »          العمل التطوعي.. أسسه ومهاراته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          أبواب الجنة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 44 )           »          المتسولون (صناعة النصب والاحتيال) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »          إلى كل فتاة.. رمضان بوابة للمبادرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 43 )           »          أســـرار الصـــوم ودرجات الصائمين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى الشباب المسلم

ملتقى الشباب المسلم ملتقى يهتم بقضايا الشباب اليومية ومشاكلهم الحياتية والاجتماعية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12-06-2019, 06:04 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,300
الدولة : Egypt
افتراضي اللذة مع الحكمة

اللذة مع الحكمة
محمد الطاهر بن عاشور



سبرنا أغراض الإنسان، فوجدناه ظمئاً إلى ملائمات نفسه كيفما اتفق، ومتى اتفق، وأين اتفق، غير باحث عن ما يتبع ذلك من المضار، فأردنا أن نبين هنا حقيقة اللذة، ثم نبحث عن مواقعها، وننظر فيما إذا كانت لذة دائمة في هذا الكون الجثماني.
اضطربت آراء الناس -حتى الفلاسفة- في تشخيص معنى اللذة، وكلَّت أقلام الكتاب والشعراء دون ذلك، والذي نختار من بين كثرتها رأيان:
أولهما: يرى أن اللذة هي إدراك النفس ما يلائمها وتراه حسناً.
وثانيهما: أنها التخلص من آلام طبيعية أو عارضة.
ونحن إن نقدنا الأقوال، ولم نذهب مع تَشَبُّعها، لا يعترضنا شك في الحق أن اللذة إدراك النفس ما يلائمها على ما رأى أهل الرأي الأول، وأن من حصر اللذة في التخلص من الألم لم يستقرئ في حدها استقراء تاماً، كما يجب أن يكون التحديد للموجودات، إنما نظر إلى نحو النوم والأكل والشراب من كل لذة دعى إليها احتياج فطري، وضيق في دائرتها حتى كاد أن يخرج المعارف كلها عن اللذة.
نحن لا ننكر أن أكثر اللذات لا يفارقه الشعور بمبدأ ألم، ولو بالأقل ألم الشوق إلى نيل ما يلائم النفس، حتى ننكر على هذا القائل قوله كله، ولكنَّا نعلم أن من اللذات ما ينساق إلى المرء بدون فكر سابق، وربما وقع منه موقعاً لا يقعه لو كان مترقباً من قبل؛ فماذا ترون في هذا الإحساس؟!
انقسمت اللذات بحكم الطبيعة إلى ثلاثة أقسام: حسية وعقلية ومركبة منهما.
والنظر في التقسيم إلى الداعي والحاصل جميعاً، فإن كان الداعي الحس - وهو الذي تحصل به فهي الحسية، وإن كان العقل فهي العقلية، وإن كان الداعي العقل - وتحصل بالحس - فهي المركبة.
أما الحسية فأمرها خطير ومطالبها محدودة يسهل استيفاء ما تقتضيه في الإمكان، ومتى قضى الحس منها شيئاً كان الزائد عليه عنده ألماً.
وأما العقلية فهي حركة الفكر في المعقولات التي تطمح إليها النفس، وشعوره بالحقائق التي يجد عند الشعور بها مسرة لا يعدلها عنده شيء، وهذه يجدها العقل طوع(2) متى بالغ في البحث وجدها منطاعة لا تقف به عند حد.
أما إن أردتم التعب الشديد، والمشقة في السرور فاطلبوا قسمنا الثالث من أقسام اللذة، أعني ما تطلبه النفس، ويقتضيه البدن، تجدون خرط القتاد دونه سهلاً، وتفرضه في المحبة الحب العشقي، فإن الروح إن تعلقت به لقيت في سيرها من المكدرات ما يمرر حلاوة منالها منه، إذا كانت مطالب الروح غير واقفة عند مدى، فإن سلطان وهم المحبة يتسلط عليها فيناجيها أن تطمع باتحاد الروحين، وأن تروم المقارنة الدائمة، والرِّضا الأبدي، وهكذا يغادرها تستهتر بأماني لا يتناهى غرامها، ولا يبرد أوامها، ولكنها تجد طريق الاقتضاء هذا البدن القادر في مبدئه، العاجز في غايته، الذي تسمه المداومة، وتعوقه الموانع، فماذا عساه حقق من مطالب هاته الروح، وكم ذا يمكنها أن تقضي من استخدامه، لا شك أنها سيكون لهما مثلاً في هذه الحال قول أبي الطيب:
فإذا نظرنا يعد هذا إلى المقدار الذي يمكن الإنسان تناوله من غير القسم الثاني، نجد أن لا شيء من الملاذ الحسية بلذَّة حقيقية، وإن تموه على عقول جمهور الناس، فإن هاته الملاذَّ - على ما فيها من توقف على تسويغات الدين والصحة والعادة والاحتياج إلى مكنة الفرض - هي واقفة عند غاية.
ثم ماذا ترى عند البلوغ إلى غايتها؟ ترى الهيضة إن أَكَلتْ، والامتلاء إن شَرِبتْ، والندامة إن داعبتْ، والعجز إن استزادتْ، غير أن الذي يريد أن يغض عن هذا كله، ولا يعتبر من حال اللذات إلا أوقات اقتضائها، ويقول ما الإنسان إلاَّ ابن ساعته، وما هو بمفكر في التي تليها - نقول له انظر إليك وأنت تزعم أنك في لذاتك الحالية، وجرد عقلك مما تسلط عليه من الوهم - تجد نفسك في لذاتك كلها محتاجاً إلى معونة غيرك، وإن كنت عاجزاً عن تحضير أسباب لذاتك؛ فليتك تشعر أنك تفقد واحداً أو ينقبض لك آخراً، وفي الأقل تفكر في انتهاء اللذَّة ومفارقتها، وكيف تجدك في حالك هاته ألا تجدك كما قال الشاعر:
حكي أن الناصر لدين الله ملك قرطبة، كتب بخطه أنه لم يَصْفُ له من زمان حكمه على ذلك البلد الطيب في ذلك السلطان القاهر الذي دام خمسين سنة إلا ساعات، تلفق من جميعها مقدار أربعة عشر يوماً، لذلك قال الأسطوانيون(3) من الفلاسفة: إن الدنيا دار شقاء وبلاء.
دعْ عنك هذا، وولِّ وجهك شطر اللذات الروحية والكمالات العقلية تجد المرء متى التذَّ بشيء منها لا يقف عند منتهى، فهو كل الزمان مبتهج بما يعلمه من العلوم ويستفيده من الآداب.
وهذا حال الحكيم، فهو دائماً ينظر نفسه، فيستفيد علوماً، ويلمح العالم، فيزداد تذكرة، وتزوى له الدنيا فلا تهزه وهو مسرور بإقبالها، وتدبر عنه وهو مسرور بما يعلم من إخلافها، ربما نام ليلة وهو يرصد طلوع الصباح للرجوع إلى لذة التفكير التي قطها عنه النوم، فإن حاول أمراً، أو أتم له فلا تسل عن لذته منه، وإن لم يتم فقد حَصَّل - في الأقل - معرفة طريق لا يهدي إليه، ومتى أَلَمَّ به ضرر من مصاب استهون به في فائدة التجربة، كما يرى العالم النحرير، فيسره مرآه؛ لما ينال من علمه، كذلك يرى الأحمق الجاهل، فيعلمه وبالأقل يأخذ الحكمة من حاله بطريق الحضارة، فرب خطأ جر إلى صواب.
إذن فالحكيم لا يتنكد أبداً وهو مسرور في كل وقت، سبب ذلك علمه بحقيقة كل شيء؛ لأنَّ هاته الدنيا وإن كانت خضرة حلوه، فإنها تعقب تفاهة أو مرارة في فم مجتنيها، ومن ثمَّ لا يوجد فيها سرور متساوي الأطراف، وقد كادت مصالحها أن لا تسلم من ضرر تخلفه.
وينبغي أن يكون هذا سبيل طائفة الابيكوريين من الفلاسفة الذين يرون الدنيا كلها لذَّات فإن رئيسهم لا يذهب عنه أن متاعبها كثيرة لغير الحكيم، ولكنه أراد اقتضاء لذاتها بقدار الاستطاعة.
جاءت شريعة الإسلام في آدابها على الحكمة الفطرية، فلذلك يكون حال المؤمن أشبه بحال الحكيم، ذلك أن الدين يأمره أن يأخذ من الدنيا ما يريد من الحلال، وأن لا يكون جازعاً عند فقدها، وبهاته التربية التي أصلها التسليم للقدر فيها لا حيلة فيه، فقدت المفاسد التي تنشأ عن آلالام في الأمم الأخرى من انتحار وجنون ونحوهما، قال تعالى: (وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا) القصص: 77.
إذا كانت النفس ميَّالة إلى لذاتها في كل حال، فالعاقل لا يسمح لنفسه باقتضاء لذتها الحسية، وربما وصل العقل إلى التفكر في حال اللذة ومآلها، فرأى أن لابدَّ من انقطاعها، فقطعها قبل أن تقطعه، وهو مبدأ عظيم من الحكمة، قال فيه فيلسوف الشعراء أبو العلاء المعري:
وكما ترى من نفسك استنكافاً عن بعض اللذات، وترى غيرك يرغب فيها، بل ترى من نفسك الفرق في لذاتك بين حالتي الصبا والفتوة مثلاً، كذلك لا تشك أنَّ الحكمة إنْ أشرقت على قوم، ربما نزعت كل هوس من قلوبهم، فرأوا الدنيا كلها سفاسف وغروراً، كما ترى أنت اليوم الرقص مع الصبيان وتلقف الكرة جنوناً بعد أنْ كانا شغلك الوحيد، أُولئك هم السعداء الذين استوى عندهم الكدر والطرب، فعاشوا وقلوبهم ممتعة بإدراك الحقائق الذي وراءه للعاقل مطلب.
ذكرني تشكي الناس من سوء معاملة الزمان عادة من عوائده، وهي انزواؤه لمن لا يقدر قدره أو من لا ينتفع به، وتزلُّفه لمن عَدِم العقل والفضيلة، وأنه لا وصل إلى مقاصده وأمانيه من الحكيم بما سهلت الدنيا بين يديه لولا أن يخونه الطريق، فيضله عن كنه مقاصده، وكما ترى الجمادات تنال بدون ارتقاب ما تشيب دون نيله رؤوس الشباب، وترى الزجاج ينال من الثغور ما تتلظي دونه أرباب الأساورة والقصور، فلا تتعجب ممن قرب إلى الجمادية أن تكون الدنيا أسوق إليه، وأنها لا تدين لمن يسخر منها، وإنما تقرب من تضحك عليه.
-------
(1) السعادة العظمى، العدد (19و20)، (16) شوال 1322هـ المجلد الأول (304-309).
(2) كأن فيه كلمة ساقطة، ولعلها: يديه.
(3) هم أصحاب ابيكور الفيلسوف اليوناني المولود سنة 341 قبل المسيح ومات سنة 270 وهو الذي كان مبدؤه أن الدنيا خلقت للسرور وكان قد اتخذ لتلاميذه مدرسة في بستان كبير وكان يسلك بهم مسلك الرياضة والنزهة والأكل الطيب البسيط الذي لا يخلف أكداراً ويرى أن الرجل يجب عليه اغتنام اللذات بقدر استطاعته ويجب أن يتكدر في الدنيا.
ولا شك أن هذا لا يتم بغير ما بيننا من التوطين النفسي، فإن كل غرض أبيكور تحصيل مع إهمال هذا، فهو يطلب ما لا يسمح به الزمان
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 58.43 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 56.51 كيلو بايت... تم توفير 1.92 كيلو بايت...بمعدل (3.28%)]