|
|
ملتقى الحج والعمرة ملتقى يختص بمناسك واحكام الحج والعمرة , من آداب وأدعية وزيارة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
العقيدة والحج
العقيدة والحج أحمد بن عبد الرحمن القاضي التقوى الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده. أما بعد: جميع شرائع الدين تهدف إلى تحقيق التقوى؛ بامتثال أوامر الله، واجتناب نواهيه. وآيات الحج، بصفة خاصة، مختتمة بالأمر بتقوى الله. قال - تعالى -: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ...وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) [البقرة: 196)]. (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ... وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِي يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ) [البقرة: 197)]. (وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنْ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) [البقرة: 203]. (لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ) [الحج: 36]. فهي تخاطب في الناسك خبيئة قلبه، وتستثير ورعه، ألا يرتكب محظوراً، ولا يفرط في هديٍ، أو فديةٍ، أو كفارةٍ، وألا يقع في رفثٍ، أو فسوقٍ، أو جدالٍ، أو إثمٍ في الحج. وإلى جانب ذلك تشعره أن جميع قرباته، مهما دقت، معلومة، محفوظة، مشكورة: (وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ) البقرة: 197 إن هذه الرقابة الذاتية الصارمة التي يلتزم بها الحاج أياماً معدودات، يمكن أن تتحول إلى منهج، وسلوك مستديم، يرجع به الحاج الموفق إلى وطنه، وكأنما تنبه من غفلة، أو استيقظ من رقاد. حسن الخلق الحج سفر، والسفر قطعة من عذاب. وفي الحج من بعد الشُّقة، وزيادة الكلفة، وحصول الازدحام، ما يتطلب مستوىً خلقياً رفيعاً، من الصبر والاحتمال، تدفع الضجر، وأريحية بالغة، تتسامى عن الأثرة، وتحمل على الإيثار، والصفح، ومجاهدةً وغالبةً للنفس الأمارة، تهزم الشهوات وحظوظ النفس. قال - تعالى -: (فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ) [البقرة: 197]. قال عطاء، - رحمه الله -: (الجدال: أن تجادل صاحبك حتى تغضبه و يغضبك) ومن أجمل الأخلاق الاجتماعية: الرفق، وقد دفع النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم عرفة، فسمع وراءه زجراً شديداً، وضرباً للإبل، فأشار بسوطه إليهم، وقال: (أيها الناس: عليكم بالسكينة؛ فإن البر ليس بالإيضاع) رواه البخاري. ومن الأخلاق الكريمة: التواضع، وقد أردف النبي - صلى الله عليه وسلم - الفضل ابن عباس، - رضي الله عنهما -، لما دفع من المزدلفة، وشرب زمزم من دلو يشرب منه سائر الناس. رواهما مسلم. ومن مكارم الأخلاق حسن معاشرة الزوجة؛ فحين حاضت عائشة، - رضي الله عنها -، ودخل عليها فوجدها تبكي، سلاها، وعزاها، قائلاً (إن هذا أمر كتبه الله على بنات آدم)، وحين ألحت أن تأتي بعمرة بعد الحج، قال: (اذهب بها يا عبد الرحمن فأعمرها من التنعيم) (وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلاً سهلاً، إذا هويت الشيء تابعها عليه) رواهما مسلم. إن هذه الرحلة الشاقة، والآداب الصارمة، يمكن أن تؤسس لقيم خلقية ثابتة، يلتزمها الحاج بعد رجوعه، ويتحلى بها في رحلة العمر كله، بعد أن لمس آثارها، وجنى ثمارها، في تلك الأيام المعدودات. التوبة والاستقامة الحج حدث عظيم في حياة المسلم. يعلق عليه كثير من المسلمين آمالهم، ويرونه مفرق طريق، وإيذاناً باستئناف حياة جديدة يستشرفون فيها المستقبل بتفاؤل وعزم على الاستقامة، وهجر لحياة التفريط والمعاصي. لا غرو! فالحج أحد المكفرات الكبار التي تجُبُّ ما قبلها؛ فعن عمرو بن العاص، - رضي الله عنه -، قال: لما جعل الله الإسلام في قلبي، أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقلت: ابسط يدك فلأبايعك. قال: فبسط، فقبضت يدي! فقال: (مالك يا عمرو؟ ) قلت: أشترط. قال: (تشترط ماذا؟ ) قلت: أن يغفر لي. قال: (أما علمت أن الإسلام يهدم ما قبله، وأن الهجرة تهدم ما قبلها، وأن الحج يهدم ما قبله) رواه مسلم. وعن أبي هريرة، - رضي الله عنه -، مرفوعاً: (من حج فلم يرفث، ولم يفسق، خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه) متفق عليه. وفي هذا الحديث بشارة وإشارة: 1- فالبشارة ظاهرة، وهي مغفرة السيئات، فيرجع ابن تسعين، إذا وفَّى بالشرط كابن ساعة، لا خطيئة عليه، صفحته بيضاء نقية! 2- وأما الإشارة: فينبغي لمن حظي بهذه الكرامة أن يحافظ عليها، فلا يلطخ صحيفته البيضاء بسواد المعاصي. وقد فسر الحسن البصري، - رحمه الله -، الحج المبرور بقوله: (أن يرجع زاهداً في الدنيا، راغباً في الآخرة). وهذا من أعظم علامات القبول. ابتغاء فضل الله بالتجارات عن ابن عباس، - رضي الله عنهما -، قال: كانت عكاظ، ومَجَنَّة، وذو المجاز، أسواق الجاهلية، فتأثموا أن يتجروا في المواسم، فنزلت: (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ) رواه البخاري. وعن أبي صالح، مولى عمر، - رضي الله عنه -، قال: قلت: يا أمير المؤمنين، كنتم تتجرون في الحج؟ قال: وهل كانت معايشهم إلا في الحج؟ إن موسم الحج فرصة لالتقاء مختلف الشعوب الإسلامية لتحقيق منافع مشتركة، ومصالح متبادلة، ومنها المنافع التجارية، والمصالح الاقتصادية، دون أن يغض ذلك من قدر النسك؛ فقد رفع الله الجناح عن الأمة في مزاولة هذه المناشط الحيوية التي تعود عليها بالقوة والخير. ولو أحسن المسلمون اليوم استغلال هذا الموسم من هذا الجانب، لأمكن أن يؤسس لما يسمى (السوق الإسلامية المشتركة) من خلال عرض منتجاتهم، وإبرام العقود والاتفاقيات التجارية، ويحققوا فيما بينهم الاكتفاء الذاتي، ويستغنوا، أو يكادوا، عن الابتزاز العالمي المذل. * / قسم العقيدة - كلية الشريعة وأصول الدين - جامعة القصيم
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |