|
|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
الكسوف والخسوف
الكسوف والخسوف الشيخ عبدالعزيز بن عبدالمحسن بن عبدالعزيز الدهيشي الحمد لله الذي أظهر لعباده من آياته دليلًا، وهدى من شاء من خلقه فاتخذ ذلك عبرة وابتغى إلى النجاة سبيلًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له المتفرد بالخلق والتدبير جملة وتفصيلًا، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله أبلغ الخلق بيانًا وأصدقهم قيلًا، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان.. أما بعد: أيها الناس، اتقوا الله - تعالى- وتفكروا في آياته وما يخلقه في السماوات والأرض، فإن في ذلك لآيات لقوم يعقلون، تفكروا في هذه السماوات التي رفعها الله بقوته وأمسكها بقدرته أن لا تقع على عباده، أحكم بناءها وزينها بالنجوم وجعل الشمس فيها سراجًا وهاجًا، والقمر نورًا، تفكروا كيف كانت هذه النجوم وهذه القصص والقمر؟ كل يسير في فلكه لا يفارقه منذ خلقه الله، لا يزيد ولا ينقص ولا يرتفع ولا ينزل، فسبحان من سيرها بقدرته ورتب نظامها بحكمته وهو الحكيم العليم. عباد الله، إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله الدالة على قدرته وكمال حكمته ورحمته فإذا نظرت إلى عظمتهما وانتظام سيرهما عرفت بذلك قدرة الله، وإذا نظرت إلى ما فيهما من المصالح والمنافع في اختلاف سيرهما تبين لك كمال رحمة الله بعباده، وإن من حكمة الله سبحانه سيرهما وما يحدث فيهما من الكسوف- وهو ذهاب ضوئهما كله أو بعضه - اختبارًا من الله - سبحانه وتعالى - لعباده هل يحدث ما يجريه من كسوف في أحدهما خشية لله وفزعًا ورجوعًا إليه سبحانه وتعالى، كما حصل لنبيهم محمد - صلى الله عليه وسلم - أم لا يزيدهم ذلك إلا غفلة على غفلتهم وبعداً على بعدهم؟!. عباد الله، في هذه الأيام سالت أقلام الكتاب وملأت الصحف والمجلات بخبر كسوف الشمس في يوم السبت الباكر، فإن صدقت أقواهم فبما آتاهم الله من معرفة في سيرها وتنقلها في منازلها التي سخرها الله فيها، ولكن ماذا أحدث عندهم هذا النبأ؟ هل أحدث وجلًا وخوفًا من الله سبحانه وتعالى كما حدث ذلك عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟! كلا، ثم كلا، لم يحدث ذلك لديهم إلا زيادة الخوض في آيات الله والبعد عما جاء به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أحدث لديهم التسابق لمعرفة أسباب ذلك بصرف النظر عما كان يفعله - صلى الله عليه وسلم - عند ذلك، ولو كان لمعرفة سبب ذلك كبير فائدة لأخبر به - صلى الله عليه وسلم - لأنه لم يترك خيرًا إلا دل الأمة عليه ولا شرًا إلا حذرها منه. عباد الله، إن ما يحصل من كسوف الشمس أو القمر تخويف من الله لعباده ليتوبوا إليه ويستغفروه ويعبدوه ويعظموه، كسفت الشمس على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فخرج يجر رداءه حتى أتى المسجد ثم نودي: الصلاة جامعة فاجتمع الناس فتقدم النبي - صلى الله عليه وسلم - فصلى بهم ركعتين، في كل ركعة ركوعان وسجودان طويلان، وسمع - صلى الله عليه وسلم - يدعو في سجوده: رب ألم تعدني أن لا تعذبهم وأنا فيهم، أن تعدني ألا تعذبهم وهم يستغفرون، فلما فرغ من صلاته وعظهم موعظة بليغة أثنى على الله بما هو أهله، ثم قال: إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، وذلك أنه صادف كسوف الشمس يوم موت إبراهيم ابن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا عمر ماذا تعدون هذا في الجاهلية؟، فقال عمر: كنا نعد هذا الحادث إنما يحدث لمولد عظيم أو لموت عظيم، فقال - صلى الله عليه وسلم -: إنهما آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى الصلاة فافزعوا إلى المساجد فافزعوا إلى ذكر الله ودعائه واستغفاره، وفي رواية فادعوا وتصدقوا وصلوا، ثم قال: يا أمة محمد والله ما من أحد أغير من الله أن يزني عبده أو تزني أمته، يا أمة محمد والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلًا ولبكيتم كثيرًا، وقال: ما من شيء توعدونه إلا رأيته في صلاتي هذه وأوحي إلي أنكم تفتنون في قبوركم قريبًا أو مثل فتنة المسيح الدجال ثم أمرهم أن يتعوذوا من عذاب القبر، وقال: لقد جييء بالنار يحطم بعضها بعضًا وذلك حينما رأيتموني تأخرت مخافة أن يصيبني من لفحها حتى رأيت عمرو بن لحي يجر أمعاءه في النار، ورأيت صاحبة الهرة التي ربطتها ولم تطعمها ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض حتى ماتت جوعًا، ثم قال: ثم جييء بالجنة وذلك حينما رأيتموني تقدمت حتى قمت من مقامي ولقد مددت يدي أريد أن أتناول من ثمرها لتنظروا إليه ثم بدا لي أن لا أفعل[1]. عباد الله، لنا في رسول الله أسوة حسنة، فعلينا عباد الله أن نتمسك بسنته فإذا رأيتم شيئًا من الكسوف فافزعوا إلى الله وتوبوا إليه واستغفروه وتصدقوا كما أمركم به - صلى الله عليه وسلم - ولا تشتغلون في الخوض في سبب ذلك، فإنكم ما تدرون ما وراء ذلك؟ فإن الشمس من آيات الله الكبار التي هي من علامات الساعة فقد أخبر - صلى الله عليه وسلم - أنه قبيل قيام الساعة تتأخر الشمس عن طلوعها كالعادة التي عرفها الناس فتحبس ما شاء الله أن تحبس ثم تؤمر فتخرج من مغربها فذلك الذي ذكره الله في كتابه أنه متى ما حصل لاينفع نفسًا إيمانها لم تكن آمنت من قبل، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعرف الناس بربه وأخوفهم منه ولما رأى ذلك لم يشتغل بشيء غير الرجوع إلى الله والمبادرة إلى الصلاة والدعاء. عباد الله، إن كسوف الشمس والقمر لحدث عظيم وخطب جسيم مخيف فما يدرينا - عباد الله- هل تعود الشمس أو القمر على طبيعتهما التي عرفناها وانتفعنا بنورهما أم يسلبنا ذلك الضوء ويتركنا في ظلمات مدلهمة لا نرى فيها موضع أقدامنا ولا نستطيع السعي للمعيشة ولا حتى لمساجدنا ندعو الله فيها ونبتهل إليه؟! إن الذي نظم سيرها قادر على طمس أنوارها، فاتقوا الله – عباد الله - ولا تشتغلوا إلا بالتفكر في آيات الله والاستغفار والتوبة. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ﴾ [فصلت: 37]. والحمد لله رب العالمين. [1] صحيح ابن خزيمة ح (1392).
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |