بكيت على أبي وهو حي, ولم أبكي عليه بعد موته

[مشتاقة إلى الجنة]

هذه قصة واقعية ... أشهد الله تعالى على صدقها ...
وإليكم القصة على لسان صاحبتها:
كان والدي يرحمه الله تعالى رجل صالح (أحسبه والله حسيبه) وكنتُ أحبه حباً شديداً وهو أيضاً كان يكن لي حباً كبيرأ ,وكل العائلة بل والجيران يعرفون ذلك, ومن شدة حبي له كنت كثير ما أرى في منامي أنه مات وكنت أبكي عليه في المنام حتى أستيظ من شدة البكاء, وكانت أمي _ حفظها الله تقول تفسير هذا المنام أن أباكِ عمره طويل لا تخافي عليه.
منذ طفولتي وأنا أرى والدي يقيم الليل ويقرأ القرآن ويصوم النوافل, وكان يواظب على الأذكار, ويعلم الله أنني حفظت كثيراً من الأذكار من والدي يرحمه الله حيث كان يرددها أمامنا ليسهل علينا حفظها.
وعندما تزوجت سافرت مع زوجي إلى بلد أخرى , وكان بعدي عن والدي صعب عليه وعليَّ أنا أيضاً. وعندما كنت أتصل به هاتفياً كان يكاد يطير من الفرحة ويقول : أهلاً بنور عيني وأمي وحبيبة قلبي... رحمك الله يا أبتِ يا من علمتني الحب.
وذات يوم قال لأمي : أنا أتمنى أن تكون ابنتي فلانة بجانبي عند موتي (يقصدني أنا ), تعجبت أمي من قوله هذا وقالت له وكأنك لم تنجب إلا هي؟؟ وكان هذا قبل موته بحوالي عشرين عام.
كان يرحمه الله دائماً يذكر الموت ويذكرنا به حتى أنه اشترى لنفسه كفن قبل موته بحوالي عشرين عام, وكتب وصية شرعية حيث ذكر فيها أنه بري من فعل أي عمل يغب الله بعد موته. وأيضاً كتبها قبل موته بحوالي ثلاثين سنة.
عندما بلغ أبي الستين من عمره أحيل للتقاعد وتفرغ من يومها للمسجد , كان جُل وقته يقضيه في المسجد , وتولى هو وأحد الأخوة في المسجد الآذان, وكان والدي عليه رحمة الله صوته جميل في الآذان, وتولى أيضاً مشاريع خيرية في المسجد مثل مشروع (كفالة اليتيم) وانشغل أبي بالمسجد وأصبح يجلس فيه أكثر مما يجلس في البيت.
مرت الأيام والسنون وعاش أبي حتى قرب من التسعين عام , وكانت الشيخوخة قد أقعدته عن المسجد , ولازم الفراش وزادت حالته حتى أصبح لا يدرك الصلاة وأثر النسيان عليه حتى أصبح لا يعرف أحفاده بل بعض أولاده يرحمه الله. ولكن لسانه كان مداوم على الذكر وهو نائم في فراشه. وقد أصابته قرحة الفراش في جنبه الأيمن لأنه كان لا ينام إلا على جنبه الأيمن, ويرفض أن ينام على الجنب الآخر ويقول: من السنة أن ننام على الأيمن, حاولنا معه فكان يرفض. وفي يوم ما قال أبي لأخي الكبير :يا بني أنا سأموت عندما أتم التسعين عام, وكان بينه وبين التسعين أشهر قليلة.وبالفعل مات والدي بعد أن أتم التسعين بعدة أيام
كنت أنا في بلاد الغربة مع زوجي وأولادي, وأحضر لأهلي في الإجازات فقط, وقبل موت أبي بثلاث أسابيع كانت الإجازة الصيفية فسافرت لأهلي في بلدي وظللت بجانب أبي حتى جاء اليوم الموعود. كان يوم الخميس ليلة الجمعة وكنت بجانب والدي وقت آذان المغرب وسمعته يردد الآذان خلف المؤذن وخرجت من غرفته وانشغلت عنه بعض الوقت وعندما عدت إليه وجدت عليه عرق شديد يبلل ملابسه وجسده, لم أفهم ما سبب العرق وناديت أمي مسرعة , عندما جاءت أمي قالت لي أبوكِ يحتضر أقرئي عليه سورة (يس) لم أتمالك أعصابي وارتعشت ولكن ذكرت الله تعالي وطلبت منه الثبات وجلست عند رأسه وقرأت عليه السورة وقبل نهايتها فاضت روحه - يرحمه الله رحمة واسعة- . وقد كان آخر ما نطق به كلمات الآذان . وأنا أعرف حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أن موت المؤمن بعرق الجبين. وقد رأيت هذا واصحاً على أبي يرحمه الله.
سبحان الله- بعد الغسل دخلنا عليه نودعه فإذا به منور الوجه وكأنه عاد إليه شبابه وصحته. علما بأنه كان يعاني من قيء وجفاف قبل موته بيومين وضعف ضعفاً شديداً.
وفي يوم الجمعة حملناه إلى مسجده الذي كان يحبه وكان قلبه متعلق به وصلوا عليه بعد صلاة الجمعة .
وأنا أعلم أن الموت يوم الجمعة أو ليلتها يكون حسن خاتمة , وهذا ما جعلني لا أحزن على أبي ولم أبكي عليه عند موته وأنا التي كنت أبكي عليه وهو حي خوفاً عليه من الموت.
حقق الله له ما تمناه من سنوات طويلة أن أكون بجانبه عند موته وكان هذا بتقدير الله سبحانه وتعالى.
أسأل الله أن يتغمدك يا أبي برحمته الواسعة وأن يجعل مثواك الجنة. وأن يرزقنا حسن الخاتمة.

[غراس الجنه]

اللهم اغفر له وارحمه وادخله فسيح جناتك

[عبدة القدوس]

رحمه الله و جعل قبره روضة من رياض الجنة
و رحم الله جميع اموات المسلمين .

[مشتاقة إلى الجنة]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأخت الكريمة غراس الجنة بارك الله فيكِ أسعدني مروركِ ودعواتكِ. مشكورة أختي حياكِ الله.

[مشتاقة إلى الجنة]

أختي العزيزة (عبدة القدوس ) السلام عليكِ ورحمة الله وبركاته.
أهلاً بك وسهلاً نورتِ صفحتي بمرورك . ولكِ مثل ما دعوتِ به.