معاملة الأسرى في الإسلام - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12495 - عددالزوار : 213317 )           »          أطفالنا والمواقف الدموية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          عشر همسات مع بداية العام الهجري الجديد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          وصية عمر بن الخطاب لجنوده (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          المستقبل للإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          انفروا خفافاً وثقالاً (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          أثر الهجرة في التشريع الإسلامي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          مضار التدخين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          متعة الإجازة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          التقوى وأركانها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 03-12-2020, 05:41 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,873
الدولة : Egypt
افتراضي معاملة الأسرى في الإسلام

معاملة الأسرى في الإسلام
د. أمين الدميري








قال تعالى: ﴿ مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرَى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * وَإِنْ يُرِيدُوا خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ [الأنفال: 67 - 71].







وبعد انتهاء الحرب يكون الحديثُ عن الغنائم وعن الأَسرى ومعاملتهم وما ينبغي معهم، فقد كان من نتائج المعركة أَسْر سبعين من المشركين، وكان أغلبهم من الملأ؛ أي من القادة والكبراء الذين حرَّضوا وأنفقوا الأموال، وبذلوا جهودهم لقتال المسلمين والصد عن سبيل الله، ولم يكن قد نزل ساعتَها حكمٌ بشأنهم؛ ولهذا استشار النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه فيما ينبغي معهم، فقد روى الإمام مسلم عن ابن عباس عن عمر بن الخطاب رضي الله عنهم بعد الحديث عن الإمداد بالملائكة - قال: فقتلوا يومئذٍ سبعين، وأسروا سبعين، قال ابن عباس: فلما أسروا الأسارى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر وعمر: ((ما ترون في هؤلاء الأسرى؟))، فقال أبو بكر: يا نبي الله، بَنُو العم والعشيرة، أرى أن تأخذ منهم الفدية، فتكون لنا قوة على الكفار، فعسى الله أن يهديهم للإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما ترى يا بن الخطاب؟))، قلت: لا والله يا رسول الله، ما أرى الذي رأى أبو بكر، ولكني أرى أن تمكِّنا فنضرب أعناقهم، فتُمكن عليًّا من عقيل فيضرب عنقه، وتمكِّني من فلان (نسيبًا لعمر) فأضرب عنقه، فإن هؤلاء أئمة الكفر وصناديدها، فهوى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال أبو بكر، ولم يهوَ ما قلتُ، فلما كان من الغد جئتُ، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر قاعدين يبكيان، قلت: يا رسول الله، أخبرني مِن أي شيء تبكي أنت وصاحبك، فإن وجدتُ بكاءً بكيت وإن لم أجد بكاءً تباكيت لبكائكما، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أبكي للذي عرض على أصحابك مِن أخذهم الفداء، لقد عرض علي عذابهم أدنى من هذه الشجرة (شجرة قريبة منه)، وأنزل الله عز وجل: ﴿ مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ ﴾ [الأنفال: 67]))[1].







لقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم أن فداء الأسرى وعدم قتلهم، قد يكون فيه فائدة وهي رجاء إسلامهم، فلقد نال منهم - ومن مشركي مكة - الكثير من الأذى، وكان يدعو لهم ويرجو لهم الهداية، ولِمَ لا وهو رسول الرحمة؟ وهو إن دلَّ على شيء فإنما يدل على أنه صلى الله عليه وسلم لا يعرف الانتقام، وأنه يتحمل الأذى ويصبر على أعدائه ومخالفيه، وأن مهمَّته الأولى هي إنقاذ الناس من النار، وقد تم فعلًا ما اختاره عليه الصلاة والسلام، وهو ما أشار به أبو بكر رضي الله عنه، وقبل الفداء، ثم نزلت الآيات لتبين أنه كان الأولى في هؤلاء الأسرى - خصوصًا في هذه المرحلة من مراحل الدعوة - هو القتل وليس الفداء، يقول القرطبي:



(فأعلَم اللهُ سبحانه وتعالى أن قتل الأسرى الذين فودوا ببدر كان أولى من فدائهم، وقال ابن عباس: كان هذا يوم بدر والمسلمون يومئذٍ قليل، فلما كثروا واشتد سلطانهم أنزل الله بعد هذا في الأسارى: ﴿ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً ﴾ [محمد: 4]، وقد قيل: إنما عُوتبوا لأن قضية بدر كانت عظيمة الموقع، والتصريفُ في صناديد قريش وأشرافهم، وساداتهم وأموالهم بالقتل والاسترقاق والتملك، ذلك كله عظيم الموقع، فكان حقهم أن ينتظروا الوحي ولا يستعجلوا، فلما استعجلوا ولم ينتظروا توجه عليهم ما توجه؛ أي من العتاب)[2].







وحسب ترتيب الأحداث، فإن قرار الفداء قد نفذ ودخَل حيِّز التنفيذ، وإن تأخُّر الوحي كان له حكمة إلهية، وهي ألا يقتل أسير، والحكم النهائي الذي جاء بعد ذلك هو في قوله تعالى: ﴿ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً ﴾ [محمد: 4]، ليعلم القاصي والداني عظمة الإسلام وسماحته وسموَّه في ألا يُقتَل أسيرٌ حتى لو كان مِن قبلُ محاربًا معتديًا وصادًّا عن سبيل الله، إلا مَن يُخشى ضررُه وعناده ومعاودته إيذاء المسلمين بقول أو بفعل، وهذا ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم بالنضر بن الحارث، وهو الذي نزل فيه قوله تعالى: ﴿ وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ ﴾ [الأنفال: 31].



لقد عبَّرت الآية عن الفِدية بعَرَض الدنيا، والعَرض هو ما لا ثبات له ولو جسمًا؛ أي تريدون حطام الدنيا، والله يريد لكم الثواب الجزيل في الآخرة[3]، على أن الفداء إنما يكون بعد الإثخان، أو يكون المن بلا فداء.







معنى الإثخان:



لغة: ثخن الشيء: كثف وغلظ، ومن المجاز: أثخنَتْه الجراحات، وتركه مثخنًا، وأثخن في العدو: بالغ في قلتهم وغلظ، وأثخن في الأرض: أكثر القتل، واستثخن مني الإعياء والمرض: غلباني، واستثخن مني النوم: غلبني[4].



وعلى ما سبق يتبيَّن أن معنى الإثخان في الأرض هو التمكين والغلبة وعلو الكلمة، والآية الكريمة ذكرتِ الإثخانَ في الأرض، وليس الإثخانَ في القتل؛ لأن الهدف ليس هو القتل، ولكن الهدف هو التمكين للإسلام في الأرض، مع عدم إراقة الدماء ما استطاع المسلمون إلى ذلك سبيلًا، وعند ذلك يمكن أخذ الفداء أو المنِّ على الأسرى، وذلك حسب ما يرى إمام المسلمين وما يعود على الدعوة الإسلامية وتحقيق المصالح العامة للمسلمين.



ومع أن العتاب قد نزل - في أول الأمر - بسبب قَبول الفداء وأن الأولى كان هو قتلَ الأسرى، إلا أن هذا الأولى لم يتحقَّق إلا في أضيق الحدود.







على أن غزوة بدر كانت فاتحةَ الانتصارات، ومع أن المسلمين هُزِموا بعد ذلك في أُحُد، إلا أن رقعة الإسلام قد اتَّسعت بعد ذلك، واستمرَّت الفتوحات، وانتشر الإسلام في الشرق والغرب، فما سمِعنا ولا قال أحد إن المسلمين قَتلوا أسراهم من المشركين، بل إن الثابت أن الإسلام أحسن معاملة الأسرى، وأمر بإكرامهم والتلطف بهم، كما في قصة ثمامة بن أثال[5]، والتي رواها الإمام مسلم، عن أبي هريرة رضي الله عنه يقول: (بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خيلًا قِبَل نجدٍ، فجاءت برجل من بني حنيفة يقال له ثمامة بن أثال سيد أهل اليمامة، فربطوه بسارية من سواري المسجد، فخرج إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((ماذا عندك يا ثمامة؟))، فقال: عندي يا محمد خير، إن تقتل تقتل ذا دم، وأن تُنعِم تُنعِم على شاكر، وإن كنت تريد المال فسَلْ تُعطَه، فتركه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كان بعد الغد، فقال: ((ما عندك يا ثمامة؟))، قال: ما قلت لك، إن تُنعم تُنعِم على شاكر، وإن تقتل تقتل ذا دم، وإن كنت تريد المال فسَلْ تُعطَه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أطلقوا ثمامة))، فانطلق إلى نخل قريب من المسجد، فاغتَسَل، ثم دخل المسجد، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله، يا محمد، والله ما كان على الأرض وجهٌ أبغض إليَّ مِن وجهك، فقد أصبح وجهك أحب الوجوه كلها إليَّ، والله ما كان من دين أبغض إلي من دينك، فأصبح دينك أحب الدين كله إلي، والله ما كان من بلد أبغض إلي من بلدك، فأصبح بلدك أحب البلاد كلها إلي، وإن خيلَك أخذَتْني وأنا أريد العمرة، فماذا ترى؟ فبشَّره رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمره أن يعتمر، فلما قدم مكة قال له قائل: أصبوتَ؟ فقال: لا، ولكني أسلمتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا والله لا يأتيكم من اليمامة حبة حِنطة حتى يأذن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم)[6].



يقول الإمام النووي: قوله صلى الله عليه وسلم: ((ما عندك يا ثمامة؟))، وكرَّر ذلك ثلاثة أيام، هذا من تأليف القلوب وملاطفة لمَن يرجى إسلامه من الأشراف الذين يتبعهم على إسلامهم خلق كثير)[7].



ترى هل أكرهه النبي صلى الله عليه وسلم أو طلب منه الإسلام شرطًا لإطلاقه؟ لم يحدث، ثم مَن الذي حول قلب ثمامة؟ هل الإكراه يكون للقلوب أم للأبدان واللسان؟ قد يُكره المرء على قول شيء أو فعله، وقلبه خلاف ذلك، كما كان يفعل المشركون بالمسلمين بمكة حتى يذكروا الأصنام بخير ويذكروا محمدًا صلى الله عليه وسلم بسوء، إنها حسن المعاملة والرأفة والرحمة التي جاء بها نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم.







وقد تكلَّم الناس في أي الرأيين كان أصوب (القتل أم الفداء؟).



يقول ابن القيم: (فرجَّحتْ طائفة قول عمر لهذا الحديث (حديث ابن عباس عن عمر بن الخطاب - السابق - في صحيح مسلم المذكور في أول المبحث)، ورجَّحت طائفة قولَ أبي بكر لاستقرار الأمر عليه، وموافقته الكتاب الذي سبق مِن الله بإحلال ذلك لهم، ولموافقته الرحمة التي غلبت الغضب، "ولتشبيه النبي صلى الله عليه وسلم له في ذلك بإبراهيم وعيسى، وتشبيهه لعمر بنوح وموسى)، ولحصول الخير العظيم الذي حصل بإسلام أكثر أولئك الأسرى، ولخروج من خرج من أصلابهم من المسلمين والحصول على القوة التي جعلت للمسلمين بالفداء، ولموافقة رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر أولًا ولموافقة الله له آخرًا؛ حيث استقرَّ الأمر على رأيه، ولكمال نظَر الصدِّيق، فإنه رأى ما يستقرُّ عليه حكم الله آخرًا، وغلبت جانب الرحمة على جانب العقوبة)[8]، فالذي استقرَّ عليه الأمر هو الإبقاء على الأسرى تغليبًا لجانبي العفو والرحمة.







مما سبق يتبين أن عدم قتل الأسرى يتَّفق مع الأهداف العليا للدعوة الإسلامية، وهي هداية الناس وإخراجهم من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان، ومِن دَرك الجهل إلى ذرا العلم والمعرفة، فقد كان فداء بعض الأسرى ممَّن يعرفون الكتابة أن يُعلِّموا أولاد المسلمين الكتابة، يقول ابن القيم: (كان أناس مِن الأسرى لم يكن لهم مال، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم فداءهم أن يعلموا أولاد الأنصار الكتابة، وهذا يدل على جواز الفداء بالعمل؛ كما يجوز بالمال)[9].







وهذا أيضًا يدل على حرص النبي صلى الله عليه وسلم على أن تكون أمته متعلمة؛ لأن القراءة والكتابة طريق الرقي.







لقد جاء قوله تعالى - بعد آية الإثخان -: ﴿ لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [الأنفال: 68، 69]؛ لرفع الحرج ولإباحة أخذ الفداء؛ (كما جاء في كلام ابن القيم).







يقول الألوسي: "قوله تعالى: ﴿ لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ ﴾، هو الفدية التي أخذوها، ستصير حلالًا لهم، وحاصل المعنى: أن ما فعلتم أمر عظيم في نفسه، مستوجب للعذاب العظيم، لكن الذي تسبب في العفو عنه ومنع ترتُّب العذاب عليه أني سأحلُّه قريبًا لكم)[10].







ثم يأتي تأكيد الإباحة وحل الفداء والغنائم في قوله تعالى: ﴿ فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [الأنفال: 69]، يقول الألوسي: (فالمراد مما غنمتم، إما الفدية وإما مطلق الغنائم)، وقوله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾؛ أي: غفر لكم ذنبكم، وأباح لكم ما أخذتموه، وقيل: فيغفر لكم ما فرط منكم مِن استباحة الفداء قبل ورود الإذن، ويرحمكم ويتوب عليكم)[11].







ويتَّضح مما سبق أن الإسلام يدعو إلى حَقن الدماء والعفو، وإتاحة الفرصة وتهيئة الظروف؛ ليدخل الناس في الإسلام بحرية واختيار، وحب ورغبة، فلقد كانت الكِفَّة راجحةً ناحيةَ أخذ الفداء وعدم قتل الأسرى، ليس طلبًا لعرض من أعراض الدنيا، ولكن أملًا في دخولهم الإسلام، وقد تجلَّى ذلك في عدة أمور؛ منها:



1- عدم توجيه الخطاب أو العتاب مباشرة للنبي صلى الله عليه وسلم.



2- أن المراد ليس الإثخان في القتل، ولكنه الإثخان في الأرض، وهو التمكين والغلبة.



3- سَبْق الكتاب بجعل الفداء.



4- الأمر الصريح بأكل الغنائم والفداء ﴿ حَلَالًا طَيِّبًا ﴾.







وتتجلَّى أيضًا مظاهر الرحمة والرأفة في معاملة الأسرى في خطابهم بالترغيب دون الترهيب، وإثارة نوازع الخير في نفوسهم، وحثهم على الإيمان بالله والإسلام له في قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرَى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [الأنفال: 70].







وفي الآية ترغيبٌ في إصلاح سرائرهم، وحثٌّ على الخير، وتغليب له في قلوبهم، فقد كانوا مُعرَّضين للقتل أو للاستمرار في الكفر، وبعد الأمر بتوجيه الخطاب لهم - ترغيبًا - تحوَّل الخطاب ترهيبًا وتحذيرًا، ولكن إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يُوجَّه إليهم الترهيب مباشرة، فكان الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم: ﴿ وَإِنْ يُرِيدُوا خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ [الأنفال: 71]، يقول الدكتور مصطفى زيد:



(وهذا هو الإنذار الذي وُجِّه إليهم إن هم أرادوا خيانةَ رسوله صلى الله عليه وسلم، ولكنه رفَق بهم، فلم يُوجه إليهم الإنذار كما وجه إليهم الترغيب، بل خاطب به رسوله صلى الله عليه وسلم)[12].







وفي تحول الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم تطمينٌ من الله تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم، فهو عز وجل حسبُه وكافِيه وحافظُه وناصره، فلا تَخَفْ من فدائهم وفكاكِهم إن عادوا إلى محاربتك، فالذي أمكن منهم وأوقعهم في الأسر في بدر قادرٌ أن يقتلهم أو يأسرهم مرة أخرى، ولن يعجزوه، فالخطاب متَّصل منذ أن قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ}؛ أي الله تعالى حسبك، فحرِّضِ المؤمنين، وقاتل المشركين، فمَن قتل منهم فقد قتل واستراحت منه البلاد والعباد، ومَن أُسر فاقبل منه الفداء، ثم اتركه حتى يراجع نفسه، فإن أسلم فقد أنقذ من النار، وإن عاود العداء والعناد، فإما القتل في ساحة المواجهة وإما الأسر.







لقد كان ترغيب الأسرى بوعدٍ مِن الله تعالى بحسن الجزاء في الدنيا والآخرة؛ أما في الدنيا فهو أن يعوضهم خيرًا مما دفعوه فدية وأكثر، وأما في الآخرة، فبالمغفرة والرحمة.



روى البخاري عن أنس بن مالك، أن النبي صلى الله عليه وسلم أُتي بمالٍ من البحرين، فجاءه العباس، فقال: يا رسول الله، أعطني فإني فاديت نفسي، وفاديت عقيلًا، فقال: ((خذ))، فأعطاه في ثوبه[13]؛ وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قد ضاعف له الفداء، فعن أنس رضي الله عنه، أن رجالًا من الأنصار استأذنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: يا رسول الله، ائذَنْ فلنترك لابن أختنا العباس فداءه، فقال: ((لا تدعوا منها درهمًا))[14].







يقول ابن كثير - بعد أن ذكر أن العباس كان أكثر الأسارى يوم بدر فداء - في هذه الآية عن ابن عباس: (كان العباس أُسر يوم بدر، فافتدى نفسه بأربعين أوقية من ذهب، فقال العباس حين قرئت هذه الآية: لقد أعطاني الله عز وجل خصلتين، ما أحب أن لي بهما الدنيا: إني أسرت يوم بدر، ففديت نفسي بأربعين أوقية، فآتاني أربعين عبدًا، كلهم في يده مال يضرب به، وإني لأرجو المغفرة التي وعدنا الله عز وجل)[15].







لقد حرَص الإسلام حرصًا شديدًا على حسنِ معاملة الأسرى، والحفاظ على حياتهم، وإكرامهم بالطعام والكساء والتلطُّف، وقد ألقى الضوء على بعض الجوانب، وهناك جوانب أخرى كثيرة كان يجب إلقاء الضوء عليها؛ كالأحكام التفصيلية للأسير[16] (المشرك)، وكأحكام الأسير المسلم[17] (عند المشركين)، ووجوب فكاكه وبذل كل الأموال لتخليصه من أيدي المشركين، ثم بيان الصور المشرقة والخُلق العالي، والتصرفات الراقية للمسلمين وقادتهم في حروبهم مع أعدائهم، ومعاملتهم للأسرى بالعفو والتسامح والمنِّ عليهم - خصوصًا بعد النصر والغلبة - كما فعل ألب أرسلان مع ملك الروم، وكما فعل صلاح الدين الأيوبي رحمه الله مع أعدائه الصليبيين؛ فمما سطره التاريخ في ذلك عن صلاح الدين أنه كان يفتح بابه طيلة اليوم لاستقبال العجزة والفقراء، وتقديم المعونة إليهم، ومما يذكر في هذا الصدد أن الملكة (سيبل) استأذنت صلاح الدين في الرحيل هي وأتباعها من بيت المقدس، (وذلك بعد معركة حِطِّين، وانتصار المسلمين فيها وفتح بيت المقدس)، فلم يخيب لها صلاح الدين طلبًا، وخاطبها بأسلوب مؤدَّب رقيق، وأطلق سراحها حتى تتمكن من زيارة زوجِها السجين في قلعة نابلس، بل إنه ذهب إلى أبعد من هذا في تصرفه معها، فأذن لها بالبقاء عنده، مما جعل لسانها يلهج بالشكر والثناء، وقد تبِعها في خروجها عدد غفير من النساء الباكيات الحاملات أطفالهن بين أذرعهن، ولما دنَوا من صلاح الدين تقدَّمن إليه، وقلن له في مرارة وأسى: أترانا الآن راحلات عن هذه الديار، ونحن بين زوج، أو أم، أو ابنة لأولئك الجند الذين لا يزالون في أسرك، ونحن الآن نغادر هذه الديار إلى الأبد، وهؤلاء الجند الذين نتركهم هم عُدَّتنا في حياتنا وسلاحنا في أيامنا، فإذا ما فقدناهم فقدنا الحياة، أما إذا وهبتهم لنا، فقد وهبت لنا النعيم، وخفَّفت بذلك آلامنا، وأزحت بؤسنا، فإنا لا نكون على ظهر هذه الدنيا من غير مساعدة أو عائل، ولم تكد النساء ينتهين من هذا الحديث حتى التمعت الدموع في عينيه، وانهمرت على وجهه، وكادت العبراتُ تَخنِقه، وأمر في الحال بإعطاء الأمهات أبناءهم، والزوجات بعولتهن، والبنات آباءهن، فارتفعت الأكف له بالدعاء)[18].







وعن عدل صلاح الدين وتقواه لله في أسراه، وتحرِّيه للعدل والحلال مع أعدائه، يقول نفس المؤرخ (ستانلي لين بول):



(إن أحد البطارقة ضبطه جندُ صلاح الدين، وهو خارج بأمواله وذخائره خلسةً، فلم يقبل صلاح الدين أن يصادر هذه الأموال جميعًا، وإنما طلب منه أن يدفع دِيَة قدرها عشرة دنانير، فلما سأله بعض الفرنج عن السبب في ذلك، وقالوا له: لماذا لا تصادر هذا فيما يحمل وتستعمله فيما تقوي به أمر المسلمين، قال: لا آخذ منه غير العشرة الدنانير المقدرة ولا أغدر به!







ويختم (ستانلي بول) هذه القصة قائلًا: (وهكذا وصل الأمر إلى أن سلطانًا مسلمًا يُلقي على راهب مسيحي درسًا في معنى البر والإحسان)[19]، والحمد لله تعالى، فهذه شهادة مؤرِّخ من غير المسلمين، ومن هذين المشهدينِ أنتقل إلى مشهد تقشعر له الأبدان وتشيب منه الولدان وهو قليل من كثير ويطلق عليه (حفلة حريق)، كان يتقدم الموكب كاهن يرتدي حُلَّة بيضاء، ويحمل صليبًا أسود في يده، يترنم بترانيم الموت، ويمر أولًا أمام عرس الملك، ويعود فيقف في الساحة، ثم يأتي فريق من الكهنة ويمرون أمام العرس، ثم يقفون، ثم يمر فريق من الشعب حاملين صلبانًا سوداء، ثم يمر المحكوم عليهم بالحرق وقد غطَّتهم القاذورات والطين والأوحال التي قذفتهم بها متعصبة الناس، ظانين أنهم يمجدون الله والدين، فإذا ما وصل السجناء إلى الساحة أُصعِدوا إلى أكوام من الحطب عالية، وفي وسط كل كوم صليب مثبت لكي يموت المعذبون وهم ينظرون إلى ذلك الصليب، ثم يرقى رئيس المحكمة مرتفعًا أقيم في وسط الميدان - ساحة (ريبرا) - ويأخذ في تلاوة الحُكْم على معاشر الزنادقة الكفار! بصوت جهوري، وهو يقول: إن هؤلاء الكفرة قد استحقوا الحرق رجالًا ونساءً؛ لأنهم (يهود، أو من المسلمين، أو من غير أتباع المذهب الكاثوليكي)، وأنهم قد استحقوا الأحكام المقدسة، وأنهم قد اتخذوا الشيطان عدو البشر وليًّا، وهم لا يأتون ثمرًا؛ لذا وجب قطعهم وحرقهم بالنار، عملًا بقول السيد المسيح، له المجد: (مَن ليس معنا فهو علينا، وأن كل شجرة لا تثمر وجب قطعها وإلقاؤها في النار، إن الذنب ذنبهم، ودماءهم على رؤوسهم)، وبعد أن ينتهي من تلاوة ذلك الحكم يصرخ أحد الكهنة: (المجد لسيدتنا والدة الإله)، ثم يتقدم الكاهن لآخر مرة من المجرمين، وبيده صليب، ويعرض عليهم التوبة وتقبيل الصليب، فمن أبى لُعن لعنة أبدية، وإذا ما ساوره الخوف وقبل الصليب، ووعدهم بأن يبوح لهم بأسماء غيره ممن يبحث عنهم (الديوان)، وأن يصرح بما يكفر به ويعلن لهم توبته واستغفاره، فعندئذٍ يعاد إلى السجن مرة أخرى ليتثبتوا من توبته.







وعندما يصدر الأمر إلى جلَّاديهم بإضرام النار، يعلو صراخهم وعويلهم، وتتصاعد روائح شيٍّ من أجسادهم في الجو، وكثيرًا ما كانت جسومهم تظهر وهي تحترق سوداء، وتظل النيران مشتعلة ثلاث ساعات بلا انقطاع، والشعب يرقص حولها والكهنة يسبحون! حتى تستحيل بقايا الحطب والجثث رمادًا، فينصرف الملك وحاشيته تشيعهم دعوات الشعب وبركات القساوسة)[20].







ليس لي من تعليق إلا أنني أقول:



أولًا: إن المسيح وأمه بريئان من هؤلاء الصليبيين ومن أفعالهم.



وثانيًا: أرد بما قرره الإسلام من احترام الإسلام للإنسان، وحرمة حرق الإنسان، والنهي عن تعذيبه بالنار، روى البخاري في باب (لا يعذب بعذاب الله)، عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعث، فقال: ((إن وجدتم فلانًا وفلانًا فأحرقوهما بالنار))، ثم قال حين أردنا الخروج: ((إني أمرتكم أن تحرقوا فلانًا وفلانًا، وإن النار لا يعذب بها إلا الله، فإن وجدتموهما فاقتلوهما))[21].



يقول ابن حجر: (وأما حديث الباب، فظاهر النهي فيه التحريم، وفيه كراهة قتل مثل البرغوث بالنار، وقد اختلف في القصاص بالنار)[22].



نعم حتى البرغوث وأمثاله، وحتى النملة لا تحرق بالنار - في دين الإسلام - روى البخاري أيضًا عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((قرصَتْ نملة نبيًّا من الأنبياء، فأمر بقرية النمل فأحرقت، فأوحى الله إليه: أن قرصتك نملة أحرقت أمة مِن الأمم تسبح!))[23].







ذكرتُ على سبيل الاختصار بعض المواقف والأدلة التي تُبيِّن أخلاق المسلمين وشريعتهم ومسلكهم الذي يتَّسِم بالعدل والرحمة، والعفو والتسامح مع أعدائهم، ومواقف أخرى لأعداء الإسلام - خصوصًا الصليبيين - تبين مدى العنف والقسوة، والانتقام والتشفِّي عند المقدرة بلا هوادة أو رحمة؛ لأضعها أمام الناس - العدو والصَّدِيق - الذين يتهمون الإسلام بالعنف والقسوة، أو أنه دين الإرهاب ولا يعرف الرحمة ولا المحبة!







[1] صحيح مسلم، شرح النووي، المجلد الرابع - باب الإمداد بالملائكة في غزوة بدر وإباحة الغنائم، ص 376.



[2] تفسير القرطبي، ج4، ص 2887.



[3] روح المعاني، ج6، ص 45.



[4] أساس البلاغة.



[5] وثمامة بن أثال من فضلاء الصحابة، وكانت قصته قبل وفد بني حنيفة، قبل فتح مكة أسر في سرية محمد بن مسلمة سنة ست من الهجرة، وقد ذكرتُها لبيان حسن معاملة الأسير؛ ولأن الإمام مسلمًا ذكرها عقب الحديث عن قوله تعالى: ﴿ مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى ﴾ [الأنفال: 67]، وانظر أيضًا: البداية والنهاية، ج3 - 4، أحداث سنة ست من الهجرة، مكتبة المعارف، بيروت، ط4، 1402هـ / 1982م، ص71.



[6] صحيح مسلم شرح النووي، المجلد الرابع، باب ربط الأسير وجواز المن عليه، ص 377، وقد ذكرها الإمام مسلم بعد سبب نزول قوله تعالى: ﴿ مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ ﴾ [الأنفال: 67]، وفتح الباري، ج8، ص 71، باب وفد بني حنيفة وحديث ثمامة بن أثال.



[7] صحيح مسلم، مرجع سابق، وحديث ثمامة بن أثال وقصته كانت في العام السادس من الهجرة.



[8] زاد المعاد، ج2، ص67.



[9] المرجع السابق.



[10] روح المعاني، ج6، ص48.



[11] المرجع السابق.



[12] سورة الأنفال، عرض وتفسير، ص 201.



[13] فتح الباري، ج6، ص 126 (باب فداء المشركين).



[14] المرجع السابق.



[15] تفسير ابن كثير، ج2، ص 327.



[16] انظر المغني، لابن قدامة، ج8، ص 372.



[17] المرجع السابق، ص445.



[18] صلاح الدين الأيوبي، د. جمال الدين الرمادي، كتاب الشعب، 25/ 1958، ص35.



[19] نقلًا عن المرجع السابق، ص36.



[20] محاكم التفتيش في الأندلس، أ. محمد علي قطب، مكتبة القرآن، ب. ت، ص 83.



[21] فتح الباري، ج6، ص112 - 113.



[22] المرجع السابق.



[23] المرجع السابق، ص115.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 87.90 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 86.00 كيلو بايت... تم توفير 1.89 كيلو بايت...بمعدل (2.15%)]