السياسة الشرعية - الصفحة 2 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير (الجامع لأحكام القرآن) الشيخ الفقيه الامام القرطبى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 307 - عددالزوار : 14046 )           »          ظاهرة التشكيك في الأحاديث الصحيحة!! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 35 )           »          الدعوة إلى الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 50 - عددالزوار : 2834 )           »          تجــديد الخطـــاب الدعــــوي في المرحلـة القادمـة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 142 )           »          أزمــــة النخـــــب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 36 )           »          من شبهات اليهود وأباطيلهم «أن المسلمين بنوا المسجد الأقصى مكان الهيكل الذي بناه الملك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 40 )           »          شبابنا والخروج من التيه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          اختلاف الأجيال.. بين الآباء والأبناء!! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 41 )           »          شـروط لازمـة.. الزوجـــة كما يجـــب أن تكــون (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 40 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > فتاوى وأحكام منوعة
التسجيل التعليمـــات التقويم

فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #11  
قديم 13-04-2024, 08:30 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,834
الدولة : Egypt
افتراضي رد: السياسة الشرعية

السياسة الشرعية (11)

اتــق الــله



كثير من الناس إذا قيل له: اتق الله، أخذته العزة بالإثم، وربما قال: هل أنا عاص؟ هل أنا مجرم؟ أنت اتق الله! ومن الناس من إذا قيل له: اتق الله، اقشعر جلده وارتعد وسقط ما في يده خوفًا من الله عز وجل، فالثاني من أهل الإيمان والتقوى، أما الأول فمن تأخذه العزة بالإثم والعياذ بالله، أي يعتز بإثمه, ويقول: أنا لم أفعل شيئًا، ماذا فعلت لتقول لي: اتق الله؟ فنقول له بكل بساطة: لست أتقى لله من رسول الله، فقد قال الله له: {يَأَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ} (الأحزاب: 1) وذلك في أول السورة, وقال في أثنائها: {... وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ} (الأحزاب: 37) وقال في آخرها: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً} (الأحزاب: 70) وهذا يعم النبي صلى الله عليه وسلم أيضا.
ومَن قيل له: اتق، الله يحسب نفسه أنه فعل خطأ فيقول: لماذا تقول ذلك هنا؟ فالسؤال عن الخطأ الذي فعله, لا بأس به؛ لأنه لم تأخذه العزة بالإثم، وإنما يريد أن يتبين لعله أخطأ وهو لا يدري، وكل إنسان عليه أن يتعلم من أخطائه.
وفى المعاصي الصغار, يُقال للإنسان: اتق الله، فلو جاء إنسان مثلاً يغتاب إليك شخصا تقول له: اتق الله يا أخي وأعرض عن هذا، وهناك بعض الناس يقولون: اتق الله، في المباحات وفى كلامهم العادي مثل: شرب الشاي أو غير ذلك، فإذا أدى الحال إلى الاستخفاف بها لكثرة تداولها بين الناس, بحيث تقال في مكان ليست محلاً لها فلا تقال.
ومن أذل نفسه لله فقد أعزها, ومن بذل الحق في نفسه فقد أكرم نفسه؛ فإن أكرم الخلق عند الله أتقاهم، فالعزة ليست بالغنى ولا بالمناصب الرفيعة فمن اغتر بالظلم من منع الحق وفعل الإثم، فقد أذل نفسه وأهانها، قال الله تعالى: {مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً} (فاطر: 10).
ومن هذا المنطلق نقول لنواب الأمة وحكومة الوطن: اتقوا الله فينا، وحاولوا أن تتفقوا على صلاح هذه البلاد التي تحتوينا جميعاً بدلاً من الشقاق والعناد والخلاف, حتى صار الأمر كما قال القائل: إما تغيير الحكومة أو حل البرلمان, وكلاهما مُر, فلما لا تحاولون أن تدعوا هذا الخلاف وتبحثوا عن نقطة تتواصلون فيها؟ ولذلك أقول لنواب الأمة: اتقوا الله فيما تفعلونه داخل هذا الصرح, وكونوا على قدر المسؤولية التي أنتم فيها، اتقوا الله فيما تشرعونه من قوانين, اتقوا الله في حواراتكم ومناقشاتكم داخل المجلس. اتقوا الله في كويتنا الغالية.
وأقول للوزراء الأفاضل: اتقوا الله في وزاراتكم، ولتخافوا الله ولتعملوا من أجل مصلحة وراحة المواطنين، وليتق الله كل رجل في زوجته وأولاده, وليحسن تعليمهم وتربيتهم على منهج السلف الصالح بعيدًا عن الفتن المنتشرة في كل مكان، وليتق الله كل معلم، طبيب، مهندس، موظف، عامل، خادم في وظيفته التي وكل إليها وليعلم أن الجزاء من جنس العمل.
والله الموفق والمستعان.


اعداد: محمد الراشد




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #12  
قديم 13-04-2024, 08:44 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,834
الدولة : Egypt
افتراضي رد: السياسة الشرعية

السياسة الشرعية (12)

السـيـاحـــة



انقضى العام الدراسي, وحل علينا فصل الصيف، وقد اعتاد الكثيرون منا السفر إلى الخارج بغرض التسلية والتنزه والمرح, وكثيرًا ما نرى في تلك البلاد المنكر واضحًا جليًا أمام أعيننا, فهل هذا يجوز أم لا ؟!
في الواقع أن الله تعالى خلق اللذات والشهوات في الأصل لتمام مصلحة الخلق, فإنهم بذلك يجلبون ما ينفعهم, وتكون لهم دَفعةً وشحناً للهمم على طاعة الله واتباع أوامره, والابتعاد عن نواهيه, فالنفس البشرية تميل إلى الدِّعة والفتور؛ ولذلك قيل في بعض حكم آل داود عليه السلام: حق على العاقل أن تكون له أربع ساعات: فالإنسان العاقل المؤمن لابد أن تكون له ساعة يعبد فيها الله تعالى يدعوه فيها تضرعًا وخِيفَة؛ لأن هذا هو الأساس الذي خلقنا من أجله، ثم ساعة يحاسب فيها نفسه عما اقترفه من ذنوب في حق الله وحق العباد، وساعة أخرى يجلس فيها مع جلسائه الصالحين منهم ليستفيد منهم ويعلم مميزاته وعيوبه، وساعة يتلذذ فيها بالدنيا ومباهجها فيما أحله الله له فإنه لابد من تلك الملذات المباحة الجميلة؛ لأنها تعين على فعل تلك الأمور,
لكن لا يظن بعضنا أن الترفيه أو الترويح عن النفس لا يكون إلا بالسفر لبلاد الكفر فقط والتلذذ بما حرمه الله على المسلمين, بل الأصعب من هذا اصطحاب زوجته وأولاده معه في تلك الرحلة؛ ليشاهدوا المفاسد والمنكرات, أليس من الجائز أن يفتتن أولاده بما رأوه في تلك البلاد ولاسيما في البلاد التي فيها الفسق جِهاراً؟! ألا يعلم هذا الرجل أنه سوف يُسأل عن أهل بيته, بحكم أنه راع لهم ؟!
قال الشيخ ابن العثيمين رحمه الله : إن السياحة لغير غرض شرعي مذمومة؛ لما فيها من إتعاب البدن وإضاعة المال, والانشغال عما هو أهم, فلا يجوز أن يسافر المرء المسلم إلى بلاد الكفر إلا لأسباب عدة منها: أن يكون عنده دين يمنعه من فعل المنكرات, أو علم يدفع به الشبهات, أو يسافر لطلب العلاج أو لطلب علم لا يوجد في بلاد الإسلام, أو في تجارة. وأضيف إلى كلام الشيخ: إن كان هناك صلة رحم لابد من وصلها.
وفي السنن أنه صلى اله عليه وسلم قال: «إن لكل أمة سياحة, وسياحة أمتي الجهاد في سبيل الله» رواه أبو داود وصححه الألباني.
فلا جهاد اليوم إلا جهاد النفس وحثها على الطاعات والبعد عن المنكرات, والغريب في هذا أن الذي سافر إلى تلك البلاد الكافرة وفعل فيها المنكرات وما حرمه الله يرجع ويقص نوادر ما حدث له وما اقترفه من ذنوب، ناسيًا أو متناسيًا قول رسول الله [: «كل أمتي معافى إلا المجاهرون, وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملاً ثم يصبح وقد ستره الله, فيقول: يا فلان عملت البارحة كذا وكذا, وقد بات يستره ربه ويصبح يكشف ستر الله عنه» رواه البخاري.
ومن هذا المنطلق أطلب من الحكومة أن تعتني بجانب السياحة الداخلية في الكويت وتعوض الناس الذين لا قدرة مادية لهم على السفر للسياحة ليفرحوا بها في الكويت، فتنشيط السياحة مطلب ترفيهي واقتصادي وجاذب للسائحين من الخارج إن تم العناية بها بإخلاص من قبل نوابنا الكرام.
والله الموفق والمستعان.



اعداد: محمد الراشد




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #13  
قديم 14-04-2024, 10:27 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,834
الدولة : Egypt
افتراضي رد: السياسة الشرعية

السياسة الشرعية (13)

الولايات



لا يستقيم حال البشر إلا بتأمير أمير عليهم يقوم بالحكم والفصل بينهم, وإن ولاية أمر الناس من أعظم واجبات الدين, بل لا قيام للدين ولا للدنيا إلا بها؛ فإن بني آدم لا تتم مصلحتهم إلا بالاجتماع، وإذا اجتمعوا لا بد لهم من رأس؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : «إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم» رواه أبو داود وصححه الألباني، حتى البلاد الكافرة لا بد لهم من أمير عليهم, فلا يمكن أن تستقيم البلاد ولا العباد من دون أمير أو حاكم, ولا يمكن أن تستقيم الأحوال بحاكم لا طاعة له ولا إمرة, ولذلك يُنكر على الذين يخرجون على الحاكم وعدم السمع والطاعة لهم, حتى لو كان الحكام فساقًا فجارًا أو لهم معاصٍِ كبيرة أو ظلم؛ فإن طاعتهم واجبة والخضوع لأوامرهم واجب إلا في شيء واحد ألا وهو أن يأمروا بمعصية الله تعالى, فلا سمع لهم ولا طاعة, وفي غير ذلك توجب طاعتهم وعدم منابذتهم؛ لما يترتب على عكس ذلك من مفاسد عظيمة تحل على البلاد.
جاء في صحيح مسلم عن يحيى بن حصين قال: سمعت جدتي تحدث أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يخطب في حجة الوداع وهو يقول: «ولو استعمل عليكم عبد يقودكم بكتاب الله فاسمعوا له وأطيعوا»، وفي رواية للإمام أحمد: «فاسمعوا وأطيعوا ما أقام فيكم كتاب الله»، قال الإمام النووي في شرح الحديث: «قال العلماء: معناه ما داموا متمسكين بالإسلام والدعاء إلى كتاب الله على أي حال كانوا في أنفسهم وأديانهم وأخلاقهم، ولا يشق عليهم العصا بل إذا ظهرت منهم المنكرات وعظوا وذكروا».
ومن هنا فلابد للناس من أمير أو وزير أو ملك أو رئيس، المهم وجود قائد، حتى لا تنتشر الفوضى ويحدث الاختلاف؛ لأنه لو كان كل إنسان أمير نفسه, لكان كل واحد يريد من الناس أن يتبعوه ويخالفوا غيره, وهذا غير مسلّم ولا ممكن, ولو كان الناس كل على رأيه, لكان هؤلاء يصومون, وهؤلاء يأكلون, وهؤلاء يُعيّدون ... وهكذا.
ولو كان حاكم له إمرة وقوة ولكن يُتمرد عليه ولا تُطاع أوامره, فلا فائدة, بل هذا شر كبير, فكيف ينفذ حكمه في اثنين اختصما إليه؟! وكيف يقتص من الظالم ويرد إلى المظلوم مظلمته دون طاعة الرعية له وامتثالاً لأوامره؟! فلا يمكن أن تستقيم أحوال الأمة بمثل هذا؛ ولهذا أمر النبي [ بالسمع والطاعة للأمراء وإن ضربوا ظهورنا وأخذوا أموالنا وإن لم يعطونا حقنا؛ فإن الواجب علينا أن نعطيهم حقهم ونسأل الله حقنا.
والله الموفق والمستعان.


اعداد: محمد الراشد




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #14  
قديم 14-04-2024, 10:43 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,834
الدولة : Egypt
افتراضي رد: السياسة الشرعية

السياسة الشرعية (14)

السلطة والمال



لا شك أن البشر يختلفون من فرد إلى آخر, فمنهم من يريد الرياسة ويسعى إليها بشتى السبل، ومنهم من يريد المال وليس أي مال، يريد الثراء الفاحش والعياذ بالله، وغاية مريد الرياسة أن يكون كفرعون, وجامع المال أن يكون كقارون, وقد بيّن الله تعالى في كتابه حال فرعون وقارون, فقال تعالى: {أَوَ لَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِن قَبْلِهِمْ كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثَاراً فِي الْأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَمَا كَانَ لَهُم مِّنَ اللَّهِ مِن وَاقٍ} (غافر:21).
ولذلك فإن الناس أربعة أقسام:
- القسم الأول: يريدون العلو على الناس والفساد في الأرض وهؤلاء الملوك والرؤساء المفسدون كفرعون وحزبه, وهؤلاء هم شرار الخلق. قال تعالى: {إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ...} (القصص:4) وقال أيضا: {أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى} (النازعات:24)، فكان جبارًا متكبرًا, قال رسول الله [: «لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرة من كبر» رواه مسلم, فها نحن أولاء نرى مَن يطلب الرياسة أو يجمع المال لكي يتكبر على خلق الله, ويسعى في الأرض فسادًا, ولكن قد يسأل السائل كما سئل النبي الكريم صلى الله عليه وسلم : أنا أحب أن يكون ثوبي حسنًا, ونعلي حسنة, أفمن الكبر ذاك؟ يقول النبي [: «لا, إن الله جميل يحب الجمال، ولكن الكبر بطر الحق, وغمط الناس» رواه مسلم. فبطر الحق: دفعه وجحده, وغمط الناس: احتقارهم وازدراؤهم, وهذا حال من يريد العلو والفساد.
- القسم الثاني: الذين يريدون الفساد بلا علو, كالسراق المجرمين من سفلة الناس, فهؤلاء همهم الأكبر وشغلهم الشاغل جمع المال بأي طريقة كانت حلالاً أو حرامًا، المهم أن يكونوا أثرياء أغنياء فقط.
- القسم الثالث: الذين يريدون العلو بلا فساد, كالذين يفتخرون بعلمهم ودينهم, يريدون أن يعلوا به على غيرهم من الناس, لكي يقال: هذا عالم, هذا رجل متدين, فقد نال حظه من الدنيا, وما له في الآخرة من نصيب.
- القسم الرابع: هم أهل الجنة الذين لا يريدون علوًا في الأرض ولا فسادًا، نسأل الله أن نكون منهم، مع أنهم قد يكونون أعلى من غيرهم دينًا ونسبًا وشرفًا, كما قال تعالى: {وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} (آل عمران:139).
فها نحن أولاء نرى كثيرا من الناس من أهل العلم والإيمان يُقَدَّمون على ذوي الجاه والمال, يُقدّمون في القلوب, ويُقدمون تقديمًا حسيًا في المجالس؛ لأنهم لا يريدون العلو ولكن الله تعالى قد أراد ذلك لهم؛ فمن تواضع لله رفعه، قال تعالى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} (المجادلة:11)، ولكن قد نرى في زماننا هذا كثيرا من متخذي القرار إن رأوا رجلاً عاملاً مجتهداً ناجحاً في عمله أو دعوته لا ينصبونه خوفاً على كراسيهم منه... اتقوا الله فليس كل عامل ناجح يريد علواً في الأرض.
- أخي المسلم: إياك أن تغتر بمنصبك وتتكبر وتتجبر على خلق الله, ولا تحسبن أن المنصب أو كثرة المال هما اللذان سيرفعان من شأنك في المجتمع, ويعليان من قدرك وسط الناس، فكم ممن يريدون العلو لا يزيدهم ذلك إلا سفولاً، واعلم أن المال ما هو إلا فتنة يُبتلى بها المرء، فإما أن يشكر وإما غير ذلك، فلتجعل سلطانك ومنصبك في خدمة الناس لا ظلمهم, ولتجعل مالك سبيلا للتقرب إلى الله، وتذكر أن الكفن ليس له جيوب, فإذا توفاك الله, وحُملت على الأكتاف, ووُضعت تحت الثرى, رجع عنك مالك وأولادك, ولم يبقَ إلا عملك فى الدنيا.
والله الموفق والمستعان.
والله الموفق والمستعان.

اعداد: محمد الراشد




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #15  
قديم 15-04-2024, 12:16 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,834
الدولة : Egypt
افتراضي رد: السياسة الشرعية

السياسة الشرعية (15)

الشورى


لا غنى لولي الأمر عن المشاورة؛ فقد أمر الله عز وجل بها نبيه صلى الله عليه وسلم فقال: {فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} (آل عمران: 159)، وعن علي قال: قلت: يا رسول الله إن نزل بنا أمر ليس فيه بيان أمر ولا نهي فما تأمرنا؟ قال: «شاوروا فيه الفقهاء والعابدين ولا تمضوا فيه رأي خاصة» رواه الطبراني في (الكبير) وقال الهيثمي: رجاله موثقون من أهل الصحيح.
فيجب على ولاة الأمور أن يتشاوروا مع معاونيهم ذوي الرأي السديد، وذلك في الأمور المشتركة بينهم وبين الرعية، كالحروب والأمور الجزئية وغير ذلك، أما إن كان الأمر عائدا إلى نفسك كالمأكل والمشرب والملبس، فأنت حر شاور أو لا تشاور، الأمر راجع إليك، فعلى سبيل المثال صاحب العمل أو المدراء المباشرين يجب عليهم المشاورة قبل فصل عامل من عمله, والتأكد من تقصير ذلك العامل بأمور قطعية تثبت هذا التقصير، وعلى أثره اُتخذ قرار عزله من عمله، ولكن إذا اشتبه عليك الأمر، فماذا يكون الحل ؟ الإجابة: لك طريقان:
- الأول: استخارة الله عز وجل.
- الثاني: استشارة ذوي الرأي الأمناء.
ولكن هل كل إنسان أهل لأن يكون مستشارًا لغيره؟ الإجابة: لا، فلابد في المستشار من أمرين: الأمانة والرأي. فلو فرضنا أننا وجدنا رجلاً متديناً عالماً بالشرع ليس لديه رأي, ولا يعرف أحوال الناس، فبالطبع هذا لا يُستشار، لا لنقص أمانته ولكن لنقص مقدرته، وضيق أفقه وحكمه على الأمور، ولو رأينا رجلاً محنكاً في الرأي معرفة بتجارب الناس، لكنه غير ثقة في دينه، فإننا أيضا لا نستشيره؛ خوفًا من أن تحيد مشورته عما فرضه الله عز وجل وما أنزله على نبيه الكريم[.
المهم أنك إذا أُشكل عليك الأمر، فاذهب أو الجأ إلى: استخارة الله عز وجل أولاً، ثم مشورة ذوي الدين والرأي ثانياً.
وإذا استشارهم - ولي الأمر - فإن بين له بعضهم ما يجب اتباعه في كتاب الله، أو سنة رسوله[ أو إجماع المسلمين، وجب عليه اتباع هؤلاء، ولا طاعة لأحد في خلاف ذلك، وإن كان عظيمًا في الدين والدنيا، ولكن إذا أدلى كل من المستشارين برأيه، وكان كل رأي مختلفا عن الآخر، فمن نتبع ؟ قال الشيخ ابن العثيمين رحمه الله: «نتبع الرأي الذي فيه مصلحة للناس, والمصلحة فيما جاء في كتاب الله وسنة نبيه[».
ولذلك فما المانع من أن يستشير الرجل زوجته في أمور دنياهما، وتسيير أمور بيتهما وتربية أبنائهما على المنهج الصالح؟! بل هذا هو الأولى من أن يستأثر الرجل برأيه ويفرضه عليها فرضًا، بل يستحسن له مشاورتها والاستئناس بآرائها, لاسيما في أمور المنزل؛ لأن المرأة بطبيعة الحال أعلم منه بها.
وما المانع أن يستشير وزراؤنا الأفاضل نوابهم ووكلاء وزاراتهم قبل أن يخرجوا علينا بقرارات ما أنزل الله بها من سلطان، تؤثر على المواطنين سلبًا أو إيجابًا؟! فلابد أن يكون القرار مدروسا ومخططا له قبل أن يخرج إلى العامة لما فيه من صلاح هذه البلاد، وما المانع أن يتشاور نواب مجلس الأمة مع أصحاب الرأي السديد والدين الصحيح، وألا يتركوا للشيطان مجالاً يتخلل بينهم ليفسد الأمر عليهم؟! وأقدّم اقتراح لنوابنا الكرام بأن يجعلوا في أمانة المجلس لجنة تشريعية يرجع إليها في حال احتاجوا مشورة شرعية تكون خاصة بهم غير تابعة لوزارة الأوقاف ويكون رأيهم الشرعي نافذا.
بل يجب على كل هؤلاء أن يحسنوا اختيار مستشاريهم كما بينا سالفاً, من اتصافهم بالأمانة والرأي؛ لأنه سيعود عليهم بالخير وحسن اختيار المنهج السليم، وليعلم من يستشار قول نبينا الكريم[: «المستشار مؤتمن» رواه أبو داود وصححه الألباني.
والله الموفق والمستعان.


اعداد: محمد الراشد




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #16  
قديم 15-04-2024, 11:40 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,834
الدولة : Egypt
افتراضي رد: السياسة الشرعية

السياسة الشرعية (16)

الاعتصام بالكتاب والسنة


أمر الله تعالى الأمة الإسلامية بتوحيد القلوب والصفوف والاجتماع على كلمة واحدة, ولابد لهذا الاجتماع أن يكون قائماً على الاعتصام بالكتاب والسنة, وفهم سلف الأمة لا على غيره، قال تعالى: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ .. } (آل عمران:103).
واعتصموا: أي تمسكوا، وجاء بصيغة الأمر للدلالة على الوجوب والفرضية, وحبل الله: المراد الكتاب والسنة؛ ولذلك وجب على كل مسلم يؤمن بالله ورسوله أن يعتصم بحبل الله وما أجمع عليه سلف الأمة, كذلك من الاعتصام بحبل الله طاعة أولي الأمر- وهم العلماء والأمراء - لأنها توحد الأمة وتلم الشتات وتجمع الأفئدة على قلب رجل واحد؛ لذلك قرنها الله تعالى بطاعته وطاعة نبيه الكريم، فقال تعالى: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ منكم} (النساء:59).
هذا وقد وردت الأحاديث المتعددة بالنهي عن التفرق والأمر بالاجتماع والائتلاف, نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «تركتكم على البيضاء, ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك, ومن يعش منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا, فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين, فتمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ, وإياكم ومحدثات الأمور؛ فإن كل محدثة بدعة, وكل بدعة ضلالة...» حديث صحيح.
وللأسف الشديد مع علمنا بتلك الأحاديث النبوية الصحيحة، وقع ما لا تحمد عقباه ؛ فقد تشتت الأمة الإسلامية إلى فرق عديدة متناحرة؛ تصديقًا لقوله صلى الله عليه وسلم : «وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملة، كلها في النار إلا ملة واحدة» قالوا: وما هي يا رسول الله؟ قال: «ما أنا عليه وأصحابي» رواه الترمذي وحسنه الشيخ الألباني. ولكن منها فرقة ناجية إلى الجنة ومسلّمة من عذاب النار -نسأل الله تعالى أن نكون منهم- وهم الذين على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه, كما أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فإذا أردنا العزة والكرامة في الدنيا والآخرة والنجاة من عذاب جهنم, فيجب علينا التمسك بكتاب الله تعالى وسنة رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم فإنهما الحصن الحصين والحرز المتين لمن وفقه الله تعالى لذلك, هذا وإنه من المعلوم أن الفرقة الناجية هي التي تسير وفق منهاج النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام، وقد بشر النبي صلى الله عليه وسلم المعتصمين المتمسكين بسنته من أمته خير بشارة ألا وهي الفوز بدخول جنة الخلد، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى» قالوا: ومن يأبى يا رسول الله؟ قال: «من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى» رواه البخاري. ويكون الإباء بالإحداث والابتداع في الدين, ويعد هذا مخالفة جلية لأمره صلى الله عليه وسلم ومخالفة لسنته وهديه، نسأل الله تعالى أن يوفقنا جميعًا لاتباع كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم على الوجه الذي يحبه ويرضاه.
والله الموفق والمستعان.


اعداد: محمد الراشد




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #17  
قديم 15-04-2024, 11:53 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,834
الدولة : Egypt
افتراضي رد: السياسة الشرعية

السياسة الشرعية (17)

إن الحكـم إلا لله


أنزل الله تعالى القرآن من السماوات العلا على قلب النبي صلى الله عليه وسلم كاملاً شافياً لا نقص فيه ولا تبديل، قال الله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً} (المائدة:3). فالدين الإسلامي دين كامل شامل لكل العبادات والمعاملات, وتقف إلى جواره السنة المطهرة فهما المصدران الأساسيان للتشريع الإسلامي, فكيف إذا حدث نزاع أو خلاف لا نرجع ولا نحتكم إلى الكتاب والسنة؟! قال تعالى: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً}(النساء:65) قال الإمام ابن القيم: «أقسم تعالى أنّا لا نؤمن حتى نحكِّم رسوله في جميع ما شجر بيننا, وتتسع صدورنا بحكمه فلا يبقى منها حرج». فلا نحتكم إلى رأي أو هوى أو تشريع وضعي من صنع البشر؛ لأنها تخضع للميول والأهواء فقد أقسم عز وجل على نفي الإيمان لهؤلاء الذين يقدمون العقل على ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم .
وهناك صنف آخر هم المنافقون الذين يظهرون الإيمان ويبطنون الكفر, هؤلاء يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل على النبي صلى الله عليه وسلم ويريدون أن يحتكموا إلى الطاغوت ـ أي كل من حكم بغير شرع الله ـ مع العلم أنهم مأمورون بالكفر به, فكيف يجتمع هذا والإيمان ؟! قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيداً} (النساء:60) فإذا كان الحكم لهم جاؤوا سامعين مطيعين, وإن كان عليهم أعرضوا وأرادوا غير الحق بأن يحتكموا إلى غير ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ألا وهو الطاغوت, فهؤلاء يسيرون وفق أهوائهم وهذا هو الضلالة وأول الطريق للوهن, وفيه فساد الأمة وضياع الحقوق؛ لأن كل فرد يريد أن يحتكم إلى هواه ورأيه ظالماً كان أم مظلومًا، بل يجب أن يكون ما جاء به الله تعالى على النبي صلى الله عليه وسلم المرجع والقانون الذي نحتكم إليه في الخصومات والمنازعات ونقبل به طواعية دون أدنى حرج, وننقاد إليه مذعنين في الظاهر والباطن, ونسلِّم لذلك الحكم تسليمًا دون أدنى ممانعة أو إعمال لعقولنا، قال تعالى: {فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ} (النساء:59) أي إلى كتاب الله وسنة رسوله, وهذا أمر من الله عز وجل بأن كل شيء يتنازع فيه الناس من أصول الدين وفروعه أن يرد التنازع في ذلك إلى الكتاب والسنة, فما حكم به الكتاب والسنة وشهدا له بالصحة فهو الحق, فماذا بعد الحق إلا الضلال؟!
فإن الإيمان يقتضي الانقياد لشرع الله وتحكيمه في كل أمر من الأمور, فمن زعم أنه مؤمن ويريد أن يحتكم إلى غير شرع الله, فليراجع نفسه فهو كاذب في إيمانه منافق كما أخبرنا المولى عز وجل. قال تعالى: {إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} (النساء:59) فالكتاب والسنة ملاذان آمنان لكل من أراد أن يحتكم إليهما، فهما الحل الوحيد لكل نزاع يحدث بين الناس, فهما ثابتان بعيدان كل البعد عن أهواء البشر وميولهم.
والله الموفق والمستعان.



اعداد: محمد الراشد





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #18  
قديم 16-04-2024, 04:46 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,834
الدولة : Egypt
افتراضي رد: السياسة الشرعية

السياسة الشرعية (18)

ماهية السلفية


السلفية بإيجاز شديد هي دين الله النقي, الذي أنزله على قلب النبي صلى الله عليه وسلم، وكلمة النقي توحي بالصفاء والطهارة، والخلو من البدع, ولأن الدين قد علقت به عادات تحولت إلى عبادات وتقاليد وموروثات قد أدخلت في الدين, وهي ليست منه, ولأن هذا الدين عظيم من أصل عظيم؛ أصاب أهله الجهل, بل أصاب أهله البغي والظلم، فكثير من الناس الآن يتكلمون باسم الدين والدين منهم براء، هذه هي السلفية التي نؤمن بها وندعو إليها.
ولكن قد يسأل السائل فيقول: لماذا تطلقون على أنفسكم سلفيين، ولا تقولوا مسلمين فحسب؟! الإجابة: إنه يكفينا الإسلام لو أن غيرنا أسقط اسمه الذي اقترن معه ممن قد أحدث وابتدع في الدين, وأدخل فيه ضلالات ما لم ينزل الله بها من سلطان, ولو قلنا: نحن مسلمون, وفهم عنا الناس الإسلام الذي يحبه ويرضاه, لما قبلنا لهذه الكلمة (الإسلام) بديلاً, ولكن ها أنت ترى الذي يقتل المسلمين باسم الإسلام, والخوارج ومجوس الباطنية والصوفية وغيرهم كُثر يتكلمون باسم الدين, وكل هؤلاء يفسرون دين الله على أهوائهم وحسب ما تقتضيه حاجتهم, ومن هنا أردنا أن نميز أنفسنا ونميز إسلامنا من هذا الجهل البائن بكلمة واردة في كتاب ربنا عز وجل وفي أحاديث نبينا صلى الله عليه وسلم وليست العبرة بالألفاظ والمباني, وإنما العبرة بالحقائق والمعاني.
فالسلفية مصطلح شرعي ونِسبة مباركة إلى السلف الصالح, وهم الصحابة والتابعون وتابعوهم إلى القرون المفضلة التي زكاها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وجاء في صحيح مسلم, عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لابنته وحبيبته فاطمة رضي الله عنها: «نعم السلف أنا لكِ»، وثبت في الحديث الحسن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال وهو يودع ابنه إبراهيم وبناته زينب ورقية عند دفنهم بعد الموت: «الحق - أو الحقي - بسلفنا الصالح عثمان ابن مظعون».
ومن هنا اتضح لنا أن الطريق الحق هو طريق السلفية النقية التي تتخذ هَدي النبي صلى الله عليه وسلم وهَدي أصحابه الكرام نوراً تسير عليه، وطريقًا يوصل إلى جنة الخلد بإذن الله تعالى ومنهجًا يبعد عن الضلال والابتداع.
نسأل الله أن يوفقنا وإياكم إلى طريق الحق والصواب ويهدينا وإياكم إلى ما يحبه ويرضاه.
والله الموفق والمستعان.



اعداد: محمد الراشد




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #19  
قديم 16-04-2024, 06:45 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,834
الدولة : Egypt
افتراضي رد: السياسة الشرعية

السياسة الشرعية (19)

اتـق الـله


كثير من الناس إذا قيل له: اتق الله، أخذته العزة بالإثم، وربما قال: هل أنا عاص؟ هل أنا مجرم؟ أنت اتق الله! ومن الناس من إذا قيل له: اتق الله، اقشعر جلده وارتعد وسقط ما في يده خوفًا من الله عز وجل، فالثاني من أهل الإيمان والتقوى، أما الأول فمن تأخذه العزة بالإثم والعياذ بالله، أي يعتز بإثمه, ويقول: أنا لم أفعل شيئًا، ماذا فعلت لتقول لي: اتق الله؟ فنقول له بكل بساطة: لست أتقى لله من رسول الله، فقد قال الله له: {يَأَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ} (الأحزاب: 1) وذلك في أول السورة, وقال في أثنائها: {... وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ} (الأحزاب: 37) وقال في آخرها: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً} (الأحزاب: 70) وهذا يعم النبي [ أيضا.
ومَن قيل له: اتق، الله يحسب نفسه أنه فعل خطأ فيقول: لماذا تقول ذلك هنا؟ فالسؤال عن الخطأ الذي فعله, لا بأس به؛ لأنه لم تأخذه العزة بالإثم، وإنما يريد أن يتبين لعله أخطأ وهو لا يدري، وكل إنسان عليه أن يتعلم من أخطائه.
وفي المعاصي الصغار, يُقال للإنسان: اتق الله، فلو جاء إنسان مثلاً يغتاب إليك شخصا تقول له: اتق الله يا أخي وأعرض عن هذا، وهناك بعض الناس يقولون: اتق الله، في المباحات وفي كلامهم العادي مثل: شرب الشاي أو غير ذلك، فإذا أدى الحال إلى الاستخفاف بها لكثرة تداولها بين الناس, بحيث تقال في مكان ليست محلاً لها فلا تقال.
ومن أذل نفسه لله فقد أعزها, ومن بذل الحق في نفسه فقد أكرم نفسه؛ فإن أكرم الخلق عند الله أتقاهم، فالعزة ليست بالغنى ولا بالمناصب الرفيعة فمن اغتر بالظلم من منع الحق وفعل الإثم، فقد أذل نفسه وأهانها، قال الله تعالى: {مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً} (فاطر: 10).
ومن هذا المنطلق نقول لنواب الأمة وحكومة الوطن: اتقوا الله فينا، وحاولوا أن تتفقوا على صلاح هذه البلاد التي تحتوينا جميعاً بدلاً من الشقاق والعناد والخلاف, حتى صار الأمر كما قال القائل: إما تغيير الحكومة أو حل البرلمان, وكلاهما مُر, فلما لا تحاولون أن تدعوا هذا الخلاف وتبحثوا عن نقطة تتواصلون فيها؟ ولذلك أقول لنواب الأمة: اتقوا الله فيما تفعلونه داخل هذا الصرح, وكونوا على قدر المسؤولية التي أنتم فيها، اتقوا الله فيما تشرعونه من قوانين, اتقوا الله في حواراتكم ومناقشاتكم داخل المجلس. اتقوا الله في كويتنا الغالية.
وأقول للوزراء الأفاضل: اتقوا الله في وزاراتكم، ولتخافوا الله ولتعملوا من أجل مصلحة وراحة المواطنين، وليتق الله كل رجل في زوجته وأولاده, وليحسن تعليمهم وتربيتهم على منهج السلف الصالح بعيدًا عن الفتن المنتشرة في كل مكان، وليتق الله كل معلم، طبيب، مهندس، موظف، عامل، خادم في وظيفته التي وكل إليها وليعلم أن الجزاء من جنس العمل.
والله الموفق والمستعان.




اعداد: محمد الراشد




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #20  
قديم 16-04-2024, 07:06 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,834
الدولة : Egypt
افتراضي رد: السياسة الشرعية

السياسة الشرعية (20)

السلفية… السياسة


إن الدعوة السلفية ليست دعوة حزبية, أو دعوة لها بيانات أو منشورات سياسية تحث على الاشتغال بالسياسة وطلب الحكم واللهث وراء السلطة, بل هي دعوة علم, دعوة أمن, دعوة منهج لفهم دين الله عز وجل وسنة نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم ولاسيما أننا تحت حاكم مسلم, فالدعوة السلفية ليست حزبية, بل كل من يؤمن بالإسلام إيماناً صحيحاً فهو سلفي بالفطرة, بمعنى أنه مُعظّم لكتاب الله تعالى ومُعظّم لسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وكذلك معظّم للصحابة والتابعين, فمن كان هذا حاله فهو سلفي دون الحاجة لعمل اشتراكات أو كارنيهات عضوية, فالأمر ميسر لكل المسلمين في كل مكان وزمان, فالدعوة السلفية ليست دعوة إقليمية خاصة ببلد أو منطقة معينة دون غيرها بل هي دعوة عامة, فالأمر يرجع لكل فرد دون أدنى شروط أو توجيهات, ولكن لا نقبل بأي حال من الأحوال أن يندس في صفوفنا من ليس منا, ويدعي السلفية بهتاناً وظلماً, فقد جاء يحمل أفكاراً غريبة على دعوتنا النقية, يريد بها تحطيم تلك الدعوة وأن يبث الفرقة بين أصحابها؛ لأنه ببساطة لا يفهم الدين كما نفهمه, ولا يرجع للعلماء الذين نرجع إليهم, ولا يعظم القواعد والمبادئ المأخوذة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم التي نعظمها.
فالمؤامرات على هذه الدعوة المباركة كثيرة, ولا يمل أصحاب تلك المؤامرات ولا يكلون من إثارة الفتن والقلاقل؛ ولذلك يجب على أبناء هذه الدعوة أن يميزوا أنفسهم عنهم, وأن يبيّنوا دين الله تعالى. ولكن العجيب أني قد أرى من ينتسب إلى السلفية وتراه بعيداً عنها تماما، يقول ويعمل ضد مبادئ السلفية وأصولها, فعلى سبيل المثال من ينادون بما يسمى «الإمارة الدستورية» ويذهبون إلى ساحة الإرادة ويهتفون في الجماهير بضرورة تنفيذ ذلك المطلب, ناسين أن الله أمرنا باتباع الحكام وعدم الخروج عليهم وعدم منابذتهم، وهذا من مبادئ الدعوة السلفية وقواعدها الأساسية, ألم يعلموا أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالسمع والطاعة للأمراء وإن ضربوا ظهورنا وأخذوا أموالنا وإن لم يعطونا حقنا؟! كيف نطلق على هؤلاء «سلفيون»؟! والسلفية منهم براء. ألا يعلمون أنهم بتلك الدعاوى الباطلة سيمزقون شمل هذه البلاد, وسيذهبون بريحنا, ونحن ننعم بالأمن والأمان والاستقرار وتلك نعمة لابد أن نتمسك بها ولا نفرط فيها، فإن كان لدى المعارضة مطالبات فلتكن ضمن نطاق ما سمح به الشرع وليس ما قرره الدستور، فعلينا اتباع السنة والجماعة واجتناب الشذوذ والخلاف والفرقة كما قال ابن أبي الحنفي.
اللهم احفظ هذه البلاد واحفظ أهلها من كل سوء.
والله الموفق والمستعان.



اعداد: محمد الراشد
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 129.36 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 123.48 كيلو بايت... تم توفير 5.89 كيلو بايت...بمعدل (4.55%)]