|
|
من بوح قلمي ملتقى يختص بهمسات الاعضاء ليبوحوا عن ابداعاتهم وخواطرهم الشعرية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
إلى متى...؟ (قصة)
إلى متى...؟ (قصة) مريم العمري فوضى، دخان يتعالى بكسل، انفجارات وشوارع تغصّ بصُراخ الرجال والنساء والأطفال... نداءات الاستغاثة تعلو وتعلو... رغم ذلك تجدهم أقوياء يناضلون جميعهم من أجل حياتهم، بل قصد تحرير بلدهم وتلبية نداء وطنهم؛ استشهد بعضهم و بقي الآخرون... يركضون أمام الوحوش القاتلة، حاملين حجارة بأيديهم عساها تطفئ نار الظلم وحرقتَه... بين هذه الضوضاء تلقى طفلاً صغيراً في مقتبل العمر، يغمر ملامح وجهه طابعٌ من البراءة؛ لا يعرف من اللعب و المرح شيئًا، أخلاقه أعذب من ماء الغمام، وأحلى من ريق النحل، وأطيب من زمن الورد.. أشرقت عيناه تحت ممارسات من العنف و القتال.. ترى الدماء تسفك هنا و هناك! لا يعرف إلا كيف يقبض الحجارة ويركض وراء ذويه... ناسياً آلام الجوع والعطش، يرمي الحجارة بكل قوة يمتلكها نحو المحتل، يناضل هو الآخر رغمَ صغر سنِّه، يعود إلى المخبأ حيث ترك أمه هناك فيجدها مستلقية على الأرض صامتة، يظنها نائمة... يقترب منها قليلاً فيجدها تسبح في بِركةٍ من دمها و الابتسامة تزين وجهها... لا بد من أن العدوَّ قد مر من هنا!! فهمَ الصغير أن أمه ليست نائمة.. بل إنها ماتت.. ماتت دون أن تقترف ذنباً... يمسح دموعَه بيديه الصغيرتين الملطختين بدماء أمه، ينام في حضنها ويقبل رأسها ويديها. الدمع واكِف، والحزن عاكِف... فقد إخوته وأباه من قبل، وها هو الآن يفارق أمه أيضاً.. هو الآن وحيدٌ، لكنَّ اللهَ معه.. يقف مجدداً والحزن يملأ عينيه دموعاً.. لا تسخط على قدَر الله وهو عدل، ولا تكره قضاءَ الله وهو فضل... ستنتقل إلى دار البقاء، حيث الهيمنة للحق والنفي للباطل... كلماتٌ فاهَ بها فم طفلٍ آخر ليواسيه، فمن يواسيه هو الآخر؟؟ قصةٌ تتكرر في كل بيت... عدد كبير من الأطفال، معظمهم يتامى، يعيشون نفس المعاناة والأحزان... لا يجيدون الكتابة ولا القراءة، لا يفكرون في اللعب ولا يرغبون في أكل الحلوى أو شيءٍ آخر من هذا القبيل.. إنهم يقضون أوقاتهم في الحرب.. يتعذبون.. احتجبت الشمس في سرادقِ الغيم، ولبس الجو مطرفه الأدكن. مقدمةُ المطر لبست السماءُ جلبابها. والرعد ذو صخب, نطق لسانه... والبرق ذو لهب, خفق قلبه.. يقضي الطفل الليلة الممطرة منكمشاً في حفرةٍ لا يعلم مكانها المحتل؛ ينتظر حتى يطلع النهار، جسده يرتعش من قسوةِ البرد، بطنه يصدرُ أصوات الجوع... لا يجد حتى قطعةً صغيرة من الخبز ليسدَّ بها جوعه، كأن النعاس يطالبه بدين, يتمايل من سكرة النوم، ومع ذلك يتحمل... ضرب الصبح في الدجى بعموده. أخرج الطفلُ رأسه ليتربص حال المكان ويطمئن من عدم وجود أحدهم... أخذ قراره ليلوذ بالفرار باحثاً عن لقمةٍ يأكلها... لكن، لم يكد يخطو خطوةً واحدة حتى استقبل رصاص الغدر واللؤم من العدو بصدره، استمروا في إطلاق رصاصهم إلى أن فاضت روحه إلى بارئها، تشتكي ظلم اليهود المجرمين... نعم، إنه الصبر، فبعض الرجال بديارنا تجدهم لا يكسبون قدراً من الصبر كهذا الطفل والمحارب الصغير، يقاوم رغم كل المجاس. كبارٌ وصغارٌ يموتون كل يومٍ شهداء، كان النصر حزمَهم وعزمهم، يحاربون طوال اليوم وطوال السنة، لكنهم لا يكادون يهنؤون بلقمةٍ هنية... ينتظرون يد المساعدة لعل العرب يشاركونهم محنتهم وقهرهم، لكن لا اسم لمن تنادي، يكتفون فقط باغتيابهم وبنقل أخبارهم لنتفرج عليها.. منا من يحزنُ عليهم، ومنا من لا يطلع على تفاصيل أحداثهم أو ينظر إليها حتى، بدعوى أنه أصبح لا يطيق أخبار الحروب والعنف والحزن. أسفاً لما نعيشه اليوم... عُزوفُ الشباب عن الكتابة والبحث في مجال السياسة والثقافة.. الجهل يعمُّ أرجاءنا وليس أرجاءَ فلسطين وسوريا...
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |