|
|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
لطف الله بعباده عند المكاره
لطف الله بعباده عند المكاره سماحة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي الحمد لله الرؤوف الرحيم، البر الجواد الكريم، وأشهد أن لا إله إلا الله الملك العظيم، له الأسماء الحسنى، والصفات العليا، والإحسان العميم، وله الرحمة الواسعة، والحكمة الشاملة، وهو العليم الحكيم، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الذي قال الله فيه: ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [القلم: 4]. اللهم صلِّ وسلم وبارك على محمد وعلى آله وأصحابه، الذين هُدُوا إلى الحق وإلى طريق مستقيم، أما بعد: فيا أيها الناس، اتقوا الله تعالى، فإن روح التقوى شكر المولى على نعمائه، والصبر والرضا بِمُرِّ قضائه، شكره على المحاب والمسار، والتضرع إليه عند المكاره والمضار؛ قال صلى الله عليه وسلم: (عجبًا لأمر المؤمن إن أمره كله خير، إن أصابته سراء شكَر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن)[1]. واعلموا أن في تقديره للضراء والمكاره حِكمًا لا تخفى، وألطافًا وتخفيفات لا تحد ولا تُستقصى، والمؤمن حين تُصيبه المكاره يغنَم على ربِّه، فيكون من الرابحين، يغنم القيام بوظيفة الصبر، فيتم له أجرُ الصابرين، ويرجو الأجر والثواب، فيحظى بثواب المحتسبين، وينتظر الفرج من الله، فيحوز أجر الراجين لفضله الطامعين، فإن أفضل العبادة انتظار الفرج العاجل، ورجاء الثواب الآجل، والله تعالى يبتلي عباده، فإذا ابتلى لطف وأعان، وإذا تصعَّبت الأمور من جانب تسهَّلت من نواح أخرى، فيها الرأفة والامتنان، أما ترون حين قدر الله بحكمته انحباس الغيث، ووقوع الجدب في النبات، كيف لطف بكم في حشو هذا البلاء بنعم متتابعات؟! وأياد وآلاء سابغات، أنعم عليكم بالآلات الحديثة التي قامت بها الزروع والحروث، واستُخرجت بها المياه، وتتابعت بها النقليات لجميع المؤن من الضروريات والكماليات، ومرافق الحياة، فلو أن هذا الجدب صادف الناس بغير هذه الحالة، لهلكت الحروث وتعطَّلت النقليات، لقلة المواشي وعجزها، ولوقع بالعباد مجاعات وأضرار، وقاهم الله شرَّها، كما أن من ألطافه ما يسَّره للعباد من كثرة الأعمال المعينة على الرزق والمعاش، فقامت بها أمور الأغنياء والفقراء، وتَم بها الانتعاش، فكم لله علينا من فضلٍ عظيم، وكم أسبغ علينا من إحسان عميمٍ، فعلينا أن نشكر الله بالاعتراف بنِعمه وأياديه، وأن نتحدث بها في كل ما يُسره أحدنا ويُبديه، وأن نستعين بها على طاعته ونتَّبع مراضيه، وعلينا أن نصبر ونرضى فيما يدبِّره مولانا ويقضيه، وأن يكون الفرج نُصب أعيننا وقِبلة قلوبنا، والطمع في فضله غاية قصدنا، ونهاية مطلوبنا، فإننا لم نرج مخلوقًا ولا ممسكًا ولا عديمًا، وإنما نرجو ربًّا غنيًّا جوَادًا كريمًا، لا يتبرم بإلحاح الملحين، ولا يبالي بكثرة العطايا وإجابة السائلين، عمَّ البرايا كلها بفضله وخيره وعطائه، ووسع الخليقة كلها بنعمه وآلائه، أمرنا بالدعاء والسؤال، ووعدنا عليه الإجابةَ وكثرة النوال: ﴿ اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ ﴾ [الشورى: 19]، بارَك الله لي ولكم في القرآن العظيم. الفواكه الشهية في الخطب المنبرية [1] مسلم - الزهد والرقائق (2999)، أحمد (6 /16)، الدارمي - الرقاق (2777).
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |