قصص الأنبياء عليهماء السلام - الصفحة 2 - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         ولا تبغوا الفساد في الأرض (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          تحرر من القيود (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          فن التعامـل مع الطالبات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 28 - عددالزوار : 781 )           »          العمل السياسي الديـموقراطي سيؤثر في الصرح العقائدي وفي قضية الولاء والبراء وهي قضية م (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          العمل التطوعي.. أسسه ومهاراته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 9 - عددالزوار : 131 )           »          طرائق تنمية الحواس الخمس لدى الطفل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 19 )           »          حقيقة العلاج بالطاقة بين العلم والقرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 29 )           »          الله عرفناه.. بالعقل! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          افتراءات وشبهات حول دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 7 - عددالزوار : 94 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث

ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #11  
قديم 29-10-2007, 10:21 AM
الصورة الرمزية طيور حرة
طيور حرة طيور حرة غير متصل
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Oct 2007
مكان الإقامة: الدمام
الجنس :
المشاركات: 216
الدولة : Saudi Arabia
افتراضي

يونس عليه السلام


يونس عليه السلام
في أرض الموصل بالعراق، كانت هناك بلدة تسمى "نينوي"، انحرف أهلها عن منهج الله، وعن طريقه المستقيم، وصاروا يعبدون الأصنام، ويجعلونها ندًّا لله وشريكًا له، فأراد الله أن يهديهم إلى عبادته، والى طريقه الحق، فأرسل إليهم يونس -عليه السلام-، ليدعوهم إلى الإيمان، وترك عبادة الأصنام التي لا تضر ولا تنفع، لكنهم رفضوا الإيمان بالله، وتمسكوا بعبادة الأصنام، واستعمروا على كفرهم وضلالهم دون أن يؤمن منهم أحد، بل إنهم كذَّبوا يونس وتمردوا عليه، واستهزءوا به، وسخروا منه.
فغضب يونس من قومه، ويئس من استجابتهم له، فأوحى الله إليه أن يخبر قومه بأن الله سوف يعذبهم بسبب كفرهم.
فامتثل يونس لأمر ربه، وبلغ قومه، ووعدهم بنزول العذاب والعقاب من الله تعالى، ثم خرج من بينهم، وعلم القوم أن يونس قد ترك القرية، فتحققوا حينئذ من أن العذاب سيأتيهم لا محالة، وأن يونس نبي لا يكذب، فسارعوا، وتابوا إلى الله سبحانه، ورجعوا إليه وندموا على ما فعلوه مع نبيهم، وبكى الرجال والنساء والبنون والبنات خوفًا من العذاب الذي سيقع عليهم، فلما رأى الله -سبحانه- صدق توبتهم ورجوعهم إليه، كشف عنهم العذاب، وأبعد عنهم العقاب بحوله وقوته ورحمته.
قال تعالى: (فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين) [يونس: 98].
وبعد خروج يونس من قريته، ذهب إلى شاطئ البحر، وركب سفينة، وفي وسط البحر هاجت الأمواج واشتدت الرياح، فمالت السفينة وكادت تغرق.
وكانت السفينة محملة بالبضائع الثقيلة، فألقى الناس بعضًا منها في البحر، لتخفيف الحمولة، ورغم ذلك لم تهدأ السفينة، بل ظلت مضطربة تتمايل بهم يمينًا ويسارًا فتشاوروا فيما بينهم على تخفيف الحمولة البشرية، فاتفقوا على عمل قرعة والذي تقع عليه؛ يرمي نفسه في البحر.
فوقعت القرعة على نبي الله يونس، لكن القوم رفضوا أن يرمي يونس نفسه في البحر، وأعيدت القرعة مرة أخرى، فوقعت على يونس، فأعادوا مرة ثالثة فوقعت القرعة عليه أيضًا، فقام يونس-عليه السلام-وألقى بنفسه في البحر، وكان في انتظاره حوت كبير أرسله الله له، وأوحى إليه أن يبتلع يونس دون أن يخدش له لحمًا، أو يكسر له عظمًا؛ ففعل، قال تعالى: (وإن يونس لمن المرسلين. إذ أبق إلى الفلك المشحون. فساهم فكان من المدحضين. فالتقمه الحوت وهو مليم) [الصافات: 139-142].
وظل يونس في بطن الحوت بعض الوقت، يسبح الله -عز وجل-، ويدعوه أن ينجيه من هذا الكرب، قال تعالى: (وذا النون إذ ذهب مغاضبًا فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين. فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين)[الأنبياء: 87-88].
وأمر الله الحوت أن يقذفه على الساحل، ثم أنبت عليه شجرة ذات أوراق عريضة تظلله وتستره وتقيه حرارة الشمس، قال تعالى: (فنبذناه بالعراء وهو سقيم. وأنبتنا عليه شجرة من يقطين)[الصافات: 145-146].
وأمر الله يونس أن يذهب إلى قومه؛ ليخبرهم بأن الله تاب عليهم، ورضى عنهم، فامتثل يونس لأمر ربه، وذهب إلى قومه، وأخبرهم بما أوحى إليه، فآمنوا به فبارك الله لهم في أموالهم وأولادهم. قال تعالى: (أرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون. فآمنوا فمتعناهم إلى حين)[الصافات: 147-148].
وقد أثنى الله -عز وجل- على يونس في القرآن الكريم، قال تعالى: (وإسماعيل والسع ويونس ولوطًا وكلا فضلنا على العالمين)[الأنعام: 86].
كما أثنى النبي ص على يونس-عليه السلام-فقال: "لا ينبغي لعبد أن يقول أنا خير من يونس بن متى"[متفق عليه].
وقد أخبر النبي ص أن الذي تصيبه مصيبة أو شر ثم يدعو بدعاء يونس-عليه السلام-، يفرِّج الله عنه، فقال ص: "دعوة ذي النون إذ دعا وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فإنه لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له" [الترمذي].

رد مع اقتباس
  #12  
قديم 29-10-2007, 10:23 AM
الصورة الرمزية طيور حرة
طيور حرة طيور حرة غير متصل
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Oct 2007
مكان الإقامة: الدمام
الجنس :
المشاركات: 216
الدولة : Saudi Arabia
افتراضي

ذو الكفل عليه السلام


ذو الكفل عليه السلام
أحد أنبياء الله، ورد ذكره في القرآن الكريم مرتين، فقد مدحه الله -عز وجل- وأثنى عليه لصبره وصلاحه، وصدقه، وأمانته وتحمله لكثير من المصاعب والآلام في سبيل تبليغ دعوته إلى قومه، ولم يقصَّ الله -عز وجل- لنا قصته، ولم يحدد زمن دعوته، أو القوم الذين أرسل إليهم.
قال تعالى: (وإسماعيل وإدريس وذا الكفل كل من الصابرين. وأدخلناهم في رحمتنا إنهم من الصالحين)[الأنبياء: 85-86].
وقال تعالى: (واذكر إسماعيل واليسع وذا الكفل وكل من الأخيار)
[ص: 48].
وقد روي أن نبيًّا من الأنبياء قال لمن معه: أيكم يكفل لي أن يصوم النهار ويقوم الليل ولا يغضب، ويكون معي في درجتي ويكون بعدي في مقامي؟ قال شاب من القوم: أنا. ثم أعاد فقال الشاب: أنا، ثم أعاد فقال الشاب: أنا، ثم أعاد فقال الشاب: أنا، فلما مات قام بعده في مقامه فأتاه إبليس بعدما قال ليغضبه يستعديه فقال الرجل: اذهب معه.
فجاء فأخبره أنه لم ير شيئًا، ثم أتاه فأرسل معه آخر فجاءه فأخبره أنه لم ير شيئًا، ثم أتاه فقام معه فأخذ بيده فانفلت منه فسمي (ذا الكفل) لأنه كفل أن لا يغضب.[ابن جرير وابن المنذر وأبي تمام].

رد مع اقتباس
  #13  
قديم 29-10-2007, 10:25 AM
الصورة الرمزية طيور حرة
طيور حرة طيور حرة غير متصل
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Oct 2007
مكان الإقامة: الدمام
الجنس :
المشاركات: 216
الدولة : Saudi Arabia
افتراضي


أيوب عليه السلام



أيوب عليه السلام
كان أيوب -عليه السلام- نبيا كريمًا يرجع نسبه إلى إبراهيم الخليل -عليه السلام-، قال تعالى: (ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون)[الأنعام: 84].
وكان أيوب كثير المال والأنعام والعبيد، وكان له زوجة طيبة وذرية صالحة؛ فأراد الله أن يختبره ويمتحنه، ففقد ماله، ومات أولاده، وضاع ما عنده من خيرات ونعم، وأصابه المرض، فصبر أيوب على ذلك كله، وظل يذكر الله
-عز وجل- ويشكره.
ومرت الأيام، وكلما مر يوم اشتد البلاء على أيوب، إلا أنه كان يلقى البلاء الشديد بصبر أشد، ولما زاد عليه البلاء، انقطع عنه الأهل، وابتعد عنه الأصدقاء، فصبر ولم يسخط أو يعترض على قضاء الله.
وظل أيوب في مرضه مدة طويلة لا يشتكي، ولا يعترض على أمر الله، وظل صابرًا محتسبًا يحمد الله ويشكره، فأصبح نموذجا فريدًا في الصبر والتحمل.
وبعد طول صبر، توجه أيوب إلى ربه؛ ليكشف عنه ما به من الضر والسقم: (أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين)[الأنبياء: 83]، فأوحى الله إلى أيوب أن يضرب الأرض بقدمه، فامتثل أيوب لأمر ربه، فانفجرت عين ماء باردة فاغتسل منها؛ فشفي بإذن الله، فلم يبق فيه جرح إلا وقد برئ منه، ثم شرب شربة فلم يبق في جوفه داء إلا خرج، وعاد سليمًا، ورجع كما كان شابًا جميلاً، قال تعالى: (فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر)[الأنبياء: 84].
ونظرت زوجة أيوب إليه، فوجدته في أحسن صورة، وقد أذهب الله عنه ما كان به من ألم وأذى وسقم ومرض، وأصبح صحيحًا معافى، وأغناه الله، ورد عليه ماله وولده، قال تعالى: (وآتيناه أهله ومثلهم معهم رحمة من عندنا)[الأنبياء: 84].
وقد جعل الله -عز وجل- أيوب -عليه السلام- أسوة وقدوة لكل مؤمن ابتلي في جسده أو ماله أو ولده، حيث ابتلاه الله بما هو أعظم من ذلك فصبر واحتسب حتى فرج الله عنه. قال النبي ص: "بينما أيوب يغتسل عريانًا خرَّ عليه رِجْل جراد (جماعة من الجراد) من ذهب، فجعل يحثي (يأخذ بيديه) في ثوبه، فناداه ربه: يا أيوب، ألم أكن أغنيتك عما ترى؟ قال: بلى يا رب، ولكن لا غنى لي عن بركتك" [البخاري].

رد مع اقتباس
  #14  
قديم 29-10-2007, 10:26 AM
الصورة الرمزية طيور حرة
طيور حرة طيور حرة غير متصل
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Oct 2007
مكان الإقامة: الدمام
الجنس :
المشاركات: 216
الدولة : Saudi Arabia
افتراضي

يوسف عليه السلام


يوسف عليه السلام
في ليلة من الليالي رأى يوسف -عليه السلام- وهو نائم رؤيا عجيبة، فقد رأى أحد عشر كوكبًا والشمس والقمر يسجدون له فلما استيقظ، ذهب إلى أبيه يعقوب -عليه السلام- في هذه الرؤيا. فعرف أن ابنه سيكون له شأن عظيم، فحذره من أن يخبر إخوته برؤياه، فيفسد الشيطان قلوبهم، ويجعلهم يحسدونه على ما آتاه الله من فضله، فلم يقص رؤيته على أحد.
وكان يعقوب يحب يوسف حبًّا كبيرًا، ويعطف عليه ويداعبه، مما جعل إخوته يحسدونه، ويحقدون عليه، فاجتمعوا جميعا ليدبروا له مؤامرة تبعده عن أبيه.
فاقترح أحدهم أن يقتلوا يوسف أو يلقوه في أرض بعيدة، فيخلو لهم أبوهم، وبعد ذلك يتوبون إلى الله، ولكن واحدًا آخر منهم رفض قتل يوسف، واقترح عليهم أن يلقوه في بئر بعيدة، فيعثر عليه بعض السائرين في الطريق، ويأخذونه ويبيعونه.
ولقيت هذه الفكرة استحسانًا وقبولاً، واستقر رأيهم على نفيه وإبعاده، وأخذوا يتشاورون في تدبير الحيلة التي يمكن من خلالها أخذ يوسف وتنفيذ ما اتفقوا عليه، ففكروا قليلا، ثم ذهبوا إلى أبيهم وقالوا له: (يا أبانا ما لك لا تأمنا على يوسف وإنا له لناصحون)[يوسف: 11].
فأجابهم يعقوب -عليه السلام- أنه لا يقدر على فراقه ساعة واحدة، وقال لهم: (أخاف أن يأكله الذئب وأنتم عنه غافلون)[يوسف: 13]
فقالوا: (لئن أكله الذئب ونحن عصبة إنا إذا لخاسرون)[يوسف:14]. وفي الصباح، خرج الأبناء جميعًا ومعهم يوسف -عليه السلام- إلى الصحراء، ليرعوا أغنامهم، وما إن ابتعدوا به عن أبيهم حتى تهيأت لهم الفرصة لتنفيذ اتفاقهم، فساروا حتى وصلوا إلى البئر، وخلعوا ملابسه ثم ألقوه فيها، وشعر يوسف بالخوف، والفزع، لكن الله كان معه، حيث أوحى إليه ألا تخاف ولا تجزع فإنك ناج مما دبروا لك.
وبعد أن نفذ إخوة يوسف مؤامرتهم، جلسوا يفكرون فيما سيقولون لأبيهم عندما يسألهم، فاتفقوا على أن يقولوا لأبيهم إن الذئب قد أكله، واخلعوا يوسف قميصه، وذبحوا شاة، ولطخوا بدمها قميص يوسف.
وفي الليل، عادوا إلى أبيهم، ولما دخلوا عليه بكوا بشدة، فنظر يعقوب إليهم ولم يجد فيهم يوسف معهم، لكنهم أخبروه أنهم ذهبوا ليتسابقوا، وتركوا يوسف ليحرس متاعهم، فجاء الذئب وأكله، ثم أخرجوا قميصه ملطخًا بالدماء، ليكون دليلا لهم على صدقهم.
فرأى يعقوب -عليه السلام- القميص سليمًا، حيث نسوا أن يمزقوه، فقال لهم: عجبًا لهذا الذئب كان رحيمًا بيوسف أكله دون أن يقطع ملابسه. ثم قال لهم مبينًا كذبهم: (بل سولت لكم أنفسكم أمرًا فصبرٌ جميل والله المستعان على ما تصفون)[يوسف: 18].
أما يوسف فكان لا يزال حبيسًا في البئر ينتظر الفرج والنجاة، وبينما هو كذلك، مرت عليه قافلة متجهة إلى مصر، فأرادوا أن يتزودوا من الماء، فأرسلوا أحدهم إلى البئر ليأتيهم بالماء، فلما ألقى دلوه تعلق به يوسف، فنظر في البئر فوجد غلامًا جميلاً يمسك به، ففرح الرجل ونادى رجال القافلة، فأخرجوا يوسف، وأخذوه معهم إلى مصر ليبيعوه.
وكان عزيز مصر في هذا اليوم يتجول في السوق، ليشتري غلامًا له؛ لأنه لم يكن له أولاد، فوجد هؤلاء الناس يعرضون يوسف للبيع، فذهب إليهم، واشتراه منهم بعدة دراهم قليلة.
ورجع عزيز مصر إلى زوجته، وهو سعيد بالطفل الذي اشتراه، وطلب من زوجته أن تكرم هذا الغلام، وتحسن معاملته، فربما نفعهما أو اتخذاه ولدًا لهما، وهكذا مكن الله ليوسف في الأرض فأصبح محاطًا بعطف العزيز ورعايته.
ومرت السنون، وكبر يوسف، وأصبح شابًا قويًّا، رائع الحسن، وكانت امرأة العزيز تراقب يوسف يومًا بعد يوم، وازداد إعجابها به لحظة بعد أخرى، فبدأت تظهر له هذا الحب بطريق الإشارة والتعريض، لكن يوسف -عليه السلام- كان يعرض عنها، ويتغافل عن أفعالها، فأخذت المرأة تفكر كيف تغري يوسف بها.
وذات يوم، انتهزت فرصة غياب زوجها عن القصر، فتعطرت وتزينت، ولبست أحسن الثياب، وغلقت الأبواب ودعت يوسف حتى أدخلته حجرتها، وطلبت منه أن يفعل معها الفاحشة.
لكن يسوف بعفته وطهارته امتنع عما أرادت، ورد عليها ردًّا بليغًا حيث قال: (معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي إنه لا يفلح الظالمون) [يوسف: 23].
ثم أسرع يوسف -عليه السلام- ناحية الباب يريد الخروج من المكان، لكن امرأة العزيز لم تدع الفرصة تفوتها، فجرت خلفه، لتمنعه من الخروج، وأمسكت بقميصه فتمزق.
وفجأة، حضر زوجها العزيز، وتأزم الموقف، وزاد الحرج، لكن امرأة العزيز تخلصت من حرج موقفها أمام زوجها، فاتهمت يوسف بالخيانة ومحاولة الاعتداء عليها، وقالت لزوجها: (ما جزاء من أراد بأهلك سوءًا إلا أن يسجن أو عذاب أليم)[يوسف: 25].
وأمام هذا الاتهام، كان على يوسف أن يدافع عن نفسه، فقال: (هي راودتني عن نفسي)[يوسف: 26].
فاحتكم الزوج إلى رجل من أهل المرأة، فقال الرجل من غير تردد انظروا: (إن كان قميصه قد من قبل فصدقت وهو من الكاذبين. وإن كان قميصه قد من دبر فكذبت وهو من الصادقين)[يوسف: 26-27].
فالتفت الزوج إلى امرأته، وقال لها: (إنه من كيدكم إن كيدكن عظيم)[يوسف: 28]، ثم طلب العزيز من يوسف أن يهمل هذا الموضوع، ولا يتحدث به أمام أحد، ثم طلب من زوجته أن تستغفر من ذنبها وخطيئتها.
واتفق الجميع على أن يظل هذا الفعل سرًّا لا يعرفه أحد، ومع ذلك فقد شاع خبر مراودة امرأة العزيز ليوسف، وطلبها للفاحشة، وانتشر في القصر وتحدث نساء المدينة بما فعلته امرأة العزيز مع فتاها، وعلمت امرأة العزيز بما قالته النسوة عنها، فغضبت غضبًا شديدًا، وأرادت أن تظهر لهن عذرها، وأن جمال يوسف وحسن صورته هما اللذان جعلاها تفعل ذلك، فأرسلت إليهن، وهيأت لهن مقاعد مريحة، وأعطت كل واحدة منهن سكينا، ثم قالت ليوسف: اخرج عليهن.
فخرج يوسف متمثلاً لأمر سيدته، فلما رآه النسوة انبهرن بجماله وحسنه، وقطعن أيديهن دون أن يشعرن بذلك، وظن جميع النسوة أن الغلام ما هو إلا ملك، ولا يمكن أن يكون بشرًا. فقالت امرأة العزيز: (فذلكن الذي لمتنني فيه ولقد راودته عن نفسه فاستعصم ولئن لم يفعل ما آمره ليسجنن وليكونا من الصاغرين)[يوسف: 32].
واقتنع النساء بما تفعله امرأة العزيز مع يوسف، فلما رأى ذلك منهن قال: (قال رب السجن أحب إليَّ مما يدعونني إليه وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين)[يوسف: 33].
وكادت تحدث فتنة في المدينة بسبب عشق النساء ليوسف، فرأى القائمون على الأمر في مصر أن يسجن يوسف إلى حين، فسجنوه، وظل يوسف -عليه السلام- في السجن فترة، ودخل معه السجن فتيان أحدهما خباز والآخر ساقي، ورأيا من أخلاق يوسف وأدبه وعبادته لربه ما جعلهما يعجبان به، فأقبلا عليه ذات يوم يقصان عليه ما رأيا في نومهما، (قال أحدهما إني أراني أعصر خمرا وقال الآخر إني أراني أحمل فوق رأسي خبزا تأكل الطير منه نبئنا بتأويله إنا نراك من المحسنين)[يوسف: 36]
ففسر لهما يوسف رؤياهما، بأن أحدهما سيخرج من السجن، ويرجع إلى عمله كساق للملك، وأما الآخر وهو خباز الملك فسوف يصلب، وتأكل الطير من رأسه.
وقبل أن يخرج ساقي الملك من السجن طلب من يوسف أن يذكر أمره عند الله، ويخبره أن في السجن بريئًا حبس ظلمًا، حتى يعفو عنه، ويخرج من السجن، ولكن الساقي نسى، فظل يوسف في السجن بضع سنين، وبمرور فترة من الزمن تحقق ما فسره لهما يوسف.
وفي يوم من الأيام، نام الملك فرأى في منامه سبع بقرات سمان يأكلهن سبع نحيفات، وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات، فقام من نومه خائفا مفزوعًا مما رآه، فجمع رجاله وعلماء دولته، وقص عليهم ما رآه، وطلب منهم تفسيره، فأعجزهم ذلك، وأرادوا صرف الملك عنه حتى لا ينشغل به، فقالوا: (أضغاث أحلام وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين)[يوسف: 44].
لكن هذه الرؤيا ظلت تلاحق الملك وتفزعه أثناء نومه، فانشغل الملك بها، وأصر على معرفة تفسيرها، وهنا تذكر الساقي أمر يوسف، وطلب أن يذهب إلى السجن ليقابل يوسف، وهناك طلب منه أن يفسر رؤيا الملك، ففسر يوسف البقرات السمان والسنبلات الخضر بسبع سنين يكثر فيها الخير وينجو الناس فيه من الهلاك.
ولم يكتف يوسف بتفسير الحلم، وإنما قدم لهم الحل السليم. وما يجب عليهم فعله تجاه هذه الأزمة، وهو أن يدخروا في سنوات الخير ما ينفعهم في سنوات القحط والحاجة من الحبوب بشرط أن يتركوها في سنابلها، حتى يأتي الله بالفرج.
ولما عرف الساقي تفسير الرؤيا، رجع إلى الملك ليخبره بما قاله له يوسف. ففرح الملك فرحًا شديدًا، وراح يسأل عن ذلك الذي فسر رؤياه، فقال الساقي: يوسف. فقال الملك على الفور: ائتوني به.
فذهب رسول الملك إلى يوسف وقال له: أجب الملك، فإنه يريد أن يراك، ولكن يوسف رفض أن يذهب إلى الملك قبل أن تظهر براءته، ويعرف الملك ما حدث له من نساء المدينة.
فأرسل الملك في طلب امرأة العزيز وباقي النسوة، وسألهن عن الأمر، فقلن معترفات بذنوبهن مقرَّات بخطئهن، ومعلنات عن توبتهن إلى الله: ما رأينا منه سوءًا، وأظهرت امرأة العزيز براءة يوسف أمام الناس جميعًا.
عندئذ أصدر الملك قراره بتبرئة يوسف مما اتهم به، وأمر بإخراجه من السجن وتكريمه، وتقريبه إليه. ثم خيره أن يأخذ من المناصب ما شاء فقال يوسف: (اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليهم)[يوسف: 55]. فوافق الملك على أن يتقلد يوسف هذا المنصب لأمانته وعلمه.
وتحققت رؤيا الملك، وانتهت سنوات الرخاء، وبدأت سنوات المجاعة، وجاء الناس من كل مكان في مصر والبلاد المجاورة ليأخذوا حاجتهم من خزائن الملك.
وفي يوم من الأيام، وأثناء توزيع الحبوب على الناس إذا بيوسف أمام رجال يعرفهم بلغتهم وأشكالهم وأسمائهم، وكانت مفاجأة لم يتوقعوها، إنهم إخوته، أبناء أبيه يعقوب -عليه السلام-، الذي ألقوه في البئر وهو صغير، لقد جاءوا محتاجين إلى الطعام، ووقفوا أمامه دون أن يعرفوه، فقد تغيرت ملامحه بعدما كبر، فأحسن يوسف إليهم، وأنسوا هم به، وأخبروه أن لهم أخا أصغر من أبيهم لم يحضر معهم، لأن أباه يحبه ولا يطيق فراقه.
فلما جهزهم يوسف بحاجات الرحلة، وقضى حاجتهم، وأعطاهم ما يريدون من الطعام، قال لهم: (ائتوني بأخ لكم من أبيكم ألا ترون أني أوفي الكيل وأنا خير المنزلين. فإن لم تأتوني به فلا كيل لكم عندي ولا تقربون).
[يوسف: 59-60].
فأظهروا أن الأمر ليس ميسورا وسوف يمانع، ليستبدلوا بها القمح والعلف في رحالهم بدلا من القمح فيضطروا إلى العودة إليه بأخيهم.
وعاد إخوة يوسف إلى أبيهم، وقالوا: (يا أبانا منع منا الكيل فأرسل معنا أخانا نكتل وإنا له لحافظون)[يوسف: 63]، فرفض يعقوب.
وذهب الإخوة إلى بضاعتهم ليخرجوها ففوجئوا ببضاعتهم الأولى التي دفعوها ثمنا، ولم يجدوا قمحا، فأخبروا والدهم أن بضاعتهم قد ردت إليهم، ثم أخذوا يحرجون أباهم بالتلويح له بمصلحة أهلهم في الحصول على الطعام، ويؤكدون له عزمهم على حفظ أخيهم، ويرغبونه بزيادة الكيل لأخيهم، فقد كان يوسف يعطي لكل فرد حمل بعير.
فقال لهم أبوهم: (لن أرسله معكم حتى تؤتون موثقا من الله لتأتنني به إلا أن يحاط بكم فلما آتوه موثقهم قال الله على ما نقول وكيل)[يوسف: 66]، ولم ينس أن يوصيهم في هذا الموقف وينصحهم، فقال لهم: (يا بني لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة وما أغني عنكم من الله من شيء إن الحكم إلا لله عليه توكلت وعليه فليتوكل المتوكلون)[يوسف: 67].
وسافر الإخوة إلى مصر، ودخلوها من حيث أمرهم أبوهم، ولما وقفوا أمام يوسف، دعا أخاه الصغير، وقربه إليه، واختلى به، وأخبره أنه يوسف أخوه.
ثم وزن البضاعة لإخوته، فلما استعدوا للرحيل والعودة إلى بلادهم، إذا بيوسف يريد أن يستبقي أخاه بجانبه، فأمر فتيانه بوضع السقاية (إناء كان يكيل به) في رحل أخيه الصغير، وعندما بدأت القافلة في الرحيل إذا بمناد ينادي ويشير إليهم: (إنكم لسارقون) [يوسف: 70].
فأقبل الإخوة يتساءلون عن الذي فقد، فأخبره المنادي أنه فقد مكيال الملك، وقد جعل لمن يأتي به مكافأة قدرها حمل بعير.
وهنا لم يتحمل إخوة يوسف ذلك الاتهام، فدخلوا في حوار ساخن مع يوسف ومن معه، فهم ليسوا سارقين وأقسموا على ذلك. فقال الحراس: (فما جزاؤه إن كنت كاذبين)[يوسف: 74].
هنا ينكشف التدبير الذي ألهمه الله يوسف، فقد كان الحكم السائد في شريعة بني إسرائيل أن السارق يكون عبدًا للمسروق منه، ولما كان يوسف -عليه السلام- يعلم أن هذا هو جزاء السارق في شريعة بني إسرائيل، فقد قبل أن يحتكم إلى شريعتهم دون شريعة المصريين، ووافق إخوته على ذلك لثقتهم في أنفسهم. فأصدر يوسف الأوامر لعماله بتفتيش أوعية إخوته. فلم يجدوا شيئا، ثم فتشوا وعاء أخيه، فوجدوا فيه إناء الكيل.
وتذكر إخوة يوسف ما وعدوا به أباهم من عودة أخيهم الصغير إليه، فقالوا: (يا أيها العزيز إن له أبا شيخا كبيرا فخذ أحدنا مكانه إنا نراك من المحسنين)[يوسف: 78].
فقال يوسف: (معاذ الله أن نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده إنا إذًا لظالمون) [يوسف:79].
وهكذا مكن الله ليوسف أن يحتفظ بأخيه، أما الإخوة فقد احتاروا وجلسوا يفكرون فيما سيقولونه لأبيهم عندما يعودون، فقرر كبيرهم ألا يبرح مصر، وألا يواجه أباه إلا أن يأذن له أبوه، أو يقضي الله له بحكم، وطلب منهم أن يرجعوا إلى أبيهم، ويخبروه صراحة بأن ابنه سرق، فأخذ بما سرق، وإن شك في ذلك؛ فليسأل القافلة التي كانوا معها أو أهل المدينة التي كانوا فيها.
فعادوا إلى أبيهم وحكوا له ما حدث، إلا أن أباهم لم يصدقهم، وقال: (بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل عسى الله أن يأتيني بهم جميعًا إنه هو العليم الحكيم)[يوسف: 83]، ثم تركهم، وأخذ يبكي على يوسف وأخيه، حتى فقد بصره، فاغتاظ أبناءه وقالوا: (تالله تفتأ تذكر يوسف حتى تكون حرضًا أو تكون من الهالكين)[يوسف: 85].
فرد يعقوب -عليه السلام- عليهم أنه يشكو أمره لله، وليس لأحد من خلقه، وطلب منهم أن يذهبوا ليبحثوا عن يوسف وأخيه، فهو يشعر بقلب المؤمن أن يوسف مازال حيًّا، والمؤمن لا ييأس من رحمة الله أبدًا.
وتوجه الأبناء إلى مصر للمرة الثالثة يبحثون عن أخيهم، ويلتمسون بعض الطعام، وليس معهم إلا بضاعة رديئة.
ولما وصلوا مصر دخلوا على يوسف، فقالوا له: (يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر وجئنا ببضاعة مزجاة فأوف لنا الكيل وتصدق علينا إن الله يحب المتصدقين)[يوسف: 88]. ففاجأهم يوسف بهذا السؤال: (هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون) [يوسف:89]، فتنبهوا إلى رنين هذا الصوت، وإلا هذه الملامح التي ربما يعرفونها، فقالوا: (أئنك لأنت يوسف)
[يوسف: 90].
فأخبرهم يوسف بحقيقته، وبفضل الله عليه. فاعتذر له إخوته، وأقروا بخطئهم، فعفا يوسف عنهم، وسأل الله لهم المغفرة. ثم سألهم يوسف عن أبيه، فعلم منهم أنه قد فقد بصره بسبب حزنه عليه، فقال لهم: (اذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه أبي يأت بصيرًا وأتوني بأهلكم أجمعين)[يوسف: 93].
فأخذوا القميص وخرجوا من مصر متوجهين إلى فلسطين وقبل أن تصل العير قال يعقوب لمن حوله: (إني لأجد ريح يوسف لولا أن تفندون)[يوسف: 94]، فقالوا له: تالله إنك لفي ضلالك القديم)[يوسف: 95]
وبعد أيام عادة إخوة يوسف إلى أبيهم، وبشروه بحياة يوسف وسلامة أخيه، ثم أخرجوا قميص يوسف، ووضعوه على وجه يعقوب، فارتد إليه بصره.
وطلب إخوة يوسف من أبيهم أن يستغفر لهم، فوعدهم يعقوب بأنه سيستغفر لهم الله وقت السحر؛ لأن هذا أدعى إليه استجابة الدعاء.
وغادر بنو إسرائيل أرضهم متوجهين إلى مصر، فلما دخلوها، استقبلهم يوسف بترحاب كبير، وأكرم أبويه، فأجلسهما على كرسيه، وهنا لم يتمالك يعقوب وامرأته وبنوه الأحد عشر أنفسهم حتى انحنوا تحية ليوسف وإكبار لوفائه، وتقديرا لعفوه وفضله، وتذكر يوسف رؤياه القديمة التي رآها وهو صغير، فالأحد عشر كوكبًا بعدد إخوته، والشمس والقمر هنا أبواه، فقال: (يا أبت هذا تأويل رُءياي من قبل قد جعلها ربي حقًّا وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن وجاء بكم من البدو من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي إن ربي لطيف لما يشاء إنه هو العليم الحكيم)[يوسف: 100].
ثم توجه يوسف -عليه السلام- إلى الله -عز وجل- يشكره على نعمه، فقال: (رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث فاطر السموات والأرض أنت وليي في الدنيا والآخرة توفني مسلمًا وألحقني بالصالحين)
[يوسف: 101].
وقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن أكرم الناس. فقال: "أتقاهم". فقالوا: ليس عن هذا نسألك. فقال: "فيوسف نبي الله ابن نبي الله ابن نبي الله ابن خليل الله" [متفق عليه].
رد مع اقتباس
  #15  
قديم 29-10-2007, 10:28 AM
الصورة الرمزية طيور حرة
طيور حرة طيور حرة غير متصل
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Oct 2007
مكان الإقامة: الدمام
الجنس :
المشاركات: 216
الدولة : Saudi Arabia
افتراضي

يعقوب عليه السلام


يعقوب عليه السلام
نبي من أنبياء الله-عز وجل-، اصطفاه الله، فهو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم -عليهم السلام-، بشرت الملائكة به إبراهيم -عليه السلام- زوجته سارة، قال تعالى: (فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب) [هود: 71].
ولد يعقوب -عليه السلام- محاطًا بعناية الله ورحمته، سائرًا على منهج آبائه، وكان ليعقوب اثنا عشر ولدًا سمَّاهم القرآن الكريم بالأسباط، وكان أجلهم قدرًا، وأنقاهم قلبًا، وأسلمهم صدرًا، وأزكاهم نفسًا، وأصغرهم سنًا، يوسف -عليه السلام-، لذا كان يعقوب -عليه السلام- يحوطه بمزيد من العناية والحنان وهذا شيء طبيعي، فالأب يحنو على الصغير حتى يكبر، وعلى المريض حتى يبرأ.
وكان يعقوب -عليه السلام- مثالاً يحتذى للأب الذي يقوم بتربية أولاده على الفضيلة، فيقوم بأمرهم، ويسدي لهم النصح، ويحل مشاكلهم، إلا أن الشيطان زين للأبناء قتل أخيهم يوسف لما رأوا من حب أبيهم له، لكنهم بعد ذلك رجعوا عن رأيهم من القتل إلى الإلقاء في بئر بعيدة، لتأخذه إحدى القوافل المارة، وحزن يعقوب على فراق يوسف حزنًا شديدًا، وأصابه العمى من شدة الحزن، ثم ردَّ الله إليه بصره، وجمع بينه وبين ولده.
وبعد فترة من الزمن مرض يعقوب-عليه السلام- مرض الموت، فجمع أبناءه وأخذ يوصيهم بالتمسك بالإيمان بالله الواحد وبعمل الصالحات، قال تعالى: (أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلها واحدًا ونحن له مسلمون) [البقرة: 133].


رد مع اقتباس
  #16  
قديم 29-10-2007, 10:28 AM
الصورة الرمزية طيور حرة
طيور حرة طيور حرة غير متصل
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Oct 2007
مكان الإقامة: الدمام
الجنس :
المشاركات: 216
الدولة : Saudi Arabia
افتراضي

إسحاق عليه السلام


إسحاق عليه السلام
بعد أن رزق الله إبراهيم -عليه السلام- بإسماعيل من زوجته هاجر، كان إبراهيم يدعو الله أن يرزقه بولد من زوجته سارة التي تحملت معه كل ألوان العذاب في سبيل الله، فاستجاب الله له، وأرسل إليه بعض الملائكة على هيئة رجال، ليبشروه بولد له من زوجته سارة، وأخبروه بذهابهم إلى قوم لوط للانتقام منهم، ولما جاءت الملائكة إلى إبراهيم استقبلهم أحسن استقبال، وأجلسهم في المكان المخصص للضيافة، ثم أسرع لإعداد الطعام لهم، فقد كان إبراهيم رجلاً كريمًا جوادًا، وفي لحظات جاء بعجل سمين، وقربه إليهم، فلم يأكلوا أو يشربوا أي شيء، فخاف إبراهيم -عليه السلام- منهم، وظهر الخوف على وجهه، فطمأنته الملائكة، وأخبروه أنهم ملائكة، وبشروه بغلام عليم..
كل هذا، وسارة زوجة إبراهيم تتابع الموقف، وتسمع كلامهم، وذلك من خلف الجدار، فأقبلت إليهم، وهي في ذهول مما تسمعه، وتعجبت من بشارتهم، فكيف تلد وهي امرأة عجوز عقيم، وزوجها رجل كبير، فأخبرتها الملائكة بأن هذا أمر الله القادر على كل شيء، فاطمأن ابراهيم، وذهب عنه الخوف، وسكنت في قلبه البشرى التي حملتها الملائكة له؛ فخر ساجدًا لله شاكر له.
وبعد فترة، ظهر الحدث المنتظر والمعجزة الإلهية أمام عين إبراهيم وزوجته؛ حيث ولدت سارة غلامًا جميلاً، فسماه إبراهيم إسحاق، والقرآن الكريم لم يقص علينا من قصة إسحاق -عليه السلام- إلا بشارته، وكذلك لم يذكر لنا القوم الذي أرسل إليهم وماذا كانت إجابتهم له، وقد أثنى الله -عز وجل- عليه في كتابه الكريم في أكثر من موضع، قال تعالى: {واذكر عبادنا إبراهيم وإسحاق ويعقوب أولي الأيدي والأبصار . إنا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار . وإنهم عندنا لمن المصطفين الأخيار} [ص:45-47].
كما أثنى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على إسحاق، فقال: (الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام) [البخاري] ورزق الله إسحاق ولدًا اسمه يعقوب، ومرض إسحاق ثم مات بعد أن أدَّى الأمانة التي تحملها.
رد مع اقتباس
  #17  
قديم 29-10-2007, 10:30 AM
الصورة الرمزية طيور حرة
طيور حرة طيور حرة غير متصل
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Oct 2007
مكان الإقامة: الدمام
الجنس :
المشاركات: 216
الدولة : Saudi Arabia
افتراضي

إسماعيل عليه السلام



إسماعيل عليه السلام
كان إبراهيم -عليه السلام- يحب أن تكون له ذرية صالحة تعبد الله -عز وجل- وتساعده في السعي على مصالحه، فعلمت السيدة سارة ما
يريده زوجها، وكانت عاقرًا لا تلد فوهبت له خادمتها هاجر ليتزوجها؛ لعلها تنجب له الولد، فلما تزوجها إبراهيم -عليه السلام- حملت منه، وأنجبت له إسماعيل، وبعد مرور فترة من ولادة إسماعيل أمر الله -عز وجل- إبراهيم أن يذهب بزوجته هاجر وولده إلى مكة، فاستجاب إبراهيم لأمر ربه، وسار بهما حتى وصلوا إلى جبال مكة عند موضع بناء الكعبة، وظل معهما فترة قصيرة، ثم تركهما في هذا المكان وأراد العودة إلى الشام، فلما رأته زوجته هاجر عائدًا أسرعت خلفه، وتعلقت بثيابه، وقالت له: يا إبراهيم، أين تذهب وتتركنا في هذا الوادي الذي ليس فيه أنيس ولا شيء؟! فلم يرد عليها إبراهيم -عليه السلام- وظل صامتًا، فألحت عليه زوجته هاجر، وأخذت تكرر السؤال نفسه، لكن دون فائدة، فقالت له: آلله أمرك بهذا؟ فقال إبراهيم: نعم، فقالت هاجر: إذن لن يضيعنا، ثم رجعت.
وسار إبراهيم -عليه السلام- وترك زوجته وولده، وليس معهما من الطعام والماء إلا القليل، ولما ابتعد عنها إبراهيم، رفع يده داعيًا ربه فقال: {ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون} [إبراهيم:37] ثم واصل السير إلى الشام، وظلت هاجر وحدها، ترضع ابنها إسماعيل، وتشرب من الماء الذي تركه لها إبراهيم حتى نفد ما في السقاء، فعطشت، وعطش ابنها فتركته وانطلقت تبحث عن الماء، بعدما بكى الطفل بشدة، وأخذ يتلوى، ويتمرغ أمامها من شدة العطش.
وأخذت هاجر تمشي حتى وصلت إلى جبل الصفا، فصعدت إليه ثم نظرت إلى الوادي يمينًا ويسارًا؛ لعلها ترى بئرًا أو قافلة مارة من الطريق فتسألهم الطعام
أو الماء، فلم تجد شيئًا، فهبطت من الصفا، وسارت في اتجاه جبل المروة فصعدته وأخذت تنظر بعيدًا لترى مُنقِذًا ينقذها هي وابنها مما هما فيه، إلا أنها لم تجد شيئًا كذلك، فنزلت من جبل المروة صاعدة جبل الصفا مرة أخرى لعلها تجد النجاة وظلت هكذا تنتقل من الصفا إلى المروة، ومن المروة إلى الصفا سبع مرات.
وقد أصبح هذا السعي شعيرة من شعائر الحج، وذلك تخليدًا لهذه الذكرى، قال تعالى: {إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ومن تطوع خيرًا فإن الله شاكر عليم } [البقرة:158] وبعد أن تعبت هاجر، وأحست بالإجهاد والمشقة، عادت إلى ابنها دون أن يكون معها قطرة واحدة من الماء، وهنا أدركتها رحمة الله -سبحانه- فنزل الملك
جبريل -عليه السلام- وضرب الأرض، فتفجرت وتدفقت منها بئر زمزم وتفجر منها ماء عذب غزير، فراحت هاجر تغرف بيدها وتشرب وتسقى ابنها، وتملأ سقاءها، وشكرت الله -عز وجل- على نعمته، وعلى بئر زمزم التي
فجرها لها.
ومرت أيام قليلة، وجاءت قافلة من قبيلة جرهم -وهي قبيلة عربية يمنية- فرأت طيرًا يحوم فوق مكان هاجر وابنها، فعلموا أن في ذلك المكان ماء، فأقبلوا نحو المكان الذي يطير فوقه الطير، فوجدوا بئر زمزم فتعجبوا من وجودها في هذه المكان، ووجدوا أم إسماعيل تجلس بجواره، فذهبوا إليها، وعرفوا قصتها فاستأذنوها في الإقامة بجوار هذه البئر، فأذنت لهم، وعاشت معهم هي وابنها وتعلم منهم إسماعيل اللغة العربية، وأخذت هاجر تربي ابنها إسماعيل تربية حسنة وتغرس فيه الخصال الطيبة والفضائل الحميدة، حتى كبر قليلاً، وصار يسعى في مصالحه لمساعدة أمه.
وكان إبراهيم -عليه السلام- يزور هاجر وولده إسماعيل من حين لآخر لكي يطمئن عليهما، وذات يوم رأى إبراهيم في منامه أنه يذبح ابنه إسماعيل الذي جاء بعد شوق طويل، فلما قام من نومه، علم أن ما رآه ما هو إلا أمر من الله؛ لأن رؤيا الأنبياء حق، فذهب إبراهيم إلى ابنه، وقال له: {يا بني إني أري في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى} [الصافات:102] فقال إسماعيل: {يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين} [الصافات:102]..
وأخذ إبراهيم ابنه إسماعيل وذهب به إلى مِنَى ثم ألقاه على وجهه كي لا يرى وجهه عند الذبح، فيتأثر بعاطفة الأبوة، واستسلم إسماعيل لأمر الله ووضع إبراهيم السكين على رقبة ابنه إسماعيل ليذبحه، وقبل أن يمر السكين سمع إبراهيم نداء الله تعالى يقول له: {يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا إن كذلك نجزي المحسنين إن هذا لهو البلاء المبين} [الصافات:104-106] وبعد لحظات من النداء الإلهي رأى إبراهيم الملك جبريل -عليه السلام- ومعه كبش عظيم، فأخذه إبراهيم وذبحه بدلاً من ابنه إسماعيل.
لقد أراد الله -عز وجل- أن يختبر إبراهيم في التضحية بابنه إسماعيل، فلما وجده قد امتثل لأمره دون كسل واعتراض كشف الله هذا البلاء، وفدى إسماعيل بكبش عظيم، وقد أصبح يوم فداء إسماعيل وإنقاذه من الذبح عيدًا للمسلمين يسمي بعيد الأضحى، يذبح فيه المسلمون الذبائح تقربًا إلى الله وتخليدًا لهذه الذكري الطيبة، وعاد إبراهيم بولده إلى البيت، ففرحت الأم بنجاة ولدها فرحًا شديدًا، وكبر إسماعيل حتى أصبح شابًّا قويًّا، وتزوج امرأة من إحدى القبائل التي استقرت حول بئر زمزم.
وذات يوم زار إبراهيم -عليه السلام- ابنه إسماعيل، فلم يجده في بيته، ووجد زوجته وكانت لا تعرفه، فسألها إبراهيم عن زوجها إسماعيل، فقالت: خرج يبتغي لنا رزقًا، فسألها عن عيشهم، فقالت: إننا نعيش في ضيق وشدة، فقال إبراهيم : إذا جاء زوجك مريه أن يغير عتبة بابه، فلما عاد إسماعيل سأل زوجته: هل زارنا أحد اليوم؟ قالت له: نعم، زارنا شيخ صفته كذا وكذا، فقال إسماعيل: هل قال لك شيئًا؟قالت: سألني عنك وعن حالتنا وعيشتنا، فقال لها: وماذا قلت له؟ قالت: قلت له: إننا نعيش في ضيق وشدة، فقال إسماعيل: وهل أوصاك بشيء؟ قالت: قال لي: قولي لزوجك عندما يعود أن يغير عتبة بابه، فقال إسماعيل: ذاك أبي وقد أمرني أن أفارقك، فألحقي بأهلك فطلقها إسماعيل، وتزوج بغيرها.
ومرت فترة من الزمن، ثم عاد إبراهيم لزيارة ابنه إسماعيل، ولم يجده أيضًا، ووجد زوجته، وكانت هي أيضا لا تعرفه، فسألها أين زوجك إسماعيل؟ قالت له: خرج يبتغي لنا رزقًا، فقال إبراهيم: وكيف أنتم؟ قالت: نحن بخير وسعة، ففرح إبراهيم بهذه الزوجة، واطمأن لحالها، فقال لها: إذا جاء زوجك فاقرئي له مني السلام ومريه أن يثبت عتبة بابه، فلما جاء إسماعيل أخبرته زوجته بما حدث، وأثنت على إبراهيم، فقال إسماعيل: ذاك أبي وأمرني أن أمسكك. [البخاري].
وعاد إبراهيم إلى فلسطين، وظل بها مدة طويلة يعبد الله -عز وجل- ثم ذهب لزيارة إسماعيل، فوجده يبري نبلاً له قرب بئر زمزم، فلما رآه إسماعيل قام إليه واحتضنه واستقبله أحسن استقبال، ثم قال إبراهيم لابنه: يا إسماعيل إن الله أمرني بأمرٍ. فقال إسماعيل: اصنع ما أمرك به ربك، فقال إبراهيم: وتعينني عليه؟ قال إسماعيل: وأعينك عليه، فقال إبراهيم: إن الله أمرني أن أبني هنا بيتًا، كي يعبده الناس فيه، فوافق إسماعيل أباه، وبدأ ينقل معه الحجارة اللازمة لبناء هذا
البيت، وكان إبراهيم يبني، وإسماعيل يعينه، حتى إذا ما ارتفع البناء واكتمل جاء جبريل بحجر من الجنة، وأعطاه لإبراهيم، ليضعه في الكعبة، وهو ما يسمى بالحجر الأسود.
وبعد أن انتهى إبراهيم وإسماعيل -عليهما السلام- من بناء الكعبة وقفا يدعوان ربهما: {ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم . ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم} [البقرة:127-128] وقد أثنى الله على نبيه إسماعيل -عليه السلام- ووصفه بالحلم والصبر وصدق الوعد، والمحافظة على الصلاة، وأنه كان يأمر أهله بأدائها، قال تعالى: {واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولاً نبيًّا وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مرضيًّا} [مريم:54-55].
وكان إسماعيل رسولاً إلى القبائل التي سكنت واستقرت حول بئر زمزم، وأوحى الله إليه، قال تعالى: {قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى والنبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون} [البقرة:163] وقال تعالى: {إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط} [النساء:163] وكان إسماعيل -عليه السلام- أول من رمى بسهم، فقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يشجع الشباب على الرمي بقوله: (ارموا بني إسماعيل فإن أباكم كان راميًا) [البخاري].
وإسماعيل -عليه السلام- هو جد النبي -صلى الله عليه وسلم- وأبو العرب، قال صلى الله عليه وسلم: (إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشًا من كنانة، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم) [مسلم].

رد مع اقتباس
  #18  
قديم 29-10-2007, 10:31 AM
الصورة الرمزية طيور حرة
طيور حرة طيور حرة غير متصل
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Oct 2007
مكان الإقامة: الدمام
الجنس :
المشاركات: 216
الدولة : Saudi Arabia
افتراضي

لوط عليه السلام


لوط عليه السلام
هاجر لوط مع عمه إبراهيم -عليه السلام- إلى مصر، ومكثا فيها مدة من الزمن ثم عادا إلى فلسطين، وفي الطريق، استأذن لوط عمه إبراهيم، ليذهب إلى أرض سدوم (بجوار البحر الميت في بلاد الأردن الآن) حيث اختار الله لوطًا
ليكون نبيًّا إلى أهل هذه الأرض، فأذن له إبراهيم وذهب لوط إلى سدوم
وتزوج هناك.
وكانت أخلاق أهل تلك البلدة سيئة، فكانوا لا يتعففون عن فعل المعصية، ولا يستحيون من المنكر، ويخونون الرفيق، ويقطعون الطريق، وفوق هذا كانوا يفعلون فاحشة لم يسبقهم إليها أحد من العالمين؛ فكانوا يأتون الرجال شهوة من دون النساء، وأخذ لوط -عليه السلام- يدعو أهل سدوم إلى الإيمان وترك الفاحشة، فقال لهم: {ألا تتقون . إني لكم رسول أمين . فاتقوا الله وأطيعون وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين . أتأتون الذكران من العالمين . وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم بل أنتم قوم عادون} [الشعراء: 161-166].
لكن قوم لوط لم يستجيبوا له، وتكبروا عليه، وسخروا منه، فلم ييأس لوط وظل صابرًا على قومه يدعوهم في حكمة وأدب إلى عبادة الله وحده، وينهاهم ويحذرهم أشد التحذير من إتيان المحرمات وفعل الفواحش والمنكرات، ومع هذا لم يؤمن به أحد واستمر الناس في ضلالهم وطغيانهم وفجورهم، وقالوا له بقلوب قاسية: {ائتنا بعذاب الله إن كنت من الصادقين} [العنكبوت:29] وهددوه بطرده من القرية لأنه كان غريبًا في قومه، فغضب لوط من قومه وابتعد عنهم هو ومن آمن به من أهل بيته إلا زوجته، فقد كفرت وانحازت إلى قومها وشاركتهم في مضايقته والاستهزاء به، وضرب الله بها مثلاً في الكفر، فقال تعالى:
{ضرب الله مثلاً للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئًا وقيل ادخلا
النار مع الداخلين} [التحريم:10] وخيانة امرأة لوط هي كفرها
وعدم إيمانها بالله.
وأرسل الله ثلاثة من الملائكة على صورة ثلاثة رجال هيئتهم حسنة، فمروا على إبراهيم ، فظن إبراهيم أنهم بشر فقام على الفور وذبح لهم عجلاً سمينًا لكنهم لم يأكلوا منه، وبشرت الملائكة إبراهيم بأن الله -سبحانه- سوف يرزقه بولد من زوجته سارة هو إسحاق، ثم أخبرته الملائكة أنهم ذاهبون إلى قرية سدوم لتعذيب أهلها وعقابهم على كفرهم ومعاصيهم، فأخبرهم إبراهيم بوجود لوط في هذه القرية، فطمأنته الملائكة بأن الله سينجيه وأهله إلا زوجته لأنها كفرت بالله.
وخرجت الملائكة من عند إبراهيم وتوجهوا إلى قرية سدوم، فوصلوا إلى بيت لوط وكانوا في صورة شبان حسان، فلما رآهم لوط خاف عليهم، ولم يعلم أحد بقدومهم إلا آل لوط، فخرجت امرأته وأخبرت قومها وقالت: إن في بيت لوط رجالا ما رأيت مثل وجوههم قط، فجاء القوم يسرعون إلى بيت لوط يبغون الفاحشة مع هؤلاء الضيوف، واجتمع قوم لوط وازدحموا عند باب بيته وهم ينادون بصوت عالٍ يطلبوا من لوط أن يخرج لهم هؤلاء الضيوف، وكل منهم يمني نفسه بالمتعة والشهوة الحرام مع هؤلاء الرجال، فمنعهم لوط من دخول البيت ومن الهجوم والاعتداء على ضيوفه، وقال لهم: {إن هؤلاء ضيفي فلا تفضحون . واتقوا الله ولا تخزون} [الحجر:68-69] وأخذ يذكرهم بأن الله خلق النساء لقضاء شهوة الرجال فهن أزكى لهم وأطيب، ولكن قوم لوط أصروا على الدخول، ولم يجد لوط من بينهم رجلاً عاقلاً يبين لهم ما هم فيه من الخطأ وأحس لوط بضعفه أمام هؤلاء القوم، فقال: {لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد} [هود:80].
وعندئذ كشف الضيوف عن حقيقتهم، وأخبروا لوطًا بأنهم ليسوا بشرًا وإنما هم ملائكة من السماء جاءوا لتعذيب هؤلاء القوم الفاسقين، وما هي إلا لحظات حتى اقتحم قوم لوط البيت على الملائكة فأشار أحد الملائكة، بيده ناحيتهم ففقد القوم أبصارهم وراحوا يتخبطون بين الجدران، ثم طلبت الملائكة من لوط أن يرحل مع أهله عندما يقبل الليل لأن العذاب سينزل على قومه في
الصباح، ونصحوه ألا يلتفت هو ولا أحد من أهله خلفهم عندما ينزل العذاب حتى لا يصيبهم.
وفي الليل خرج لوط وابنتاه وتركوا القرية، وما إن غادروها حتى انشق الصباح فأرسل الله العذاب الشديد على قرية سدوم، فاهتزت القرية هزة عنيفة وتزلزلت الأرض، واقتلع مَلَكٌ بطرف جناحه القرية بما فيها وارتفع بها حتى سمع أهل السماء نباح كلابها ثم انقلبت القرية رأسًا على عقب، وجعل الله عاليها سافلها وأمطر عليهم من السماء حجارة ملتهبة تحرقهم، وأحاط بهم دخان خانق يشوي وجوههم وأجسامهم.
قال تعالى: {فلما جاءنا أمرنا جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليها حجارة من سجيل منضود . مسومة عند ربك وما هي من الظالمين ببعيد} [هود:82-83] ونجَّى الله لوطاً وابنتيه برحمة منه سبحانه، لأنهم حفظوا العهد، وشكروا النعمة وعبدوا الله الواحد الأحد وكانوا خير مثال للعفة والطهارة، وأصبحت قرية سدوم عبرة وعظة لكل الأجيال القادمة، قال تعالى: {وتركنا فيها آية للذين يخافون العذاب الأليم} [الذاريات:37].

رد مع اقتباس
  #19  
قديم 29-10-2007, 10:32 AM
الصورة الرمزية طيور حرة
طيور حرة طيور حرة غير متصل
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Oct 2007
مكان الإقامة: الدمام
الجنس :
المشاركات: 216
الدولة : Saudi Arabia
افتراضي

إبراهيم عليه السلام


إبراهيم (عليه السلام)
كان آزر يعيش في أرض بابل بالعراق، يصنع الأصنام ويبيعها للناس ليعبدوها وكان له ولد صغير اسمه (إبراهيم) وهبه الله الحكمة وآتاه الرشد منذ
الصغر، وذات يوم دخل إبراهيم على أبيه آزر، فرآه يصنع التماثيل، فتعجب إبراهيم من أمر هذه التماثيل، وقال في نفسه: لماذا يعبدها الناس وهي لا تسمع ولا تنطق، ولا تضر ولا تنفع؟! وكيف تكون آلهة، والناس هم الذين يصنعونها ؟! وصارت هذه الأسئلة تراود الفتى الصغير دون إجابة.
ولما كبر إبراهيم وشبَّ أخذ يفكر في هذا الأمر، ويبحث عن الإله الحق الذي يستحق العبادة، فذهب إلى الصحراء الواسعة، وجلس ينظر إلى السماء، فرأى الكواكب والنجوم، واستنكر أن تكون هي ربه الذي يبحث عنه، لأنها مخلوقة مثله تعبد خالقها، فتظهر بإذنه وتغيب بإذنه، وظل إبراهيم في الصحراء ينظر إلى السماء يفكر ويتدبر عسى أن يهتدي إلى ربه وخالقه، فهداه الله -سبحانه- إلى معرفته، وجعله نبيًّا مرسلاً إلى قومه، ليخرجهم من الظلمات إلى النور، ومن عبادة الأصنام إلى عبادة الله رب العالمين.
وأنزل الله -سبحانه- على إبراهيم صحفًا فيها آداب ومواعظ وأحكام لهداية قومه، وتعليمهم أصول دينهم، وتوصيتهم بوجوب طاعة الله، وإخلاص العبادة له وحده، والبعد عن كل ما يتنافى مع مكارم الأخلاق، وعاد إبراهيم إلى بيته، وقلبه مطمئن، ولما دخل البيت وجد أباه، فتقدم منه إبراهيم وأخذ ينصحه ويقول
له: {يا أبت لما تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا. يا أبت إني قد جاءني من العلم ما لم يأتك فاتبعني أهدك صراطًا سويًّا . يا أبت لا تعبد الشيطان إن الشيطان كان للرحمن عصيًّا . يا أبت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن فتكون للشيطان وليًّا} [مريم:42-45] فردَّ عليه أبوه غاضبًا، وقال: {أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم لئن لم تنته لأرجمنك واهجرني مليًا} [مريم:46].
لكن إبراهيم لم يقابل تلك القسوة بمثلها، بل صبر على جفاء أبيه، وقابله بالبر والرحمة، وقال له: {سلام عليك سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفيًّا . وأعتزلكم وما تدعون من دون الله وأدعو ربي عسى ألا أكون بدعاء ربي شقيًّا}
[مريم:47-48] وخرج إبراهيم من عند أبيه متوجهًا إلى المعبد، حتى يدعو قومه إلى عبادة الله، ولما دخل عليهم وجدهم عاكفين على أصنام كثيرة، يعبدونها ويتضرعون إليها، ويطلبون منها قضاء حوائجهم، فتقدم منهم إبراهيم، وقال لهم: {ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون} [الأنبياء:52] فرد عليه القوم وقالوا: {وجدنا آباءنا لها عابدين} [الأنبياء:53].
فوضح لهم إبراهيم أن عبادة هذه الأصنام ضلال وكفر، وأن
الله -سبحانه- الذي خلق السماوات والأرض هو المستحق للعبادة وحده فغضب قومه منه، واستكبروا وأصروا على كفرهم وعنادهم، فلمَّا وجد
إبراهيم إصرارهم على عبادة الأصنام، خرج وهو يفكر في نفسه أن يحطم هذه الأصنام، وكان اليوم التالي يوم عيد، فأقام القوم احتفالا كبيرًا خارج
المدينة، وذهب إليه جميع الناس، وخرج إبراهيم وحده إلى شوارع المدينة فلم يجد فيها أحدًا، فانتهز هذه الفرصة وأحضر فأسًا، ثم ذهب إلى المعبد الذي فيه الأصنام دون أن يراه أحد، فوجد أصنامًا كثيرة، ورأى أمامها طعامًا كثيرًا وضعه قومه قربانًا لها وتقربًا إليها، لكنها لم تأكل.
فأقبل إليها إبراهيم، وتقدم منها، ثم قال لها مستهزئًا: ألا تأكلون؟! وانتظر قليلا لعلهم يردون عليه، لكن دون جدوى، فعاد يسأل ويقول: ما لكم لا تنطقون؟! ثم أخذ يكسر الأصنام واحدًا تلو الآخر، حتى صارت كلها حطامًا إلا صنمًا كبيرًا تركه إبراهيم ولم يحطمه، وعلق في رقبته الفأس، ثم خرج من المعبد، ولما عاد القوم من الاحتفال مرُّوا على المعبد، ودخلوا فيه ليشكروا الآلهة على عيدهم وفوجئوا بأصنامهم محطمة ما عدا صنمًا واحدًا في رأسه فأس معلق، فتساءل القوم: من فعل هذا بآلهتنا؟ فقال بعض القوم: سمعنا فتى بالأمس اسمه إبراهيم كان يسخر منها، ويتوعدها بالكيد والتحطيم، وأجمعوا أمرهم على أن يحضروا إبراهيم ويسألوه، ويحققوا معه فيما حدث.
وفي لحظات ذهب بعض القوم وأتوا بإبراهيم إلى المعبد، ولما وقف أمامهم
سألوه: أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم؟! فرد إبراهيم: بل فعله كبيرهم
هذا، ثم أشار بإصبعه إلى الصنم الكبير المعلق في رقبته الفأس، ثم قال: فسألوهم إن كانوا ينطقون، فرد عليه بعض الناس وقالوا له: يا إبراهيم أنت تعلم أن هذه الأصنام لا تنطق ولا تسمع، فكيف تأمرنا بسؤالها؟
فانتهز إبراهيم هذه الفرصة وقال لهم: {أفتعبدون من دون الله ما لا ينفعكم شيئًا ولا يضركم . أف لكم ولما تعبدون من دون الله أفلا تعقلون}
[الأنبياء: 66-67] فسكتوا جميعًا ولم يتكلموا، ونكسوا رءوسهم من الخجل والخزي، ومع ذلك أرادوا الانتقام منه، لأنه حطم أصنامهم، وأهان آلهتهم، فقال نفر من الناس: ما جزاء إبراهيم، وما عقابه الذي يستحقه؟ فقالوا: {حرِّقوه وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين} [الأنبياء:68].
ثم ذهب جنود المعبد بإبراهيم إلى الصحراء، وجمعوا الحطب والخشب من كل مكان، وأشعلوا نارًا عظيمة، وجاءوا بآلة اسمها المنجنيق، ليقذفوا إبراهيم منها في النار، ولما جاء موعد تنفيذ الحكم على إبراهيم، اجتمع الناس من كل مكان ليشهدوا تعذيبه، وتصاعد من النار لهب شديد، فوقف الناس بعيدًا يشاهدون النار، ومع ذلك لم يستطيعوا تحمل حرارته، وجاءوا بإبراهيم مقيدًا بالحبال ووضعوه في المنجنيق، ثم قذفوه في النار، فوقع في وسطها، فقال إبراهيم: حسبي اللَّه ونعم الوكيل.
فأمر الله النار ألا تحرق إبراهيم ولا تؤذيه، قال تعالى: {قلنا يا نار كوني بردًا وسلامًا على إبراهيم} [الأنبياء:69] فأصبحت النار بردًا وسلامًا عليه، ولم تحرق منه شيئًا سوي القيود التي قيدوه بها، وظلت النار مشتعلة عدة أيام، وبعد أن انطفأت خرج منها إبراهيم سالـمًا، لم تؤذه، وتحدث الناس عن تلك المعجزة وعن نجاة إبراهيم من النار، وأراد النمرود ملك البلاد أن يناقش إبراهيم في أمر دعوته، فلما حضر إبراهيم أمام الملك سأله: من ربك؟ فقال إبراهيم مجيبًا:
{ربي الذي يحيي ويميت} [البقرة:258] فقال الملك: {أنا أحيي وأميت} [البقرة:258] وأمر الملك الجنود أن يحضروا رجلين من المسجونين، ثم أمر بقتل رجل وترك الآخر، ثم نظر إلى إبراهيم وقال له: ها أنا ذا أحي وأميت، قتلت رجلا، وتركت آخر!!
فلم يرد إبراهيم على غباء هذا الرجل، ولم يستمر في جداله في هذا الأمر، بل سأله سؤالاً آخر أعجزه ولم يستطع معه جدالاً، قال له إبراهيم: {فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب} [البقرة:258] فبهت النمرود، وسكت عن الكلام اعترافًا بعجزه، وقرر إبراهيم الهجرة من هذه المدينة لأنه لم يؤمن به سوى زوجته سارة وابن أخيه لوط -عليه السلام- وهاجر إبراهيم ومعه زوجته سارة وابن أخيه لوط، وأخذ ينتقل من مكان إلى مكان آخر، حتى استقر به الحال في فلسطين، فظل بها فترة يعبد الله ويدعو الناس إلى عبادة الله، وإلى طريقه المستقيم.
ومرت السنون، ونزل قحط بالبلاد، فاضطر إبراهيم إلى الهجرة بمن معه إلى مصر، وكان يحكم مصر آنذاك ملك جبار يحب النساء، وكان له أعوان يساعدونه على ذلك، فيقفون على أطراف البلاد، ليخبروه بالجميلات اللاتي يأتين إلى مصر، فلما رأوا سارة، وكانت بارعة الجمال، أبلغوا عنها الملك وأخبروه أن معها رجلاً، فأصدر الملك أوامره بإحضار الرجل، وفي لحظات جاء الجنود بإبراهيم إلى الملك، ولما رآه سأله عن المرأة التي معه، فقال إبراهيم: إنها أختي. فقال الملك: ائتني بها.
فذهب إبراهيم إلى سارة، وأبلغها بما حدث بينه وبين الملك، وبما ذكره له بأنها أخته، فذهبت سارة إلى القصر، ولما رآها الملك انبهر من جمالها، وقام
إليها، فقالت له: أريد أن أتوضأ وأصلي، فأذن لها، فتوضأت سارة وصلَّت، ثم قالت: (اللهمَ إن كنت تعلم أني آمنتُ بك وبرسولك وأحصنت فرجي إلا على زوجي فلا تسلط على هذا الكافر) [أحمد] فاستجاب الله لها، وعصمها وحفظها، فكلما أراد الملك أن يمسك بها قبضت يده، فسألها أن تدعو الله أن تُبسَـط يده، ولن يمسها بسوء، وتكرر هذا الأمر ثلاث مرات.
فلما علم أنه لن يقدر عليها نادى بعض خدمه، وقال لهم: إنكم لم تأتوني بإنسان، إنما أتيتموني بشيطان، ثم أمر الخدم أن يعطوها هاجر، لتكون خادمة لها.
[البخاري] فعادت سارة إلى زوجها دون أن يمسها الملك، فوجدته قائمًا يصلي فلما انتهى نظر إليها، وسألها عما حدث؟ فقالت: إن الله ردَّ كيده عني وأعطاني جارية تسمى هاجر لتخدمني، وبعد فترة رجع إبراهيم إلى فلسطين مرة أخرى وأثناء الطريق استأذنه ابن أخيه لوط في الذهاب إلى قرية سدوم ليدعو أهلها إلى عبادة الله، فأعطاه إبراهيم بعض الأنعام والأموال، وواصل هو وأهله السير إلى فلسطين، حتى وصلوا إليها واستقروا بها، وظل إبراهيم -عليه السلام- في فلسطين فترة طويلة.
وأحب الله إبراهيم -عليه السلام- واتخذه خليلاً من بين خلقه، قال تعالى: {واتخذ الله إبراهيم خليلا} [النساء:125] وذات يوم، أراد إبراهيم أن يرى كيف يحيي الله الموتى، فخرج إلى الصحراء يناجي ربه، ويطلب منه أن يريه ذلك، قال تعالى: {وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحيي الموتى قال أو لم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي قال فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك ثم اجعل على كل جبل منهن جزءًا ثم ادعهن يأتينك سعيًّا واعلم أن الله عزيز حكيم}
[البقرة:260].
ففعل إبراهيم ما أمره ربه، وذبح أربعة من الطيور ووضع أجزاءها على
الجبال، ثم عاد إلى مكانه مرة أخرى، ووقف متجهًا ناحية الجبال، ثم نادى عليهن، فإذا بالحياة تعود لهذه الطيور، وتجيء إلى إبراهيم بإذن ربها، وكانت سارة زوجة إبراهيم عقيمًا لا تلد، وكانت تعلم رغبة إبراهيم وتشوقه لذرية
طيبة، فوهبت له خادمتها هاجر ليتزوجها، لعل الله أن يرزقه منها ذرية
صالحة، فتزوج إبراهيم هاجر، فأنجبت له إسماعيل فسعد به إبراهيم سعادة كبيرة لأنه جاء له بعد شوق شديد وانتظار طويل.
وأمر الله -عز وجل- إبراهيم أن يأخذ زوجته هاجر وولدها إسماعيل ويهاجر بهما إلى مكة، فأخذهما إبراهيم إلى هناك، وتوجه إلى الله داعيًا {ربنا إني أسكنت من ذريتي بوادٍ غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون} [إبراهيم:37] ثم تركهما إبراهيم، وعاد إلى زوجته سارة، وذات يوم جاءت إليه ملائكة الله في صورة بشر، فقام إبراهيم سريعًا فذبح لهم عجلاً سمينًا، وشواه ثم وضعه أمامهم ليأكلوا فوجدهم لا يأكلون، لأن الملائكة لا تأكل ولا تشرب، وهنا أخبرت الملائكة إبراهيم بأنهم ليسوا بشرًا، وإنما هم ملائكة جاءوا ليوقعوا العذاب على قرية سدوم، لأنهم لم يتبعوا نبيهم لوطًا، وبشرت الملائكة إبراهيم بولده إسحاق من سارة، وكانت عجوزًا، فتعجبت حينما سمعت الخبر، فهي امرأة عجوز عقيم وزوجها رجل شيخ كبير، فأخبرتها الملائكة أن هذا هو أمر الله، فقالت الملائكة: {أتعجبين من أمر الله رحمت الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد} [هود:73].
وذات مرة رأى إبراهيم -عليه السلام- أنه يذبح ابنه في المنام، فأخبر ابنه إسماعيل بذلك، وكان هذا امتحان من الله لإبراهيم وإسماعيل، فاستجاب إسماعيل لرؤيا أبيه طاعة لله، واستعد كل منهما لتنفيذ أمر الله، ووضع إبراهيم ابنه إسماعيل على وجهه، وأمسك بالسكين ليذبحه، فكان الفرج من الله، فقد نزل جبريل
-عليه السلام- بكبش فداء لإسماعيل، فكانت سنة الذبح والنحر في
العيد، وصدق الله إذ يقول: {وفديناه بذبح عظيم}_[الصافات: 107] وكان نبي الله إبراهيم يسافر إلى مكة من حين لآخر ليطمئن على هاجر وابنها إسماعيل.
وفي إحدى الزيارات، طلب إبراهيم من ابنه أن يساعده في رفع قواعد البيت الحرام الذي أمره ربه ببنائه، فوافق إسماعيل، وأخذا ينقلان الحجارة اللازمة لذلك حتى انتهيا من البناء، وعندها أخذا يدعوان ربهما أن يتقبل منهما فقالا:
{ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم . ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم}
[البقرة:127-128] فاستجاب الله لإبراهيم وإسماعيل، وبارك في الكعبة، وجعلها قبلة للمسلمين جميعًا في كل زمان ومكان.
قد كان لإبراهيم -عليه السلام- رسالة ودين قويم وشريعة سمحة، أمرنا الله باتباعها، قال تعالى: {قل صدقوا الله فاتبعوا ملة إبراهيم حنيفًا وما كان من المشركين} [آل عمران: 59] أي اتبعوا الدين الحنيف القويم الثابت الذي لا يتغير، ومرض إبراهيم -عليه السلام- ثم مات، بعد أن أدى رسالة الله وبلغ ما عليه، وفي رحلة الإسراء والمعراج قابل النبي -صلى الله عليه وسلم- خليل الله إبراهيم -عليه السلام- في السماء السابعة بجوار البيت المعمور الذي يدخله كل يوم سبعون ألف من الملائكة يتعبدون فيه، ويطوفون، ثم يخرجون ولا يعودون إليه إلى يوم القيامة.
وذلك كما ذكر في حديث المعراج الذي يقول فيه النبي -صلى الله عليه وسلم- (... ثم صعد بي جبريل إلى السماء السابعة، فاستفتح جبرائيل، قيل: من هذا؟ قال: جبرائيل: قيل: ومن معك؟ قال محمد، قيل: وقد بعث إليه؟ قال: نعم، قيل: مرحبًا به، فنعم المجيء جاء، فلما خلصت، فإذا إبراهيم، قال: هذا أبوك فسلم عليه، فسلمتُ عليه فرد السلام، ثم قال مرحبًا بالابن الصالح والنبي الصالح ...) [البخاري].
وقد سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن خير البرية، فقال:
(ذاك إبراهيم) [أحمد].. وهو أول من يكْسى يوم القيامة، قال النبي -صلى الله عليه وسلم- : (... وأول من يكسى يوم القيامة إبراهيم) [متفق عليه].. فالناس يحشرون يوم القيامة عراة، فيكسى إبراهيم عليه السلام تكريمًا له ثم الأنبياء، ثم الخلائق، وقد مدح الله سبحانه وتعالى نبيه إبراهيم وأثنى عليه، قال تعالى:
{إن إبراهيم كان أمة قانتًا لله حنيفًا ولم يك من المشركين . شاكرًا لأنعمه اجتباه وهداه إلى صراط مستقيم . وآتيناه في الدنيا حسنة وإنه في الآخرة لمن الصالحين ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفًا وما كان من المشركين}
[النحل:120-123].
وقد فضل الله إبراهيم -عليه السلام- في الدنيا والآخرة، فجعل النبوة فيه وفي ذريته إلى يوم القيامة، قال تعالى: {ووهبنا له إسحاق ويعقوب وجعلنا في ذريته النبوة والكتاب وآتيناه أجره في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين}
[العنكبوت:27].
وإبراهيم -عليه السلام- من أولي العزم من الرسل، ووصى الله نبيه محمدًا -صلى الله عليه وسلم- أن يسير على ملته، قال تعالى: {قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم دينًا قيمًا ملة إبراهيم حنيفًا وما كان من المشركين} [الأنعام:61] وقال: {ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفًا وما كان من المشركين}
[النحل:123] ومدح الله إبراهيم بالوفاء والقيام بما عهد إليه، قال تعالى: {وإبراهيم الذي وفى} [النجم:37] ولأنه أفضل الأنبياء والرسل بعد محمد
-صلى الله عليه وسلم- أمرنا الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن نصلي عليه في صلاتنا في التشهد أثناء الصلاة.

رد مع اقتباس
  #20  
قديم 29-10-2007, 10:33 AM
الصورة الرمزية طيور حرة
طيور حرة طيور حرة غير متصل
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Oct 2007
مكان الإقامة: الدمام
الجنس :
المشاركات: 216
الدولة : Saudi Arabia
افتراضي

صالح عليه السلام


صالح عليه السلام
في منطقة الحِجْر التي تقع بين الحجاز والشام، والتي تسمى الآن (بمدائن صالح) كانت تعيش قبيلة مشهورة تسمى ثمود، يرجع أصلها إلى سام بن نوح، وكانت لهم حضارة عمرانية واضحة المعالم، فقد نحتوا الجبال واتخذوها بيوتًا، يسكنون فيها في الشتاء؛ لتحميهم من الأمطار والعواصف التي تأتي إليهم من حين لآخر واتخذوا من السهول قصورًا يقيمون فيها في الصيف.
وأنعم الله -عز وجل- عليهم بنعم كثيرة لا تعد ولا تحصى، فأعطاهم الأرض الخصبة، والماء العذب الغزير، والحدائق والنخيل، والزروع والثمار، ولكنهم قابلوا النعمة بالجحود والنكران، فكفروا بالله -سبحانه- ولم يشكروه على نعمه وعبدوا الأصنام، وجعلوها شريكة لله، وقدَّموا إليها القرابين، وذبحوا لها الذبائح وتضرعوا لها، وأخذوا يدعونها، فأراد الله هدايتهم، فأرسل إليهم نبيًّا منهم، هو صالح -عليه السلام- وكان رجلاً كريمًا تقيًّا محبوبًا لديهم.
وبدأ صالح يدعوهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له، وترك ما هم فيه من عبادة الأصنام، فقال لهم: {يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره} [الأعراف:73] فرفض قومه ذلك، وقالوا له: يا صالح قد كنت بيننا رجلا فاضلاً كريمًا محبوبًا نستشيرك في جميع أمورنا لعلمك وعقلك وصدقك، فماذا حدث لك؟! وقال رجل من القوم: يا صالح ما الذي دعاك لأن تأمرنا أن نترك ديننا الذي وجدنا عليه آباءنا وأجدادنا، ونتبع دينًا جديدًا ؟! وقال آخر: يا صالح قد خاب رجاؤنا فيك، وصِرْتَ في رأينا رجلا مختلَّ التفكير.
كل هذه الاتهامات وجهت لنبي الله صالح -عليه السلام- فلم يقابل إساءتهم له بإساءة مثلها، ولم ييأس من استهزائهم به وعدم استجابتهم له، بل ظل يتمسك بدين الله رغم كلامهم، ويدعوهم إلى عبادة الله الواحد الأحد، ويذكِّرهم بما حدث للأمم التي قبلهم، وما حلَّ بهم من العذاب بسبب كفرهم وعنادهم، فقال لهم: {واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد عاد وبوأكم في الأرض تتخذون من سهولها قصورًا وتنحتون الجبال بيوتًا فاذكروا آلاء الله ولا تعثوا في الأرض مفسدين} [الأعراف: 74] ثم أخذ صالح يذكِّرهم بنعم الله عليهم، فقال لهم: {أتتركون في ما هاهنا آمنين . في جنات وعيون . وزروع ونخيل طلعها هضيم} [الشعراء:146-148].
ثم أراد أن يبين لهم الطريق الصحيح لعبادة الله، وأنهم لو استغفروا الله وتابوا إليه فإن الله سيقبل توبتهم، فقال : {يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها فاستغفروه ثم توبوا إليه إن ربي قريب مجيب} [هود: 61] فآمنت به طائفة من الفقراء والمساكين، وكفرت طائفة الأغنياء، واستكبروا وكذبوه، وقالوا: {أبشرًا منا واحدًا نتبعه إنا إذًا لفي ضلال وسعر . أؤلقى الذكر عليه من بيننا بل هو كذاب أشر} [القمر: 24-25].
وحاولت الفئة الكافرة ذات يوم أن تصرف الذين آمنوا بصالح عن دينهم وتجعلهم يشكون في رسالته، فقالوا لهم: {أتعلمون أن صالحًا مرسل من ربه} _[الأعراف:75] أي: هل تأكدتم أنه رسول من عند الله؟ فأعلنت الفئة المؤمنة تمسكها بما أُنْزِلَ على صالح وبما جاء به من ربه، وقالوا: {إنا بما أرسل به مؤمنون} [الأعراف: 75] فأصرَّت الفئة الكافرة على ضلالها وقالوا معلنين كفرهم وضلالهم: {إنا بالذي آمنتم به كافرون} [الأعراف: 76] ولما رأى
صالح -عليه السلام- إصرارهم على الضلال والكفر قال لهم: {يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي وآتاني منه رحمة فمن ينصرني من الله إن عصيته فما تزيدونني غير تخسير} [هود: 63].
وكان صالح -عليه السلام- يخاطب قومه بأخلاق الداعي الكريمة، وآدابه الرفيعة ويدعوهم بالحكمة والموعظة الحسنة تارة، ويجادلهم تارة أخرى في موضع
الجدال، مؤكدًا على أن عبادة الله هي الحق، والطريق المستقيم. ولكن
قومه تمادوا في كفرهم، وأخذوا يدبرون له المكائد والحيل حتى لا يؤمن به أكثر الناس، وذات يوم كان صالح -عليه السلام- يدعوهم إلى عبادة الله، ويبين لهم نعم الله الكثيرة، وأنه يجب شكره وحمده عليها، فقالوا له: يا صالح ما أنت إلا بشر مثلنا، وإذا كنت تدعي أنك رسول الله، فلابد أن تأتينا بمعجزة وآية.
فسألهم صالح -عليه السلام- عن المعجزة التي يريدونها، فأشاروا على صخرة بجوارهم، وقالوا له: أخْرِجْ لنا من هذه الصخرة ناقة طويلة عُشَراء، وأخذوا يصفون الناقة المطلوبة ويعددون صفاتها، حتى يعجز صالح عن
تحقيق طلبهم، فقال لهم صالح: أرأيتم إن أجبتكم إلى ما سألتم أتؤمنون بي وتصدقونني وتعبدون الله الذي خلقكم؟ فقالوا له: نعم، وعاهدوه
على ذلك، فقام صالح -عليه السلام- وصلى لله -سبحانه- ثم دعا ربه أن يجيبهم إلى ما طلبوا.
وبعد لحظات حدثت المعجزة، فخرجت الناقة العظيمة من الصخرة التي أشاروا إليها، فكانت برهانًا ساطعًا، ودليلاً قويًّا على نبوة صالح، ولما رأى قوم صالح هذه الناقة بمنظرها الهائل آمن بعض قومه، واستمر أكثرهم على كفرهم وضلالهم، ثم أوحى الله إلى صالح أن يأمر قومه بأن لا يتعرضوا للناقة بسوء، فقال لهم صالح: {هذه ناقة الله لكم آية فذروها تأكل في أرض الله ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب أليم} [الأعراف: 73].
واستمر الحال على هذا وقتًا طويلاً، والناقة تشرب ماء البئر يومًا، ويشربون هم يومًا، وفي اليوم الذي تشرب ولا يشربون كانوا يحلبونها فتعطيهم لبنًا يكفيهم جميعًا، لكن الشيطان أغواهم، فزين لهم طريق الشر، وتجاهلوا تحذير صالح لهم فاتفقوا على قتل الناقة، وكان عدد الذين أجمعوا على قتل الناقة تسعة أفراد، قال تعالى: {وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون}
[النمل: 48] ثم اتفقوا مع باقي القوم على تنفيذ مؤامرتهم، وقد تولى القيام بهذا الأمر أشقاهم وأكثرهم فسادًا، وقيل اسمه قدار بن سالف..
وفي الصباح، تجمع قوم صالح في مكان فسيح ينتظرون مرور الناقة لتنفيذ مؤامرتهم، وبعد لحظات مرت الناقة العظيمة فتقدم أحدهم منها، وضربها بسهم حاد أصابها في ساقها، فوقعت على الأرض، فضربها قدار بن سالف بالسيف
حتى ماتت، وعلم صالح بما فعل قومه الذين أصروا على السخرية منه
والاستهزاء به، وأوحى الله إليه أن العذاب سوف ينزل بقومه بعد
ثلاثة أيام، فقال صالح -عليه السلام- لهم: {تمتعوا في داركم ثلاثة أيام}
_[هود:65] ولكن القوم كذبوه واستمروا في سخريتهم منه والاستهزاء به، ولما دخل الليل اجتمعت الفئة الكافرة من قوم صالح، وأخذوا يتشاورون في قتل صالح، حتى يتخلصوا منه مثلما تخلصوا من الناقة، ولكن الله -عز وجل- عَجَّلَ العذاب لهؤلاء المفسدين التسعة، فأرسل عليهم حجارة أصابتهم وأهلكتهم..
ومرت الأيام الثلاثة، وخرج الكافرون في صباح اليوم الثالث ينتظرون ما سيحل عليهم من العذاب والنكال، وفي لحظات جاءتهم صيحة شديدة من
السماء، وهزة عنيفة من أسفلهم، فزهقت أرواحهم، وأصبحوا في دارهم هالكين مصروعين.. قال تعالى: {فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا إن في ذلك لآية لقوم يعلمون . وأنجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون} [النمل: 52-53] وهكذا أهلك
الله -عز وجل- قوم صالح بسبب كفرهم وعنادهم وقتلهم لناقة الله، والاستهزاء بنبيهم صالح -عليه السلام- وعدم إيمانهم به، وبعد أن أهلك الله الكافرين من ثمود، وقف صالح -عليه السلام- ومن معه من المؤمنين ينظرون إليهم، فقال صالح -عليه السلام- : {يا قوم لقد أبلغتكم رسالة ربي ونصحت لكم ولكن لا تحبون الناصحين} _[الأعراف: 79].
ولقد مرَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- على ديار ثمود (المعروفة الآن بمدائن صالح) وهو ذاهب إلى تبوك سنة تسع من الهجرة، فأمر أصحابه أن يمروا عليها خاشعين خائفين، كراهة أن يصيبهم ما أصاب أهلها، وأمرهم بعدم دخول القرية الظالمة وعدم الشرب من مائها. [متفق عليه].

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 144.90 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 138.99 كيلو بايت... تم توفير 5.91 كيلو بايت...بمعدل (4.08%)]