حديث جابر في صفة حجة النبي - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         الدين والحياة الدكتور أحمد النقيب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 16 - عددالزوار : 17 )           »          فبهداهم اقتده الشيخ مصطفى العدوي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 16 - عددالزوار : 49 )           »          يسن لمن شتم قوله: إني صائم وتأخير سحور وتعجيل فطر على رطب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 22 )           »          رمضان مدرسة الأخلاق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          أمور قد تخفى على بعض الناس في الصيام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          دروس رمضانية السيد مراد سلامة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 15 - عددالزوار : 340 )           »          جدول لآحلى الأكلات والوصفات على سفرتك يوميا فى رمضان . (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 17 - عددالزوار : 730 )           »          منيو إفطار 18رمضان.. طريقة عمل كبسة اللحم وسلطة الدقوس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          5 ألوان لخزائن المطبخ عفا عليها الزمان.. بلاش منها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          5 طرق لتنظيف الأرضيات الرخامية بشكل صحيح.. عشان تلمع من تانى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > ملتقى الحج والعمرة

ملتقى الحج والعمرة ملتقى يختص بمناسك واحكام الحج والعمرة , من آداب وأدعية وزيارة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 17-10-2019, 05:12 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,550
الدولة : Egypt
افتراضي حديث جابر في صفة حجة النبي

حديث جابر في صفة حجة النبي



الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح









عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مكث تسع سنين لم يحج، ثم آذن في الناس في العاشرة أن رسول الله حاج، فقدم المدينة بشر كثير كلهم يلتمس أن يأتم برسول الله، ويعمل مثل عمله، فخرجنا معه حتى أتينا ذا الحليفة، فولدت أسماء بنت عميس محمد بن أبي بكر، فأرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف أصنع؟ قال: «اغتسلي، واستثفري بثوب وأحرمي»، فصلى رسول الله في المسجد، ثم ركب القصواء حتى إذا استوت به ناقته على البيداء، نظرت إلى مد بصري بين يديه من راكب وماش وعن يمينه مثل ذلك، وعن يساره مثل ذلك، ومن خلفه مثل ذلك، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا، وعليه ينزل القرآن وهو يعرف تأويله، وما عمل به من شيء عملنا به، فأهل بالتوحيد: «لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك»، وأهلَّ الناس بهذا الذي يُهلون به، فلم يرد رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم شيئًا منه، ولزم رسول الله تلبيته؛ قال جابر رضي الله عنه: لسنا ننوي إلا الحج، لسنا نعرف العمرة، حتى إذا أتينا البيت معه، استلم الركن فرمل ثلاثًا ومشى أربعًا، ثم نفذ إلى مقام إبراهيم عليه السلام، فقرأ: ﴿ وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى ﴾ [البقرة: 125]، فجعل المقام بينه وبين البيت يقرأ في الركعتين: ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾ [الإخلاص: 1]، و﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ﴾ [الكافرون: 1]، ثم رجع إلى الركن فاستلمه، ثم خرج من الباب إلى الصفا، فلما دنا من الصفا قرأ: ﴿ إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ ﴾ [البقرة: 158]، «أبدأ بما بدأ الله به»، فبدأ بالصفا، فرقي عليه حتى رأى البيت فاستقبل القبلة، فوحَّد الله وكبَّره، وقال: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده؛ أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده»، ثم دعا بين ذلك، قال مثل هذا ثلاث مرات، ثم نزل إلى المروة، حتى إذا انصبت قدماه في بطن الوادي سعى، حتى إذا صعدتا مشى، حتى أتى المروة ففعل على المروة كما فعل على الصفا، حتى إذا كان آخر طوافه على المروة، قال: «لو أني استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسُق الهدي، وجعلتها عمرةً، فمن كان منكم ليس معه هدي فليحل، وليجعلها عمرةً»، فقام سراقة بن مالك بن جعشم، فقال: يا رسول الله ألعامنا هذا أم لأبد؟ فشبك رسول الله صلى الله عليه وسلم أصابعه واحدةً في الأخرى، وقال: «دخلت العمرة في الحج» مرتين «لا بل لأبد أبد»، وقدم علي رضي الله عنه من اليمن ببدن النبي صلى الله عليه وسلم، فوجد فاطمة رضي الله عنها ممن حل ولبست ثيابًا صبيغًا، واكتحلت فأنكر ذلك عليها، فقالت: إن أبي أمرني بهذا، قال: فكان علي يقول بالعراق: فذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم محرشًا على فاطمة للذي صنعت، مستفتيًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ذكرت عنه، فأخبرته أني أنكرت ذلك عليها، فقال: «صدقت صدقت، ماذا قلت حين فرضت الحج؟» قال: قلت: اللهم إني أُهل بما أهلَّ به رسولك، قال: «فإن معي الهدي فلا تحل»، قال: فكان جماعة الهدي الذي قدم به علي من اليمن والذي أتى به النبي مائةً، قال: فحل الناس كلهم وقصَّروا، إلا النبي ومن كان معه هدي، فلما كان يوم التروية توجهوا إلى منًى، فأهلوا بالحج يوم التروية، وركب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، ثم مكث قليلًا حتى طلعت الشمس، وأمر بقبة من شعر تضرب له بنمرة، فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تشك قريش إلا أنه واقف عند المشعر الحرام، كما كانت قريش تصنع في الجاهلية، فأجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى عرفة، فوجد القبة قد ضربت له بنمرة، فنزل بها حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء، فرحلت له، فأتى بطن الوادي، فخطب الناس وقال: «إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع، ودماء الجاهلية موضوعة، وإن أول دم أضع من دمائنا دم ابن ربيعة بن الحارث، كان مسترضعًا في بني سعد فقتلته هذيل، وربا الجاهلية موضوع، وأول ربًا أضع ربانا، ربا عباس بن عبدالمطلب، فإنه موضوع كله، فاتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهن بأمان الله، واستحللتم فروجهنَّ بكلمة الله، ولكم عليهن ألا يوطئن فرشكم أحدًا تكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهنَّ ضربًا غير مبرح، ولهنَّ عليكم رزقهنَّ وكسوتهنَّ بالمعروف، وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به، كتاب الله، وأنتم تسألون عني، فما أنتم قائلون؟» قالوا: نشهد أنك قد بلغت وأدَّيت ونصحت، فقال بإصبعه السبابة، يرفعها إلى السماء وينكتها إلى الناس: «اللهم اشهد، اللهم اشهد» ثلاث مرات، ثم أذَّن، ثم أقام فصلى الظهر، ثم أقام فصلى العصر، ولم يصل بينهما شيئًا، ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى الموقف، فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات، وجعل حبل المشاة بين يديه، واستقبل القبلة، فلم يزل واقفًا حتى غربت الشمس، وذهبت الصفرة قليلًا حتى غاب القرص، وأردف أسامة خلفه، ودفع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد شنق للقصواء الزمام، حتى إن رأسها ليصيب مورك رحله، ويقول بيده اليمنى: «أيها الناس السكينة السكينة»، كلما أتى حبلًا من الحبال أرخى لها قليلًا حتى تصعد، حتى أتى المزدلفة، فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين، ولم يسبح بينهما شيئًا، ثم اضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى طلع الفجر، وصلى الفجر حين تبيَّن له الصبح بأذان وإقامة، ثم ركب القصواء حتى أتى المشعر الحرام، فاستقبل القبلة، فدعاه وكبره وهلله ووحده، فلم يزل واقفًا حتى أسفر جدًّا فدفع قبل أن تطلع الشمس، وأردف الفضل بن عباس رضي الله عنه وكان رجلًا حسن الشعر أبيض وسيمًا، فلما دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم مرت به ظعن يجرين، فطفق الفضل ينظر إليهنَّ، فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على وجه الفضل، فحوَّل الفضل وجهه إلى الشق الآخر ينظر، فحوَّل رسول الله يده من الشق الآخر على وجه الفضل، يصرف وجهه من الشق الآخر ينظر، حتى أتى بطن محسر، فحرك قليلًا، ثم سلك الطريق الوسطى التي تخرج على الجمرة الكبرى، حتى أتى الجمرة التي عند الشجرة، فرماها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة منها مثل حصى الخذف، رمى من بطن الوادي، (وفي رواية: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يرمي على راحلته يوم النحر، ويقول: «لتأخذوا مناسككم، فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه»، ثم انصرف إلى المنحر، فنحر ثلاثًا وستين بيده، ثم أعطى عليًّا فنحر ما غبر، وأشركه في هديه، ثم أمر من كل بدنة ببضعة، فجعلت في قدر، فطبخت، فأكلا من لحمها وشربا من مرقها، ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأفاض إلى البيت، فصلى بمكة الظهر، فأتى بني عبدالمطلب يسقون على زمزم، فقال: «انزعوا بني عبدالمطلب، فلولا أن يغلبكم الناس على سقايتكم، لنزعت معكم»، فناولوه دلوًا فشرب منه؛ رواه مسلم.





الفائدة الأولى: الحديث دليل على أنه يُسن للإمام في عرفة أن يخطب الناس خطبة واحدة، يعلِّم الناس فيها ما يحتاجونه ويقتضيه زمانهم من مهمات ومستجدات الحياة، ويحثهم على الائتلاف والاجتماع، ويحذِّرهم من التفرق وكيد الأعداء؛ كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم حين أتى بطن الوادي، وهو وادي (عُرنة) الذي فيه مقدمة المسجد لا كل المسجد؛ لأن بعض المسجد في عرفة وبعضه خارجها، ولم يكن المسجد موجودًا في السابق، وإنما بُني في أول الدولة العباسية؛ انظر مجموع الفتاوى (26/ 129).



ومما يُنبه عليه أن هذه الخطبة التي خطبها النبي صلى الله عليه وسلم، لم تكن خطبة جمعة، وإنما خطبته قبل الوقوف بعرفة، ومما يدل على ذلك أنه صلى الله عليه وسلم خطب خطبة واحدة، وأيضًا صلى بعدها ركعتين سرًّا؛ مما يدل على أن صلاته ظهرًا، ثم صلى ركعتين للعصر.



الفائدة الثانية: خطبة النبي صلى الله عليه وسلم فيها عدة إشارات نبَّه عليها:

أُولها: أن الأصل في الدماء والأموال العصمة، فهي معصومة، فالأصل في الاعتداء عليها الحرمة.



ثانيها: تقريب النبي صلى الله عليه وسلم صورة حرمة الدماء والأموال بضرب المثال والتشبيه، فقال: "كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هذَا، فِي شَهْرِكُمْ هذَا، فِي بَلَدِكُمْ هذَا"، فالزمان محرم؛ لأنهم في أشهر حرم، والمكان محرم فهم يعرفون حرمة الزمان والمكان في الجاهلية والإسلام؛ كالأشهر الحرم وبلاد مكة حرام أيضًا.



ثالثها: إبطال أفعال الجاهلية بقوله: "أَلاَ كُلُّ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ تَحْتَ قَدَمَيَّ مَوْضُوعٌ".



رابعها: إبطال دماء الجاهلية بقوله: "وَدِمَاءُ الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعَةٌ"، فما كان في الجاهلية قبل الإسلام فلا مطالبة بثأره أو قصاصه أو دِيَتِه، ولما كان هذا الأمر يثير حساسية الناس وقلوبهم لا زالت متعلقة بأخذ الثأر، بدأ النبي صلى الله عليه وسلم بوضع دماء أقاربه الذين كانوا في الجاهلية، فقال: "وَإِنَّ أَوَّلَ دَمٍ أَضَعُ مِنْ دِمَائِنَا دَمُ ابْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ، كَانَ مُسْتَرْضِعًا فِي بَنِي سَعْدٍ، فَقَتَلَتْهُ هُذَيْلٌ".



خامسها: إبطال ربا الجاهلية بقوله صلى الله عليه وسلم: "وَرِبَا الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ".



والربا هو: الزائد على رأس المال بطريقة مخصوصة محرمة، ولما كانت النفوس متعلقة بالمال وحبه محبة شديدة، بدأ النبي صلى الله عليه وسلم بوضع ربا عمه العباس، فقال: "وَأَوَّلُ رِبًا أَضَعُ رِبَانَا، رِبَا عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِالْمُطَّلِبِ، فَإِنَّهُ مَوْضُوعٌ كُلُّهُ".



وبدء النبي صلى الله عليه وسلم بوضع دماء وربا أقاربه فيه دلالة على أن الإمام وغيره حين يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر يبدأ بنفسه وأهله وأقاربه، فإن هذا أدعى لقبول الناس دعوته، وأطيب لنفوسهم، لا سيما لمن هو قريب عهد بإسلام.



سادسها: الحث على مراعاة حق النساء والوصية بهنَّ ومعاشرتهنَّ بالمعروف.



سابعها: بيان ما للرجل من حق على المرأة؛ من حيث الإذن في دخول المنزل؛ حيث قال: "وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَلا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ"، والمقصود دخول المنزل من النساء الأخريات أو المحارم إلا برضا الزوج؛ لأنه يبعد أن يكون المقصود بوطء الفرش الزنا، أو دخول الرجل الأجنبي للمنزل؛ لأن هذا ظاهر الحرمة لا يحتاج إلى بيان، فبيَّن شيئًا من حق الرجل على المرأة، وإن لم يفعلنَ ذلك، فللرجل تأديب امرأته، لكن بضربٍ غير مُضرٍّ.



ثامنها: بيان ما للمرأة أيضًا من حق في النفقة والكسوة بالمعروف.



تاسعها: الحث على التمسك بكتاب الله عز وجل، فهو ثبات للعبد من الفتن والضلال.



عاشرها: إشهاد الناس على تبليغه ونصحه للأمة، فأجابوه بأنه نصح وبلَّغ وأدى الأمانة، فأشهد الله على شهادتهم، رافعًا إصبعه إلى السماء ويشير بها إلى الناس، ويقول: «اللَّهُمَّ اشْهَدْ، اللَّهُمَّ اشْهَدْ»؛ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ.



الفائدة الثالثة: الحديث دليل على أنه يشرع جمع الظهر والعصر وقصرهما، ويؤذن لهما بأذان واحد، ولكل صلاة إقامة مستقلة، وكل من كان في عرفة يقصر ويجمع، سواء كان من أهل مكة أو غيرها، واختلف في سبب جمع النبي صلى الله عليه وسلم للصلاة: فقيل: من أجل النسك، وقيل: من أجل السفر؛ قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "والصحيح أنه لم يجمع بعرفة لمجرد السفر كما قصر للسفر، بل لانشغاله بالوقوف واتصاله عن النزول، ولاشتغاله بالمسير إلى مزدلفة، فكان جمع عرفة لأجل العبادة، وجمع مزدلفة لأجل السير الذي جدَّ فيه: وهو سيرٌ إلى زدلفة..."؛ انظر قاعدة في الأحكام التي تختلف بالسفر والإقامة لابن تيمية ص (71-76).



وقال ابن القيم رحمه الله: ولهذا كان أصح أقوال العلماء: أن أهل مكة يقْصرون ويجمعون بعرفة، كما فعلوا مع النبي صلى الله عليه وسلم، وفي هذا دليل على أن سفر القصر لا يتحدد بمسافة معلومة ولا بأيام معلومة، ولا تأثير للنسك في قصر الصلاة البتة، وإنما التأثير لما جعله الله سببًا وهو السفر، هذا مقتضى السنة، ولا وجه لما ذهب إليه المحدَّدون"؛ انظر زاد المعاد (2/ 2359).



نعود لسياق الحديث:

قال جابر رضي الله عنه: "ثُمَّ رَكِبَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم، حَتَّى أَتَى الْمَوْقِفَ، فَجَعَلَ بَطْنَ نَاقَتِهِ الْقَصْوَاءِ إِلَى الصَّخَرَاتِ، وَجَعَلَ حَبْلَ الْمُشَاةِ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ، وَذَهَبَتِ الصُّفْرَةُ قَلِيلًا حَتَّى غَابَ الْقُرْصُ، وَأَرْدَفَ أُسَامَةَ خَلْفَهُ".



في وقوفه صلى الله عليه وسلم بعرفة عدة فوائد:

الفائدة الأولى: الحديث فيه بيان أن النبي صلى الله عليه وسلم انتقل من مكان خطبته وصلاته، حتى أتى الموقف وهو جبل شمال عرفة يسمى جبل (إلال)، ويسميه عامة الناس اليوم جبل الرحمة، أو جبل الدعاء، وليس لهذه التسمية أصل في السنة، بل سموه جبل الرحمة لما يتفضل الله به على أهل الموقف من مغفرة ورحمة، وسموه جبل الدعاء؛ لأن المقام مقام دعاء وتضرع، وأيضًا لا يشرع صعوده، فلم يرد في صعوده فضل، بل من صعده معتقدًا أن صعوده عبادة، فقد أتى ببدعة، وكل بدعة ضلالة، وكذلك لا يشرع استقبال هذا الجبل، وترك استقبال القبلة، بل المشروع أن يستقبل القبلة، حتى لو أدى ذلك أن يكون الجبل خلف ظهره، وكل ذلك يفعله كثير من الناس اليوم تعبدًا، نشأ من الجهل بسنة النبي صلى الله عليه وسلم وهديه، رزقنا الله وإياكم طاعته والاقتداء بنبيه صلى الله عليه وسلم، وللحاج أيضًا أن يقف في أي مكان في عرفة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "وَوَقَفْتُ هَا هُنَا، وَعَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ"، والحديث متفق عليه.



قال شيخ الإسلام رحمه الله: "وأما صعود الجبل الذي هناك، فليس من السنة"؛ انظر منسكه ص (44).



الفائدة الثانية: الحديث فيه بيان موضع وقوف النبي صلى الله عليه وسلم وهيئته، فإن النبي صلى الله عليه وسلم جعل جبل المشاة أمامه، وجبل المشاة: هو طريق الحجاج الذي يسلكونه، وجعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات، والصخرات هي صخرات مفترشة بالأرض تقع خلف الجبل، والواقف عند هذه الصخرات إذا استقبل القبلة يكون الجبل في قبلته أيضًا، وتقدم أنه ليس لاستقبال الجبل أي فضل، وإنما وقع للنبي صلى الله عليه وسلم من غير قصد له بعينه، وأهم شيء أن يتأكد الحاج أنه واقف في عرفة في أي مكان منها؛ لأن الحج عرفة، وينبغي للحاج أن يستغل هذا الموقف، فهو موقف لله تعالى فيه عتقاء كثيرون من النار، بل هو أكثر يوم في العتق؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدًا من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو، ثميباهي بهم الملائكة، فيقول: ما أراد هؤلاء؟"؛ أخرجه مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها، فيُكثر فيه من الدعاء والاستغفار، فالنبي صلى الله عليه وسلم ظل يدعو حتى غربت الشمس.




الفائدة الثالثة: الحديث فيه بيان وقت الانصراف من عرفة، وهو بعد غروب الشمس وذهاب الصفرة قليلًا، والصُّفرة: هي لون دون الحُمرة، وهو شعاع الشمس بعد مغيبها، فلما غاب قرص الشمس، دفع النبي صلى الله عليه وسلم إلى المزدلفة.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 64.14 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 62.25 كيلو بايت... تم توفير 1.88 كيلو بايت...بمعدل (2.94%)]