اضطراب قطبي أم أعراض جانبية؟

[ابوالوليد المسلم]

اضطراب قطبي أم أعراض جانبية؟


د. ياسر بكار






السؤال

السلام عليكم.

أعاني من ضَعفٍ إلى حدٍّ ما في الأعصاب، وأشعر أنَّ قوتي قوةُ شيخٍ، وعندي اضطراب في النوم.

لا أخرج وخصوصًا إذا اضطرَب نومي، لا أجد مزاجًا وقوةً، حينها لا أتفاعل مع الناس اجتماعيًّا، ولا أُشارك؛ لأني أعاني من رهابٍ، فلا أنام بسهولة، ونومي خفيف، وأنام حتى الواحدة، وأصحو متعبًا ومزاجي مضطرب، صامت.

أنا أغلب الأوقات لا أعمل؛ نظرًا لكلِّ هذه الأسباب، فمستواي التعليمي ضعيفٌ، ومؤخَّرًا أصبَحت لا أقدر على المشي بسلاسة، وإذا نَهَضت في الثامنة صباحًا، فتلك المشكلة، أنهضُ بمزاج شديد الاضطراب، لا أحب أن أتكلَّم، مُنهكٌ لا أريد الخروج، وقد سَبَق لي أن ذَهَبت إلى طبيبٍ حكومي؛ لأنَّ عُطلتي لا تَسمح لي أن أذهبَ إلى طبيب يُعالج بالمال، آنذاك وصَف لي "إنفرانيل" فتحسَّنتُ، لكن تحسُّني كان مُفرطًا؛ حيث نَشِطتُ كثيرًا، وتحسَّن مزاجي، وزُرت عائلتي التي لَم أَزرها بسبب الرهاب، وهم يَظنون أني قد قاطَعتهم.

المهم، سألتُ موقعًا استشاريًّا، فقالوا لي: إنَّ اكتئابك من الاكتئاب ثُنائي القُطبين، ووصَفوا لي "التجراتول" ولَم أستعمله، ولَم أقتنعْ برأيهم، ومع الوقت ومع أخذي "الإنفرانيل" مرَّات متعددة، اقْتَنَعت بتشخيصهم؛ فالإنفرانيل أوْرَثني الخَفقان الذي لا يَهدأ إلاَّ بأَخْذ الإندرال، وحين أُوقِف الإندرال، يعود الخَفقان المُزعج لأقلِّ حركة.

مستقبلي ضائع بسبب كلِّ هذا، ضائع ماديًّا فلا يُمكنني الزواج.

المهم ذهَبت إلى طبيب نفسي حكومي، فأقْنَعته - بعد جدالٍ - أن اكتئابي ثنائي القطبين، فوصَف لي "الهالدول لارجاكتيل25، ونوزينان25" ثلاث حَبَّات في اليوم، وقد أنْهَكتني أعراضهما الجانبيَّة، فأعطاني الطبيب - بعد جدالٍ - دواءً آخرَ هو "البروزاكوسوليا"، وحين ذهَبت آخِر مرَّة عنده، غَلَبتني دموعي حين سألني عن عملي، فقَمَعني، ولأنه طبيب مُتمرِّس نَسِي أن اكتئابي من النوع ثنائي القطبين الذي يظهر مع أدوية الاكتئاب، فوصَف لي "طونفرانيل" 100 ملغ في اليوم، فخَفَّضت الجرعة إلى 75 في اليوم، وأَضَفت لها "تجراتول" 400 ملغ في اليوم.

سأقوم بعمل تحاليل الدم الأبيض بعد شهر، وأنا الآن أسير على هذا الدواء، وقرَّرت ألاَّ أرجع إلى هذا الطبيب الذي يبدو هو الآخر أنه مريض.




الجواب

الأخ الكريم، السلام عليكم ورحمة الله.

مرحبًا بك في شبكة الألوكة، وأهلاً وسهلاً.

قرأتُ رسالتك، وأسأل الله - عزَّ وجلَّ - لك التوفيق والصحة، والعافية والطمأنينة.



في الواقع هناك خلاف بين العلماء في تصنيف نوبة الهوس الخفيف التي تأتي بعد تناوُل مضاد الاكتئاب: هل يُمكن اعتباره ثنائي قطبٍ من النوع الثاني، أو لا؟

لأنَّ النمط الثاني من الاضطراب القطبي، أو الاكتئاب القطبي، يجب أن يأتي بدون تناول للأدوية.

والسؤال هنا: هل تأتيك مثل هذه النوبات، نوبات الفرح والحماس، والنشاط الكثير، والتحسُّن المُفرط في المزاج؟ هل تأتيك بدون أخْذ مضاد الاكتئاب؟ أو عند استخدامه فقط؟

إذا كان يأتيك بدون علاج، فهذا اضطراب قطبي من النوع الثاني، وإذا كان لا يأتي إلاَّ بالعلاج، فهذا قد يُعتبر من الأعراض الجانبية لمضاد الاكتئاب في معظم الحالات، رغم وجود خلاف في ذلك.

وعلى كلِّ حال، فالعلاج الأساسي هو مضاد الاكتئاب، وإذا لَمَست خلال الفترة الماضية ازديادًا في النشاط عند تناوُل أدوية الاكتئاب، فمن الجيِّد أن تتناول الـ (تيجريتول) الذي تحدَّثت عنه تحت إشراف الطبيب، هذا بالإضافة إلى تناول مضاد الاكتئاب؛ من أجْل الحفاظ على المزاج مستقرًّا بشكل دائمٍ.

أمَّا الأدوية التي ذكَرتها، مثل: الـ(لارجيكتيل)، والـ(هاليدول)، فلا أعتقد أنَّ تناوُلَها كان قرارًا صحيحًا؛ فأنت بحاجة إلى مضاد اكتئاب جيِّد، مع مُثبِّت مزاج إذا لَمَست ارتفاعًا في المزاج في الآونة الأخيرة.

من جهة أخرى، أنا أُقدِّر ملاحظات المرضى على الأطباء، وبالفعل – للأسف - هناك العديد من الأطباء الذين لا يُلقون بالاً لمشاعر المرضى، ولا يُقَدِّرون معاناتهم، لكن أرجو ألاَّ يتركَ موقف هذا الطبيب أثرًا عليك؛ فالسوء راجع على نفسه.



ختامًا:

دَعْني أوضِّح أكثر: أنا لستُ مُتحقِّقًا من أنك بحاجة إلى الـ(تيجريتول)، إلاَّ إذا لاحَظْت في الآونة الأخيرة ارتفاعًا في المزاج مع تناول الـ(توفرانيل)، أو لَمَست ارتفاعًا في المزاج بدون استخدام العلاج، فإذا لَم تَلمس هذا الارتفاع، فليس هناك مبررٌ كافٍ لأَخْذه، كما يَلزم استشارة الطبيب عند تناول الـ(تيجريتول)؛ لوجود أعراض جانبية له يجلُّ الانتباه لها.



أتمنَّى لك العافية والتوفيقَ، وأهلاً وسهلاً بكَ.