|
|
ملتقى مشكلات وحلول قسم يختص بمعالجة المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
عمي والفصام
عمي والفصام د. ياسر بكار السؤال السلام عليكم. أنا بنت عمري 16 عامًا، لعلِّي أكون صغيرةً في السِّنِّ؛ لكني أريدُ أنْ أُحقِّق أمنيَّتي؛ وهي أنْ أُعالج عمِّي من مرضه النفسي وهو الشيزوفرينيا (الفصام العقلي)، وأنا قرأتُ عنه كثيرًا، وفعلاً أعراضه أغلبها في عمي، وسأُحدِّثُكم عن عمي وتصرُّفاته: عمِّي مريضٌ منذ أكثر من 18 سنة، وكذلك أبي كان مصابًا بمرضٍ نفسي، وتعافى منه - والحمدُ لله - لكنَّ عمي لم يتعافَ، بل دخَل أكثر من مستشفى والدكتور يقول: إنَّه لا يريد أنْ يتعافَى، ويكتب تعهُّدًا على نفسه أنَّه صار مُعافًى ويخرُج، لا أحد يقبَلُه من عمَّاتي بل يطرُدنه ويخفن منه، وهو لا يُؤذي، لكنَّه يفعل حركاتٍ غير طبعيَّة؛ مثل حركة يده التي يفعلها بحركةٍ غريبة، ويُكلِّم نفسَه ويكرهُ أيَّ أحدٍ يقولُ له: سنُدخِلك المستشفى، ذات مَرَّةٍ رأيتُه يشمُّ (بودرة الأطفال)، ومرَّة رأيته يأكُل (سودو كريم)، حتى إنَّه عندما يُدخِّن نجدُ بعدَها الفِراش محروقًا بالدُّخان، ولا ندري هل هذا وقَع بالخطأ أو بالقصد؟ ويسكبُ الشاي، ونجدُه يرقُص بحركاتٍ غير طبعيَّة، أصابَ أهلي بالهمِّ، مهملٌ في نفسه، ملابسُه دائمًا متَّسخة، ما يقعُد في مكان، وإذا قعَد قعَد وحدَه، لكن معاملة عمَّاتي له ليست صحيحةً، يدعون عليه بالموت، ويمنعنه من أزواجهن؛ حتى لا يرَوْا أخاهن في هذه الحالة، يبغين أن يُدخلوه المستشفى بالقوَّة، كان مُتزوِّجًا وطلَّق، ودخَل مستشفى للمجانين فظل فيها شهرين ثم خرَج، وعمي ليس مجنونًا، وجدِّي لا يُنادِيه إلا بالمَجنون! حالته كل مدًى تَزداد تدهورًا، وأحسُّ أنَّ هذه المرَّة زادَتْ جدًّا، وأحسُّ أنَّ الوقت صارَ ضَيِّقًا، وأنا أريدُ أنْ أُساعِدَه، أنا مستعدَّة أنْ أفعَلَ أيَّ شيءٍ كي يعودَ عمِّي طبعيًّا. الله يُكرمكم ويُسعدكم، ساعِدُوني، أنا في كُربةٍ لا يعلم بها إلا الله. الجواب السلام عليكم ورحمة الله. مرحبًا بك في شبكة (الألوكة) وأهلاً وسهلاً. بدايةً أشكُر لك هذا الاهتِمامَ وهذا الحسَّ العالي. للأسَف ما أراه كلَّ يومٍ هو اضمِحلالُ اهتمام الناس ببعضها البعض، والله المستعان! ما ذكرتِه في رسالتك هو في الواقع وصفٌ دقيقٌ لمرض الفصام، وهو من الأمراض المزمنة والمؤثِّرة بشكلٍ كبير على عقل الإنسان وتصرُّفاته وسُلوكه، وهو - للأسَف - يحتاجُ إلى الكثير من المتابعة والصَّبر، واحتِساب الأجر عند الله - عزَّ وجلَّ - لدى مَن يرعى هذا المريض ويتعامَل معه بشكلٍ يومي، هذا مرضٌ مُؤلِمٌ ومُزعِجٌ للمريض ولأسْرته. هناك أمورٌ مهمَّة يجبُ أنْ نهتمَّ بفِعلها: الأمر الأول: هو الاهتمام بالعلاج الدَّوائي: هذا المرض - كما أثبتَ العِلم الحديث - هو اضطرابٌ في النَّواقل العصبيَّة في الدِّماغ، والعِلاج الأساس له هو العِلاج الدَّوائي، وهناك طيفٌ واسع من الأدوية التي يمكن استخدامها في هذا المرض، كما تَمَّ تصنيعُ هذه الأدوية على أشكالٍ مختلفة؛ كالشراب والحبوب والإبر طويلة الأمَد، وكلُّ ذلك لمعرفتنا بأنَّ المريض غير مستبصرٍ في مُعظَم الأحيان بحالته، وسيكونُ رافضًا للعِلاج؛ ولذا فهناك خِيارات دوائيَّة عديدة. يجب أنْ أكون واضحًا هنا، المريض الذي لا يأخُذ العلاج هو مريضٌ خطر، ويقوم بتصرُّفاتٍ غير مقبولةٍ، ولا يستطيع أحدٌ التنبُّؤ بما سيفعلُ، أمَّا المريض الذي يأخُذ العلاج بالجرعة المناسبة الصَّحيحة تحت إشرافٍ طبيٍّ مستمرٍّ، فهو مريضٌ سيظهر تحسُّنًا واضِحًا؛ ربما لا يعود إلى السواء بشكلٍ كاملٍ؛ لكنَّه سيظهر تحسُّنًا واضحًا بلا شكٍّ؛ ولذا أرجو أنْ ينصبَّ كلُّ جُهدِك واهتمامك في ضَمان إعطاء العِلاج بشكلٍ مستمرٍّ، وهناك خياراتٌ كثيرةٌ علاجيَّة يمكن الاستفادةُ منها. وهنا أقترحُ أنْ تقومي بزيارةٍ للطبيب النفسي الذي يُتابِعه للتعرُّف على ما يُمكِن فعلُه في سبيل ضَمان استمرارِه على العِلاج. الأمر الثاني: من الأمور التي اتَّفق عليها العلماء تأثُّر المريض بعيشِه في بيتٍ تسودُه كثْرة الانتِقاد له، وكثْرة تقديم النَّصائح له، والتعدِّي عليه، وسبه، وشتمه، والدُّعاء عليه، العيش في هذه البيئة للمريض أمرٌ مُؤلِمٌ ومُؤذٍ في نفس الوقت، وهذا في الواقع قد يُؤدِّي لانتِكاسته، أو عدَم تحسُّن حالته، حتى لو أخَذ العِلاج الدَّوائِي الجيِّد. إنَّ الواجب علينا أنْ نقومَ بدعْم أسْرة المريض؛ نُقدِّر ألمهم ومُعاناتهم، ونُذكِّرهم بضَرورة التحمُّل، وعدم توجيه النَّقد للمريض بشكلٍ مُباشِر، وعدَم توجيه الشَّتم والسبِّ والدُّعاء عليه بشكلٍ مُباشر، بمعنى آخَر: عدم العيش في جَوٍّ مشحونٍ عاطفي ضد المريض. الأمر الثالث: يجبُ أنْ نُخبِرَ الأسرة عن ضَرُورة تَعاوُنهم في رِعاية هذا المريض؛ إذ إنَّ رعايتَه أمرٌ مرهق نفسيًّا وجسديًّا؛ ولذا يجبُ أنْ يتشارك الجميع في تحمُّل هذا العِبء، المرض ابتلاءٌ من الله - عزَّ وجلَّ - وفيه أجرٌ كبير ومَثُوبة من الله ومغفرةٌ؛ ولذا يجبُ أنْ يتعاوَنَ الجميع في هذا الأمر عن طريق تقسيم الأوقات، وتقسيم مَقَرِّ الإقامة بين بعضِهم البعض، كما سيستفيدُ المريض من تفريغ شخصٍ يَرْعاه ولو بأجرٍ مادي؛ فهذا أيضا سيكون مفيدًا. خِتامًا: النَّوايا الحسنة والعاطفةُ هي بداية الطريق، لكنَّ هناك الكثير من الأشياء التي يجبُ أنْ تقومي بها، يُمكِنك الاطِّلاع على الموقع الإلكتروني الخاص بمرض الفصام، وهو http://www.alfesam.com؛ حيث فيه الكثيرُ من المعلومات حول هذا المرض، كما يُمكن أنْ تطلُبي من إدارة الموقع الحُصول على إيميلي الخاص لمراسلتي إذا أردتِ إجابةً على سؤالٍ مُحدَّد. أتمنى لكِ التوفيق، وأهلاً وسهلاً.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |