عينك أنت مسؤول عنها - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         يسن لمن شتم قوله: إني صائم وتأخير سحور وتعجيل فطر على رطب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 16 )           »          رمضان مدرسة الأخلاق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          أمور قد تخفى على بعض الناس في الصيام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          دروس رمضانية السيد مراد سلامة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 15 - عددالزوار : 340 )           »          جدول لآحلى الأكلات والوصفات على سفرتك يوميا فى رمضان . (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 17 - عددالزوار : 725 )           »          منيو إفطار 18رمضان.. طريقة عمل كبسة اللحم وسلطة الدقوس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          5 ألوان لخزائن المطبخ عفا عليها الزمان.. بلاش منها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          5 طرق لتنظيف الأرضيات الرخامية بشكل صحيح.. عشان تلمع من تانى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          دروس رمضانية محمد بن سند الزهراني (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 14 - عددالزوار : 349 )           »          إشراق الصيام وانطلاق القيام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 18-02-2020, 06:25 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,521
الدولة : Egypt
افتراضي عينك أنت مسؤول عنها

عينك أنت مسؤول عنها




الشيخ محمد جمعة الحلبوسي





بسم الله الرحمن الرحيم




يقول الله - تبارَك وتعالى - في كتابه الخالد، وهو يُحدِّثنا عن النِّعم التي سيُسأل عنها العبدُ يومَ القيامة، يوم الحساب، يوم يقوم الناسُ لربِّ العالمين، فقال: ﴿ وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولًا ﴾ [الإسراء: 36].





أيها المسلم الكريم، كلُّنا يعلم عِلْمَ اليقين أنَّ الزكاة ركنٌ من أركان الإسلام، فمتى ما بلغتْ أموالُنا نصابًا ودارَ عليها الحول، وجَبَتْ فيها الزكاة، فكما أنَّ لأموالنا زكاةً تُطَهِّرُها وتَصونها، وتحفظها من الضياع والتَّلَف، فكذلك لجوارحنا وأعضائنا التي أنعمَ الله - تعالى - بها علينا زكاة تُطَهِّرها وتَحفظها وتصونها من العطل والضَّرر والتَّلَف، والسؤال الذي يطرحُ نفسه: إذا كانت الجوارح لها زكاة كما أنَّ للأموال زكاة، فيا تُرى ما هي زكاة جوارحنا؟ كيف يزكِّي أحدُنا أعضاءَ بَدَنِه؟ كيف يحافظ المسلم على جوارحه من التلف والعطل؟ كيف يُمكن لأحدنا أن يحقِّقَ هذا النوع من الزكاة على أرض واقعه؟ كيف السبيل إلى هذا؟





والجواب عن السؤال يكون بتسخير أعضائنا في طاعة الله - تعالى - وعِصْمَتِها عمَّا حَرَّم الله - تعالى، فزكاة جوارحنا ألاَّ نستعينَ بها على معصية، وأن تكونَ أداةً نَشِطة في تأدِيَة ما أمَرَ الله - تعالى - به، وتأمَّل معي أخي المسلم أثَرَ هذه الزكاة في حياة المسلم يومَ يؤدِّيها كما أمَرَه الله - تعالى - ويَحفظها من الوُقُوع في المعاصي.





يقول ابن الجوزي - رحمه الله - في كتاب "صفة الصفوة": أنَّ القاضي أبا الطبيب طاهر بن عبدالله بن طاهر الطبري، أحد علماء القرن الرابع الهجري، هذا العالِم بلَغَ من الكِبَر عِتِيًّا، حتى قالوا عنه: إنَّ عُمره قد تجاوَز المائة، هذا العالِم أَتَى إلى سفينة فرَكِبَها، فلمَّا اقتربتْ من الشاطئ، أراد أن ينزِلَ، فقَفَز، فأرادَ الشباب وهم معه أن يَقفِزوا، فما استطاعوا، فقالوا له: يا شيخنا، كيف استطعتَ وأنت شيخٌ، وما استطعنا ونحن شباب؟! قال: إنَّ هذه أعضاؤنا حَفِظناها من معاصي الله في الصِّغَر، فحَفِظها الله لنا في الكِبَر".





تجاوز المائة لكنَّه كان ممن أدَّى زكاة جوارحه، لكن انظر إلى الصورة الأخرى التي يُحدِّثنا عنها ابن رجب: أنَّ بعضَ السلف رأى شيخًا يسألُ الناسَ إلحافًا، فقال: إنَّ هذا ضعيفٌ ضيَّع الله في صِغَره، فضيَّعه الله في كِبَره".





أرأيتُم هذا الرجل عندما ضيَّع تعاليمَ الإسلام، وعصى ربَّه في شبابه، ولَم يُؤدِّ زكاة أعضائه؟ ماذا كانت النتيجة؟ كانتِ النتيجة أن ضيَّعه الله - تعالى - في كِبَره؛ لذلك يقول ابنُ رجب - رحمه الله -: "مَنْ حَفِظ الله في صِباه وقوَّته، حَفِظَه الله في حال كِبَرِه وضَعْفِ قوَّته، ومتَّعه بسَمْعه وبَصَره، وحَوْلِه وقوَّته وعَقْلِه".





فيا مَن تريد أنْ يَحفظَ الله لك سمعَك وبَصَرك، ويُمتِّعك بهما إلى أن تموتَ، عليك أن تصونَهما عن الحرام، يا مَن تريد أن يحفظَ الله لك جوارِحَك طوالَ حياتك، عليك بتسخيرها في طاعة لله، وصونها عن معصية الله.





لذلك كان النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - يدعو دائمًا بأن يحفظَ الله له أعضاءَه سالِمة مَدَى حياته، فهذا ابن عمر - رضي الله عنهما - يقول: "قَلَّمَا كَانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَقومُ مِنْ مَجْلِسٍ، حتى يدعو بهؤلاء الدعوات: ((اللهم اقْسِمْ لنا مِنْ خَشْيَتِك ما تَحُولُ به بيننا وبين معاصيك، ومِنْ طاعَتِك ما تُبَلِّغنا به جنَّتك، ومِن اليقين ما تُهَوِّن به علينا مصائبَ الدنيا، اللهم مَتِّعْنا بأسماعنا، وأبصارنا، وقوَّتنا ما أحييتنا، واجعلْه الوارِثَ منَّا، واجعلْ ثأْرَنا على من ظَلَمنا، وانصرْنا على مَن عادانا، ولا تجعلْ مُصِيبتنا في ديننا، ولا تجعلِ الدنيا أكبرَ هَمِّنا، ولا مَبْلَغَ عِلْمنا، ولا تُسَلِّط علينا مَن لا يرحمنا))"؛ رواه الترمذي، وقال: حديث حَسَنٌ.





كيف تكون الأعضاء وارثًا لنا، سالِمة من التَّلَف ومِن العطل، ومن الضياع، يكون ذلك بأداء زكاتها.





وأنا اليوم سأقِفُ مع نعمة من نِعَم الله - تعالى - مع زكاة العين، العين هذا الجهاز الربَّاني الذي عجزتِ البشرية عن أن تصنَعَ جهازًا مثله رغم تطور العلم الحديث، العين هي من أجَلِّ النِّعم؛ لذلك يقول الله: ﴿ أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ * وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ * وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ ﴾ [البلد: 8 - 10].





العين هي الدُّرة الثمينة التي لا تُقَدَّر بثمن، وقد سَمَّاها الله - تعالى - بالحبيبة، وجعَلَ جزاء فَقْدها جنَّة لِمَن صَبَر واحْتَسَب؛ فعن أنس - رضي الله عنه - قال: "سمعتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقول: ((إنَّ الله - عزَّ وجلَّ - قال: إذا ابْتَلَيْتُ عبدي بحَبيبتَيه فَصَبرَ؛ عَوَّضتُه منهما الجنَّةَ))؛ رواه البخاري، عبَّر عن العينين بالحبيبتين؛ لأهميَّتهما في حياة المسلم.





إذًا العين نعمة كبرى، وهذه النعمة لا بدَّ لها من زكاة، وزكاتُها إنَّما تكون بغَضِّ البصر عمَّا حرَّم الله - تعالى - ألاَّ ننظرَ بها إلى معصية الله؛ لذلك أمَرَ الله المؤمنين والمؤمنات بغَضِّ البصر، فخاطَبَ المؤمنين على حِدَة، وخاطَب المؤمنات على حِدَة، فقال في المؤمنين: ﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ﴾ [النور: 30]، ثم قال بعد ذلك: ﴿ وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ ﴾ [النور: 31].





وكان المفروض أن يكتفي بعموم الخطاب فيقول: ﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ﴾ [النور: 30]، فتَدخُل المؤمنات معهم، ولكن هذا من باب التأكيد، ومن باب الإشارة إلى أنَّ هذا الغضَّ أُمِرَ به الرجل، وأُمِرَتْ به المرأة على حَدٍّ سواء، فهو واجبٌ خُوطِبَ به المجتمعُ الإسلامي بأَسْره.





وكأنَّ قائلاً يقول: لِمَ يا ربُّ؟! أريدُ أن أُمتِّعَ بصري، أريد أن أتَمتَّعَ بالنظر إلى الجمال الذي أوجدتَه في النساء، لماذا يا ربُّ توجِدُ الجمالَ ثم تَأمرُ بغَضِّ البصر؟! فيأتي الجوابُ من الله - عزَّ وجلَّ -: ﴿ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ ﴾ [النور: 30].





أزكى لك وأفضل وأرفعُ؛ لأنَّ النظرَ بريدُ الفِتنة، لأن النظر وفْدُ الأفكار الخبيثة، لأن النظرَ مَصْيدة من مصائد الشيطان.





إنَّ إطلاق البصر سببٌ لأعظم الفِتَن، فكم فَسَد بسبب النظر مِن عابدٍ، وكم انْتكَسَ بسببه من شابٍّ وفتاة كانا طائعين، وكم وقَعَ بسببه أُناسٌ في الزنا والفاحشة، والعياذ بالله.







كُلُّ الْحَوَادِثِ مَبْدَاهَا مِنَ النَّظَرِ

وَمُعْظَمُ النَّارِ مِنْ مُسْتَصْغَرِ الشَّرَرِ




كَمْ نَظْرَةٍ فَتَكَتْ فِي قَلْبِ صَاحِبِهَا

فَتْكَ السِّهَامِ بِلاَ قَوْسٍ وَلاَ وَتَرِ!




وَالْمَرْءُ مَا دَامَ ذَا عَيْنٍ يُقَلِّبُهَا

فِي أَعْيُنِ الْغِيدِ مَوْقُوفٌ عَلَى الْخَطَرِ




يَسُرُّ مُقْلَتَهُ مَا ضَرَّ مُهْجَتَهُ

لاَ مَرْحَبًا بِسُرُورٍ عَادَ بِالضَّرَرِ










ولذلك كان السلفُ الصالح يُبالغون في غَضِّ البصر؛ حذرًا من فِتنته، وخوفًا من الوقوع في عُقوبته، فهذا الربيع بن خثيم - رحمه الله - التابعي الجليل، كان يغضُّ بصرَه، فمرَّ به نسوة، فأطْرَقَ - أي أمَالَ رأْسَه إلى صَدْره - حتى ظنَّ النسوة أنه أعْمَى، فتعوَّذْنَ بالله من العَمَى!





وفي ذات يوم قيل له: يا ربيع، لِمَ لا تجلس في الطرقات مع الناس؟ فقال: أنا أخشى ألاَّ أَرُدَّ السلام، ولا أغضَّ بصري.





هكذا يُبالغ الربيع بالغضِّ؛ حتى يحافظ على قلبه الذي ربَّاه على الإيمان، فأين شباب اليوم من هذه الْخَصلة التي هي غضُّ البصر؟ أين الذين ينظُرون إلى النِّساء المتبرِّجات في الطرُقات والأسواق؟ أين الذين ينظرون إلى النِّساء من خلال الأفلام والمسلسلات والأغاني؟ أين الذين يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله، إذ يسترقون النظرات إلى نساء المسلمين؟ أين مَن ينظرُ إلى المذيعات المتبرِّجات بحجة سماع الأخبار؟





هذا أحد مديري المحطات الفضائيَّة العربية الساقطة، عندما سُئِل: لماذا تستخدمون الفتيات الجميلات؟ قال: "العرب لا يحبُّون القبيحات"، هكذا يصرِّح هذا الرجل بكلِّ وضوحٍ ووقَاحَة بهدفه الساقط في دَغْدَغة عواطف الرجال، والسَّعْي في إثارتهم من الناحية الجنسيَّة، من خلال عرْض الفتيات الجميلات الفاتنات.





أيُعقَل أنَّ هذه المناظر المثيرة لا تؤثِّر في صاحبها؟ إنَّ الذي يظنُّ أن النظرَ إلى صورة مذيعة متبرِّجة، والمناظر المثيرة لا تؤثِّر فيه، فقد ماتَ قلبُه.





لقد كان السلف يعرفون أثَرَ المعصية في نفوسهم، فإذا نظَرَ أحدُهم إلى امرأة في الطريق، وهي محجَّبة مستورة، وجَد ذلك في نفسه ألَمًا وقَسْوة في قلبه، فكيف بِمَن ينظرُ في كلِّ هذه الصور، ويَزْعُم أنَّه لا يتأثَّر؟!





قال أحدُ السلف: "نسيتُ القرآنَ بذنبٍ عملتُه منذ أربعين سنة"، وقال سُفيان الثوري - رحمه الله-: "حُرِمْتُ قيامَ الليل خمسة أشهر بذنبٍ أذنبتُه، قيل: وما ذاك الذنب؟ قال: رأيتُ رجلاً يبكي، فقلتُ في نفسي: هذا مُرَاءٍ"، وقال بعضُ السلف: "كم من أكْلةٍ منعتْ قيامَ ليلة، وكم من نظرةٍ منعتْ قراءةَ سورة، وإنَّ العبدَ ليأكل أكْلةً، أو يفعل فَعْلةً، فيُحْرَم بها قيامَ سنة، وكما أنَّ الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، فكذلك الفحشاءُ تنهى عن الصلاةِ وسائر الخيرات".





الله أكبر، أين مَن يُطلق بصرَه ليلَ نهار؟ بل أين هذا الذي يَقصد الأسواق والكماليات والمجمعات الطبيَّة وغيرها؛ للنظر فيما لا يحلُّ له؟ بل أين مَن يَبقى ساعاتٍ طِوَال؛ ليشاهِدَ القنوات والمحطَّات؟





قال سعيد بن المسيب: "ما يَئِس الشيطان من شيء إلا أتاه من قِبَل النساء"، قال ابنُ سيرين: "إني أرى المرأةَ في المنام، فأعرفُ أنَّها لا تَحِلُّ لي، فأصْرِفُ بصري عنها".





الله أكبر، في المنام ويَصْرف بصرَه؛ لأنه يعلمُ أنها لا تَحلُّ له، ومَن صَرَف بصرَه في النهار، لَم يَرْضَ بغير ذلك في المنام.





هل تدري - أخي المسلم - أنَّ العربَ قبل الإسلام كانوا يعدُّون غَضَّ الطرْف أدبًا عظيمًا، بل ويتفاخرون به، ومن ذلك قول عنترة:




وَأَغُضُّ طَرْفِي مَا بَدَتْ لِي جَارَتِي

حَتَّى يُوَارِي جَارَتِي مَأْوَاهَا










كان هذا حالَهم وهم مشركون بالله، يعدُّون ذلك أدبًا رفيعًا، وخُلقًا عظيمًا، فكيف بنا نحن المسلمين وبأيدينا كتابُ الله - عزَّ وجلَّ - وسُنة نبيِّنا - صلَّى الله عليه وسلَّم - فيهما التحذيرُ من الوقوع في شرِّ النظر، وإطلاق البصر فيما لا يَحِلُّ؟





فعلى كل مسلم ومسلمة أن يُكْثروا من الدُّعاء والاستعانة بالله - عزَّ وجلَّ - وسؤاله النجاةَ من شرِّ فتنة النظرة المحرَّمة؛ فقد كان - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقول: ((اللهم إني أعوذ بكَ مِن شرِّ سمعي، ومِن شرِّ بَصَري، ومِن شرِّ لساني، ومِن شرِّ قلبي))؛ رواه أبو داود.





وأختمُ كلامي بهذه القصة العجيبة، والتي سمعتُها من أحد العلماء الأجِلاَّء، والتي تُحدِّثُنا عن شابٍّ مغربي مسلم غَضَّ بصرَه عن فتاة، فأصبحَ "ملياردير"! فيا تُرى كيف ذلك؟ هذه قصة حقيقيَّة ليستْ من نَسجِ الخيال، بل قصة جَرَتْ في زماننا هذا، هذه القصة هي:


أنَّ شابًّا مغربيًّا فقيرًا كان يعيش في الولايات المتحدة الأمريكيَّة، وذات يوم كان يَصعد في المصعد إلى طابقٍ في إحدى ناطحات السحاب مع مجموعة من الناس، وفي طابق مُعَيَّن نزَلَ كلُّ الأشخاص، فبَقِي هذا الشاب المسلم وحْدَه مع فتاة أمريكيَّة جميلة جدًّا، تَلْبَس لباسًا مُتبرِّجًا كباقي النساء في الولايات المتحدة الأمريكية.





فلمَّا وجَدَتْ أنها بَقِيتْ وحْدَها مع الشاب، شعرتْ بالخوف منه، كانتْ تظنُّ أنَّه سيعتدي عليها ويَغتصبها، أو على الأقل ولو بقُبْلة كما يفعل الشبابُ الأمريكيون مع الفتيات، لكنَّها لاحظتْ أنَّ الشابَّ ينظر إلى الأرض، ولَم ينظرْ إليها نظرةً واحدة وهي الفتاة الأمريكية الجميلة، فاستغربتِ الشابَّة كثيرًا لهذا التصرُّف الغريب، وبالنسبة للغرب غريبٌ، ولَمَّا وصَلَ الشاب، أرادَ النزولَ، فنزلتْ معه الشابة في نفس الطابق، ثم أوقفتْه وسألتْه: لماذا لَمْ تنظرْ إليّ؟ هل أنا لستُ بجميلة؟ فقال الشابُّ المسلم: لا أدري أنا لَم أنظرْ إليك، فقالتْ: لماذا لَم تنظرْ إليّ؟ ولا اعتديتَ عليّ بأيِّ صورة من الصور؟ فقال الشابُّ: أعوذ بالله، إني أخاف الله ربَّ العالمين.



فقالتِ الفتاة الأمريكية: أين الله هذا الذي تَخشاه وتَخافه إلى هذا الحدِّ؟ فشَرَح لها هذا الشاب المسلم شيئًا عن الله وعن الإسلام، وكان يجيدُ اللغة الإنجليزيَّة، فاستغربتِ الشابة قائلةً: دينُك هذا الذي يَمنعُك من أنْ تنظرَ إليّ نظرةً، لا يُمكن إطلاقًا أن يسمحَ لك بفِعْلٍ فيه أيُّ لونٍ من ألوان الإيذاء؟ قال: نعم، فقالتْ له: تقبلُ أن تتزوَّجني؟ قال: أنا مسلم، ما دينُك أنت؟ قالتْ: لستُ مسلمة، قال: لا يجوز، فقالتْ: أدْخُلُ دينَك هذا وتتزوَّجني؟ فقال: نعم، فقالتْ: ماذا أفعل؟ قال: افْعلي كذا وكذا، فجعَلَ الله هذا الشابَّ سببًا لإسلامها بعمل لا يَخطر ببالِ أيِّ واحدٍ منَّا، ألا وهو: بغَضِّ بصره عمَّا حرَّم الله، فتزوَّجها بعد ذلك، فحوَّلتْ كلَّ ثروتها إلى اسمه، فأصبح "مليارديرًا"، ويَمتلك زوجة جميلة، ولقد صَدَق الله - تعالى - إذ يقول: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ﴾ [الطلاق: 2 - 3].






فهدا الشاب اتَّقى الله وكفَّ بصرَه عن الحرام، فرزقَه من شيءٍ لَم يكنْ يَخطر له بباله إطلاقًا، والله ثم والله، مَن غَضَّ بصرَه عن الحرام واتَّقى الله - عزَّ وجلَّ - فسيرزقه الله من حيث لا يحتسب، نسأل الله أن يوفِّقَنا وإيَّاكم لغضِّ أبصارنا عن الحرام، ويَجعلَنا ممن يَشكر هذه النعمة نعمةَ البصر، ويُصَيِّرها في مَرْضاته، اللهم إني أعوذ بك من شرِّ سمعي ومِن شرِّ بصري، ومن شرِّ لساني، ومِن شرِّ قلبي، أقول قولي هذا.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 66.17 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 64.28 كيلو بايت... تم توفير 1.88 كيلو بايت...بمعدل (2.85%)]