وداعا شهر الصوم - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         كيفية التعامل مع الأعداء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 35 - عددالزوار : 1169 )           »          التربية على الإيجابية ودورها في نهضة الأمة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          زخرفة المساجد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          الحكمـة ضالـة المؤمن ***متجددة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 70 - عددالزوار : 16857 )           »          لماذا نحن هنا؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          يغيب الصالحون وتبقى آثارهم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          الهواتف الذكية تحترف سرقة الأوقات الممتعة في حياة الزوجين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          استشراف المستقبل من المنظور الشرعي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 34 )           »          من شبهات اليهود وأباطيلهم «أن تحويل القبلة أنهى مكانـة المسـجد الأقصى عند المسلمين»!! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 18-05-2020, 03:22 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,992
الدولة : Egypt
افتراضي وداعا شهر الصوم

وداعا شهر الصوم


الشيخ عبدالله بن محمد البصري






أَمَّا بَعدُ، فَأُوصِيكُم أَيُّهَا النَّاسُ وَنَفسِي بِتَقوَى الل ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183].


أَيُّهَا المُسلِمُونَ، إِنَّمَا هِيَ يَومَانِ اثنَانِ فَحَسبُ، نَعَم، يَومَانِ في عِلمِ اللهِ أَو ثَلاثَةٌ، وَإِذَا أَنتُم قَد وَدَّعتُم شَهرًا كَرِيمًا، وَجَاوَزتُم مَوسِمًا عَظِيمًا، كَأَنَّمَا استَقبَلتُمُوهُ قَبلَ يَومَينِ أَو ثَلاثَةٍ... إِي وَاللهِ يَا عِبَادَ اللهِ لَقَد مَضَت أَيَّامُ شَهرِنَا الكَرِيمَةُ وَلَيَالِيهِ العَظِيمَةُ، وَكَأَنَّمَا هِيَ سَاعَاتٌ مَعدُودَةٌ، فَالحَمدُ للهِ عَلَى مَا بَلَّغَنَا مِنهُ، وَالشُّكرُ لَهُ عَلَى مَا وَفَّقَنَا إِلَيهِ فِيهِ، وَنَسأَلُهُ حُسنَ الخِتَامِ عَلَى الدَّوَامِ.


مَضَى رَمَضَانُ أَو كَأَنِّي بِهِ مَضَى
وَغَابَ سَنَاهُ بَعدَمَا كَانَ أَومَضَا

فَيَا عَهدَهُ مَا كَانَ أَكرَمَ مَعهَدًا
وَيَا عَصرَهُ أَعزِزْ عَلَيَّ أَنِ انقَضَى

أَلَمَّ بِنَا كَالطَّيفِ في الصَّيفِ زَائِرًا
فَخَيَّمَ فِينَا سَاعَةً ثُمَّ قَوَّضَا

فَيَا لَيتَ شِعرِي إِذْ نَوَى غُربَةَ النَّوَى
أَبِالسُّخطِ عَنَّا قَد تَوَلَّى أَمِ الرِّضَا

فَلِلهِ مِن شَهرٍ كَرِيمٍ تَعَرَّضَت
مَكَارِمُهُ إِلاَّ لِمَن كَانَ أَعرَضَا

أَجَلْ يَا عِبَادَ اللهِ، لَقَد مَضَى رَمَضَانُ وَكَادَ يُقَوِّضُ خِيَامَهُ، وَهَا هُوَ ذَا يَتَهَيَّأُ لِيَحمِلَ زَادَهُ وَيَمضِيَ بِمَتَاعِهِ، بَعدَ أَن لَبِثَ فِينَا أَو لَبِثنَا فِيهِ أَيَّامًا كَرِيمَةً، وَقَضَى فِينَا أَو قَضَينَا فِيهِ لَيَالِيَ مُبَارَكَةً، كَانَت فُرَصُ الأُجُورِ فِيهِ تُعرَضُ كُلَّ سَاعَةٍ وَدَقِيقَةٍ، بَل تَمُرُّ مَعَ كُلِّ ثَانِيَةٍ وَلَحظَةٍ، فَلِلهِ مِن شَهرٍ هُوَ خَيرُ الشُّهُورِ، وَمَوسِمٍ مَحمُودِ الوُرُودِ وَالصُّدُورِ!! فِيهِ صِيَامٌ وَقِيَامٌ، وَذِكرٌ وَقِرَاءَةُ قُرآنٍ، وَتَفطِيرٌ وَصَدَقَاتٌ وَهِبَاتٌ، وَعُمرَةٌ كَحَجَّةٍ وَاعتِكَافٌ وَدَعَوَاتٌ، وَلَيلَةٌ مُبَارَكَةٌ هِيَ خَيرٌ مِن أَلفِ شَهرٍ، فَلَيتَ شِعرِي إِذْ كَانَ كُلُّ هَذَا الخَيرِ في شَهرِ الخَيرِ، مَن مِنَّا كَانَ فِيهِ سَابِقًا بِالخَيرَاتِ بِإِذنِ رَبِّهِ، فَضَرَبَ في كُلِّ مَجَالٍ بِسَهمٍ رَغبَةً فِيمَا عِندَ اللهِ، وَتَزَوَّدَ مِن كل زَادٍ بما استَطَاعَ طَمَعًا في جَزِيلِ الثَّوَابِ؟! وَمَن مِنَّا كَانَ مُقتَصِدًا فَاقتَصَرَ عَلَى فِعلِ الوَاجِبَاتِ وَتَركِ المُحَرَّمَاتِ؟! وَمَن هُوَ الَّذِي كَانَ ظَالِمًا لِنَفسِهِ، فَخَلَطَ عَمَلاً صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا؟! نَعَم أَيُّهَا المُسلِمُونَ لَقَد كَانَ مِنَ المُسلِمِينَ مُحِبُّونَ مُوَفَّقُونَ، مَا إِن حَلَّ بهم رَمَضَانُ حَتى نَظَرُوا مَا يُحِبُّهُ رَبُّهُم وَيَرضَاهُ، فَقَدَّمُوهُ عَلَى جَمِيعِ مَا تَشتَهِيهِ نُفُوسُهُم وَتَهوَاهُ، وَمَالُوا بِكُلِّيَّتِهِم عَلَى مَا يُرِيدُهُ مَولاهُم، وَآثَرُوا مُرَادَهُ عَلَى مُرادِ نُفُوسِهِم، فَأَتعَبُوا لَهُ الجَوَارِحَ وَالأَجسَادَ وَبَذَلُوا الأَوقَاتَ، وَحَلَّقُوا بِأَروَاحِهِم في سَمَاءِ البِرِّ وَالطَّاعَاتِ، وَسَافَرَت قُلُوبُهُم في طَلَبِ رِضَا خَالِقِهِم، وَلَهَجَت أَلسِنَتُهُم بِذِكرِهِ عَلَى الدَّوَامِ، وَعَمَرُوا بُيُوتَهُ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبتَغُونَ فَضلًا مِنَهُ وَرِضوَانًا.


لَقَد حَقَّقَ أُولَئِكَ المُوَفَّقُونَ أَصلَ التَّوحِيدِ وَرُوحَهُ وَلُبَّهُ، فَأَخلَصُوا المَحَبَّةَ للهِ وَحدَهُ، وَسَبَقَت مَحَبَّتُهُم لِرَبِّهِم جَمِيعَ المَحَابِّ وَغَلَبَتهَا، فَوَجَدُوا رَاحَةَ أَجسَادِهِم وَأُنسَ قُلُوبِهِم في كُلِّ تَعَبٍ لأَجلِهِ، فَهَؤُلاءِ هُمُ السَّابِقُونَ بِالخَيرَاتِ بِإِذنِ رَبِّهِم، جَنَّتُهُم في دُنيَاهُمُ العِبَادَةُ، وَأُنسُهُم في حَيَاتِهِمُ الطَّاعَةُ، وَغَايَةُ سُرُورِهِم وَحُبُورِهِم أَن يُدرِكُوا مَوَاسِمَ الإِيمَانِ، فَيَعمُرُوهَا بِطَاعَةِ الرَّحِيمِ الرَّحمَنِ، نَعَم أَيُّهَا المُسلِمُونَ إِنَّ السَّابِقِينَ بِالخَيرَاتِ مُحِبُّونَ مُجتَهِدُونَ بَاذِلُونَ، بِالنَّوَافِلِ مُتَقَرِّبُونَ، وَمِنَ التَّقوَى مُتَزَوِّدُونَ، في قُلُوبِهِم خَوفٌ مِنَ اللهِ وَتَوَقُّعٌ لِلعُقُوبَةِ عَلَى تَركِ الوَاجِبِ وَفِعلِ المَحظُورِ، وَرَجَاءٌ وَرَغبَةٌ فِيمَا أَعَدَّهُ لِلمُحسِنِينَ، وَطَمَعٌ في حُسنِ الجَزَاءِ لِلمُؤمِنِينَ، وَقَد صَارَ هَذَا الرَّجَاءُ وَذَلِكَ الخَوفُ في قُلُوبِهِم كَالسِّرَاجِ المُنِيرِ، بِهِ أَبصَرُوا الخَيرَ فَأَتَوهُ، وَاستَبَانُوا الشَّرَّ فَاجتَنَبُوهُ، وَتَوَرَّعُوا عَنِ الآثَامِ وَاجتَنَبُوا المَحَارِمَ، وَانبَعَثَت هِمَمُهُم لِلطَّاعَاتِ وَنَشِطُوا في النَّوَافِلِ. فَلِلهِ دَرُّهُم مَا أَزكَى عُقُولَهُم وَأَعظَمَ حَظَّهُم!! وَدُونَ أُولَئِكَ السَّابِقِينَ صَنفٌ هُمُ المُقتَصِدُونَ، اقتَصَرُوا عَلَى فِعلِ الأَركَانِ وَالوَاجِبَاتِ، مَعَ تَركِ المُحَرَّمَاتِ، وَهُم عَلَى خَيرٍ عَظِيمٍ مَا استَقَامُوا عَلَى ذَلِكَ وَصَبَرُوا وَصَابَرُوا، فَفِي الصَّحِيحَينِ عَن طَلحَةَ بنِ عُبَيدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ مِن أَهلِ نَجدٍ ثَائِرُ الرَّأسِ يُسمَعُ دَوِيُّ صَوتِهِ وَلا يُفقَهُ مَا يَقُولُ، حَتى دَنَا فَإِذَا هُوَ يَسأَلُ عَنِ الإِسلامِ؛ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " خَمسُ صَلَوَاتٍ في اليَومِ وَاللَّيلَةِ " فَقَالَ: هَل عَلَيَّ غَيرُهَا؟ قَالَ: " لا إِلاَّ أَنْ تَطَّوَّعَ " قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " وَصِيَامُ رَمَضَانَ " قَالَ: هَل عَلَيَّ غَيرُهُ؟ قَالَ: " لا إِلاَّ أَن تَطَّوَّعَ " قَالَ: وَذَكَرَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ الزَّكَاةَ. قَالَ: هَل عَلَيَّ غَيرُهَا؟ قَالَ: " لا إِلاَّ أَن تَطَّوَّعَ " قَالَ: فَأَدبَرَ الرَّجُلُ وَهُوَ يَقُولُ: وَاللهِ لا أَزِيدُ عَلَى هَذَا وَلا أَنقُصُ. قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " أَفلَحَ إِن صَدَقَ " وَأَمَّا الصَّنفُ الثَّالِثُ فَهُمُ الظَّالِمُونَ لأَنفُسِهِم، لم يَجِدُوا طَعمَ المَحَبَّةِ وَلا ذَاقُوا حَلاوَتَهَا، فَفَسَدَت لِذَلِكَ أَروَاحُهُم، بَل مَاتَت قُلُوبُهُم في أَجسَادِهِم، وَمِن ثَمَّ فَلَم تَنشَرِحْ صُدُورُهُم لِلعِبَادَةِ فَيَأتُوهَا وَهُم رَاغِبُونَ، وَلَم يَذُوقُوا حَلاوَةَ الطَّاعَةِ فَيَستَكثِرُوا مِنهَا وَلا يَمَلُّوهَا، وَلا مَرَارَةَ المَعصِيَةِ فَيَترُكُوهَا وَيَتَحَاشَوهَا، وَلَكِنَّهُم بَقُوا مُفَرِّطُينَ مُتَكَاسِلِينَ، يَتَرَدَّدُونَ وَيَتَلَفَّتُونَ، وَيُخَلِّطُونَ وَيَتَمَنَّونَ، وَيَظُنُّونَ مَعَ ذَلِكَ أَنَّهُم يَرجُونَ رَحمَةَ اللهِ مَعَ الرَّاجِينَ، وَمَا عَلِمُوا أَنَّ الرَّجَاءَ بِلا عَمَلٍ إِنَّمَا هُوَ خِدَاعٌ لِلنُّفُوسِ وغُرُورٌ بَاطِلٌ، وَلِهَؤُلاءِ وَأَمثَالِهِم يُقَالُ: لَقَد بَقِيَت في هَذَا الشَّهرِ بَقِيَّةٌ مُبَارَكَةٌ، قَد يَتَدَارَكَ فِيهَا المُسِيءُ نَفسَهُ فَيَتُوبُ إِلى اللهِ وَيُنِيبُ، فَلَعَلَّهُ بِرَجَائِهِ رَحمَةَ رَبِّهِ الَّذِي يُبَدِّلُ سَيِّئَاتِ التَّائِبِ إِلى حَسَنَاتٍ، أَن يُدرِكَ رَجَاءَ المُحسِنِ ثَوَابَ إِحسَانِهِ، وَاللهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ، وَرَحمَتَهُ قَد سَبَقَت غَضَبَهُ، قَالَ سُبحَانَهُ -: ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [الزمر: 53] وَقَالَ جَلَّ وَعَلا -: ﴿ إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا * وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا ﴾ [الفرقان: 70، 71] وَقَالَ تَعَالى -: " وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهتَدَى " وَعَن أَبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " لَمَّا قَضَى اللهُ الخَلقَ، كَتَبَ كِتَابًا فَهُوَ عِندَهُ فَوقَ عَرشِهِ: إِنَّ رَحمَتي سَبَقَت غَضَبي " مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. أَلا فَاتَّقُوا اللهَ جَمِيعًا أَيُّهَا المُسلِمُونَ مَن كَانَ أَحسَنَ وَاجتَهَدَ فَلْيَزدَدْ، وَمَن كَانَ أَسَاءَ وَفَرَّطَ فَلْيُحسِنْ الظَّنَّ بِرَبِّهِ فِيمَا بَقِيَ وَلْيُتَبْ، فَإِنَّ الأَعمَالَ بِالخَوَاتِيمِ، وَالعِبرَةَ بِكَمَالِ النِّهَايَاتِ لا بِنَقصِ البِدَايَاتِ. أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ: ﴿ إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ * تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ * أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلًا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ ﴾ [السجدة: 15 - 20]


الخطبة الثانية

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالى حَقَّ التَّقوَى، وَتَمَسَّكُوا مِنَ الإِسلامِ بِالعُروَةِ الوُثقَى، وَاحذَرُوا مَا يُسخِطُ رَبَّكُم فَإِنَّ أَجسَامَكُم عَلَى النَّارِ لا تَقوَى.


أَيُّهَا المُسلِمُونَ، لَئِن شَارَفَ شَهرُنَا عَلَى الرَّحِيلِ وَآذَنَ بِالوَدَاعِ، فَمَا زِلنَا نَتَقَلَّبُ في بَقِيَّةٍ صَالِحَةٍ مِن برَكَاَتِهِ وَنَفَحَاتِهِ، وَقَد بَقِيَ فِيهِ خَيرٌ كَثِيرٌ لِمَنِ اغتَنَمَهُ وَأَسرَعَ في التَّوبَةِ وَعَجَّلَ الأَوبَةَ، وَلَو لم يَبقَ مِنهُ سِوَى سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ، لَكَانَت مُبَارَكَةً وَفِيهَا خَيرٌ كَثِيرٌ، فَكَيفَ وَقَد بَقِيَ يَومَانِ أَو ثَلاثَةٌ. وَمَا يُدرِينَا؟! فَلَرُبَّمَا كَانَت لَيلَةُ القَدرِ فِيمَا بَقِيَ، وَرُبَّمَا قُبِلَت مِن تَائِبٍ تَوبَةٌ أَو أُجِيبَت مِن صَادِقٍ دَعوَةٌ، فَفَازَ فَوزًا عَظِيمًا وَنَالَ أَجرًا كَرِيمًا، وَسَعِدَ سَعَادَةً لا يَشقَى بَعدَهَا أَبَدًا، فَتَدَارَكُوا هَذِهِ البَقِيَّةَ رَحِمَكُمُ اللهُ وَلا تَتَكَاسَلُوا، ﻻ تُبقُوا في المَآقي دُمُوعًا إِلاَّ ذَرَفتُمُوهَا، وَلا في النُّفُوسِ حَاجَةً إِلاَّ بَثَثتُمُوهَا رَبَّكُم وَرَفَعتُمُوهَا، وَلا ذُنُوبًا إِلاَّ سَأَلتُم رَبَّكُم أَن يَمحُوَهَا، فَرَغِمَ أَنفُ عَبدٍ أَدرَكَ رَمَضَانَ فَلَم يُغفَرْ لَهُ.


أَيُّهَا المُسلِمُونَ، لِنَرجُ القَبُولَ مِنَ الغَفُورِ الشَّكُورِ، وَلْنَستَغفِرْهُ مِنَ الزَّلَلِ وَالتَّقصِيرِ، وَلْنَسأَلْهُ العَفوَ عَمَّا دَاخَلَ الأَعمَالَ مِن رِيَاءٍ أَو عُجبٍ، وَلْنَحذَرِ المَنَّ عَلَى اللهِ بما عَمِلنَا أَو أَنفَقنَا، فَإِنَّهُ لم يُوَفَّقْ مِنَّا مَن وَفِّقَ إِلاَّ بِفَضلِ اللهِ وَرَحمَتِهِ، وَعَن عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنها قَالَت: سَأَلتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ عَن هَذِهِ الآيَةِ ﴿ وَالَّذِينَ يُؤتُونَ مَا آتَوا وَقُلُوبُهُم وَجِلَةٌ ﴾ [المؤمنون: 60] قَالَت عَائِشَةُ: أَهُمُ الَّذِينَ يَشرَبُونَ الخَمرَ وَيَسرِقُونَ؟! قَالَ: " لا، يَا بِنتَ الصَّدِيقَ، وَلَكِنَّهُمُ الَّذِينَ يَصُومُونُ وَيُصَلُّونَ وَيَتَصَدَّقُونَ، وَهُم يَخَافُونَ أَلاَّ يُقبَلَ مِنهُم، أُولَئِكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ في الخَيرَاتِ وَهُم لها سَابِقُونَ " رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَابنُ مَاجَه وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.


أَيُّهَا المُسلِمُونَ، أَحسِنُوا خِتَامَ شَهرِكُم الكَرِيمِ، وَوَدِّعُوا ضَيفَكُم بِخَيرِ مَا تَستَطِيعُونَ، وَأَودِعُوهُ صَالِحَ الأَعمَالِ الَّتي شُرِعَت في خِتَامِهِ، أَخرِجُوا زَكَاةَ الفِطرِ، فَإِنَّهَا طُهرَةٌ لِصِيامِكُم، وَمَن وَفَّقَهُ اللهُ مِنكُم ﻻستِكمِالِ العِدَّةِ فَلْيُكَبِّرْ لَيلَةَ العِيدِ وَصَبِيحَتَهُ، وَاحرِصُوا عَلَى حُضُورِ صَلاةِ العِيدِ، وَعَلَى ما سَنَّهُ نَبِيُّكُم مِن أَكلِ تَمَرَاتٍ وِترًا قَبلَ الخُرُوجِ، وَتَجَمَّلُوا وَتَزَيَّنُوا بما أَحَلَّ اللهُ، وَاحذَرُوا ما حَرَّمَ رَبُّكُم مِن إِسبالِ الثِّيَابِ أَو حَلقِ اللِّحِى، وَاحرِصُوا عَلَى أَن تَخرُجَ نِسَاؤُكُم في سِترٍ وَحَيَاءٍ وحِشمَةٍ، غَيرَ مُتَطَيِّبَاتٍ وَلا مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ؛ فَـ" كُلُّكُم رَاعٍ وَكُلُّكُم مَسؤُولٌ عَن رَعِيَّتِهِ "

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 64.00 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 62.10 كيلو بايت... تم توفير 1.90 كيلو بايت...بمعدل (2.96%)]