|
|
فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#21
|
||||
|
||||
رد: فقه وفتاوى وأحكام الصيام يوميا فى رمضان إن شاء الله
(زكاة الفطر وما يتعلق بها من أحكام) وهل يجوز إخراجها قيمة (مالاً)؟ للشيخ ندا أبو احمد* (21) على مَن تجب زكاة الفطر تجب زكاة الفطر على مَن توفرت فيه الشروط الآتية: 1- الإسلام: لأن زكاة الفطر قُربة من القُرب، وطُهرة للصائم من الرفث واللغو – كما تقدَّم – وليس الكافر من أهلها؛ وإنما يعاقب على تركها في الآخرة. ومر بنا في الحديث الذي أخرجه البخاري ومسلم عن ابن عمر – رضي الله عنهما- أنه قال: "فرض رسول الله r زكاة الفطر صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير، على العبد والحر، والذكر والأنثى، الصغير والكبير من المسلمين، وأمر بها أن تُؤدَّى قبل خروج الناس إلى الصلاة. والإسلام شرط عند جمهور العلماء، خلافاً للشافعية، فالأصح عندهم أنه يجب على الكافر أن يؤديها عن أقاربه المسلمين. (مغني المحتاج: 1/402) 2- القدرة على إخراج زكاة الفطر: وحدُّ هذه القدرة أن يكون عنده فضل عن قوته، وقوت مَن في نفقته ليلة العيد ويومه عند جمهور العلماء المالكية والشافعية والحنابلة؛ لأن مَن كان هذا حاله يكن غنياً. (المغني:3/76) فقد قال النبي r كما عند أبي داود بسند حسن: "مَن سأل وعنده ما يغنيه فإنما يستكثر من النار، فقالوا: يا رسول الله وما يغنيه؟ قال: أن يكون له شبع يوم وليلة". وعند الترمذي:"مَن أصبح منكم آمناً في سِرْبه، معافى في جسده، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها" - وسُئل الإمام أحمد - رحمه الله - عن زكاة الفطر: متى تجب على الرجل؟ قال:إذا كان عنده فضل قوت يوم، أطعم. (مسائل إسحاق النيسابوري) وقال النووي – رحمه الله – في "المجموع" (6/67): "مذهبنا أنه يشترط أن يملك فاضلاً عن قوته وقوت مَن يلزمه نفقته ليلة العيد ويومه. (حكاه العبدري عن أبي هريرة، وعطاء، والشعبي، وابن سيرين، وأبي العالية، والزهري، ومالك، وابن المبارك، وأحمد، وأبي ثور) وقال ابن قدامة ـ رحمه الله ـ في "الكافي": فصل "ولا تجب إلا بشرطين": أحدهما أن يفضل عن نفقته ونفقة عياله يوم العيد وليلته صاع؛ لأن النفقة أهم فتجب البداءة بها لقول النبي r: " ابدأ بنفسك وبمَن تعول". وخالف الحنفية وأصحاب الرأي فقالوا: لا تجب إلا على مَن يملك نصاباً من النقد، أو ما قيمته فاضلاً عن مسكنه. (شرح فتح القدير:2/218) واستدلوا بقوله r كما عند البخاري: " لا صدقة إلا عن ظهر غنى ". قالوا: والفقير لا غنى له فلا تجب عليه؛ ولأن الصدقة تحل له فلا تجب عليه كمَن لا يقدر عليها. والراجح قول الجمهور، وذلك لأمور:- 1- أن فرض زكاة الفطر ورد مطلقاً على الصغير والكبير، والذكر والأنثى، والحر والعبد، ولم يقيدها بغنى أو فقر كما قيد زكاة المال، بقوله r: "تُؤْخَذُ من أغنيائهم فترد على فقرائهم ". 2- أن زكاة الفطر لا تزيد بزيادة المال، فلا يعتبر وجوب النصاب فيها كالكفارة. 3- أن الاستدلال بحديث: "لا صدقة إلا عن ظهر غنى" لا يسلم للحنفية الاستدلال به، فإننا نقول معهم: إن العاجز عنها لا تجب عليه، بل سبق معنا الحديث بأن الإنسان يغنيه شبع يوم وليلة. (صحيح فقه السُّنة: صـ80-81) قال ابن المنذر ـ رحمه الله ـ: وأجمعوا على أن مَن لا شيء له فلا فطرة عليه. فوائد ومسائل: 1- تجب زكاة الفطر على المسلم القادر على أدائها، حتى وإن كان عبداً مملوكاً، كما ذهب إليه الحنابلة – خلافاً لجمهور الفقهاء - فقد اشترطوا لإيجاب الزكاة: الحرية، وقالوا: لا تجب على العبد؛ لأن العبد لا يملك. والصواب: أنه يجب على السيد المسلم أن يخرج زكاة الفطر عن عبده، لحديث ابن عمر – رضي الله عنهما - الذي أخرجه البخاري ومسلم: "فرض رسول الله r زكاة الفطر صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير، على كل عبد أو حرٍّ، صغيراً أو كبيراً" وقفة: لو أن شخصين يملكان عبداً، فيجب على كل واحد من الشريكين أن يُخْرِج نصف صاع؛ ليكون مجموعهما صاع عن العبد. 2- هل تجب زكاة الفطر عن الخدم؟ فيه تفصيل: إن كان الخادم ممَّن تجب نفقته على المؤدي؛ أدَّى عنه، كأن يكون أجيراً عنده لمدة طويلة أو لمدة محددة يجب عليه فيه النفقة عليه. وأما إذا كان أجيراً لعمل معين ولا يلزمه النفقة عليه، لم يلزمه أداء زكاة الفطر عنه. قال الإمام مالك ـ رحمه الله ـ في "الموطأ": ليس على الرجل في عبيده، ولا في أجيره، ولا في رقيق امرأته زكاة، إلا مَن كان منهم يخدمه ولابد له منه، فتجب عليه، وأما إن كان الخادم كافراً أو من أهل الكتاب فلا يخرج عنه زكاة الفطر. 3- أن زكاة الفطر تجب على كل حر مسلم – يملك قوته وقوت عياله يوماً أو ليلة- عن نفسه وعمَّن تلزمه نفقته، كزوجته وأبنائه وخَدَمِهِ المسلمين. فقد أخرج الدارقطني والبيهقي عن ابن عمر – رضي الله عنهما- قال: " أمر رسول الله r بصدقه الفطر عن الصغير والكبير، والحر والعبد ممَّن تمونون" (والحديث حسَّنه الألباني في الإرواء (835)، والراجح ضعفه) وذهب جمهور أهل العلم كأبي حنيفة ومالك والشافعي وابن حزم: إلى أن زكاة الفطر لا تجب على شخص عن غيره، لا عن أبيه ولا عن أمِّه ولا عن زوجته ولا عن أحدٍ ممَّن تلزمه نفقته إلا عن نفسه، وأنه يجب على كل من هؤلاء إخراجها عن نفسه من ماله؛ لظاهر حديث ابن عمر – رضي الله عنهما- المتفق عليه. (هذا في حالة إن كان لهم مال) قال ابن رشد ـ رحمه الله ـ: أما عمَّن تجب، فإنهم اتفقوا على أنها تجب على المرء لمَن تلزمه نفقاتهم، إذا لم يكن لهم مال، وكذلك في عبيده إذا لم يكن لهم مال. 4- قال الخطابي ـ رحمه الله ـ في "معالم السنن" (3/214): وهي واجبة على كل صائم غني ذي جدة يجدها عن قوته، إذا كان وجوبها لعلة التطهير، وكل الصائمين محتاجون إليها (التطهير)، فإذا اشتركوا في العلة اشتركوا في الوجوب. وأجاب الحافظ – رحمه الله -: إن ذكر التطهير خرج مخرج الغالب، كما أنها تجب عمَّن لا يذنب كمتحقق الصلاح، أو مَن أسلم قبل غروب الشمس بلحظة. 5- وذهب بعضهم إلى وجوبها على الجنين: ودليلهم ما أخرجه ابن أبي شيبة وعبد الرزاق من طريق أيوب عن أبي قلابة قال: "كانوا يعطون صدقة الفطر حتى يعطون عن الحبل". (وسنده صحيح) - وقال عبد الله بن أحمد في "المسائل" سمعت أبي يقول: "يعطي زكاة الفطر عن الحمل إذا تبين". اهـ وفي مسائل إسحاق بن إبراهيم بن هانيء قال: "سألت أبا عبد الله عن صدقة الفطر، قال: صاع صاع من كل شيء، على الحُرِّ والعبد، والذكر والأنثى، ويروى عن عثمان بن عفان t أنه أعطى عن الحامل. فكأنما ذهب الإمام أحمد – رحمه الله - هذا المذهب احتياطاً وعلى سبيل الاستحباب لما رُوِي ذلك عن عثمان، ولكن أثر عثمان ضعيف أخرجه ابن أبي شيبة، وفيه: "أن عثمان كان يعطي صدقة الفطر عن الحبل". الخلاصة: أن هذا الأثر لا يصح، فليس هناك دليل مرفوع صحيح يدل على ذلك. قال ابن المنذر – رحمه الله –: كلُّ مَن نحفظ عنه لا يوجبها عن الجنين، بل تُسْتَحب. 6- إذا لم يكن للطفل مال، ففطرته على أبيه بالإجماع ( نقله ابن المنذر وغيره ) وإن كان للطفل مال ففطرته فيه (أي في هذا المال) وبه قال أبو حنيفة والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور. واليتيم الذي له مال فتجب فطرته فيه عند الجمهور، وبه قال مالك، والأوزاعي، والشافعي، وأبو حنيفة، وأبو يوسف، وابن المنذر. - وقال محمد بن الحسن: لا تجب. والراجح: هو قول الجمهور.
__________________
|
#22
|
||||
|
||||
رد: فقه وفتاوى وأحكام الصيام يوميا فى رمضان إن شاء الله
__________________
|
#23
|
||||
|
||||
رد: فقه وفتاوى وأحكام الصيام يوميا فى رمضان إن شاء الله
__________________
|
#24
|
||||
|
||||
رد: فقه وفتاوى وأحكام الصيام يوميا فى رمضان إن شاء الله
__________________
|
#25
|
||||
|
||||
رد: فقه وفتاوى وأحكام الصيام يوميا فى رمضان إن شاء الله
(زكاة الفطر وما يتعلق بها من أحكام) وهل يجوز إخراجها قيمة (مالاً)؟ للشيخ ندا أبو احمد (25) حكم إخراج زكاة الفطر مال (قيمة) اختلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين: الأول: أنه يجوز إخراج القيمة في الزكاة ( وهو قول مرجوح ولا دليل عليه) وبه قال الثوري، وأبو حنيفة – رحمهما الله -، وقد روي ذلك عن عمر بن عبد العزيز، والحسن – رحمهما الله - حيث قال الحسن: لا بأس أن تُعطى الدراهم في صدقة الفطر. (مصنف ابن أبي شيبة: 4/37) وعن أبي إسحاق قال: أدركتُهُم وهم يؤدون في صدقة رمضان الدراهم بقيمة الطعام. (نفس المصدر السابق) وعن عطاء: أنه كان يعطي في صدقة الفطر ورقاً (دراهم فضية) (نفس المصدر السابق) قال النووي – رحمه الله - في "المجموع" (6/112): قال إسحاق وأبو ثور: لا تجوز إلا عند الضرورة. الثاني: عدم جواز إخراج القيمة في الزكاة (أي تخرج زكاة الفطر طعاماً) وهو مذهب مالك والشافعي وأحمد وداود... وغيرهم وقد ذكر ابن قدامة – رحمه الله - في "المغني" (3/65) عن الخرقي – رحمه الله - أنه قال: ومَن أعطى القيمة لم تجزئه. وقال ابن قدامة – رحمه الله – : قال أبو داود: قيل لأحمد - وأنا أسمع -: أعطي دراهم – يعني في صدقة الفطر- قال: أخاف ألا يجزئه خلاف سنة رسول الله r. (مسائل عبد الله بن الإمام أحمد) وذكر ابن قدامة أيضاً عن أبي طالب قال: قال لي أحمد: لا يعطي قيمته، قيل له: قوم يقولون عمر بن عبد العزيز كان يأخذ بالقيمة، قال: يدعون قول رسول الله r ويقولون: قال فلان؟!، قال ابن عمر؟!: "فرض رسول الله r زكاة الفطر صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير"، وقال الله تعالى: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} [التغابن12]،[المائدة:92] ثم قال: قوم يردُّون السُّنَّة، ويقولون: قال فلان... وقال فلان. (المغني:3/65) وظاهر مذهبه أنه لا يجزئه إخراج القيمة، وبه قال مالك والشافعي وقال مالك كما في "المدونة لسحنون": "لا يجزئ الرجل أن يعطي مكان زكاة الفطر عرضاً من العروض، قال: وليس كذلك أمر النبي r". وقال مالك أيضاً: يجب في زكاة الفطر صاع من غالب قوت البلد في السنة. (الدين الخاص للسبكي) وكذلك قال الشافعي – رحمه الله -: يجب في زكاة الفطر صاع من غالب قوت البلد في السنة. (نفس المرجع) وقال ابن تيمية – رحمه الله - كما في "مجموع الفتاوى": أوجبها الله تعالى طعاماً كما أوجب الكفارة طعاماً، وقال كذلك كما في "الاختيارات الفقهية": لا يجزئ إخراج قيمة الطعام. قال الحافظ ابن كثير – رحمه الله - كما في "فتح الباري" (3/438): وكأن الأشياء التي ثبت ذكرها في حديث أبي سعيد لما كانت متساوية في مقدار ما يخرج منها مع ما يخالفها في القيمة، دل على أن المعتبر والمراد إخراج هذا المقدر من أى جنس. قال صاحب كتاب "كفاية الأخيار": وشرط المجزئ من زكاة الفطر أن يكون حبَّاً، فلا تجزئ القيمة بلا خلاف. (المغني:3/87) قال النووي – رحمه الله - كما في "شرح مسلم" (4/69): "أنه ذكر أشياء قيمتها مختلفة، وأوجب في كل نوع منها صاعاً، فدلَّ على أن المعتبر صاع، ولا نظر إلى القيمة، وقال أيضاً: ولم يُجِز عامة الفقهاء إخراج القيمة " وقال النووي – رحمه الله - كما في "المجموع": لا تجزئه القيمة في الفطرة عندنا، وبه قال مالك وأحمد وابن المنذر. وقال أبو إسحاق الشيرازي الشافعي: ولا يجوز أخذ القيمة في شيء من الزكاة؛ لأن الحق لله وقد علَّقه على ما نص عليه، فلا يجوز نقل ذلك إلى غيره، كالأضحية لما علقها على الأنعام لم يجز نقلها إلى غيرها. ( المجموع ) وقد ذهب إلى منع دفع القيمة كذلك ابن حزم – رحمه الله - في "المحلى" (6/193) فقال: ولا تجوز قيمته أصلاً، ولا يجوز إخراج بعض الصاع شعيراً وبعضه تمراً، ولا تجزئ قيمته أصلاً؛ لأن كل ذلك غير ما فرض رسول الله r. وقال أبو جعفر الهندواني (حنفي): دفع الحنطة (أي: القمح) أفضل في الأحوال كلها؛ لأن فيه موافقة للسنة وإظهار للشريعة. وقال أبو بكر الأعمش وهو حنفي أيضاً: أداء الحنطة أفضل من أداء القيمة؛ لأنه أقرب إلى امتثال الأمر، وأبعد عن اختلاف العلماء، فكان الاحتياط فيه. وذهب الشوكاني – رحمه الله - في "السيل الجرار": إنها لا تجزئ بالقيمة، إلا إذا تعذَّر إخراجها طعاماً، وهو ظاهر كلامه في "الدراري المضية" حيث قدَّرها بصاع من القوت المعتاد عن كل فرد. ومن المعاصرين الذين يوجبون إخراجها طعاماً: عامة علماء الحجاز ومنهم: ابن باز، وابن عثيمين، والشيخ أبو بكر الجزائري حيث قال في زكاة الفطر: لا تخرج من غير الطعام، ولا يعدل عنه إلى النقود إلا لضرورة، إذا لم يثبت أن النبي r أخرج بدلها نقوداً، بل لم ينقل عن الصحابة إخراجها نقوداً. ( منهاج المسلم) أدلة المانعين على عدم خروج زكاة الفطر قيمة (مال) ([1]) وهم جمهور أهل العلم أولاً: زكاة الفطر قربة وعبادة مفروضة من جنس متعين، فلا يجزئ إخراجها من غير الجنس المعين، كما لا يجزئ إخراجها في غير الوقت المعين. قال إمام الحرمين أبو المعالي الجويني – رحمة الله – كما في المغني (5/430): "الشائع المعتمد في الدليل لأصحابنا، أن الزكاة قربة لله تعالى وكل ما كان كذلك فسبيله أن يتبع فيه أمر الله تعالى، ولو قال إنسان لوكيله اشتر ثوباً وعَلِمَ الوكيل أن غرضه التجارة ووجد سلعة هي أنفع لموكله لم يكن له مخالفته وإن رآه أنفع، فما يجب لله تعالى بأمره أولى بالإتباع. كما لا يجوز في الصلاة إقامة السجود على الخد والذقن مقام السجود على الجبهة والأنف، والتعليل فيه بمعني الخضوع؛ لأن ذلك مخالفة للنص، وخروج على معني التعبد، كذلك لا يجوز في الزكاة إخراج قيمة الشاة أو البعير أو الحب أو الثمر المنصوص على وجوبه؛ لأن ذلك خروج على النص وعلى معني التعبد، والزكاة أخت الصلاة. اهـ وبيان ذلك أن الله سبحانه أمر بإيتاء الزكاة في كتابه أمراً مجملاً، بمثل قوله تعالى: {وَآتُواْ الزَّكَاةَ} [البقرة:43،83..] وجاءت السُّنَّة ففصَّلت ما أجمله القرآن، وبيَّنت المقادير المطلوبة بمثل قوله r: "في كل أربعين شاة شاة" وقوله: "في كل خمسة من الإبل شاة"... الخ، فصـار كأن الله تعالى قال: "وآتوا الزكاة من كل أربعين شاةً شاةٌُ"، فتكون الزكاة حقاً للفقير بهذا النص، فلا يجوز الاشتغال بالتعليل لإبطال حقه من العين. ثانياً: إخراج القيمة خلاف ما أمر به رسول الله r وفرضه فقد روى أبو داود وابن ماجه بسند فيه مقال أن النبي r قال لمعاذ حين بعثه إلى اليمن: " خذ الحب من الحب، والشاة من الغنم، والبعير من الإبل، والبقر من البقر " وهو نص يجب الوقوف عنده، فلا يجوز تجاوزه إلى أخذ القيمة؛ لأن في هذه الحال سيأخذ من الحب شيئاً غير الحب، ومن الغنم شيئاً غير الشاة، وهذا خلاف ما أمر به الحديث. وقد ثبت عن النبي كما في "صحيح مسلم": " مَن عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد " وفي رواية عند البخاري: "مَن أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " ـ رد: أي مردود قال ابن قدامة – رحمه الله - في الحديث: "خذ الحب من الحب " لأن مخرج القيمة قد عدل عن المنصوص فلم يجزئه، كما لو أخرج الردئ مكان الجيد.( المغني 3/66 )، وقال كذلك (3/65): "مَن أعطى القيمة لا تجزئه" وقال الشوكاني – رحمه الله - في "نيل الأوطار" ( 4/171): وقد استدل بهذا الحديث من قال: إنها تجب الزكاة من العين لا يعدل عنها إلى القيمة إلا عند عدمها وعدم الجنس. وقال أيضاً: فالحق أن الزكاة واجبة من العين لا يعدل عنها إلى القيمة إلا لعذر. اهـ وقال أيضاً كما في "السيل الجرار": الثابت في أيام النبوة أن الزكاة كانت تؤخذ من عين المال الذي تجب فيه، وذلك معلوم لا شك فيه وفي أقواله r ما يرشد إلى ذلك. ويدل عليه كقوله r لمعاذ لما بعثه إلى اليمن: "خذ الحب من الحب" اهـ ثالثاً: ولأن النبي r عينها من أجناس مختلفة، وقيمتها مختلفة غالباً، فلو كانت القيمة معتبرة لكان الواجب صاعاً من جنس ما يقابل قيمته من الأجناس الأخرى قال النووي - رحمه الله - كما في "شرح مسلم" (7/60): ذكر النبي r أشياء قيمتها مختلفة وأوجب في كل نوع منها صاعاً؛ فدلَّ على أن المعتبر صاع ولا نظر إلى قيمته" اهـ وقال الحافظ - رحمه الله - في "الفتح" (4/437): " وكأن الأشياء التي ثبت ذكرها في حديث أبي سعيد لما كانت متساوية في مقدار ما يخرج منها مع ما يخالفها في القيمة، دل على أن المراد إخراج هذا المقدار من أي جنس كان. اهـ رابعاً: أن الزكاة وجبت لدفع حاجة الفقير، وشكراً لله على نعمة المال، والحاجات متنوعة، ينبغي أن يتنوع الواجب ليصل إلى الفقير من كل نوع ما تدفع به حاجته، ويحصل شكر النعمة بالمواساة من جنس ما أنعم الله عليه به. (المغني:3/373) خامساً: قال فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين ـ رحمه الله ـ: ولأن إخراج القيمة مخالف لعمل الصحابة - رضي الله عنهم - حيث كانوا يخرجونها صاعاً من طعام، وقد قال النبي r: " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي". اهـ وقد روى البخاري عن أبي سعيد الخدري t قال: "كنا نعطيها في زمان النبي r صاعاً من طعام، أو صاعاً من تمرٍ، أو صاعاً من شعيرٍ، أو صاعاً من زبيب ". قال الحافظ ابن حجر ـ رحمه الله ـ: "كنا نعطيها" – أي: زكاة الفطر- "في زمان النبي r" هذا حُكْمُهُ: الرفع؛ لإضافته إلى زمنه r، ففيه إشعار بإطلاعه على ذلك وتقريره له، ولاسيما في هذه الصورة التي كانت توضع عنده وتجمع بأمره، وهو الآمر بقبضها وتفريقها. اهـ وفي حديث أبي هريرة t وفيه: "وكان رسول الله أمرني بحفظ زكاة رمضان، فأتاني آت فجعل يحثو من الطعام، فأخذته قلت: والله لأرفعنك إلى رسول الله - وفي رواية: "أنه كان على تمر الصدقة". سادساً: وفي حديث أنس المشهور: "ومَن بلغت عنده صدقة الحقة، وليست عنده وعنده ابن لبون فإنها تقبل منه، ويجعل معها شاتين، إن استيسرتا له، أو عشرين درهما". فقال أهل العلم: لو كانت القيمة مجزئة لم يقدره، بل أوجب التفاوت بحسب القيمة. وقال ابن تيمية ـ رحمه الله ـ في "المنتقى": والجُبرانات المقدرة في حديث أبي بكر، تدل على أن القيمة لا تشرع، وإلا كانت تلك الجبرانات عبثاً.اهـ قال الشوكاني ـ رحمه الله ـ في "نيل الأوطار": قوله: "والجُبرانات" بضم الجيم: جمع جبران، وهو ما يُجبر به الشيء، وذلك نحو قوله في حديث أبي بكر، وفيه: "ويجعل معها شاتين، إن استيسرتا له، أو عشرين درهما" فإن ذلك ونحوه يدل على أن الزكاة واجبة في العين، ولو كانت القيمة هي الواجبة لكان ذكر ذلك عبثاً؛ لأنها تختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة، فتقدير الجبران بمقدار معلوم لا يناسب تعلق الوجوب بالقيمة.اهـ وقال الإمام ابن قدامة ـ رحمه الله ـ في "المغني": ففي كتاب أبي بكر الذي كتبه في الصدقات "إن هذه فرائض الصدقة التي فرضها رسول الله r على المسلمين التي أمر الله بها رسول r فمن سئلها من المسلمين على وجهتها فليعطها". ( الحديث ) - قال الحافظ ابن حجرـ رحمه الله ـ: "علي وجهتها": أي على الكيفية المبينة في هذا الحديث. سابعاً: والقول بالقيمة فيه مخالفة للأصول من جهتين: الجهة الأولي: أن النبي r لما ذكر تلك الأصناف لم يذكر معها القيمة، ولو كانت جائزة لذكرها مع ما ذكر، كما ذكر العوض في زكاة الإبل، وهو r أشفق وأرحم بالمساكين من كل إنسان. وهناك قاعدة ينبغي أن يُتَنَبَّهُ لها وهي: أن السكوت في مقام البيان يفيد الحصر. وإلي هذه القاعدة المقررة يشير ابن حزم ـ رحمه الله ـ في كثير من استدلالاته، بقوله تعالى: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً} [مريم:64] وذلك لأنه إذا كان الله لا ينسى I فهو منزَّه عن النسيان وعن كل نقص- فسكوته سبحانه أو سكوت رسول الله r المُبلغ عنه في معرض البيان لشيء من أفعال المكلفين عن شيء أخر يشبهه أو يجانسه، لا يكون نسياناًُ أو ذهولاً – تعالى لله عن ذلك - ولكنه يفيد قصر الحكم عن ذلك الشيء المبين حكمه، ويكون ما عداه وهو المسكوت عنه مخالفاً له في الحكم. فإن كان المنصوص عليه بالبيان مأذوناً فيه؛ كان السكوت عنه ممنوعاً، وإن كان العكس فالعكس، وهو معني قولهم: السكوت في معرض البيان يفيد الحصر، وهي قاعدة عظيمة بني عليها العلماء كثيرا من الأحكام. [1])) انظر رسالة "هل تجزئ القيمة في الزكاة؟ لمحمد إسماعيل المقدم – حفظه الله -
__________________
|
#26
|
||||
|
||||
رد: فقه وفتاوى وأحكام الصيام يوميا فى رمضان إن شاء الله
(زكاة الفطر وما يتعلق بها من أحكام) وهل يجوز إخراجها قيمة (مالاً)؟ للشيخ ندا أبو احمد (26) خامساً: قال فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين ـ رحمه الله ـ: ولأن إخراج القيمة مخالف لعمل الصحابة - رضي الله عنهم - حيث كانوا يخرجونها صاعاً من طعام، وقد قال النبي r: " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي". اهـ وقد روى البخاري عن أبي سعيد الخدري t قال: "كنا نعطيها في زمان النبي r صاعاً من طعام، أو صاعاً من تمرٍ، أو صاعاً من شعيرٍ، أو صاعاً من زبيب ". قال الحافظ ابن حجر ـ رحمه الله ـ: "كنا نعطيها" – أي: زكاة الفطر- "في زمان النبي r" هذا حُكْمُهُ: الرفع؛ لإضافته إلى زمنه r، ففيه إشعار بإطلاعه على ذلك وتقريره له، ولاسيما في هذه الصورة التي كانت توضع عنده وتجمع بأمره، وهو الآمر بقبضها وتفريقها. اهـ وفي حديث أبي هريرة t وفيه: "وكان رسول الله أمرني بحفظ زكاة رمضان، فأتاني آت فجعل يحثو من الطعام، فأخذته قلت: والله لأرفعنك إلى رسول الله - وفي رواية: "أنه كان على تمر الصدقة". سادساً: وفي حديث أنس المشهور: "ومَن بلغت عنده صدقة الحقة، وليست عنده وعنده ابن لبون فإنها تقبل منه، ويجعل معها شاتين، إن استيسرتا له، أو عشرين درهما". فقال أهل العلم: لو كانت القيمة مجزئة لم يقدره، بل أوجب التفاوت بحسب القيمة. وقال ابن تيمية ـ رحمه الله ـ في "المنتقى": والجُبرانات المقدرة في حديث أبي بكر، تدل على أن القيمة لا تشرع، وإلا كانت تلك الجبرانات عبثاً.اهـ قال الشوكاني ـ رحمه الله ـ في "نيل الأوطار": قوله: "والجُبرانات" بضم الجيم: جمع جبران، وهو ما يُجبر به الشيء، وذلك نحو قوله في حديث أبي بكر، وفيه: "ويجعل معها شاتين، إن استيسرتا له، أو عشرين درهما" فإن ذلك ونحوه يدل على أن الزكاة واجبة في العين، ولو كانت القيمة هي الواجبة لكان ذكر ذلك عبثاً؛ لأنها تختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة، فتقدير الجبران بمقدار معلوم لا يناسب تعلق الوجوب بالقيمة.اهـ وقال الإمام ابن قدامة ـ رحمه الله ـ في "المغني": ففي كتاب أبي بكر الذي كتبه في الصدقات "إن هذه فرائض الصدقة التي فرضها رسول الله r على المسلمين التي أمر الله بها رسول r فمن سئلها من المسلمين على وجهتها فليعطها". ( الحديث ) - قال الحافظ ابن حجرـ رحمه الله ـ: "علي وجهتها": أي على الكيفية المبينة في هذا الحديث. سابعاً: والقول بالقيمة فيه مخالفة للأصول من جهتين: الجهة الأولي: أن النبي r لما ذكر تلك الأصناف لم يذكر معها القيمة، ولو كانت جائزة لذكرها مع ما ذكر، كما ذكر العوض في زكاة الإبل، وهو r أشفق وأرحم بالمساكين من كل إنسان. وهناك قاعدة ينبغي أن يُتَنَبَّهُ لها وهي: أن السكوت في مقام البيان يفيد الحصر. وإلي هذه القاعدة المقررة يشير ابن حزم ـ رحمه الله ـ في كثير من استدلالاته، بقوله تعالى: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً} [مريم:64] وذلك لأنه إذا كان الله لا ينسى I فهو منزَّه عن النسيان وعن كل نقص- فسكوته سبحانه أو سكوت رسول الله r المُبلغ عنه في معرض البيان لشيء من أفعال المكلفين عن شيء أخر يشبهه أو يجانسه، لا يكون نسياناًُ أو ذهولاً – تعالى لله عن ذلك - ولكنه يفيد قصر الحكم عن ذلك الشيء المبين حكمه، ويكون ما عداه وهو المسكوت عنه مخالفاً له في الحكم. فإن كان المنصوص عليه بالبيان مأذوناً فيه؛ كان السكوت عنه ممنوعاً، وإن كان العكس فالعكس، وهو معني قولهم: السكوت في معرض البيان يفيد الحصر، وهي قاعدة عظيمة بني عليها العلماء كثيرا من الأحكام. الجهة الثانية: وهي القاعدة العامة، " أنه لا ينتقل إلى البدل إلا عند فقد المبدل عنه ". وأن الفرع إذا كان يعود على الأصل بالبطلان هو باطل. فلو أن كل الناس أخذوا بإخراج القيمة؛ لتعطل العمل بالأجناس المنصوصة، فكأن الفرع الذي هو القيمة سيعود على الأصل الذي هو الطعام بالإبطال فيبطل. قال الشوكاني ـ رحمه الله ـ في "السيل الجرار"( 2/86): والحق أنه ليس هناك ما يسوغ مخالفة السنة الواردة في ذلك المفروضة بنص كلام النبي r، اللهم إلا الضرورة التي تقدر بقدرها، والتي لا ينقض الأصل من أجلها. وقد سبق نقل تجويز العلماء ذلك عند الضرورة. حيث قال النووي ـ رحمه الله ـ كما في "المجموع" (6/112): قال إسحاق وأبو ثور: لا تجزئ (أي القيمة) إلا عند الضرورة. هذا وقد توسط ابن تيمية ـ رحمه الله ـ في المسألة فأحسن فقال: والأظهر في هذا أن إخراج القيمة لغير حاجة ولا مصلحة راجحة ممنوع منه، وأما إخراج القيمة للحاجة أو المصلحة أو العدل فلا بأس به. مثل أن يبيع ثمر بستان أو زرعه بدراهم، فهنا إخراج عُشْر الدراهم يجزيه، ولا يكلف أن يشتري ثمراً أو حنطة، فإنه قد يساوي الفقير بنفسه، وقد نص أحمد على جواز ذلك. ومثل أن تجب عليه شاة في خمس من الإبل، وليس عنده مَن يبيعه شاة، فإخراج القيمة هنا كاف، ولا يكلف السفر إلى مدينة أخرى ليشتري شاة، ومثل أن يكون المستحقون طلبوا القيمة لكونها أنفع. (اهـ من "مجموع الفتاوى" : 4/456 بتصرف) ثم مراعاة عدم التوسُّع في جواز إخراج الزكاة بالقيمة، إلا في حدود الضرورة والحاجة والمصلحة الراجحة. فمَن ذلك الفقير الذي يحتاج إلى الدواء دون الطعام أحوج إلى القيمة؟ فلو أن إنساناً أعطاه قيمة زكاة فطره لأجزأه ذلك. وانظر لكلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ: " مثل أن يكون المستحقون للزكاة طلبوا منه إعطاء القيمة لكونها أنفع للفقراء، فانظر إلى قوله: "المستحقون للزكاة" فلو طلب ذلك هؤلاء المتجولة المتسولون فلا يعطيهم القيمة؛ لأنهم إنما يطلبون ما يخف عليهم حمله؛ ليحملوا أقصي ما يمكن حملة من أموال الزكاة، فلا تصل بذلك إلى مستحقيها. - هذا وقد وقال المناوي ـ رحمه الله ـ في "فيض القدير" في قول النبيr : " خذ الحب من الحب، والشاة من الغنم، والبعير من الإبل، والبقر من البقر " (والحديث أخرجه أبو داود وابن ماجه وفيه كلام) قال المناوى ـ رحمه الله ـ: والمراد أن الزكاة من جنس المأخوذ منه هذا هو الأصل، وقد يعدل عنه لواجب. - وقال الشيخ أبو بكر الجزائري كما في "منهاج المسلم صـ259": الواجب أن تخرج زكاة الفطر من أنواع الطعام، ولا يعدل عنه إلى النقود إلا لضرورة، إذ لم يثبت أن النبي r أخرج بدلها نقوداً، بل لم ينقل حتى عن الصحابة إخراجها نقوداً فإذا قلنا: إن مَن جوَّز القيمة من العلماء إنما نظر لبعض الحالات التي تقتضي إخراجها بالقيمة، فهي مقدرة بقدر الضرورة التي تدعو إليها، فلو صح ذلك لم يكن في المسألة خلاف حقيقي أصلاً بين العلماء فيها؛ لأن الجميع متفقون على جواز المخالفة عند الضرورة المقتضية لذلك عملا بقاعدة رفع الحرج. أما ما احتج به هذا الفريق على الجواز على العموم فلا يصح. ثامناً: والقول بإخراج الزكاة قيمة جرؤ الناس على ما هو أعظم، وهو القول بالقيمة في الهدي ولم يقل به أحد من العلماء، علماً بأن الأحناف أنفسهم لا يجيزون القيمة في الهدي؛ لأن الهدي فيه جانب تعبُّد وهو النسك. قال النووي ـ رحمه الله ـ في "المجموع" (5/359 ) صـ30: علي أنه لا تجزئ القيمة في الأضحية. اهـ فهذا لا خلاف فيه بين العلماء بما فيهم مَن جوَّز دفع القيمة ففي العبادات فضلاً عن الزكاة، لا ينبغي أن نعول على العقل، وإنما المرجع فيه إلى النقل. فإن مالك المال الحقيقي هو الله سبحانه ونحن مستخلفون فيه، فالأغنياء وكلاء الله تعالى في ماله، والوكيل لا يجوز أن يخالف ما يأمره به موكله، فإذا كنت وكيلاً لغني في ماله فقال لك: أعط الفقير من الطعام فأعطيته من المال لكنت مستحقاً للومه وعتابه. - قال النووي ـ رحمه الله ـ في "المجموع" (5/380 ): إن الزكاة قربة لله تعالى، وكل ما كان كذلك فسبيله أن يتبع فيه أمر الله تعالى. اهـ فلا يجوز أن يتعلَّل المسلم بأن هذا الحكم غير مناسب للعصر، أو أن ينسب القائل بإخراجها طعام بالجمود وعدم الاجتهاد، فالعلماء متفقون على أنه لا اجتهاد في وجود نص، فإذا جاء نص من الشارع في أمر من الأمور؛ فيجب اتباع ما ورد في النص وعدم مخالفته؛ امتثالاً لقوله تعالى: { فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } [ النور: 63 ] وليعلم أن ذلك بما يقتضيه الإيمان، لقوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً } [الأحزاب: 36] تاسعاً: أن زكاة الفطر فيها جانب تعبُّدي، فهي طهرة للصائم وطعمة للمساكين، كما أن عملية شرائها ومكيلها وتقديمها فيه إشعار بهذه العبادة، أما تقديمها نقداً فلا يكون فيه فرق عن أي صدقة من الصدقات، من حيث الإحساس بالواجب والشعور بالإطعام، فإخراج القيمة يخرج زكاة الفطرة من كونها شعيرة ظاهرة إلى كونها صدقة خفية، فإن إخراجها صاعاً من طعام يجعلها ظاهرة بين المسلمين معلومة للصغير والكبير، يشاهدون مكيلها وتوزيعها ويتبادلونها بينهم، بخلاف ما لو كانت دراهم يخرجها الإنسان خفية بينه وبين الآخذ.
__________________
|
#27
|
||||
|
||||
رد: فقه وفتاوى وأحكام الصيام يوميا فى رمضان إن شاء الله
__________________
|
#28
|
||||
|
||||
رد: فقه وفتاوى وأحكام الصيام يوميا فى رمضان إن شاء الله
(فتاوى العلماء الاعلام فى صلاة التراويح والقيام) كتاب للدكتور احمد مصطفى متولى (28) فَتَاوَى وَاخْتِيَارَاتُ القِيَامِ وَالتَّرَاوِيحِ والوَتْرِ لِلْعَلَّامَةِ ابْنِ جِبْرِينَ السؤال:- ما حكم صلاة التراويح؟ وما فضل قيام ليالي رمضان مع الإمام؟ وما قولكم في حال كثير من الناس ممن ترك هذه الفضيلة العظيمة، وانصرف لتجارة الدّنيا، وربّما لإضاعة الوقت باللعب والسّهر؟ الجواب:- صلاة التراويح هي القيام في ليالي رمضان بعد صلاة العشاء، وهي سنة مؤكَّدة، كما دلّ على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: "من قام رمضان إيماناً واحتساباً غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبه". متفق عليه، وقيام رمضان شامل للصلاة أول الليل وآخره، فالتراويح من قيام رمضان، وقد وصف الله عباده المؤمنين بقيام الليل، كما قال -تعالى-: (والذين يبيتون لربهم سجداً وقياماً)(الفرقان:64). وقال -تعالى-: (كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون)(الذاريات:17). ويُستحب أن يُصلى مع الإمام حتى ينصرف، فقد روى أحمد وأهل السنن بسند صحيح عن أبي ذر -رضي الله عنه-، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة". وكان الإمام أحمد -رضي الله عنه- لا ينصرف إلا مع الإمام عملاً بهذا الحديث، ولا شك أن إقامة هذه العبادة في هذا الموسم العظيم تُعتبر من شعائر دين الإسلام، ومن أفضل القربات والطاعات، ومن سنة النبي صلى الله عليه وسلم كما روى عبدالرحمن بن عوف عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله -عز وجل- فرض عليكم صيام رمضان، وسننتُ لكم قيامه". فإحياء هذه السنّة وإظهارها فيه أجر كبير، ومضاعفة للأعمال، وقد ورد في بعض الآثار: "إن في السماء ملائكة لا يعلم عددهم إلا الله -عز وجل-، فإذا دخل رمضان استأذنوا ربهم أن يحضروا مع أمة محمد صلى الله عليه وسلم صلاة التراويح، فمن مسهم أو مسوه سعد سعادة لا يشقى بعدها". فكيف يفوت المسلم هذا الأجر الكبير، وينصرف عنه لتعاطي حرفة أو تجارة، أو تنمية ثروة من متاع الحياة الدّنيا التي لا تساوي كلها عند الله جناح بعوضة، فهؤلاء الذين يزهدون في فعل هذه الصلاة، ويشتغلون بأموالهم وصناعاتهم، لم يشعروا بالتفاوت الكبير بين ما يحصل لهم من كسب أو ربح دنيوي قليل، وما يفوتهم من الحسنات والأجور، والثواب الأخروي، ومضاعفة الأعمال في هذا الشهر الكريم. ولقد أكبّ الكثير على الأعمال الدنيوية في ليالي رمضان، ورأوا ذلك موسماً لتنمية التجارة، وإقبال العامة على العمل الدنيوي، فصار تنافسهم في ذلك، وتكاثرهم بالمال والكسب، وتناسوا قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا رأيت من ينافسك في الدّنيا فنافسه في الآخرة". أما الذين يسمرون هذه الليالي على اللهو واللعب فهم أخسر صفقة، وأضل سعياً، وذلك أن الناس اعتادوا السهر طوال ليالي رمضان غالباً، واعتاضوا عن نوم الليل بنوم الصبيحة وأول النهار أو أغلبه، فرأوا شغل هذا الليل بما يقطع الوقت، فأقبلوا على سماع الملاهي والأغاني، وأكبوا على النظر في الصور الفاتنة، والأفلام الخليعة الماجنة، ونتج عن ذلك ميلهم إلى المعاصي، وتعاطيهم شرب المسكرات، وميل نفوسهم إلى الشهوات المحرّمة، وحال الشيطان والنفوس الأمارة بالسوء بينهم، وبين الأعمال الصالحة، فصدّوا عن المساجد ومشاركة المصلين في هذه العبادة الشريفة، فأفضلهم من يصلي الفريضة ثم يبادر الباب، والكثير منهم يتركون الفرض الأعظم وهو الصلاة، ويتقربون بالصوم مجاراة ومحاكاة لأهليهم، مع تعاطيهم لهذه المحرمات، وصدودهم عن ذكر الله وتلاوة كتابه، وذلك هو الخسران المبين، والله المستعان. السؤال:- ما الحكمة في تسمية قيام رمضان بالتراويح؟ وهل ترون أن من الأفضل استغلال وقت التوقف في صلاة التراويح بإلقاء كلمة، أو موعظة؟ الجواب:- ذُكر في المناهل الحسان (عن الاعرج)، قال: ما أدركنا الناس إلا وهم يلعنون الكفرة في رمضان، قال: وكان القارئ يقرأ سورة البقرة في ثمان ركعات، وإذا قام بها في اثنتي عشرة ركعة رأى الناس أنه قد خفف، (وعن عبدالله بن بكر) قال: سمعت أبي يقول: "كنا ننصرف في رمضان من القيام فنستعجل الخدم بالطعام، مخافة فوت السحور". (وعن السائب بن يزيد) قال: أمر عمر بن الخطاب أُبي بن كعب وتميماً الداري -رضي الله عنهم- أن يقوما للناس في رمضان بإحدى عشرة ركعة، فكان القارئ يقرأ بالمئين، حتى كنا نعتمد على العصي من طول القيام، فما كنا ننصرف إلا في فروع الفجر، وقال ابن محمود في كتاب الصيام: "وسُميت تراويح من أجل أنهم يستريحون بعد كل أربع ركعات لكونهم يعتمدون على العصي من طول القيام، ولا ينصرفون إلا في فروع الفجر". وحيث إنَّ الناس في هذه الأزمنة يخففون الصلاة، فيفعلونها في ساعة أو أقل، فإنه لا حاجة بهم إلى هذه الاستراحة، حيث لا يجدون تعباً ولا مشقة، لكن إن فصل بعض الأئمة بين ركعات التراويح بجلوس، أو وقفة يسيرة للاستجمام، أو الارتياح، فالأولى قطع هذا الجلوس بنصيحة أو تذكير، أو قراءة في كتاب مفيد، أو تفسير آية يمرّ بها القارئ، أو موعظة، أو ذكر حكم من الأحكام، حتى لا يخرجوا أو لا يملّوا، والله أعلم. السؤال:- ما هي السنة في عدد ركعات التراويح؟ هل هي إحدى عشرة ركعة، أم ثلاث عشرة ركعة؟ وهل يلزم الاكتفاء بصورة واحدة طوال الشهر أم الأفضل التنويع؟ وما رأيكم فيمن يزيد على ذلك بحيث يصلي ثلاثاً وعشرين أو أكثر؟ الجواب:- قال في مجالس شهر رمضان: واختلف السلف الصالح في عدد الركعات في صلاة التراويح، والوتر معها، فقيل: إحدى وأربعون ركعة. وقيل: تسع وثلاثون. وقيل: ثلاثة عشرة. وقيل: إحدى عشرة. وقيل: غير ذلك، وقال أبو محمد ابن قدامة في المغني: (فصل) والمختار عند أبي عبدالله -رحمه الله- فيها عشرون ركعة، وبهذا قال الثوري، وأبو حنيفة، والشافعي، وقال مالك: ستة وثلاثون، وزعم أنه الأمر القديم، وتعلق بفعل أهل المدينة، فإن صالحاً مولى التوأمة قال: "أدركت الناس يقومون بإحدى وأربعين ركعة، يُوترون منها بخمس". ولنا أن عمر -رضي الله عنه- لما جمع الناس على أُبي بن كعب كان يُصلي بهم عشرين ركعة، وقد روى الحسن أن عمر جمع الناس على أُبي بن كعب، فكان يصلي لهم عشرين ليلة، ولا يقنت بهم إلا في النصف الثاني، فإذا كانت العشر الأواخر تخلف أُبي فصلى في بيته... وروى مالك عن يزيد بن رومان قال: كان الناس يقومون في زمن عمر في رمضان بثلاث وعشرين ركعة. (وعن علي): "أنه أمر رجلاً يصلي بهم في رمضان عشرين ركعة". وهذا كالإجماع. قال بعض أهل العلم إنما فعل هذا أهل المدينة، لأنهم أرادوا مساواة أهل مكة، فإن أهل مكة يطوفون سبعاً بين كل ترويحتين، فجعل أهل المدينة مكان كل سبع أربع ركعات... إلخ. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية -يرحمه الله تعالى-: له أن يُصليها عشرين ركعة، كما هو المشهور في مذهب أحمد والشافعي، وله أن يُصليها ستاً وثلاثين ركعة، كما هو مذهب مالك، وله أن يُصلي إحدى عشرة، وثلاث عشرة، وكله حسن، فيكون تكثير الركعات أو تقليلها بحسب طول القيام وقصره، وقال: الأفضل يختلف باختلاف المصلين، فإن كان فيهم احتمال بعشر ركعات، وثلاث بعدها، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي لنفسه في رمضان وغيره فهو الأفضل، وإن كانوا لا يحتملونه فالقيام بعشرين هو الأفضل، وهو الذي يعمل به أكثر المسلمين، فإنه وسط بين العشر والأربعين، وإن قام بأربعين أو غيرها جاز، ولا يكره شيء من ذلك، ومن ظن أن قيام رمضان فيه عدد مؤقَّت لا يزاد فيه ولا ينقص منه، فقد أخطأ.. إلخ. ومن كلام شيخ الإسلام المذكور وغيره من الآثار يُعلم أن قيام الليل يحدد بالزمان، لا بعدد الركعات، وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يُصلي إحدى عشرة ركعة، في نحو خمس ساعات، وأحياناً في الليل كله، حتى يخشوا أن يفوتهم الفلاح يعني السحور، وذلك يستدعي طول القيام، بحيث تكون الرّكعة في نحو أربعين دقيقة، وكان الصحابة يفعلون ذلك، بحيث يعتمدون على العصي من طول القيام، فإذا شق عليهم طول القيام والأركان خففوا من الطول، وزادوا في عدد الركعات، حتى يستغرق صلاتهم جميع الليل، أو أغلبه، فهذا سنة الصحابة في تكثير الركعات، مع تخفيف الأركان، أو تقليل الركعات مع إطالة الأركان، ولم ينكر بعضهم على بعض، فالكل على حقّ، والجميع عبادة يُرجى قبولها ومضاعفتها، والله أعلم. السؤال:- بعض الناس عندما يأتون إلى مسجد تُصلى فيها التراويح ثلاثاً وعشرين ركعة، فإنهم يقومون بأداء إحدى عشرة ركعة فقط، ظناً منهم بأنه لا يجوز الزيادة على ذلك، وبالمقابل لا يُتمون مع الإمام، وينصرفون إلى قراءة القرآن، أو كتاب معين، أو ربما جلسوا مع بعض زملائهم يتحادثون، فهل فعلهم هذا صحيح، أم المطلوب أن يُتابعوا الإمام في صلاته، امتثالاً لقوله صلى الله عليه وسلم: "من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب الله له قيام ليلة"؟ الجواب:- قيام رمضان يحصل بصلاة جزء من كل ليلة، كنصفها أو ثلثها، سواء كان ذلك بصلاة إحدى عشرة ركعة، أو ثلاث وعشرين، ويحصل القيام بالصلاة خلف إمام الحي حتى ينصرف، ولو في أقل من ساعة، لما روى أهل السنن بسند صحيح، عن أبي ذر -رضي الله عنه قال-: صمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يُقم بنا حتى بقي سبع من الشهر، فقام بنا حتى ذهب ثلث الليل، ثم لم يُقم بنا في السادسة، ثم قام بنا الخامسة حتى ذهب شطر الليل، أي: نصفه، فقلنا: يا رسول الله: لو نفلتنا بقية ليلتنا هذه، فقال صلى الله عليه وسلم: "إنه من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة". الحديث، وكان الإمام أحمد يُصلي مع الإمام ولا ينصرف إلا معه، عملاً بهذا الحديث، فمن أراد هذا الأجر فعليه أن يصلي مع الإمام حتى يفرغ من الوتر، سواء صلى قليلاً أو كثيراً، وسواء طالت المدة أو قصرت. فالصلاة أفضل عبادة بدنية يتقرب بها العباد، وليس لها حدّ محدود، بل من أطال أو زاد في عدد الركعات فله أجر ذلك، والله لا يضيع أجر من أحسن عملاً. السؤال:- ما مشروعية الجماعة في قيام رمضان؟ وما السبب في عدم استمرار النبي، صلى الله عليه وسلم، بالجماعة في صلاة التراويح؟ الجواب:- قال أبو محمد بن قدامة في المغني: والمختار عند أبي عبدالله فعلها في الجماعة، قال في رواية يوسف بن موسى: الجماعة في التراويح أفضل. وإن كان رجل يُقتدى به فصلاَّها في بيته خفت أن يقتدي الناس به، وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم: "اقتدوا بالخلفاء". وقد جاء عن عمر أنه كان يُصلي في الجماعة، وبهذا قال المزني، وابن عبدالحكم، وجماعة من أصحاب أبي حنيفة، قال أحمد: كان جابر وعلي وعبدالله يصلونها في جماعة.. إلخ. وأما المرفوع في ذلك ففي صحيح مسلم عن عائشة قالت: صلى النبي، صلى الله عليه وسلم، في المسجد ذات ليلة، فصلى بصلاته ناس، ثم صلى من القابلة، وكثر الناس، ثم اجتمعوا من الليلة الثالثة أوالرابعة، فلم يخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما أصبح قال: "قد رأيت الذي صنعتم، فلم يمنعني من الخروج إليكم إلا أنني خشيت أن تفرض عليكم". وذلك في رمضان. وعن أبي هريرة قال: خرج رسول الله، فإذا الناس في رمضان يُصلون في ناحية المسجد، فقال: "ما هؤلاء"؟ قيل: هؤلاء ناس ليس معهم قرآن، وأُبي بن كعب يُصلي بهم، فقال النبي، صلى الله عليه وسلم: "أصابوا، ونعم ما صنعوا". رواه أبو داود. وروى مسلم عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، خرج من جوف الليل، فصلى في المسجد، فصلى رجال بصلاته، فأصبح الناس يتحدثون بذلك، فاجتمع أكثر منهم، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، في الليلة الثانية، فصلوا بصلاته، فأصبح الناس يذكرون ذلك، فكثر أهل المسجد من الليلة الثالثة، فخرج فصلوا بصلاته، فلما كانت الليلة الرابعة عجز المسجد عن أهله، فلم يخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فطفق رجال منهم يقولون: الصلاة، فلم يخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى خرج لصلاة الفجر، فلما قضى الفجر أقبل على الناس، ثم تشهد، فقال: "أما بعد فإنه لم يخف عليَّ شأنكم الليلة، ولكني خشيت أن تُفرض عليكم صلاة الليل، فتعجزوا عنها". ففي هذه الأحاديث أن النبي صلى الله عليه وسلم صلاها ببعض أصحابه جماعة، ولم يداوم عليها، وعلل تركها بخوفه أن تُفرض عليهم، فلما أمنوا من ذلك بعده جمعهم عليها عمر -رضي الله عنه- فروى البخاري عن عبدالرحمن بن عبد قال: خرجت مع عمر -رضي الله عنه- ليلة في رمضان إلى المسجد، فإذا الناس أوزاع متفرقون، يُصلي الرجل لنفسه، ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط، فقال عمر: إني أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل، ثم عزم فجمعهم على أُبي بن كعب. السؤال:- ما مشروعية حضور النساء لصلاة التراويح؟ وما رأيكم -أحسن الله إليكم- في مجيء بعضهن مع السائق بدون محرم، وربما جئن متبرّجات أو متعطرات؟ وكذلك بعضهن يصطحبن أطفالهن الصغار، مما يسبب التشويش على المصلين، بكثرة إزعاجهم بالصياح والعبث فما توجيهكم؟ الجواب:- قال في مجالس شهر رمضان: ويجوز للنساء حضور التراويح في المساجد، إذا أمنت الفتنة منهن وبهن، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تمنعوا إماء الله مساجد الله". متفق عليه. ولأن هذا من عمل السلف الصالح -رضي الله عنهم-، لكن يجب أن تأتي متسترة متحجّبة، غير متبّرجة ولا متطّيبة، ولا رافعة صوتاً، ولا مبدية زينة، لقوله -تعالى-: (ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها)(النور:31). أي لكن ما ظهر منها، فلا يمكن إخفاؤه، وهي الجلباب والعباءة ونحوهما، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم، لما أمر النساء بالخروج إلى الصلاة يوم العيد قالت أم عطّية: يا رسول الله: إحدانا لا يكون لها جلباب، قال: "لتُلبسها أختها من جلبابها". متفق عليه. والسنة للنساء أن يتأخرن عن الرجال، ويبعدن عنهم، ويبدأن بالصف المؤخر، عكس الرجال، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "خير صفوف الرجال أولها، وشرها آخرها. وخير صفوف النساء آخرها، وشرها أولها". رواه مسلم، وينصرفن عن المسجد فور تسليم الإمام، ولا يتأخرن إلا لعذر، لحديث أم سلمة -رضي الله عنها- قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم، إذا سلَّم حين يقضي تسليمه، وهو يمكث في مقامه يسيراً قبل أن يقوم، قالت: نرى والله أعلم أن ذلك كان لكي ينصرف النساء قبل أن يدركهن الرجال. رواه البخاري أ.هـ. ولا يجوز لهنَّ أن يصطحبن الأطفال الذين هم دون سن التمييز، فإن الطفل عادة لا يملك عن العبث، ورفع الصوت، وكثرة الحركة، والمرور بين الصفوف، ونحو ذلك، ومع كثرة الأطفال يحصل منهم إزعاج للمصلين، وإضرار بهم، وتشويش كثير بحيث لا يُقبل المصلي على صلاته، ولا يخضع فيها، لما يسمع من هذه الآثار، فعلى الأولياء والمسئولين الانتباه لذلك، والأخذ علي أيدي السفهاء عن العبث واللعب، وعليهم احترام المساجد وأهلها، والله أعلم. أما ركوب المرأة وحدها مع قائد السيارة فلا يجوز، لما فيه من الخلوة المحرمة، حيث جاء في الحديث عنه، صلى الله عليه وسلم، قال: "لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم". وقال -أيضاً-: "لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان". فعلى المرأة المسلمة أن تخشى الله، ولا تركب وحدها مع السائق، أو صاحب الأجرة، سواء إلى المسجد، أو غيره خوفاً من الفتنة، فلا بد من أن يكون معها غيرها من محارم أو جمع من النساء، تزول بهن الوحدة مع قرب المكان، والله أعلم. السؤال:- ما الفرق بين صلاة التراويح والقيام؟ وما الدليل على تخصيص القيام بالعشر الأواخر؟ وهل من دليل على تخصيص القيام بتطويل القراءة والركوع والسجود؟ الجواب:- صلاة التراويح هي قيام رمضان بما تقدّم، ولكن طول القيام في العشر الأواخر يسمى بالقيام، وفي الصحيحين عن عائشة -رضي الله عنهما- قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، "إذا دخل العشر شد مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله". قال ابن رجب في اللطائف: يُحتمل أن المراد إحياء الليل كله، وقد روي من وجهٍ فيه ضعف بلفظ: "وأحيا الليل كله، وفي المسند عنها قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم، يخلط العشرين بصلاة ونوم، فإذا كان العشر شمر وشد المئزر". وخرج أبو نعيم بإسناد فيه ضعف عن أنس، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم، إذا شهد رمضان قام ونام، فإذا كان أربعاً وعشرين لم يذق غمضاً اهـ. وقال -أيضاً- في معنى شدّ المئزر: والصحيح أن المراد اعتزاله للنساء... وقد ورد ذلك صريحاً من حديث عائشة وأنس، وورد تفسيره بأنه لم يأو إلى فراشه حتى ينسلخ رمضان، وفي حديث أنس: وطوى فراشه، واعتزل النساء. ومن هذه الأحاديث يُعلم سبب تخصيص ليالي العشر الأواخر بالقيام، فإن ظاهر هذه الأحاديث أنه يقوم الليل كله بالصلاة والقراءة، ولا شك أن ذلك يستدعي طول القيام والركوع والسجود، وقد ذُكر في المناهل الحسان عن الأعرج، قال: ما أدركنا الناس إلا وهم يلعنون الكفرة في رمضان، وكان القارئ يقرأ سورة البقرة في ثمان ركعات، وإذا قام بها في اثنتي عشرة ركعة رأى الناس أنه قد خفّف. وعن عبدالله بن أبي بكر عن أبيه، قال: كنّا ننصرف في رمضان من القيام، فنستعجل الخدم بالطعام، مخافة فوت السحور. وسبق في حديث السائب أن القارئ يقرأ بالمئين، حتى كانوا يعتمدون على العصي، فما كانوا ينصرفون إلا في فروع الفجر، وروى مسلم عن جابر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: "أفضل الصلاة طول القنوت". أي طول القيام، وروى مسلم -أيضاً- عن حذيفة، قال: صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم، ذات ليلة، فافتتح البقرة، فقلت: يركع عند المائة ثم مضى، فقلت: يصلي بها في ركعة، فمضى، ثم افتتح النساء، فقرأها، ثم افتتح آل عمران فقرأها، يقرأ مترسلاً إذا مر بآية فيها تسبيح سبح، وإذا مرّ بسؤال سأل، وإذا مر بتعوذ تعوذ، ثم ركع فجعل يقول: سبحان ربي العظيم، فكان ركوعه نحواً من قيامه، ثم قال: "سمع الله لمن حمده". ثم قام طويلاً قريباً مما ركع، ثم سجد، فقال: "سبحان ربي الأعلى". فكان سجوده قريباً من قيامه". وروى البخاري ومسلم عن ابن مسعود، قال: "صليت مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فأطال، حتى هممت بأمر سوء، هممت أن أجلس وأدعه". فمن هذه الأحاديث يؤخذ أن سنة النبي صلى الله عليه وسلم، التي داوم عليها طول القيام، وطول الأركان، وأنه يخص العشر بمزيد من الاجتهاد، والله أعلم. السؤال:- بعض الناس مّمن يُحبُّ الخير والتقرُّب إلى الله يذهب بعيداً أو قريباً للصلاة في ليالي شهر رمضان المبارك خلف إمام معين، بحجة خشوع هذا الإمام وقراءته الجيدة، فهل هذا الفعل مشروع؟ الجواب:- من المشاهد أن القلب يخشع ويخضع عند سماع القرآن من القارئ الذي يتقن القراءة، ويتغنّى بالقرآن، ويجيد التلاوة، ويكون حسن الصوت، يظهر من قراءته أنه يخاف الله -تعالى- فإذا وجد الإنسان الخشوع، وحضور القلب خلف الإمام الذي يكون كذلك، فله أن يُصلي خلفه، وله أن يأتي إليه من مكان بعيد أو قريب، ليحصل له الاستفادة والإِخبات في صلاته، وليتأثر بهذه القراءة التي رغب سماعها، وأحضرها لبّهُ، وخشع لها، فينصرف وقد ازداد إيماناً، واطمأنَّ إلى كلام الله -تعالى- وأحبّه، فيحمله ذلك على أن يألف القراءة ويكثر منها، ويتدبّر كتاب الله، ويقرؤه للاستفادة، ويحرص على تطبيقه والعمل به، ويتلوه حق تلاوته، ويحاول تحسين صوته بالقرآن. وقد روى البخاري عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس منّا من لم يتغنَّ بالقرآن" وفي الصحيحين عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أذن الله لشيء كما أذن لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن يجهر به". وعن البراء -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "حسِّنوا القرآن بأصواتكم، فإنَّ الصوت الحسن يزيد القرآن حُسْناً". فمن هذه الأدلة يباح اختيار الإمام الذي يجيد القرآن، ويكون حسن الصوت به والترتيل، وإذا كان بعيداً فالذهاب إليه أكثر أجراً، لما يكتب من الخطوات والذهاب والمجيء، والله الموفق. السؤال:- ما حكم القراءة من المصحف للإمام الذي لا يحفظ؟ وما حكم متابعة المأموم الإمام بالنظر في المصحف عند القراءة بحجّة إصلاح خطأ الإمام، أو من أجل زيادة الفهم والتدبُّر والخشوع، كما يحتجون؟ وهل ترون هناك بأساً فيما إذا خصّص الإمام أحد المأمومين ليحمل المصحف ليصلح الأخطاء التي قد يقع فيها؟ الجواب:- لا أرى بأساً في حمل المصحف خلف الإمام، ومتابعته في القراءة لهذا الغرض، أو للفتح عليه إذا غلط، ويغتفر ما يحصل من حركة القبض وتقليب الأوراق، وترك السنة في قبض اليسار باليمين، كما يغتفر ذلك في حقّ الإمام الذي يحتاج إلى القراءة في المصحف، لعدم حفظه للقرآن، ففائدة متابعة الإمام في المصحف ظاهرة، بحضور القلب لما يسمعه، وبالرقة والخشوع، وبإصلاح الأخطاء التي تقع في القراءة من الأفراد، ومعرفة مواضعها، كما أن بعض الأئمة يكون حافظاً للقرآن فيقرأ في الصلاة عن ظهر قلب، وقد يغلط ولا يكون خلفه من يحفظ القرآن فيحتاج إلى اختيار أحدهم ليتابعه في المصحف، ليفتح عليه إذا ارتج عليه، ولينبهه إذا أخطأ، فلا بأس بذلك، إن شاء الله. ********************************
__________________
|
#29
|
||||
|
||||
رد: فقه وفتاوى وأحكام الصيام يوميا فى رمضان إن شاء الله
(فتاوى العلماء الاعلام فى صلاة التراويح والقيام) كتاب للدكتور احمد مصطفى متولى (29) السؤال:- ما معنى التغنِّي بالقرآن؟ وما حكمه؟ وما معنى التحبير في القراءة؟ وماذا ترون في مسألة تكلُّف بعض الأئمة في نطق القرآن بحيث يخرجون عن سجيّتهم بقصد تحبيره؟ الجواب:- التّغني هو تحسين الصوت بالقرآن، والترنُّم به، وهو مُستحب، لحديث أبي هريرة: "ليس منا من لم يتغنّ بالقرآن". وروى مسلم عن أبي موسى، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو رأيتني وأنا أستمع لقراءتك البارحة، لقد أوتيت مزماراً من مزامير آل داود". وروي عنه أنه قال: "لو علمت أنك تستمع إليّ لحربته لك تحبيراً". والتحبير تحسين الصوت وتحزينه، وحيث أعجب النبي صلى الله عليه وسلم، وأقرّه على التّحبير، فإن ذلك يدل على الاستحباب، لكن التكلف والتشدد في النطق بالحروف، والمبالغة في المد والشد، والإظهار والإفصاح الزائد عن القدرة المعتادة لا يجوز، فإنّ قراءة النبي صلى الله عليه وسلم، ليس فيها تكلف، فقد قرأ سورة البقرة والنساء وآل عمران في ركعة، وقد ثبت عن عثمان -رضي الله عنه- أنه كان يختم القرآن في ركعة". ولو كانوا يتكلّفون هذا التكلف المعهود في قراءة المعاصرين لما أمكنهم ذلك، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "اقرأوا القرآن من قبل أن يأتي قوم يقيمونه إقامة القدح، يتعجّلونه ولا يتأجّلونه". رواه أبو داود بمعناه. قال النووي في التبيان: معناه يتعجّلون أجره، إما بمال وإما بسمعة ونحوها، وعن حذيفة بن اليمان -رضي الله عنهما- أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: "اقرأوا القرآن بلحون العرب وأصواتها، وإيّاكم ولحون أهل العشق، ولحون أهل الكتابين، وسيجيء بعدي أقوام يرجعون بالقرآن ترجيع الغناء والنوح، لا يجاوز حناجرهم، مفتونةٌ قلوبهم، وقلوب الذين يعجبهم شأنهم". ذكره في جامع الأصول، وعزاه لرزين، والله أعلم (الحديث فيه ضعف). السؤال:- ما ترون في مسألة ترتيب القراءة في صلاة التراويح للإمام؟ هل يقرأ حسب ترتيب السور، أم له أن يقرأ من هنا وهناك بدون تسلسل السور؟ وهل ينبغي أن يقرأ القرآن كاملاً في قيام رمضان أم يقتصر على بعضه؟ الجواب:- قال النووي في التبيان: الاختيار أن يقرأ على ترتيب المصحف، فيقرأ الفاتحة ثم البقرة، ثم آل عمران، ثم ما بعدها على الترتيب، وسواء قرأ في الصلاة أو في غيرها حتى قال بعض أصحابنا: إذا قرأ في الركعة الأولى سورة: (قل أعوذ برب الناس)، يقرأ في الثانية: بعد الفاتحة من البقرة ... ودليل هذا أن ترتيب المصحف إنما جعل هكذا لحكمة، فينبغي أن يُحافظ عليها إلى أن قال: وقد كره جماعة مخالفة ترتيب المصحف، وروى ابن أبي داود عن الحسن: "أنه كان يكره أن يقرأ القرآن إلا على تأليفه في المصحف". وبإسناده الصحيح عن ابن مسعود -رضي الله عنه- أنه قيل له: "إن فلاناً يقرأ القرآن منكوساً؟ فقال: ذلك منكوس القلب". انتهى. وقال في المناهل الحسان: ويستحب أن يقرأ بسورة القلم في عشاء الآخرة، من الليلة الأولى من رمضان بعد الفاتحة، لأنها أول ما نزل من القرآن، ويستحب أن لا ينقص عن ختمه في التراويح، ليسمع الناس جميع القرآن. اهـ. ونقل ابن قدامة في المغني عن القاضي أبي يَعْلى، قال: لا يستحب النقصان عن ختمة في الشهر، ليسمع الناس جميع القرآن، ولا يزيد على ختمة، كراهية المشقّة على من خلفه، والتقدير بحال الناس أولى، فإنه لو اتفقّ جماعة يرضون بالتطويل ويختارونه كان أفضل. انتهى. السؤال:- كثيرٌ من أئمة المساجد يحددون قدراً معيناً من القرآن لقراءة كل ليلة وكل ركعة، كجزء في الليلة مثلاً وصفحة من المصحف في الركعة، وهكذا.. فما توجيهكم -عفا الله عنكم- في ذلك؟ الجواب:- لا بأس بتحديد قدر معين يقرأ به المصلي كل ليلة، يقسمه على ركعات التراويح، كما عليه العمل في صلاة أئمة الحرمين، ويكون ذلك بقدر ما يحتمله المصلون، ويناسب المقام، ولا بأس بالزيادة في بعض الليالي، كالعشر الأواخر التي تخص بطول القيام، فيزاد في قدر القراءة فيها، وأما الركوعات التي في بعض المصاحف فلا يلزم التقيد بها، وإن كانت متناسبة، والأولى أن يكون الركوع عند آخر السورة، أو عند موضع منفصل عما قبله. هل يجوز للإمام في صلاة التراويح أن يصلي أربع ركعات بسلام واحد سواء جلس للتشهد الأول كالظهر مثلاً أم لم يجلس ؟ الجواب : ثبت في الصحيح قول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « صلاة الليل مثنى مثنى » وفي صحيح مسلم عن عائشة : وكان يقول في كل ركعتين التحية . وهذا يفيد السلام من كل ركعتين ، وهكذا المنقول عن الصحابة والأئمة في صلاة التراويح ولكنهم كانوا يطيلون القيام والأركان فيستريحون بعد كل أربع ركعات ولذلك سمو هذه الصلاة بالتراويح . وأما الوتر فيجوز سرده في ثلاث ركعات بسلام واحد أو خمس ركعات أو سبع يسلم في آخرهن كما ثبت ذلك عن عائشة في الصحيح وبكل حال يكره سرد أربع ركعات في صلاة التهجد . وقول عائشة : يصلي أربعًا . . . الخ . أي بسلامين كما ذكرت في الحديث الأخر . إمام مسجد يصلي بالناس التراويح ويقرأ في كل ركعة صفحة كاملة أي ما يعادل 15 آية إلاَّ أن بعض الناس يقول إنه يطيل القراءة والبعض يقول عكس ذلك . ما السنة في صلاة التراويح ؟ وهل هناك حد يعرف به التطويل من عدمه منقول عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ الجواب : ثبت في الصحيح أن النبي غكان يصلي بالليل إحدى عشرة ركعة في رمضان وغيره ولكنه يطيل القراءة والأركان حتى أنه قرأ مرة أكثر من خمسة أجزاء في ركعة واحدة مع الترتيل والتأني . ثبت أنه كان يقوم عند انتصاف الليل أو قبله بقليل أو بعده بقليل ثم يستمر يصلي إلى قرب طلوع الفجر فيصلي ثلاث عشرة ركعة في نحو خمس ساعات وذلك يستدعي الإطالة في القراءة والأركان . وثبت أن عمر لما جمع الصحابة على صلاة التراويح كانوا يصلون عشرين ركعة ويقرؤون في الركعة نحو ثلاثين آية من البقر ة أي ما يقارب أربع صفحات أو خمسًا ؛ فيصلون بسورة البقرة في ثماني ركعات فإن صلوا بها في ثنتي عشرة ركعة رأوا أنه قد خفف . هذه هي السنة في صلاة التراويح فإذا خفف القراءة زاد في عدد الركعات إلى إحدى وأربعين ركعة كما قاله بعض الأئمة ، وإن أحب الاقتصار على إحدى عشرة أو ثلاث عشرة زاد في القراءة والأركان . وليس لصلاة التراويح عدد محدد وإنما المطلوب أن تصلي في زمن تحصل فيه الطمأنينة والتأني بما لا يقل عن ساعة أو نحوها ومن رأى أن ذلك إطالة فقد خالف المنقول فلا يلتفت إليه . السؤال:- ما حكم تجويد القراءة؟ وما حد اللحن المبطل للصلاة وما الحكم في اللحن في فاتحة الكتاب؟ وماذا تقولون في إمامة من تكثر أخطاؤه بصورة ملفتة للنظر؟ الجواب:- التجويد المطلوب هو إظهار الحروف وإيضاحها، قال النووي في التبيان: "وينبغي أن يرتل قراءته، قال الله -تعالى-: (ورتل القرآن ترتيلاً)(المزمل:4). وروى أبو داود والترمذي وصححه عن أم سلمة أنها نعتت قراءة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قراءة مفسرة حرفاً حرفاً. وعن عبدالله بن مغفل، قال: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرجع في قراءته". وقال ابن عباس: "لأن أقرأ سورة وأرتلها، أحب إلى من أن أقرأ القرآن كله"، وقد نُهي عن الإفراط في الإسراع، ويُسمى الهذرمة، فثبت أن رجلاً قال لابن مسعود: "إني أقرأ المفصل في ركعة، فقال: هذا كهذ الشعر، إن أقواماً يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، ولكن إذا وقع في القلب فرسخ فيه نفع". وقال ابن قدامة في المغني، والمستحب أن يأتي بها مرتلة معرّبة، يقف فيها عند كل آية، ويمكن حروف المدّ واللين، ما لم يخرجه ذلك إلى التمطيط.. فإن انتهى ذلك إلى التمطيط والتلحين كان مكروهاً، لأنه ربما جعل الحركات حروفاً، قال أحمد: يعجبني من قراءة القرآن السهلة. وقال: قوله: "زينوا القرآن بأصواتكم". قال: يحسّنه بصوته من غير تكلُّف. اهـ. وقال -أيضاً-: تكره إمامة اللحان الذي لا يُحيل المعنى، نصّ عليه أحمد، وتصحّ صلاته بمن لا يلحن، لأنه أتى بفرض القراءة، فإن أحال المعنى في غير الفاتحة لم يمنع صحة الصلاة، ولا الائتمام به، إلا أن يتعمّده فتبطل صلاتهما. وقال -أيضاً-: يلزمه أن يأتي بقراءة الفاتحة مرتّبة مشدّدة، غير ملحون فيها لحناً يُحيل المعنى، فإن ترك ترتيبها أو شدّة منها، أو لحن لحناً يُحيل المعنى، مثل أن يكسر كاف (إياك) أو يضم تاء (أنعمت) أو يفتح ألف الوصل في (اهدنا) لم يعتد بقراءته إلا أن يكون عاجزاً عن غير هذا. اهـ. وبهذا يعرف حد اللحن الذي يُبطل الصلاة، ولا شك أن الذي يكثر غلطه في الآيات والحروف لا تجوز إمامته مع وجود من يجيد القراءة. والله أعلم. السؤال:- يقوم بعض الأئمة بوضع مكبرات صوت وجهاز يعرف باسم (جهاز صدى) يحدث أثناء القراءة تردّداً في أواخر الكلمات مما يجعلها متداخلة غير واضحة أحياناً، وقد تحدث نوعاً من جمال الصوت بالمقابل ربما تأثر المصلون وخشعوا على إثره، فما ترون في ذلك أحسن الله إليكم؟ الجواب:- هذه المكبرات كثيراً ما تحدث التشويش وخفاء الصوت، حيث إنها تلتقط الأصوات قبل أن تُفهم، وأحياناً تُحدث الصدى في داخل المسجد، مما لا يفهم معه صوت القارئ. فأرى أن لا تستعمل هذه الأجهزة القوية إلا إذا قصر من صوتها، فإن كان قصد الإمام تحسين الصوت، أو تحصيل الخشوع، فليكن ذلك بغير هذه المكبرات، وإن قصد سماع البعيد، ليحصل له شهرة، وثناء بين الناس، كان ذلك داخلاً في الرّياء والسمعة، فإن قصد تنبيه الغافل، وحضور المتكاسل، كان ذلك حسناً، لكن لا يُبالغ في رفع صوت المكبر، بحث يُشوّش على المساجد الأخرى. والله أعلم. السؤال:- بعض أئمة المساجد يرددون آيات الرحمة وآيات العذاب ثلاث مرات، أو أربع مرات، أو أكثر بقصد الخشوع، وإبكاء المصلين فما مدى موافقة ذلك للسنة؟ وهل أثر عن السلف؟ وهل كانوا يقتصرون على البكاء في آيات الجنة والنار أم الدليل يفيد ما هو أعم من ذلك؟ وما هي نصيحتكم للأشخاص الذين يبكون عند الدعاء ولا يبكون عند سماعهم الآيات؟ الجواب:- يجوز ترديد الآية للتدبر، قال النووي في التبيان: (عن أبي ذر) قال: "قام النبي صلى الله عليه وسلم، بآية يرددها حتى أصبح، والآية: (إن تُعذّبهم فإنهم عِبادُكَ). رواه النسائي وابن ماجة. وعن تميم الداري) أنه كرّر هذه الآية حتى أصبح: (أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات). وذكر أن أسماء -رضي الله عنها- كرّرت قوله تعالى: (فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم). طويلاً، وردّد ابن مسعود: (رب زدني علماً). وردد سعيد ابن جبير: (واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله)، وردد -أيضاً-: (فسوف يعلمون، إذ الأغلال في أعناقهم)، وردد أيضاً: (ما غرك بربك الكريم). وكان الضحاك إذا تلا قوله تعالى: (لهم من فوقهم ظلل من النار، ومن تحتهم ظلل). رددها إلى السحر. اهـ. ومن هذه الآثار يعلم أن القارئ يردد هذه الآيات الوعظية لتأثره بها. وليس لتأثيرها في غيره، ولكن لا مانع من الأمرين. وأما البكاء عند سماع القرآن فهو صفة العارفين، وشعار الصالحين، كما قال تعالى: (ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعاً)(الإسراء:109). وقد ورد في الحديث: "اقرأوا القرآن وابكوا فإن لم تبكوا فتباكوا". وكان عمر إذا قرأ في الصلاة يبكي، حتى تسيل دموعه على ترقوته، وحتى يسمع بكاؤه من وراء الصفوف. وثبت في الصحيح أن ابن مسعود قرأ على النبي صلى الله عليه وسلم، من أول سورة النساء إلى قوله تعالى: (فكيف إذا جئنا من كل أمةٍ بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً). قال: "حسبك الآن". قال: "فالتفت إليه فإذا عيناه تذرفان". وكان عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه- كثير البكاء، وكان في خديه خطّان من البكاء، وقال أبو رجاء: رأيت ابن عباس وتحت عينيه مثل الشراك البالي من الدموع، والآثار في هذا كثيرة، يعلم منها أن بكاء السلف كان عند سماع القرآن، ولكن كانوا -أيضاً- يبكون عند سماع المواعظ، ففي حديث العرباض: قال: وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، موعظة بليغة، وجلت منها القلوب، وذرفت منها العيون..". الحديث. فينبغي الخشوع والبكاء أو التباكي، عند سماع آيات التخويف، وآيات العذاب، وكذا عند المواعظ التي تشتمل على تذكير وتنبيه، سواءً كانت من الأدعية أو الأدلة، وينبغي أن يُعلم أن البكاء هو أثر الخشوع، وحضور القلب، وأثر التفكر والتأمل لما يسمعه من الآيات التي تتعلق بالآخرة، سواء في ذكر الجنة والنار، أو ذكر الموت وما بعده، أو ذكر العقوبات والمثلات الدنيوية، وكذا ما تشتمل عليه الأدعية في القنوت أو غيره من ذكر الرغبة والرهبة، والإلحاح في الطلب، فمتى أحضر السامع قلبه، وتدبر معاني ذلك، رق قلبه ودمعت عيناه، وليس ذلك خاصاً بدعاء القنوت؛ بل يعم كل ما اشتمل على الوعظ والتخويف من المسموعات والمرئيات، والله المستعان. السؤال:- بعض الأئمة مّمن رزقه الله صوتاً حسناً ورقّة وخشوعاً في قراءة القرآن، خصوصاً من الشباب لوحظ أنّ تقدير الناس والثناء عليهم تجاوز حدّ الاعتدال، بل وصل الأمر أن يقوم الشيخ المُسّن بتقبيل رأس هذا الإمام الشابّ، فما مدى موافقة ذلك للشّرع؟ وهل لكم من توجيه لهؤلاء المأمومين أن لا يبالغوا في المدح والثناء؟ وهل من نصيحة للأئمة لينجوا من حبائل الشيطان وكيده؟ الجواب:- إذا كان هذا الصوت طبيعة وجبلة فلا مانع من ذلك، لكن على الإمام أن لا يبالغ إلى حدّ فيه شيء من التكلُّف، الذي يُخرجه عن حدّ الاعتدال، بل عليه أن يقرأ كما علّمه الله، ويلزمه الإخلاص في قراءته، وإصلاح النية، بأن يُريد وجه الله والدّار الآخرة، ولا يكون قصده الشّهرة وانتشار الخبر عنه على ألسُن الناس، كما أن عليه التواضع، وتصغير نفسه، واحتقار عمله، بأن لا يرى نفسه أهلاً للتوقير ولا للاحترام، وعليه أن يمنع من يغلو فيه، أو يعامله بما لا يستحقّه، كما أن على المأمومين أن لا يصلوا به إلى حدّ التعظيم والتبجيل. ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم، في غاية من التواضع، وحثّ أصحابه على أن لا يرفعوه فوق منزلته التي أنزله الله فيها، كما روي عنه أنه قال: "إنما أنا عبد، أجلس كما يجلس العبد، وآكل كما يأكل العبد". وروي عنه أنه قال: "إِنَّما أنا ابن امرأة من قريش تأكل القديد"، كما أن الواجب على العامّة أن لا يبالغوا في هذا الاحترام والتوّقير، لما فيه من الغلو الذي يُخشى معه الغرور، والإعجاب بالنفس، ومع ذلك فإن محبة المؤمنين بعضهم لبعض متأكِّدة، لأجل الإيمان والعمل الصالح، ولكن أثر المحبة في ذات الله، الاقتداءُ بالصّالحين، واتِّباع آثارهم، والانتفاع بإرشادهم، ومعلوم أن كل عبد صالح مخلص لله تجب محبّته على إخوانه، وأن الصّغير عليه أن يحترم من هو أسن منه. وقد ورد في الحديث: "إنّ من إجلال الله إجلال ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه" إلخ. ولكن لا يتوقّف الإجلال على تقبيل الأيدي والأرجل، ونحو ذلك، وإنما يتمثَّل في السلام والاحترام، والتقديم والتّوقير، ونحوه. والله أعلم. السؤال:- بعض الشباب -وفقهم الله- لا يستقرّون في مسجد واحد، فكل يوم يتنقلون بحثاً عن الأصوات الجيدة، فهم يرون أن الإمام الفلاني قراءته مؤثِّرة، فلا يستقرّون ولا يثبتون، بل يتركون المساجد القريبة حيث لا يلتذّون بقراءتهم ولا يكمل خشوعهم في الصلاة! فما توجيهكم وما هو الأفضل بالنسبة للسنة؟ الجواب:- لا نلومهم على ذلك، فإن الصوت الحسن، والقراءة الجيدة، لها وقع في النفس، وتأثير في حضور القلب، وخشوع البدن، والتأثُّر بكلام الله -تعالى-، والتّلذُّذ بسماعه. مما يكون سبباً في فهمه، وإدراك معانيه، وتدبره، ومعرفة إعجازه وبلاغته، وقوة أساليبه، وكل ذلك سبب في العمل به، وتقبّل إرشاداته، وتوجيهاته، فلا يُعاب من التمس قارئاً حسن الصّوت، مجوّداً للقرآن، حافظاً له، خاشعاً في قراءته، مطمئناً في صلاته، فإن مثل هذا يقصد للصلاة خلفه، ولو من مكان بعيد، ويفضل على غيره ممن لا يجيد القراءة، أو يلحن، أو يغلط كثيراً، أو لا يحسن صوته، ولا يتغنَّى بالقرآن، أو يقرأ بالهذرمة والسرعة الشديدة، أو لا يطمئن في صلاته، ولا يخشع في قراءته، ولو كان مسجده قريباً، ولكن ينبغي توجيه جميع الأئمة إلى العمل بالسنة في تحسين الصوت بالقرآن حسب القدرة، والتخشع في القراءة والطمأنينة في الصلاة، حتى لا يهرب منهم المصلون في التراويح أو غيرها، ولكن ينبغي أن يستمرّ المصلي خلف إمام واحد من أول الشهر إلى آخره، حتى يستمع إلى القرآن كله، فيستقر خلف الإمام الذي يختاره، ويركن إلى قراءته، وحسن صوته، وكمال الصفات المطلوبة فيه، ولا ينبغي له التنقُّل كل يوم في مسجد فيفوت عليه سماع بعض القرآن، لوجود التفاوت بين الأئمة في طول القراءة وقصرها. والله الموفق. السؤال:- هل للإمام في صلاة التراويح أن يسرد الركعات بسلام واحد؟ وما هو الهدي الصحيح في ذلك؟ وما تقولون فيمن يُصلّي الشفع والوتر كصلاة المغرب؟ هل يؤثر ذلك؟ الجواب:- السنة في صلاة التراويح، وفي صلاة التهجّد أن يسلم من كل ركعتين، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "صلاة الليل مثنى مثنى"، وسواء صلاة أول الليل أو آخره، لظاهر الحديث، وأمّا قول عائشة في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم: "يُصلّي أربعاً، فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يُصلّي أربعاً، فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يُصلّي ثلاثاً". فليس المراد أنه يسرد الأربع أو الثلاث بسلام واحد، وإنَّما أرادت وصف الأربع الأولى بالطول الزائد، وأن الأربع الثانية دونها في الطول، مع تسليمه من كل ركعتين، كما ذكر ابن عباس في صلاته مع النبي صلى الله عليه وسلم، لما بات عنده أنه صلى ركعتين ثم ركعتين إلخ. لكن قد ثبت عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم، كان يُوتر بخمس، لا يجلس إلا في آخرها، وبسبع يسردهُنّ، وبتسع يتشهًد بعد الثامنة ولا يسلم، ثم يصلي التاسعة". ولعلّ ذلك كان في آخر حياته، ولم يكن يداوم عليه، وقد أجاز العلماء أن يُصلّي الوتر خمساً بسلام، أو سبعاً بسلام، وأجاز بعضهم الثلاث سرداً، وكره كثير من العلماء أن يصليها بتشهدين كالمغرب، ولكن ذلك جائز مع الكراهة، والله أعلم. السؤال:- في بعض المساجد يصلي الإمام التراويح، فإذا بقي الوتر والدعاء تقدّم آخر ليكمّل، وذلك لحسن صوته، وتباكيه في الدّعاء هل هذا مناسب؟ الجواب:- الأولى أن يتولَّى الإمام الرّاتب صلاة التراويح وصلاة الوتر، لينصرف مرة واحدة، ويصدق على من صلَّى معه أنه عمل بالحديث، وهو قوله، صلى الله عليه وسلم: "من صلّى مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة". ويجوز أن ينصرف قبل الوتر إذا أحبّ أن يوتر آخر الليل حتى يجعل وتره آخر صلاته، وعلى هذا يقدم غيره، ويصلي معه، فأما تقديمه لأجل رقة صوته، أو حفظه لكثير من الأدعية في القنوت، فلا يُشرع ذلك، وإنَّما عليه أن يدعو بما يحفظ من الأدعيّة المأثورة، ولو لم يحصل للسامعين بكاء ولا تخشّع، فحسبه أنه قنت بدعاء مُفيد، وارد في السنة أو عن سلف الأمة، ولا يلزم في الدعاء تحسين الصّوت والتّباكي، وإنَّما الواجب إحضار القلب، والإخلاص في الدعاء، ورجاء الإجابة. والله الموفق. السؤال:- لقد انتشرت في المساجد في شهر رمضان ظاهرة البكاء بصوت عال، يصل إلى حدّ الإزعاج، وتجاوز بعض الناس حدّ الاعتدال، وأصبحت هذه الظاهرة عادة عند بعضهم ألفوها، فهم يتباكون لبكاء الإمام، أو المأمومين من دون تفهّم وتدبّر، فهل ورد في السنة الحثّ على التباكي؟ وما الفرق بين التباكي والخشوع الكاذب؟ هل من توجيه للأئمة المكثرين من البكاء، حيث يُخشى عليهم أن يداخل الرّياء أعمالهم، ويزيّن الشيطان لهم فتختلف النّية؟ الجواب:- البكاء مسنون عند سماع القرآن، وعند المواعظ والخطب ونحوها، قال -تعالى-: (إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خرّوا سُجّداً وبُكِيّاً)(مريم:58)). وروى أهل السنن عن عبدالله بن الشخير قال: "رأيت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يصلي، وفي صدره أزيز كأزيز المرجل من البكاء". فإذا حصل البكاء في الصلاة لم تبطل إذا كان من خشية الله، وكذا عند سماع القرآن، حيث إنه يغلب على الإنسان، فلا يستطيع رده، ولكن لا يجوز التكلّف في ذلك برفع الصوت عمداً، كما لا يجوز المباهاة بذلك، وقصد الشهرة بين الناس، فإن ذلك كالرّياء الذي يُحبط الأعمال، كما ورد في الحديث: "من سمع سمع الله به، ومن راءى راءى الله به". وهكذا لا يحسن البكاء تقليداً للإمام أو لبعض المأمومين، وإنَّما يُمدح إذا كان من آثار الخشوع، والخوف من الله -تعالى-، وقد ورد في الحديث: "اقرأوا القرآن وابكوا، فإن لم تبكوا فتباكوا". والتباكي هو تكلّف البكاء ومحاولته دون خشوع غالب دافع عليه، وأما الخشوع الكاذب فهو ترك الحركة، وسكون الأعضاء، دون حضور القلب، ودون تدبُّر وتفهم للمعاني والحالات. وعلى الأئمة وكذا المأمومين محاولة الإخلاص، وصفاء النيّة، وإخفاء الأعمال، ليكون ذلك أبعد عن الرياء الذي يُحبطها، فإن كثرة البكاء بدون دافع قوي، وتكلف التخشّع، ومحاولة تحسين الصوت وترقيقه ليكون مثيراً للبكاء، ليُعجب السامعون والمأمومون به، ويكثر القاصدون له، دون أن يكون عن إخلاص أو صدق، هو مما يُفسد النيّة، ويُحبط الأعمال، وقد يطلع على ذلك بعض من يسمعه. والله علاّم الغيوب. السؤال:- بعض الأئمة -هداهم الله- لا يطمئنون في صلاتهم وقراءتهم، فهم يُسرعون سرعة قد تخلّ، رغبة في ختم القرآن، ليتمكّنوا بعد ذلك من الذّهاب إلى مكة، للجلوس في الحرم بقيّة الشهر، ويتركون مساجدهم، أو يضعون إماماً قد لا يُتقن القراءة، (وبإمكانهم الذهاب هم وغيرهم في بداية الشهر أو وسطه حتى لا يضيقوا على المسلمين). فهل الأفضل أن يلزموا مساجدهم، ويفيدوا الناس، أم يذهبون إلى مكة كما هو حال كثير من الناس، حيث أصبحت المسألة عادة أحبّوها إلى جانب رغبتهم في التزوُّد من الطاعة، فكثير من النّاس (الشباب) يذهب ليلتقي بزملائه وأصدقائه ومعارفه، وقد يذهب عليه الوقت دون أن يستفيد الفائدة المرجوّة؟ الجواب:- لا شكّ أن وظيفة الإمامة من أفضل الأعمال، إذا احتسب بها الإمام، وأدّى حقّها، ثم إنها في هذا الزمان وهذه البلاد أصبحت وظيفة حكوميّة، يلتزم بها من تَعيّن لها، ويتقاضى عليها مكافأة من بيت المال، فيلزمه والحال هذه القيام بها كما ينبغي، ولا يجوز الإخلال بها، ولا التخلّف عنها إلا لعذر غالب، كما لا يجوز له السفر الذي يلزم منه إهمال المسجد، وإضاعة الجماعة، ولو كان سفر طاعة، فإنه يكون كالمتقرّب بالنوافل مع إضاعة الفرائض، ويلزمه إذا عرض له عارض، أو طرأ عليه سفر ضروري، أن يُقيم مقامه من يؤدِّي عمله وهو إمامة المسجد ونحوه، بشرط أن يختار من فيه الأهليّة والكفاءة، وأداء الواجب، ويكون مرضيّاً عند جماعة المسجد، ففي رمضان إذا كان راغباً في أداء العمرة قدّمها في أول الشهر أو وسطه، فإن في ذلك تحصيلاً للفضل، وسوف يجد غالباً من يخلفه يومين أو ثلاثة، ممن فيهم الأهليّة والكفاءة، وقد لا يجدهم في آخر الشّهر، ولا ينبغي أن يكون قصده من العمرة في آخر الشّهر الشّهرة، أو صحبة الأصدقاء، والزملاء، حتى لا يفقد بينهم! بل يكون هذا القصد تابعاً لا أساساً، لا يترك لأجله مسجده أو وظيفته، ولا يستعجل أو يسرع في القراءة ليختم القرآن في أول العشر، ثم يسافر بعد ذلك إلى مكة أو غيرها، ومن ليس عنده عمل وظيفي فله أن يذهب متى شاء، أول الشهر أو آخره، بشرط الإخلاص وحسن النيّة. والله أعلم. هل يكون قيام الليل في شهر رمضان المبارك فقط أم في جميع أيام السنة ؟ ومن أي ساعة يبدأ وإلى أي ساعة ينتهي ؟ وهل يكون القيام صلاة فقط أم صلاة وقراءة قران ؟ الجواب : قيام الليل بالصلاة والتهجد سنة وفضيلة حافظ عليها النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وصحابته وليس خاصًا بشهر رمضان ، ووقته ما بين العشاء والفجر لكن الصلاة آخر الليل أفضل وإن صلى وسطه فله أجر والأولى أن يكون عقب النوم أو في النصف الأخير من الليل . والله أعلم . السؤال إذا كان هناك حائل ساتر بين الرجال والنساء في المسجد فهل ينطبق قول الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها وخير صفوف النساء آخر وشرها أولها » أم يزول ذلك ويبقى خير صفوف النساء أولها ؟ أفيدونا أفادكم الله ؟ الجواب : يظهر أن السبب في كون خير صفوف النساء آخرها هو البعد عن الرجال فإن المرأة كلما كانت أبعد عنهم كان ذلك أصون لها وأحفظ لعرضها وأبعد لها عن الميل إلى الفاحشة ، لكن إذا كان مصلى النساء بعيدًا عن الرجال ومفصولًا بحاجز من جدار أو سترة منيعة وإنما يعتمدون في متابعة الإمام على المكبر فإن الراجح فضل الصف الأول لتقدمه وقربه من القبلة ونحو ذلك . السؤال:- ما هي الأدعية التي تقال في القنوت في رمضان ؟ وهل القنوت في الوتر لازم ؟ الجواب : القنوت في الوتر سنة وليس بلازم وتكره المداومة عليه مخافة اعتقاد العامة أنه واجب ، وإنما هو مسنون في صلاة الوتر في رمضان وغيره من شهور العام . وذهب بعض العلماء إلى عدم شرعيته إلَّا في النصف الأخير من رمضان ، واستحب بعضهم القنوت في صلاة الفجر كل يوم والصحيح أنه يشرع فيها عند النوازل . وقد حُفظ من الأدعية فيه ما رواه الحسن بن علي بن أبي طالب قال : علَّمني رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كلمات أقولهن في قنوت الوتر : « اللهم أهدني فيمن هديت ، وعافني فيمن عافيت ، وتولني فيمن توليت ، وبارك لي فيما أعطيت ، وقني شر ما قدرته وقضيت فإنك تقضي بالحق ولا يُقضى عليك ، إنه لا ذل من واليت ، تباركت ربنا وتعاليت » وعن علي بن أبي طالب أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقول في آخر وتره : « اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك ، وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك ، وأعوذ بك منك ، لا أُحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك » رواهما الخمسة ، ولا بأس بالزيادة على ذلك من الأدعية المأثورة الجامعة لخيري الدنيا والآخرة .
__________________
|
#30
|
||||
|
||||
رد: فقه وفتاوى وأحكام الصيام يوميا فى رمضان إن شاء الله
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |