الأمانة العلمية والمؤلَّفات العربية - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         دور المسجد في بناء المجتمع الإنساني المتماسك السليم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          ملامح الشخصية الحضارية في الإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          المثنى بن حارثة الشيباني فارس الفرسان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          أدب الحديث على الهاتف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          المدرسة الإسماعيلية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          أثر صحبة العلماء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          أحكام خطبة الجمعة وآدابها***متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 94 - عددالزوار : 74452 )           »          علمني هؤلاء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          الحب المفقود (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          المستقبل للإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العام > ملتقى الحوارات والنقاشات العامة

ملتقى الحوارات والنقاشات العامة قسم يتناول النقاشات العامة الهادفة والبناءة ويعالج المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 17-03-2019, 04:03 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,491
الدولة : Egypt
افتراضي الأمانة العلمية والمؤلَّفات العربية

الأمانة العلمية والمؤلَّفات العربية


د. كمال دسوقي



1 - فضائح السرقات ودعاوي التأديب والقضاء: من بين ما لا تخلو منه صحيفة يومية أو أسبوعية – بل كتُب بأكملها أحياناً – من النشر بعناوين صارخة عن (الفساد الجامعي) عموماً وأعمدة (فساد الأستاذ) الجامعي خصوصاً، سوف لا نعرض إلا لما يتعلق بالسرقات العلمية للمؤلفات والكتب الدراسية ولما يتصل بتزييف بحوث رسائل الماجستير والدكتوراه للتعيين والترقية وقضية الأمانة العلمية للأستاذ الذي يقتدي به تلاميذه وهم يسيرون على نهجه في تلقي العلم واثرائه بالبحث وتلقينه للأجيال. فالمجتمع العلمي والأدبي والفني يضج بما يتوالى النشر العلني عنه من فضائح (سرقات) المؤلفات والمصنفات والأعمال التي تزخر ساحات المحاكم بالدعاوي القضائية ضد تزييفها وانتحالها أو السطو عليها تحت اسم (الاقتباس) – بما قالت عنه مجلة ((المصور)) تحت عنوان: (لصوص بدرجة دكتوراه) إنه ليس سبعين قضية فقط كما نشر في إحدى الصحف بل ثلاث مئة أو أربع مئة وما أثار على صفحات ((الأهرام)) طرح قضية (الأمانة العلمية لأستاذ الجامعة: من يحميها: الصحافة، أم الجامعة، أم القراء) – وذلك (للبحث عن مخرج بتفكير عالٍ مسموع من الجميع)؛ حيث يقال أن المجتمع الذي يفرز هذا النمط من الأساتذة الجامعيين دون أن يحاسبهم أحد على ما اقترفوا في حق الله والعلم والوطن (والأبناء الطالعين من رحم الحاضر لفضاءات المستقبل) هو مجتمع في حالة جريمة، وأن السكوت على هذا النوع الفاضح من الجرائم تمكين للفوضى في المجتمع، ومحوٌ لحقوق ضحايا مدعي الفكر والبحث العلمي الذين ابتليت بهم الجامعة أخيراً، واتساع رقعة الفساد وامتداد أصابعه الخبيثة إلى مواقع كنا نعدها أمنع من أن يُتسلل إليها ويُعبث بها... وتكون مطالبة الأساتذة الغيورين قبل غيرهم أن لا تأخذ الجامعة رأفة بحالات غش أساتذتها هذه وهي تحرم الطالب من الدراسة عامين إذا غش في الامتحان – فكيف بالأستاذ؟ إنه لابد أن تضرب الجامعة بيد من حديد على كل من تسول له نفسه ذلك، حتى تعود للجامعة كرامتها وقدوتها للمجتمع.


وتحت عنوان فاضح بجريدة ((الوفد)) (في تاريخ 13/10/1994م) هو: بقع سوداء في ثوب الحرم الجامعي: وقائع عديدة تسيء لسمعة الجامعة وتشوه مكانة أساتذتها – أستاذ يشتري المتعة برسالة ماجستير، وآخر يبيع النجاح في الامتحان بمئة جنيه – نجد خبر مدرس مادة الصحة النفسية بكلية تربية جامعة... الذي حصل من كل طالب عند بدء الدراسة على خمسة عشر جنيهاً لحجز كتاب لم يظهر ولم يوزع وأعلن الطلاب بعد أداء الامتحان أنهم رسبوا جميعاً، وأن على من يريد النجاح إحضار مئة جنيه والتوجه إلى مسكنه للتعرف على ورقة إجابته... حيث دلت تحريات مباحث الأموال العامة على سوء سمعة وسلوك (الأستاذ) المتهم سابقاً في قضية شروع في قتل أحد الأشخاص ببلدته، وأنه اعتاد في الجامعة منذ حصل على الدكتوراه وعُيَّن مدرساً قبل أربع سنوات على تقاضي مبالغ كبيرة وهدايا ذهبية من الطلاب نظير نجاحهم، وأنه هذا العام هدد من لا يستطيع دفع المئة جنيه بالرسوب في مادته، فهو يقبل ساعات يد وأجهزة كهربائية من الذين لا يستطيعون إحضار المبلغ المطلوب.
حتى في ((أخبار الحوادث)) التي تصدر عن دار ((أخبار اليوم)) (8/7/94) تنشر بعناوين ضخمة: فضيحة الطالبة والأستاذ بالصوت والصورة أسرار سقوط عميد كلية... والقبض عليه، حدَّد لطالبة الدراسات العليا الموضوعات التي ستكتبها وأبلغها بالدرجات التي أعطاها لها (ولا تستحقها) في مادة (الإحصاء) التي كانت تخاف الرسوب فيها فحصلت على 68 من 70 درجة وسجل عليه ردها وهو يهنئها: حلال عليك الأربعة آلاف جنيه التي أخذتها مقابل ذلك. والخبر كالأسطورة تبدأ بمفاجأة إبلاغ رئيس الجامعة بالقبض على المتهم غداة اشتراكه في حفل رئيس جامعة آخر بحصول ابنته على درجة الدكتوراه، وتنتقل لظروف كون العميد المتهم أصغر عميد بالجامعات لحصوله على الدكتوراه خلال عامين فقط أثناء خدمته برعاية الشباب بوزارة التعليم العالي، وتجديد العمادة له لفترة ثالثة على غير ما يتوقع الجميع. ومع هذا فلا دخل لذلك في صدفة اكتشاف علاقته بطالبة الدراسات العليا المصرية زوجة الثري العربي التي تشترك مع تجار مجوهرات في تهريب الذهب والماس، ولا في سوء حظه أن عمليات مراقبتها لمدة أربعة أشهر سجلت تردده عليها وحصوله على هداياها ورشاواها النفيسة مقابل تسريب الامتحان لها وضمان نجاحها. وأخيراً تأتي مفارقة اضطهاد وتحطيم نفس العميد لمعيدة بنفس الكلية لأنها رفضت الرضوخ لطلباته غير المشروعة مع إنها كانت الأولى على دفعتها عام تخرجها، وامتناعه عن تنفيذ حكم المحكمة العليا الملزم بتسجيلها للماجستير رغم دفع تعويض الخمسة آلاف جنيه المحكوم لها به، لكن الإصرار على عدم تسجيلها بكليته رغم استئناف مقاضاتها للعميد ورئيس الجامعة متضامنين بتعويض أكبر... مما كانت قد انفردت بالنشر عنه من قبل ((أخبار الحوادث)) أيضاً.
وفي مجلة ((عالم الكتاب)) التي تصدرها الهيئة المصرية العامة (عدد 35/1992م ص ص36 – 43) في باب: تساؤلات محاكمات للمدَّعي الببليوغرافي، بعنوان مثير: (بعد كل هذه السرقات، هل يبقى في هيئة الكتاب؟!) سكرتير تحرير المجلة السابق الذي طرد منها في صيف 1990م إثر عقوبات إدارية بالخصم من مرتبه وحرمانه من المكافأة، وتوجيه اللوم الشديد إليه... في عريضة الدعوى التي تقدم بها الدكتور يوسف زيدان التي اختتمها بقوله: (إنه لا يكفي تقديمة للمدعي الببليوغرافي بل للمدعي العام لتكون محاكمة قانونية لاببليوغرافية على سرقاته الفكرية (التي تفوق جرماً السرقات المادية) للرسالة الألواحية المنسوبة خطأ لابن سينا – وقد حققها ونشرها بدار الكتاب بطرابلس ليبيا الدكتور محمد سويسي (1990م) بخطئها في نسبتها للشيخ الرئيس الذي وقع فيه المحقق لاعتماده على المخطوطة الوحيدة المشتراه من بائع كتب بباريس 1954م وأثبت المدعي (د.زيدان – في مقال له بالعدد 34/1992م من مجلة عالم الكتاب) هذا الخطأ وطالب الناشر والمحقق الليبييَّن بالتنويه في طبعة قادمة إلى أن الرسالة ليست لابن سينا (مهما ترك اسم ابن سينا على الغلاف لتحل بركاته من أجل توزيع أفضل – بقدر ما أن وضع اسم الشيخ الرئيس على غلاف النسخة المشتراة من باريس خطأ أو عمداً كان بقصد رفع سعرها، والاشارة إلى أن المؤلف الأصلي للرسالة الألواحية المحفوظة نسختها الأصلية بمكتبة المتحف العراقي ببغداد (في 206 صفحات وعنوانها ((رسالة الألواح في الطب)) ) هو أبو سعيد بن إبراهيم المتطبب الهروي.
وكما يقابل مقدم الدعوى صورَتَي غلاف كتاب الناشر الليبي لتحقيق الدكتور سويسي وغلاف الكتاب المسروق الذي نشرته ((دار الجيل)) ببيروت معنوناً بأنه للشيخ الرئيس ابن سينا، قائلاً: (إن السارق لم يترك كلمة في الرسالة الألواحية إلا سرقها بالكامل – حتى أخطاء المحقق نقلها السارق كما هي دون أن يكلف نفسه حتى باسقاط الأخطاء والعبارات غير المفهومة) ويرى داعياً لقراءة الكتاب بعناية قبل سرقته، إذ كان على عجل لأن أمامه العديد من الكتب الأخرى الجاهزة للسطو عليها – ومنها الرسالة التي جاءت الدكتور زيدان من إحدى المؤسسات الصحفية الكبرى بطلب رأيه في سرقة أحد كتابين بعنوان واحد هو: ((الجمل في النحو)) للجرجاني المتوفى سنة 471هـ – الأول باسم محققه الدكتور عبدالحليم عبدالباسط المرصفي (نشر دار الهنا للطباعة)، والثاني باسم السارق على أنه شرح ودراسة وتحقيق (نشر دار الكتب العلمية ببيروت لبنان) – حيث ردَّ على المؤسسة بأن السرقة ظاهرة للعيان ولا تحتاج إلى رأي، فأفادوه بأن المحقق الأصلي حين نظر إلى النسخة المسروقة من كتابه وعليها اسم السارق أصيب بشلل نصفي ومات بعد أيام. كل هذا والسارق يهز كتفيه ويبتسم ويتمادى في السطو على الكتب بعد صدورها بعدة أشهر فقط ونشرها غالباً في دور نشر لبنانية – كأنما هذه المطبوعات في بيروت لا تصل إلى القاهرة، أو أن أحداً لن يقارن بين الطبعات وأنه – سوف ينجو بسرقته.
ويتزامن مع النشر الفاضح عن حالات السرقات الفردية لفكر وإبداع الآخرين في بحوثهم وتآليفهم للكسب المادي السريع دون جهد وعلى حساب الغير... النشرُ مجدداً عن قضية تزوير الكتب المصرية في بيروت، سرقة وتزوير الكتاب المصري في لبنان – منذ أعيدت إلى الحدود السورية اللبنانية أثناء إندلاع الحرب بين شطري اليمن سيارتا شحن محمَّلتان بالكتب المصرية المزورة، وقبل ذلك، منذ أرشد عن مخزون كبير من الكتب المصرية المزورة في بيروت وضبطه ناشرون لبنانيون أفاضل عز عليهم أن تسيء إلى شرف المهنة قلة من أدعياء النشر وتثرى على حساب الناشرين المصريين. الأمر الذي دعا إلى المطالبة بتعجيل عقد مؤتمر تدعو إليه وزارة الثقافة المصرية كجهة رسمية بالدولة التي يُضار أبناؤها من هذا التزوير وتحضُره الاتحادات الإقليمية للناشرين في البلاد العربية إلى جانب الناشرين المصريين وغيرهم من المهتمين بقضايا التأليف والنشر والطباعة والتوزيع.
وكان قد استشرى وباء سرطان تزوير الكتاب المصري الذي سبَّب للثقافة المصرية خسائر فادحة (مادية وأدبية) منذ أصبح الكتاب المصري نهباً مُباحاً أو ملكاً مشاعاً للصوص والمزورين، فضاعت حقوق المؤلفين والناشرين التي لم تعد تمثل شيئاً في نظر هذه (المافيا) التي دأبت على السطو والتزوير للتجارة والكسب غير المشروع. وقال الخانجي – أكبر متضرر في عملية التزوير هذه: إن التزوير يأخذ أكثر من شكل: فهناك الطبع بالتصوير مع الإكتفاء بحذف اسم الناشر الأصلي، وهناك حذف اسم المحقق (في كتب التراث خصوصاً) والناشر كليهما مع حذف بعض التعليقات وكتابة ديباجة مغايرة للتمويه – مع عبارة تقول: طبعة جديدة محققة، أشرف على تحقيقها لجنة من علماء الدار. وكذلك الحال في الكتب المؤلفة. وبينما وصل الأمر بالقارئ المصري أن يطلب دون حرج الطبعة البيروتية المزورة لأنها أجود طباعة وأقل سعراً؛ فالمؤلف المصري الذي يسعى للمطالبة بحقوقه المادية المنهوبة يسلقونه في تبجحٍ بألسنة حداد ويواجهونه بالاستنكار كأنما قد جاء ليستجدي ما ليس حقاً أو يطلب السؤال من اللص الذي سرقه. وبينما أرسل اتحاد الناشرين المصريين إلى بيروت وفداً برئاسة رئيسه محمد عبدالمنعم مراد التقى مع عدد من المسؤولين اللبنانيين بهدف الإتفاق على طريقة تتم بها استعادة حقوقهم عما تم تزويره ووقف التزوير مستقبلاً – ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً (ونقيبة الناشرين اللبنانيين تهاجمهم وتتهمهم بأنهم (المصريين) هم الذين يزورون، وتدعي أن التزوير الذي يتم في بيروت إنما هو لحساب ناشرين مصريين وباتفاق معهم)، وبينما أعضاء الوفد من الناشرين المصريين – لإيجاد حل جذري للموضوع وحسمه نهائياً بكافة السبل – ولو بالقانون الدولي والإنتربول – رافضين المساومات والحلول الجزئية من الجانب اللبناني التي أصبحت مهزلة متكررة – يطالبون بميثاق عربي يوقعه وزراء الثقافة لبحث قضية الكتاب ككل، وذلك في نطاق جامعة الدول العربية (كامل عكاشة، دار المعارف)، أو أن تشترك الدول العربية معاً في وضع قوانين حاسمة لحماية حقوق المؤلف والناشر (محمد الخانجي) أو أن تطالب الدول العربية بضرورة التوقيع على المعاهدة العربية التي أقرتها المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم عام 1993م (إبراهيم المعلم)...
بينما هذا وذاك يتفاعلان على جانبي الساحة، نشرت ((الوفد)) (1/11/1994م) أغرب فتوى يتلقاها بالفاكس ناشر مصري (محمد رشاد) في رسالة هي عبارة عن فتوى تسأل عن جواز طبع كتاب بدون إذن صاحبه مع وجود عبارة (كافة الحقوق محفوظة)، وجواب المرسل على لسان المفتي: (باسمه تعالى، لا دليل على عدم الجواز، والله أعلم)، وفتوى أخرى نشرتها مجلة ((منار الهدى)) تجيب على سؤال: ما حكم ما يكتب على بعض الكتب (حقوق الطبع محفوظة) بأنه (على زمن الصحابة والتابعين ومن بعدهم عُرف بين المسلمين أنه إذا ألف أحد كتاباً نافعاً لا ضرر منه يجوز لمن وقع في يده أن ينسخه ويوزعه – حتى كان هناك مكان للناسخين بأجرة، ويعرفون بالوراقين. هذا ما جرى عليه المسلمون سلفاً وخلفاً. فلا يغير الحكم الشرعي كتابة بعض الناس هذه الكلمة المخالفة للشرع مهما كثروا معنى هذا أن تزوير الكتب جائز شرعاً، وأن ملكية الباحثين والمؤلفين لبنات أفكارهم وثمرات قرائحهم مشاع مستباح للنهب والسطو والكسب غير المشروع على حساب افتقار العلماء وعوزهم إلى ما يسد رمقهم أو يشترون به مصادر علمهم ومعرفتهم.
2 – كشف الحِيَل الدفاعية، واثبات نَسَب الابداع: هكذا في جو محموم من التنطع والتبجح حيناً والاستكانة والاستخذاء حيناً آخر – على الصعيدين الفردي والقومي – ينتهي الأمر كما هي الحال في كل قضايا حياتنا اليوم إلى استصدار الفتوى الشرعية بالحرام والحلال من المأجورين والجهَّال. ويتداعى النشر عن قضايا السرقات الأدبية والفنية والبحوث العلمية والرسائل الجامعية، كما تحتدم مهاترات وقضايا الاتهام والتبرئة أو الحفظ (بين سارق يظل متمسكاً بالجلوس على مقعد الشهرة ومسروق يحلم بالوصول إلى هذا المقعد)، أو أساتذة يجمعون شتات الفصول من شتى المراجع دون جهد أو انتقاء ثم ينسبونها لأنفسهم لقاء حفنة جنيهات يكتوى بها طالب علم وباحث فقير ومحتاج (محمد حربي ((الأهرام)) 2/10، 24/10/1994م)... يتداعى النشر وتحتدم المهاترات لتمتد إلى الخارج كقضية (اثبات نسب الابداع) ( ((الوطن العربي)) 21/10/94) – حيث يتحدث النقاد عن الأسس التي تسهل عمل الناقد في محاولة اثبات أو دحض الاتهامات التي طالت تقريباً كل الرموز الأدبية.
فبعد عرض لما تشهده دهاليز المحاكم من دعاوي قضائية ضد ناشرة رواية ((هوس البحر)) بهيئة الكتاب من كاتبة مغمورة بالسويس كان قد سبق تقديمها الرواية للهيئة ولم تنشر وأيَّد النقاد صحة الاتهام، وبعد ثبوت أن قصة ((يابنفسج)) المنشورة بمجلة (إبداع) ليست إلا صورة بالكربون وترجمة حرفية لقصة ((الرواية الضائعة)) الانجليزية المترجمة للعربية والمنشورة بالملحق الأدبي لجريدة (المدينة) السعودية.. بل وفي الشعر اتهام كبار الشعراء بالسطو على مقاطع من قصائد شعراء انجليز ويونانيين ونسبتها لأنفسهم دون إشارة للمصدر الأصلي، والروايات وتحويلها إلى مسرحيات – ولو بوقائع تاريخية حقيقية لنفي شبهة عملية السطو أو السرقة فلم تمنع من رفع دعاوي قضائية، أو إلى مسلسلات تلفزيونية وأفلام سينمائية (كالإرهابي لعادل إمام بين لينين الرملي ومحمد سلماوي) وكشف المستور بين القصصي أحمد الشيخ والسيناريست وحيد حامد) وأفلام البريء بطولة أحمد زكي والارهاب والكباب والمنسي بطولة عادل إمام (بين وحيد حامد والسيد نجم)... مما تحصد فيه شهرة السيناريست خصوصاً إذا كان أسامة أنور عكاشة هذه الاتهامات لتقتلعها من جذورها ويبوء المضرور بالحسرة والخسران.
هذا ولوضع أسس نقدية أدبية تسهِّل على الناقد أثبات نسب الابداع لصاحبه – يقول الدكتور جابر عصفور إن هناك طريقتين: الأولى تتمثل في المرويات والأخبار والشهادات التي يقولها المعاصرون عن المبدع، والثانية عبر الدراسات البحثية – مثل تحديد الخصائص الأسلوبية حيث لكل مبدع أسلوبه الخاص – التي تشبه (البصمة) ويصعب أن تتكرر في مبدع آخر. فبذا تم توثيق بعض عبقريات أحمد شوقي وابداعات فكر لويس عوض. ولقد أمكن بتقدم التكنولوجيا في العصر الحديث استخدام الكمبيوتر في عمل جداول بالخصائص المميزة للمبدع ثم التعرف بالعمليات الإحصائية على ما إذا كان العمل الأدبي هو لهذا المبدع أم لا – فبهذا تم توثيق أعمال (بل إثبات وجود) هو ميروس وشكسبير. لكن ماذا لو أن التأليف يكون بالتلفيق بين تناولات مؤلفين سابقين عديدين لمختلف فصول مادة الكتاب – حيث في كتابة كل فصل يبدو التماثل في المدخل للموضوع، وتسلسل الأفكار، وألفاظ العبارات... من الوضوح بما لا يهتدي معه حتى زملاء التخصص إلى المرجع المنقول عنه – خصوصاً إذا عمد الناقل للتمويه بمراجع عدة ليس بينها بالذات المرجع المنقول عنه – أو تعمد الإشارة لكتابات سابقة له هو (في رسالته العلمية أو مقال له أو بحث) من حين لآخر للإيهام بأن التأليف بكامله هو من بنات أفكاره وثمار قريحته – مع أن هذا أغبى أنواع التزييف، لأنه لا يعيب المؤلف أن ينسب للآخرين ما هو لهم حتى يتميز هو بما هو خاص به – إذ لا ينتظر من مؤلف ما في أحد العلوم أن تكون له دراسة متعمقة لكل أبواب وفصول موضوعات هذا العلم لم يسبقه إليها غيره في القديم والحديث ولو بلغة أجنبية في الخارج؟

إن الأستاذ الجامعي المتهم (بسرقة) 173 صفحة كاملة بهوامشها من كتاب أستاذ سابق له كان لا يزال على قيد الحياة وهو مقدم الشكوى في حقه لجامعته... ليتذرع حينئذ بالاقتباس ومشروعية حق الاقتباس (ولو فصول بأكملها وعشرات الصفحات دون تغيير كلمة واحدة) في التأليف والبحث العلمي ما دام يشير إلى مواطن الإقتباس ولو في قائمة المراجع بنهاية الكتاب إن لم ترد الإشارة في هوامش النص ويحتج بأن المصدر المنقول عنه مقتبس بدوره من آخرين سبقوه، وربما تبرأ من كون الكتاب المنسوب إليه والجاري معه التحقيق في سرقته هو لا يعرف عنه شيئاً. فليس له رقم إيداع في دار الكتب، ومن ثم فلا قضية هناك ويحفظ التحقيق لأن الكتاب المسروق يعد حينئذ مذكرة للتدريس يتعدل محتواها وتتغير تسميتها من عام لآخر – خصوصاً إذا أكد أنه لم يقرر تدريسها على الطلاب. وهكذا يخلو الكتاب المنتحل لأغراض تجارية عاجلة من ملكة التأليف بمنهج علمي أو موقف فكري أو رؤية ذاتية للموضوعات والقضايا الخاصة بالعلم حين يؤلف فيه نص دراسي وافٍ يحيط بكل جوانب المادة العلمية ويتميز على السابقين في المضمار. وعدم الحصول على رقم ايداع بدار الكتب للمذكرات الجامعية التي توزع داخل جدران الجامعة – حيث لا وقت للاجتهاد أو جمع مادة علمية خاصة بالأستاذ أو حتى عرض ونقد المؤلفات السابقة كتمهيد لآراء الأستاذ ومواقفه الفكرية الجديدة – فضلاً عن تغيير اسم المذكرة وترتيب فصولها والحذف والإضافة لكل عام جديد... كل هذا يعفي من المسؤولية الجنائية عن حق الغير. ولا عبرة بتحذير المؤلف الأصلي: حقوق الطبع والنشر محفوظة لأن التوزيع يتم داخل أسوار الجامعة خلال ثلاثة شهور الفصل الدراسي، أما عبارة: (كل نسخة غير مختومة تُعَد مسروقة ويعاقب حاملها قانوناً) فهي التي يحرص البعض على التمسك بها حيث يُدعَى الطلاب إلى مكاتبهم لختم نسخة كل منهم للتأكد من تمام توزيع عدد النسخ المطبوعة بقدر عدد الطلاب بالدفعة الجديدة. وأخيراً فربما دافع الأستاذ المتهم بعدم الأمانة بأن المسألة ليست مسألة تزييف كتاب أو سرقة أفكار، ولا مسألة صحافة وجامعة وقراء؛ بل الجري وراء الشياطين الحاقدين الذي لا يهمهم إلا الفرجة على مطاحنة الأخ لأخيه حتى الإطاحة به.

لذا – ففي تحليل واقعي رصين للكاتب المستنير أحمد عبدالمعطي حجازي (الأهرام 25/5/94) بعنوان (لابد أن ننقذ الجامعة) باعتبارها عقل النهضة وقلبها ويدَها الصَّنَاع: إذا سلمت الجامعة سلمت النهضة وسلمت مصر، وإذا مرضت الجامعة مرضت النهضة ومرضت مصر – أشار الكاتب إلى أن لصوص الفكر لا يسرقون التفسير واللغة والفلسفة فحسب (في الأمثلة المشهورة التي ذكرها) بل يسرقون الاقتصاد والطب والهندسة والرياضيات أيضاً... برسائل يتبين بعد التعيين بها في درجة مدرس أنها مسروقة من ألِفها إلى يائها، وبحوث يثبت بعد الترقية بها لأستاذ مساعد أنها مسروقة من مجلات أجنبية، بل برسائل يُشك في أن (الطالبة كتبتها أو أن الممتحنين قرأوها). وما ينشر عن سرقة الأبحاث وتجاوز شروط التعيين والترقية وبيع الشهادات... أقل بكثير مما تتداوله الأوساط الجامعية والأحاديث المغلقة. والوباء يستشري في جامعات العاصمة فما بالنا بالجامعات الإقليمية – لا ينجو من الإصابة به الأساتذة ورؤساء الأقسام والعمداء ورؤساء الجامعات، فماذا ننتظر من المدرسين والمعيدين والطلاب.
وفي تشخيصه للأسباب التي هيأت المناخ لاستشراء الوباء وسقوط الجسد الجامعي فريسة تدمير خلاياه التي قاومت بشجاعة (لأنها كانت سليمة، وروح النهضة متَّقدة، وآمال المجتمع عريضة) محاولات تربُّص الرجعية والسلطة كلتيهما بالجامعة في إبعاد طه حسين عن كلية الآداب عامي 1926 – 1932م – في المرة الأولى بسبب الزوابع التي أثيرت ضد كتابه ((في الشعر الجاهلي))، والثانية لرفضه لقد عاد عميداً للكلية أن يمنح الدكتوراه الفخرية لبعض السياسيين – ومنهم إسماعيل صدقي، وما كان من نقله لديوان الوزارة، واستقالة لطفي السيد حين لم يفلح في إقناع الوزير حلمي عيسى بالعدول عن قرار النقل، ثم عودة كليهما عميداً للكلية ومديراً للجامعة في وزارة توفيق نسيم – وكل ذلك بفضل نزاهة القضاء المصري المستنير. ولم تفلح الاغراءات الحكومية والحملات البوليسية إِلاَّ بعد عام 1954م حين تعرض اثنان واربعون من الأساتذة – في أول مذبحة تعرضت لها الجامعة – إلى الفصل بسبب التوقيع على وثيقة دفاع عن الديمقراطية، فسَادَ الذعر كل صاحب رأي حر ولو لم تكن له علاقة بالسياسة، فأصبح اثبات الولاء للحكومة شرط البقاء في الجامعة – بل القفز منها إلى الوزارة. واستمرت الحال كذلك: الجامعة بلا حصانة، وفي خدمة السلطة – حتى مذبحة سبتمبر/ أيلول 1981م التي فصل فيها الرئيس السادات حوالي 60 أستاذاً من الجامعة وتم نقلهم إلى وظائف مكتبية.
على أن ثالثة الأثافي، في تشخيص أسباب (الفساد الجامعي وفساد الأستاذ) في تحليل الكاتب: التوسع في إنشاء الجامعات الإقليمية لقبول كل الحاصلين على الثانوية العامة بأسبقية مجموع الدرجات التي حصلوا عليها بالحفظ والاستظهار والدروس الخصوصية) بصرف النظر عن الاستعداد للتعليم العالي أصلاً أو القدرات التي تؤهلهم للدراسة بالكلية التي قبلوا بها، ودون اعتبار لاستعداد الكليات (بتوافر الأساتذة، وطاقة المدرجات والمعامل والمكتبات) التي تستقبل سنوياً الآلاف؛ أو احتياج سوق العمل من التخصصات التي توزع عليها القوى العاملة الخريجين بالمئات بعد انتظار وتعطل عشر سنوات... لينتهي الأمر بالجامعة إلى أن تصبح مدارس تفريخ حملة شهادات، هدف الطلاب فيها الحصول على الشهادة الموصلة لأي وظيفة، والأستاذ الحصول على عائد توزيع كتابه المقرر الذي يحرص على شرائه الطلاب للنجاح في الامتحان... كلاهما بأقل جهد ودون عناء: الطالب في مكابدة التحصيل والاستذكار والاطلاع على مراجع أخرى وقراءات خاصة في موضوع الكتاب (المقرر)، والأستاذ في جدية التأليف وانتظام المحاضرات ومواصلة المناقشات ومتابعة التقييم والإرشاد حتى عدالة تصحيح الامتحان ونزاهة تبني المعيدين والمساعدين.
بذا يَصدُق ما قاله أستاذ فلسفة قديم في التعليق على حادث حصول باحث متأخر على الدكتوراه 1992م من جامعة الاسكندرية برسالة ماجستير مسروقة من باحث متقدم سنة 1980م (الذي نشرته تحت عنوان ضخم مجلة ((أخبار الأدب)) بتاريخ 25/9/1994م) وتعيينه مدرساً للفلسفة الإسلامية والتصوف بآداب جامعة إقليمية، حيث أكد أساتذة التخصص دعوى الباحث المتقدم بالسطو على رسالته فقد تم بالفعل نقل معظم مقدمة رسالة المدَّعي بنص الكلمات والحروف، وكذلك خمس صفحات تفسيره الخاص للاسراء والمعراج بما في ذلك الهوامش المتعلقة بنفس الصفحات دون أية إشارة لمرجعها الأصلي. ثم إن نتائج بحث المتأخر هي نفس نتائج بحث المتقدم – ممَّا يؤيد قول المضرور إن الباحث المتأخر لم يكن له في رسالته للدكتوراه من الاسكندرية بحث خاص به – لا من حيث المقدمة أو الأهداف ولا من حيث النتائج. فالبحث لم يعد له بهذه الطريقة هدف أو مضمون أو نتائج، لأنها كلها منقولة من رسالته هو للماجستير بكلية آداب القاهرة 1980م في موضوع (حال الفناء في التصوف الإسلامي)...
... يصدُق ما قاله بحق أستاذ الفلسفة الكبير بجامعة عين شمس على هذا الحادث المؤسف: إن خريجي هذه الأيام هم نتاج صادق لمجموعة من المذكرات الجامعية كتبت على عجل، وقام بوضعها وتدريسها مجموعة من الأساتذة والمدرسين. والمتفحص لهذه المذكرات التي تخرجت عليها أجيال كثيرة من الباحثين في الجامعات المصرية يجدها في حقيقة الأمر صورة مزرية من البحث والكتابة وأصول البحث العلمي ومنهجيته. وماذا يملك طلاب الدراسات العليا من زاد سوى ما نشأوا عليه من مذكرات منقولة دون ذكر في معظم الأحيان للمراجع المستقاة منها في العربية ذاتها – فضلاً عن مصادر العلم والفلسفة باللغات الأجنبية التي استطاع بها الرواد الآباء أن ينقلوا الثقافات العلمية والفلسفية في جميع عصورها وبكل لغاتها إلى جيل الأساتذة الحاليين الذين لا يجيدون لغة أجنبية وينقلون عن السابقين والمعاصرين مذكرات مجهولة المصدر ينسبها الطلاب إليهم ويتخذونها مراجع حتى للدراسات العليا؟ إن فاقد الشيء لا يعطيه، والطلاب والمشرفون على رسائلهم ما بين الاستسهال وعدم التدقيق والتأني في البحث والدرس يشجعون أحدهم الآخر على التسرع والسطو والانتحال.
يتبع


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 69.83 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 67.95 كيلو بايت... تم توفير 1.88 كيلو بايت...بمعدل (2.69%)]