العمل التطوعي.. أسسه ومهاراته - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12570 - عددالزوار : 218265 )           »          شرح كتاب الصلاة من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 171 )           »          مجالس تدبر القرآن ....(متجدد) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 183 - عددالزوار : 62174 )           »          حديث قل آمنت بالله ثم استقم وقفات وتأملات كتاب الكتروني رائع (اخر مشاركة : Adel Mohamed - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          التغافل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          الطريق يبدأ من هنا.... (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          دور القائد المسلم في إدارة الأزمات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          يا بنيّ إنني أمك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          كيف تحاورين والديكِ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          أخطاء بسيطة لكن مُميتة ! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 15-04-2024, 11:51 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,210
الدولة : Egypt
افتراضي العمل التطوعي.. أسسه ومهاراته

العمل التطوعي.. أسسه ومهاراته (1-10)



العمل التطوعي أسسه ومهاراته، سلسلة مقالات أردت منها إحياء سنة التطوع،
فهو من أنبل الأعمال وأفضلها؛ لما فيه عظيم الأجر، والنفع والخير للبلاد والعباد، به يستقر المجتمع وتحصل به المحبة والألفة والوئام بين المسلمين وتتحقق به مواساة أهل العوز والحاجة وإزالة أسباب الأحقاد من الصدور، وفيه نشر الألفة بين الناس، والتعاون على البر والخير بعيداً عن الفردية أو الأنانية أو السلبية. وحينما تقلب صفحات تاريخنا الإسلامي تجد نماذج رائعة من الأعمال التطوعية التي كان لها الدور الفاعل في التنمية والحضارة، والتي وفرت الحياة الكريمة لكل إنسان في المجتمع المسلم، وتخفيف معاناة أهل الحاجة والعوز، ودفعت الطاقات البشرية لتسخر جهودها لمنفعة البلاد والعباد، وهذا ما حثت عليه شريعتنا الغراء، فالعمل التطوعي هو جزء من عقيدة المسلم وحياته اليومية. ولتبيان الحقائق نقدم سلسلتنا في العمل التطوعي، وستكون حلقتنا الأولى في مفهوم ومشروعية العمل التطوعي.
العمل التطوعي.. مشروعيته وآثاره
التطوع من نعم الله تعالى على عباده، بأن هيأ لهم من الأعمال التي يؤجرون عليها، ويقدمون من خلالها إمكاناتهم وقدراتهم وطاقاتهم التي وهبها الله لهم في حياتهم التي يعيشوها، من أجل منفعة الآخرين.
والعمل التطوعي دعت إليه الشريعة الإسلامية، وجاء الحث على فعله في كتاب الله تعالى، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وله وفير الأجر والمثوبة من الله تعالى. وقد امتثل الصحابة الكرام رضوان الله عليهم لهذا الترغيب والحث على منفعة الناس والمجتمع، وسار على نهجهم التابعون والسلف الصالح، والمسلمون على مر العهود. ومن خلال التشريع الرباني، والامتثال لهذا التشريع، وثق التاريخ منذ القرن الأول وإلى أيامنا التي نعيشها أعمالا تطوعية ومؤسسات وهيئات وأوقافا وخيرات شهد لها القريب والبعيد.
وتاريخ المسلمين كان ولا يزال ثرياً بالجهود التطوعية التي يبذلها المسلمون في كافة المجالات، فأقاموا حضارة إسلامية كانت الأولى في العهد الأموي وفي العهد العباسي وفي الثلاثمائة سنة الأولى من العهد العثماني.
وقد أولى فقهاء الأمة ومحدثوهم العمل التطوعي والخيري والوقفي اهتماماً واضحاً، فبوبوا له الأبواب وقعدوا له القواعد، وبحثوا في مسائله ومستجداته، فأصلوه تأصيلاً شرعياً، وحددوا له الشروط والضوابط والمقاصد والغايات، وطرق إحيائه في النفوس ورعايته وحسن إدارته.
والمسلم كما هو مطالب بالركوع والسجود والحياة الخالصة لله، فإنه مطالب بفعل الخير على مستوى الفرد والمجتمع؛ قال تعالى: {يأيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون}، الشيخ السعدي في تفسيره للآية قال الآتي: «لا طريق للفلاح سوى الإخلاص في عبادة الخالق والسعي في نفع عبيده فمن وفق لذلك فهو الموفق»، وصاحب النعمة والغني لا يهنأ بنعمته وماله إذا لم يشارك الآخرين ويتعايش معهم ويخفف من آلامهم.
والعمل التطوعي به تقاس حضارة الأمم وتقدمها واستشعارها لمسؤولياتها، ومشاركتها للعمل بما يخدم البلاد والعباد، لتنعم الأمم بالحياة الكريمة الهانئة.
معنى التطوع:
- التطوع في اللغة: تقديم ما ينفع الآخرين، وفي الاصطلاح: طاعة غير واجبة يقدمها المسلم تقرباً إلى الله تعالى، أي بذل للخير تقرباً إلى الله بغير عوض.
ويمكننا أن نجمل تعريف العمل التطوعي من تعاريف علماء اللغة والفقه والاجتماع بأنه: «الجهد الذي يتبرع الإنسان به طواعية، لعمل مشروع، يخدم المجتمع، وينمي أفراده ومؤسساته؛ تقرباً إلى الله تعالى».
ماهية التطوع:
التطوع هو المجهود الذي يقوم به الفرد بصفة اختيارية عن طريق الإسهام بخدمات للمجتمع دون مقابل مادي، وقد يكون على شكل عمل أو علم أو رأي أو تمويل أو غير ذلك مما يخدم المجتمع.
العمل التطوعي في القرآن الكريم:
ديننا الإسلامي الحنيف يحث على القيام بالأعمال التطوعية والخيرية، يقول الله تعالي: {فَمَن تَطَوّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لّهُ} (البقرة: 184 ) و قال تعالى: {ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة}( الحشر:9) وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ}(البينة:7)، وقال تعالى: {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما}، وقال تعالى: {ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون} (آل عمران: 10)، وقال الله تعالى: {لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه أجراً عظيماً} (النساء:114)، يعني: لا خير في كثير من كلام الناس وأحاديثهم ومحاوراتهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس، وقال تعالى: {والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر}، ومهما دق ذلك العمل فإنه مثاب عليه إذا كان خالصاً صوابا.
وقال الله تعالى: {ولا يأب كاتب أن يكتب كما علمه الله} (البقرة:282)، فهنا ترغيب للكاتب أن يتطوع بكتابته ولا يمتنع إذا طلب منه، فالكتابة من نعم الله على العباد التي لا تستقيم أمورهم الدينية ولا الدنيوية إلا بها، وأن من علمه الله الكتابة فقد تفضل الله عليه بفضل عظيم، فمن تمام شكره لنعمة الله تعالى أن يقضي بكتابته حاجات العباد ولا يمتنع من الكتابة، وفي هذه الآيات دلالة واضحة على فضل التطوع وأجره العظيم؛ لما فيه من نفع للناس وإحسان إليهم.
العمل التطوعي في السنة النبوية:
وردت أحاديث صحيحة صريحة في فضل العمل التطوعي في العبادات والنوافل, وفي أعمال البر والمعروف، قال صلى الله عليه وسلم: «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً، وشبك بين أصابعه» رواه البخاري، وعنه صلى الله عليه وسلم قال: «يا بن آدم إن تبذل الفضل خير لك، وإن تمسكه شر لك» رواه مسلم، وقال صلى الله عليه وسلم «من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته» رواه مسلم.
وقال صلى الله عليه وسلم: «كل سلامى من الناس عليه صدقة كل يوم تطلع فيه الشمس، تعدل بين الاثنين صدقة، وتعين الرجل على دابته فتحمله عليها، أو ترفع له عليها متاعه صدقة، والكلمة الطيبة صدقة، وكل خطوة تخطوها إلى الصلاة صدقة، ودل الطريق صدقة، وتميط الأذى عن الطريق صدقة» صحيح الجامع.
فبعدد مفاصل الإنسان الثلاثمائة وستين مفصلاً، يستحب له أن يؤدي شكر نعمة كل مفصل من هذه المفاصل كل يوم بصورة من صور العمل التطوعي.
ومن محبة النبي صلى الله عليه وسلم البالغة لأهل الأعمال التطوعية وعنايته بهم، وتفقده لهم. ما رواه البخاري ومسلم وابن ماجه بإسناد صحيح واللفظ له:
عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن امرأة سوداء كانت تقم المسجد ففقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأل عنها بعد أيام فقيل له: إنها ماتت فقال: «فهلا آذنتموني، فأتى قبرها فصلى عليها».

والعمل التطوعي كان أساساً في بناء الحضارة الإسلامية، فجهد العلماء والفقهاء والنساخ وطلبة العمل في شتى العلوم لم يكن إلا تطوعاً. وما كان عملهم وعطاؤهم يقابل بالأجور، بل كانوا يتورعون من أخذ المال إلا ما يحسن معيشتهم، فبرز في العمل التطوعي العلماء والأطباء والصيادلة والفلكيون والرياضيون وغيرهم.


اعداد: عيسى القدومي




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 16-04-2024, 04:44 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,210
الدولة : Egypt
افتراضي رد: العمل التطوعي.. أسسه ومهاراته

العمل التطوعي.. أسسه ومهاراته (2/10)



العمل التطوعي أسسه ومهاراته، سلسلة مقالات أردت منها إحياء سنة التطوع، فهو من أنبل الأعمال وأفضلها؛ لما فيه عظيم الأجر، والنفع والخير للبلاد والعباد، فبه يستقر المجتمع وتحصل به المحبة والألفة والوئام بين المسلمين وتتحقق به مواساة أهل العوز والحاجة وإزالة أسباب الأحقاد من الصدور، وفيه نشر الألفة بين الناس، والتعاون على البر والخير بعيداً عن الفردية أو الأنانية أو السلبية.
وحينما تقلب صفحات تاريخنا الإسلامي تجد نماذج رائعة من الأعمال التطوعية التي كان لها الدور الفاعل في التنمية والحضارة؛ والتي وفرت الحياة الكريمة لكل إنسان في المجتمع المسلم، وتخفيف معاناة أهل الحاجة والعوز، ودفعت الطاقات البشرية لتسخر جهودها لمنفعة البلاد والعباد، وهذا ما حثت عليه شريعتنا الغراء، فالعمل التطوعي هو جزء من عقيدة المسلم وحياته اليومية. ولتبيان الحقائق نقدم سلسلتنا في العمل التطوعي، وستكون حلقتنا الثانية في الحكمة من مشروعيته، واهتمام الإسلام بالعمل الاجتماعي.
الإسلام والعمل الاجتماعي
العمل التطوعي والتطوع مندوب، أي مستحب، ونوع من أنواع الهبة، وقد تعامل بها الصحابة رضوان الله عليهم في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم، وشرع بالكتاب والسنة، ودعا إليه وحث عليه الرسول صلى الله عليه وسلم، وامتثل وبادر للتطوع صحابته الكرام رضوان الله عليهم، وكان عليه إجماع الأمة على مر العصور، والحكمة من مشروعية العمل التطوعي متعددة نلخصها بالآتي:
1- اكتساب رضا الله ومحبته: وذلك بتحقيق العبودية لله تبارك وتعالى، فالعمل التطوعي نافلة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله قال: «وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته: كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه». صحيح البخاري.
2- تحقيق معنى الاستخلاف: بأن يعمر الأرض، ويحرص على نفع الناس، وأن يكون صاحب دور إيجابي في هذه الحياة، ويسعى لهداية الناس ودعوتهم إلى الإسلام، ونشر النافع من العلم، وإغاثة الملهوف والإنفاق والبذل، قال الله تعالى: {آمنوا بالله ورسوله وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه}.
3- توثيق الروابط بين الناس، والحث على التكافل والتعاون: ولا يتحقق ذلك إلا بالتكافل والتعاون والحرص على منفعة الآخرين، ومساعدتهم بما يخفف الآلام، ويوفر الحاجات الضرورية لمن يحتاجها، وبذلك تهنأ المجتمعات وتسعد بهذه الألفة والمحبة الشعوب والأمم، قال تعالى: {وتعاونوا على البر والتقوى}، وفي الحديث: «من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته».
دعوة الشريعة إلى العمل التطوعي:
دعت الشريعة الإسلامية المسلم إلى البذل والعطاء والإيجابية والتفاعل مع المجتمع الذي يعيش فيه، ومع العالم من حوله، يقول د. أحمد الشرباصي في كتابه «موسوعة أخلاق القرآن»، عن العمل التطوعي بأنه: « خلق من أخلاق القرآن الكريم، وصفة من صفات أهل الإيمان، وفضيلة من الفضائل التي أرشد إليها هدي الرسول صلى الله عليه وسلم»(1). والقيم والأخلاق التي دعت إليها الشريعة الإسلامية، وحثت المسلمين على سلوكها والعمل بها لبذل المعروف والخير في خدمة البلاد والعباد، كثيرة ومتعددة، وهي في حقيقتها عمل تطوعي نجملها بالآتي:
1- الإحسان: بأن يحسن الإنسان إلى الآخرين، فيقدم لهم العون والعطف والرحمة.
2- التعاون: التعاون في حقيقته تطوع، والأفراد المتعاونون على الخير، يؤثرون بالإيجاب على مجتمعاتهم.
3- التكافل الاجتماعي: وبه يتحقق الأمن الاجتماعي والشعور بالمسؤولية.
4- الأخوة: وفيه بذل ما يستطع لمساعدة الإنسان للإنسان ونصرته لإخوانه.
5- الرحمة: ليتراحم الناس فيما بينهم، قال صلى الله عليه وسلم: « لا يرحم اللهُ من لا يرحم الناسَ»(2). فإذا أردت أن تكون أهلاً لرحمة الله فربِّ نفسك على رحمة الناس.
6- فعل الخيرات والمسارعة فيها: ليبذل الإنسان كل ما في وسعه من الخيرات ويسارع فيها ويتسابق إليها.
7- المعروف والعمل الصالح: وكل معروف صدقة من عمل أو قول أو توجيه، والابتسامة والمساعدة صدقة.
8- البر والإنفاق: والبر ما فيه الأجر والمثوبة من إنفاق مال وغيره، والإنفاق بابه واسع، فالموفق من وفق إلى أبواب البر والإنفاق التي لا حصر لها(3).
اهتمام الإسلام بالعمل الاجتماعي:
العمل الاجتماعي يأخذ أهمية ومكانة واسعة في كتاب الله تعالى وفي سنة نبيه الكريم, ويتصدر هذا الجانب لتكون مكانته بعد العقيدة مباشرة في آيات وأحاديث كثيرة, بل وفي السيرة التاريخية للتشريع الإسلامي:
فمن الآيات قوله تعالى: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} (الماعون:1-7).
إن ديننا الإسلامي دين عظيم جعل الرحمة الاجتماعية والتعاون الإنساني والحرص على نفع الآخرين أساساً يبنى عليه تقويم الإنسان وجزاؤه، وتقرر السورة في آياتها الثلاث الأولى أن الذي يزجر اليتيم وينهره, ويهمل المسكين الذي أذلته الحاجة، ولا يحض نفسه ولا أهله ولا غيرهم على إطعام المسكين بخلاً بالمال، هو إنسان مكذب بلقاء الله وحسابه وجزائه، فأكرم اليتيم وأعط المحتاج مما أنعم الله به عليك.
وفي آية أخرى قال تعالى: {وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ} يدعو الله تعالى المؤمنين أن يصبروا ويرحموا ويتواصوا فيما بينهم بذلك؛ ليكون الصبر خلقاً اجتماعياً شائعاً بين الناس، ويتشبع به الجو الإسلامي كله في جميع معاملاته وسياساته وتصرفاته.
والقارئ لسنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم سيجد روائع في التشريع الاجتماعي لا تخطر على بال إنسان. عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « من لا يرحم الناس لا يرحمه الله» متفق عليه.
ولا شك أن الجوانب الاجتماعية هي جوانب تعبدية كالصلاة والصيام والزكاة والحج وقراءة القرآن والذكر وقيام الليل, بل بعضها يفوق في ثوابه كثيراً من أنواع التعبد المعتادة، ولهذا فالجوانب الخيرية والتطوعية – إن فعلت لوجه الله تعالى – فهي عبادة, وإن أخلصت النية فستكون كل حركة وكل كلمة وكل جهد وكل تفكير وكل سلوك في دائرة ذلك المقصد، ستكون تجارة مع الله تعالى.
والأجر والثواب يتفاوت في العمل التطوعي بتفاوت الأوقات والأحوال، وأفضله ما كان أكثر حاجة للناس ونفعاً لهم في زمنهم، والتطوع يكون بالجهد أو بالمال أو بالوقت أو بالنفس أو بالخبرة أو ببعض منها أو بها مجتمعة.
وللتطوع متعة لا ينالها إلا من عمل عملاً متطوعاً، به وخالصاً لله تعالى، محققاً من خلاله مصلحة من قصدهم في عمله التطوعي.
الهوامش:
1- موسوعة أخلاق القرآن د. أحمد الشرباصي ( 6/21).
2 - أخرجه البخاري في صحيحه، برقم 7376.
3- انظر للاستزادة: دراسة توثيقية للعمل التطوعي، د. خالد الشطي، الأمانة العامة للأوقاف، الكويت 1428- 2007هـ. بتصرف واختصار.


اعداد: عيسى القدومي




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 16-04-2024, 07:11 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,210
الدولة : Egypt
افتراضي رد: العمل التطوعي.. أسسه ومهاراته

العمل التطوعي … أسسه ومهاراته (3/10) أثر العمل التطوعي على المتطوعين


العمل التطوعي أسسه ومهاراته، سلسلة مقالات أردت منها إحياء سنة التطوع،
فهو من أنبل الأعمال وأفضلها، لما فيه عظيم الأجر، والنفع والخير للبلاد والعباد، به يستقر المجتمع وتحصل به المحبة والألفة والوئام بين المسلمين وتتحقق به مواساة أهل العوز والحاجة وإزالة أسباب الأحقاد من الصدور، وفيه نشر الألفة بين الناس، والتعاون على البر والخير بعيداً عن الفردية أو الأنانية أو السلبية .

وحينما تقلب صفحات تاريخنا الإسلامي تجد نماذج رائعة من الأعمال التطوعية التي كان لها الدور الفاعل في التنمية والحضارة؛ التي وفرت الحياة الكريمة لكل إنسان في المجتمع المسلم، وتخفيف معاناة أهل الحاجة والعوز، ودفعت الطاقات البشرية لتسخر جهودها لمنفعة البلاد والعباد، وهذا ما حثت عليه شريعتنا الغراء، فالعمل التطوعي هو جزء من عقيدة المسلم وحياته اليومية. ولتبيان الحقائق نقدم سلسلتنا في العمل التطوعي، وستكون حلقتنا الثانية في الحكمة من مشروعية، واهتمام الإسلام بالعمل الاجتماعي .
للمتطوعين عند الله خير الجزاء في الدنيا والآخرة، ففي الدنيا تطمئن النفوس وتسعد القلوب، ويبارك الله لهم في أعمالهم وأعمارهم وأموالهم، ويجبب الله الناس إليهم، ويقدرون في مجتمعاتهم، وتفرج كروبهم، ويتيسر عسيرهم، وهذا كله مشروط بإخلاص النية لله تعالى، حتى ينعموا بذلك الجزاء في الدنيا.
أما في الآخرة، فلهم الأجر الجزيل من رب العالمين، وتثقل موازينهم بالحسنات، وتكون أعمالهم التي بذلوها وتطوعوا بها في الدنيا شفيعاً لهم، ووقاية من نار جهنم، وتولجهم الجنة، ويشهد لهم كل عضو في أجسادهم على فعلهم للخير، وبذلهم لأنفسهم في خدمة البلاد والعباد فلهم غاية الإكرام من الله تعالى، ويقال لهم: «كلوا وأشربوا هنيئاً بما أسلفتم في الأيام الخالية» الحاقة : 24.
وفي الشريعة الإسلامية المتطوعون ينعمون بالآتي:
1- محبة الله للمتطوعين : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أحب الناس إلى الله أنفعهم، وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة ، أو تقضي عنه دينا، أو تطرد عنه جوعا، ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في المسجد شهرا» صحيح الجامع.
2- محبة الناس لهم : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله تبارك وتعالى إذا أحب عبدا نادى جبريل إن الله قد أحب فلانا فأحبه، فيحبه جبريل ثم ينادي جبريل في السماء إن الله قد أحب فلانا فأحبوه فيحبه أهل السماء ويوضع له القبول في أهل الأرض». صحيح البخاري. ومما فطر عليه الناس محبة المحسن:
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم
فطالما استعبد الإنسان إحسان
3- حفظ الله ورعايته: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله قال:«وما يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته : كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه». صحيح البخاري.
4- من أحسن الناس قولاً وفعلاً : قال تعالى : { وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} (فصلت:33)
5- اغتنام الأوقات بالنافع من الأعمال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تزول قدما ابن آدم يوم القيامة من عند ربه حتى يسأل عن خمس: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وماله من أين اكتسبه، وفيما أنفقه، وماذا عمل فيما علم». السلسلة الصحيحة.
6- خلفاء في الأرض : قال تعالى:{وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (104/آل عمران).
وقال سبحانه : {آمنوا بالله ورسوله وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه}
7-ينعمون بالسعادة والاطمئنان: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أن رجلاً شكا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قسوة قلبه، فقال: امسح رأس اليتيم وأطعم المسكين». مسند أحمد.
8- تفرج كروبهم، ويتيسر عسيرهم: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من نفس عن مسلم كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر على مسلم ستر الله عليه في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه». سنن أبي داود
9- غاية الإكرام من الله تعالى: قال الله تعالى: {كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ}. وقال صلى الله عليه وسلم : « إذا أراد الله بعبد خيرا عسله ، قيل : و ما عسله ؟ قال : يفتح له عملا صالحا قبل موته ، ثم يقبضه عليه». صحيح الجامع
10- ينالون أعلى الدرجات في جنات النعيم : قال تعالى : {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ * جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ}
أهمية العمل التطوعي :
للعمل التطوعي أهمية على مستوى الفرد والمجتمع وتتركز بالآتي :
(1) باب للأجر والمثوبة من الله تعالى.
(2) زيادة النماء الاجتماعي، والتقارب بين فئات المجتمع و تماسكهما و تنمية الروابط بينها.
(3) تنمية القدرات والمهارات الشخصية والعلمية والعملية للأفراد في المجتمع.
(4) يوفر الفرص للمشاركة والتفاعل، وتحديد الأولويات التي يحتاجها المجتمع، والمشاركة في اتخاذ القرارات.
(5) زيادة الثقة بالنفس وتطوير القدرة على أداء الأعمال والتخطيط لها.
(6) يتيح الفرص للتعبير عن الأداء والأفكار في القضايا العامة التي تهم المجتمع.
(7) التوعية باحتياجات المجتمع لفئات التي تحتاج مساعدة.
(8) يوفر الفرصة لتأدية الخدمات وحل المشاكل بالجهد الشخصي.
(9) الولاء للمجتمع وإدراك عملية التنمية.
(10) توفير الجهد الحكومي لما هو أهم من المسئوليات الكبرى.
فالغاية من العمل التطوعي والخيري تأسيس نهضة وتنمية اجتماعية شاملة تستلهم المقومات المعنوية الراسخة في الدين, والخلق القويم , والقيم الإنسانية السامية , وإحياء مبادئ التكافل والتراحم والتعاون والتعاضد.

الدوافع في العمل التطوعي :
• الدينية: وهو دافع أساس، يقصد به الثواب والأجر من الله، امتثالاً لما دعت له الشريعة الإسلامية.
• الشخصية: ويرتبط بأسباب وأغراض موجودة داخل نفس المتطوع. فهي التي تسيره وتدفعه للانخراط في العمل التطوعي.
• الاجتماعية: ويرتبط بأهمية إسهام الفرد في المجتمع وتأكيد دورة في الحراك الاجتماعي والعطاء الايجابي وانتمائه لهذا المجتمع.
• القيمية: نتيجة لوجود قيمه المشاركة والإحساس بالمسؤولية تجاه المجتمع.
أنواع العمل التطوعي:
1. العمل التطوعي الفردي: هو ذلك العمل الذي يمارسه الفرد بذاته، كالطبيب الذي يخصص ساعة كل يوم لعلاج الفقراء في عيادته بالمجان، وكالمعلم الذي يفرغ نفسه يوماً ليراجع دروس الطلبة الأيتام مجاناً، وكالمستشار الذي يقدم دراسة تحليلية للأسباب والعلاج لظاهرة أبناء الشوارع ويقدمها للجهات العاملة في علاج تلك الظاهرة.
2. العمل التطوعي المؤسسي: وهو أكثر تماسكاً وتقدماً واستمراراً من التطوع الفردي، وأكثر تنظيماً، وأوسع تأثيراً في المجتمع، ومن خلال المؤسسة الخيرية أو التطوعية، يتطوع الفرد ليكون مشاركاً مع مجاميع العمل التطوعي، فيحدد المجال الذي يرغب، ويقدم فيه جهده وخبرته وإمكاناته بساعات أسبوعية أو يومية معينة.
العمل التطوعي ماذا يحقق للفرد ؟
العمل التطوعي مطلب شرعي ديني وحاجة إنسانية، وضرورة اجتماعية، يحقق للفرد الآتي:
1. الثواب من الله تعالى.
2. السعادة.
3. الراحة النفسية.
4. الثقة بالنفس.
5. بناء القدرات.
6. التعامل مع الناس.
7. الثقافة والإدارة.
8. فتح آفاق جديدة.
9. الإبداع والتجديد.
أهداف مؤسسات العمل التطوعي :
ولمؤسسات العمل التطوعي أهداف لابد أن تكون حاضرة في أذهان العاملين في هذا المجال ، نذكر أهمها :
• تنشيط الحركة الاجتماعية الذاتية بمضاعفة المؤسسات الخيرية والاجتماعية والتطوعية ورفع كفايتها.
• غرس المفهوم الصحيح للعمل الخيري والطوعي الذي يتجاوز المفهوم الضيق الحالي, وليشمل النهضة والتنمية وكل معاني البر والإحسان والعدل والرحمة , وكل المعاني المرتبطة بتكريم الإنسان.
• إحياء قيم التكافل والتعاون, ورعاية ذوي القربى, والجار وذوي الحاجة في المجتمع.
• ترسيخ العمل تضامني بين المواطن والدولة والمجتمع ، فالتنمية الاجتماعية جهد مشترك.
• مساعدة الفقراء وذوي الدخل المنخفض , ومحاربة الفقر , ودرء المخاطر الاجتماعية والأخلاقية المترتبة علية , ومحوها محواً كاملاً.
• دعم ومساندة الفئات الخاصة في المجتمع من المسنين والمعاقين والأيتام وغيرهم.
• تحقيق مبدأ التنمية بالمشاركة , وضرورة المشاركة الشعبية والتي تهد ركيزة من ركائز الرعاية والتنمية الاجتماعية.
• توسيع نطاق العمل الخيري والطوعي ليتجاوز نطاق المحلية إلى إطار الإقليمية والعالمية.



اعداد: عيسى القدومي




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 16-04-2024, 09:39 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,210
الدولة : Egypt
افتراضي رد: العمل التطوعي.. أسسه ومهاراته

العمل التطوعي.. أسسه ومهاراته (4-10)

العمل التطوعي إحياء سنة


العمل التطوعي أسسه ومهاراته، سلسلة مقالات أردت منها إحياء سنة التطوع، فهو من أنبل الأعمال وأفضلها؛ لما فيه من عظيم الأجر، والنفع والخير للبلاد والعباد، فبه يستقر المجتمع وتحصل به المحبة والألفة والوئام بين المسلمين وتتحقق به مواساة أهل العوز والحاجة وإزالة أسباب الأحقاد من الصدور، وفيه نشر الألفة بين الناس، والتعاون على البر والخير بعيداً عن الفردية أو الأنانية أو السلبية.
وحينما نقلب صفحات تاريخنا الإسلامي نجد نماذج رائعة من الأعمال التطوعية التي كان لها الدور الفاعل في التنمية والحضارة؛ والتي وفرت الحياة الكريمة لكل إنسان في المجتمع المسلم، وتخفيف معاناة أهل الحاجة والعوز، ودفعت الطاقات البشرية لتسخر جهودها لمنفعة البلاد والعباد، وهذا ما حثت عليه شريعتنا الغراء، فالعمل التطوعي هو جزء من عقيدة المسلم وحياته اليومية.
ولتبيان الحقائق نقدم سلسلتنا في العمل التطوعي، وستكون حلقتنا الرابعة في أن إحياء العمل لمنفعة الآخرين إحياء سنة نبوية، وأن التطوع سمة من سمات المجتمعات المسلمة، ومن خلاله بُنيت الحضارة الإسلامية التي كانت من المجتمع للمجتمع.
حث النبي صلى الله عليه وسلم يوماً على الصدقة، فجاء رجلٌ من الأنصار بصرة قد أثقلت يده فوضعها بين يدي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال: «من سن في الإسلام سنة حسنة، فله أجرها، وأجر من عمل بها بعده، من غير أن ينقص من أجورهم شيء. ومن سن في الإسلام سنة سيئة، كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده. من غير أن ينقص من أوزارهم شيء».
ففي الحديث بيان أن من كان أصلاً في عمل من أعمال البر والخير والهدى، وتبعه عليه غيره، كان له أجر هذا العمل وثوابه، قال صلى الله عليه وسلم: «من دعَا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا يَنقص ذلك مِن أجورهم شيئا»، وقال صلى الله عليه وسلم: «من دلّ على خير فله مثل أجر فاعله».
فالمتطوع الداعي إلى سبل الخير في الأمة، ينال الفضل والأجر الكبير من رب العالمين، وكلما تبعه في عمله التطوعي أناس غيره، كان له الأجر المستمر ما دام يُعمل بما عمله فقد وجه إليه غيره وساهم في تفعيله بين الناس.
ولإحياء الأعمال التطوعية بين الناس، لا بد أن نحييها بأنفسنا أولاً، ثم ننقلها إلى غيرنا، ولا بد أن نُحسن الخطاب مع الآخرين بشأن التطوع من حيث المحتوى والمضمون والأسلوب والأداء، وأن نبذل مجهوداً مستمراً في نشر ثقافة التطوع، ونحن على يقين بأن أمتنا أمةُ عطاء، فما علينا إلا أن نعمل ونمهد الطريق لغيرنا للعمل من أجل الآخرين.
والأمة اليوم في أمس الحاجة لإحياء سنة التطوع في قلوب الناس وترجمتها عملياً؛ حتى تعود مجتمعاتنا تنعم كما كانت بالتكافل والتعاون والرحمة والعمل، فالعمل التطوعي في العهود الإسلامية السابقة أقام مؤسسات اجتماعية لوجوه من الخير والبر والتكافل الاجتماعي لم تعرف أمة من الأمم أمثالها.
التطوع سمة من سمات المجتمع المسلم:
العمل التطوعي أبرز سمات المجتمع المسلم، ومارسه المسلمون تلبية لأوامر الإسلام العقدية والتعبدية والخلقية ولحاجات الناس، حيث شمل العمل التطوعي كل جوانب الحياة. والعمل التطوعي من المرتكزات الضرورية في التنمية الاجتماعية، إذ يساهم في بناء التكافل الاجتماعي وتنمية وتفعيل القدرات الكامنة في أفراد المجتمع وزيادة مساحة التعاون والتراحم والتعاطف بين الناس.
وقد أصبح العمل التطوعي ركيزة أساسية في بناء المجتمع ونشر التماسك الاجتماعي بين المواطنين لأي مجتمع، والعمل التطوعي ممارسة إنسانية ارتبطت ارتباطاً وثيقاً بكل معاني الخير والعمل الصالح عند كل المجموعات البشرية قديما، ولكنه يختلف في حجمه وشكله واتجاهاته ودوافعه من مجتمع إلى آخر، ومن فترة زمنية إلى أخرى، فمن حيث الحجم يقل في فترات الاستقرار والهدوء، ويزيد في أوقات الكوارث والنكبات والحروب، ومن حيث الشكل فقد يكون جهداً يدوياً وعضلياً أو مهنياً أو تبرعاً بالمال أو غير ذلك، ومن حيث الاتجاه فقد يكون تلقائياً أو موجهاً من قبل الدولة في أنشطة اجتماعية أو تعليمية أو تنموية، ومن حيث دوافعه فقد تكون دوافع نفسية أو اجتماعية أو سياسية.
الوقف ضمان لاستمرار عطاء المؤسسات التطوعية والخيرية، هذا ما أثبته التاريخ والواقع في عهود الخلافة الإسلامية، فالأوقاف هي الحجر الأساس الذي قامت عليه الكثير من المؤسسات التطوعية في ديار المسلمين، فمن أجل نجاح واستمرار مشروع تطوعي خيري كانوا يقيمون له الوقف لينفق عليه من إيراده، ولا يكتفون بإنشاء المشاريع دون التفكير في مستقبلها وضمان استمرار تشغيلها، لذلك كانت هذه المؤسسات تقوم بدورها في المجتمع بعض النظر عما يحصل لها من طوارئ الزمان أو لانصراف الاهتمام عن المشروع إلى غيره.
العمل التطوعي مقياس للحضارة:
العمل التطوعي كان وما زال مصدر قوة للأمة، والتاريخ شاهد على ما قام به من إنجازات عجزت عن مجاراتها أمم وشعوب، فالجوانب الإنسانية بلغت في استيفاء حاجات الفرد والمجتمع مبلغاً عظيماً عملت على إسعاد البشر بالحفاظ على عقيدتهم وتوحيدهم وعلمهم وكرامتهم وسمو أخلاقهم، وهناء حياتهم، وحمايتهم من كل ما يضرهم.
إنها أعمال تطوعية قدمت رسالتها ليرى العالم أجمع محاسن ديننا ومعالم حضارتنا، وتلك الأعمال لم تكن مقتصرة على لون دون آخر، ولا عرق دون غيره، فهي لكل كبدٍ رطبة تدب على الأرض، وانتشار التطوع أصبح من المقاييس التي يقاس بها تقدم المجتمع وتطوره، فيعد الوعي بأهمية التطوع وممارسته بصورة فعلية مؤشر للتفاعل الإيجابي للأفراد تجاه مجتمعهم للنهوض به وتنميته في كافة المجالات، ولا تقتصر الآثار الإيجابية للتطوع على المجتمع فحسب، وإنما يعد التطوع من أهم الوسائل لبناء شخصية المتطوع وتنميته مهنيا واجتماعيا وأخلاقيا ودينيا.
فحضارتنا تتميز بأنها حضارة إنسانية مجتمعية شعبية لأنها من صنع أفراد الشعب، فبذل الخير مطلوب من كل مسلم، وإرادة الخير متوافرة، والنفع للمجتمع مقصد شرعي؛ ولذا تميز القطاع التطوعي والخيري في الإسلام وأضحى قطاعا إنسانيا شاملا ومتكاملا لمواجهة كل شيء بمرونة، فهو بجميع أنواعه بر وإحسان لجميع الإنسانية.


اعداد: عيسى القدومي




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 17-04-2024, 02:10 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,210
الدولة : Egypt
افتراضي رد: العمل التطوعي.. أسسه ومهاراته

العمل التطوعي.. أسسه ومهاراته (5-10)

أهمية العمل التطوعي للمجتمعات والتجمعات ودوره في التنمية



العمل التطوعي أسسه ومهاراته، سلسلة مقالات أردت منها إحياء سنة التطوع، فهو من أنبل الأعمال وأفضلها؛ لما فيه من عظيم الأجر، والنفع والخير للبلاد والعباد، به يستقر المجتمع وتحصل به المحبة والألفة والوئام بين المسلمين وتتحقق به مواساة أهل العوز والحاجة وإزالة أسباب الأحقاد من الصدور، وفيه نشر الألفة بين الناس، والتعاون على البر والخير بعيداً عن الفردية أو الأنانية أو السلبية .
وحينما نقلب صفحات تاريخنا الإسلامي نجد نماذج رائعة من الأعمال التطوعية التي كان لها الدور الفاعل في التنمية والحضارة؛ وفرت الحياة الكريمة لكل إنسان في المجتمع المسلم، وتخفيف معاناة أهل الحاجة والعوز، ودفعت الطاقات البشرية لتسخر جهودها لمنفعة البلاد والعباد، وهذا ما حثت عليه شريعتنا الغراء، فالعمل التطوعي هو جزء من عقيدة المسلم وحياته اليومية. ولتبيان الحقائق نقدم سلسلتنا في العمل التطوعي، وستكون حلقتنا الخامسة في أهمية العمل التطوعي للمجتمعات والتجمعات، ودوره في تنمية المجتمعات في شتى المجالات .
العمل التطوعي كان وما يزال من أعظم صور التكافل الاجتماعي الذي حث عليه الإسلام وتفاعل في وجدان المسلمين فأبدعوا فيه علما وعملا وأضحى جزءا مهما ضمن بنية الحضارة العربية والإسلامية؛ إذ تعددت مجالاته الخيرية والإنسانية والتنموية في المجتمع، وللعمل التطوعي أهمية للمجتمعات والتجمعات الإسلامية ألخصها بالآتي:
1- ينمي الجانب الإنساني للمجتمع .
2- يتيح الفرص لمعرفة احتياجات المجتمع.
3- ينمي قدرة التفاعل والتواصل مع الآخرين .
4- ينمي الحس الاجتماعي لدى الفرد المتطوع .
5- يمنح الثقة بالنفس للمتطوع، واحترام الذات .
6- يترجم مشاعر الولاء والانتماء إلى الواقع الملموس .
7- يستثمر وقت المتطوع بأفضل الأعمال.
8- يتيح مجال التعبير عن الرأي، ولاسيما لفئة الشباب.
9- يدفع أفراد المجتمع للمشاركة في اتخاذ القرار.
10- يساعد على تقديم الجديد والتعايش مع الزمن والتفاعل معه .
11- يسد النقص في جوانب حياتية معاصرة .
12- يفعّل مبدأ التكافل الاجتماعي الذي تحث عليه الشريعة الإسلامية.
13- يحافظ على الثوابت والأعراف والتقاليد الإيجابية في المجتمع.
التنمية التي يحققها العمل التطوعي للمجتمع:
1- التنمية الاجتماعية: العمل التطوعي له دور أساس في التنمية الاجتماعية للمجتمع، فمن خلاله يحافظ على القيم والأخلاق والفضائل، ويحافظ على الثوابت الدينية، وكذلك العادات والتقاليد النابعة من تعاليم الإسلام الحنيف، وتنمية المشاعر الإنسانية ومد الرعاية للمستضعفين وتقديم المساعدة والتوجيه لكل من يحتاجها.
والعمل التطوعي يحل الكثير من المشكلات المجتمعية، ويحد من الظواهر السلبية، وينمي في المجتمع حسن التعامل فيما بين أفراده، ورقي التعامل مع الآخرين ومعه يكون المجتمع إيجابياً، فالعمل التطوعي يدفع الفرد ويشجعه على أن يكون إيجابيا في مجتمعه يشاركه أفراحه وأحزانه، ويشاركه في حل مشكلاته، ومراقبته للسلبيات التي تؤثر في تماسكه وترابطه.
كما يدفع العمل التطوعي المجتمع لأن يكون مبادراً ومعطاء إذا تطلب الأمر البذل والسخاء، فيشيع ثقافة العطاء، وإسعاد الآخرين وتخفيف آلامهم، وتضميد جراحات المنكوبين، ومعالجة مشكلة الأنانية الفردية، ومن خلاله تنتشر المحبة والألفة والتعاون في أفراد المجتمع، ويقف القوي مع الضعيف، وتعالج مشكلة الفقر وشدة الحاجة، ويقدم كل ميسور ما يستطيع من مال وجهد ومشورة؛ لينعم الجميع في المجتمع بحياة ملؤها العطف والمحبة والألفة والإيثار والرحمة بدلاً من أن يكون المجتمع ملؤه البغضاء والشحناء والحسد والحقد، وبذلك يتحقق الأمن الاجتماعي.
2- التنمية العلمية والثقافية:
التنمية العلمية والثقافية في صلبها مبنية على العمل التطوعي، ومدارها خدمة المجتمع للمجتمع، فمن خلال العمل التطوعي تبنى المدارس والمراكز والمكتبات والجامعات ومراكز البحوث العلمية والاستشارية، وقد أثبت التاريخ والواقع أن التنمية العلمية والثقافية هي التي تصنع الحضارة، وأن التنمية لا يمكن أن تتم للعلم والثقافة من غير مساهمة المجتمع فهي تنمية منه وإليه. وشهد التاريخ أن العلماء والأدباء والفقهاء والمحدثين والأطباء والفلكيين وغيرهم من البارعين المميزين كانوا متطوعين، وأنتجوا لأمتهم ولمجتمعاتهم إرثاً علمياً لا يزال أثره بعد مضي أكثر من قرن من الزمان.
ودور العمل التطوعي في الإسلام في دعم التنمية الفكرية أوسع من أن ندلل عليه. فكم من الآيات الكريمة والأحاديث النبوية التي حثت على طلب العلم ونشره وبذله بين الناس، وتوجيههم لما ينفعهم في دنياهم وأخراهم، فجعل تعليم العلم وتعلمه ونشره من الأعمال التي تستمر بها الحسنات بعد الممات، وهو صدقة جارية يجري ثوابها في حياة المعلم وبعد مماته، فقد ساهم العمل التطوعي في نشر العلم والكتاب الإسلامي والعربي على نطاق واسع في وقت كانت فيه الطباعة والنسخ غير معروفة لبني الإنسان.
والتنمية الفكرية، كانت من خصوصيات المجتمع الإسلامي، فهو الذي تكفل بإيجاد الأوقاف التي خصصت للمدارس، فأنشئت المدارس، وكانت كلها أوقافا ولم تكن للدولة سيطرة عليها، ولا تشغيل لها، فبرزت المدارس الوقفية في القدس ودمشق وبغداد وفاس والحجاز وغيرها في حواضر العالم الإسلامي، وكانت تدار وتعمل بعمل تطوعي أهلي، وتحقق بذلك للأمة مكانة عظيمة، وحضارة في شتى المجالات، ولم يكن العمل التطوعي، عملاً محصوراً في حال النكبات والأزمات، بل كان مبادراً، وموجودا في حال الحاجة، ومبدعاً في حالة النماء والاستقرار.
3- التنمية الصحية والبيئية:
كان وما زال للعمل التطوعي الدور الواسع في التنمية الصحية والبيئية، فالمجتمعات التي تنشئ المراكز الصحية، وتوفر العلاج والدواء لمن يحتاجه، والرعاية لذوي الاحتياجات الخاصة، وتثقيف المجتمع بسبل التعامل معهم، ورعايتهم وحقهم علينا، هي مجتمعات متماسكة متعاطفة تشعر بآلام الآخرين.
وللعمل التطوعي دور في نشر الوعي الصحي في المجتمع من خلال مراكز تطوعية تسهم في التواصل مع أفراد المجتمع وتشاركهم اهتماماتهم وهمومهم، وتوجههم وتتفاعل معهم لإيجاد بيئة صحية سليمة، واعية بمشكلات البيئة وسبل علاجها، وذلك لا يمكن أن يتم بشكل متكامل إلا إذا أسهم المجتمع بمؤسساته التطوعية لإبراز وكشف تلك المشكلات وأثرها على البيئة والصحة.
وبتكاتف تلك المؤسسات التطوعية الصحية منها والبيئية تتحقق نقلة نوعية في تطور المجتمع صحياً وبيئياً، ويتسلح بثقافة لا يسمح من خلالها بالعبث بسلامة البيئة وأثرها على صحة أفراد المجتمع، وفي ذلك تنمية عمرانية تحافظ على البيئة وتهتم بالصحة.
4- التنمية الاقتصادية:
والعمل التطوعي يعد مصدراً لنماء اقتصاد المجتمعات، فمن خلاله يسهم المجتمع في البذل والعطاء والانفاق، فيتربى على السخاء، ودفع المال لمن يحتاجه، وخدمة المجتمع الذي يعيش فيه، ويدفعه للمساهمات المادية والجهدية كل حسب طاقته، فتبنى وتعمر المنشآت للخدمات العامة والمدارس والمستشفيات والمساجد والمراكز، وتحرك بذلك عجلة الاقتصاد بتدوير المال وعدم اكتنازه، وبذلك تنشط الدورة الاقتصادية.
والشريعة الإسلامية حثت المسلم على الصدقة والوقف والهبة حتى لا يكون المال بيد الأغنياء فينقم الفقراء، والصدقة جاءت بعد الإيمان بالغيب والصلاة، قال تعالى في وصفه المتقين: {الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون} والصدقة برهان على صدق إخلاص العبد: «والصدقة برهان»، والصدقة في الشريعة الإسلامية لا تنقص المال، قال صلى الله عليه وسلم: «ما نقص مال من صدقة» .
فعطاء المجتمع في حقيقته تنمية اقتصادية، والتاريخ الإسلامي خير شاهد على ذلك، والأعمال التطوعية تحقق التنمية الاقتصادية وتوفر فرص العمل، حتى بلغت في بعض العهود الإسلامية الأوقاف مبلغاً وصل إلى أن 30- 40% من الأيدي العاملة والقوى البشرية تعمل في الوقف ومؤسساته الخيرية والاجتماعية والاقتصادية والاستثمارية.
5- التنمية البشرية:
التنمية البشرية هي أساس تنمية المجتمعات وتفاعلها وعطاءها، وهي من الإنسان للإنسان، فلا يمكن أن تتم التنمية البشرية إلا من خلال الإنسان، والعمل التطوعي كذلك هو أساس من أسس التنمية البشرية، فمن خلال المؤسسات التطوعية وأعمالها تصقل المهارات وتنمى القدرات وتكتسب المعلومات وينمى في الفرد شعور الانتماء للمجتمع، فمن خلال العمل التطوعي يحقق الفرد ذاته ويثق بنفسه، ويفتح آفاقه ويحقق نجاحه، ويرى آثار عطائه وأعماله وغاياته.
ومؤسسات العمل التطوعي الفاعلة تعد مدرسة لتخريج الطاقات الشبابية الراغبة في خدمة المجتمع، ففيها تُشغل أوقات الشباب بما هو نافع ومنتج، وتحافظ على الأوقات والطاقات، وتقلل المظاهر السلبية الناتجة عن تضييع الأوقات بالمهلكات.
والإنسان هو العنصر الأساسي في تحقيق الأهداف التنموية، فلا يتحقق النماء في المجتمعات إلا إذا أولينا الإنسان الاهتمام والرعاية والنماء، وفي قول الله تعالى: {وأحسن كما أحسن الله إليك} دافع للإنسان أن يستعمل نعم الله عليه في طاعته وحاجات خلقه، فالتنمية البشرية والعمل التطوعي حلقتان في سلسلة حفظ ورعاية ونماء القدرات البشرية.


اعداد: عيسى القدومي




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 17-04-2024, 02:53 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,210
الدولة : Egypt
افتراضي رد: العمل التطوعي.. أسسه ومهاراته

العمل التطوعي.. أسسه ومهاراته (6-10)

دور الدولة في تنمية الأعمال التطوعية ودعم مؤسساتها



العمل التطوعي أسسه ومهاراته، سلسلة مقالات أردت منها إحياء سنة التطوع، فهو من أنبل الأعمال وأفضلها، لما فيه من عظيم الأجر، والنفع والخير للبلاد والعباد، فبه يستقر المجتمع وتحصل المحبة والألفة والوئام بين المسلمين، وتتحقق به مواساة أهل العوز والحاجة وإزالة أسباب الأحقاد من الصدور، وفيه نشر الألفة بين الناس، والتعاون على البر والخير بعيداً عن الفردية أو الأنانية أو السلبية.
وحينما نقلب صفحات تاريخنا الإسلامي نجد نماذج رائعة من الأعمال التطوعية التي كان لها الدور الفاعل في التنمية والحضارة، والتي وفرت الحياة الكريمة لكل إنسان في المجتمع المسلم، وخففت معاناة أهل الحاجة والعوز، ودفعت الطاقات البشرية لتسخر جهودها لمنفعة البلاد والعباد، وهذا ما حثت عليه شريعتنا الغراء، فالعمل التطوعي هو جزء من عقيدة المسلم وحياته اليومية. ولتبيان الحقائق نقدم سلسلتنا في العمل التطوعي، وستكون حلقتنا السادسة في دور الدولة في التشجيع على العمل التطوعي وسن القوانين والتشريعات التي تضمن وجوده ونماءه واستمراره، ودعم مؤسساته، وتذليل العقبات أمام المتطوعين.
الدولة التي تتعاون وتدعم القطاع التطوعي، وتفعل دور المؤسسات التطوعية والاجتماعية، وتجعلها مساهماً كبيراً وشريكاً دائماً في عمليات التنمية؛ تحقق الاستقرار في المجتمع، وتتقوى بهذا القطاع ليشكل مع غيره إستراتيجية لقوة الدولة وتخفيف الأعباء عنها، ومن المهام المناطة بالدولة لدعم الأعمال التطوعية الآتي:
- العمل على غرس قيم الإيثار وروح العمل الجماعي التطوعي، وتشجيع المبادرات المجتمعية التطوعية لدى المجتمع من خلال الأسرة، والمدرسة، والمساجد، ووسائل الإعلام، ومؤسسات الدولة المتصلة بالمواطن.
- العمل على تضمين المناهج الدراسية، ولاسيما في مراحل الابتدائية والمتوسطة والثانوية بعض القيم الاجتماعية والإنسانية التي تركز على مفاهيم العمل الاجتماعي التطوعي وأهميته ودوره التنموي، ويقترن ذلك ببعض البرامج التطبيقية؛ مما يثبت هذه القيمة في نفوس الشباب مثل حملات تنظيف المدرسة أو العناية بأشجار المدرسة أو خدمة البيئة.
- دعم المؤسسات والهيئات التي تعمل في مجال العمل التطوعي مادياً ومعنوياً بما يمكنها من تأدية رسالتها وزيادة خدماتها.
- إقامة دورات تدريبية للعاملين في هذه الهيئات والمؤسسات التطوعية مما يؤدي إلى إكسابهم الخبرات والمهارات المناسبة، ويساعد على زيادة كفاءتهم في هذا النوع من العمل، وكذلك الاستفادة من تجارب الآخرين في هذا المجال.
- تشجيع وسائل الإعلام المختلفة على القيام بدور أكثر تأثيراً في تعريف أفراد المجتمع بماهية العمل التطوعي ومدى حاجة المجتمع إليه وتبصيرهم بأهميته ودوره في عملية التنمية، وكذلك إبراز دور العاملين في هذا المجال بطريقة تكسبهم الاحترام الذاتي واحترام الآخرين.
- تدعيم جهود الباحثين لإجراء المزيد من الدراسات والبحوث العلمية حول العمل الاجتماعي التطوعي؛ مما يسهم في تحسين واقع العمل الاجتماعي بشكل عام، والعمل التطوعي بشكل خاص.
النظرة الضيقة على العمل التطوعي:
من أهم المشكلات الرئيسة التي تواجه العمل التطوعي في عالمنا العربي والإسلامي النظرة الضيقة لهذا العمل وحصره في تسلّم أموال الزكاة من المتبرعين وتسليمها للفقراء، وهي نظرة محدودة وضيقة للغاية، فالكثير ينظرون اليوم إلى مؤسسات العمل والمتطوعين فيها على أنهم مجموعة من الأفراد كبار السن الذين لديهم وقت فراغ يقومون بشغله بمثل هذه الأعمال الطيبة، من غير تأهيل ولا تدريب ولا إدارة لتلك الأنشطة.
وتلك النظرة للعمل الخيري في المجتمعات العربية سببها الرئيس هو وعي المجتمع القاصر بأهمية العمل التطوعي، وبمقارنة سريعة بين الاهتمام بقطاع العمل الخيري والتطوعي في عالمنا العربي والإسلامي وبين قطاع الأعمال الخيرية والتطوعية في الكثير من الدول الكبرى الذي يعد أسرع القطاعات نمواً في اقتصادها وتعمل على دعمه كشريك للقطاع الحكومي والتجاري في عمليات التنمية, نجد أن للقطاع التطوعي الخيري عندهم جامعاته ومراكز بحوثه ودراساته ومستشفياته وشركاته الاستثمارية ومدارسه ليقوم بكبح جماح طغيان القطاع الحكومي وسد ثغراته والحد من جشع وطمع القطاع الخاص التجاري «عملية توازن».
وتقدم تلك الدول الخدمات الإشرافية والإرشادية لتحسين فاعلية المؤسسات الخيرية، وتشجيع التحالفات التي تقوم بها تلك المؤسسات للحصول على فرص جديدة لزيادة تمويل مشاريعها وتخفيض مصاريفها، وتضم رابطة الجامعات غير الربحية حوالي 100 جامعة أمريكية منها تخصصات للعمل غير الربحي وتخصصات في العمل التطوعي الدقيق، وبلغ عدد المجالس والهيئات الأهلية المستقلة التي تشرف على الأعمال التطوعية في أمريكا ألف هيئة لمساعدة المانحين للمنظمات الخيرية، وتوفر لهم المعلومات الكافية التي تمكنهم من تحديد الجهة التطوعية التي تناسب أهدافهم.
وفي قراءة سريعة لواقع البذل التطوعي في دول العالم نجد أن في الولايات المتحدة جمعية خيرية وتطوعية واحدة لكل 200 مواطن أمريكي تقريباً، وفي ألمانيا كل 150 من سكانها يحظون بمؤسسة البذل لتطوعي، وفي الكيان اليهودي مؤسسة طوعية لكل 125 يهودياً في أرض فلسطين، ووصل عدد المؤسسات إلى ما يقارب 40 ألف مؤسسة تطوعية وخيرية ومجتمعية في آخر إحصاء لعام 2008م. بينما في عالمنا العربي في بعض الدول لا تتعدى المؤسسات الخيرية والتطوعية 100-300 مؤسسة في أحسن الأحوال، أي لا تتعدى مؤسسة خيرية وتطوعية – عاملة وفاعلة - لكل 80 ألف مواطن عربي تقريباً.
فالنظرة الحالية للعمل الخيري على أنه عمل يقوم به أفراد تقدم بهم العمر إلى حد كبير وأنهم يسعون للقيام ببعض أعمال الخير قبل أن يموتوا، صورة مخجلة آن لها أن تتغير، فالجانب الخيري في الإسلام وصل من حيث الموارد المالية وتلبية احتياج حقوق الإنسان إلى أن يكون هو القطاع الأول من قطاعات التنمية الرئيسية الثلاثة للدولة (القطاع الحكومي والقطاع التجاري والقطاع الخيري)، وأوقاف المسلمين عبر التاريخ شاهدة على ذلك وقد تعدت حقوق الإنسان لتصل إلى أوقاف خصصت لإيواء وإطعام الحيوانات، وكانت تلك الأوقاف بإيراداتها الوفيرة الداعم الأول للحفاظ على أرض المسلمين وتجهيز الجيوش، والصرف على الثغور، ورعاية المحتاجين والمنكوبين.
وفي الختام لا شك أن المؤسسات الخيرية وكذلك الحكومات تقع عليها المسؤولية الكبرى في تعديل النظرة للعمل التطوعي في مجتمعاتنا، وإيجاد مؤسسات تطوعية فاعلة لخدمة الاحتياجات في
المجتمعات.


اعداد: عيسى القدومي




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 17-04-2024, 03:11 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,210
الدولة : Egypt
افتراضي رد: العمل التطوعي.. أسسه ومهاراته

العمل التطوعي.. أسسه ومهاراته (7-10)

العمل التطوعي والوقف الإسلامي



العمل التطوعي أسسه ومهاراته، سلسلة مقالات أردت منها إحياء سنة التطوع، فهو من أنبل الأعمال وأفضلها؛ لما فيه عظيم الأجر، والنفع والخير للبلاد والعباد، فبه يستقر المجتمع وتحصل به المحبة والألفة والوئام بين المسلمين وتتحقق به مواساة أهل العوز والحاجة وإزالة أسباب الأحقاد من الصدور، وفيه نشر الألفة بين الناس، والتعاون على البر والخير بعيداً عن الفردية أو الأنانية أو السلبية.
وحينما نقلب صفحات تاريخنا الإسلامي نجد نماذج رائعة من الأعمال التطوعية التي كان لها الدور الفاعل في التنمية والحضارة؛ والتي وفرت الحياة الكريمة لكل إنسان في المجتمع المسلم، وتخفيف معاناة أهل الحاجة والعوز، ودفعت الطاقات البشرية لتسخر جهودها لمنفعة البلاد والعباد، وهذا ما حثت عليه شريعتنا الغراء، فالعمل التطوعي هو جزء من عقيدة المسلم وحياته اليومية. ولتبيان الحقائق نقدم سلسلتنا في العمل التطوعي، وستكون حلقتنا السابعة في موضوع العمل التطوعي ودوره في الوقف الإسلامي وإدارة مؤسساته وتحقيق أهدافه ومقاصده.
الوقف ضمان لاستمرار عطاء المؤسسات التطوعية والخيرية، هذا ما أثبته التاريخ والواقع في عهود الخلافة الإسلامية، فالأوقاف هي الحجر الأساس الذي قامت عليه الكثير من المؤسسات التطوعية في ديار المسلمين، فمن أجل نجاح واستمرار مشروع تطوعي خيري كانوا يقيمون له الوقف لينفق عليه من إيراده، ولا يكتفون بإنشاء المشاريع دون التفكير في مستقبلها وضمان استمرار تشغيلها؛ لذلك كانت هذه المؤسسات تقوم بدورها في المجتمع بصرف النظر عما يحصل لها من طوارئ الزمان أو لانصراف الاهتمام عن المشروع إلى غيره.
لقد كانت الأوقاف أداة رئيسة للنمو الاقتصادي والتوازن الاجتماعي، ومن كثرة الأوقاف على المدارس والكتاتيب والمؤسسات العلمية التي كانت بمثابة الجامعات في عهدنا الحالي، أدى ذلك إلى عدم ظهور ديوان للتعليم في الدولة الإسلامية قديماً، بينما ظهرت دواوين أخرى، كديوان للخدمة وديوان للقضاء وديوان للحسبة وديوان للمظالم، وتلك ميزة حفظت للتعليم حريته ونماءه.
وتاريخ الوقف مليء بأعاجيب ومشاريع تثير الفخر في النفوس، حتى في عهد ازدهار الدولة الإسلامية وفي فترات رخائها وغناها، تكفلت الأوقاف بمعظم أعباء التعليم الاساسي والجامعي والشؤون الصحية والبنية الأساسية، وصرفت على متطلبات الأمن والدفاع، وأسهمت في تنمية التعليم والدراسة منذ مرحلة الطفولة حتى المراحل الدراسية العليا المتخصصة.
فالوقف الإسلامي بمؤسساته وإيراداته يعد من أعظم روافد العمل التطوعي فكانت قطاعاته هي المحضن للطاقات البشرية الراغبة في التطوع، وتدريب الكوادر البشرية التطوعية.
الأدوار التي حققها التطوع للمؤسسات الخيرية والوقفية في العهود الإسلامية:
1- توفير الأمن الغذائي، وتحقيق الحاجيات الأساسية.
2- توزيع الثروة وتقليل الفجوة بين طبقات المجتمع.
3- توفير التعليم المجاني للفقراء من خلال المدارس والجامعات.
4- توفير الأمن الصحي للفقراء والمحتاجين من خلال المستشفيات (بيمارستان).
5- رعاية الأيتام وكفالتهم وتربيتهم من خلال الوقف الخاص بهم، أو الوقف العام للفقراء والمحتاجين.
6- توفير عدد من الوظائف من خلال النظار والموظفين والمشرفين ونحوهم في المؤسسات الوقفية والمساجد ونحوها.
7- الإسهام في تطوير العمل الخيري في المجتمع الإسلامي من خلال العمل المؤسسي للجمعيات والمؤسسات الوقفية.
8- الإسهام في عملية التنمية الاقتصادية، وزيادة عوامل الإنتاج كمّاً ونوعاً، واستيعاب التقنية الحديثة، وزيادة الموارد من خلال الاستثمار.
وخلاصة القول:
الوقف الإسلامي مشروع لنهضة الأمة وعودة عزها وقوتها ومكانتها وإحياء الوقف الإسلامي إحياء للقطاع الخيري ومؤسساته الذي يخدم الأمة والمجتمع والدولة، ولكي نعيد النهضة والحضارة الإسلامية لا بد أن نعيد الوقف الإسلامي إلى دوره.
وإن استشراف المستقبل والتطلع الحضاري لأمتنا لن يكون إلا إذا أولينا الوقف الإسلامي غاية اهتمامنا، وعملنا بكل جهدنا لإحياء سنة الوقف، وإقامة المؤسسات الوقفية التي تُسهم في حفظ كرامة الإنسان، وتوفير الحياة الكريمة للأسرة المسلمة، وتوفير التعليم المميز الذي يحقق الإبداعات العلمية، والمؤسسات الصحية والثقافية التي تقدم الجديد كما كانت في عهود العزة.


اعداد: عيسى القدومي




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 17-04-2024, 03:36 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,210
الدولة : Egypt
افتراضي رد: العمل التطوعي.. أسسه ومهاراته

العمل التطوعي.. أسسه ومهاراته (8-10)

النظرة الضيقة إلى العمل التطوعي



العمل التطوعي أسسه ومهاراته، سلسلة مقالات أردت منها إحياء سنة التطوع، فهو من أنبل الأعمال وأفضلها؛ لما فيه من عظيم الأجر، والنفع والخير للبلاد والعباد، فبه يستقر المجتمع وتحصل المحبة والألفة والوئام بين المسلمين، وتتحقق مواساة أهل العوز والحاجة وإزالة أسباب الأحقاد من الصدور، وفيه نشر الألفة بين الناس، والتعاون على البر والخير بعيداً عن الفردية أو الأنانية أو السلبية.
وحينما نقلب صفحات تاريخنا الإسلامي نجد نماذج رائعة من الأعمال التطوعية التي كان لها الدور الفاعل في التنمية والحضارة، ووفرت الحياة الكريمة لكل إنسان في المجتمع المسلم، وخففت معاناة أهل الحاجة والعوز، ودفعت الطاقات البشرية لتسخر جهودها لمنفعة البلاد والعباد، وهذا ما حثت عليه شريعتنا الغراء، فالعمل التطوعي هو جزء من عقيدة المسلم وحياته اليومية.
ولتبيان الحقائق نقدم سلسلتنا في العمل التطوعي، وستكون حلقتنا الثامنة في موضوع النظرة الضيقة للعمل التطوعي ودوره المجتمعي:
من أهم المشكلات الرئيسة التي تواجه العمل التطوعي في عالمنا العربي والإسلامي النظرة الضيقة لهذا العمل وحصره في تسلّم أموال الزكاة من المتبرعين وتسليمها للفقراء، وهي نظرة محدودة وضيقة للغاية، فالكثير منهم ينظرون اليوم إلى مؤسسات العمل والمتطوعين فيها، على أنهم مجموعة من الأفراد كبار السن الذين لديهم وقت فراغ يقومون بشغله بمثل هذه الأعمال الطيبة، من غير تأهيل ولا تدريب ولا إدارة لتلك الأنشطة.
وتلك النظرة للعمل الخيري في المجتمعات العربية سببها الرئيس هو وعي المجتمع القاصر بأهمية العمل التطوعي، وبمقارنة سريعة بين الاهتمام بقطاع العمل الخيري والتطوعي في عالمنا العربي والإسلامي وبين قطاع الأعمال الخيرية والتطوعية في الكثير من الدول الكبرى، نجدها أسرع القطاعات نمواً في اقتصادها وتعمل على دعمه بوصفها شريكاً للقطاع الحكومي والتجاري في عمليات التنمية, فللقطاع التطوعي الخيري عندهم جامعاته ومراكز بحوثه ودراساته ومستشفياته وشركاته الاستثمارية ومدارسه ليقوم بكبح جماح طغيان القطاع الحكومي وسد ثغراته والحد من جشع وطمع القطاع الخاص التجاري «عملية توازن».
وتقدم تلك الدول الخدمات الإشرافية والإرشادية لتحسين فاعلية المؤسسات الخيرية، وتشجيع التحالفات التي تقوم بها تلك المؤسسات للحصول على فرص جديدة لزيادة تمويل مشاريعها وتخفيض مصاريفها، وتضم رابطة الجامعات غير الربحية حوالي 100 جامعة أمريكية منها تخصصات للعمل غير الربحي وتخصصات في العمل التطوعي الدقيق ، وبلغ عدد المجالس والهيئات الأهلية المستقلة التي تشرف على الأعمال التطوعية في أمريكا ألف هيئة لمساعدة المانحين للمنظمات الخيرية وتوفر لهم المعلومات الكافية التي تمكنهم من تحديد الجهة التطوعية التي تناسب أهدافهم.
وبقراءة سريعة لواقع البذل التطوعي في دول العالم نجد أن في الولايات المتحدة جمعية خيرية وتطوعية واحدة لكل 200 مواطن أمريكي تقريباً، وفي ألمانيا كل 150 من السكان يحظون بمؤسسة البذل التطوعي، وفي الكيان اليهودي مؤسسة طوعية لكل 125 يهوديا في أرض فلسطين، وما يقارب 40 ألف مؤسسة تطوعية وخيرية ومجتمعية في آخر إحصاء لعام 2008م، بينما في عالمنا العربي في بعض الدول لا تتعدى المؤسسات الخيرية والتطوعية 100-300 مؤسسة في أحسن الأحوال، أي لا تتعدى مؤسسة خيرية وتطوعية – عاملة وفاعلة - لكل 80 ألف مواطن عربي تقريباً.
فالنظرة الحالية للعمل الخيري لايتعدى كونه عملاً يقوم به أفراد تقدم بهم العمر إلى حد كبير وأنهم يسعون للقيام ببعض أعمال الخير قبل أن يموتوا، هذه الصورة المخجلة آن لها الآن أن تتغير؛ فالجانب الخيري في الإسلام وصل من حيث الموارد المالية وتلبية احتياج حقوق الإنسان إلى أن يكون هو القطاع الأول من قطاعات التنمية الرئيسة الثلاث للدولة (القطاع الحكومي والقطاع الخاص والقطاع الخيري)، وأوقاف المسلمين عبر التاريخ شاهدة على ذلك إذ تعدت حقوق الإنسان لتصل إلى أوقاف خصصت لإيواء وإطعام الحيوانات، وكانت تلك الأوقاف بإيراداتها الوفيرة الداعم الأول للحفاظ على أرض المسلمين وتجهيز الجيوش، والصرف على الثغور، ورعاية المحتاجين والمنكوبين.
ولا شك أن إدارة العمل التطوعي علم وفن، علم له قواعده وأسسه ومساقاته العلمية وكلياته وتختص بتدريسه جامعات عريقة، تقدم المنح للمؤسسات التطوعية الخيرية، وتمنح الشهادات العلمية في تلك العلوم والتخصصات الخيرية المختلفة، من أجل إتقانه ومعايشة التطور والتقائه مع أحدث النظم والأساليب الإدارية الفاعلة، تقدم المنح الدراسية للمؤسسات التطوعية والخيرية لدعم أفرادها وإداراتها للارتقاء بمستوى الكفاءة الإدارية للقطاع الخيري ومؤسساته، فأصبح العمل التطوعي والخيري علماً يدرس ويطبق ويدرب عليه العاملون، له أصوله وقواعده وضوابطه القانونية والإدارية والمهنية.
فعلم إدارة المؤسسات التطوعية والخيرية والوقفية له كلياته ومساقاته المتخصصة في العالم الغربي، فغدا علما له قواعده وأسسه ومهاراته وإبداعاته وأساليبه وخطوطه المعتمدة.


اعداد: عيسى القدومي




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 19-04-2024, 12:42 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,210
الدولة : Egypt
افتراضي رد: العمل التطوعي.. أسسه ومهاراته

العمل التطوعي.. أسسه ومهاراته (9-10)

تميز الأداء في العمل التطوعي



العمل التطوعي أسسه ومهاراته، سلسلة مقالات أردت منها إحياء سنة التطوع، فهو من أنبل الأعمال وأفضلها؛ لما فيه من عظيم الأجر، والنفع والخير للبلاد والعباد، فبه يستقر المجتمع وتحصل المحبة والألفة والوئام بين المسلمين، وتتحقق به مواساة أهل العوز والحاجة وإزالة أسباب الأحقاد من الصدور، وفيه نشر الألفة بين الناس، والتعاون على البر والخير بعيداً عن الفردية أو الأنانية أو السلبية .
وحينما نقلب صفحات تاريخنا الإسلامي نجد نماذج رائعة من الأعمال التطوعية التي كان لها الدور الفاعل في التنمية والحضارة، والتي وفرت الحياة الكريمة لكل إنسان في المجتمع المسلم، وخففت معاناة أهل الحاجة والعوز، ودفعت الطاقات البشرية لتسخر جهودها لمنفعة البلاد والعباد، وهذا ما حثت عليه شريعتنا الغراء، فالعمل التطوعي هو جزء من عقيدة المسلم وحياته اليومية.
ولتبيان الحقائق نقدم سلسلتنا في العمل التطوعي، وستكون حلقتنا التاسعة حول الأداء المتميز في العمل التطوعي :
الاهتمام بالعنصر البشري في المؤسسات التطوعية ضرورة عاجلة لتطوير العمل، ولن يكون ذلك إلا بإشاعة جو العمل بإخلاص واحتساب الأجر والمثوبة في هذا العمل ، وإتباع أسلوب الحوافز (للدعم المعنوي والمادي)، وتوفير وتهيئة الجو الاجتماعي والشرعي في المؤسسة، والضرورة القصوى أن نلمس رضا المتطوعين عن المؤسسة التي ينتمون لها، وأداءهم فيها؛ فنحن في أمس الحاجة إلى قدرات بشرية تطوعية، قادرة على الارتقاء والتطوير مع الالتزام بالضوابط الشرعية .
لذا فالنجاح في الأداء يتوقف على مدى إدراك كل فرد بالمؤسسة التطوعية لأهداف ورؤية ورسالة مؤسستهم، ومدى حافزيتهم لتحقيقها مهما كانت قوة العواصف والاضطرابات التي تواجهها المؤسسة، والربط بين الأشياء أو الأفكار التي تبدو من النظرة الأولى على أنها غير مترابطة .
وحتى نصل إلى مرحلة تميز الأداء للمتطوعين، لابد من تنمية قدرات التفكير الإستراتيجي للعمل من منظور إستراتيجي في كافة المستويات، وتذكر وأنت تسير في طريق التميز، الحكمة التالية: «يمكنك أن تحصل على أي شيء تريده في الحياة فقط إذا ساعدت الآخرين في الحصول على ما يريدون».
المحفزات للعاملين في مؤسسة خيرية
في الربع الأول من عام 2011م أعددت استبانة لكشف: المحفزات للعاملين في المؤسسات التطوعية، ووزعتها على العاملين في مؤسسة خيرية فاعلة، وكان شرط المشاركة لمن أمضى أكثر من عشر سنوات في هذا المجال، بهدف جمع البيانات من شريحة عاملة في القطاع الخيري، ومن جمعية محددة حول المحفزات في العمل؛ للوقوف على أهم ما يريده المنتسب إلى القطاع الخيري والتطوعي في عمله.
ولحرية كتابة المشارك رأيه بكل شفافية، جعل السؤال باستخدام الصيغة المفتوحة: ما الذي يحفزني في العمل؟ اكتب أهم خمسة أمور في نظرك تريدها في عملك بخلاف الراتب والمزايا المادية.
وشارك في الاستبانة 30 مشاركاً، من أقسام وخبرات مختلفة في مؤسسة خيرية وهم من العاملين مقابل أجر، وحسب نتائج الاستبانة فإن أهم خمس مزايا يريدها الموظف (في القطاع الخيري) في عمله، وتعمل على تحفيزه إن تحققت (خلاف الراتب والمزايا المادية)، وهي مرتبة تنازلياً:
1. أن تكون هناك فرص للتدريب لزيادة المهارات، والتعلم المستمر، وتنمية القدرات.
2. أن تقدر جهودي في العمل، وأكرم على إنجازي المميز.
3. أن تعقد اللقاءات الدورية مع المسؤولين.
4. أن أحقق نتائج في عملي وأرى هذه النتيجة.
5. أن يستمع لي المسؤول ويسمح لي بالمشاركة فيما يسهم في الإنجاز والارتقاء.
وهكذا أوضحت نتائج الاستبانة الحاجات والرغبات التي يأملها العاملون من مؤسساتهم الخيرية والتطوعية لرغبتهم في العطاء والإنجاز بشكل أفضل إن توافرت لهم تلك المحفزات .
ولا شك أن المؤسسة التطوعية المتميزة لا بد أن تتمتع بالآتي :
1. قيادة فاعلة وتحسين مستمر .
2. موارد بشرية محفزة ومشاركة.
3. سياسة وإستراتيجية واضحة.
4. استثمار أفضل وموجه للموارد.
5. علاقات تتميز بالشراكة والمسؤولية.
6. إجراءات العمل موجهة نحو خدمة الأهداف.
7. مقاييس محددة لتقييم الأداء.
وهذا لا يتحقق إلا باتخاذ عدة وسائل لتدريب المتطوعين على أسس الإدارة وعلى المهارات المتخصصة التي يتعين معرفتها لتطوير الأداء والارتقاء وإكسابهم مهارات وخبرات تحسن أداءهم وترفع المستوى في جهاتهم التطوعية.
وبرامج التدريب لا تعني بحال من الأحوال تدني مستوى المتطوع قبل تدريبه، وإنما تعني أن هناك مستوى أفضل من الأداء يطمح في الوصول إليه؛ وحيث إنه من الطبيعي أن يوجد التفاوت في أداء المتطوعين، فإن التدريب وتحسين الأداء يوفر للجهة التطوعية فئة متميزة تستطيع أداء الأعمال في حال الاستقرار والطوارئ مما يحقق استمرارية الجهة التطوعية في خدمة الشريحة المستهدفة بخدماتها .


اعداد: عيسى القدومي




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 19-04-2024, 04:22 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,210
الدولة : Egypt
افتراضي رد: العمل التطوعي.. أسسه ومهاراته

العمل التطوعي.. أسسه ومهاراته (10-10) نشر ثقافـة التطـوع



العمل التطوعي أسسه ومهاراته، سلسلة مقالات أردت منها إحياء سنة التطوع، فهو من أنبل الأعمال وأفضلها؛ لما فيه من عظيم الأجر، والنفع والخير للبلاد والعباد، فبه يستقر المجتمع وتحصل المحبة والألفة والوئام بين المسلمين، وتتحقق به مواساة أهل العوز والحاجة وإزالة أسباب الأحقاد من الصدور، وفيه نشر الألفة بين الناس، والتعاون على البر والخير بعيداً عن الفردية أو الأنانية أو السلبية .
وحينما نقلب صفحات تاريخنا الإسلامي نجد نماذج رائعة من الأعمال التطوعية التي كان لها الدور الفاعل في التنمية والحضارة، والتي وفرت الحياة الكريمة لكل إنسان في المجتمع المسلم، وخففت معاناة أهل الحاجة والعوز، ودفعت الطاقات البشرية لتسخر جهودها لمنفعة البلاد والعباد، وهذا ما حثت عليه شريعتنا الغراء، فالعمل التطوعي هو جزء من عقيدة المسلم وحياته اليومية.
ولتبيان الحقائق نقدم سلسلتنا في العمل التطوعي، وستكون حلقتنا العاشرة حول نشر ثقافة الوقف وإحياء سنته:
ثقافة التطوع لا ينشرها القائمون عليها فقط، بل يسهم في نشرها من اقتنع واعتقد بالعمل التطوعي، ولمس وأدرك الحاجة له، وانطلق من دوافع مسؤوليته ورغبته في أن يرى المؤسسات التطوعية الفاعلة منتشرة في المجتمع، لتسهم في حفظ كرامته ونمائه وارتقائه وبناء حضارته.
وأضحى النشر غير المباشر أحد أهم سبل النشر لثقافة أو فكرة أو سياسة أو مشروع، والنشر غير المباشر هو أن يسهم غيرك في نشر ما تريد ويدفع لمشروعك وهو من خارج دائرتك .
وهنالك مداخل أساسية للترغيب في العمل التطوعي، فحين التحدث عن العمل التطوعي، ودوره ومجالاته وإسهاماته ومقاصده، لنشر ثقافته، لا بد أن نستخدم مفاتيح نلج من خلالها إلى قلوب السامعين، وألخص في النقاط التالية، المداخل الأساسية التي تؤثر في الناس على اختلاف اهتماماتهم وتوجهاتهم:
- الأجر والمثوبة من الله تعالى .
- خدمة المجتمع، وتلبية حاجاته .
- إشاعة التراحم والمحبة بين أفراد المجتمع .
- حفظ الكرامة، وحل مشكلة الفقر.
- مساعدة الضعفاء والمساكين.
- ترابط الأسر وصلة الأرحام، وانتشار المحبة والألفة بينهم.
- الحماية من الجرائم والانحرافات في المجتمع .
- إقامة المشروعات الخيرية الجديدة .
- الوصول إلى أكبر عدد من المستفيدين.
- توفير الحياة الكريمة لكل إنسان في المجتمع المسلم .
- تحقيق التنمية بالمشاركة المجتمعية.
- الشراكة الحقيقية بين القطاعات الثلاث.
- إقامة مؤسسات خيرية متجددة العطاء.
- سرعة الإيفاء بالحاجات حين النوازل والنكبات.
- المحافظة على قوة دولة الإسلام.
الأصول العشر في نشر ثقافة التطوع :
حين نخاطب الناس لحثهم على المشاركة في الأعمال التطوعية، لا بد أن نستخدم أصولاً ثابتة ننطلق من خلالها في حديثنا للترغيب والتفعيل لأعمالنا التطوعية، ألخصها بالآتي:
1. الآيات الكريمة في كتاب الله تعالى، التي تحث على التطوع والإحسان والتنفل والإيثار وفعل الخير.
2. الأحاديث النبوية في تطوع النبي[ وحث المسلمين على الأعمال التطوعية.
3. فعل الصحابة للأعمال التطوعية، وحرصهم على فعل الخير وخدمة المجتمع.
4. كتب الفقه التي خصصت لأحكام الأعمال التطوعية والخيرية ومشروعيتها باباً مستقلاً، وخرجت له العديد من المسائل .
5. أقوال المتقدمين في العمل التطوعي، من فقه وأحكام وخصائص وسمات ومجالات، وتحديد أكثره نفعاً وأجراً.
6. دور التطوع في بناء الحضارة الإسلامية في عهود العزة.
7. روائع الأعمال التطوعية المسلمين، وكيف خلدها ومجدها التاريخ .
8. مقومات نجاح المؤسسات التطوعية التي تملكها الأمة حصراً.
9. إيضاح دور الغرب في رعاية القطاع التطوعي وأصوله، وسن التشريعات لحمايته .
10. حاجة المجتمعات المعاصرة لمشاريع تطوعية جديدة (عصرية) تفي بحاجات المجتمع.
وهذا يدفعنا لتحديد المطلوب لتفعيل ونشر ثقافة التطوع في المجتمعات الإسلامية ، ونخصه بالآتي :
1- التوسع في مفهومه، فهو لا يقتصر على رعاية المساجد والمدارس والمستشفيات، وإنما يتعدى ليصل إلى كل حاجات الإنسان في زمنه، فالأزمان تتغير والحاجات تتجدد.
2- عقد المؤتمرات والندوات وورش العمل لبحث سبل نشر ثقافة التطوع ومجالاته، ونقل التجارب والخبرات بين البيئات المختلفة، واستخدام أنفع السبل لنشر ثقافته.
3- عمل مساقات تربوية علمية وإدخال مادة التطوع في المناهج الدراسية في المدارس والمعاهد والجامعات؛ لغرسه في عقول الطلبة والأبناء، تنظيراً وتطبيقاً من خلال معارض ومشاريع تطوعية يشارك بها الطالب ويشعر بالحاجة إليها ويتمتع بنتائجها.
4- توفير محاضن وبيئات عمل فاعلة للراغبين في التطوع، وتنمية قدراتهم، وتحقيق حاجاتهم النفسية من العمل التطوعي، والممارسة العملية للعمل التطوعي.
5- إعداد برامج تفتح مجالات جديدة، وتفعل الطاقات وتشجعها على العمل التطوعي. والتماس حاجة الأمة للعمل التطوعي؛ وذلك لكثرة الثغرات والتحديات ومتطلبات العصر، وإعادة البناء الإنساني، ولإعادة دور الإنسان في بنائه التطوعي الحضاري .
أخطاء في نشر ثقافة التطوع :
وتلك الأخطاء تقع فيها بعض المؤسسات العاملة لنشر ثقافة التطوع، ننبه عليها لتفاديها في حملاتنا الإعلامية:
1- تضخيم الأداء والنتائج للمؤسسات التطوعية، وعدم الدقة في الأرقام والإنجاز والمعطيات .
2- تعقيد الأسلوب والألفاظ والمصطلحات المستخدمة لنشر ثقافة التطوع، أي استخدام لغة صعبة على عامة الناس؛ فلابد أن تكون اللغة بسيطة وسلسة وخالية من التعقيدات حتى لا يجد المتلقي صعوبة في استقبالها.
3- الإغراق في ذكر الماضي، والعجز عن مجاراة الحاضر، بمعنى التباكي على الماضي، ولا رؤية مستقبلية للحاضر.
4- استنزاف الجهد والوقت في الرد على الشبهات التي يشيعها بعض المغرضين عن العمل التطوعي ومؤسساته.
5- العشوائية في الحملات الإعلامية ورسائلها المنشورة، وعدم التناسق والتدرج في الرسائل الإعلامية .
6- استخدام وسائل الإعلام التقليدية، وعدم الانفتاح على وسائل الاتصال الجديدة .
7- الطرح غير المدروس والبعيد عن التطبيق الفعلي، ومحاولة فرضه على أرض الواقع كمشاريع تطوعية؛ فلا بد أن تبنى المشاريع التطوعية على حقائق وأرقام واستبانات وإمكانات وغيرها.
8-الانبهار بالتجربة التطوعية والخيرية في الغرب وعدد المؤسسات وتنوعها، والشعور بالعجز عن مجاراتها.
ولا شك أن إحياء سنة التطوع وإعادة مؤسساته لمكانتها السابقة مسؤولية مجتمعية، فالكل مطالب بأن يعمل على قدر استطاعته.


اعداد: عيسى القدومي




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 169.33 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 163.47 كيلو بايت... تم توفير 5.86 كيلو بايت...بمعدل (3.46%)]