|
|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
آدم -عليه السلام- وغربته المؤلمة في الأرض!
آدم -عليه السلام- وغربته المؤلمة في الأرض! عبد السميع الأنيس 1- كان يوم جمعة عندما أُخرج آدم من الجنة، وهبط إلى الأرض بعد أن وسوس له الشيطان وأغراه بالأكل من الشجرة، كما أخبرنا بذلك سيد الأنبياء -عليه الصلاة والسلام- بقوله: ((خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ، وَفِيهِ أُخْرج مِنْهَا))[1]. فما أصعب تلك الأيام التي عاشها آدم -عليه السلام- في غربته! وكيف كان يكدح للحصول على الطعام والشراب بها، وكم كان يعاني وهو يحاول اكتشاف وسائل العيش!عندما أتأمل قول الله تعالى: (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ) [الأحزاب: 72] أتذكَّر أبانا آدم -عليه السلام-؛ فهو الحامل الأول لهذه الأمانة. فما أشد تلك الأيام، وما أصعبها عليه كونه أول إنسان يمارس الحياة في هذه الأرض! وهكذا حال الإنسان ما دام أنه في هذا الكوكب الملقى في الفضاء! أليس قد قال الله تعالى: (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ) [سورة البلد: 4]. ولكن كل الصعوبات والمتاعب سوف تهون إذا عرف الإنسان ماذا يريد الله منه، ثم طبق ذلك في حياته، أليس قد قال تعالى: (قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) [البقرة: 38]. وإذا لم يعرف، ولم يهتم، فالنتيجة في قوله تعالى: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) [البقرة: 39]. 2- وقد قال أخي الشيخ عبد الحكيم: الغربة أستاذ شديد الخلق. وقلت: الغربة تفقد الإنسان ملكات لا تعوض في هذه الحياة! 3- ولهذا كان من الكلمات المؤلمة أن يقال: غريب عن رجل سكن مدينة دهراً طويلاً! فقد جاء في ترجمة الإمام، الحافظ، الثقة، شيخ الإسلام، محدث خراسان، السراج محمد بن إسحاق الخراساني، (ت: 317 ) صاحب (المسند الكبير) على الأبواب، أنه سكن بغداد أربعين سنة، وحدث بها، ثم رد إلى وطنه، وفي يوم من الأيام سمعه بعض أصحابه يقول: واأسفي على بغداد! فقيل له: ما حملك على فراقها؟ قال: أقام بها أخي إسماعيل خمسين سنة، فلما توفي ورفعت جنازته، سمعت رجل على باب الدرب يقول لآخر: من هذا الميت؟ قال: غريب كان ها هنا. فقلت: إنا لله، بعد طول مقام أخي بها، واشتهاره بالعلم والتجارة، يقال له: غريب كان هنا. فحملتني هذه الكلمة على الانصراف إلى الوطن![2]. 4- والحقيقة أن بني آدم كلهم في غربة دائمة، فيا إلهي ردنا إلى الوطن الحقيقي الذي لا غربة فيه سالمين، وأنعم علينا بالرضا الذي لا سخط بعده! ورحم الله ابن القيم عندما قال: فحيَّ على جنات عدنٍ فإِنها ***منازلك الأُولى وفيها المخيمُ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــولكننا سبيُ العدو، فهل ترى***نعود إِلى أَوطاننا ونسلمُ؟ وحي على روضاتها وخيامها***وحي على عيش بها ليس يسأمُ وحي على يوم المزيد وموعد ال***محبين، طوبى للذي هو منهمُ وحى على واد بها هو أَفيح***وتربته من أذفر المسك أعظمُ ومن حولها كثبان مسك مقاعد***لمن دونهم هذا الفخار المعظمُ يرون به الرحمن جل جلالهُ***كرؤية بدر التمِّ لا يتوهمُ [1] رواه مسلم (1410) [2] انظر: تاريخ بغداد: 1 /248.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |