زوابع في لقاء - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         شرح كتاب فضائل القرآن من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 9 - عددالزوار : 177 )           »          مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن" (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 117 - عددالزوار : 28409 )           »          مجالس تدبر القرآن ....(متجدد) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 175 - عددالزوار : 60011 )           »          خطورة الوسوسة.. وعلاجها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          إني مهاجرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          الضوابط الشرعية لعمل المرأة في المجال الطبي.. والآمال المعقودة على ذلك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 30 - عددالزوار : 803 )           »          صناعة الإعلام وصياغة الرأي العام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          من تستشير في مشكلاتك الزوجية؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          فن إيقاظ الطفل للذهاب إلى المدرسة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى الشعر والخواطر > من بوح قلمي

من بوح قلمي ملتقى يختص بهمسات الاعضاء ليبوحوا عن ابداعاتهم وخواطرهم الشعرية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 02-12-2020, 12:02 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,616
الدولة : Egypt
افتراضي زوابع في لقاء

زوابع في لقاء




سعيدة بشار







كان زمنًا ومضى، وهمًّا وانقضى... في لمح البصر.
نظر إليها بفضولٍ طفولي ثم أسدل بصره، طَفَتْ إلى قلبه بعضٌ من تلك الذكريات القديمة، عصفَ به الحنين لحظة، ظل يسترق إليها بعض النظرات عن بُعد، ويُطرِق مراتٍ ليتأمل في ذكرياته، لم يجرؤ على التقدم للحديث إليها، شعر بوطأة حاجزٍ ما يمنعه من الاقتراب منها.

تأملها وهي تتحدث في صمتٍ شامخ مع بعض الضيوف، شعر بأنها أحست بوجوده، لكنها لم تلتفت إليه، ولم تقم بأية حركة تجاهه، يداها ظلتا في جيب معطفها الأسود، لم تكن تحاور بهما، وكأنها أرادت أن تُبقي الحواجز بينها وبين محدثيها، لم يكن يبدو عليها تأثُّر ما، أو رغبةٌ ما في تواصلٍ جادٍّ مع أي كان، كانت تتحدث في صمت، جسدها كان صامتًا، متكورًا على ذاته، يمنع انفلات أية إشارة أو أي إيحاء، كانت صامتة في شموخ، ولكنَّ عينيها كانتا تقولان: إنها في عالم آخر غير العالم المحيط بها، تلك الابتسامات الجامدة كانت تفضح غيابها، ومرارًا كانت تكرر الاستفهام ذاته على محدثيها:
نعم؟! لم أفهم جيدًا! هل يمكنك أن تكرر فكرتك رجاءً؟
في الحقيقة لم تكن تسمع الحديث أصلاً...

اكتشف تصنُّعها بسهولة، هو الذي كان يفهم كلماتها كما لم يفهمها أحد من قبل، وكان يفهم صمتها، وحركاتها وسكناتها، وما بين كلماتها.

تذكر أنه كان يحب أن يسمع أحاديثها المتشعِّبة والمتدفقة كالطوفان، كانت كطفلٍ لا يمل من تكرار ما يقوله، بالحماس ذاته، وباللهفة ذاتها، وكأنها تنطق به لأول مرة، تذكر أنه كان يُحبها... أو ربما لا يزال، لم يعد متيقنًا من شيء، أراد أن يتقدم إليها ويُحدِّثها ليرى إن كان لا يزال يحبها أم أنها قد غادرت قلبه كما غادرت الحياة من حوله ذات يوم، أراد أن يجرب وقع ضحكتها المنفلتة كلما رأته أمامها، والتي كانت يداها المنفتحتان بعد صفقةٍ سريعة تزفها إليه كمن يفتح له بوابة القلب العاشق، وأحضان الشوق الحيي، كان يحب فيها تلك الطفولة البريئة، ويعجب كيف لها أن تنسجم مع تلك الأنوثة المغرية!

كان يحب فيها غضبها المتدفق طوفانًا من العتاب كلما أطال عليها صمته أو غيابه، هو رجل الكلمات القليلة المدروسة بعناية، المتلفَّظة بحذر بخيلٍ أمام مصاريف غير ضرورية، كان بخيلاً في كلماته، بخيلاً في تعابيره، بخيلاً في مشاعره، لاعبًا بالكلمات كلما نطَق، وكأنه كان يدخل إلى مسابقة لغوية كلما التقى بها.

كان حبه لها لغويًّا، وما كان يشعر أن حبًّا لم يعرف سوى اللغة في معانيها المواربة تضمن له الفناء الأكيد، حبها له كان سيميائيًّا، علامات متنوعة لدلالات مختلفة تشتغل في الحياة الاجتماعية، ويحدد مآلاتها السياق، هل كان ضروريًّا أن تكون الأمور بكل ذاك التعقيد؟

حينما تتحول اللغة إلى إدمانٍ للعشاق، تنسج حولهم وأحيانًا كثيرة أخرى بينهم صحاري الوهم، وبؤس الألم المؤجل، وتنثر حولهم كما الساحرات أثناء طقوس سحرية تَنثر هي حولهم رذاذ سم يقتل بأناقة.. بجمال، يخترق كل خلايا المشاعر ليجتث منها وهج الحياة، ويصيرها قبورًا تنخر فيها ديدان الخيبة والألم.

كابر الحنين برهة، كتم القلب لهفته، رفع رأسه بشموخ، وهم بالالتفات إلى غير وجهتها، تعثَّرت قدماه بالذكريات القديمة، فعاد القلب أدراجه إلى عاصمته، وهتف به عاليًا:
هيا أيها الجبان... حدثها، يكفيك مكابرة، إني لا أزال أهواها!

فكَّرَ في حيلةٍ يصطنع بها صدفة اللقاء بها، استكشفَ الوجوه حولها عساه يعثر على وجه مألوف يتوجه إليه، وعند اللقاء به يصطنع مفاجأة اللقاء بها في هذا التجمع البشري المتصنع، وفي خضمِّ بحثه تعثرت عيناه بشيءٍ كان يحجب عنه صورتها كما كانت، ركز على رأسها، أطال فيها تأمله... تساءل:
أين شعرها الطويل؟

انفلتت منه ضحكة مستفهمة:
أيعقل أن تكون قد تجرَّأت؟ مثلها خُلق لتتجلى فيه روعة الخلق، لتكون مرآة للجمال!

أيعقل أن تكون قد تحجَّبت؟ وإن كانت قد تحجَّبت.. أتراها عني ستحتجب؟
أعاد إليه خطوته المترددة، انكمش جبينه على ألف تساؤلٍ وتساؤل، وأطلق العنان لتأملاته، ركَّز على كل تفصيلٍ من تفاصيل ثوبها، ومعطفها، وحذائها المنغلق على أدق تفاصيلها، وذاك الخمار يُعيقه عن تذكرها كما كانت، أيكون هو ذاك الحاجز الذي شعر به أول ما رآها؟ ربما؟!

طَفَتْ إلى ذاكرته إحدى الذكريات القديمة، كانت تتأمل في البحيرة القريبة منهما، وفي جماعات البطِّ المتسابقة إلى فتات الخبز الذي كان يرميه إليها زُوَّار الحديقة، كانت تنظر إليها دون تركيز وكأنها تتحدث من عالمٍ آخر:
قد جربت خمار أختي البارحة، بدا لي جميلاً.. بل منطقيًّا، ربما كان عليَّ ارتداؤه!


انفجر يومها ضاحكًا حتى انفلتَت منه الكثير من قطرات العصير التي امتلأ بها فمه، أخذ منديله بسرعة ليمسح آثار القطرات المتحررة، وبادرها بذاك التعليق المخدر:
مثلك خُلق ليتذكر العالم جمال الخالق ويُسبِّحوه، أما الحجاب فلحجب البشاعة عن أعين العالم!

بدت ذاك اليوم ولأول مرة غير مصدِّقة له تمامًا، وضعت كأس العصير على الطاولة، وانتفضت إلى البحيرة ترقب جماعات البط عن قرب.

لم تكن القطيعة تحتاج لأكثر من قرارٍ على تغيير الثياب لتحتجِب بها كثيرٌ من التفاصيل التي كانت معروضة لكل من هب ودب ودون ثمن.

أتراه كان يفضل أن يبقى شعرها مدينة مفتوحة بين يديه؟! ما يذكره جيدًا أن ذاك القرار قد أعاد رسم الحدود بينهما، وسن قوانين جديدة لم تناسِب هواه، وبدأ ينسج بينهما يومًا بعد آخر مسافات للارتباك، والصمت الكريه، حتى أدرك يومًا وهو يستيقظ بعد ليلةٍ صاخبةٍ بكل الألوان أن وجهته ستشرع دومًا نحو المساحات المفتوحة، التي لا يحدها أي جدار، أو أي قانون، أو أي التزام، وأدركت هي في التوقيت ذاته بعد ليلة مشرعةٍ على عتبات السماء أنها أبدًا لن تكون معبرًا لسائحٍ لا ينوي المكوث، ولا ينوي الانتماء إلى أية أرض، أدركا ذلك معًا... في التوقيت ذاته تقريبًا؛ لذا لم يَشعُرا بضرورة الحديث عن الموضوع، فلم يلتقيا بعدها أبدًا، ولم يبحث أحدهما عن أسباب قطيعة الآخر، ولا عن سبب الغياب، انتهى كل شيء باللامبالاة ذاتها التي حاكت لقاءهما الأول، ومضى كلٌّ في طريقه.

عشر سنواتٍ وتتقلص الدنيا من جديد حتى تجمعهما في مساحةٍ واحدة لا تفصل بينهما إلا بضعة خطوات، وألفُ عذرٍ وعذر لتجميد المسافة بينهما، لكنه أراد أن يسير فوق تلك الأعذار نحوها عساه يفهم المغزى من تلك الصُّدفة الغريبة، أو ربما القدر العجيب، أراد أن يفهم لماذا هذا اللقاء غير المتوقع بعد هذا العمر الطويل؟ أراد أن يسألها عن موقعه في قلبها، شعَر أن قلبه بدأ ينبض بوقعٍ مختلف يقترب من الوجع، أو ربما الحنين المستتر، شعر برغبةٍ في إخبارها أن عمره الذي انقضى بعيدًا عنها كان ضياعًا كضياع "أوديسيوس" في بحار الوهم بعيدًا عن زوجته "بنلوب"، لم يجن شيئًا سوى التعب والحزن، وأثقالاً من عمرٍ أنهك جسده، فهل يا ترى ستَستقبله كما استقبلت "بنلوب" حبيبها ذات يوم؟ وتأويه إليها بعد طول تشرُّده؟ أم أنها ستوصد حصونها أمامه كقلعة عصية؟

غروره الرجالي أوحى إليه أن المرأة تظل أبدًا ضعيفةً أمام نبض قلبها الأول، وأنها ستنهار أمامه حالَما يواجهها، شعر بنصف ابتسامةٍ تتحرك عن جنب، أكَّد له موروثه الذكوري المكابر أنه منتصرٌ مسبقًا لا محالة.

حرك خطوته الأولى نحوها، وقبل أن يتم الثانية سمع مناديًا عبر الميكرفون:
نُنادي إلى المنصة السيد "عبدالكريم عوض" والسيدة "أمل عوض" لتكريمِهما على جهودهما في إنشاء المستشفى الخيري الأول على مستوى الوطن لعلاج السرطان لدى الأطفال.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 59.81 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 57.88 كيلو بايت... تم توفير 1.93 كيلو بايت...بمعدل (3.23%)]