مقاصد سورة العنكبوت - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3943 - عددالزوار : 386387 )           »          عرش الشيطان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          أسلحة الداعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          الحكمـة ضالـة المؤمن ***متجددة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 66 - عددالزوار : 16174 )           »          لماذا يرفضون تطبيق الشريعة؟! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          واحة الفرقان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 15 - عددالزوار : 3121 )           »          الأيادي البيضاء .. حملة مشبوهة وحلقة جديدة من حلقات علمنة المرأة المسلمة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          التوبـة سبيــل الفــلاح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          حقيقة العلاج بالطاقة بين العلم والقرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          طرق تساعد على تنمية ذكاء الطفل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 101 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير

ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 22-01-2021, 03:04 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,560
الدولة : Egypt
افتراضي مقاصد سورة العنكبوت

مقاصد سورة العنكبوت
أحمد الجوهري عبد الجواد



نور البيان في مقاصد سور القرآن
"سلسلة منبريّة ألقاها فضيلة شيخنا الدكتور عبد البديع أبو هاشم رحمه الله، جمعتها ورتبتها وحققتها ونشرتها بإذن من نجله فضيلة الشيخ محمد عبد البديع أبو هاشم".

(29) سورة العنكبوت


الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، الحمدُ للهِ نحمدُه ونستعينُه ونستهدِيهُ ونتوبُ إليهِ ونستغفِرُه، ونعوذُ به - سبحانَه - من شرورِ أنْفُسنَا ومن سيئاتِ أعمالِنَا، من يهدِهِ اللهُ؛ فلا مُضِلَّ له، ومن يضللْ؛ فلا هادِيَ له، ولنْ تجدَ له وليًّا مرشدًا.
وأشهد أنْ لا إله إلا اللهَ وحدَهُ لا شريكَ له، وأشهدُ أنَّ نبِيَّنَا محمدًا عبدُ اللهِ ورسولِهِ.
اللهمَّ صَلِّ على محمَّدٍ النَّبيِّ وأزواجِهِ أمهاتِ المؤمنينَ وذُرِّيتِهِ وأهلِ بيتِهِ، كما صَلَّيْتَ على آلِ إبراهيمَ إنَّكَ حميدٌ مجيدٌ.
نشهدُ ربَّنَا أنَّه بلَّغَ الرِّسالةَ، وأدَّى الأمانةَ، ونصح للأمة، وكشفت الله به الغمة، وجاهد في الله حق جهادٍ حتى أتاه اليقين، فصلي يا ربنا وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه وتمسك بسنته إلى يوم الدين.

أما بعد..
أيها المسلمون الأكارم، مع سلسلة حديثنا نمضي قدماً حول مقاصد سور القرآن الكريم، ونحن في هذه الساعة بعون الله تعالى على مائدة سورة العنكبوت، تلكم السورة التي جعلها الله تعالى في ترتيب المصحف بعد القصص وقبل سورة الروم، تلكم السورة التي توضح حقيقةً ضروريةً من حقائق الإيمان، ولازمةً من لوازم الإيمان، وحيث يعلم الله سبحانه وتعالى أن كثيراً من الناس سيرفعون راية الإيمان وسيحملون اسم المؤمنين ويتظاهرون بمظاهر المسلمين، فجعل الله لكل هؤلاء المؤمنين قنطرةً يقفون عليها ويُختبرون عندها، وهذا الاختبار يحتاج إلى جهاد ومجاهدةٍ للنفس، والكل يمر عليها فمنهم من يقف عندها وينقلب على ظهره ويرتد على دبره، نعوذ بالله، وينكشف كذبه وخداعه، ومنهم المؤمنون الصادقون يمرون عليها بسلام ويمضون في طريق الإيمان إلى الأمام حتى يصلوا إلى مرضاة الله الملك العلام فيفوزوا بجنةٍ عظيمة ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾، ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ ﴾، ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ *الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾، إنها حقيقة الابتلاء في الإيمان.

وبدايةً أحبتنا – كما تعودنا – أقول: إن هذه السورة سماها الله تعالى: "العنكبوت"[1]، ولم يُعرف لها اسمٌ آخر عند العلماء المفسرين[2]، العنكبوت، والعنكبوت معروف حشرةٌ غير مألوفة أو غير مؤتلفة ولا مستأنسة، نزيحها من بيوتنا ونرفعها عن أغراضنا، تتخذ بيوتها في مكان ما، ربما على جدارٍ أو بين أغصان الأشجار، في أي مكانٍ من الأماكن دون مراعاةٍ لطريق للناس أو للحيوان ولذلك هو أكثر البيوت تهدماً[3].

العنكبوت حشرةٌ مشهورة في بيتها بالضعف، سمى الله بهذه الحشرة هذه السورة المباركة، ولا يعيب هذا في القرآن بشيء من الأشياء لأن القرآن كلام الله والذي سمى السور هو الله عز وجل، فيسمي سورة البقرة، وسورة النمل، وسورة العنكبوت، وسورة الأنعام، وسورة الفيل.. وهكذا، هذا شأنه ﴿ إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا، فليسمّ ما شاء وليقل ما يشاء وربك يفعل ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة، فهذا لا يعيب القرآن في شيء لأن الله ذكر كل كلمةٍ ولو كانت اسماً لسورة ذكرها في مقامها ووضعها في نصابها لتؤدي معناها وإشارتها ودلالتها، وهذه الكلمة عنوانٌ على هذه السورة تشير إلى ضعف الكافرين عند الابتلاء، حيث قال الله تعالى: ﴿ مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا، الآية بينت أن الذي يبني البيت في أسرة العنكبوت إنما هي الأنثى، ومعلومٌ أن الأنثى في كل مخلوقٍ وفي كل صنف من أصناف الخلق أضعف من الذكر، وهذا شأن الله في الخلق، لا عيب في الأنوثة وإنما هذا شأن الله في الخلق أن تكون الأنثى أضعف من الذكر، فالباني هنا ضعيف ثم هي التي بنت بيتاً فصار بيت الضعيف ضعيفاً، فقال تعالى ﴿ مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا إذاً الكافر المشرك كالعنكبوت الأنثى في حالةٍ واحدة وهي حين تتخذ بيتاً ﴿ وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾.

لكن لا يقل أحدٌ أن الله شبَّه الكافرين بالعنكبوت، أو شبه اليهود بالحمير، أو شبَّه بني إسرائيل بالبقر، لا، هذا ظلمٌ لهذه الحيوانات، إنما قال الله ﴿ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا، إنما شبَّه الكافر بالحشرة أو بالحيوان في حالة من حالاته، وإلا فلو كان المجال يتسع لنذكر ما قاله العلماء ونجمع ما قال الباحثون من إعجازٍ لله تبارك وتعالى في خلق وحياة العنكبوت لطال بنا الزمان، فقد يكون لهذا العنكبوت أو قد تكون أنثى العنكبوت خيراً في وجودها، في تأثيرها في الحياة من ملايين الكافرين المشركين، إنما شبَّه الله المشركين بأنثى العنكبوت وهي تتخذ بيتاً من خيوط ضعيفة رقيقة لينة تذهب مع الريح، وتعلق بكل شيءٍ فينهدم البيت، فهذا الاسم على هذه السورة لا يعيب السورة ولا يعيب القرآن لأن الكافرين قديماً قالوا قرآنٌ من عند الله وفيه عنكبوت وفيه ذبابة وفيه بقرة؟! نعم فيه كل شيء مما شاء الله ﴿ إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا ﴾ أي مثل ﴿ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا، فكانت كلمة العنكبوت هنا ذات دلالة وإشارة للمتدبرين المتفكرين.

وهذه السورة مكية نزلت قبل الهجرة إلا أنها في أواخر العهد المكي، كما قرر علماء القرآن كان نزولها تقريباً قبل الهجرة بعام، يعني في العام الثاني عشر من البعثة النبوية، قبل الهجرة إلى المدينة بسنةٍ تقريباً كان نزول هذه السورة، فكانت من أواخر ما نزل في العهد المكي[4]، ولذلك تجد فيها تلميحاً بالجهاد الذي سيشرعه الله ويفرضه في المدينة، تجد فيها إشارةً إلى كيفية المعاملة مع أهل الكتاب، كأن الله يجهز الأمة قبل هجرتها حينما تهاجر إلى المدينة وتقابل أهل الكتاب من اليهود والنصارى كيف تعاملهم وتناقشهم ﴿ وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾، وهكذا فيها إشارات إلى الهجرة ﴿ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ، ضُيِّق عليكم في مكة، لا تتمكنون من عبادتي عبادةً حقةً حرةً في أرض مكة التي هي أرضكم، ليست أرضك التي ولدت فيها، ليس وطنك الذي ولدت فيه، وإنما وطنك هو الذي يفتح لك أحضانه لتقيم حدود الله عليه، ولتقيم دين الله فيه، فإن ضُيِّق عليك هنا فاتركه لمن فيه وهاجر إلى بلد آخر تقيم دين الله فيه، فأساس حياتنا ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ لم تستطع أن تعبد الله في أرضٍ مُنعت منعاً تاماً من ذلك هناك أراضٍ كثيرة تستطيع أن تذهب إليها تقيم فيها عبادة الله ﴿ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ.

والسفر فيه مخطرة الموت، قال الله بعدها ﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ﴾ تبقى هنا تهاجر إلى هناك ﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ﴾، ويخاف الإنسان إن بقي حياً مع سفره يخاف على رزقه، بعدها بآيات يقول الله تبارك وتعالى ﴿ وَكَأَيِّن مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ، فلا تخش على أجلك فستموت ستموت لا محالة ﴿ كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ ﴾، ﴿ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ ﴾، لا تخش على رزقك لأن كثيراً من الدواب التي تدب على الأرض لا تستطيع حمل رزقها، الله يحمل إليها رزقها حيث كانت، أما أنت أيها الإنسان فتستطيع أن تحمل رزقك وأن تسعى عليه فكيف تخاف، بالله يرزقها ويرزقك أيضاً﴿ اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾، إذاً أقم دين الله في أي أرض.

هذه سورةٌ مكية - كما قلنا - وكانت في أواخر العهد المكي ولذلك تُجهِّز الأمة لما سيواجهها من قتال ومن مواجهة أهل كتاب مواجهةً فكريةً وما إلى ذلك، تُجهِّزهم للهجرة حتى يهاجروا إلى المدينة المنورة وأمثالها من البلاد التي تفتح أحضانها لتستقبل عباد الله المؤمنين.

هذه السورة لها موضوعات ولها ترتيب وتسلسل، بدأها الله تبارك وتعالى ببعض الأحرف المفردة كثمانٍ وعشرين سورة غير هذه السورة بها تكون تسعاً وعشرين سورة بُدأت بهذه الأحرف وأمثالها، وسورتنا تبدأ كبداية البقرة ﴿ الم وهذا تحد للكفار كما عرفنا بأن القرآن من عند الله، ولو كان من عند محمد صلى الله عليه وسلم أو غيره من الخلق فأنتم يا عرب يا أهل مكة أنتم أفصح أهل الأرض فألِّفوا قرآناً مثله، وهذه حروفه "ا ل م ط س م ي س ك هـ ع ص" هذه حروف القرآن وهي حروف كلامكم ركِّبوا منها قرآناً مثل القرآن ﴿ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾، بدايةً يتحدى الله أهل مكة الذي افتروا أن القرآن من عند غير الله تحداهم بأن يأتوا بقرآن مثل القرآن ولو بسورة من مثله.

ثم تلتفت السورة مباشرةً إلى إعلان تلك الحقيقة ﴿ أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ ﴾، فقد أوذي المسلمون الأوائل في مكة إيذاءً عظيماً وابتُلوا ابتلاءً كبيراً فصبروا والله تعالى يواصل مثابرتهم وتسليتهم في حزنهم هذا وفي مُصابهم هذا حتى يثبتوا، فما من قائلٍ يقول آمنت بالله إلا ويبتليه الله تبارك وتعالى، يبتليه يعني يمتحنه، يختبره أهو مؤمنٌ حقاً بالله مهما حدث له في الدنيا سيحتفظ بأعظم قيمة وهي الإيمان، يضحي بكل شيء دونها بالنفس والمال، أو أنه سيقدم الإيمان والدين رخيصاً يبيعه بثمنٍ زهيد من أول الأمر ومن أول ابتلاء، لابد من تعريض المؤمن هنا إلى هذا الابتلاء حتى يتبين الكاذب من الصادق ويميز الله الخبيث من الطيب، ﴿ أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ ﴾ إذاً ستبتلون وتفتنون في طريق الإيمان أيها المؤمنون وعندها ينبغي ألا ترسبوا في هذا الابتلاء، وألا يعطلكم شيئاً ولو كانت الأمهات والآباء، ولذلك يأتي بعد ذلك ببعض آيات ﴿ وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا ﴾ نعم هذا ثابتٌ ﴿ وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا ﴾ رغم أننا أمرناك وأوصيناك أيها الإنسان أن تحسن للوالدين لكن لا تطعهما في معصية الله، هذا ابتلاء ومحلٌ من محال الابتلاء أن يبتلى الإنسان بوالديه، يا ولدي إن ذهبت إلى المسجد فلن أعرفك ولن تعرفني، لن تدخل البيت، لو آمنت بالله لن أعطيك من ميراثي..، وهذا حصل كثيراً في الأمة، يتبرأ الآباء والأمهات أحياناً من ولدهم إن آمن بالله عز وجل، من تطيع؟ هذا ابتلاء، أبي يمنعني أمي تمنعني، لا ولا كبراء الناس، ولا دعاة الفتنة أصحاب اللسان المعسول والشعارات الجذابة الكاذبة فالذين قال الله عنهم ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ ﴾، اتبعوا سبيلنا، كونوا وراءنا، اسمعوا كلامنا، توجهوا بتوجيهنا، نحن أفهم الناس، نحن أعقل الناس، ﴿ سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ نحن فداؤكم، الله يكذبهم ويقول ﴿ وَمَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ﴾، هذا ابتلاء، يبتلى الإنسان في مجتمعه الصغير في الأسرة، أو يبتلى في مجتمعه الكبير بكبرائه ودعاة الفتنة، فعليه أن يثبت على دينه وإلا فالخسارة كل الخسارة ﴿ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ، هذه الإشارة فصلها الله بعد ذلك عبر آيات طويلة في السورة ذكر فيها ذكراً سريعاً لجملة كبيرة من الأمم السابقة، أرسل الله نوحاً وإبراهيم ولوطاً وفلاناً وعاداً وثمود، وقوم عاد وقوم ثمود وما جرى لهم، وقوم فرعون ومعه هامان وقارون، كل ذلك ذكره الله تعالى ليبين لهذه الأمة أن من قبلكم اختُبروا وابتُلوا فسقطوا ورسبوا وقدموا دينهم رخيصاً وضحوا بإلههم الحق في سبيل أشياء أخرى من متاع الدنيا الزائل الفاني، فماذا كانت عاقبتهم ﴿ فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا ريحاً ترميهم بالحصى والحجارة ﴿ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ إذاً احذر على نفسك، أيها المؤمن انتبه فهناك ابتلاء، استعد نفسياً لاستقبال هذا الابتلاء واصبر واثبت عند هذا الابتلاء وحاول أن تتجاوزه بالثبات على دينك وإلا فالعاقبة معروفة ﴿ فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ، وقريباً في سورة القصص السابقة ذكر الله ما جرى لقارون ﴿ فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ المُنْتَصِرِينَ، وذكَّر الله تذكرةً سريعةً في هذه السورة..
يتبع



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 111.51 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 109.53 كيلو بايت... تم توفير 1.98 كيلو بايت...بمعدل (1.77%)]