كتاب « كيف تطلب العلم » - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         ولا تبغوا الفساد في الأرض (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          تحرر من القيود (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          فن التعامـل مع الطالبات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 28 - عددالزوار : 794 )           »          العمل السياسي الديـموقراطي سيؤثر في الصرح العقائدي وفي قضية الولاء والبراء وهي قضية م (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          العمل التطوعي.. أسسه ومهاراته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 9 - عددالزوار : 134 )           »          طرائق تنمية الحواس الخمس لدى الطفل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 20 )           »          حقيقة العلاج بالطاقة بين العلم والقرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 36 )           »          الله عرفناه.. بالعقل! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          افتراءات وشبهات حول دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 7 - عددالزوار : 97 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى اللغة العربية و آدابها > ملتقى الإنشاء

ملتقى الإنشاء ملتقى يختص بتلخيص الكتب الاسلامية للحث على القراءة بصورة محببة سهلة ومختصرة بالإضافة الى عرض سير واحداث تاريخية عربية وعالمية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 15-12-2009, 03:49 AM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متصل
مراقبة الملتقيات
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
مكان الإقامة: أبو ظبي
الجنس :
المشاركات: 13,884
الدولة : Egypt
73 73 كتاب « كيف تطلب العلم »

كتاب
«كيف تطلب العلم »
لِسَمَاحَةِ الشَّيْخِ العَلاَّمَةِ
عَبْدِ اللَّـهِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ جِبْرِيْنٍ
عضو الإفتاء سابقا

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 15-12-2009, 03:50 AM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متصل
مراقبة الملتقيات
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
مكان الإقامة: أبو ظبي
الجنس :
المشاركات: 13,884
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كتاب « كيف تطلب العلم »

« بداية طلبه للعلم » :
مع الشيخ
هو الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله بن إبراهيم بن فهد بن حمد بن جبرين بن محمد بن عبد الله بن رشيد من قبيلة بني زيد
ولد في سنة 1349 هـ في بلد محيرقة وهي إحدى قرى ( القويعية )، ونشأ بها وبقرية الرين التابعة للقويعية
1- كيف كانت بداية حياتكم العلمية، وعلى من درستم؟
كان المسلمون في القديم يبدؤون تعليم أولادهم بالقرآن الكريم قراءة في المصحف ثم حفظا، ولا يستطيع أن يبدأ في العلم قبل حفظ القرآن، وذلك قبل فتح المدارس في نجد وما حولها، فقد حرص الوالد - رحمه الله- على تعليمنا القرآن، وذلك في سنة 1359 هـ و لم أستطع مواصلة القراءة معه لقلة تفرغه، وقلة من ينافس في التعلم، وقرأت أيضا تلك السنة على العم سعد بن عبد الله بن جبرين إمام وخطيب مسجد (محيرقة) ثم أكملت القراءة في المصحف في السنة التي بعدها على معلم يقال له: سعيد بن عبد الله الحجازي الذي استمر في تعليم القرآن أكثر من عشر سنين، وقد ابتدأت الحفظ في سنة 1361 هـ، بعد أن تعلمت الكتابة، فحفظت نحو ثلث القرآن، وفترت همتي نحو خمس سنين، ثم واصلت الحفظ حتى يسر الله -تعالى- حفظه ولله الحمد، وقد تعلمت مبادئ النحو وإعراب الجمل، والمواريث، وأهل الفرائض، حيث كان الوالد -رحمه الله- يعلمنا وقت الفراغ في أول الليل، وقرأت عليه أيضا في مجموعة الحديث كشرح الأربعين النووية للإمام النووي وعمدة الحديث، وأصول الإيمان، وفضل الإسلام، وكتاب الكبائر للشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله- وكان يشرحها بما تيسر، وحيث إن عند الوالد كتب مفيدة خطية ومطبوعة، فقد انتفعت بها كثيرا، حيث أقرأ فيها طوال النهار، كصحيح البخاري وسيرة ابن هشام وسنن أبى داود والروض المربع، وفتح المجيد ونحوها، ثم ابتدأت سنة 1368 هـ في القراءة على فضيلة الشيخ عبد العزيز الشثري في بلدة (الرين) فحفظت كتاب التوحيد، والعقيدة الواسطية، وأكثر متن الزاد، وقرأت الكثير من الشروح والكتب المطولة، وذلك بعد كل مغرب، وبعد الصباح، ومعي في القراءة عليه ابنه الأكبر ناصر بن عبد العزيز وكان قد سبقني بالقراءة عليه، وقد استفدت منه كثيرا كأبيه -رحمه الله- ثم في عام 1374 هـ انتظمت في معهد إمام الدعوة بالرياض وأنهيت المرحلة الجامعية عام 3181 هـ، وقد انتفعت كثيرا بزملائي في المرحلة، كالشيخ محمد بن جابر ومحمد بن صالح السحيباني وإبراهيم النغيمش و إبراهيم بن حرقان وإبراهيم بن خنيزان وعبد الرحمن بن محمد بن مقرن وكلهم قد ماتوا -رحمهم الله تعالى- وقد تلقينا في مراحل الدراسة على جمع من المشايخ الكرام، كالشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ وأخيه عبد اللطيف والشيخ محمد الأنصاري والشيخ حماد بن محمد الأنصاري والشيخ محمد البيحاني والشيخ عبد العزيز بن رشيد والشيخ محمد بن مهيزع رحمهم الله تعالى.
وقرأنا أيضا على سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله- ثم في عام 1388هـ انتظمت في المعهد العالي للقضاء، وأنهيت مرحلة الماجستير عام 1390 هـ، وقرأت في هذه المرحلة في الحديث، والفقه وأصوله، وطرق القضاء ونحوها، وكان من جملة من قرأنا عليه الشيخ عبد الله بن محمد بن حميد والشيخ عبد الرزاق عفيفي والشيخ عمر بن مترك -رحمهم الله تعالى- وكذا على بعض المشايخ المصريين كالشيخ طه العربي والشيخ محمد بن عبد الوهاب بحيري والشيخ محمد الجندي وغيرهم رحمهم الله تعالى.
وطرق التدريس متقاربة في الإلقاء، والمناقشة، والشرح، والإيضاح، وذكر الخلاف والأدلة ونحو ذلك.
« أبرز من تأثر بهم » :
2- من أكثر الذين استفدت منهم وتأثرت بهم من مشايخك؟
ذكرت أن أول مشايخي هو الوالد -رحمه الله تعالى- حيث تعاهدني بالتعليم منذ الصغر، حتى عام 1368 هـ وهو الزمن الذي ينشرح فيه الصدر، وتنطبع العلوم في الذهن، فلا تزال معلوماته وفوائده عالقة بالقلب، ثم بعده الشيخ الأول عبد العزيز بن محمد الشثري -رحمه الله- فلقد واصلت معه القراءة في المتون والشروح نحو ثمان سنين، واستفدت منه كثيرا، وكذا من سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم في القراءة النظامية، لكن دروسه وشرحه على طريقة الأولين في التوسع والاستطراد، وبسط الكلام وإيضاح العبارات.

« معلومات مهمة عن حياة الشيخ » :
* الأعمال والمناصب التي شغلها:
كان أول الأعمال أن اختير مع الهيئة الذين أرسلوا للدعوة والإرشاد في الحدود الشمالية برئاسة شيخه عبد العزيز بن محمد الشثري -رحمه الله- في أوائل عام 1380 هـ لمدة ثلاثة أشهر، ثم اختير مدرسا في معهد إمام الدعوة قبل تخرجه بأشهر، وذلك في عام 1381 هـ، واستمر في التدريس فيه نحو أربعة عشر عاما، قام بتدريس الفقه والحديث والتفسير والتوحيد والتاريخ ونحوها، وفي عام 1395 هـ انتقل إلى كلية الشريعة التابعة لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية واختير له قسم العقيدة والمذاهب المعاصرة، وتولى تدريس العقيدة في السنة الأولى والثانية، وتولى الإشراف على البحوث المتعلقة بالعقيدة والإشراف على رسائل الماجستير والمناقشة لبعضها، وفي عام 1402هـ انتقل إلى رئاسة البحوث العلمية والإفتاء كعضو إفتاء.

« جلوسه للتدريس وأبرز مؤلفاته » :

جلوسه للتدريس:
كان أول ذلك تدريسه النظامي في معهد إمام الدعوة عام 1381 هـ، ثم في كلية الشريعة إلى عام 1402 هـ، أما التدريس في المساجد وفي المنزل فكان أوله في حدود عام 1387 هـ، وهكذا درس في الجامع الكبير لما أنابه الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله- وكان جلوسه بعد المغرب أربعة أيام في الأسبوع، ولا يزال الشيخ يقيم مجموعة كبيرة من الدروس في منزله ومسجده ومساجد أخرى تبلغ ما يزيد على 15 درسا في الأسبوع.
* مؤلفاته:
1- (أخبار الآحاد في الحديث النبوي)، وهي رسالة الماجستير.
2- (شرح الزركشي على مختصر الخرقي في فقه الإمام أحمد بن حنبل ) وهي رسالة الدكتوراه.
3- الإرشاد شرح لمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد.
4- فوائد من شرح كتاب التوحيد، وهي من جمع الشيخ عبد العزيز بن محمد السدحان وهو أحد تلاميذ الشيخ.
5- فوائد من شرح كتاب منار السبيل، وهي من جمع الشيخ عبد العزيز السدحان
6- الجواب الفائق في الرد على مبدل الحقائق.
7- التعليقات الزكية على العقيدة الواسطية.
8- مجموعة فتاوى في أبواب متنوعة، مثل: (فتاوى الأذان)، (فتاوى السفر)، (الفتاوى الطبية)، وغيرها من الرسائل المختصرة المفيدة..

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 15-12-2009, 03:51 AM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متصل
مراقبة الملتقيات
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
مكان الإقامة: أبو ظبي
الجنس :
المشاركات: 13,884
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كتاب « كيف تطلب العلم »

« مقدّمات » :

الأسباب المعينة على الطلب:

3- فضيلة الشيخ: في مطلع حديثنا حول طلب العلم يبدو لنا سؤال يقول: ما الأسباب التي تعين الشاب على طلب العلم وتحصيله؟
الحمد لله الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم، وفتح على من يشاء أبواب المفاهيم والحكم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، المتفرد بالبقاء والقدم، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله إلى آخر الأمم، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أهل الفضل والكرم.
وبعد:
فأفضل الأسباب المعينة على طلب العلم شعور الطالب واستحضاره فضل العلم ووجوب تعلمه، فإن من عرف أن تعلم العلم من الواجبات التي تلزم المسلم ويأثم بالترك والإهمال، وهو قادر على التلقي ومتمكن من نيل العلم؟ انتبه للطلب، وحذر من الإعراض عنه، لما يترتب على الترك من الذنب والإثم.
ثم إن من الأسباب أيضا: تفريغ الوقت الكافي للتعلم، بتخصيص جزء من النهار أو الليل يتلقى فيه العلمالنافع قراءة أو سماعا أو نظرا، فإن ذلك يعين على التعلم ولو طالت المدة.
وهكذا من أسباب تحصيل العلم:استحضار الطالب فوائد العلم وآثاره في الحياة وبعد الممات، فإن من علم بأن العالم موضع الاحترام والتوقير، وأن العلم سبب لحصول الخشية، لقول الله -تعالى- : ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ [ سورة فاطر، الآية : 28 ]فإن العالم يستغفر له كل شيء حتى حيتان البحر، وأنه بعد موته ينتفع بعمله، ويأتيه الأجر محليه، فلا بد أن يهتم بالطلب.
ومن الأسباب أيضا:نظره إلى من سبقه وتفوقه في التحصيل والاستفادة، وكيف نال أولئك هذا العلم بسهولة مما يحمله على مجاراة غيره، والمسابقة إلى التعلم والتزود من العلم.
ومن الأسباب: الحرص على التعلم في الصغر وقت الفراغ، وعدم الانشغال بشيء من اللهو والباطل الذي يشغل عن التعلم والاستفادة.

« عوائق الطلب في هذا الزمان » :
4- ما عوائق طلب العلم في هذا الزمان؟
أولا: الكسل والخمول الذي يعتري الكثير من الناس عن الاهتمام بالتعلم، فهو يؤثر النوم أو الانطراح على الفراش، أو الجلوس والانزواء منفردا.
ثانيا: الميل إلى المجالس العادية التي تمتلئ بالخوض فيما لا أهمية له من القيل والقال، مما يضيع به الزمان سبهللا.
ثالثا: الانكباب على سماع الملاهي في الإذاعات، والنظر في الأفلام والصور عبر الشاشات، مما يذهب وقتا ثمينا.
رابعا: الانشغال بقراءة الصحف اليومية، أو المجلات، وتتبع ما ينشر فيها، وهي مما يعوق عن التعلم المفيد.
خامسا: الاهتمام بالألعاب الرياضية، ومشاهدة المباريات، وتتبع أخبار اللاعبين، وفيه إضاعة الوقت الثمين، الذي كان الأولى استغلاله في طلب العلم.
سادسا: تقليد العصاة والمعرضين الزاهدين في التعلم والمحتقرين لأهل العلم الصحيح.

« منظومات وقصائد » :

5- يحتاج الطالب إلى ما يثير حماسه، ويقوي عزيمته على الطلب فهل هناك منظومات توصون بقراءتها وحفظها في هذا الباب؟

قد أكثر العلماء من النظم والنثر في الحث على العلم وذكر آدابه، وأخلاق العلماء، والنصائح والمواعظ، لمن حمل العلم، ومن أحسن ما رأيت قصيدة رجزية ذكرها ابن عبد البر في كتابه (جامع بيان العلم وفضله) في باب مدح التواضع، وذم العجب، وطلب الرياسة، وأولها قول الناظم ـ رحمه اللَّه ـ

واعلـم بأن العلــم بـالتعلـم * * * والحــفظ والإتقــان والتفهــم
والعلـم قـد يـرزقـه الصغـير * * * فــي ســنه ويحــرم الكبــير
وإنمــا المــرء بأصغريــه * * * ليس برجليــــه ولا يديــــه
لســانه وقلبـــه المـــركب * * * فـي صــدره وذاك خـلق أعجـب
والعلــم بــالفـهم وبالمـذاكرة * * * والـدرس والفكــرة والمنــاظرة
فـالتمس العلـم وأجمل في الطلب * * * والـعلــم لا يحســن إلا بـالأدب
والأدب النــافح حسـن الصمـت * * * وفـي كثـير القـول بعض المقت
فكـن لحسـن السـمت مـا حييتا * * * مقـارنـا تحـمد مـــا بقيتـا
والصمــت فـاعلم بـك حقا أزين * * * إن لم يكن عنــدك علـم متقـن
إيــاك والعجـب بفضـل رأيكـا * * * واحــذر جواب القـول من خطائكا
كـم مـن جـواب أعقـب الندامة * * * فـاغتنم الصمت مــع السـلامة
العلــم بحـــر منتهـاه يبعـد * * * ليس لـه حــد إليـه يقصــد
وليس كــل العلـم قـد حويتـه * * * أجــل ولا العشــر ولـو أحصيته
ومــا بقـي عليـك منـه أكـثر * * * ممــا علمــت والجــواد يعـثر
فكـن لمــا سـمعته مسـتفهما * * * إن أنت لـم تفهم منـه الكلمــا
القــول قــولان: فقـول تعقلـه * * * وآخــر تســمعه فتجهلـــه
وكـل قــول فلــه جــواب * * * يجمعـــه البــاطل والصــواب
لا تــدفع القــول ولا تـــرده * * * حــتى يـؤديك إلـى مــا بعـده
فـربمــا أعيــا ذوي الفضـائل * * * جــواب مـا يلقـى مـن المسائل
فيمسـكوا بالصمت عن جوابـه * * * عنـد اعـتراض الشـك في صوابه
ولــو يكـون القـول في القياس * * * مـن فضـة بيضـاء عنـد النـاس
إذًا لكـان الصمت عين من ذهب * * * فـافهم هــداك الله آداب الطلــب

وهي خمسة وثلاثون بيتا في فضل العلم الصحيح وآداب الطلب، وهكذا من أحسن القصائد قصيدة طويلة على قافية الميم، للشيخ حافظ بن أحمد الحكمي -رحمه الله- وهي مطبوعة عدة طبعات، وأولها:
الحـمد للـه رب العالمين على * * * آلائه، وهو أهل الحمد والنعم
وعنوانها (المنظومة الميمية في الوصايا والآداب العلمية)، وأبياتها تقرب من المائتين، وهناك قصائد مختصرة يوجد كثير منها في كتاب (جامع بيان العلم وفضله) لابن عبد البر وفي غيره من الكتب.

« العلم الذي لا يسع المرء جهله » :

6- ما العلم الذي لا يسع المرء جهله ويعتبر آثما إذا قصر في طلبه؟
هو العلم الذي يعرف به كيف يعبد ربه، وكيف يعمل في حياته، وذلك مثل معرفة الأصول الثلاثة التي هي معرفة العبد ربه ودينه ونبيه بالأدلة، ثم معرفة حق الله -تعالى- على العبد، وهو الإخلاص، ومعرفة الشرك وما يتصل به، حتى يتركه، ومعرفة وجوب الولاء والبراء وما يتصل بذلك، وهكذا تعلم واجبات الدين كالطهارة وموجباتها، وكيفية رفع الحدث الأصغر والأكبر بالماء أو التراب، ومعرفة النجاسات وإزالتها، ومعرفة صفة الصلاة وما يلزم فيها، وشروطها، وأركانها، وواجباتها، ومبطلاتها، وهكذا الصوم وما يلزم فيه، ثم معرفة المحرمات كالربا، والزنا، والمسكرات، والسرقة، والقتل ونحوها، ويلزم المرأة معرفة ما يختص بالنساء كالطهارة من الحيض والنفاس، وما يتصل بذلك، ومن لزمه الحج تعلم صفته ومكملاته، ومحظورات الإحرام، ومن أراد سفرا لزمه تعلم ما يفعله المسافر، وما يرخص له فيه، وهكذا من يتعاطى التجارة، أو بعض الحرف يلزمه معرفة ما يلزم التجار من المعاملات المباحة والمحرمات، وهكذا يقال في النكاح ونحوه.

« تنبيهات وإرشادات » :

* الفنون التي تستحق الأولوية:

7- أي الفنون ترون أنها تستحق الأولوية في العناية بها وتوصون بإكثار الاطلاع والقراءة والحفظ فيها؟
تختلف الفنون باختلاف العباد والبلاد، فهناك دول وقرى يوجد عندهم الشرك بعبادة ودعاء الأموات، وعبادة القبور، فنوصيهم بالتوغل في دراسة كتب التوحيد العملي وأدلة وجوبه، والرد على القبوريين، ومعرفة شبهاتهم الموجودة في كتب الرد عليهم، كالرد على النبهاني والرد على الشيخ ذحلان والرد على علوي الحداد والرد على جميل أفندي الزهاوي العراقي ونحوهم، وهناك من يبتلى في بلاده بمذهب التعطيل كالمعتزلة، والأشاعرة، فنوصيه بقراءة كتب السلف كالسنة للإمام أحمد ولابنه عبد الله وللخلال ولابن أبي عاصم وكتب ابن تيمية وابن القيم في الرد على الجهمية، وهناك من يكثر التصوف في مجتمعه، فنوصيه بقراءة الرد على الصوفية لابن الجوزي وغيره، ونحو ذلك من المذاهب.

« التدرج في العلوم » :
8- كيف يتدرج طالب العلم في الفنون التالية: (التفسير- التوحيد- الفقه- الحديث- السيرة- اللغة)؟
على الطالب أن يبدأ بالأهم، فالأهم هو العلوم الشرعية، فإن العلم كثير، والعمر قصير.
فيبدأ في (العقيدة) بالأصول الثلاثة ونحوها حفظا وفهما، ثم بما تيسر من الشروح عليها، مما يوضح معناها للعامة والخاصة، ثم بكتاب التوحيد، يحفظ منه ما تيسر، ويستمع إلى شرحه عند أحد العلماء، ويقرأ ما يمكن من شروحه المطبوعة لمعرفة مدلول تلك الأدلة ومفهومها، ويقرأ بعد ذلك في الردود التي كتبها أئمة الدعوة وأتباعهم على من أنكر عليهم من المعاندين والمكذبين، مثل (صيانة الإنسان) في الرد على دحلان (وغاية الأماني) في الرد على ( النبهاني )، والرد على ( علوي الحداد )، وعلى ( جميل أفندي الزهاوي )، وعلى ( ابن جرجيس العراقي ) ففيها إبطال شبهاتهم، وأكاذيبهم.
أما (التفسير) فيبدأ فيه بقراءة غريب الكلمات، ومفردات الألفاظ، ثم بالتفاسير المختصرة، كتفسير ابن عباس، وتفسير ابن مسعود، وكذلك تفسير الجلالين، والنسفي مع التحفظ عن التأويلات الموجودة فيها، ثم بالتفاسير الموسعة كتفسير ابن أبي حاتم وابن جرير والبغوي وابن كثير وابن سعدي والجزائري وليحذر من تفاسير المعتزلة، والمعطلة، والصوفية، والقبوريين، ونحوهم.
أما في فن (الفقه) فهو الذي تشعبت فيه المذاهب، وكثر الخلاف في فروعه؛ لأنه مجال للاجتهاد، ويفضل أن يحفظ المبادئ وهي شروط الصلاة، وواجباتها، وأركانها، ثم يقرأ من عمدة الفقه حفظا أو فهما، ثم شرحها الصغير، ثم زاد المستقنع، مع شرحه الروض المربع، ثم بعده شرح الزركشي على الخرقي ثم المغني، وبعده له التوسع في كتب الخلافات، كزاد المعاد، وإعلام الموقعين ونحوها.
أما (الحديث) فيبدأ بحفظ الأربعين النووية، ويقرأ شرحها، ثم عمدة الأحكام، ومختصر شرحها، ثم البلوغ وشرحه، ثم المنتقى وشرحه، مع قراءة الصحيحين ونحوهما.
أما (السيرة) فيقرأ مختصرها للشيخ محمد بن عبد الوهاب ثم لابنه عبد الله ثم لابن هشام
أما (اللغة) فمتن الآجرومية وما علق عليه، ثم ملحة الأعراب والألفية.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 15-12-2009, 03:52 AM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متصل
مراقبة الملتقيات
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
مكان الإقامة: أبو ظبي
الجنس :
المشاركات: 13,884
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كتاب « كيف تطلب العلم »

« دراسة فقه مقارن » :

9- هل تنصحون المبتدئ إذا أراد أن يتعلم الفقه أن يدرسه دراسة فقه مقارن، أم يدرسه كـ (فقه مذهبي)؟
معلوم أن الفقه الاصطلاحي يختص بالعبادات، ثم المعاملات، ثم النكاح وما يلحق به، ثم الجنايات والحدود وما بعدها، وهذه العلوم قد أولاها العلماء عناية كبيرة، وكثرت فيها الخلافات المذهبية، وصنف أهل كل مذهب فيما ترجح عندهم، فننصح المبتدئ أن يقتصر على أحد المختصرات التي تناسبه، ثم يقرأ شروحها، ثم ينتقل إلى الكتب الواسعة التي تحوي مسائل كثيرة، وتذكر الأدلة والتعليلات، فبعد ذلك له أن ينتقل إلى قراءة المذاهب الأخرى للاطلاع عليها، والمقارنة بين المذاهب، ومعرفة الخلافات وأسبابها.
ففي المذهب الحنبلي إذا بدأ بقراءة مختصر الخرقي وحفظ من متنه ما تيسر، وقرأ شرحه للزركشي أو الآمدي فإنه يعرف مجمل المسائل الفقهية في المذهب الحنبلي، ويتمكن بعد ذلك من معرفة محتويات بقية الكتب المذهبية، كمؤلفات ابن قدامة -رحمه الله تعالى- فإنه كتب العمدة للمبتدئين، ثم المقنع لمن بعدهم، ثم الكافي لمن أراد التوسع في المذهب، ثم المغني لمن أراد الاطلاع على المذاهب الأخرى وأدلتها ومناقشها.
وأما في بقية المذاهب فإن علماءهم كتبوا فيها مختصرات ومطولات، ليتدرج الطالب من مبادئ العلوم إلى ما بعدها، حتى يصل إلى مرتبة القدرة على الاختيار، ومعرفة الراجح من الخلاف في مذهب واحد، أو في المذاهب الأخرى، وقد أكثروا من المتون والشروح والتفريعات، وإن كان الكثير منهم وقعوا في التعصب والتشدد في نصر المذهب الخاص بهم، وتكلفوا في رد من يخالفه من الأدلة بنوع من التأويل البعيد، كما فعل الطحاوي رحمه الله في شرح معاني الآثار، وابن التركماني في الرد على البيهقي وهكذا ما يوجد في بعض كتب المالكية من صرف الأدلة التي تخالف المذهب بنوع من التكلف والله المستعان.

« الصبر على طلب العلم » :

10- يحرص الطالب على طلب العلم ويهتم به، لكنه ينظر بعد حين إلى مقدار ما جناه من العلم فيجد ذلك قليلا.. فربما مل وضجر ورأى طول الطريق وصعوبة المواصلة؟ فتوقف، فما توجيهكم؟

عليه أن يستمر ويجد ويجتهد في الطلب، ولا يمل ولا يضجر من مواصلة الطلب، فإن الإنسان محل النسيان:
وما سمي الإنسان إلا لنسيه * * * ولا القلـب إلا أنـه يتقلب

فالنسيان طبيعة الإنسان، ولو لم يحصل النسيان لاكتفى المرء بدراسته شهرًا أو شهرين، وحفظ كل ما مر عليه من العلوم، ولكن من حكمة الله -تعالى- أن يحصل له نسيان بعض العلوم التي مرت به، حتى كأنه لم يكن قرأها ولا سعها، وعليه مع ذلك تكرار القراءة والمذاكرة، فإنه بذلك يحصل رسوخ المعلومات في القلب، وتأخر النسيان، وعليه أيضا الحرص على حفظ المتون والمختصرات، ثم تعاهد الحفظ وترداده، فإن الحفظ وسيلة إلى بقاء المعلومات، واستمرار تذكرها زمنا طويلا، وكذا الحرص على فهم المعاني، وتصور تلك المسائل، ومعرفة ما تدل عليه، فإن الكلام الذي لا يفهم معناه يتلاشى ويذهب من الذاكرة سريعا، وقد مثل بعضهم الكلام المفهوم بالإنسان الحي الذي يمشى معك ويساعدك، وما لا يفهم بالإنسان الميت يحمله الإنسان على رأسه ثم يمل منه ويلقيه، ثم لا بد من الصبر والتحمل على الاستمرار، ولو طال الزمن كما قال الشاعر:
أخي لــن تنال العلم إلا بستة * * * سـأنبيك عـــن تفصيلهـا ببيان
ذكاء, وحرص, واجتهاد, وبلغة * * * وصحبـة أسـتاذ, وطـول زمـان


فلا تستطل ما أمضيته في التعلم، فإن من وصايا بعض الفقهاء قولهم: طلب العلم من المهد إلى اللحد. وكان بعضهم يقول: من المحبرة إلى المقبرة. أي أن تشتغل بالكتابة واستصحاب المحبرة، وهي الدواة التي فيها المداد، ولا تتخلى عن ذلك حتى الموت، وذلك لأن العلم لا نهاية له، كما ورد في الأثر عن ابن عباس وابن مسعود والحسن البصري قالوا: منهومان لا يشبعان؛ منهوم في العلم لا يشبع منه، ومنهوم في الدنيا لا يشبع منها([1]).

« الاقتصار في بدء الطلب على قول واحد » :

11- يرى بعض الطلاب أن من وسائل التحصيل: القيام ببحث المسائل المختلفة في سائر الفنون بين الفينة والأخرى، وتقييد ذلك، هل ترون صحة هذه الطريقة؟ وبم توصون أصحابها؟
نوصي طالب العلم أن يقتصر في بدء الطلب على قول واحد، وهو الراجح والمعمول به في أي مذهب من مذاهب الأئمة، وذلك بحفظ المختصرات، وقراءة شروحها، والحرص على فهمها والعمل بها، فمتى أتقن ذلك وتمكن من معرفته وتطبيقه فعليه أن يبحث في مسائل الخلاف، ويمكنه أن يقتصر على أهم تلك المسائل وأحوجها إلى البحث عن الأدلة والتعليلات، وأقوال العلماء الربانيين، فيوليها بحثا كاملا حتى يطلع على ما قيل فيها، ويرجح ما هو الراجح من حيث الدليل، وما عمل به الصحابة وسلف الأمة، ويمكنه أن يبحث في المسائل التي كثر الخلاف فيها بين الأئمة، وحصل بسبب الخلاف نوع من الشدة والتعصب والنزاع كمسألة تقسيم المياه، والمسح على الجوارب، والترجيع في الآذان، والجهر في الجهرية بالبسملة، وقراءة المأموم خلف الإمام، وعدد الجماعة المشترط للجمعة ونحوها، وسوف يجد العلماء قد بحثوا ذلك في المؤلفات العامة، وأفردت في بحوث خاصة، ورجح كل ما اختاره.

« هل يُكتفى بالمقررات الدراسية ؟ » :

12- يكتفي بعض طلاب الدراسات الشرعية بالمقررات الدراسية التي يتناولونها في المعاهد أو الجامعات، هل ترون ذلك صحيحا؟
لا شك أن المقررات الدراسية تحوي علما كثيرا، حيث يمر الطالب بعدة مراحل يتلقى في كل مرحلة بعضا من المواد الشرعية التي تشرح له أثناء كل سنة، ويفهمها ويتذكرها، ويختبر فيها، وتبقى في ذاكرته وقتا طويلا أو قصيرا، ومع ذلك فإن المقررات قليلة بالنسبة إلى العلوم الشرعية التكليفية أو الأدبية، فنوصي الطلاب بعد التخرج أن لا يقتصروا على ما درسوه في المراحل التي مرت هم، بل عليهم أولا: مراجعة تلك المقررات وما عليها من التعليقات والتكملات، وتذكر ما قرؤوه وسمعوه في كل مرحلة سبقت، ثم عليهم مع ذلك التزود من العلوم النافعة، سواء بالتلقي من العلماء بواسطة الحلقات، والندوات، والمحاضرات، أو بواسطة الكتب الإسلامية النافعة المفيدة، فإن العلم كثير، وما حصل عليه الطالب قليل، وطالب العلم يحرص على التزود والطلب، سواء من مادة أو من عدة مواد، فمتى أتقن الفقه في مذهبه حرص على أصول الفقه فيه، ثم توسع في معرفة الأقوال الأخرى، وهو الفقه المقارن، وكذا يقال في علم النحو، والأدب، والتأريخ، وفي علم الحديث، والمصطلح، والقرآن وعلومه، فإن العلم كثير، والعمر قصير، وعلى الإنسان أن يبدأ بالأهم فالأهم، مع الإتقان والتحقيق.

« النحو وأصول الفقه » :

13- المصطلح والنحو وأصول الفقه... يعدها البعض (علوم آلة) ولا يرى حاجة للاهتمام بها.. بينما يصرف فيها آخرون جل أوقاتهم، ما رأي فضيلتكم في ذلك؟
هذه العلوم من الفنون التي اصطلح العلماء على مفرداتها، وسموا أنواعها بأسماء جديدة لم تكن مما عرفه العرب، بل ولا أكثر الصحابة، ومع ذلك فلها مكانة رفيعة عند أهل العلم، فأما مصطلح الحديث فيحتاج إليه من يقرأ في كتب الحديث ويستدل بها، متى يعرف ما صح منها وما لم يصح، ويعرف أسباب الضعف التي يرد بها الحديث، فتلك المصطلحات مما استعمله المحدثون لما أسندوا الأحاديث، وحصل في الأسانيد ما يخل بالمتون، فمعرفة المحدث بتلك المصطلحات ضروري، أما من اقتصر على نقل الأحاديث من كتب موثوقة يقتصر فيها على ما صح منها، فقد يستغني عن تلك المصطلحات أحيانا.
أما علم النحو فأرى أنه لازم لطالب العلم ولا يستغني عن مبادئه التي تقيم اللسان، ويسلم القارئ من الغلط في كلام الله -تعالى- وكلام رسوله -صلى الله عليه وسلم- وكلام أهل العلم، ومع ذلك فأرى الاقتصار منه على معرفة أصوله مع تطبيقها، ولا حاجة إلى التوغل فيه، والتوسع في الخلافات بين النحويين، فقد قال بعض العلماء: النحو في الكلام كالملح في الطعام، أي يؤخذ منه بقدر الحاجة، فأما أصول الفقه وعلوم القرآن، فأرى أنه يحتاج إليها في الجملة، وأن العالم الذي وصل إلى رتبة رفيعة في العلم لا يستغني عن تلك العلوم، ومن اقتصر على الفقه ومعرفة الأحكام والأدلة، وعرف تفسير القرآن من مراجعه فقد يستغني عن تلك الأصول والمقدمات.
« الحد الأدنى للقراءة والمدارسة في اليوم والليلة » :

14- ما الحد الأدنى الذي ترون أنه لا ينبغي للطالب أن يقل عنه قراءة ومدارسة في اليوم والليلة؟
أرى أن لا ينقطع طالب العلم عن القراءة وقتا طويلا فإنه بحاجة إلى تكرار ما ضبطه وعلمه حتى لا ينسى ما تعلمه وحفظه طوال مدة الطلب، وأن عليه التزود من العلوم النافعة، فإن طالب العلم لا ينقطع من الطلب، لما روي في الأثر: « منهومان لا يشبعان، طالب العلم وطالب دنيا » رواه الدارمي عن الحسن البصري وعن ابن مسعود وابن عباس من قولهم، ورواه الطبراني عنهما مرفوعا كما في مجمع الزوائد والوقف أصح، وفي الحث على التزود من العلم أدلة كثيرة مذكورة في كتب العلم، فنوصي طالب العلم أن يواصل الطلب كل يوم مهما استطاع، فإن قرأ في الكتب حدد له وقتا معينا كساعة من النهار، وساعة من الليل، يقضيها في مطالعة كتب العلم المنوعة ويتأمل ما فيها، وإن جمع من الأشرطة جعل ذلك في وقت الفراغ، ولو راكبا أو مضطجعا، وإن كان هناك حلقات علم حرص على المواظبة عليها يوميا أو أسبوعيا، فبذلك لا ينقطع عن التعلم.

« تخصيص وقت من أوقات اليوم لطلب العلم » :

15 - هل ترون تخصيص وقت من أوقات اليوم لطلب العلم كالفجر أو العصر أو العشاء مثلا؟
عمل المؤمن ديمة، أي ليس له نهاية، وقد علم أن هذه الحياة محل عناء وتعب، فمن انشغل فيها بالدنيا وطلب المال والتكسب لم يتفرغ للعلم ولا للعمل به، ومن علم أن الدنيا فانية، وأنها عرض حاضر، فقنع منها بالميسور، فإنه يجد فراغا يصرفه في طلب العلم، وهذا الفراغ ينبغي أن يكون وقت راحة النفس، وانقطاع العوارض والأحوال النفسية، ونختار له بعد صلاة العصر كساعة أو ساعتين، وبعد صلاة العشاء مثل ذلك، فمتى حدد هذين الوقتين، والتزم بتفريغ نفسه فيهما، فإنه سيجد وقتا مفيدا فتارة يرجع محفوظاته، ويجدد معلوماته التي اكتسبهما وقت الطلب، وتارة يقرأ في الشروح والتعليقات التي علقها هو أو غيره كتوضيح بعض العبارات، وتارة يقرأ في كتب أخرى لها صلة بما تعلمه، أو ليس لها صلة، لكنها من مؤلفات العلماء الربانيين، ثم متى انشغل في هذه الأوقات المخصصة بزيارة أو عمل عارض فعليه الحرص على تعويض ما فاته من تلك الساعات التي خصصها للطلب، والتزود، وعليه البعد عن الكسل، والخمول، والحرص على استعمال أوقات الفراغ فيما يعود عليه بالفائدة.


([1]) رواه الدارمي


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 15-12-2009, 03:53 AM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متصل
مراقبة الملتقيات
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
مكان الإقامة: أبو ظبي
الجنس :
المشاركات: 13,884
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كتاب « كيف تطلب العلم »


« القراءة » :
* كيف يقرأ طالب العلم ؟
* كتب ينصح بقراءتها ؟
* القراءة أولى أم الحفظ ؟
* من كان شيخه كتابه !

27- لا شك أن القراءة مهمة لطالب العلم، لكن السؤال المتكرر هو: كيف يقرأ طالب العلم ولمن يقرأ ؟
طلب العلم يحصل بحضور حلقات العلماء التي يقيمونها في المساجد والمساكن ونحوها، ويحصل أيضا بقراءة كتب أهل العلم للاستفادة منها، ويحصل أيضا بسماع النصائح والمواعظ والإرشادات، والمحاضرات والندوات والخطب، والأشرطة الإسلامية، وقد يسر الله -تعالى- الكتب الإسلامية القديمة والجديدة، فطبعت ونشرت مع التنسيق، والتحقيق، والفهارس التي تقرها لمن أراد الاستفادة منها، ثم إن الحاجة قد تعرض للطالب إلى البحث عن موضوع خاص هو موجود عنده في الكتب التي بحوزته، كصلة الرحم مثلا فطريقة العثور عليه أن يقرأ في الفهارس، أو يكرر قراءة الكتب، والنظر فيها، فيعرف موضع البحث، أو يقرأ بعض الأحاديث المتعلقة بالموضوع في أحد كتب التخريج، ويعرف موضع ذلك الحديث، فيجد إلى جانبه ما يتعلق هذا البحث، وكذا لو احتاج إلى معرفة حكم زكاة الحلي أو زكاة الفطر، أو الحجامة للصائم، ونحو ذلك فيبحث عن الحديث الذي يستدل به على ذلك فمتى وجده عثر على البحث في أغلب الكتب التي تناولت هذا الموضوع، سواء ببسط أو اختصار، لذلك طريقة يمكن تعلمها مع أحد الموجهين.

28- ما أفضل الكتب التي قرأتموها؟
أفضل الكتب على الإطلاق القرآن الكريم، ثم ما خدم به القرآن، وهي كتب التفسير، مثل تفسير ابن جرير وابن أبى حاتم والبغوي وابن كثير والشوكاني وابن سعدي ونحوها من تفاسير أهل السنة، وسلف الأمة، ثم كتب الحديث كالصحيحين، والسنن، والمسانيد، وكذا كتب علوم الحديث المختصرة والمبسوطة، كالنخبة، والبيقونية، ومقدمة ابن الصلاح والتقريب، والتدريب، ثم علوم التوحيد، كالسنة للإمام أحمد ولابنه عبد الله والنحل أو التوحيد لابن خزيمة وابن منده ونحوها، ثم كتب الفقه وما يتصل بها.
وقد بدأت بقراءة آداب المشي إلى الصلاة، للشيخ محمد بن عبد الوهاب وبعده كتاب زاد المستقنع، وشرحه الروض المربع، وبلوغ المرام، وشرحه سبل السلام، والآداب الشرعية، وشرح ابن رجب للأربعين ونحوها.

29- ما الكتب التي تنصحون طلاب العلم بقراءتها؟
الكتب كثيرة، والغالب أن بعضها يكفي عن بعض، لكن أكثر العلماء على أنه لا يغني كتاب عن كتاب.
فننصح في التوحيد: بكتاب السنة للإمام أحمد والرد على الجهمية له، وكتاب الإيمان لابن أبي شيبة واللمعة لابن قدامة والواسطية لابن تيمية وكتاب التوحيد لابن عبد الوهاب وسلم الوصول للحافظ الحكمي ثم بشروحها المختصرة للمبتدئ.
وننصح في الحديث: بعمدة الأحكام، والأربعين النووية، والمحرر لابن عبد الهادي والبلوغ لابن حجر ثم بشروحها المختصرة.
ونوصي في التفسير: بالجلالين، ومختصر تفسير ابن كثير للرفاعي وتفسير أبي سعدي والجزائري وغيرها.
ونوصي في الفقه: بآداب المشي إلى الصلاة لابن عبد الوهاب وعمدة الفقه لابن قدامة ومختصر الخرقي والمقنع، لابن قدامة وزاد المستقنع للحجاوي ثم بشروحها المختصرة التي تناسب المبتدئ.
ونوصي في النحو: بالآجرومية، وملحة الإعراب، وقطر الندى، ثم بشروحها المختصرة.
وفي الفرائض: بنظم الرحبية، ثم بشروحه المختصرة.
وفي كتب التاريخ: مختصر السيرة لمحمد بن عبد الوهاب ولابنه عبد الله والبداية والنهاية لابن كثير
وفي المصطلح: نخبة الفكر، والبيقونية، و(غرامي صحيح)، وألفية العراقي
وفي الأدب الديني: الأدب المفرد للبخاري وروضة العقلاء لابن حبان ورياض الصالحين، وأدب الدنيا والدين، وعدة الصابرين، وروضة المحبين، وتنبيه الغافلين للنحاس، والرياض الناضرة.

30- ذكرتم جملة من الكتب القيمة، غير أن بعض الطلاب في بداية طلبهم للعلم ربما استشكلوا صعوبة مصطلحات كتب المتقدمين وقوة لغتهم.. فآثروا القراءة في الكتب المعاصرة والرسائل والمصنفات الصغيرة.. ما رأيكم في ذلك؟ وهل من سبيل لتجاوز هذه المشكلة؟
هذا ليس على إطلاقه، فإن الطلاب في جميع المراحل يبدؤون بقراءة كتب قديمة، وتشرح لهم، ويفهمون ما فيها، بل نعتقد أنها أقرب إلى الفهم من كتب المتأخرين، وقد أوضحوا مصطلحاتهم في مقدمات كتبهم أو في شروحها، واستعمل المتأخرون تلك المصطلحات، لمعرفتهم بما يراد بها، فإن قرأت في كتب العقائد وجدتها واضحة الأسلوب، جلية المعاني، مثل كتب السلف التي سموها باسم السنة، أو باسم التوحيد، أو باسم الإيمان، أو الشريعة أو الاعتقاد، فالغالب أنها أخبار وآثار، وأحاديث جلية ظاهرة، وإن قرأت ما كتبوه في الحديث كالصحيحين، والسنن، والمسانيد، فقد رتبوها على الأبواب الظاهرة، أو جمعوا أحاديث كل صحابي جميعا، وبقراءة الحديث يفهم معناه، وقد شرحت الكتب ووضحت معانيها، فنوصي بقراءة كتب اللغة، والنحو، والأصول، والمصطلح، وبتعلم ما اصطلحوا عليه من التعاريف التي بينوها في كتب الأصول، كالواجب، والمسنون، والمندوب، والمحظور، والمباح، والسنة، والرخصة، والعزيمة، ونحوها، حتى يستفاد من كتب المتقدمين بسهولة.

31- هل ترون أن يشتغل الطالب المبتدئ بالقراءة وجرد الكتب، أم بالحفظ ومدارسة المتون، ويترك القراءة إلى أن يتقدم في السن وتتسع مداركه؟
ننصح من كان جيد القريحة ذكي القلب أن يهتم بالحفظ وإتقان المتون المهمة في الفقه، والحديث، والنحو، والصرف، والتوحيد، ونحوها، فإن الحفظ الجيد القوي يبقى مع صاحبه في الحال والمآل، فإن صعب عليه فهم بعض العبارات فعليه بقراءة شرحها، حتى تتضح، فإن الحفظ مع عدم الفهم قليل البقاء، فبعد حفظ المهم من المتون يشتغل بالشروح والكتب الموسعة، أما من كان ضعيف الحفظ سريع النسيان، فننصحه بكثرة القراءة، والانكباب على المطالعة، وكثرة المذاكرة، والنظر في الكتب وتأمل ما فيها، وتكرار قراءتها، حتى تحصل الفائدة منها.

32- بعض الشباب يتردد في شراء الكتب التي يبدو له نفعها بحجة وجود جملة من الكتب في مكتبته، ولم يفرغ منها بعد، فما رأيكم؟
إذا كانت هذه الكتب التي عنده كافية في جمع العلوم المفيدة في الأحكام، والآداب، والشرع، والعلم الصحيح، فننصحه بعدم شراء سواها حتى يتقنها، ففيها الكفاية، وحتى لا ينشغل بالكتب الجديدة التي لا يحتاج إليها وبالأخص كتب المتأخرين من الأدباء، والشعراء، وأهل النظر والفكر، وكذا الكثير من الكتب التجارية التي قصد من طبعها من ورائها تحصيل المال، والثروة، مع قلة الحاجة إليها، أما إذا تجدد كتب مفيدة في العقائد، والعلوم النافعة، فعلى الطالب الحرص على اقتناء ما تيسر منها، سواء من كتب المتقدمين أو المتأخرين.

33- هناك مقولة يرددها البعض وهي قولهم: (من كان شيخه كتابه فخطأه أكثر من صوابه) هل هذه المقولة بإطلاقها؟ وما صحة كونها أطلقت على زمان كانت الكتب مليئة بالتصحيف والأخطاء بخلاف ما هي عليه اليوم من وضوح وتحقيق؟
أعتقد أنها ليست على إطلاقها، ولكنها واقعية في بعض الأشخاص، وفي بعض العلوم، فإن هناك مواد وفنون لا بد من قراءتها على عالم يوضح معانيها بالأمثلة، والأدلة، والشواهد، فإن علم النحو يصعب أخذه من الكتب على الإطلاق، وكذا علم التجويد، لا يفهم إلا بالتمثيل المسموع، وكذا الكتب المختصرة التي تحتاج إلى تحليل معانيها، وإيضاح جملها، فإن المدرس الذي تلقى العلم عن مشايخ وعلماء عارفين، يكون شرحه وتقريره أوضح وأظهر، من الذي تلقى ذلك من الكتب والرسائل.
وأما إن كان عنده فهم وإلمام باللغة، ومعرفة بالنحو، ومصطلحات العلماء والأصوليين، فإن الكتب المحققة تفيدهم، وذلك أن علماء الأمة -رحمهم الله- قد اجتهدوا في نفع من بعدهم، وألفوا من الكتب ما يمكن أن يحتاج إليه مع الاستيفاء، والإيضاح والبيان، ثم يسر الله -تعالى- المطابع وآلات التصوير، فنشرت تلك المؤلفات، وحققت، وفهرست، وقربت، فأصبح فهمها سهلا، والاستفادة منها متيسرة لمن كان عنده معرفة بمبادئ العلوم، ومقدمات الفنون، وقد حصل من الكتب نفع كثير، واستفاد منها وتعلم بواسطتها جم غفير، أناروا وألفوا وعلموا وعملوا.

34- أي الخيارين ترى: أن يعيد الطالب قراءه كتاب سبق له الفراغ منه طمعا في مزيد من التثبيت للعلم، أم قراءه كتاب آخر لم يسبق له قراءته؟
المختار أن يبدأ في كل فن بأحد المختصرات، ويهتم به حتى يفهمه، ويستحضر محتواه حفظا وفهما، ثم ينتقل إلى ما هو أوسع منه في موضوعه، ولا يمنعه ذلك عن القراءة في كتب أخرى تتعلق بذلك الفن أو غيره من الفنون، فمثلا إذا اشتغل في الفقه بزاد المستقنع، حرص على حفظه أو فهم جمله، وطالع أصله الذي هو المقنع، وشروح المقنع، وشروح الزاد، حتى يعرف محتواه، ولا يقرأ فيه مرة، وفي المحرر مرة أخرى، وفي كتب المذاهب الأخرى مرارا، فإن ذلك يفرق معلوماته، فمتى أتقن ذلك الفن تمكن بعد ذلك من التوسع وقراءة بقية الكتب.

35- كتب الأدب والشعر والسير والتراجم والتاريخ، هل ترون أن يصرف الطالب بعض وقته وقراءاته فيها؟ وبم توصون؟
لا بأس بذلك، فإن المؤلفين لتلك الكتب قد بذلوا فيها جهدا كبيرا، ووقتا ثمينا ولقوا في تأليفها عرق الجبين، وكد اليمين، ولا نشك في حسن مقاصدهم ونياتهم، وأن تلك المؤلفات مما يستفاد منها في هذه الحياة، فإن علم السيرة والتأريخ يحتوي على ذكر آثار النبي -صلى الله عليه وسلم- ومبدأ نبوته، ومعجزاته، وتفاصيل غزواته، وما حدث له في حياته، مما فيه عبرة وموعظة وذكرى للمؤمنين، فلذلك نوصي بقراءة كتب السيرة، وتعقل محتوياتها، وذلك مما يكسب المؤمن طمأنينة قلب وقوة إيمان، وهكذا سيرة الخلفاء الراشدين، وما بذلوه لنشر الدين، ونصرة الإسلام، وما حصل في خلافتهم من النصر والتمكين، وتأييد رب العالمين، وهكذا ما جرى بعدهم على الأمة من المصائب والمحن، وما ذكر في تراجم العلماء والملوك، وحوادث الزمان، ففي قراءة ذلك عبرة وموعظة وذكرى، لمن تأمل وتفكر.
وأما كتب الأدب والشعر، وتراجم الشعراء العرب، وذكر شيء من بلاغتهم، ومحتويات أشعارهم، فمتى كان المؤلف من أهل العلم، والنصح، والدين، فإنه يضمنها مواعظ، وإرشادات، وفوائد نافعة فقراءتها أحيانا مفيدة للتزود من تلك العلوم، والاطلاع على ما فيها من العبر والعظات، أما بعض المؤلفات في هذا الفن، فإنها تحتوي على أكاذيب، وعلى عيب وثلب لأهل الصلاح، وتعظيم للمبتدعة، وتعداد لفضائلهم فنوصي بالبعد عن تلك الكتب، ولا شك أن الاشتغال بهذه الفنون دائما مما يفوت على الطالب طلب العلم الصحيح، فتعتبر هذه الكتب تسلية، يشغل بها وقت الفراغ للترفيه عن النفس.

« الدعوة » :
* الدعوة ليست مضيعة للوقت.
* تعارض العمل الدعوي مع الطلب.
* واجب طلاب العلم في هذا الزمان .
* إدراك طالب العلم للواقع .
36- بعض الشباب يفترض أن هناك تعارضا بين العلم والدعوة ، فما قولكم رعاكم الله؟
لا تعارض بينهما، فإن مجال الدعوة واسع، يستطيع الطالب أن يزاوله ويقوم به في كل حين وفي كل مكان، فيمكنه أن يتعلم في المدرسة ويقوم بالدعوة هناك مع زملائه ومعلميه، حيث قد يوجد فيها من يخطئ أو يقترف منكرا أو يترك واجبا، فيحتاج إلى من يدعوه إلى الخير، ويحذره عن السوء والمنكر، وهكذا يقدر الطالب أن يقوم بالدعوة في طريقه إلى مدرسته ذهابا أو إيابا، فقد يلاقي من يحتاج إلى نصيحة أو إرشاد، فيدعوه وينبهه على ما وقع فيه من الخطأ، ويقوم بالدعوة في منزل أهله، ومع جيرانه، وفي المسجد، والسوق، والطريق، ولا يصده شيء من ذلك عن طلب العلم في مدرسة أو جامعة، أو حلقة علم، أو استفادة من كتاب، أو سماع طلبة، أو حضور ندوة علمية أو نحو ذلك، وهكذا من يعمل في وظيفة الدعوة إلى الله لا يشغله ذلك عن تعلمه واستفادته، وحضوره لمجالس العلماء، وبحثه عن المسائل المفيدة، وسؤاله طلبه العلم عما أشكل عليه، وطلب العلم حال الدعوة ممكن، فإن الداعية بحاجة إلى التعلم كل حين، لما قد يلاقيه من أسئلة واستفسارات يحتاج إلى تصحيح الجواب فيها.

37- بعض من ينصب جميع اهتمامه لطلب العلم إذا رأى من يهتم بالأمور الدعوية سفه من شأنه، ورماه بتضييع الأوقات فما رأي فضيلة الشيخ؟
لا يجوز مثل هذا، بل عليه أن يشجعه ويسدد رأيه، حيث إن طالب العلم يلزمه العمل بعلمه كل وقت، ويلزمه مع العمل الدعوة إليه، ثم الصبر على الأذى فيه، فكل من حصل على فائدة وتحقق صحتها فعليه أن يطبقها في نفسه، وعليه أن يدعو إخوانه المسلمين إلى العمل بها، ولو لم يتعلم بقية المسائل والأحكام، وليس من شرط الداعية أن يكون قد أحاط بكل العلوم، وأدرك كل الفنون، بل كل من علم حكما عمل به، ودعا إلى تعلمه والعمل به، ولا ترده الدعوة إليه عن مواصلة التعلم، وليست الدعوة خاصة بالأسفار وقطع المسافات إلى البلاد النائية لأجل دعوتهم، حيث يقدر على الدعوة وهو مقيم، لوجود من يحتاج إلى نصحه وتوجيهه، وكذا قد تحصل الدعوة بالمكاتبة، وإرسال النصائح التي يحصل بها نفع للمدعوين، وكذا تحصل الدعوة بالمكالمات الهاتفية ونحوها عند الحاجة إلى ذلك، ولا ينشغل بشيء من ذلك عن طلب العلم.

38- عند تعارض عمل دعوي محدد مع وقت كان الطالب خصصه لطلب العلم فأيهما يقدم؟
أرى أن يقدم العمل الدعوي؛ لأنه قد يفوت فيندم على عدم تداركه، ومثل ذلك: إذا كنت قد خصصت بعد صلاة العصر لقراءة في كتاب، ومطالعة لبعض الفوائد، وعملت بذلك أياما، واستفدت من هذا الوقت الذي لا يفرط فيه، ثم عرض منكر أو فحش، أو حدوث بدعة لبعض الجاهلين، وعرفت أنه بحاجة إلى نصيحة ومجادلة، وإطالة كلام يفوت معه الوقت الذي حددته للقراءة، فإنك تقدم نصيحة هذا الجاهل وإرشاده، لإمكان تدارك طلب العلم في وقت آخر.

39- إذا كان الشاب في مدرسته، ويستطيع العمل فيها بالدعوة والمشاركة في أعمال الخير، فهل يحث على ذلك أم لا؟ وبخاصة أن بعض الشباب يعرض عن المشاركة متذرعا بالانكباب على طلب العلم، وأنه لا يزال في مرحلة التلقي والطلب لا مرحلة الإلقاء والدعوة؟
مشاركته في أعمال الخير أولى به، وشغل وقته بالدعوة لا يعوق عن الدرس والتلقي الذي له أكثر الوقت، سيما والمدارس غالبا يلاحظ عليها الكثير من الخلل والنقص والمخالفات، فيوجد من بينهم من يحلق لحيته أو يقص منها، ومن يسبل في اللباس، ومن يشرب الدخان أو النارجيلة، ومن يتكاسل عن الصلاة، أو يتخلف عن الجماعة، ومن يلغو ويسخر ويهزأ بالآخرين، ويسب ويشتم، ويغتاب، ويلعن، ويعيب، ومن يزن بالهنات، أو يميل إلى الفواحش، ويسمع الأغاني، ويقتني آلات اللهو والباطل، يكثر مثل هذا في الطلاب أو المدرسين، والمدراء، والخدم، والموظفين، فلا يحتقر الطالب نفسه أن يلقي كلمة بعد الصلاة أو قبلها، ويضمنها النصح والتوجيه العام، ويفند بعض المعاصي التي يتصور وجودها قي ذلك المجتمع، ويورد الأدلة، ويبين وجه الصواب، وهكذا يدعو الأفراد وينبه الفرد سرا بما يلاحظه عليه، ولا يذكره علنا فالمؤمن يستر وينصح، والمنافق يهتك ويفضح.
وهكذا له أن يشتغل في نشاط المدرسة، ويشارك في إعداد الصحف الحائطية، وكتابة المقالات المفيدة، وتصوير وطبع الكلمات القيمة، والنشرات الدينية والأدبية، مما يكون له وقع وتأثير في النفوس، وفائدة محسوسة بإذن الله -تعالى- في تحسين الأحوال والأخلاق، وأعتقد أن ذلك لا يعوق عن طلب العلم، ومذاكرة الدروس، والتلقي عن المعلمين، أما إن كان قليل الفهم، أو ضعيف الذاكرة، متى اشتغل بالنشاط والدعوة قل حفظه من العلم، فإن الأولى له الانكباب على طلب العلم والمذاكرة، وكذا من كان منهمكا في المعاصي فإصلاح نفسه أولى به، والله أعلم.

40- ما واجب طلاب العلم في هذا الزمان الذي اشتدت فيه غربة الدين، وتكاثرت فيه الفتن على المسلمين؟ وهل ترون أن إقامتهم للدروس العلمية وتأليفهم للرسائل والكتب كاف في أداء الواجب؟
واجب طلبة العلم كبير، وحملهم ثقيل، فإن الله -تعالى- حملهم العلم الذي هو شرعه، وكلفهم بالعمل به، وبالبيان والبلاغ، فأولا: يلزمهم العمل بالعلم، فإنه ثمرة ما تعلموه، فالعلم بلا عمل، كالشجر بلا ثمر، ومن عمل بما علم أورثه الله علم ما لم يعلم، وهذا أمر مشاهد محسوس، فمن لم يعمل بعلمه لم يبارك له فيه، ولم ينتفع به، حيث إن جمهور الناس يقتدون به في عمله أكثر من اتباعهم لأقواله، ولهذا قال ابن القيم -رحمه الله تعالى- ما معناه: علماء السوء جلسوا على أبواب النار يدعون إليها بأفعالهم، ويدعون إلى الجنة بأقوالهم، فإذا قالت أقوالهم هلموا، قالت أفعالهم لا تسمعوا، فلو كان ما يقولون حقا لكانوا أول العاملين به... اهـ.
قال الشاعر:
يـا أيها الرجل المعلم غيره * * * هلا لنفســك كـان ذا التعليم
ابدأ بنفسك فانهها عن غيها * * * فـإذا انتهت عنـه فأنت حكيم
فهناك يقبل ما تقول ويقتدى * * * بـالقول منـك وينفع التعليـم
لا تنـه عن خلق وتأتي مثله * * * عـار عليـك إذا فعلـت عظيم


41- ما مدى حاجة طلاب العلم إلى معرفة وإدارك واقعه الذي يعيشه؟
الحاجة ماسة بأهل العلم إلى معرفة واقع الأمة الحالي، ثم القيام بما يلزم حامل العلم من معالجة ما يحتاج إلى علاج، فمتى انتشر الجهل بالدين، وانشغل الجمهور بالمصالح الدنيوية، وأكبوا على الدنيا، وعظموا أهلها، وتخبطوا في ظلمات الجهل والهوى، لزم العلماء الانتباه لذلك، والسعي في تعليم أفراد الأمة ما يلزمهم في دين الله، سواء عن طريق الإذاعة، أو الخطب، أو الحلقات، أو المجالس، أو الأسواق، أو في المجتمعات والمراكب البرية والجوية، سواء بإلقاء أسئلة يطلب الجواب عليها، أو إقامة مؤتمرات ودورات علمية يجمع إليها أهل الرغبة من المسنين الجهلة، ويبذل ما يرغبهم من أعطية، وهدايا، وجوائز لمن واظب وحفظ، ومتى أعرض الجمهور عن العمل بالعلم وعاندوا الحق، وركبوا أهواءهم، وتمادوا في غيهم، واستمروا في المعاصي، وترك الطاعات بدون عذر الجهل، كان لزاما على حملة العلم السعي في علاج ذلك بتقوية جانب أهل الحسبة، وبالأخذ على يد الظالم، والحرص على إقامة الحدود، وعقوبة العصاة والمعاندين، ومنعهم من مزاولة الأعمال التي يتعدى ضررها، وتعزير من يعاند ويخالف بجلد، أو سجن، أو طرد عن وظيفة، أو تنكيل، فإن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن.
ومتى تمكن دعاة الكفر والمبتدعة من نشر أديانهم ومعتقداتهم، واهتبلوا غفلة الناس، وبنوا الكنائس والحسينيات، وفتحوا مدارس يعلمون فيها الكفر والانحراف، لم يسع العلماء السكوت، بل تحتم عليهم أن يقوموا بدورهم للأخذ على أيدي أهل الضلال، وطردهم وإبعادهم عن بلاد الإسلام، وتأييد دعاة التوحيد، وتمكين المخلصين من طرد أولئك، وإقامة الحق مكان الباطل، وبناء المساجد والمدارس الإسلامية.


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 15-12-2009, 03:55 AM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متصل
مراقبة الملتقيات
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
مكان الإقامة: أبو ظبي
الجنس :
المشاركات: 13,884
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كتاب « كيف تطلب العلم »

يتبــــــــــــــــع إن شاء الله
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 136.20 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 131.97 كيلو بايت... تم توفير 4.24 كيلو بايت...بمعدل (3.11%)]