الإمام البخاري وصحيحه الجامع متجدد - الصفحة 2 - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         شرح النووي لحديث: ليت رجلا صالحا من أصحابي يحرسني الليلة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          أنسيت بأنك في غزة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          {إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4418 - عددالزوار : 855248 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3949 - عددالزوار : 390071 )           »          معنى قوله تعالى: {ليبلوكم أيُّكم أحسنُ عملاً} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 61 )           »          تخصيص رمضان بالعبادة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 47 )           »          ذكر الله دواء لضيق الصدر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 41 )           »          بيان فضل صيام الست من شوال وصحة الحديث بذلك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 49 )           »          صيام الست من شوال قبل صيام الواجب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 43 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث

ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #11  
قديم 26-03-2020, 12:51 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,931
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الإمام البخاري وصحيحه الجامع متجدد

البخاري وصحيحه الجامع (11) هل الحداثيون أهل لنقد المتن؟

كتبه/ شحات رجب بقوش



الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فلما عزَّ على الحداثيين التشكيك في ثبوت نسبة الصحيح للبخاري، لتوافر نسخه الخطية وانتشارها في جميع دول العالم تقريبًا، وكلها منسوبة بأسانيد راوي النسخة إلى البخاري، وما عليها من سماعات ومقابلات وبلاغات وتملكات لمن تناول النسخة من أهل العلم، فقطع هذا كله الشك بصحة نسبة الكتاب للبخاري.
ولمَّا عزَّ عليهم أيضًا نقد أسانيد أحاديث الصحيحين؛ لوعورة مسلكها، وعدم تمكنهم من أدوات نقد الإسناد، وعدم استحضارهم للمصطلحات مما يجعلهم في حيص بيص أمام المتخصص في علوم السنة.
فقد عمدوا إلى نظرية "نقد المتن"، وقد قامت عندهم هذه النظرية على تصور خاطئ وهو: أن المحدثين اهتموا بالإسناد دون المتن، ولم يكن لديهم قدرة على النظر في المتن وفهمه.

والواقع يثبت أن المحدثين كان لهم نظر دقيق في المتون الحديثية، وكانوا لسلامة فطرتهم وفهمهم يتشككون في بعض المتون التي ظاهر إسنادها الصحة، ثم تظهر لهم علة الإسناد بعد سنين ويترجح فهمهم (ينظر مثاله: العلل لابن أبي حاتم 5/ 155).
وقول الربيع بن خُثَيْم: "إنَّ مِنَ الحديثِ حديثًا له ضَوْءٌ كضوء النهار تعرفُهُ، وإنَّ مِنَ الحديثِ حديثًا له ظُلمةٌ كظُلْمة الليلِ تُنْكِرُهُ" (طبقات ابن سعد 6/186).
وباب نقد المتن كان موجودًا عند المحدثين ونتج عنه مباحث اصطلاحية كثيرة مبسوطة في مواضعها من مصنفاتهم منها: مبحث الموضوع، والشاذ، والمقلوب، والمضطرب، والمدرج، ومختلف الحديث، وزيادة الثقة، وغيرها، مما يرد الادعاء بإهمال المحدثين باب نقد المتن، وقلة فهمهم له.
لكن مع دندنة المستشرقين الكثيرة حول هذا الباب وتبعهم على ذلك الحداثيون؛ إلا أن هذه الدندنة أظهرت عوارهم أيضًا في هذا الجانب، حيث إن أحد كبار المتكلمين في هذه القضية وله بضعة مؤلفات فيها وأشهرها كتابه الذي صدر في عدة مجلدات "من النقل إلى العقل".
يتبين من دراسة نقدة كنموذج لنقد المتن عند الحداثيين أنه ادعاء مجرد من أدواته؛ فكيف لرجل لا يعرف مفردات الحديث أن يرده بحجة انتقاد متنه؟! فهو يريد أن ينتقد المتن لقصور في معجمه اللغوي.
وإليك الأمثلة على ذلك:
- حديث البخاري (3245) "أَوَّلُ زُمْرَةٍ تَلِجُ الجَنَّةَ صُورَتُهُمْ عَلَى صُورَةِ القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ، لاَ يَبْصُقُونَ فِيهَا، وَلاَ يَمْتَخِطُونَ، وَلاَ يَتَغَوَّطُونَ، آنِيَتُهُمْ فِيهَا الذَّهَبُ، أَمْشَاطُهُمْ مِنَ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ، وَمَجَامِرُهُمُ الأَلُوَّةُ، وَرَشْحُهُمُ المِسْكُ".
رد حفني الحديث منتقدًا لمتنه قائلًا: "رشحهم المسك، مع أن الرشح عيب وعلامة على البرد... !"، فظن المنتقد أن المقصود بالرشح هنا أحد أعراض مرض الإنفلوانزا، فوصفه بأنه عيب لا يليق بأهل الجنة، بينما المقصود به العرق وبعد أن قيده النبي -صلى الله عليه وسلم- بالمسك، أصبح ميزة لأهل الجنة.
- وحديث البخاري (376) عن أَبِي جُحَيْفَةَ قال: "ثُمَّ رَأَيْتُ بِلاَلًا أَخَذَ عَنَزَةً، فَرَكَزَهَا وَخَرَجَ النَّبِيُّ -صلى اللهع عليه وسلم- فِي حُلَّةٍ حَمْرَاءَ، مُشَمِّرًا صَلَّى إِلَى العَنَزَةِ بِالنَّاسِ رَكْعَتَيْنِ، وَرَأَيْتُ النَّاسَ وَالدَّوَابَّ يَمُرُّونَ مِنْ بَيْنِ يَدَيِ العَنَزَةِ".
فرد المنتقدُ الحديثَ قائلًا: "هو إخراج مسرحي جميل. فبلال يرى أن مرور العنزة بين يدي الرسول أثناء الصلاة لا يجوز مستعملًا بعض العنف بركزها، وصلى الرسول والحيوانات تسير أمامه بقيادة العنزة ففي تاريخ الأديان تألف الحيوانات الرسول قبل أن يألفه الإنسان (2/ 449).
قَصُر فهم المنتقد عن إدراك أن العنزة هنا المقصود بها الرمح ركزه بلال في الأرض سترة للإمام وهو النبي، فظنه المنتقد حيوانًا وهو أنثى الماعز.
رد أحاديث الطب النبوي التي في البخاري لقصر فهمه ومن ذلك حديث (4478) "الكَمْأَةُ مِنَ المَنِّ، وَمَاؤُهَا شِفَاءٌ لِلْعَيْنِ" فقال: المنتقد (2/454): وكيف يكون ماء الأكمه شفاء للعين؟! كيف يكون ماء مريض دواءً للمريض إلا بدافع العجب وشد الانتباه والخروج عن المألوف؟!".
فانظر كيف تحرفت الكلمة على المنتقد من "الكمأة" وهي ثمرة تنبت في الأرض، إلا "الأكمه" وهو المبتلى بالمرض المعروف.
هذه أمثلة من عدم تمكن المنتقد من فهم ألفاظ المتن؛ فكيف يتسنى له نقده قبل فهمه؟!
أضف إلى ذلك عشرات الأخطاء التاريخية، والعلمية، والفقهية المضحكة التي تدل على ضعف عقل المنتقد عن فهم المتن فضلًا عن انتقاده.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #12  
قديم 30-03-2020, 03:12 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,931
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الإمام البخاري وصحيحه الجامع متجدد

الإمام البخاري وصحيحه الجامع (12) شبهات حول شخص البخاري


كتبه/ شحات رجب بقوش




الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فبعد ما عرضنا في المقالات السابقة الملامح العامة لحياة الإمام البخاري، ونُبذًا عن صحيحه، نتعرض فيما بقي من المقالات لبعض الشبهات المثارة بشيء من الرد، ونبدأها بمجموعة شبهات تثار حول الإمام البخاري نفسه، ومنها:

- البخاري أعجمي ليس عربيًّا:

فالبخاري ولد في "بخارى" في أواسط آسيا، بعيدًا عن جزيرة العرب؛ فكيف يجمع كتابًا يسبق به العرب؟!

والجواب:


أن البخاري وُلد من أب مسلم، ونشأ على الإسلام، وطلب العلم مبكرًا؛ فلمثله أن يأتي بما لم يأتِ به غيره ممن لم يعتنِ بالطلب المبكر، ثم إن هذه البلاد البعيدة تميزت بأمورٍ تنظيميةٍ سبقوا بها العرب، ومنها: التدوين والكتابة، حيث كانت بهذه المناطق نظم سياسية ودول قائمة؛ الأمر الذي جعل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب يستعين بنظام الدواوين في تنظيم دولته حيث كان مطبقًا في بلاد فارس وغيرها من دول العرب، بل والأعجب من ذلك: أن سيبويه مؤسس علوم العربية هو من هذه البلاد الآسيوية البعيدة عن العرب، وقد سبق العرب أنفسهم في تحرير قواعد لغتهم العربية.

وأخيرًا: فأمر البخاري وغيره من العلماء أنهم غير عرب أمر فيه خلاف، فقد أثبت المؤرخ العراقي ناجي معروف بالأدلة التاريخية أن البخاري ومسلمًا وغيرهما من علماء هذه الأمصار تمتد أصولهم إلى العرب.

- ومِن الشبهات التي أثيرت: أن البخاري تأثر في كتابه بالحالة السياسية وضغوط العباسيين:

جاءت هذه الشبهة في "دراسات محمدية" للمستشرق جولدتسيهر (ص 54)، وتلقفها أذناب الاستشراق من الإعلاميين والمشككين.

والرد باختصار: أن ذلك لم يرد مطلقًا في أيٍّ من كتب التاريخ، وهذه الكتب نفسها قد ذكرت بعض العلماء من شيوخ البخاري الذين لم يثبتوا في فتنة خلق القرآن، فإن المنهج التاريخي الذي اتبعه مؤرخو الإسلام الأول لا يحابي أحدًا دون أحدٍ، بل نقل التاريخ عكس ذلك كما في تاريخ بغداد للخطيب: "بعث الأمير خالد بن أحمد الذهلي والي بخارى إلى محمد بن إسماعيل: أنِ احمِلْ إليَّ كتاب الجامع والتاريخ وغيرهما لأسمع منك. فقال محمد بن إسماعيل لرسوله: أنا لا أُذِل العلم، ولا أحمله إلى أبواب الناس، فإن كانت لك إلى شيء منه حاجةٌ فاحضُرْني في مسجدي أو في داري، وإن لم يعجبك هذا أنت سلطان فامنعني من المجلس ليكون لي عذرٌ عند الله يوم القيامة؛ لأني لا أكتم العلم؛ لقول النبي: (مَنْ سُئِلَ عَنْ عِلْمٍ عَلِمَهُ ثُمَّ كَتَمَهُ أُلْجِمَ يَوْمَ القِيَامَةِ بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ) (رواه أحمد، وصححه الألباني)".

- ومن الشبهات: أن البخاري بشر غير معصوم:

والجواب: نعم، إن البخاري ليس معصومًا، فقد أخطأ أخطاءً في كتابه: "التاريخ الكبير"؛ مما دفع ذلك الإمام أبا حاتم الرازي لتأليف كتاب سمَّاه: "بيان خطأ البخاري في التاريخ الكبير"؛ لكن السؤال: هل غير المعصوم لابد أن يخطئ في كل عمل يعمله؟!

فمثلًا: الطبيب غير معصوم، فهل لابد أن يخطئ في كل عملية جراحية يجريها للمريض؟!

وعلى فرض الإجابة: "بنعم"، فهل كل خطأ يقع من الطبيب يؤدي حتمًا لوفاة المريض؟!
قس على ذلك الإمام البخاري في صحيحه، كذلك عمل البخاري في صحيحه لم يكن عملًا فرديًّا، بل عرضه على بعض شيوخه، ومنهم الإمام أحمد، وعلي بن المديني -رحمهما الله-.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #13  
قديم 30-03-2020, 03:16 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,931
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الإمام البخاري وصحيحه الجامع متجدد

البخاري وصحيحه الجامع (13) شبهة فقد النسخة الخطية الأصلية

كتبه/ شحات رجب بقوش


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فيهاجم البعض صحيح البخاري، ويشكك في نسبته لإمام المحدثين محمد بن إسماعيل البخاري -رحمه الله-، وذلك بشبهة فقدان أي نسخ مخطوطة بخط البخاري نفسه للصحيح، ولو كان الإمام البخاري قد كتب هذا الكتاب؛ فلماذا لا نجد النسخة الأصلية التي خطّها بيده؟ ويقولون: إنّ أقدم نسخة مخطوطة لصحيح البخاري تعود إلى القرن الرابع الهجري.
ومما لا شك فيه أن النسخة الخطية لأي كتاب إذا ثبت أنها بخط المؤلف فإنها الكنز الثمين، لإفادتها صحة نسبة الكتاب لمؤلفه، والذي يطالب بالنسخة الخطية لصحيح البخاري التي بخط جامعه، فهذا يعتبر طرحًا علميًّا مضحكًا لرجل لا يعرف الظروف العلمية والتاريخية التي واكبت جمع البخاري لصحيحه.
ويمكن الرد على هذه الشبهة من عدة وجوه:
الوجه الأول: مما لا شك فيه أن البخاري كتب كتابه بخطه، وقد عرضه على شيوخه -كما ذكرنا من قبل-، ولكن بيننا وبين سنة وفاة البخاري 12 قرنًا من الزمان، ومن الصعب على نسخة كتبت في ذلك الزمان بالمواد المتاحة حينئذٍ أن تبقى هذا الزمان دون تحلل أو تلف، وخاصة إذا كانت متداولة، ويرغب كل إنسان في الاطلاع عليها كصحيح البخاري.
الوجه الثاني: أن الحالة العلمية في القرون الأربعة الأولى -وهذه تسمَّى عصر الرواية- لم تكن تعتمد على نسخ الكتاب فحسب، بل كانت الرواية الشفهية أوثق من مجرد النقل من نسخة المؤلف، فبعد ما جمع البخاري صحيحه سمعه تسعون ألف رجل من الإمام البخاري نفسه -رحمه الله-، كما أخبر بذلك أحد أشهر تلاميذه، وهو محمد بن يوسف الفربري (المتوفى سنة 320هـ) (انظر: تاريخ بغداد)؛ هؤلاء التلاميذ كانوا يسمعونه منه ويكتبون الكتاب كاملًا، ثم يقابلونه بعد الانتهاء على نُسخته، بحيث تكون نُسخهم طبق الأصل عن نسخة البخاري.
ثم جاء بعدهم جيل آخر سمع الكتاب من تلاميذ البخاري وقابلوا نُسخهم على نُسخ تلاميذ البخاري، ودونوا أسانيدهم على طرر نسخهم من الكتاب، وهكذا، حتى تواترت نسبة الكتاب، ولو ضاع الأصل الذي خطّه البخاري بيده فلن يضر ذلك في شيءٍ؛ لكون الكتاب قد انتشر وفشا بين التلاميذ، ولم يكن يومًا بمعزل عن أيدي العلماء، بل تناولوه بالدراسة -كما سبق أن أوضحنا- فمنهم الشارح، ومنهم المستدرك، ومنهم المختصر، ومنهم المستخرِج، ومنهم المترجم لرجاله، فكل هذا يزيد من ثبوتية نص الكتاب لمؤلفه.
الوجه الثالث: مما اتفق عليه بين المشتغلين في تحقيق أو فهرسة التراث أنه ليس شرطًا لصحة نسبة الكتاب لمؤلفه أن يكون بخطه، بل هناك من الأمور التي لو وجدت تكون بنفس قوة خط المؤلف، منها: إسناد النسخة من الناسخ إلى المؤلف، وطباق السماع المدونة على هوامش وطرة النسخة، والتي تحمل أسماء الأعلام الذين سمعوا النسخة أو قرئ عليهم، وتملكات النسخة، وغير ذلك.
الوجه الرابع: انتشار نسخ البخاري في العالم، فما مكتبة من مكتبات المخطوطات في العالم إلا وفيها عدة نسخ منه، ولا توجد فروق جوهرية تذكر بين هذه النسخ مما يعطي تصورًا واضحًا للأصول المتقنة التي نقلت منها.
الوجه الخامس: أنه فرضًا لو ظهرت في إحدى خزانات الكتب مخطوطة، واُدعي أنها بخط البخاري، دون أن يكون لها إسناد، ولا عليها سماعات فهذه تسمى وجادة، وهي أقل درجات تحمل العلم -كما هو معروف عند المحدثين-، فلو حدث تعارض بين نسختين أحدهما مسندة، والأخرى وجادة؛ تُقدم المسندة.
وأخيرًا: توجد نسخ متقدمة جدًا لصحيح البخاري، وهي قريبة العهد بزمانه منها قطعة (52 ورقة) من صحيح البخاري (تضم كتابي الزكاة، والصوم، وبعض الحج) محفوظة في جامعة كمبردج، وقدَّم المستشرق منجانا دراسة عنها نشرت عام 1936 بإشراف المستشرق مارجليوث، تفيد بأنها نسخة أبي زيد المروزي (ت371هـ)، التي سمعها من الفربري تلميذ البخاري عام (318هـ)، أي الذي يتناول هذه القطعة في جامعة كمبردج يكون بينه وبين البخاري رجلان (المروزي صاحبها، والفربري تلميذ البخاري) قد جاء في أبي زيد المروزي: عن الحاكم أبي عبد الله والخطيب البغدادي والنووي وغيرهم: حدث أبو زيد ببغداد، ثم جاور بمكة، وحدث هناك بالصحيح، وهو أجلُّ من رواه.
بل هناك مِن أهل العلم مَن اطلع على نسخة الصحيح التي بخط البخاري نفسه، منهم: المستملي (ت376هـ) -أحد الرواة عن محمد بن يوسف الفربري- حيث يقول: انتسخت كتاب البخاري من أصله كما عند ابن يوسف (ينظر "التعديل والتجريح" للباجي (1 /310)، ورواية المستملي هذه معروفة، وقد نقلها عن الفربري ووثقها بنسخة البخاري التي بخطه.
وبالتالي يتضح أن هذه الشبهة مجرد تشويش فقط، وليس لها أساس علمي؛ ولو سلِّم لها لخرج هؤلاء يومًا ما يطالِبون بالنسخة الأصلية من القرآن التي كتبها عثمان بن عفان -رضي الله عنه-، وهذا أمر يرده التواتر، كذا سيشككون في كل الكتب التي لا يوجد لها أصل خطي بخط مؤلفيها، وغالب التراث الإسلامي من هذا النوع.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #14  
قديم 06-06-2020, 04:23 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,931
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الإمام البخاري وصحيحه الجامع متجدد

البخاري وصحيحه الجامع (14)

شبهات حول رجال البخاري






كتبه/ شحات رجب بقوش

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فإن البخاري -رحمه الله- وسم كتابه باسم: "الجامع المسند الصحيح المختصر"، أي أنه شرط الصحة في النص، وبالتالي يجب أن يكون الراوي عدلًا ضابطًا، حتى يتم له شرطه في صحة الرواية، لكن الواقع يدل على عدم استطراد هذه القاعدة، ففي رجال البخاري بعض المطعون فيهم مِن الرواة، وقد اُنتقد على البخاري إيراده أحاديث هؤلاء الرجال المطعون فيهم.
ويرد على هذه الشبهة ردًّا إجماليًّا، وآخر تفصيليًّا.
أما الرد الإجمالي:

لا يُعاب على البخاري أنه أخرج لمن طُعن فيهم، فمما اتفق عليه بين علماء الحديث: "أنه ليس كل مَن وُثِّق قُبِل كل حديثه، وليس كل من ضُعِّف رُد كل حديثه".

فالأصل في الثقة قبول حديثه، لكن قد يرد حديث الثقة، إذا خالف مَن هم أوثق منه أو غيرها من القرائن، فيصبح الحديث شاذًا أو معلًا، وأيضًا: مَن حكم عليه بالضعف أو غيره من الجرح فحكم حديثه الرد، ولكن قد يقبل حديث الضعيف بالقرائن أيضًا، ومنها: إذا توبع فينظر في المتابعات والشواهد، قد يقبل حديث مَن يصلح حديثه للاعتبار.
ثم ليس كل مَن تُكلم فيه ثبت عليه الكلام، بل كثيرٌ ممن تكلم النقاد فيهم لم يثبت كلامهم، فقد يَرِد الخطأ عليهم، أو تدخل العصبية المذهبية، أو الانتصار للنفس على بعضهم، فقد يقول ناقدٌ ما عن راوٍ أنه ناصبي ويخرِّج له البخاري، وبتتبع الأمر نجد أن الناقد هو الذي فيه تشيع، وهكذا.
وفيما يلي أمثله لبعض مَن طعن فيهم مِن رجال الصحيح، وبسبر أحوالهم وجد أن الطعن غير ثابت منهم:

- باب المتفق والمفترق: قد يتفق اسما راويان ويكون أحدهما ضعيف، وروى البخاري عن الآخر وهو ثقة، فيتكلم ناقد عن الضعيف، فينصرف الذهن إلى الثقة؛ لأنه أشهر، فيقع الخلل عندئذٍ:
مثاله: أحمد بن بشير من شيوخ البخاري، وروى له في الصحيح، ووثقه يحيى بن معين، وأبو بكر بن أبي داود، بينما قال الدرامي فيه: "متروك"؛ فكيف أخرج البخاري مروياته في الصحيح؟
ويرد على ذلك الخطيب فيقول: ليس أحمد بن بشير الذي روى عن عطاء بن المبارك مولى عمرو بن حريث الكوفي؛ ذاك بغدادي، وأما أحمد بن بشير الكوفي، فليست حاله الترك، وإنما له أحاديث تفرد بروايتها، وقد كان موصوفًا بالصدق".

وقد يكون الناقد ضعيفًا فلا يُقبل كلامه فيمن هو أوثق منه:

مثاله: أحمد بن شبيب بن سعيد الحبطي، قال فيه أبو حاتم: ثقة صدوق، وقال ابن عدي: قَبِله أهل العراق ووثقوه، وروى له البخاري حديثًا؛ إلا أن أبا الفتح الأزدي قال: "منكر الحديث غير مرضي"، فقد يقال كيف أخرج له البخاري وهو كذلك؟
أجاب عن ذلك الحافظ ابن حجر -كما في الفتح- فقال: "ولا عبرة بقول الأزدي؛ لأنه هو ضعيف؛ فكيف يعتمد في تضعيف الثقات؟!".
وبعض مَن تُكلم فيهم مِن رواة البخاري ثبت خطأ الناقد، فقد أخرج البخاري حديثًا واحدًا عن بشر بن شُعَيْب بن أبي حَمْزَة الْحِمصِي، وهو ثقة ذكره ابن حبان في "الثقات".
قال ابن حجر -رحمه الله-: "ثم غفل غفلة شديدة -أي ابن حبان- فذكره في الضعفاء، وروى عن البخاري أنه قال: "تركناه"، وهذا خطأ مِن ابن حبان نشأ عن حذف؛ وذلك أن البخاري إنما قال في "تاريخه": "تركناه حيًّا سنة اثنتي عشرة"، فسقط من نسخة ابن حبان لفظة: "حيًّا"؛ فتغير المعنى".
فهذه بعض أمثلة لمَن تُكلم فيهم بطعنٍ ولم يثبت هذا الطعن، ورُدَّ كلام قائله؛ إلا أن هناك قسمًا مِن المطعون فيهم مِن رواة الصحيح قد ثبت فيه الطعن؛ إلا أن البخاري قد اتبع في إخراج حديثهم ما يسميه المحدثون بـ"نظرية الانتقاء".
وهي موضوع مقال قادم -إن شاء الله-.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 86.60 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 83.29 كيلو بايت... تم توفير 3.32 كيلو بايت...بمعدل (3.83%)]