شريعة الاسلام

[مبارك المرسل]

ان شريعةالاسلام وحي الهي تنزل من حكيم حميد عليم الذي يعلم احوال عباده ومايصلح معاشهم ومعادهم ومايحقق لهم الخير في دنياهم واخراهم (الايعلم من خلق وهو اللطيف الخبير)الملك آية14 وهو سبحانه منزه عن النقص والعيب ، وقد بينت الشريعة الاسلاميةالاصول الكليةالتي تقوم عليهاحياةالبشر ولاسبيل الى الاخذ فيهابالرأي المجرد عن الدليل والنبي صلى الله عليه وسلم مع عصمته لايتبع الا الوحي (ان اتبع الا ما يوحى اليّ)الانعام50 ولايكون حكمه الابماعلم عن الله (اناانزلنااليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بمااراك الله)النساء105 وانتزاع التشريع من ايدي البشر ورده الى الله ورسوله وضع لنا شريعةربانيةثابتة المقياس لايعتريها خلل او قصور .
اما القانون الوضعي فهو نظام محدود القواعد يلبي حاجةالجماعةلتنظيم حياتهم الحاضرةويتطوربتطورها نشأ بادىء ذي بدء في نظام الاسرةثم في نظام القبيلةولم يتحول الى نظريات علميةالا في القرن التاسع عشر .

والتشريع السماوي بعامةيولدمتكاملا وافيا بمطالب الحياة محكم النسيج صافي المورد.

وبالنسبةلقواعد القانةن الوضعي فهي مؤقتة لجماعة خاصةفي عصر معين فهي في حاجةالى التغيير كلماتطورت الجماعةوتجددت مطالبها .

اماقواعدالشريعةالاسلاميةبصفةخاصةلم تأت لقوم دون قوم او لعصر دون عصر ولكنها قواعد كليةثابتةمستقرة تسد حاجة الفردوالجماعةوترفع مستواها في كل عصر ، وقد مرّ على الشريعة الاسلاميةاكثر من اربعة عشر قرنا من الزمان تغيّرت فيها اوضاع الجماعات واندثرت فيها مئات القوانين والانظمة وانقلبت مبادئها رأسا على عقب ولا تزال تلك الشريعة غضة صالحة لكل زمان ومكان تحمل نصوصهاعناصر النمو والارتقاء.
والقانون الوضعي لايتناول سوى المعاملات المدنيةفي الشؤون الاجتماعيةوالاقتصاديةالتي تقوم عليهاسلطةالدولة.
والشريعةالاسلاميةتتناول الايمان بالله ورسله وعالم الغيب وصلة العبد بربه وسلوكه الاخلاقي وانظمةالحياة في شتى مرافقها .
والقوانين الوضعية تهمل المسائل الاخلاقية وتقصر المخالفة على مافيه ضرر مباشر للافراد او اخلال بالامن والنظام العام فلاتعاقب القوانين الوضعيةعلى الزنى الااذا اكره احد الطرفين الآخر او كان الزنى بغير رضاه رضاءً تاماً لأن الزنى في هاتين الحالتين يمس ضرره المباشر الافراد كمايمس الامن العام واكثر القوانين الوضعية لاتعاقب على شرب الخمر ولاتعاقب على السكر لذاته وانماتعاقب السكران اذا وجد في الطريق العام في حالة سكر بيِّن فالعقاب على وجوده في حالةسكر في الطريق العام لأن وجوده في هذه الحال يعرض الناس لأذاه واعتداءه وليس العقاب على السكر لذاته باعتباره رذيلةولاعلى شرب الخمر باعتبار شربه مضر بالصحة مُذهب للعقل مُتلف للمال مُفسد للاخلاق.
اما الشريعة الاسلامية فهي شريعة سمو الاخلاق فالاخلاق في الاسلام غايةتربويةللعبادات والتزام ادبي في المعاملات يجعل حياة الناس قائمة على المعروف والحسنى وقد حثّ الاسلام على امهات الفضائل الانسانية ودعا الى المثل العليا واثنى على مكارم الاخلاق وقال الله تعالى في نبيه صلى الله عليه وسلم: (وإنك لعلى خلق عظيم).
اننا نجد ان القوانين الوضعيةتفقدسلطتها على النفس البشرية لأن سلطةالعقوبةوحدها لاتكفي في ردع المجرم ولذا فإن واضعي القانون يعملون على ترضيةالجماهير واقناعها بصلاحيةالنظم التي وضعوها حتى يمتثلوها ولكن الناس يدركون انه لاسلطة للقوانين الوضعية إلا اذا وقع المرء تحت طائلة المخالفة وضُبط متلبسا بجريمته ،اذ لا علاقة لها بالحياة الآخرة،فيكون المجال فسيحا للخروج على القانون بوسائل الحيلة والدهاء والمكر والخداع ، فلا يوقف قانون وصول الناس الى اغراضهم السيئة من فساد في الارض مهما كان دقيقا في نظر واضعيه.
اماالتشريع الاسلامي فينبثق من مسألة الحلال والحرام والمرتبط بالإيمان الكامل بالدار الآخرة ،حيث يتربى الضمير الانساني ليكون رقيبا على صاحبه في السر والعلن يعلم علما يقينيا بأن الله مطّلع على جميع احواله فيخشى عقاب الله الأخروي أكثر من خشيته للعقاب الدنيوي.
والمتتبع لآيات الأحكام يجد كثيرا منها قد رتب عليه جزاءان ،جزاء دنيوي وجزاء اخروي، ففي القتل قال الله تعالى : (ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه واعد له عذابا عظيما)النساء93
وفي قطع الطريق قال تعالى: (انماجزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا ان يقتّلوا او يصلّبوا او تقطّع ايديهم وارجلهم من خِلاف او يُنفوا من الأرض ذلك لكم خزي في الدنيا ولهم في الآخرةعذاب عظيم)المائدة33
وفي اشاعةالفاحشةورمي المحصنات قال جلّ شأنه: (ان الذين يحبون ان تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة)النور19
وبذلك يقيم الاسلام داخل النفس البشرية رقابة تعاليمه بحيث يرعاها المسلم في جوف الليل كمايرعاها في وضح النهار .
لقد تناول القرآن الكريم جميع نواحي الحياةالمختلفة :
تناول العقائد التي يجب الايمان بهاوهي المتضمنة الايمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره
وتناول الارشاد الى النظر والتدبر في ملكوت السماوات والارض ،لتعرف اسرار الله في كونه وابداعه في خلقه فتمتلىء القلوب ايمانا بعظمته عن نظر واستدلال لا عن تقليد ومجاراة.
تناول قصص الأولين افراد وامما لأخذ العبرة والعظة ويرشد الى سنة الله في خلقه ،نجاة للصالحين وهلاكا للمفسدين المعرضين عن المنهج القويم.
وتناول الاخلاق الفاضلة التي تهذب النفوس وتصلح شأن الفرد والجماعة كالصبر والصدق والوفاء واداء الامانة محذرا من اشد التحذير من الاخلاق السيئةالتي تسبب الشقاء في الدنيا والآخرة.
وتناول العبادات على اختلاف انواعها من صلاةوزكاة وصوم وحج وجهاد ويمين ونذر وجاء في ذلك مايقرب من مائةواربعين آية.
وتناول نظام الأسرة كأحكام الزواج والطلاق ومايتبعها من مهر ونفقةوحضانة ورضاع ونسب وعدة ووصية وإرث وجاء في ذلك مايقرب من سبعين آية.
وتناول احكام المعاملات المالية،كالبيع والشراء والاجارة والرهن والمداينة والتجارة وغيرها.
وتناول العقوبات ،أي احكام الجنايات والحدود والسرقة والزنى والقذف ومحاربة الله في ارضه .
وتناول احكام الحرب والسلم وما يتبع ذلك من جهاد وغنيمة وأسر وعهود وجزية.
وتناول نظام الحكم فيما يجب على الحكام ، من الشورى والعدل والمساواة والحكم بماانزل الله ومايجب على الناس لهم من طاعة.
وتناول تنظيم الحياة الاجتماعية فيما يحقق العدل الاجتماعي بين الناس ليعيشوا في سعادة وهناء.
ان شريعة الاسلام كلٌٌ لا يتجزأ ، انها شجرة مكتملة الخصائص تؤدي نفعها لخير الانسانية ، فشريعةالاسلام تلك الشجرة والعقيدةجذورها والعبادات ساقها والمعاملات افنانها والاخلاق اوراقها والأخوةوالعزة والجنة قطوفها فإذا اتيت الى هذه الشجرة واسقطت ثمارها واوراقها ولم يبق الا جذورها بل اتيت على هذه الجذور بالتحريف والتأويل ،فهل نستطيع بعد ذلك ان نقول :إن هذه هي الشجرة الباسقة المثمرة المورقة؟ اذا فلنراجع انفسنا ونقف معها وقفة صادقة كم نسبة انتمائنا الصحيح لهذه الشريعة ؟فبقدر تلك النسبة تعطينا تلك الشجرة من الثمار .
لقد ابطل الاسلام احكام الجاهلية من عقائد ومعاملات وغيرها ،ابطل الاسلام عقائد الوثنية ومظاهر الشرك ،وابطل الاعمال القبيحة كقتل الاولاد خشية الفقر ووأد البنات مخافةالعار.
ابطل الاسلام انكحةالجاهلية :كان يجتمع الرهط دون العشرة فيدخلون على المرأة فيصيبونها فاذا حملت ووضعت ترسل اليهم فلا يستطيع واحد منهم ان يمتنع فاذا اجتمعوا عندها قالت لهم:قد عرفتم الذي كان من امركم ،فهو ابنك يافلان، تسمي من احبت باسمه منهم فيلحق به ولدها ولايستطيع ان يمتنع الرجل.
وهذه الصورة المخزية تجدها اليوم في تلك البلاد الكافرة التي اتخذت غير منهج الله منهجا لها ،بل تجد الدولة تمنح للبغي الإذن بممارسة الدعارة لتأخذ عليها رسوما لتساهم في اقتصادها، انها بيت الدعارة التي انتشرت في البلاد الكافرة ،والتي يدعون اليها بوسائلهم المختلفة ،ووسائلهم الاعلامية تشهد بهذا، ان العلمانيون اليوم يريدون هذه الحياة البهيمية المنفلتة التي لاهم لها سوى اشباع تلك الغرائز دون التفكير في عواقب امورها .
والاسلام ابطل نكاح الاستبضاع ،وابطل التبني ،وكان الظهار طلاقا فابطله الاسلام وغير ذلك كثير .
نقول ان الاسلام هو شريعةالله الخالدة التي تناولت شؤون الحياة كلها غقيدة وعبادة واجتماعا واقتصادا وسياسة وحكما وحددت النصوص الشرعيةاصول الاحكام -من الكتاب والسنة-الاحكام التي تتجدد بتجدد الاحداث في كل عصر ،وظلّت احكام ولاتزال وستبقى حتى يرث الله الارض ومن عليها،تبسط نفوذها على امة الاسلام في عصور التاريخ المختلفة.
ان مصدر الاسلام من رب العباد سبحانه ،ويترتب على كون الاسلام من عند الله كماله خلوه من معاني النقص والجهل والهوى والظلم ،لسبب بسيط واضح وهو ان صفات الصانع تظهر فيما يصنعه ، ولما كان الله تعالى له الكمال المطلق في ذاته وصفاته وافعاله ويستحيل في حقه خلاف ذلك ، فإن أثر هذا الكمال يظهر فيما يشرعه من احكام ومناهج وقواعد وبالتالي لابد ان يكون كاملا، وهذا بخلاف ما يصنعه الانسان ويشرعه فانه لا ينفك عن معاني النقص والهوى والجهل والجور ، لأن هذه العاني لاصقة بالبشر ويستحيل تجردهم عنها كل التجرد ،وبالتالي تظهر هذه النقائص في القوانين والشرائع التي يصنعونها.


اخوكم/مبارك المرسل

[الأفق]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جزاك الله خير يا شيخ مبارك المرسل

شكرا على هذه المواضيع القيمة والطيبة

[محبة آل البيت]

بارك الله فيك فضيلة الشيخ

[فتاة الاسلام]

بسم الله ..

بارك الله فيك وجزااك خيرااا ..

نفعنا الله بعلك شيخنا الفاضل ..

والله الموفق ..

[الفراشة المتألقة]

جزاك الله خيرا شيخنا الفاضل

نفعنا الله بعلمك

وجعل ما تقوم به في ميزان حسناتك

اللهم آمين

[$(حاملة القرآن)$]

جزاك الله خير

ولا حرمك الله الاجر

[طالبة العفو من الله]

جزاك الله خيرا