|
|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
بيان أهداف الإسلام
بيان أهداف الإسلام الشيخ عبدالله خياط الحمد لله الحكم العدل اللطيف الخبير، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، المنعم على عباده، ذو المنِّ والطَّوْل العظيم، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله، أرسله الله رحمة للعالمين. اللهم صلِّ وسلِّم على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه، أما بعد... فيا عباد الله: إن دين الإسلام دين تكافُل وتراحُم، دين تعاطف وشفقة، دين معاملة وإحسان، عمل على ذلك أولو العزائم؛ سلفكم الكرام، أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فدانت لهم الدنيا، وتحطمت تحت أقدامهم تيجان الجبابرة من أقاصرة وأكاسرة؛ وملكوا أَزِمَّة الأمور، ووصفهم رب العزَّة في كتابه بقوله: ﴿ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ﴾ [الفتح: 29]، فكانت الشدة منهم على الكافرين، وكانت الرحمة والشفقة بينهم، مثلاً للعادلين والمتأسِّين. والدين الإسلامي في مَجموعه وحدة متماسكة الأطراف، محكمة العُرَى، تؤلِّف بين جملة من الحقوق، الأخذ بها في مجموعها أمرٌ لا مندوحة عنه. فتوحيد الله جلَّ جلاله بأسمائه وصفاته وأفعاله، وتأليهه، وإفراده بكامل العبودية والتقديس - كل ذلك جزء من عقيدة المسلم، وفي طليعة ما يجب أن يعنى به؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 21-22]. هذا هو الحق الأول بالنسبة لخالق الكون ومدبِّره، ومربيه بنعمه وإفضاله. الحق الثاني: ويتعلق بصلاح الجماعة الإسلامية، وتكوين وحدتها، وتنظيم أهدافها، وتكفلها الصالح العام، وتضافر جهودها لتحقيق الأخوة الإسلامية التي نصَّ الله عليها بقوله:﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [الحجرات: 10]. وقد أوضحتِ السنة النبوية مدلول هذا الإخاء وهذا الحق وأهدافه، ومدى الأخذ به كمبدأ من مبادئ الدين، في جملة من الأحاديث، وفي صور مختلفة. فمرة يكون التوجيه إليه بالترفع عن الظلم، وعدم التجنِّي على الغير، والتحذير من الشُّحِّ، والنهي عن الإضرار، كما صح ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث يقول: ((اتقوا الظلم؛ فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، واتقوا الشُّحَّ؛ فإنه أهلك مَنْ كان قبلكم))، ويقول: ((لا ضَرَرَ ولا ضِرَار)). وتارةً يكون التوجيه إلى هذا الحق بالتنويه عن مدى الترابط الإسلامي والتكافل في الحقوق، كما جاء في الحديث: ((لا تحاسدوا، ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا يَبِعْ بعضكم على بَيْع بعض، وكونوا عباد الله إخوانًا. كلُّ المسلم على المسلم حرام: دمه، وماله، وعِرْضه)). وكما جاء في حديث آخر: ((مَنْ نفَّس عن مؤمن كربةً من كرب الدنيا؛ نفَّس الله عنه كربةً من كرب يوم القيامة، ومَنْ يسَّر على مُعْسِرٍ؛ يسَّر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومَنْ ستر مسلمًا؛ ستره الله في الدنيا والآخرة. والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه)). ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: ((الخَلْقُ عيال الله؛ فأحب الخَلْق إلى الله مَنْ أحسن إلى عياله)). وتارةً يكون التوجيه إلى هذا الحق بتصوير واقع الأخوَّة الإسلامية، والتعريف بطرف من مسالكها، كما يتَّضح ذلك من قول الرسول صلى الله عيه وسلم: ((المؤمن للمؤمن كالبنيان يشدُّ بعضه بعضًا))، ((مثل المؤمنين - في توادِّهم وتراحمهم وتعاطفهم - كَمَثَل الجسد؛ إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر الجسد بالسَّهَر والحمَّى)). ومن قوله صلى الله عليه وسلم: ((لا يؤمن أحدكم حتى يحبَّ لأخيه ما يحبَّ لنفسه)). وتارةً يكون التوجيه إلى هذا الحق باستدرار العَطْف والرحمة، والحثِّ على الرفق والشفقة؛ كما صحَّ عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((الراحمون يَرْحَمهم الرحمن؛ ارحموا مَنْ في الأرض يرحمكم مَنْ في السماء)). فإذا قست القلوب، والتاثت العقول، وتحجَّرت الضمائر، وتصاممت الآذان عن أمثال هذه التوجيهات الرشيدة - يكون العلاج عندئذٍ ترهيبًا وتخويفًا يكبح جماح النفس؛ وتوعُّدًا وزجرًا تتحدَّد به الغاية، ويُعلم منه المصير، يُفصح عنه قول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ لا يرحم الناس لا يرحمه الله))، وقوله صلى الله عليه وسلم: ((لا تُنزع الرحمة إلا من شقي))، وقوله صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ ضارَّ مسلمًا ضارَّه الله، ومَنْ شاقَّ مسلمًا شاقَّ الله عليه)). وناهيكم عباد الله بمضارَّة الله ومشاقَّته؛ إنها القصاص العادل يا عباد الله، قصاص رب العالمين جزاءً وفاقًا: ﴿ وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ﴾ [الكهف: 49]، ﴿ إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ﴾ [الفجر: 14]، إنَّها نقمة الله وشديد أخذه؛ فاحْذَرُوا نِقْمَته وأخذه، ﴿ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ ﴾ [هود: 102]. فاتَّقوا الله عباد الله واعرِفوا لله حقَّه؛ فأفردوه به، واعبدوه على هدى وبصيرة، واعرفوا للجماعة حقوقها؛ فارْعَوْها حق رعايتها؛ ليكمل لكم الدين، ولتكونوا من حزب الله وأوليائه المفلحين. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ﴾ [فصلت: 46]. نفعني الله وإياكم بهدي كتابه. أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب؛ فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |