{ومن دخله كان آمنًا} - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         هل يخلف الله وعيده؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          كتاب الآداب الإسلامية في الحياة الاجتماعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          خواطر سريعة في العيد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »          القول فيمن مات وقد لزمه الحج والعمرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »          خطة إيمانية شاملة أعمال اليوم والليلة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          قصة زواج موفق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 35 )           »          القوامة وأثرها في استقرار الأسرة والمجتمع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 36 )           »          وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          ماذا أفعل مع طفلي العنيد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 35 )           »          لأن عقلك يستوعب أكثر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 27-01-2020, 04:30 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,029
الدولة : Egypt
افتراضي {ومن دخله كان آمنًا}

{ومن دخله كان آمنًا}



الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل




الحمد لله رب العالمين؛ جعل البيت مثابةً للناس وأمنًا، يثوبون إليه من شَتَّى أقطارهم، ويستقبلونه في دعائهم وصلاتهم، نحمده حمدَ الشاكرين، ونستغفره استغفار المذنبين، ونسأله من فضله العظيم، فهو - سبحانه - باسط الخيرات، ومُقِيل العثرات، ورافع العقوبات، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ له الحمد كله، وبِيَدِه الخير كله، وإليه يرجع الأمر كله، علانيته وسره، أهلٌ أن يُحْمَد، وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله؛ بعثه الله - تعالى - بالهدى ودين الحق، فأبقى للحَرَم أمنه، وأعاد له هيبته، ورسَّخ فيه التوحيد وأقام الملة، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه؛ عظَّموا الله - تعالى - فعظَّموا شعائره، وحفظوا للبيت الحرام حرمته ومكانته، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:
فأُوصِي نفسي وإياكم بتقوى الله - تعالى - وطاعته، وتعظيم شعائره، والوقوف عند حدوده؛ {تِلْكَ حُدُودُ الله فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ الله فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} {البقرة: 229}.

أيها الناس:
لمكة المباركة، وكعبتها المشرفة، ومسجدها الحرام - منزلةٌ عظيمة عند المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها؛ لتعلقها بأمَّهات عباداتهم، وكونها موضع شعائرهم، ولأن الله - تعالى - جعلها أفضل البقاع وخيرها، وأكثرها طمأنينة وأمنًا، وقضى - سبحانه - أن تكون موضعًا لذكره وعبادته.

إن مكة الآمنةَ المباركةَ ما فُضِّلت على سائر بلاد الدنيا بطيب هوائها، أو خضرة أرضها، أو عذوبة مائها، فهي صحراء مقفرة، لا زرع فيها ولا ماء، لولا أن الله - تعالى - أجرى عين زمزم فيها؛ كرامة لإسماعيل وأمه - عليهما السلام.

وإنما فُضِّلت مكة بما حَوَتْه أرضها من المشاعر، ولما يُقَام فيها من الشعائر، فكم قَصَدَ البيت الحرام من حاجٍّ ومعتمر ومجاور وطائف ومصلٍّ، منذ أن أذَّن فيه الخليل - عليه السلام - إلى يومنا هذا؛ {وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ * وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} {الحج: 26- 27}.

ولأن الله - تعالى - أراد أن يكون البيت موضعًا لذكره وتعظيمه، وإقامة شعائره، وأداء مناسكه؛ فإن ذلك لا يتحقَّق إلا بأمنه؛ ولذا دعا الخليل - عليه السلام - بذلك كما أخبر الله - تعالى - عنه: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا البَلَدَ آَمِنًا} [إبراهيم: 35] وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إِنَّ إبراهيم حَرَّمَ مَكَّةَ))؛ رواه الشيخان.

وقد استجاب الله - تعالى - دعاء الخليل - عليه السلام - فجعل بيته آمنًا؛ {وَإِذْ جَعَلْنَا البَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا} [البقرة: 125]، وأوجب أمن قاصديه: {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آَمِنًا} [آل عمران: 97]؛ أي: مَن دخله فأمِّنوه، ووصفه - سبحانه - بالأمن في قَسَمِه به: {وَهَذَا البَلَدِ الأَمِينِ} [التِّين: 3]، وتوارث العرب تعظيم البيت وتأمين قاصديه حتى في جاهليتهم، فمَن لجأ إليه أَمِنَ من الغارة والقتل، ولما أراد أبرهة الحبشي هدم البيت، وانتهاك حرمته، وإزالة أمنه، عاقبه الله - تعالى - وجيشَه: {وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ * تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ * فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ} [الفيل: 3- 5]، فدعا الله - تعالى - قريشًا للإيمان، وامتنَّ عليهم بتقدير الأمن في البيت الحرام في وقت كانت فيه أحياء العرب يعيشون ذعرًا وخوفًا، ولا يجدون طمأنينة ولا أمنًا؛ {أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آَمِنًا} [القصص: 57]، وفي آية أخرى: {وَآَمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} [قريش: 4].

ولما بعث الله - تعالى - نبيَّه محمدًا - صلى الله عليه وسلم - بالرسالة، ونصره على المشركين، وعادت مكة إلى حظيرة الإسلام - أكَّد النبي - صلى الله عليه وسلم - حرمةَ البيت، وتأمين قاصديه، وطبَّق ذلك عمليًّا في الفتح مباشرة؛ إذ كان أهل مكة خائفين لما رأوا انتصار المسلمين وقوَّتهم، وظنُّوا أنهم يُقتلون ويُبادون، ولكن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمَّن مَن دخل المسجد الحرام، وأمَّن مَن دخل بيته فأغلق عليه بابه، وأمَّن مَن دخل دار أبي سفيان، وأمَّن مَن ألقى السلاح، ثم أعلن من جوار البيت العفو المطلق، والأمان العامَّ لأهل مكة مع أنهم آذوه وحاربوه وقتلوا أصحابه - رضي الله عنهم.

ومن تأكيده - صلى الله عليه وسلم - على حرمة مكة وأمنها، وتشديده في انتهاكها واستحلالها:
أنه خطب في الناس بعد الفتح يرسِّخ هذا المعنى العظيم؛ لئلا يظنَّ الناس أن دخوله - صلى الله عليه وسلم - مكة بالسلاح يسوِّغ لغيره فعل ذلك؛ فهذا من خصائصه - صلى الله عليه وسلم - وليس لأحد سواه؛ كما روى أبو شُرَيْحٍ الْعَدَوِيُّ - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قام لِلْغَدِ من يَوْمِ الْفَتْحِ فحَمِدَ الله وَأَثْنَى عليه ثُمَّ قال: ((إِنَّ مَكَّةَ حَرَّمَهَا الله ولم يُحَرِّمْهَا الناس، فلا يَحِلُّ لاِمْرِئٍ يُؤْمِنُ بِالله وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَسْفِكَ بها دَمًا ولا يَعْضُدَ بها شَجَرَةً، فَإِنْ أَحَدٌ تَرَخَّصَ لِقِتَالِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فَقُولُوا له: إِنَّ الله أَذِنَ لِرَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - ولم يَأْذَنْ لَكُمْ، وَإِنَّمَا أَذِنَ لي سَاعَةً من نَهَارٍ، وقد عَادَتْ حُرْمَتُهَا الْيَوْمَ كَحُرْمَتِهَا بِالأَمْسِ، وَلْيُبَلِّغْ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ))؛ رواه الشيخان، وجاء في حديث ابن عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم افْتَتَحَ مَكَّةَ: ((فإن هذا بَلَدٌ حرَّمه الله يوم خَلَقَ السماوات وَالأَرْضَ، وهو حَرَامٌ بِحُرْمَةِ الله إلى يَوْمِ الْقِيَامَةِ))؛ رواه الشيخان.

وأنزل الله - تعالى - عليه قرآنًا يُتْلَى إلى يوم القيامة هو من آخر ما نزل من القرآن يؤكِّد فيه حرمة البيت وتأمين قاصديه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لاَ تُحِلُّوا شَعَائِرَ الله وَلاَ الشَّهْرَ الحَرَامَ وَلاَ الهَدْيَ وَلاَ القَلائِدَ وَلاَ آَمِّينَ البَيْتَ الحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَانًا} [المائدة: 2]، فيا لله العظيم! ما أعظم حقَّ قاصدي البيت الحرام للتنسُّك والعبادة؛ إذ أمر الله - تعالى - بتأمينهم في عدد من آي القرآن، وأبدى فيه وأعاد، وأكَّده في آخر السور نزولاً، فما أجلَّه من أمر! وما أشده من حكم!

ثم يصدع بذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أكبر جمع في حياته، وعلى أحسن هيئة وحال، حين حج حجة الوداع، فخطب في الجموع الغفيرة بعرفة معظِّمًا البيت الحرام، مُؤَمِّنًَا قاصديه؛ فقال - صلى الله عليه وسلم -: ((إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هذا في شَهْرِكُمْ هذا في بَلَدِكُمْ هذا))؛ رواه مسلم، فأكَّد على حرمة بلد الحج وهي مكة، كما أكد على حرمة زمنه.

وفي يوم النحر أعاد تأكيد هذا الأمر فخطبهم - صلى الله عليه وسلم - ومما قال في ذلك اليوم العظيم: ((فإن دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هذا، في بَلَدِكُمْ هذا، في شَهْرِكُمْ هذا))؛ رواه مسلم.

ومنع - صلى الله عليه وسلم - حمل السلاح فيه؛ لئلاَّ يخاف الناس؛ كما في حديث جَابِرٍ - رضي الله عنه - قال سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((لاَ يَحِلُّ لأَحَدِكُمْ أَنْ يَحْمِلَ بِمَكَّةَ السِّلاَحَ))؛ رواه مسلم.

ومَن قصد فيه شرًّا، أو أراد أذيَّة قاصديه وزوَّاره عذَّبه الله - تعالى - ولو كان في أيِّ مكان من الأرض؛ {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الحج: 25]، قال ابن مسعود - رضي الله عنه -: "لو أَنَّ رَجُلاً هَمَّ فيه بإلحادٍ وهو بِعَدَن أَبْيَنَ لأَذَاقَهُ الله - عز وجل - عَذَابًا أَلِيمًا"؛ رواه أحمد.

ومَن أراد بالحرم وقاصديه سوءًا فهو من أبغض الناس عند الله - تعالى - كما في حديث ابن عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - أَنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((أَبْغَضُ الناس إلى الله ثَلاَثَةٌ: مُلْحِدٌ في الْحَرَمِ، وَمُبْتَغٍ في الإِسْلاَمِ سُنَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ، وَمُطَّلِبُ دَمِ امْرِئٍ بِغَيْرِ حَقٍّ لِيُهرِيقَ دَمَهُ))؛ رواه البخاري.

ولذلك عظَّم الصحابة - رضي الله عنهم - الحرم، وهابوا الخطأ فيه، وحَذِروا من لغو الكلام، قال عمر - رضي الله عنه -: "لأنْ أخطئ سبعين خطيئة برُكْبَةَ أحبُّ إلي من أن أخطئ خطيئة واحدة بمكة"؛ رواه عبد الرزاق، ورُكْبَةُ: وادٍ بالطائف.

وقال ابن عمر - رضي الله عنهما -: "كنا نتحدث أن الإلحاد فيه أن يقول الإنسان: لا والله، وبلى والله، وكلا والله"، ولذلك كان له فسطاطان: أحدهما في الحل، والآخر في الحرم، فكان إذا أراد الصلاة دخل فسطاط الحرم، وإذا أراد بعض شأنه دخل فسطاط الحل.

فما أعظم حرمةَ البيت الحرام! وما أشدَّ انتهاكَ هذه الحرمة عند الله تعالى! ومَن أراد الحَرَم أو قاصديه بسوءٍ فإنه لا يفلح أبدًا؛ لأنه محارب لله - تعالى - ولزوَّار بيته، نسأل الله - تعالى - العافية والسلامة، كما نسأله - سبحانه - أن يحفظ بلادنا وبلاد المسلمين من كيد الكائدين، وشر المتربِّصين، وأن يردَّهم على أعقابهم خاسرين، إنه سميع مجيب.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ الله وَالمَسْجِدِ الحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً العَاكِفُ فِيهِ وَالبَادِ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الحج: 25]، بارك الله لي ولكم.




الخطبة الثانية


الحمد لله حمدًا طيبًا كثيرًا مباركًا فيه كما يحبُّ ربُّنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.

أما بعد:
فاتقوا الله - تعالى - وأطيعوه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [المائدة: 35].

أيها المسلمون:
لا يمكن لمسلم يقرأ القرآن، ويرى فيه تعظيم البيت الحرام إلا ويستقر هذا التعظيم في قلبه، فيهاب أن يحدث معصية في الحرم، فضلاً عن أن يؤذي فيه حاجًّا أو معتمرًا أو زائرًا، أو يخيفه، ولكن أئمَّة الباطنية الفارسية التي تطمح في إعادة الكسروية تُكَدِّر صفو الحج وأمن الحجيج كل عام بالتهديد والوعيد.

لقد اخترعت الباطنية الفارسية منذ ثورة أئمَّتها بِدَعًا كثيرة ما أنزل الله - تعالى - بها من سلطان، وللحج نصيبه من بِدَعِهم ومحدثاتهم، من أهمِّها لديهم ما يزعمونه من إعلان البراءة من المشركين في وسط الحجيج، وما يريدون بذلك إلا الفتنة وإحداث الفوضى في البلد الحرام.

وكان الخميني الهالك هو أوَّل مَن أحدث هذا في الإسلام، وابتدع في الحج شعيرة سماها (البراءة من المشركين)، وهي لا تعدو أن تكون صياحًا وشعارات وإشعالاً للفتنة، ونشرًا للفوضى في الحجيج، وليس لبراءتهم تلك أيُّ رصيد من الحقيقة؛ إذ إن التنسيق والتفاهم بين أئمة البدعة وبين إخوانهم اليهود والنصارى بات لا يخفى على أحد، وما احتلَّ المستعمرون بلاد المسلمين إلا بمعونتهم وهم يزعمون التبرؤ منهم!

ومن جرأتهم أنهم حوَّلوا هذه الشعيرة البدعية الدخيلة في الحج إلى ركن من أركانه، لا يتمُّ الحج ولا يقبل إلا بها، ثم لما خذلهم الله - تعالى - في بدايات فتنتهم هذه كفُّوا عنها، ثم هدؤوا أكثر مع مجيء الإصلاحيين، ثم عادت فتنتهم من جديد بعودة المحافظين الذين يريدون إشعالها.

وفي هذا العام أخذت دعواتهم منحًى جديدًا؛ إذ تزامنت مع فضيحتهم لدعم الحوثيين بسفينة مشحونة بالأسلحة، وفضيحتهم في باكستان بالقبض على مجموعة من حرسهم الثوري، ووافق ذلك تأزُّم الوضع السياسي الداخلي بين المحافظين والإصلاحيين، ويريدون تصدير مشاكلهم للآخرين، وصرف الأنظار عن فضائحهم وأزماتهم.

وإن المتابع للبلدان الإسلامية التي اشتعلت فيها الفتن، واستعرت الحروب، وسفكت الدماء في العراق واليمن وباكستان ولبنان وغيرها - ليجد أن الأذرع الصفوية الخفية تعيث فيها فسادًا، وتزيد اشتعالها أوارًا؛ لتحقيق مكاسب عسكرية وسياسية بدماء المسلمين وبلدانهم، وعلى حساب أمن المسلمين واستقرارهم، في الوقت الذي سَلِم فيه اليهود والنصارى من فتنتهم وتخريبهم، فما أشد عداءهم للإسلام والمسلمين! وما أقربهم من أعداء الملة والدين!

هذا؛ وإن من اعتقاداتهم الباطلة: ظنَّهم أن مهديَّهم المخترع لن يخرج إلا بعد إحداث فوضى عارمة في الحرم الآمن، وسفك دماء كثيرة، وتلطيخ الكعبة ببعضها؛ إيذانًا بخروجه على غرار عقائد اليهود في انتظار منتظرهم الذي لن يخرج إلا بعد الهرمجدون، وهي حرب كونية تحرق المسلمين.

وهذه العقائد الباطلة، والخرافات المجنونة هي التي تحرِّك أصحاب الملَّتين - الباطنية الفارسية، والكتابية الصهيونية - ليحرقوا بها البشر، ويحدثوا القلاقل والفتن، وقد كانت من قبل عقائد قَدَرَيةً تُنتظر، فحوَّلها أئمة الضلال إلى عقائد تُصنع وتُصَدَّر، لا يخرج منتظر كل طائفة منهما إلا بصنعها.

كفى الله - تعالى - المسلمين شرورهم، وردَّ كيدَهم في نحورهم، وحَفِظ مكة وسائر بلاد المسلمين منهم، إنه سميع مجيب.

وصلوا وسلموا على نبيكم.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 57.07 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 55.36 كيلو بايت... تم توفير 1.71 كيلو بايت...بمعدل (3.00%)]