لا تخاصمي جارتك كي لا يضحك الشيطان

[ابوالوليد المسلم]

لا تخاصمي جارتك كي لا يضحك الشيطان
رفعت محمد بروبي


أختي المسلمة: الخصام خصلة غير مستحبة، وهي من عمل وكيد الشيطان ضمن حيله المعروفة، لإبعاد المسلم عن الطريق القويم·
ولربما صدرت عن جارتك المسلمة كلمة عفوية ـ غير مقصودة، فلا تجعلي هذه الكلمة تتسببُ في قطع حبال الود المتصلة بينك وبين جارتك، كما يجب عليك عدم هجر جارتك، ففي ذلك مخالفة لهدي النبي صلى الله عليه وسلم، وفي صحيح البخاري، عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: >إن أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم<، وفي ذلك أيضاً طاعة للشيطان، قال تعالى: (إنما يريدُ الشيطان أن يُوقِعَ بينكم العداوةَ والبغضاء) المائدة:91، وهجرك جارتك أكثر من ثلاث ليالٍ يوقعك في المحظور، فعن رسولنا الكريم قال: >لا يحلُّ لمسلم ـ أن يهجرَ أخاه فوق ثلاث، فمن هجر فوق ثلاث فمات دخل النار<، والخصام فيه تفرقة، وتشتت وذنب، وضياع للمودة الواجب توافرها في المجتمع الإسلامي عامة، فالخصام ـ يا أختي المسلمة ـ مكروه، فلا تجعلي قلبك ـ العامر بذكر الله ـ ينبض كرهاً لجارتك، واحفظي لسانك المعطَّر دوماً بذكر الله وآياته الكريمة وأحاديث رسولنا الفاضل صلى الله عليه وسلم، فلقد اعتبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، اللسان ملاك الأمور كلها، وأكد على حفظه، حينما قال لمعاذ بن جبل، رضي الله عنه: >ألا أخبرك بملاك الأمور كلها< رداً على سؤال معاذ ـ له ـ عن عمل يدخله الجنة، ويباعده من النار، فقال صلى الله عليه وسلم: >لقد سألت عن عظيم، وإنه ليسير على من يسره الله تعالى عليه: تعبدُ الله لا تُشرك به شيئاً، وتُقيم الصلاة، وتُؤتي الزكاة، وتصومُ رمضان وتحج البيت<، ثم قال: ألا أدلَّك على أبواب الخير: الصوم جنَّة، والصدقة تُطفئ الخطيئة، كما يطفئ الماء النار، وصلاة الرجل من جوف الليل ثم تلا: (تتجافى جنوبهم عن المضاجع)، حتى بلغ (يعملون) السجدة:16ـ17، ثم قال: >ألا أخبرك برأس الأمر وعموده، وذروة سنامه<!، فقال له: بلى يا رسول الله، قال: رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد<، ثم قال: >ألا أخبرك بملاك ذلك كله< قال: بلى يا رسول الله، فأخذ بلسانه وقال: >كف عليك هذا<، فقال له: يا رسول الله، وإنَّا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ قال: >ثكلتك أمك، وهل يكبّ الناس على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم<·
إن حفظ لسانك أيتها المسلمة له أهمية وفوائد جمَّة يجنيها المؤمن في الدنيا والآخرة، وهو من الخُلُق الحسن، ويكفيك راحتك النفسية، إذ إنك كلما رأيت جارتك المتخاصمة معها يتغيَّر قلبك، ويتلون وجهك وكلامك، ولهذا قال مُعلِّم الأمة صلى الله عليه وسلم: >لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال يلتقيان فيُعْرِضُ هذا ويعرضُ هذا<، فالهجر قطيعة كبرى، ولها ذنبها، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: >من هجر أخاه سنة فهو كسفك دمه<·
وفي ما تقدم ـ أختي الفاضلة ـ التهديد والوعيد من الله عز وجل لمن كان هذا حاله من الخصام·
إذن يجب عليك أيتها المسلمة الإسراع بمصالحة جارتك، ويجب عدم تأخرك في ذلك، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: >تُفتح أبواب الجنة يوم الاثنين ويوم الخميس، فيُغفر لكل عبدٍ لا يُشرك بالله شيئاً إلا رجلاً كان بينه وبين أخيه شحناء، فيُقال انظروا هذين حتى يصطلحا<·
كما أن الخصام سبب في قطع الأرحام، وفي ذلك مخالفة كبرى وإثم عظيم، قال صلى الله عليه وسلم: >لا يدخل الجنة قاطع رحم<، وقال تعالى: (والصلح خير) النساء:128، وفي الآية السابقة وعدٌ من الله عزَّ وجلَّ، لمن يصلح بين الناس ولمن يصطلح مع من خاصمه، وفي الخصام يا أختي المسلمة، انعدام للتعاون بين المسلمين بسبب كثرة المشكلات التي تنجم عن الخصام، كما يجب عليك العفو عمَّن ظلمك، فقد قال تعالى: (وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفرَ الله لكم والله غفور رحيم) النور:22·
إنها كلمات إلهية تنخلع لها القلوب، فإذا أردت العفو والصفح من الله فإيَّاك وخصام جارتك، وسارعي بالتصالح معها فهي تعبد الله مثلك، وتقيم الصلاة مثلك، وتُسبِّح بحمد الله مثلك، وتؤدي الزكاة مثلك، ولكنها قد تكون كلمة عفوية خرجت من فيها قد تكون لا تقصد بها الإساءة إليك، لذا توكلي على الله وعليك بطرق بابها، والبدء بالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فهذه الجملة وحدها كفيلة بإزالة ما قد يكون شاب علاقتكما الحميمة ببعضكما بعضاً، حتى لا يضحك الشيطان من خصامكما كما قال تعالى: (إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم تُرحمون) الحجرات:10، وبارك الله فيك أيتها الأخت المسلمة·