العائدات - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         منهج الإسلا م في معالجة الأزمات الاقتصادية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          تحقيق العبودية هي الغاية الكبرى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          خواطر الكلمة الطيبة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 20 - عددالزوار : 1365 )           »          قواعد نبوية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 1762 )           »          من صور الإعجاز العلمي في القرآن الكريم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          الاعتراف بالذنوب والآثام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          إعمال العقول غاية قرآنية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          بشرى لأهل الاستقامة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          آفاق التنمية والتطوير (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 4620 )           »          أعمال القلوب الطاعات والذنوب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى الشعر والخواطر > من بوح قلمي
التسجيل التعليمـــات التقويم

من بوح قلمي ملتقى يختص بهمسات الاعضاء ليبوحوا عن ابداعاتهم وخواطرهم الشعرية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 04-12-2019, 04:58 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,606
الدولة : Egypt
افتراضي العائدات

العائدات

يس عبد الوهاب نبيه مسعد


هل شاهدتَ عُيوناً تدمع ؟ هل أحسستَ بقلبٍ يُضجع ؟ أم أظلمتِ الدنيا أمامك ؟
هل شاهدت الحزن يسير ؟
فوق الرأس يحوم ، يطير .
يعود ، يجول .
يخرِقُ فرحاً ، يُسْكِتُ أملاً ، يَهْدِمُ جسداً .
حتى يُقضى بين يديه .
إنها العائداتُ ، وما أدراك ما العائدات ؟ تلك التي تفاجئُنا دُون نذير ، وتجْثُو على قلوبنا دُون بشير .
إنها تؤرِّق النفس ، وتمنع النوم ، وتُمْرِضُ الجسد والقلب ، وتُؤثِّرُ في الإنسان تأثيراً يجعلُهُ يغيِّر سَمْته وهيئتهُ ، وتصلُ به إلى أن يترك العمل ، وينقطع به الأمل ، وقد تُودي بصاحبها بعدما غرَّتْهُ الحياةُ وزينت له أنَّهُ في مأمنٍ منها ، وأنَّى له ذلك ؟
وأنَّى لإنسان أن تصفو له الحياة أبداً ؟ فالكلُّ من لذعاتها ذائقٌ .
وما منْ عالم إلَّا له منها نصيبٌ .
طَحنتْه الأيامُ فاعتلى وطارتْ شُهرتُهُ وأثَّر في الأُمم كما تؤثِّرُ حُبوب اللِّقاح في الثمار ؛ فلولاها ما أينعت الثِّمار ، ولولا العُلماء ما تقدَّمت الدُّنيا .
ينْظرُ بعضنا إلى بعض ، فيروْنهُم لا يشكون ، ولا يتبرَّمُون ، فيَظُنُّون أنَّهم يَخْلُون من العائدات ، وأنَّهم في مأْمنٍ من الحادِثات ؛ فإذا أصابك مِثْلُ ذلك فاستغفر الله - تعالى - لأنه : ( من راقب الناس ماتَ غمّاً ) ، و « من حُسْنِ إسلام المرْءِ تركُهُ ما لا يعْنيه » .
إنَّ المصائب تتفاوت بقدْر أصحابها ، ويظن المبتلى أنه أكثر الناس ابتلاءً ؛ وذلك لشدَّة لَذْعِ العائدات عليه ، وقلة الحيلة لديه :
وتعظمُ في عينِ الصَّغِير صِغارُهَا وتَصْغرُ في عينِ العظيم العظَائِم
كان هناك رجُلان ذوا منْصب وجاهٍ ، ورِثا ضَيْعةً وأمْوالاً ، وبساتين ، ثُمَّ استُخرِجَ لهما قانونٌ ، سلب منْهما أكثر ما يملكانه .
أما أحدُهُما فثبت في الميدان ثبات الأسد في الفلاة ؛ فقد بنى لله مسجداً ، وظَلَّ على حاله من توزيع الصدقات والعطف على المساكين إلى أنْ تغمَّده الله برحمته ، وحزِن المساكين على فجيعته .
وأمَّا الآخرُ : فقد جُنَّ جُنُونه بعدما ظنَّها باقيةً لهُ ، وقدْ ظلم مَنْ ظلم وقتل مَنْ قتل ، يَثُور كالبركان ، ويخور كالثيران .
لا رادع له ولا أمان ؛ فهو السُّلطان بعد السلطان ، ثم تغير به الحال ؛ فبُنيت له حُجرةٌ ظاهرها حَجَريَّةٌ ، وباطنها إسفنجيةٌ .
كُلما تذكر ماله الضَّائع جعل يخْبطُ رأسهُ بتلك الجُدْران إلى أن توفَّاة اللهُ - تعالى - وهو على هذه الحال .
لا يُذْكَرُ إلا وتُذكَر مساوئه ، ولا يُذكَر أخوه إلاَّ وتُذكَر محاسنه .
لقدْ خلق الله - تعالى - الموتَ والإنسانُ لا يُريده ولكنَّهُ يُسلِّم به ، وخلق الحياة والإنسان يطلبُها ولكنَّها لا تدوم .
وخلق الله - تعالى - الأفراح يريدها الإنسان ولكنها لا تستمر على حال ،وخلق الأحزان لا لمتاعب الإنسان ولكنْ لتصقل نفسه صقلاً يخرج منها كالذَّهب الخالص وقد ثقَّفه صاحبه على النَّار ؛ فتزداد جمالاً وقوَّةً .
{وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى * وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا }( النجم : 43-44 ) .
ولربما أصاب الإنسان ضِيقٌ دون سبب واضح يبدو له ؛ لأن السبب عند مُسبِّبُ الأسباب ، فاصطلِحْ معه يشرحْ لك صدرك ، ويضعْ عنك وزْرك .
ثُمَّ خفِّف الحِمْل عن البائسين ، وتصدَّق على المُحتاجين ؛ فالصَّدقة بُرهان على الإيمان ، تنجلي بها الغُمَّةُ ، وتنكشف بها المُلِمَّةُ .
فلْتنطلق في الحياة الفانية ، انطلاقك للحياة الباقية ، حتَّى تحصُد ما قدَّمت يداك .
إن حوادث الزمن لا تعدو أن تكون فقداً أو حرماناً : فإنْ كانتْ فقْداً ، فالعائداتُ تُولِّي ، ولا يبقى لك إلَّا ما قدَّمت : {مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِندَ اللَّهِ بَاقٍ }( النحل : 96 ) وإن كانت حرْماناً ، فأنت لم تملك منها شيئاً طوال حياتك ، ولم تجرِّب لذَّة المُلكِ ؛ فلماذا البُكاءُ على ما لم تملكه ؟
فإذا وقع عليك ابتلاءٌ ( وهو واقعٌ لا محالة ) فحاوِل التخفيف عن نفسك وحلَّ مُشْكلاتك وإنْ كان لك يدٌ فيها ، واستشرْ أُولي الهمة والرأي ، وإلاَّ ففوِّض الأمر إلى الله - تعالى - إذا انقطعت بك الأسباب ؛ فهناك مسبِّب الأسباب يُجيبُ من مدَّ إليه يده : {أَمَّن يُجِيبُ المُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ }( النمل : 62 ) .
وسيحلُّ لباس الفرح بديلاً من لباس الحُزْنِ ؛ فلا تبيتنَّ إلا خالي البال .
إنَّ المُبتلى قريبٌ من الله ، قريبٌ من الجنة ؛ فأكثر الناس ابتلاءً الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل .
فلْيكن استقبالُنا للأتراح كاستقبالنا للأفراح ، هكذا المؤْمن : إنْ أصابته سرَّاء شكر فكان خيراً له ، وإن أصابته ضرَّاء صبر فكان خيراً له .
واللهَ أسأل ألاَّ يجْعل مصيبتنا في ديننا .

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 54.23 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 52.52 كيلو بايت... تم توفير 1.71 كيلو بايت...بمعدل (3.16%)]