ارسم بغضبك طريقًا إلى النصر

[ابوالوليد المسلم]

ارسم بغضبك طريقًا إلى النصر

كتبه/ غريب أبو الحسن

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فمعركتنا مع اليهود معركة طويلة منذ ما يقرب من القرن، معركة طويلة السِّجالات، زرعهم وسط أوطاننا عدوٌّ أقدمُ منهم، خاض حروبًا صليبية للاستيلاء على أوطاننا ولم يفلح في النهاية، وغادر الأوطان يجر أذيال الخيبة، ثم زرع إسرائيل في أحشائنا حتى لا يقر لنا قرار ولا يلتئم لنا شمل، فإسرائيل دولة وظيفية.
ومنذ ذلك الحين والغرب يقف لحراسة إسرائيل، فلا تنتظروا منه إنصافًا أو مساعدة أو شفقة؛ فهو العدو الأول قبل إسرائيل.
ولكن لماذا لا ننتصر؟!
ولماذا تأتينا النكبة فالنكسة فالاجتياح؟! لماذا لا نرد الصاع صاعين وثلاثة؟! لماذا نقف عاجزين عن نصرة إخواننا؟! ثم ننتظر العالم المتحضِّر -زعموا- أن يتحرك؟!
- يا صديقي: نحن أمة ليست ككل الأمم، نحن أمة عزها في استغنائها عن الناس، وشرفها في قيام الليل، إن سجادة الصلاة تبني أمة ثم تبني حضارة مادية وروحية معًا.
- يا صديقي: نحن أمة تنتصر بأعمالها الصالحة، وتنتصر بقربها من الله، وتنتصر عندما تنصر الله: (إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ ‌وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ) (محمد: 7).
- يا صديقي: نحن أمة تنتصر حين تقدِّم العلماء والمصلحين والصالحين، وتؤخِّر الفسدة والمفسدين؛ فتأمل في مشاهير المجتمع مَن هم؟! وعلى مَن تُسلَّط الأضواء؟!
- يا صديقي: نحن ننتصر عندما تحدونا عقيدة صافية من الكتاب والسنة، لا شطحات البدع والخرافات والموالد والحضرات، والتراقص حول القبور!
- يا صديقي: نحن ننتصر حينما نأخذ بالأسباب فلا نحتاج في طعامنا وملبسنا ومسكننا لأحدٍ، ولا نحتاج إلى من يقرضنا لنأكل ثم يملي علينا شروطه.
- يا صديقي: نحن ننتصر حينما ننتج سلاحنا بأيدينا، فإذا أتت حاملة طائراتهم تجد في انتظارها حاملات طائرات لا تعرف الابتسام.
- يا صديقي: نحن ننتصر عندما تتوحد جبهتنا الداخلية، وتثق القيادة في الشعب ويثق الشعب في القيادة، وعندما يفطن الشعب أن الإعلام الذي يُبثُّ من بريطانيا باللغة العربية وعلى لسان مَن يدعي الانتساب إلينا، ويريد أن يدفع الناس نحو تخريب بلادها حتى يمهد الخرابُ الطريقَ لعودتهم؛ عندما يفطن الشعب لهذا فلا يجعل غضبه نحو بلده، بل يحافظ على بلده كما يحافظ على بيته تمامًا، بل أشد.
- يا صديقي: اغضب عندما تصاب الأمة بنكباتها المتتالية، وابكِ بحرقة لعل تلك الدموع تجلي صدأ القلب، ولكن وجِّه غضبك وحوِّله لعزم على التوبة والصلاح، والإقلاع عن الموبقات.
- اغضب لمصاب أمتك، واغضب لتجبر الطغاة واليهود وأعوانهم. حوِّل غضبك لعزمٍ على بناء وطنك وأمتك. اجعل غضبك يدفعك لأن نكون أقوياء من جديد، ومستغنين من جديد، ومكتفين من جديد.
- اغضب لمصاب أمتك، ولكن لا تجعل غضبك لمزيدٍ مِن الخلاف مع أبناء مجتمعك، ولكن اجعل غضبك يدفعك أن تضع يدك في يد أخيك، واشدد على يده، وعانقه وتعاون معه على البر والتقوى، فقد أوصانا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عند الفزع: "بالسكينة والجماعة والصلاة".
- اغضب، ولكن كن جزءًا من الحل. اغضب وساهم في البناء لا الهدم. اغضب وساعد غيرك أن يكون ممن يبني لا يهدم.
- اغضب، ولكن اجعل غضبك يدنيك ويدني مجتمعك خطوات نحو النصر، فالنصر أقرب للمجتمع الصالح المتماسك القوي وبعيد عن المجتمع الفاسد المتناحر الضعيف.
- واعلم أن ما قامت به المقاومة الفلسطينية يوم (?-??-????) له بالغ الأثر في الكيان الصهيوني، جعله يتصرف بفزع وهو يحاول أن يعيد معادلته الأمنية التي بُنيت عليها دولته الهشة اللقيطة التي جمع لها اللقطاء من أنحاء العالم وأقنعهم أنهم سيكونون آمنين، وأن الحروب ستكون في بلاد العدو وأنه يملك عنصر المبادأة، والتفوق العسكري والتقني والاستخباراتي وخلفه تقف الدول الكبرى؛ كل ذلك انهار في ثلاث ساعات وهو الآن يتصرف كالمذعور، كالفأر الذي رفعت من فوقه صخرة كان يظن أنها حصنه الحصين فانكشف بيته فهرول لا يدري ما يصنع. نجحت المقاومة وحقق "طوفان الأقصى" أكبر مما كانت تأمل.. فالصبر الصبر والثبات الثبات.
- ولا تبتئس بمَن قُتِل في سبيل الله مظلومًا، فإن الله ينصر المؤمنين بأعمالهم الصالحة، وينصرهم بتجبر الطغاة والظالمين، (‌وَنُرِيدُ ‌أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ) (القصص: 5).