الملف المتكامل عن رمضان - موسوعة علمية ميسّرة - كل ما تحتاجه عن رمضان بإذن الله - الصفحة 2 - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         أبو بكر الصديق رضي الله عنه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 2 - عددالزوار : 22 )           »          لماذا يصمت العالم عن المجاعة في غزة؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          أعمال تعدل أجر الصدقات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          البلاء في حقك: نعمةٌ أو نقمة؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          الدنيا دار من لا دار له ولها يجمع من لا عقل له (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          شرح النووي لحديث: كان رجل من المشركين قد أحرق المسلمين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          شرح النووي لحديث: ارم فداك أبي وأمي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          شرح النووي لحديث: ليت رجلا صالحا من أصحابي يحرسني الليلة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          أنسيت بأنك في غزة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          {إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > ملتقى اخبار الشفاء والحدث والموضوعات المميزة > رمضانيات

رمضانيات ملف خاص بشهر رمضان المبارك / كيف نستعد / احكام / مسابقات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #11  
قديم 22-09-2006, 12:51 AM
جمعية حضن الاسلام جمعية حضن الاسلام غير متصل
عضو متميز
 
تاريخ التسجيل: Mar 2006
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 298
الدولة : Egypt
افتراضي

فروض صحة الصوم













1 ـ الإسلام:



قال تعالى: {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ ?لإسْلَـ?مِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِى ?لآخِرَةِ مِنَ ?لْخَـ?سِرِينَ} [آل عمران: 85].

قال الطبري: "ومن يطلب دينًا غير دين الإسلام ليدين به؛ فلن يقبل الله منه {وَهُوَ فِى ?لآخِرَةِ مِنَ ?لْخَـ?سِرِينَ} يقول: من الباخسين أنفسهم حظوظها من رحمة الله عز وجل"([1]).

قال الدسوقي عند ذكره لباب الصيام: "... وشروط صحته الإسلام والزمان القابل للصوم"([2]) .

قال ابن جُزِي: "الباب الأول في: شروط الصيام. وهي: الإسلام والبلوغ والعقل والطهارة، ووجوبه على الخلاف في مخاطبة الكفار بالفروع وهو شرط في صحة فعله بإجماع. وفي وجوب قضائه أيضًا، فإن أسلم في أثناء الشهر صام بقيته وليس عليه قضاء ما مضى منه، وإن أسلم في أثناء يوم كفّ عن الأكل في بقيته وقضاه استحبابًا"([3]) .



--------------------------------------------------------------------------------

([1]) تفسير الطبري (6/570).

([2]) حاشية الدسوقي (1/509).

([3]) القوانين الفقهية لابن جزيّ (ص 113). وانظر الإنصاف (3/ 292 ـ 293)، والبحر الرائق (2/277).








2 ـ النية:


عن حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له)) ([1]) .

قال ابن قدامة: ".. لا يصح صومٌ إلا بنية إجماعًا، فرضًا كان أو تطوّعًا؛ لأنه عبادة محضة، فافتقر إلى النية كالصلاة، ثم إن كان فريضة كصيام رمضان في أدائه أو قضائه، والنذر والكفارة اشترط أن ينويه من الليل عند إمامنا، ومالك والشافعي"([2]) .

وقال النووي: "لا يصحّ الصوم إلا بنية، ومحلها القلب، ولا يشترط النطق بها بلا خلاف"([3]) .

وقال ابن رشد: "أما كون النية شرطًا في صحة الصيام فإنه قول الجمهور"([4]) .

1/ 2 حكم تقديم النية في الصوم:

لم يختلف العلماء في جواز تقديم النية في الصوم كما اختلفوا في الوضوء والصلاة. والسبب في ذلك أمران:

1. النصوص الصريحة الدالة على أن محل النية في الصوم هو الليل.

2. أن اشتراط مقارنة النية لأول الصوم فيه مشقة بالغة، وحرج شديد والله يقول: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكمْ فِى ?لدّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78]. ووجه المشقة والحرج أن أول الصوم يأتى في وقت غفلةٍ من الناس، ولعسر مراقبة أول الصوم وهو الفجر.

قال الكاساني: "فالأفضل في الصيامات كلها أن ينوي وقت طلوع الفجر إن أمكنه ذلك، أو من الليل لأن النية عند طلوع الفجر تقارن أول جزء من العبادة حقيقة ومن الليل تقارنه تقديرًا..." ([5]) .

2/ 2 حكم تأخير النية في الصوم:

النية في صوم رمضان:

اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين:

القول الأول: أن صوم رمضان يتأدّى بنيةٍ من بعد غروب الشمس إلى منتصف النهار، وقالوا بجواز صومه بنية من النهار، وقال به أبو حنيفة وأصحابه.

قال الكاساني: "وإن كان عينًا وهو صوم رمضان وصوم التطوع خارج رمضان والمنذور المعين يجوز"([6])، أي عقد النية بعد طلوع الفجر.

وخالف زُفر من الأحناف في المريض والمسافر إذا صاما رمضان. قال: "لا بد لهما من تبييت النية من الليل لأنه في حقهما كالقضاء لعدم تعينه عليهما"([7]) .

القول الثاني: أنه لا يصح صوم رمضان إلا بنية من الليل. وقال به مالك وأحمد وإسحاق والشافعي وداود وجماهير العلماء من السلف والخلف([8]) .

أدلة الفريق الأول ومناقشتها:

حديث سلمة بن الأكوع رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث رجلاً ينادي في الناس يوم عاشوراء(أن من أكل فليتم أو فليصم، ومن لم يأكل فلا يأكل))([9]).

ولا يتم لهم الاستدلال بالحديث إلا على القول بأن صوم عاشوراء كان واجبًا.

قال النووي: "وأجابوا عن استدلال أبي حنيفة بأن صوم عاشوراء كان تطوعًا متأكداً شديد التأكيد ولم يكن واجبًا. وهذا صحيح مذهب الشافعية"([10]).

واستدلوا على أن صومه لم يكن واجبًا بحديث معاوية بن أبي سفيان قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((هذا يوم عاشوراء ولم يكتب عليكم صيامه وأنا صائم فمن شاء فليصم ومن شاء فليفطر))([11]).

فقوله: ((ولم يكتب عليكم صيامه))، وقوله: ((من شاء فليصم ومن شاء فليفطر)) ظاهر الدلالة على أنه لم يكن واجبًا قط، بل هو نص في ذلك.

والصواب أن صوم عاشوراء كان واجباً، وأن وجوبه نُسخ عندما فرض الله صوم رمضان؛ لقول عائشة رضي الله عنها: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بصيام عاشوراء، فلما فرض رمضان كان من شاء صام ومن شاء أفطر) ([12]) .

قال الحافظ ابن حجر: "ويؤخذ من مجموع الأحاديث أنه كان واجبًا لثبوت الأمر بصيامه، ثم تأكد الأمر بذلك ثم زيادة التأكيد بالنداء العام، ثم زيادته بأمر من أكل بالإمساك، ثم زيادته بأمر الأمهات أن لا يرضعن فيه الأطفال، وبقول ابن مسعود الثابت في صحيح مسلم: (لما فرض رمضان ترك عاشوراء)، مع العلم بأنه ما ترك استحبابه بل هو باقٍ، فدل على أن المتروك وجوبه"([13]) .

وعلى هذا يتبين أن عاشوراء كان واجبًا ثم نسخ([14]) .

ولا يتم للأحناف الاستدلال أيضًا؛ لأن الحديث لا تقوم به حجة؛ لأن المتنازع فيه في صوم الفرض المقدور هل يجوز أن ينويه من النهار بلا عذر؟ أما الذي دل عليه الحديث فهو صحة صوم من لم يعلم وجوب الصوم عليه من الليل، كالذي لم يبلغه أن اليوم أول رمضان إلا بعد أن أصبح، وقد احتج ابن حزم بالحديث على صحة صوم من لم يعلم وجوب الصوم إلا بعد طلوع الفجر([15]).

واحتجوا بالقياس ولهم فيه طريقان:

1 ـ قياس الفرض على النفل، فالنفل صح فيه أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان ينويه من النهار.

وردّ عليهم بأنه قياس لا يصح لأننا عهدنا من الشارع أنه يخفف في النوافل ما لا يخفف في الفرائض.

2 ـ قياس النية المتأخرة على المتقدمة من أول الغروب، والجامع بينهما التيسير ورفع الحرج([16]).

وهذا يلزمهم القول بإجازة الصوم بنية من النهار قبل الزوال وبعده، لا كما يقولون بأن النية بعد الزوال لا تصح، وذلك لأنّ الحرج قد يوجد بعد الزوال. فقد يبلغ الصبي، ويسلم الكافر، ويفيق المجنون، ويصحو المغمى عليه وهم لا يقولون بذلك.

أدلة الفريق الثاني ومناقشتها:

1 ـ حديث حفصة رضي الله عنها قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من لم يبيت الصيام من الليل فلا صيام له)) ([17]) .

وقد رد الأحناف عليهم بأن الحديث ضعيف. والجواب عليهم من وجهين:

أ ـ أن جماعة من الحفاظ حكموا بصحته: كابن خزيمة والحاكم وغيرهما.

ب ـ على التسليم لهم بالضعف فإنه قد روي موقوفًا عن ثلاثة من الصحابة بأسانيد صحيحة؛ إذ جاء عن ابن عمر وأخته حفصة وعائشة بنت أبي بكر رضي الله عنهم([18]) ولا يعرف لهم مخالف من الصحابة.

2 ـ قال القاضي عبد الوهاب: "ولأنه صوم شرعي فأشبه النذور والقضاء، ولأنها عبادة من شرطها النية، فوجب ألا يتأخر عن بعض زمانها... ولأنها نية ابتدأت بعد مضي جزء من النهار أصله بعد الزوال، ولأن كل ما لا يكون الصائم صائمًا إلا بوجوده فلا يصح الصوم بعد مضي جزء من اليوم... ولأن النية أحد ركني الصيام فاختصت بإحدى جنسي الزمان أصله الإمساك"([19]) .

النية في صوم القضاء والكفارة:

لا يجوز تأخير نية صوم الكفارة وقضاء رمضان، ولا يصح صومهما إلا بنية من الليل عند كافة العلماء. قال النووي: "ولا نعلم أحدًا خالف في ذلك"([20]) .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "أما تبييت النية فإن الصوم الواجب الذي وجب الإمساك فيه من أول النهار لا يصح إلا بنية من الليل، سواء في ذلك ما تعين زمانه كأداء رمضان والنذر المعين، وما لم يتعين كالقضاء والكفارة والنذر المطلق"([21]) .

النية في صيام التطوع:

اختلف أهل العلم في اشتراط تبييت النية لصيام التطوع على قولين:

القول الأول: يجوز صوم التطوع بنية من النهار ولا يشترط تبييت النية، وهو مذهب جمهور العلماء من الحنفية والشافعية والحنابلة على خلاف بينهم في آخر وقت لنية التطوع؛ فعند الحنفية آخر وقت نية صوم التطوع الضحوة الكبرى، أي نصف النهار([22])، وعند الشافعية قبل الزوال([23])، وعند الحنابلة يمتدّ وقتها إلى ما بعد الزوال([24]) .

ويشترط عند الجميع لصحة نية النفل في النهار: أن لا يكون فعل ما يفطره قبل النية، فإن فعل فلا يجزئه الصوم حينئذ اتفاقًا.

القول الثاني: يشترط في نية صوم التطوع التبييت كالفرض، وبه قال المالكية([25]) .

أدلة أصحاب القول الأول:

احتج من لم يشترط تبييت النية في صوم التطوع:

1 ـ بحديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم: ((يا عائشة، هل عندكم شيء؟)) قالت: فقلت: يا رسول الله، ما عندنا شيء، قال: ((إني صائم)) ([26]) .

2 ـ أن صيام النفل يخالف الفرض في كونه أخفّ منه، وقد خفف الشارع في ترك القيام واستقبال القبلة في النفل مع القدرة([27]).

أدلة أصحاب القول الثاني:

واحتج من رأى وجوب تبييت النية في صيام النفل:

1 ـ بحديث حفصة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من لم يبيت الصيام من الليل فلا صيام له))([28]).

وأجاب الجمهور عليه بما قاله ابن قدامة: "وحديثهم نخصّه بحديثنا على أن حديثنا أصح من حديثهم"([29]) .

2 ـ أن النية لا تكفي بعد الفجر لأن حقيقتها: القصد، وقصد الماضي محال عقلاً.

حكم تعيين النية لكل يوم من رمضان:

اختلف أهل العلم، هل يشترط للصائم أن ينوي الصيام قبل كل يوم جديد، أم تكفي نية واحدة وتجزئ عن جميع أيام الشهر، على قولين:

القول الأول: تجب نية مستقلة لكل يوم من أيام رمضان، وقال به الحنفية([30]) والشافعية([31]).

وهو رواية عن الإمام أحمد عليها المذهب عند أتباعه([32]).

القول الثاني: تجزئ نية واحدة عن جميع شهر رمضان، وهو قول المالكية([33]) ورواية عند أحمد([34]).



أدلة أصحاب القول الأول:

قال ابن قدامة: "دلنا: أنه صوم واجب فوجب أن ينوي كل يوم من ليله، كالقضاء، ولأن هذه الأيام عبادات لا يفسد بعضها بفساد بعض، ويتخللها ما ينافيها فأشبهت القضاء، وبهذا فارقت اليوم الأول، وعلى قياس رمضان إذا نذر صوم شهر بعينه، فيخرج فيه مثل ما ذكرناه في رمضان" ([35])، وقد اختار هذا القول اللجنة الدائمة للإفتاء([36]).

أدلة أصحاب القول الثاني:

استدل من رأى الاجتزاء بنية واحدة عن جميع الشهر بعدة أمور منها:

- أن صوم الشهر عبادة واحدة.

- ما ثبت في الحديث: ((ولكل امرئ ما نوى))، وهذا نوى صيام الشهر فله ما نوى.

- قياسه على الحج، فالحج طوافه وسعيه والوقوف بعرفة ..، تجزئ فيه نية واحدة عن جميعه.

قال ابن عثيمين: "وهذا هو الأصح، لأن المسلمين جميعاً لو سألتهم لقال كل واحد منهم أنا نويت الصوم أول الشهر إلى آخره، فإذا لم تتحقق النية حقيقة فهي محققة حكماً، لأن الأصل عدم القطع، ولهذا قلنا: إذا انقطع التتابع لسبب يبيحه، ثم عاد إلى الصوم فلا بد من تجديد النية، وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس"([37]).



--------------------------------------------------------------------------------

([1]) رواه أبو داود: كتاب الصوم، باب: النية في الصيام رقم (2454) واللفظ له، والنسائي (4/196) كتاب: الصيام، باب: ذكر اختلاف الناقلين لخبر حفصة. وصححه الألباني كما في: صحيح أبي داود (2/465).

([2]) المغني (4/333).

([3]) روضة الطالبين (2/350).

([4]) بداية المجتهد (1/359).

([5]) بدائع الصنائع (2/85). وانظر حاشية ابن عابدين (2/92).

([6]) بدائع الصنائع (2/85).

([7]) انظر: فتح القدير (2/48) الباب في شرح مختصر القدوري (1/163).

([8]) انظر: المعونة (1/457)، الإنصاف (7/395)، والمجموع (6/300).

([9]) رواه البخاري واللفظ له (2/59) كتاب الصوم باب صيام يوم عاشوراء رقم (2007)، ومسلم (2/798) كتاب الصيام، باب من أكل في عاشوراء رقم (1135).

([10]) المجموع (6/301) بتصرف يسير.

([11]) أخرجه البخاري في الصوم، باب: صيام يوم عاشوراء (2003) ومسلم في الصيام، باب: صوم يوم عاشـوراء (1129).

([12]) رواه البخاري كتاب: الصوم، باب: صيام يوم عاشوراء رقم (2001)، ومسلم كتاب: الصيام باب: صوم يوم عاشوراء رقم (1125).

([13]) فتح الباري (4/247). وانظر: زاد المعاد (2/68 ـ 77).

([14]) انظر: الناسخ والمنسوخ لأبي عبيد القاسم بن سلام (ص 69 ـ 72).

([15]) انظر: النيات في العبادات للأشقر (1/174).

([16]) فتح القدير (2/48). وانظر: النيات في العبادات (1/177 ـ 178).

([17]) رواه النسائي، كتاب: الصيام باب: ذكر اختلاف الناقلين لخبر حفصة (2334)، والدارمي كتاب: الصوم باب: من لم يجمع الصيام من الليل (1698)، ورواه بلفظ ((من لم يجمع...)) الإمام أحمد (6/287)، والترمذي كتاب: الصوم، باب: ما جاء لا صيام لمن لم يعزم من الليل (730)، وأبو داود كتاب: الصوم، باب: النية في الصيام (2454). قال ابن حجر في: فتح الباري (4/142): "واختلف في رفعه ووقفه ورجح الترمذي والنسائي الموقوف بعد أن أطنب النسائي في تخريج طرقه، وحكى الترمذي في: العلل عن البخاري ترجيح وقفه. وعمل بظاهر الإسناد جماعة من الأئمة فصححوا الحديث المذكور: منهم ابن خزيمة وابن حبان والحاكم وابن حزم".

([18]) انظر: المحلى (6/161)، والتلخيص الحبير (2/188).

([19]) المعونة (1/457 ـ 458).

([20]) المجموع (6/337).

([21]) شرح العمدة (1/176- الصيام).

([22]) حاشية ابن عابدين (2/85).

([23]) مغني المحتاج (1/424).

([24]) كشاف القناع (2/317).

([25]) حاشية الدسوقي (1/530).

([26]) رواه مسلم في: الصيام، باب: فضل الصيام في سبيل الله (1154).

([27]) شرح العمدة (1/176- الصيام).

([28]) تقدم تخريجه.

([29]) المغني (4/342).

([30]) حاشية ابن عابدين (2/400).

([31]) المجموع للنووي (6/303).

([32]) شرح منتهى الإرادات للبهوتي (1/478).

([33]) التفريع لابن الجلاب (1/303).

([34]) الكافي لابن قدامة (1/393).

([35]) المغني (4/337).

([36]) فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء (10/246).

([37]) الشرح الممتع (6/369-370).








3 ـ الإمساك عن الأكل والشرب:

قال تعالى: {وَكُلُواْ وَ?شْرَبُواْ حَتَّى? يَتَبَيَّنَ لَكُمُ ?لْخَيْطُ ?لأبْيَضُ مِنَ ?لْخَيْطِ ?لأسْوَدِ مِنَ ?لْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ ?لصّيَامَ} [البقرة:187].

قال البغوي: "فالصائم يحرم عليه الطعام والشراب بطلوع الفجر الصادق ويمتد إلى غروب الشمس فإذا غربت حصل الفطر"([1]).

قال ابن المنذر: "لم يختلف أهل العلم أن الله عز وجل حرم على الصائم في نهار الصوم الرفث وهو الجماع، والأكل والشرب"([2]).

قال الجصاص: "وكذلك النية شرط في صحة الصوم وترك الأكل أيضاً شرطٌ في صحته"([3]).

قال ابن رشد: "وأجمعوا على أنه يجب على الصائم الإمساك زمان الصوم عن المطعوم والمشروب والجماع لقوله تعالى: {فالآن بَـ?شِرُوهُنَّ وَ?بْتَغُواْ مَا كَتَبَ ?للَّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَ?شْرَبُواْ حَتَّى? يَتَبَيَّنَ لَكُمُ ?لْخَيْطُ ?لأبْيَضُ مِنَ ?لْخَيْطِ ?لأسْوَدِ مِنَ ?لْفَجْرِ} [البقرة:187] ([4]).

وقال ابن قدامة: "وأجمع العلماء على الفطر بالأكل والشرب لما يتغذّى به"([5]).



--------------------------------------------------------------------------------

([1]) تفسير البغوي (1/209).

([2]) الإجماع (59).

([3]) أحكام القرآن (4/174).

([4]) بداية المجتهد (1/356).

([5]) المغني (4/350).








4 ـ الإمساك عما هو في حكم الأكل والشرب:

1/4 الامتناع عن الحقن الطبية.

2/4 الامتناع عن تعمد القيء.

3/4 الامتناع عن ابتلاع فضلات الطعام التي بين الأسنان.

4/4 الامتناع عن المبالغة في المضمضة والاستنشاق.

5/4 الامتناع عن تعمد ابتلاع البلغم بعد وصوله إلى الفم.

قال أبو إسحاق الشيرازي: "ولا فرق بين أن يأكل ما يؤكل أو ما لا يؤكل، فإن استفَّ تراباً أو ابتلع حصاة أو درهما أو ديناراً بطل صومه، لأن الصوم هو الإمساك عن كل ما يصل إلى الجوف وهذا ما أمسك، ولهذا يقال: فلان يأكل الطين، ويأكل الحجر، ولأنه إذا بطل الصوم بما يصل إلى الجوف مما ليس يؤكل كالسُعوط والحقنة وجب أيضاً أن يبطل بما ليس بمأكول.

وإن قلع ما بقي بين أسنانه بلسانه وابتلعه بطل صومه، وإن جمع ريقه في فيه ريقاً كثيراً فابتلعه ففيه وجهان.

أحدهما: أنه يبطل صومه، لأنه ابتلع ما يمكنه الاحتراز منه مما لا حاجة به إليه فأشبه إذا قلع ما بين أسنانه وابتلعه، والثاني لا يبطل، لأنه وصل إلى جوفه من معدنه فأشبه ما يبتلعه من ريقه على عادته.

فإن أخرج البلغم من صدره، ثم ابتلعه، أو جذبه من رأسه ثم ابتلعه، بطل صومه.

وإن استقاء بطل صومه، لما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من استقاء فعليه القضاء، ومن ذرعه القيء فلا قضاء عليه)) ([1])، ولأن القيء إذا صعد ثم تردد فرجع بعضه إلى الجوف فيصير كطعام ابتلعه"([2]).



--------------------------------------------------------------------------------

([1]) رواه الترمذي كتاب: الصوم، باب: من استقاء عمداً، وقال: حديث حسن رقم (720)، وأبو داود كتاب: الصيام، باب: الصائم يتقيأ عمداً رقم (2380)، وابن ماجه كتاب: الصيام، باب: ما جاء في الصائم بقيء رقم (1676). وصححه الألباني كما في صحيح أبي داود (2/452).

([2]) المهذّب في فقه الشافعي (2/605-606). وانظر المجموع (6/312)، وبداية المجتهد (1/326).







5 ـ الإمساك عن شهوة الفرج :

وهو على خمسة أنواع:

1/5 الإمساك عن الجماع:

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: بينما نحن جلوس عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل فقال: يا رسول الله أهلكت، قال: ((ما لك؟)) قال: وقعت على امرأتي وأنا صائم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((هل تجد رقبة تعتقها؟)) قال: لا، قال: ((فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟)) قال: لا، قال: ((فهل تجد إطعام ستين مسكيناً؟)) قال: لا، قال: فمكث النبي صلى الله عليه وسلم، فبينا نحن على ذلك أتى النبي صلى الله عليه وسلم بعـرق فيها تمـر ـ والعرق: المكتل ـ قال: ((أين السائل؟)) فقال: أنا، قال: ((خذ هذا فتصدق به))، فقال الرجل: على أفقر مني يا رسول الله ؟ فوالله، ما بين لابتيها – يريد الحرتين – أهل بيت أفقر من أهل بيتي، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه، ثم قال: ((أطعمه أهلك)) ([1]).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في بيان ما يفطر الصائم وما لا يفطره: "وهذا نوعان: منه ما يفطر بالنص والإجماع وهو الأكل والشرب والجماع"([2]).

وقال العلامة ابن القيم: "والقرآن دال على أن الجماع مفطر كالأكل والشرب، لا يُعرف فيه خلاف"([3]).

2/5 الإمساك عن الاستمناء:

قال أبو إسحاق الشيرازي: "وإن استمنى فأنزل بطل صومه؛ لأنه أنزل عن مباشرة، فهو كالإنزال عن القبلة، ولأن الاستمناء كالمباشرة فيما دون الفرج من الأجنبية في الإثم والتعزير، فكذلك في الإفطار"([4]).

وقال ابن تيمية: "وإن استمنى بيده فعليه القضاء دون الكفارة"([5]).

3/5 الإمساك عن الإيلاج وتغييب الحشفة:

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "إن الكفارة تجب بالجماع في الفرج، سواء كان قبلاً أو دبراً، من ذكرٍ أو أنثى وسواء أنزل الماء أو لم ينزل ؛ رواية واحدة.

وكذلك إذا ولج في فرج بهيمة في المشهور عند أصحابنا"([6]).

وقال أبو إسحاق الشيرازي: "ووطء المرأة في الدبر واللواط كالوطء في الفرج في جميع ما ذكرناه من إفساد الصوم ووجوب الكفارة والقضاء؛ لأن الجميع وطء، ولأن الجميع في إيجاب الحد واحد، فكذلك في إفساد الصوم وإيجاب الكفارة.

وأما إتيان البيهمة ففيه وجهان من أصحابنا من قال: يبنى ذلك على وجوب الحد، فإن قلنا: يجب فيه الحد أفسد الصوم، وأوجب الكفارة كالجماع في الفرج، وإن قلنا: يجب فيه التعزير لم يفسد الصوم ولم تجب به الكفارة، لأنه كالوطء فيما دون الفرج في التعزير، فكان مثله في إفساد الصوم وإيجاب الكفارة.

ومن أصحابنا من قال: يفسد الصوم ويوجب الكفارة قولاً واحداً، لأنه وطء يوجب الغسل فجاز أن يتعلق به إفساد الصوم وإيجاب الكفارة كوطء المرأة"([7]).

4/5 الإمساك عن الإنزال بشهوة بسبب القبلة أو الضم:

قال ابن قدامة: "إذا قبل فأمنى أو أمذى، ولا يخلو المقبّل من ثلاثة أحوال:

أحدها أن لا يُنزل، فلا يفسد صومه بذلك، لا نعلم فيه خلافاً لما روت عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبّل وهو صائم وكان أملككم لإربه" رواه البخاري ومسلم ([8])، ورُوي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: هششت فقبلت وأنا صائم، فقلت: يا رسول الله، صنعت اليوم أمراً عظيماً، قبلت وأنا صائم، فقال: ((أرأيت لو تمضمضت من إناء وأنت صائم؟)) قلت: لا بأس به، قال: ((فمه؟))([9])، شبّه القبلة بالمضمضة من حيث إنها من مقدمات الشهوة، وإن المضمضة إذا لم يكن معها نزول الماء لم يفطر، وإن كان معها نزوله أفطر.

الحال الثاني: أن يمني فيفطر بغير خلاف نعلمه، لما ذكرناه من إيماء الخبرين، ولأنه إنزال بمباشرة، فأشبه الإنزال بالجماع دون الفرج.

الحال الثالث: أن يمذي فيفطر عند إمامنا ومالك، وقال أبو حنيفة، والشافعي: لا يفطر، ورُوي ذلك عن الحسن والشعبي، والأوزاعي، لأنه خارجٌ لا يوجب الغسل، أشبه البول.

ولنا أنه خارج تخلله الشهوة، خرج بالمباشرة، فأفسد الصوم كالمنيّ، وفارق البول بهذا.

واللمس لشهوة كالقبلة في هذا.

إذا ثبت هذا فإن المقبّل إن كان ذا شهوة مفرطة بحيث يغلب على ظنه أنه إذا قبّل أنزل لم تحلّ له القبلة؛ لأنها مفسدة لصومه، فحرمت كالأكل.

وإن كان ذا شهوةٍ لكنه لا يغلب على ظنه ذلك، كُره له التقبيل؛ لأنه يعرض صومه للفطر، ولا يأمن الفساد، ولأن العبادة إذا منعت الوطء منعت القبلة، كالإحرام، ولا تحرم القبلة في هذه الحال"([10]).

وقال الشوكاني: "إن وقع من الصائم سببٌ من الأسباب التي وقع الإمناء منها بطل صومه"([11]).

هذا وقد تقدم الكلام على هذه المفطرات وغيرها في مبحث مفطرات الصيام بالتفصيل.



--------------------------------------------------------------------------------

([1]) رواه البخاري كتاب: الصوم، باب: إذا جامع في رمضان ولم يكن له شيء فتصدق رقم (1936) واللفظ له، ومسلم كتاب: الصيام، باب: تغليظ الجماع في نهار رمضان رقم (2554).

([2]) مجموع الفتاوى (25/219).

([3]) زاد المعاد (2/60).

([4]) المهذب (2/607).

([5]) شرح العمدة (1/303- الصيام). وانظر: الإنصاف للمرداوي (30/301).

([6]) شرح العمدة (1/300- الصيام).

([7]) المهذب (2/615-616).

([8]) رواه البخاري كتاب: الصوم، باب: المباشرة للصائم رقم (1927)، ومسلم كتاب: الصيام باب: بيان أن القبلة في الصوم ليست محرمة رقم (1106).

([9]) رواه أبو داود كتاب: الصيام، باب: القبلة للصائم رقم (2385)، والدارمي (2/21) باب: الروضة في القبلة للصائم، وابن خزيمة (3/345)، والحاكم في المستدرك (1/596) وقال: "صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي.

([10]) المغني (4/361-362) باختصار.

([11]) السيل الجرار (2/121). وانظر: شرح الزركشي على مختصر الخرقي (2/580).










6 ـ طهارة المرأة من الحيض والنفاس:

عن معاذة قالت: سألت عائشة فقلت: ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة ؟ فقالت: (أحرورية أنت؟!) قلت: لست بحرورية، ولكني أسأل، قالت: (كان يصيبنا ذلك فنؤمر بقضاء الصوم، ولا نؤمر بقضاء الصلاة) ([1]).

وعن أبي سعيد الخدري قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في أضحى أو في فطر إلى المصلى، فمر على النساء فقال: ((يا معشر النساء تصدقن، فإني رأيتكن أكثر أهل النار))، فقلن: وبم يا رسول الله؟ قال: ((تكثرن اللعن، وتكفرن العشير، ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن))، قلن: وما نقصان ديننا وعقلنا يا رسول الله؟ قال: ((أليس شهادة المرأة مثلُ نصف شهادة الرجل؟)) قلن: بلى، قال: ((فذلك من نقصان عقلها، أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم؟)) قلن: بلى، قال: ((فذلك من نقصان دينها))([2]).

قال الإمام أبو بكر بن المنذر - تعليقاً على الحديث -: "فأخبر أن لا صلاة عليها، ولا يجوز لها الصوم في حال الحيض، ثم أجمع أهل العلم على أن عليها الصوم بعد الطهر، ونفى الجميع عنها وجوب الصلاة، فثبت قضاء الصوم عليها بإجماعهم، وسقط عنها فرض الصلاة لاتفاقهم"([3]).

وقال ابن جزي: "وأما الطهر من دم الحيض والنفاس فشرط في صحته وفي جواز فعله"([4]).

وقال ابن الملقن - عند ذكره لشروط صحة الصوم -: "الإسلام والعقل، والنقاء عن الحيض والنفاس كل يوم"([5]).



--------------------------------------------------------------------------------

([1])رواه البخاري كتاب: الحيض، باب: لا تقضي الحائض الصلاة رقم (321)، ومسلم كتاب: الحيض، باب: وجوب قضاء الصوم على الحائض دون الصلاة (335) واللفظ له.

([2]) رواه البخاري كتاب: الحيض، باب: ترك الحائض الصوم برقم (304) واللفظ له، ومسلم كتاب: الإيمان، باب: بيان نقصان الإيمان بنقص الطاعات رقم (79).

([3]) الأوسط لابن المنذر (2/203).

([4]) القوانين الفقهية لابن جزي (ص114).

([5]) التذكرة في الفقه الشافعي (ص76).









7 ـ الزمن القابل للصوم:

إذ لا يجوز صوم رمضان إلا في شهر رمضان.

قال الإمام الدسوقي رحمه الله - عند ذكره لباب الصيام -: "... وشروط صحته الإسلام والزمان القابل للصوم"([1]).

وعدد القرافي شروط الصوم فقال: "الشرط السادس: الزمن القابل للصوم"([2]).

ولا يعلم فيه خلاف بين أهل العلم.

* * *











--------------------------------------------------------------------------------

([1]) حاشية الدسوقي (1/509).

([2]) الذخيرة للقرافي (2/497). وانظر: المفصل في أحكام المرأة للدكتور عبد الكريم زيدان (2/47).
__________________
لرعاية الاسلام والمسلمين
ونشر الخير لكل الناس
رد مع اقتباس
  #12  
قديم 22-09-2006, 12:56 AM
جمعية حضن الاسلام جمعية حضن الاسلام غير متصل
عضو متميز
 
تاريخ التسجيل: Mar 2006
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 298
الدولة : Egypt
افتراضي

مفسدات الصوم


أولاً: المفطرات المجمع عليها:
1. الأكل.
2. الشرب.
3. الجماع.
قال ابن المنذر: "لم يختلف أهل العلم أن الله عز وجل حرَّم على الصائم في نهار الصوم الرفث وهو الجماع والأكل والشرب" ([1]).
وقال ابن قدامة: "يفطر بالأكل والشرب بالإجماع، وبدلالة الكتاب والسنة، أما الكتاب فقول الله تعالى: {وَكُلُواْ وَ?شْرَبُواْ حَتَّى? يَتَبَيَّنَ لَكُمُ ?لْخَيْطُ الأبْيَضُ مِنَ ?لْخَيْطِ ?لأسْوَدِ مِنَ ?لْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ ?لصّيَامَ إِلَى ?لَّيْلِ} [البقرة:187]، مدّ الأكل والشرب إلى تبين الفجر ثم أمر بالصيام عنهما، وأما السنة فقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((والذي نفسي بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي))([2])، وأجمع العلماء على الفطر بالأكل والشرب لما يتغذى به"([3]).
وقال أيضاً: "لا نعلم بين أهل العلم خلافاً في أنّ من جامع في الفرج فأنزل، أو لم ينزل، أو دون الفرج فأنزل، أنه يفسد صومه"([4]).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "ما يفطر بالنصٍّ والإجماع وهو: الأكل والشرب والجماع، قال تعالى: {فَ?لآنَ بَـ?شِرُوهُنَّ وَ?بْتَغُواْ مَا كَتَبَ ?للَّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَ?شْرَبُواْ حَتَّى? يَتَبَيَّنَ لَكُمُ ?لْخَيْطُ الأبيَضُ مِنَ ?لْخَيْطِ ?لأسْوَدِ مِنَ ?لْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ ?لصّيَامَ إِلَى ?لَّيْلِ} [البقرة:187]، فأذن في المباشرةِ، فعقل من ذلك أنّ المراد الصيام من المباشرة والأكل والشرب، ولما قال أولاً: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ ?لصّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ?لَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ} [البقرة:183]، كان معقولاً عندهم أن الصيام هو الإمساك عن الأكل والشرب والجماع"([5]).
4. الحيض.
5. النفاس.
قال ابن قدامة: "أجمع أهل العلم على أن الحائض والنفساء لا يحل لهما الصوم، وأنهما يفطران رمضان ويقضيان، وأنهما إذا صامتا لم يجزئهما الصوم"([6]).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وكذلك ثبت بالسنة واتفاق المسلمين أنّ دم الحيض ينافي الصوم، فلا تصوم الحائض، لكن تقضي الصوم"([7]).
وقال: "وخروج دم الحيض والنفاس يفطر باتفاق العلماء"([8]).
6. الردة:
قال ابن قدامة: "لا نعلم بين أهل العلم خلافاً في أنّ من ارتد عن الإسلام في أثناء الصوم أنه يفسد صومه، وعليه قضاء ذلك إذا عاد إلى الإسلام، سواءٌ أسلم في أثناء اليوم أو بعد انقضائه، وسواء كانت ردته باعتقاده ما يكفر به، أو بشكه فيما يكفر بالشك فيه، أو بالنطق بكلمة الكفر مستهزءاً، أو غير مستهزئ، قال الله تعالى: {وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِ?للَّهِ وَءايَـ?تِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِءونَ M لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَـ?نِكُمْ} [التوبة:65، 66]، وذلك أنّ الصوم عبادة من شرطها النية، فأبطلتها الردة كالصلاة والحج، ولأنّه عبادة محضة فنافاها الكفر كالصلاة"([9]).
7. الاستقاء عمداً:
قال ابن المنذر: "وأجمعوا على إبطال صوم من استقاء عامداً"([10])، وهذا هو مذهب الأئمة الأربعة كما هو مقرر في كتبهم إلا أنهم اختلفوا في بعض التفاصيل.
فعند الحنفية أنّه إذا استقاء فسد صومه وعليه القضاء، وعند أبي يوسف إذا كان أقل من ملء الفم لا يفسد لعدم الخروج حكماً([11]).
وعند أحمد ثلاث روايات:
الأول: يفطر قليله وكثيره على السواء.
الثانية: لا يفطر إلاّ بملء الفم.
الثالثة: لا يفطر إلاّ إذا كان نصف الفم.
والأُولى هي الأَولى([12])؛ لإطلاق الحديث فيها، وهو حديث أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من ذرعه قيء وهو صائم، فليس عليه قضاء، وإن استقاء فليقضِ))([13]).
ولأن سائر المفطرات لا فرق بين قليلها وكثيرها([14]).
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) الإجماع (ص59).
([2]) أخرجه البخاري في: الصوم، باب: فضل الصوم رقم (1894) واللفظ له، ومسلم في الصيام ، باب: فضل الصوم رقم (1151).
([3]) المغني (4/349-350).
([4]) المغني (4/372).
([5]) مجموع الفتاوى (25/220).
([6]) المغني (4/397).
([7]) مجموع الفتاوى (25/220).
([8]) مجموع الفتاوى (25/267).
([9]) المغني (4/369-370).
([10]) الإجماع (ص59).
([11]) انظر: الهداية مع فتح القدير (2/260)، والمدونة (1/179)، والأم (2/130)، والمغني (4/368).
([12]) المغني (4/3690).
([13]) أخرجه أبو داود: الصيام، باب الصائم يستقئ عامداً برقم (2380)، والترمذي: الصيام، باب ما جاء فيمن استقاء عمداً برقم (720)، وابن ماجه: الصيام، باب ما جاء في الصائم يقيء برقم (1676)، وأحمد في المسند (2/498) برقم (10468)، والدراقطني في السنن: الصيام، باب القبلة للصائم (2/184)، والحاكم في المستدرك، ك الصوم، وقال الدارقطني: "رواته ثقات كلهم"، وقال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين". وصححه الألباني في الصحيحة (923) والإرواء (923).
([14]) المغني (4/369).
ثانياً: المفطرات المختلف فيها:
1- أكل ما لا يؤكل في العادة كالدرهم والتراب والحصى والحديد والحنوط ونحو ذلك:
اختلف العلماء في ذلك على أقوال:
القول الأول: أنه يفطر بذلك. وهو قول الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة([1]).
القول الثاني: أنه لا يفطر بذلك؛ لأنه ليس طعاماً ولا شراباً.
وهذا القول حكي عن أبي طلحة الأنصاري رضي الله عنه، وعن الحسن بن صالح([2]).
والراجح: هو القول الأول، من وجهين:
الوجه الأول: لأنّ تحريم الأكل والشرب على الصائم على العموم يدخل فيه محل النزاع.
الوجه الثاني: لأنّ الصوم هو الإمساك عن كل ما يصل إلى الجوف، وهذا لم يمسك، ولهذا يقال: فلان يأكل الطين، ويأكل الحجر([3]).
2- إيصال شيء إلى الجوف من أي منفذٍ كان، ويدخل تحته أشياء:
‌أ- السعوط([4]):
اختلف العلماء في ذلك على قولين:
القول الأول: أنه يفطر بذلك إن وصل إلى الدماغ. وبه قال الحنفية، والشافعية، والحنابلة([5]).
القول الثاني: أنه لا يفطر به إلا إذا وصل إلى الحلق. وبه قالت المالكية([6]).
‌ب- التقطير في الأذن:
والقول فيه كالقول في السعوط([7]).
‌ج- الاكتحال في العين:
اختلف العلماء فيه إلى قولين:
القول الأول: أنه لا يفطر به سواء وجد طعمه في حلقه أم لا. وبه قالت الحنفية والشافعية([8]).
القول الثاني: أنه يفطر به إذا علم وصوله إلى حلقه، أو وجد طعمه فيه. وبه قالت المالكية والحنابلة([9]).
د- الحقنة في الدبر:
اختلف العلماء فيها إلى قولين:
القول الأول: أن الحقنة في الدبر تفطر مطلقاً أو قُبُل المرأة خاصة لأنه إيصال شيء إلى الجوف فيفطر به. وبه قالت الحنفية والشافعية والحنابلة([10]).
القول الثاني: أنّه لا يفطر إلاّ بالحقنة المائعة، أمّا الجامدة؛فلا يفطر بها.وبه قالت المالكية([11]).
هـ - التقطير في الإحليل:
اختلف العلماء فيه إلى قولين:
القول الأول: أنه لا يفطر؛ لأنه لا يوجد منفذين باطن الذكر والجوف. وبه قالت الحنفية والمالكية والحنابلة([12]).
القول الثاني: أنه يفطر؛ لأنه منفذ يتعلق الفطر بالخارج منه فتحلق بالواصل إليه كالفم. وبه قالت الشافعية([13]).
و- مداواة المأمومة والجائفة([14]):
اختلف العلماء فيه على قولين:
القول الأول: أنّه يفطر بمداواة المأمومة إن وصل الدواء إلى دماغه، ومداواة الجائفة إن وصل الدواء إلى جوفه. وبه قالت الحنفية والشافعية والحنابلة([15]).
القول الثاني: أنّه لا يفطر به؛ لأنه لا يصل إلى محل الطعام والشراب ولو وصل إليه لمات في ساعته([16]).
الراجح في هذه المسائل:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "والأظهر أنه لا يفطر بشيء من ذلك، فإن الصيام من دين المسلمين الذي يحتاج إلى معرفته الخاص والعام، فلو كانت هذه الأمور مما حرمها الله ورسوله في الصيام، ويفسد الصوم بها، لكان هذا مما يجب على الرسول بيانه، ولو ذكر ذلك لعلمه الصحابة، وبلَّغوه الأمة كما بلَّغوا سائر شرعه، فلما لم ينقل أحد من أهل العلم عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك لا حديثاً صحيحاً ولا ضعيفاً ولا مسنداً ولا مرسلاً وعلم أنه لم يذكر شيئاً من ذلك".
وقال أيضاً: "وإذا كان عمدتهم هذه الأقيسة ونحوها، لم يجز إفساد الصوم بمثل هذه الأقيسة لوجوه:
أحدها: أنّ القياس وإن كان حجة إذا اعتبرت شروط صحته، فقد قلنا في الأصول: إن الأحكام الشرعية كلها بينتها النصوص أيضاً، وإن دل القياس الصحيح على مثل ما دل عليه النص دلالة خفية فإذا علمنا أن الرسول لم يحرم الشيء ولم يوجبه، علمنا أنه ليس بحرام ولا واجب، وأن القياس المثبت لوجوبه وتحريمه فاسد، ونحن نعلم أنه ليس في الكتاب والسنة ما يدل على الإفطار بهذه الأشياء التي ذكرها بعض أهل الفقه، فعلمنا أنها ليست مفطرة.
الثاني: أنّ الأحكام التي تحتاج الأمة إلى معرفتها لا بد أن يبينها الرسول صلى الله عليه وسلم بياناً عاماً، ولا بد أن تنقلها الأمة، فإذا انتفى هذا، عُلِمَ أنّ هذا ليس من دينه... – إلى أن قال: – وإذا كانت الأحكام التي تعم بها البلوى لا بد أن يبينها الرسول صلى الله عليه وسلم بياناً عاماً، ولا بد أن تنقل الأمة ذلك، فمعلوم أن الكحل ونحوه مما تعم به البلوى كما تعم بالدهن والاغتسال والبخور والطيب، فلو كان هذا مما يفطر بينه النبي صلى الله عليه وسلم كما بيَّن الإفطار بغيره، فلما لم يبيِّن ذلك، عُلِمَ أنه من جنس الطيب والبخور والدهن، والبخور قد يتصاعد إلى الأنف ويدخل في الدماغ وينعقد أجساماً، والدهن يشربه البدن ويدخل إلى داخله، ويتقوى به الإنسان، وكذلك يتقوى بالطيب قوة جيّدة، فلما لم ينه الصائم عن ذلك دل على جواز تطييبه وتبخيره وادّهانه، وكذلك اكتحاله، وقد كان المسلمون في عهده صلى الله عليه وسلم يجرح أحدهم إمّا في الجهاد وإمّا في غيره مأمومة أو جائفة، فلو كان هذا يفطر لبيَّن لهم ذلك، فلما لم ينه الصائم عن ذلك علم أنه لم يجعله مفطراً.
الوجه الثالث: إثبات التفطير بالقياس يحتاج إلى أن يكون القياس صحيحاً، وذلك إما قياس علة بإثبات الجامع، وإما بإلغاء الفارق، فإما أن يدل دليل على العلة في الأصل فيجرى بها إلى الفرع، وإما أن يعلم أن لا فارق بينهما من الأوصاف المعتبرة في الشرع، وهذا القياس هنا منتف، وذلك أنّه ليس في الأدلة ما يقتضي أنّ المفطر الذي جعله الله ورسوله مفطراً، هو ما كان واصلاً إلى دماغ أو بدن، أو ما كان داخلاً من منفذِ، أو واصلاً إلى الجوف ونحو ذلك من المعاني التي يجعلها أصحاب هذه الأقاويل هي مناط الحكم عند الله ورسوله... – إلى أن قال: – وإذا لم يكن على تعليق الله ورسوله للحكم بهذا الوصف دليلٌ، كان قول القائل: "إنّ الله ورسوله إنما جعلا هذا مفطراً لهذا" قولاً بلا علم، وكان قوله: "إن الله حرم على الصائم أن يفعل هذا" قولاً بأن هذا حلال وهذا حرام بلا علم، وذلك يتضمن القول على الله بما لا يعلم وهذا لا يجوز"([17]).
3- قضاء الوطر بغير الجماع:
ويدخل تحته أشياء:
أ‌- القبلة والمباشرة فيما دون الفرج ولها أحوال:
إذا قَبَّل فلم ينزل:
قال ابن قدامة: "فلا يفسد صومه بذلك، لا نعلم فيه خلافاً لما روت عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل وهو صائم، وكان أملككم لإربه. رواه البخاري ومسلم([18]). وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: هششت فقبلت، وأنا صائم، فقلت: يا رسول الله، صنعت اليوم أمراً عظيماً قبلت وأنا صائم، فقال: ((أرأيت لو تمضمضت من إناء وأنت صائم؟!)) قلت: لا بأس به، قال: ((فمه؟)) رواه أبو داود ([19])، شبه القبلة بالمضمضة من حيث إنها من مقدمات الشهوة، وإنّ المضمضة إذا لم يكن معها نزول الماء لم يفطر، وإن كان معها نزول أفطر"([20]).
إذا قبَّل فأنزل:
فإنّه يفطر، قال ابن قدامة: "بغير خلاف نعلمه لما ذكرناه من إيماء الخبرين، ولأنه إنزال بمباشرة، فأشبه الإنزال بالجماع دون الفرج"([21]).
إذا قبَّل فأمذى:
اختلف العلماء فيه على قولين:
القول الأول: لا يفطر لأنه خارج لا يوجب الغسل فأشبه البول. وبه قالت الحنفية والشافعية([22]).
القول الثاني: يفطر لأنه خارج تخلله شهوة خرج بالمباشرة فأفسد الصوم كالمني، وبهذا فارق البول. وبه قالت المالكية والحنابلة([23]).
ب- إذا نظر إلى ما يشتهى فأنزل:
اختلف العلماء فيه إلى قولين:
القول الأول: إذا أنزل بالنظر فإنه لا يفطر ولو كرر النظر لأنه لم يوجد الجماع صورة لعدم وجود المباشرة. وبه قالت الحنفية والشافعية([24]).
القول الثاني: إنه يفطر بذلك لأنه إنزال بفعل يتلذذ به ويمكن التحرز منه فأفسد الصوم. وبه قالت المالكية والحنابلة([25]).
أما إذا لم ينزل، فقال ابن قدامة: "فلا يفسد الصوم بغير اختلاف"([26]).
ج- التفكــر:
اختلف العلماء فيه على قولين:
القول الأول: أنّه إذا فكّر فأنزل فلا يفسد صومه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((عفي لأمتي من الخطأ والنسيان وما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم))([27]).
ولأنه لا نص في الفطر به، ولا إجماع، ولا يقاس على المباشرة، وتكرار النظر؛ لأنه دونهما في استدعاء الشهوة وإفضائه إلى الإنزال. ويخالفهما في التحريم إذا تعلّق بأجنبية، أو الكراهة إن كان في زوجة، فيبقى على الأصل. وبه قالت الحنفية والشافعية والحنابلة([28]).
القول الثاني: إذا أنزل بإدامة الفكر فيفسد صيامه، فإن كان من عادته الإنزال به، فعليه القضاء والكفارة، وإذا لم يكن من عادته الإنزال به، فعليه القضاء، واختلفوا في الكفارة. وإن لم يدم النظر والفكر فعليه القضاء فقط دون الكفارة. وبه قالت المالكية([29]).
د- الاستمناء:
اختلف العلماء فيه إلى قولين:
القول الأول: يفطر بالاستمناء باليد أو غيرها وهو قول الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة([30]).
القول الثاني: أنه لا يفطر بالاستمناء لعدم ورود النص بأنه ينقض الصوم، وبه قال ابن حزم الظاهري([31]).
والصحيح: ما ذهب إليه الجمهور؛ لأن الاستمناء في معنى القبلة في إثارة الشهوة([32]).
4- الحجامة:
اختلف العلماء فيها على قولين:
القول الأول: أن الحجامة لا تفطر. وهو قول الحنفية والمالكية والشافعية وابن حزم الظاهري([33]).
القول الثاني: أن الحجامة تفطر الحاجم والمحجوم على السواء. وهو قول الحنابلة.
قال ابن قدامة: "وبه قال إسحاق وابن المنذر ومحمد بن إسحاق ابن خزيمة، وهو قول عطاء وعبد الرحمن بن مهدي"([34]).
أدلة الجمهور:
استدل الجمهور على عدم الإفطار بالحجامة بما يأتي:
- حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: احتجم النبي صلى الله عليه وسلم وهو صائم، وفي رواية أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو محرم واحتجم وهو صائم([35]).
- عن ثابت البناني قال: سئل أنس بن مالك رضي الله عنه: أكنتم تكرهون الحجامة للصائم؟ قال: (لا، إلا من أجل الضعف)([36]).
- حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ثلاث لا يفطرن الصائم الحجامة والقيء والاحتلام))([37]).
أدلة القائلين بالفطر بها:
- قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((أفطر الحاجم والمحجوم))([38]).
- وأجابوا على حديث ابن عباس بأن الصواب فهي بدون ذكر (صائم)، فقد طعن في هذه الزيادة عدد من الحفاظ، ولذا لم يذكرها مسلم في صحيحه([39]).
- وقالوا: حديث ((أفطر الحاجم والمحجوم)) ناسخ لحديثي ابن عباس وأنس لأنه كان عام الفتح كما في حديث شداد بن أوس أنه مر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم زمن الفتح على رجل يحتجم بالبقيع لثمان عشرة خلت من رمضان، وهو آخذ بيدي فقال: ((أفطر الحاجم والمحجوم))([40]).
- أن الإفطار بالحجامة يوافق القياس الصحيح، وهو من جنس الفطر بدم الحيض والاستقاءة والاستمناء، وذلك لأنه كما نهي الصائم عن أخذ ما يقويه ويغذيه من الطعام والشراب، فينهى عن إخراج ما يضعفه ويخرج مادته التي بها يتغذى، وإلا فإذا مُكِّن من هذا ضرَّه، وكان متعدياً في عبادته لا عادلاً([41]).
الترجيح:
الذي يظهر والله أعلم، أنّ الحجامة تفسد الصيام، فينهى الصائم عنها.
ويدخل تحت الحجامة الفصاد:
قال شيخ الإسلام: "وذلك لأن المعنى الموجود في الحجامة موجود في الفصاد شرعاً وطبعاً، وحيث حض النبي صلى الله عليه وسلم على الحجامة، وأمر بها، فهو حض على ما في معناها من الفصاد وغيره، لكن الأرض الحارة تجتذب الحرارة فيها دم البدن فيصعد إلى سطح الجلد فيخرج بالحجامة، والأرض الباردة يغور الدم فيها إلى العروق هرباً من البرد، فإن شبه الشيء منجذب إليه، كما تسخن الأجواف في الشتاء وتبرد في الصيف، فأهل البلاد الباردة لهم الفصاد وقطع العروق، كما للبلاد الحارة الحجامة لا فرق بينهما في شرع ولا عقل"([42]).
ويدخل في ذلك أيضاً: جميع الوسائل المستخدمة في إخراج الدم كعمليات سحب الدم.
قال شيخ الإسلام: "وقد بينا أن الفطر بالحجامة على وفق الأصول والقياس، وأنه من جنس الفطر بدم الحيض والاستقاء وبالاستمناء، وإذا كان كذلك فبأيّ وجه أراد إخراج الدم أفطر"([43]).
5- النخامة :
ابتلاع النخامة له أحوال:
1. إن لم تحصل في حد الظاهر من الفم لم تضر بالاتفاق([44]).
2. إن حصلت في الفم بأنصبابها من الدماغ في الثقبة النافذة منه إلى أقصى الفم فوق الحلقوم، ولم يقدر على صفها ومجها حتى نزلت إلى الجوف، لم تضر.
3. إن ردها إلى فضاء الفم أو ارتدت إليه ثم ابتلعها أفطر.
وهذا عند الشافعية، ورواية عند الحنابلة، وقول المالكية([45]).
وأما المعتمد عند المالكية، ورواية ثانية للحنابلة، عدم الفطر بالنخامة لأجل المشقة، ولأنه معتاد في الفم غير واصل من خارج، فأشبه الريق([46]).
6- بلع ما بين الأسنان من الطعام:
وله حالتان:
الأولى: إن كان يسيراً لا يمكن الاحتراز منه فإن ابتلاعه لا يضر الصائم تشبيهاً له بالريق بالإجماع.
قال ابن المنذر: "وأجمعوا عن أن لا شيء على الصائم فيما يزدرده مما يجري مع الريق مما بين الأسنان، فيما لا يقدر على الامتناع منه"([47]).
الثانية: إذا أمكن الاحتراز منه فابتلعه، اختلف العلماء فيه على قولين:
القول الأول: أنه يفطر به، ولو كان يسيراً. وهو قول المالكية والشافعية، والحنابلة ؛ لأنه بلع طعاماً يمكنه لفظه باختياره ذاكراً لصومه فأفطر به، كما لو ابتدأ الأكل، ويخالف ما يجري به الريق، فإنه لا يمكن لفظه([48]).
القول الثاني: أنه لا يفطر إن كان يسيراً ويفطر إن كان كثيراً، وجعلو اليسير مقدار الحمّصة فما دونها، وعللوا عدم الفطر به أنه يشبه الريق فلا يمكن التحرز منه فيكون تابعاً للأسنان بخلاف الكثير. لأنه لا يبقى فيما بين الأسنان([49]). وهو قول الحنفية.
والظاهر هو ترجيح مذهب الجمهور ؛ للعلة التي ذكروها، والله أعلم.
7- مضغ العلك:
قال ابن قدامة العلك ضربان:
أحدهما: ما يتحلل منه أجزاء، وهو الردئ الذي إذا مضغه يتحلل، فلا يجوز مضغه إلاَّ أن لا يبلع ريقه، فإن فعل فنزل إلى حلقه منه شيء أفطر به، كما لو تعمد أكله.
والثاني: العلك القوي الذي كلما مضغه صلب وقوي فهذا يكره مضغه، ولا يحرم لأنه يحلب الفم ويجمع الريق ويورث العطش، ومتى مضغه ولم يجد طعمه في حلقه لم يفطر، وإن وجد طعمه في حلقه، ففيه وجهان:
أحدهما: يفطره كالكحل إذا وجد طعمه في حلقه.
والثاني: لا يفطره لأنه لم ينزل منه شيء، ومجرد الطعم لا يفطر"([50]).
وقال النووي: "ولو نزل طعمه في جوفه أو ريحه دون جرمه، لم يفطر؛ لأن ذلك الطعم بمجاورة الريق له، هذا هو المذهب، وبه قطع الجمهور"([51]).
وألزم المالكية الكفارة بوصول شيء من العلك إلى الحلق، إذا كان متعمداً في ذلك، وإن لم يكن متعمداً، فالقضاء فقط([52]).
وعند الحنفية أنه يكره ولا يفطر؛ لأنه لا يصل إلى جوفه، هكذا أطلقه المتقدمون، وقيَّده المتأخرون بما إذا لم يتفتت أو يصل شيء منه إلى الجوف، وإلاّ فإنه يفطر([53]).
8- الإغماء:
اختلف العلماء فيمن نوى الصيام ليلاً، ثم أغمي عليه، فلم يفق إلا بعد غروب الشمس، على قولين:
القول الأول: يصح صومه ولا يؤثر فيه الإغماء. وهو قول الحنفية، لأن النية قد صحت وزوال الاستشعار بعد ذلك لا يمنع صحة الصوم كالنوم([54]).
القول الثاني: لا يصح صومه ويلزمه القضاء. وهذا قول جمهور العلماء من المالكية والشافعية والحنابلة([55]).
وهذا القول هو الراجح، ويدل عليه ما يأتي:
1. أن الصوم إمساك مع نية، وفي الحديث: ((كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي، وأنا أجزي به، يدع طعامه وشرابه من أجلي))([56]).
فأضاف الطعام والشراب إليه، وإذا كان مغمى عليه، فلا يضاف الإمساك إليه، فلم يجزئه.
2. أن النية أحد ركني الصيام، فلا تجزئ وحدها كالإمساك وحده.
3. أما قياس الإغماء على النوم فلا يستقيم، لأن النوم عادة لا يزيل الإحساس بالكلية، ومتى نُبّه انتبه، والإغماء عارض يزيل العقل فأشبه الجنون([57]).
9- الدخان:
الدخان بجميع أنواعه وما يحرق في الأنبوب، وما يوضع في النارجيلة من المواد العضوية التي تحتوي على القطران والنيكوتين، ولها جرم يظهر في الفلتر وعلى الرئتين، وتصبغ الطبقة المخاطية التي تغطي جدار البلعوم بلون داكن، هذا من جهة، ومن جهة أخرى: فإن التدخين يلي شهوة المدخن (الكيف والمزاج) فيؤثر على أعصابه تأثيراً لا يقل عن تأثير الخمور والمخدرات، ولهذا نجد المدخن يصبر عن الطعام والشراب، ولكن لا يصبر عن الدخان، فتناول الدخان إذًا يتنافى مع معنى الصوم الذي ذكر في الحديث القدسي: ((يدع طعامه شرابه وشهوته من أجلي))([58])، ولذلك يُعدّ التدخين من مفسدات الصوم. والله أعلم([59]).
حكم بعض العلاجات العصرية:
نظراً لما توصل إليه الطب من أنواع من العلاجات لم تكن معروفة في الزمان السابق فاحتاج الناس إلى معرفة الحكم فيها بالنسبة لإفسادها للصيام أو عدمه، ونذكر بعض هذه العلاجات:
1. بخاخ الربو:
وهو يحتوي على مستحضرات طبية وماء وأكسجين، وقد استظهرت اللجنة الدائمة للإفتاء أنه لا يفطر، وبه أفتى الشيخ ابن عثيمين، وأكد عدد من الأطباء والصيادلة أن هذا المحتوى يدخل إلى المعدة يقيناً، فهو بذلك يفسد الصوم([60]). والله أعلم.
2. التغذية عن طريق الأنف:
إذا استعمل الأنف طريقاً للتغذية، فإنه يكون منفذاً كالفم تماماً، فما يدخل منه بذلك يكون مفسداً للصيام([61]).
3. الحقنة الشرجية:
ثبت في الطب أنّ الأمعاء الغليظة تمتص الماء وقليلاً من الأملاح والجلوكوز وقد تمتص الأدوية المختلفة كما أنها تستعمل كطريقة في تغذية المريض، ولذا فينصح بتأخير استعمال الحقنة الشرجية إلى ما بعد الإفطار احتياطاً للعبادة، سواء كانت تحمل مواداً غذائية أو وسائل أخرى، كما أن كثيراً من أساتذة الطب ينصحون بعدم إجراء الحقن الشرجية أثناء فترة الصوم، لأنها تسبب ضعفاً في عضلات الأمعاء وغشائها، وتخرش القولون، وتهك المريض، وتستهلك قواه.
وأما استعمال التحاميل أو اللبوس أو أقماع البواسير أو المراهم، ونحو ذلك مما يستعمل لتخفيف آلام البواسير، أو خفض درجة الحرارة، أو التقليل من مضاعفات الزكام والبرد، عن طريق إدخالها في الدبر، وهذه الوسائل تمتص من مكانها بواسطة شبكة كبيرة من الأوردة الدموية للدم مباشرة ولا تستغرق العملية وقتاً طويلاً فهي كامتصاص الجلد الخارجي للماء والدواء والدهون فلذا لا تؤثر على صحة الصوم، والله أعلم([62]).
4. الإبر، وهي على نوعين:
‌أ- الإبر التي توصل أدوية أو مواد غذائية أو مقوية، وتدخلها إلى بدن الصائم عن غير طريق الأوردة والشرايين (كالاحتقان في العضدين أو الفخذين أو رأس الإليتين أو ما شابه ذلك) لا تفسد الصوم، لأنها تصل إلى البدن عن طريق المسام مثلها مثل الاغتسال بالماء البارد، فلا أثر لها في الصوم.
‌ب- الإبر التي توصل أدوية أو غذية أو مقويات إلى الدم مباشرة عن طريق الأوردة أو الشرايين، تفسد الصوم لأنها صارت منفذاً – عرفاً – لإمداد الجسم بالجلوكوز والصوديوم، وأنواع الأحماض المختلفة مما يؤدي إلى اكتفاء البدن واستغنائه عن المواد المألوفة من الطعام والشراب([63]).
5. الأشعة:
وهي تستخدم لتصوير بعض الأجهزة الداخلية، أو علاج موضعي كتفتيت حصوة في الكلية، أو الحالب أو المثانة أو المرارة أو الرتق داخلي أو خارجي كشبكة العين، وإدخال هذه الأشعة لا يؤثر على صحة الصوم؛ لأنها في جميع حالاتها عبارة عن تصويب حزمة رفيعة من الضوء موحدة الاتجاه إلى المكان المراد علاجه، كإتمام عملية التحام الشبكية المصابة بالانفصال أو التمزق أو التحام الأوعية الدموية في الجراحة أو غيرها، والله أعلم([64]).
6. التخدير:
وله أنواع في الطب:
‌أ- التخدير عن طريق الأنف:
وذلك بشم مادة غازية، كالهواء تؤثر على الأعصاب فيحدث التحذير، فإن كان التخدير لا يؤثر على المخ ولا يفقد الصائم وعيه فلا يبطل الصوم، وإن كان يفقد الوعي فيبطل الصوم بسبب فقدان الوعي، وليس بسبب المادة الغازية.
‌ب- التخدير عن طريق الإبر الصينية:
وهو من العلاج الصيني يعتمد على إدخال إبر مصمته جافة إلى مراكز الإحساس تحت الجلد، فتستحث نوعاً معيناً من الغدد داخل البدن على إفراز المورفين الطبيعي الذي يحتوي عليه الجسم، فيفتقد المريض الإحساس في ذلك الموضع، وهذا لا يؤثر على الصيام لعدم دخول شيء إلى البدن ولعدم التأثير على الوعي.
‌ج- التخدير بالحقن: بإدخال مادة سائلة مخدرة عن طريق الحقنة في موضع معين من البدن.
فإن كان الحقن في مكان غير الأوردة والشرايين كالعضلة فلا يفسد الصوم كما مر في الإبر؛ ولأنه لا يحدث غياب الوعي منه.
وإن كان الحقن في الأوردة أو الشرايين بالمادة المخدرة فإن الصوم يبطل لدخول المائع إلى البدن من منفذ عرقي؛ ولأنّ الصائم يفقد وعيه، لأن المادة المخدرة التي صبت في الدم قد توزعت على جميع البدن بواسطة الدورة الدموية، واتصلت بالمخ ومراكز الإحساس ففقد الوعي([65]).
والله تعالى أعلم.
--------------------------------------------------------------------------------
__________________
لرعاية الاسلام والمسلمين
ونشر الخير لكل الناس
رد مع اقتباس
  #13  
قديم 22-09-2006, 12:57 AM
جمعية حضن الاسلام جمعية حضن الاسلام غير متصل
عضو متميز
 
تاريخ التسجيل: Mar 2006
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 298
الدولة : Egypt
افتراضي

تابع المشاركة السابقة


([1]) البحر الرائق (2/481)، الشرح الكبير (1/523-524)، المجموع (6/340)، المغني (4/350).
([2]) المغني (4/350).
([3]) المهذب للشيرازي مع المجموع (6/337).
([4]) قال الجوهري في الصحاح: "السعوط: الدواء في الأنف وقد استعطت الرجل فاستعط هو بنفسه" مادة (سعط).
([5]) البحر الرائق (2/467)، والمجموع (6/346)، والمغني (4/353).
([6]) الشرح الكبير (1/524).
([7]) البحر الرائق (2/486-487)، الشرح الكبير (1/524)، والمجموع (6/346)، المغني (4/353).
([8]) البحر الرائق (2/477) والمجموع (6/387).
([9]) الشرح الكبير (1/524)، والمغني (4/353-354).
([10]) البحر الرائق (2/486)، والمجموع (6/335)، والمغني (4/353).
([11]) الشيء الكبير (1/524).
([12]) البحر الرائق (2/488) والشرح الكبير (1/524) والمغني (4/360).
([13]) المجموع (6/334، 336).
([14]) المأمومة أو الآمة: الجراحة التي تبلغ أم الدماغ؛ وهي: الجلدة التي تحيط بالدماغ انظر: النظم المستعذب في غريب ألفاظ المهذب (1/173).
والجائفة: الجراحة التي تصل إلى الجوف (الصحاح:4/1339).
([15]) انظر: البحر الرائق (2/486)، والمجموع (6/346)، والمغني (4/353).
([16]) انظر: الشرح الكبير (1/533).
([17]) مجموع الفتاوى (25/233-243) بتصرف. وانظر: الشرح الممتع (6/379-384).
([18]) أخرجه البخاري كتاب: الصيام، باب: المباشرة للصائم، برقم (1927)، ومسلم في: الصيام برقم (1106).
([19]) أخرجه أبو داود في: الصيام، باب: القبلة للصائم (2385)، وأحمد في المسند (1/21) برقم (138) والدارمي: الصوم، باب الرخصة في القبلة للصائم (1728)، والحاكم: الصوم (1/596) وقال: "صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، وصححه النووي وقال: "ولا يقبل قول الحاكم: إنه على شرط البخاري، وإنما هو على شرط مسلم" (المجموع (6/348).
([20]) المغني (4/360-361). وانظر: البحر الرائق (2/476) وتنوير المقالة (3/193) والمجموع (6/349).
([21]) المغني (4/361). وانظر: البحر الرائق (2/476) وتنوير المقالة (3/193)، والمجموع (6/349).
([22]) انظر المجموع (6/350).
([23]) انظر تنوير المقالة (3/193)، والمغني (4/361).
([24]) انظر البحر الرائق (2/475)، والمجموع (6/349).
([25]) انظر: الشرح الكبير (1/29)، والمغني (4/363).
([26]) المغني (4/363).
([27]) أخرجه ابن ماجه: كتاب الطلاق، باب: طلاق المكره والناس (2045)، بلفظ: "إن الله وضع على أمتي الخطأ والنسيان، وما استكرهوا عليه"، وأخرجه الحاكم كذلك (2/198) وقال: "صحيح على شرط الشيخين". وأما هذا اللفظ" فقد قال الزيلعي في نصب الراية (2/64): "وهذا لا يوجد بهذا اللفظ". وصححه الألباني في الإرواء (1/123) وقال: "لم أجده بلفظ عفي".
([28]) البحر الرائق (2/293)، نهاية المحتاج (2/173)، المغني (4/364).
([29]) الشرح الكبير (1/529).
([30]) انظر البحر الرائق (2/475) والشرح الكبير (1/529) والمجموع (6/350) والمغني (4/363).
([31]) المحلى (6/203، 205).
([32]) المغني (4/363).
([33]) فتح القدير (2/256)، والذخيرة (2/506)، والمجموع (6/389)، المحلى (6/203-204).
([34]) المغني (4/350).
([35]) أخرجهما البخاري في الصيام: باب الحجامة والقيء للصائم برقم (1938-1939).
([36]) أخرجه البخاري: في الصيام، باب الحجامة والقيء للصائم برقم (1940).
([37]) ضعيف: أخرجه الترمذي: الصوم، باب ما جاء في الصائم يذرعه القيء، والبيهقي في الكبرى: الصيام، باب: من ذرعه القيء لم يفطر (4/220)، وقال الترمذي: "حديث أبي سعيد غير محفوظ، والصوب أنه مرسل"، وقال البيهقي: "عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ضعيف".
([38]) صحيح: أخرجه الترمذي عن رافع بن خدريج: الصوم، باب: كراهية الحجامة للصائم برقم (774) وقال: "حسن صحيح". وأخرجه أحمد في المسند (5/276) برقم (22425) وأبو داود: في الصيام، باب: في الصائم يحتجم برقم (2367)، وابن ماجه في: الصيام، باب: ما جاء في الحجامة للصائم برقم (1680)، من حديث ثوبان، وأخرجه أحمد في مسنده (4/122) برقم (17153) وأبو داود: الصيام، باب: في الصائم يحتجم برقـم (2369)، والدارمي: الصوم، باب: الحجامة تفطر الصائم برقم (1730) من حديث شداد بن أوس، وذكر الترمذي عن أحمد تصـحيح حـديث رافع، وأعلَّ ابن المديني تصحيح حديث ثوبان بن شداد (الترمذي 3/145) وللحديث طرق أخرى كثيرة.
([39]) انظر: المغني (4/351-352) ومجموع الفتاوى (25/252-254).
([40]) انظر: مجموع الفتاوى (25/255).
([41]) مجموع الفتاوى (25/250).
([42]) مجموع الفتاوى (25/256-257).
([43]) مجموع الفتاوى (25/257).
([44]) المجموع للنووي (6/343).
([45]) المجموع (6/343)، والمغني (4/355)، الشرح الكبير (1/252).
([46]) المغني (4/355)، والشرح الكبير (1/525).
([47]) الإجماع (ص59). وانظر: فتح القدير (2/258)، والذخيرة (2/507)، والمجموع (6/340-341)، والمغني (4/360).
([48]) انظر: النوادر والأصول لابن أبي زيد القيرواني (2/41)، والمجموع (6/340-341) والمغني (4/360).
([49]) فتح القدير (2/258).
([50]) المغني (4/358).
([51]) المجموع (5/394-395).
([52]) الشرح الكبير (517).
([53]) الهداية مع فتح القدير (4/268).
([54]) انظر: البحر الرائق (2/448)، والمغني (4/343).
([55]) انظر: المدونة (1/184)، والمجموع (6/383)، والمغني (4/343).
([56]) أخرجه البخاري: الصيام، باب فضل الصوم (1894) واللفظ له، ومسلم: الصيـام باب: فضـل الصـيام (1151).
([57]) انظر: المجموع (6/383-385)، والمغني (4/343-344)، والصوم والإفطار لأصحاب الأعذار، د. فيحان المطيري (ص136).
([58]) أخرجه البخاري: الصيام، باب: فضل الصوم (1894) ومسلم: الصيام، باب: فضل الصيام (1151).
([59]) مفطرات الصيام في ضوء المستجدات الطبية – مجلة الحكمة – عدد (14) (ص104).
([60]) مفطرات الصيام في ضوء المستجدات الطبية – مجلة الحكمة – عدد (14) (ص102).
([61]) المصدر السابق (104-106).
([62]) المصدر السابق (111-113).
([63]) المصدر السابق (115/119).
([64]) مجلة الحكمة، عدد (14) (ص121).
([65]) المصدر السابق (ص121-123).
__________________
لرعاية الاسلام والمسلمين
ونشر الخير لكل الناس
رد مع اقتباس
  #14  
قديم 22-09-2006, 01:00 AM
جمعية حضن الاسلام جمعية حضن الاسلام غير متصل
عضو متميز
 
تاريخ التسجيل: Mar 2006
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 298
الدولة : Egypt
افتراضي

ليلة القدر











1- سبب تسميتها:





اختلف العلماء في سبب تسميتها بليلة القدر على أقوال:

القول الأول: لأن الله تعالى يقدّر فيها الأرزاق والآجال وما هو كائن.

قال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: "يكتب في أم الكتاب في ليلة القدر ما هو كائن في السنة من الخير والشر والأرزاق والآجال، حتى الحُجّاج. يقال: يحج فلان، ويحج فلان".

وقال الحسن ومجاهد وقتادة: "يبرم في ليلة القدر في شهر رمضان كل أجل وعمل وخلق ورزق، وما يكون في تلك السنة"([1]).

القول الثاني: أنها مأخوذة من عِظَم القدر والشرف والشأن كما تقول: فلانٌ له قدرٌ([2]).

القول الثالث: لأنها تكسب من أحياها قدراً عظيماً لم يكن له قبل ذلك، وتزيده شرفاً عند الله تعالى([3]).

القول الرابع: سميت بذلك لأنّ العمل فيها له قدرٌ عظيمٌ.

عن مجاهد في تفسير قوله تعالى: {لَيْلَةُ ?لْقَدْرِ خَيْرٌ مّنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر:3].

قال: "عملها وصيامها وقيامها خيرٌ من ألف"([4]).

وعن عمرو بن قيس الملائي قال: "عملٌ فيها خيرٌ من عمل ألف شهر"([5]).

قال تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَـ?هُ فِى لَيْلَةٍ مُّبَـ?رَكَةٍ} [الدخان:3].

وقال: {إِنَّا أَنزَلْنَـ?هُ فِى لَيْلَةِ ?لْقَدْرِ} [القدر:1].

القول الخامس: سميت بذلك لأن الله تعالى قدّر فيها إنزال القرآن([6]).

القول السادس: لأنها ليلة الحكم والفصل .

عن مجاهد قال: "ليلة القدر ليلة الحكم"([7]).

وقال النووي: "وسميت ليلة القدر، أي ليلة الحكم والفصل. هذا هو الصحيح المشهور"([8]).



--------------------------------------------------------------------------------

([1]) انظر: تفسير البغوي (7/227-228)، وانظر: شرح النووي على صحيح مسلم (8/213) وفضائل الأوقات للبيهقي (ص213).

([2]) تفسير البغوي (8/485).

([3]) انظر: المصدر السابق .

([4]) تفسير الطبري (24/533)، وانظر شرح الصدر بذكر ليلة القدر للحافظ العراقي (ص17-18).

([5]) انظر: المصدر السابق.

([6]) تفسير القرآن للعزّ بن عبد السلام (3/473).

([7]) انظر: تفسير الطبري (12/652) ط دار الكتب العلميّة.

([8]) المجموع شرح المهذب (6/447).













2- فضلهـا:

1/2 أنها خيرٌ من ألف شهر:

قال تعالى: {لَيْلَةُ ?لْقَدْرِ خَيْرٌ مّنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر:3].

قال مجاهد: "عملها وصيامها وقيامها خيرٌ من ألف شهر"([1]).

وقال عمرو بن قيس الملائي: "عملٌ فيها خيرٌ من عمل ألف شهر"([2]).

وعن قتادة قال: "خيرٌ من ألف شهر ليس فيها ليلة القدر"([3]).

قال الدكتور عبد الرحمن حبنكة: "وألف شهر تعادل ثلاثاً وثمانين سنة وثلث السنة، وهذا عمرٌ قلَّ من الناس من يبلغه، فكيف بمن يعبد الله فيه، وهو لا يعبد إلاّ مميزًا على أقل تقدير"([4]).

2/2 نزول الملائكة والروح فيها:

قال تعالى: {تَنَزَّلُ ?لْمَلَـ?ئِكَةُ وَ?لرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبّهِم مّن كُلّ أَمْرٍ} [القدر:4].

قال البغوي: "قوله عز وجل: {تَنَزَّلُ ?لْمَلَـ?ئِكَةُ وَ?لرُّوحُ} يعني جبريل عليه السلام معهم {فِيهَا} أي: ليلة القدر {بِإِذْنِ رَبّهِم} أي: بكل أمرٍ من الخير والبركة"([5]).

قال الحافظ ابن كثير: "أي: يكثر تنـزّل الملائكة في هذه الليلة لكثرة بركتها، والملائكة يتنـزلون مع تنزّل البركة والرحمة، كما يتنـزلون عند تلاوة القرآن، ويحيطون بحِلَقِ الذكر، ويضعون أجنحتهم لطالب العلم بصدقٍ تعظيماً له"([6]).

3/2 أنها سلام إلى مطلع الفجر:

قال تعالى: {سَلَـ?مٌ هِىَ حَتَّى? مَطْلَعِ ?لْفَجْرِ} [القدر:5].

عن مجاهد في قوله: {سَلَـ?مٌ هِىَ} قال: "سالمة لا يستطيع الشيطان أن يعمل فيها سوءاً أو يعمل فيها أذى"([7]).

قال أبو المظفر السمعاني: "وقوله: {سَلَـ?مٌ هِىَ} فيه قولان:

أحدهما: أن المراد منه تسليم الملائكة على من يذكر الله تعالى في تلك الليلة([8]).

والقول الثاني: {سَلَـ?مٌ} أي سلامة، والمعنى أنه لا يعمل فيها داء ولا سحر ولا شيء من عمل الشياطين والكهنة"([9]).

وقال ابن الجوزي: "... وفي معنى السلام قولان:

أحدهما: أنه لا يحدث فيها داء ولا يُرسَل فيها شيطان، قاله مجاهد.

والثاني: أن معنى السلام: الخير والبركة، قاله قتادة، وكان بعض العلماء يقول: الوقف على {سَلَـ?مٌ}، على معنى تنزّل الملائكة بالسلام"([10]).

4/2 من قامها إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدّم من ذنبه:

عن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدّم من ذنبه))([11]).

قال ابن بطال: "ومعنى قوله: ((إيماناً واحتساباً)) يعني مُصدِّقاً بفرض صيامه، ومصدقاً بالثواب على قيامه وصيامه، ومحتسباً مريداً بذلك وجه الله، بريئاً من الرياء والسمعة، راجياً عليه ثوابه"([12]).

قال النووي: "معنى إيماناً: تصديقاً بأنّه حق، مقتصد فضيلته، ومعنى احتساباً: أن يريد الله تعالى وحده، لا يقصد رؤية الناس ولا غير ذلك مما يخالف الإخلاص، والمراد بالقيام: صلاة التراويح، واتفق العلماء على استحبابها"([13]).

5/2 تقدير الأرزاق والآجال والمقادير فيها:

قال تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَـ?هُ فِى لَيْلَةٍ مُّبَـ?رَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ C فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} [الدخان:3، 4].

عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (إن الرجل ليمشي في الناس وقد رُفع في الأموات)، ثم قرأ هذه الآية: {إِنَّا أَنزَلْنَـ?هُ فِى لَيْلَةٍ مُّبَـ?رَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ C فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} قال: (يفرق فيها أمر الدنيا من السنة إلى السنة)([14]).

وقال أبو عبد الرحمن السلمي في الآية: "يُدَبِّر أمر السنة في ليلة القدر"([15]).

وقال مجاهد: "كنا نحدّث أنه يفرق فيها أمر السنة إلى السنة"([16]).

ونقل القرطبي عن ابن عباس رضي الله عنه: "يحكم الله أمر الدنيا إلى قابل في ليلة القدر ما كان من حياة أو موت أو رزق، وقاله قتادة ومجاهد والحسن وغيرهم، وقيل: إلا الشقاء والسعادة فإنهما لا يتغيران ؛ قاله ابن عمر"([17]).

واختُلف في الليلة المراد بها في الآية على قولين:

القول الأول: أنها ليلة القدر. وهو قول ابن عباس([18])، وأبي عبد الرحمن السلمي([19])، وقتادة([20])، ومجاهد([21])، والحسن البصري([22]).

القول الثاني: أنها ليلة النصف من شعبان. وهو مروي عن عائشة([23])، وعكرمة([24]).

الترجيح:

قال ابن جرير الطبري: "وأولى القولين بالصواب قول من قال: ذلك ليلة القدر؛ لما تقدم من بياننا عن أن المعنيّ بقوله: {إِنَّا أَنزَلْنَـ?هُ فِى لَيْلَةٍ مُّبَـ?رَكَةٍ} [الدخان:3]. ليلة القدر، والهاء في قوله: {فِيهَا} من ذكر الليلة المباركة"([25]).

وقال الحافظ ابن كثير: "... ومن قال إنها ليلة النصف من شعبان كما رُوي عن عكرمة فقد أبعد النُجعة، فإنّ نص القرآن أنّها في رمضان. والحديث الذي رواه عبد الله بن صالح عن الليث عن عقيل عن الزهري أخبرني عثمان بن محمد بن المغيرة بن الأخنس قال: إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((تقطع الآجال من شعبان إلى شعبان حتى إنّ الرجل لينكح ويولد له، وقد أخرج اسمه في الموتى))([26])، فهو حديث مرسل، ومثله لا يعارض به النصوص"([27]).



--------------------------------------------------------------------------------

([1]) انظر تفسير الطبري (24/533).

([2]) المصدر السابق.

([3]) المصدر السابق.

([4]) الصيام ورمضان في السنة والقرآن لعبد الرحمن حسن حبنكه (ص183).

([5]) تفسير البغوي (8/491).

([6]) تفسير ابن كثير (4/568).

([7]) تفسير ابن أبي حاتم (10/3453)، وانظر: تفسير ابن كثير (4/568).

([8]) تفسير القرآن لأبي المظفّر السمعاني (6/262).

([9]) انظر: أحكام القرآن لابن العربي (4/1964).

([10]) زاد المسير لابن الجوزي (8/287).

([11]) رواه البخاري (1/28) كتاب الإيمان باب قيام ليلة القدر من الإيمان رقم (35)، ومسلم (1/235)، واللفظ له، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في قيام رمضان وهو التراويح رقم (759).

([12]) شرح صحيح البخاري لابن بطال (1/59).

([13]) شرح صحيح مسلم للنووي (6/39). وانظر: إكمال المعلم للقاضي عياض (3/112).

([14]) رواه ابن جرير الطبري في تفسيره (22/10) وعبد الله بن أحمد في السنة (2/407). وانظر الدرّ المنثور (5/739).

([15]) رواه الطبري في تفسيره (22/9).

([16]) المصدر السابق.

([17]) تفسير القرطبي (16/126).

([18]) تفسري ابن أبي حاتم (10/3287) وانظر الدر المنثور (5/738) ومعاني القرآن للنحاس (6/396-397).

([19]) تفسير الطبري (22/9).

([20]) تفسير الطبري (22/9).

([21]) تفسير الطبري (22/9).

([22]) تفسير الطبري (22/8).

([23]) انظر: الدرّ المنثور (5/740).

([24]) تفسير الطبري (22/10) وابن أبي حاتم (10/3287) والبغوي (7/228).

([25]) تفسير الطبري (22/10-11).

([26]) رواه الطبري في تفسيره (22/10) والبيهقي في شعب الإيمان (7/422-423).

([27]) تفسير ابن كثير (4/138).



















3- رفع تعيينها:

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: اعتكفت مع النبي صلى الله عليه وسلم العشر الأوسط من رمضان، فخرج صبيحة عشرين فخطبنا، وقال: ((إنّي رأيت ليلة القدر ثم أُنسيتها ـ أو نسيتها ـ فالتمسوها في العشر الأواخر في الوتر، وإنّي رأيت أنّي أسجد في ماء وطين، فمن كان اعتكف معي فليرجع))، فرجعنا، وما نرى في السماء قزعة، فجاءت سحابةٌ فمطرت حتى سال سقف المسجد، وكان من جريد النخل، وأقيمت الصلاة، فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد في الماء والطين، حتى رأيت أثر الطين في جبهته([1]).

قال بدر الدين العيني عند قوله: ((نسيتها)): "والمعنى أنّه أنسي علم تعيينها في تلك السنة، وقال الكرماني: فإن قلتَ: إذا جاز النسيان في هذه المسألة جاز في غيرها فيفوت منه التبليغ إلى الأمة. قلتُ: نسيان الأحكام التي يجب عليه التبليغ لها لا يجوز، ولو جاز ووقع لذكّره الله تعالى"([2]).



--------------------------------------------------------------------------------

([1]) رواه البخاري (2/62-63) كتاب فضل ليلة القدر باب التماس ليلة القدر رقم (2016).

([2]) عمدة القاري (11/133) باختصار.















4- سبب رفع تعيينها:

1/4 تلاحي([1]) اثنين من أصحاب:

عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: خرج النبي صلى الله عليه وسلم ليخبرنا بليلة القدر، فتلاحى رجلان من المسلمين، فقال: ((خرجت لأخبركم بليلة القدر، فتلاحى فلان وفلان فَرُفِعَتْ، وعسى أن يكون خيراً لكم، فالتمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة))([2]).

2/4 إيقاظ أهل النبي صلى الله عليه وسلم له:

عن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((أُرِيتُ ليلة القدر، ثم أيقظني بعض أهلي فنسيتها، فالتمسوها في العشر الغوابر([3])))([4]).

قال الحافظ ابن حجر: "وفي رواية أبي نضرة عن أبي سعيد عند مسلم: ((فجاء رجلان يختصمان، معهما الشيطان))([5]). ـ إلى أن قال ـ وروى مسلم أيضاً عن أبي هريرة أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أُرِيتُ ليلة القدر، ثم أيقظني بعض أهلي فنسيتها)).

وهذا سبب آخر، فإما أن يُحمل على التعدّد بأن تكون الرؤيا في حديث أبي هريرة مناماً، فيكون سببُ النسيان: الإيقاظ، وأن تكون الرؤية في حديث غيره في اليقظة، فيكون سبب النسيان: ما ذكر من المخاصمة.

أو يحمل على اتحاد القصة، ويكون النسيان وقع مرتين عن سببين.

ويحتمل أن يكون المعنى: أيقظني بعض أهلي فسمعت تلاحي الرجلين، فقمت لأحجز بينهما فنسيتها للاشتغال بهما.

وقد روى عبد الرزاق من مرسل سعيد بن المسيّب أنه صلى الله عليه وسلم قال: ((ألا أخبركم بليلة القدر؟ قالوا: بلى، فسكت ساعة، ثم قال: لقد قلت لكم وأنا أعلمها، ثم أُنسيتها))([6]). فلم يذكر سبب النسيان، وهو مما يقوّي الحمل على التعدّد"([7]).



--------------------------------------------------------------------------------

([1]) التلاحي: المنازعة والمشاتمة. قال ابن منظور: تلاحى الرجلان تشاتما. انظر: لسان العرب (12/259-مادة لحا).

([2]) رواه البخاري (2/64)كتاب فضل ليلة القدر باب رفع معرفة ليلة القدر لتلاحي الناس رقم (2023) مادة: لحا .

([3]) قال ابن الأثير في النهاية (3/337) : "أي البواقي".

([4]) رواه مسلم (2/824) كتاب الصيام باب فضل ليلة القدر رقم (1166).

([5]) رواه مسلم (2/827) كتاب الصيام باب فضل ليلة القدر رقم (1167).

([6]) مصنف عبد الرزاق (4/249).

([7]) فتح الباري (4/315).
__________________
لرعاية الاسلام والمسلمين
ونشر الخير لكل الناس
رد مع اقتباس
  #15  
قديم 22-09-2006, 01:01 AM
جمعية حضن الاسلام جمعية حضن الاسلام غير متصل
عضو متميز
 
تاريخ التسجيل: Mar 2006
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 298
الدولة : Egypt
افتراضي

5- أقوال العلماء في تعيينها:

اختلف العلماء في تعيين ليلة القدر على أقوال كثيرة، حتى أوصلها الحافظ في (الفتح) إلى ستةٍ وأربعين قولاً، واحتمالين([1]).

كما أوصلها الحافظ ولُّي الدين العراقي إلى خمسة وعشرين قولاً([2]).

وأوصلها بعض المعاصرين إلى أكثر من ستين قولاً([3]).

قال أبو العباس القرطبي بعدما ذكر بعض هذه الأقوال: "وهذه الأقوال كلها للسلف والعلماء، وسبب اختلافهم اختلاف الأحاديث كما ترى"([4]).

وهذه بعض أقوالهم:

القول الأول: أنّها ممكنة في جميع السنة. وهو قول ابن مسعود وابن عباس وعكرمة وغيرهم. وهو قولٌ للحنفية([5]).

ومأخذُ ابن مسعود: لئلا يتكل الناس، كما بيَّن ذلك أُبيّ بن كعب([6]).

القول الثاني: أنها مختصة برمضان، ممكنةٌ في جميع لياليه. وهو قول أبي هريرة([7])، وابن عباس([8])، وأبي ذر([9])، والحسن البصري([10])، وهو قول أبي حنيفة، وابن المنذر، وبعض الشافعية، ورجحه السبكي([11]).

القول الثالث: أنها أول ليلة من رمضان. وهو قول أبي رزين العقيلي لقيط بن عامر([12]).

القول الرابع: أنها ليلة سبع عشرة. ورُوي ذلك عن زيد بن أرقم أنّه قال: "ما أشك وما أمتري أنها ليلة أنزل القرآن، ويوم التقى الجمعان"([13]). وقد أمر ابن مسعود بتحريها في تلك الليلة([14]).

القول الخامس: أنها أول ليلة من العشر الأخير. وإليه مال الشافعي، وجزم به جماعة من الشافعية([15]).

القول السادس: أنها ليلة ثلاث وعشرين. وهو قول ابن عباس([16])، وبلال([17])، وعائشة وكانت توقظ أهلها([18])، وأنيس الجهني([19])، وابن المسيّب([20]).

القول السابع: أنها ليلة أربع وعشرين. وهو قولٌ لابن عباس([21]).

القول الثامن: أنها ليلة تسع وعشرين. وهو مرويٌ عن أبي هريرة وغيره([22]).

القول التاسع: أنها ليلة سبع وعشرين. وهو قول جمع من الصحابة منهم أبي بن كعب([23])، وأنس بن مالك([24])، وإليه ذهب زر بن حبيش([25]).

قال الحافظ ابن حجر: "القول الحادي والعشرين: أنها ليلة سبع وعشرين. وهو الجادّة من مذهب أحمد، ورواية عن أبي حنيفة، وبه جزم أبي كعب، وحلف عليه، كما أخرجه مسلم"([26]).

وعن زر بن حبيش عن أُبي بن كعب رضي الله عنه قال: قال أُبيّ في ليلة القدر: (والله إني لأعلمها، وأكبر علمي هي الليلة التي أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقيامها، وهي ليلة سبع وعشرين)([27]).

الترجيح:

ولعل أرجح الأقوال فيها أنها في العشر الأواخر من رمضان؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((إني أُريت ليلة القدر ثم أنسيتها، فالتمسوها في العشر الأواخر))([28]).

وقد نُقل إجماع الصحابة على هذا؛ فقد روى عبد الرزاق في مصنّفه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "دعا عمر بن الخطاب أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فسألهم عن ليلة القدر، فأجمعوا أنها في العشر الأواخر..." ([29]).

ويستحب تحرّيها في الأوتار من العشر الأواخر، كليلة الحادي والعشرين، والثالث والعشرين، والخامس والعشرين، والسابع والعشرين، والتاسع والعشرين ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((فالتمسوها في العشر الأواخر في الوتر))([30])، وقولِه صلى الله عليه وسلم في حديث عائشة: ((تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان))([31])، وقولِه: ((التمسوها في العشر الأواخر من رمضان ليلة القدر في تاسعة تبقى، في سابعة تبقى، في خامسة تبقى))([32])، وقولِه: ((هي في العشر الأواخر، في تسع يمضين أو في سبع يبقين))([33]).

قال ابن بطال: "وإنّما يصح معناه وتُوافِق ليلة القدر وتراً من الليالي على ما ذُكِر في الحديث: إذا كان الشهر ناقصاً، فأما إن كان كاملاً فإنها لا تكون إلا في شفع، فتكون التاسعة الباقية: ثنتين وعشرين، والخامسة الباقية: ليلة ست وعشرين، والسابعة الباقية: ليلة أربع وعشرين على ما ذكره البخاري عن ابن عباس، فلا تصادف واحدة منهن وتراً، وهذا يدل على انتقال ليلة القدر كل سنة في العشر الأواخر من وتر إلى شفع، ومن شفع إلى وتر، لأنّ النبي عليه السلام لم يأمر أمته بالتماسها في شهر كامل دون ناقص، بل أطلق طلبها في جميع شهور رمضان التي قد رتبها الله مرّة على التمام، ومرةً على النقصان، فثبت انتقالها في العشر الأواخر وكلّها على ما قاله أبو قلابة"([34]).

وهي في ليلة السابع والعشرين آكد؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((التمسوها في العشر الأواخر من رمضان، التمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة))([35]).

ولحلف أبيّ بن كعب رضي الله عنه على ذلك.

قال الحافظ ابن حجر: "وأرجاها أوتار العشر، وأرجى أوتار العشر عند الشافعية ليلة إحدى وعشرين أو ثلاث وعشرين على ما في حديث أبي سعيد وعبد الله بن أنيس، وأرجاها عند الجمهور ليلة سبع وعشرين"([36]).





--------------------------------------------------------------------------------

([1]) انظر: فتح الباري (4/309-313).

([2]) انظر :كتاب شرح الصدر بذكر ليلة القدر (ص25-42).

([3]) انظر: كتاب سطوع البدر بفضائل ليلة القدر لإبراهيم الحازمي (ص69-111).

([4]) المفهم للقرطبـي (3/251).

([5]) انظر: فتح الباري (4/309).

([6]) رواه مسلم (2/828) كتاب الصيام باب فضل ليلة القدر رقم (762).

([7]) رواه عبد الرزاق في مصنفه (4/255).

([8]) مصنف عبد الرزاق (4/255).

([9]) مصنف عبد الرزاق (4/255).

([10]) رواه ابن أبي شيبة في مصنفه (2/490).

([11]) انظر: فتح الباري (4/310).

([12]) انظر: فتح الباري (4/310).

([13]) رواه ابن أبي شيبة (2/489). ووقع في "مطبوعة المصنّف" أنها ليلة (تسع عشرة) والتصحيح من فتح البـاري (4/310)، كما أنّ معركة بدر كانت في السابع عشر من رمضان، قال الهيثمي في مجمع الزائد (3/170): "رواه الطبراني في الكبير، وفيه حوط العبدي قال البخاري عنه: حديثه منكر".

([14]) رواه عبد الرزاق في مصنفه (4/252).

([15]) انظر: فتح الباري (4/310).

([16]) رواه ابن أبي شيبة في مصنفه (2/488). وكان يرشّ على أهله الماء: (2/490).

([17]) ابن أبي شيبة (2/489).

([18]) ابن أبي شيبة (2/490) وعبد الرزاق (4/251).

([19]) رواه عبد الرزاق في مصنفه (4/250-251).

([20]) عبد الرزاق (4/249).

([21]) رواه البخاري (4/64) كتاب الصوم باب تحري ليلة القدر رقم (2022).

([22]) رواه ابن خزيمة في صحيحه (3/332) جماع أبواب ذكر الليالي التي كان فيها ليلة القدر باب كثرة الملائكة في الأرض، رقم (2194).

([23]) رواه ابن أبي شيبه مصنفه (2/489) وعبد الرزاق (4/252-253). ومسلم – كما سيأتي -.

([24]) رواه ابن أبي شيبة (2/490).

([25]) رواه عبد الرزاق (4/253).

([26]) فتح الباري (4/311).

([27]) رواه مسلم (2/828) كتاب الصيام باب فضل ليلة القدر رقم (762).

([28]) رواه البخاري (2/62-63) كتاب فضل ليلة القدر، باب التماس ليلة القدر في السبع الأواخر رقم (2016) ومسلم (2/824) كتاب الصيام باب فضل ليلة الوتر رقم (1167).

([29]) رواه عبد الرزاق في مصنفه (4/246) والمروزي في مختصر قيام رمضان (ص123-124)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (7/348): "رواه البزار ورجاله ثقات".

([30]) رواه البخاري (2/62-63) كتاب فضل ليلة القدر باب التماس ليلة القدر في السبع الأواخر رقم (2016)، ومسلم (2/824) كتاب الصيام باب فضل ليلة الوتر رقم (1167).

([31]) رواه البخاري (2/63) كتاب فضل ليلة القدر باب تحري ليلة القـدر في الوتـر من العشـر الأواخر رقـم (2017).

([32]) رواه البخاري (2/64)كتاب فضل ليلة القدر باب تحري ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر رقم (2021).

([33]) المصدر السابق رقم (2022).

([34]) شرح صحيح البخاري لابن بطال (3/156) .

([35]) رواه البخاري (2/64) كتاب فضل ليلة القدر باب رفع ليلة القدر رقم (2023)، ومسلم (2/827) وهذا لفظه كتاب الصيام باب: فضل ليلة القدر رقم (1167).

([36]) فتح الباري (4/413).








6- هل تنتقل من ليلة إلى أخرى باختلاف السنين؟

اختلف العلماء في هذا على قولين:

القول الأول: أنها تنتقل فتكون سنةً في ليلة، وسنةً في ليلةٍ أخرى.

وإليه ذهب مالك، وسفيان الثوري، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وأبو ثور.

قال الحافظ العراقي: "وذهب جماعة من العلماء إلى أنها تنتقل فتكون سنةً في ليلةٍ وسنة في ليلة أخرى وهكذا، وهذا قول مالك، وسفيان الثوري، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وأبي ثور، وغيرهم"([1]).

وبه قالت الحنفية([2])، وهو قولٌ عن للشافعية([3]).

القول الثاني: أنّها في ليلةٍ واحدة بعينها لا تنتقل. وهو مذهب ابن حزم، وبعض الشافعية.

قال أبو محمد بن حزم: "ليلة القدر في شهر رمضان، خاصة في العشر الأواخر، خاصة في ليلةٍ واحدةٍ بعينها لا تنتقل أبداً، إلا أنه لا يدري أحدٌ من الناس أي ليلةٍ هي من العشر المذكورة، إلاّ أنها في وتر منها ولا بدّ"([4]).

مناقشة القولين:

ولعل القول الأول هو الراجح لتضافر الأدلة على انتقالها، ففي حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه في سجود النبي صلى الله عليه وسلم على الماء والطين، قال أبو سعيد: "مُطرنا ليلة إحدى وعشرين فوكف المسجد في مصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنظرت إليه وقد انصرف من صلاة الصبح، ووجهه مبتلٌ طيناً وماءً"([5]).

ولحديث عبد الله بن أنيس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أريت ليلة القدر ثم أنسيتها، وأُراني صبحَها أسجد في ماء وطين))، قال: فمطرنا ليلة ثلاث وعشرين، فصلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانصرف، وإنّ أثر الماء والطين على جبهته وأنفه([6]).

قال الحافظ ابن حجر: "وأرجحها كلها أنها في وترٍ من العشر الأخير، وأنها تنتقل، كما يُفهم من أحاديث هذا الباب"([7]).





--------------------------------------------------------------------------------

([1]) كتاب شرح الصدر (ص41).

([2]) انظر إعانة الطالبين (2/256).

([3]) انظر فتاوى الإمام النووي (ص55)، والمجموع (6/459)، وفتح الباري (4/313).

([4]) المحلى (6/446). وانظر لقول الشافعية: حاشية البجيرمي (2/93) وحاشية الشرواني (2/478).

([5]) رواه مسلم (4/824) كتاب الصيام باب فضل ليلة القدر رقم (1167).

([6]) رواه مسلم (2/827) كتاب الصيام باب فضل ليلة القدر رقم (1168).

([7]) فتح الباري (4/413).













7- الحكمة في رفع العلم بها وعدم تعيينها:

عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: خرج النبي صلى الله عليه وسلم ليخبرنا بليلة القدر، فتلاحى رجلان من المسلمين، فقال: ((خرجت لأخبركم بليلة القدر، فتلاحى فلان وفلان، فرفعت، وعسى أن يكون خيراً لكم..)) الحديث([1]).

قال البيهقي: "قد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمها في الابتداء، غير أنه لم يكن مأذوناً له في الإخبار بها؛ لئلا يتكلوا على علمها فيُحْيُوها دون سائر الليالي، ثم إنه صلى الله عليه وسلم أنسيها؛ لئلا يسأل عن شيء من أمر الدين فلا يخبر به"([2]).

قال الحافظ ابن حجر: "قوله: ((فعسى أن يكون خيراً)) فإن وجه الخيرية من جهة أن خفاءها يستدعي قيام كل الشهر، أو العشر، بخلاف ما لو بقيت معرفة تعيينها"([3]).

وقال أيضاً: "قال العلماء: الحكمة في إخفاء ليلة القدر ليحصل الاجتهاد في التماسها، بخلاف ما لو عُيِّنت لها ليلةٌ لاقتُصِر عليها، كما تقدم نحوه في ساعة الجمعة، وهذه الحكمة مُطَّرِدة عند من يقول: إنها في جميع السنة، وفي جميع رمضان، أو في جميع العشر الأخير، أو في أوتاره خاصة، إلا أنّ الأول ثم الثاني أليق"([4]).



--------------------------------------------------------------------------------

([1]) رواه البخاري (2/64) كتاب فضل ليلة القدر باب رفع معرفة ليلة القدر رقم (2023).

([2]) فضائل الأوقات للبيهقي (ص244).

([3]) فتح الباري (4/314).

([4]) المصدر السابق (4/313).













8- علامـاتها:

1- عن أبيّ بن كعب رضي الله عنه، وقيل له: إنّ عبد الله بن مسعود يقول: من قام السنة أصاب ليلة القدر، فقال أبيّ: والله الذي لا إله إلا هو إنها لفي رمضان، ووالله إني لأعلم أي ليلةٍ هي، هي الليلة التي أمرنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقيامها، هي ليلة صبيحة سبع وعشرين، وأمارتها أن تطلع الشمس في صبيحة يومها بيضاء لا شعاع لها([1]).

قال القاضي عياض: في تفسير قول أبيّ:

"يحتمل وجهين:

أحدهما: أن هذه الصفة اختصت بعلامةِ صبيحةِ الليلةِ التي أنبأهم النبي صلى الله عليه وسلم أنها ليلة القدر، وجعلها دليلاً لهم عليها في ذلك الوقت، لا أن تلك الصفة مختصة بصبيحة كل ليلة قدر، كما أعلمهم أنه يسجد في صبيحتها في ماء وطين.

والثاني: أنها صفة خاصة لها، وقيل في ذلك: لما حجبها من أشخاص الملائكة الصاعدة إلى السماء، الذي أخبر الله بتنـزيلهم تلك الليلة حتى يطلع الفجر، والله أعلم"([2]).



--------------------------------------------------------------------------------

([1]) رواه مسلم (1/525) كتاب صلاة المسافرين باب الترغيب في قيام رقم (761).

([2]) إكمال المعلم بفوائد مسلم (3/116).










9 - ما يستحب فيها من أعمال:

1/9 صلاة التراويح([1]):

عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من صام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه)([2]).

عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه سأل عائشة رضي الله عنها: كيف كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان؟ فقالت: ما كان يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة، يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثاً . فقلت: يا رسول الله أتنام قبل أن توتر؟ قال: ((يا عائشة، إن عيني تنامان، ولا ينام قلبي))([3]).

عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سأل رجلٌ النبي صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر: ما ترى في صلاة الليل؟ قال: ((مثنى مثنى، فإذا خشي الصبح صلى واحدةً فأوترت له ما صلّى))([4]).

وأكمل الهدي هدي النبي صلى الله عليه وسلم في عددها وكيفيّتها، كما جاء في حديث عائشة رضي الله عنها، وغيرهِ.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "نفس قيام رمضان لم يوقت النبي صلى الله عليه وسلم فيه عدداً معيناً، بل كان هو صلى الله عليه وسلم لا يزيد في رمضان ولا غيره على ثلاث عشرة ركعة، لكن كان يطيل الركعات، فلما جمعهم عمر على أبيّ بن كعب كان يصلي بهم عشرين ركعة، ثم يوتر بثلاث، وكان يخفف القراءة بقدر ما زاد من الركعات. لأن ذلك أخفّ على المأمومين من تطويل الركعة الواحدة، ثم كان طائفة من السلف يقومون بأربعين ركعة، ويوترون بثلاث، وآخرون قاموا بست وثلاثين، وأوتروا بثلاث، وهذا كله سائغ، فكيفما قام في رمضان من هذه الوجوه، فقد أحسن.

والأفضل يختلف باختلاف أحوال المصلين، فإن كان فيهم احتمال لطول القيام، فالقيام بعشر ركعات وثلاث بعدها، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي لنفسه في رمضان وغيره هو الأفضل، وإن كانوا لا يحتملونه فالقيام بعشرين هو الأفضل، وهو الذي يعمل به أكثر المسلمين، فإنه وسط بين العشر وبين الأربعين، وإن قام بأربعين وغيرها جاز ذلك، ولا يكره شيء من ذلك. وقد نصّ على ذلك غير واحد من الأئمة كأحمد وغيره"([5]).

2/9 الدعاء بما أرشد صلى الله عليه وسلم إليه: ((اللهم إنك عفوٌ تحب العفو فاعف عنا)):

عن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت يا رسول الله: أرأيتَ إن علمتُ أي ليلةٍ ليلة القدر، ما أقول فيها؟ قال: قولي: ((اللهم إنك عفوٌ كريم تحب العفو فاعف عني))([6]).

3/9 الاعتكاف:

عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان ([7]).

قال الإمام البخاري: "باب الاعتكاف في العشر الأواخر، والاعتكاف في المساجد كلها...".

قال الحافظ ابن حجر: "قال أبو داود عن أحمد: لا أعلم عن أحدٍ من العلماء خلافاً أنه مسنون"([8]).

4/9 الاجتهاد في إحيائها بالعبادة، وإيقاظ الأهل لذلك:

عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر شدّ مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله ([9]).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وكذلك قيام الليالي جميعها، كالعشر الأخير من رمضان، أو قيام غيرها أحياناً، فهذا مما جاءت به السنن، وقد كان الصحابة يفعلونه فثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل العشر الأخير من رمضان شدّ المئزر، وأيقظ أهله، وأحيا ليله كله"([10]).

وقال القسطلاني: "وجزم عبد الرزاق بأن شدّ مئزرِه هو اعتزاله النساء، وحكاه عن الثوري، وقال الخطابي: يحتمل أن يراد به الجدّ في العبادة كما يقال: شددت لهذا الأمر مئزري، أي: تشمرت له، ويحتمل أن يراد به التشمير والاعتزال معاً، ويحتمل أن يراد به الحقيقة والمجاز، فيكون المراد: شدّ مئزره حقيقة فلم يحلّه، واعتزالَ النساء وتشمّر للعبادة.

وقوله: ((وأحيا ليله)) أي: سهره، فأحياه بالطاعة، وأحيا نفسه بسهره فيه ؛ لأن النوم أخو الموت، وأضافه إلى الليل اتساعاً، لأن النائم إذا حيي باليقظة حيي ليله بحياته، وهو نحو قوله: لا تجعلوا بيوتكم قبوراً، أي: لا تناموا فتكونوا كالأموات فتكون بيوتكم كالقبور.

فقد كان صلى الله عليه وسلم يخصّ العشر الأخير بأعمالٍ لا يعملها في بقيّة الشهر، فمنها إحياء الليل، فيحتمل أن المراد إحياء الليل كله، ويحتمل أن تريد – يعني عائشة - بإحياء الليل غالبِهُ"([11]).

5/9 الاغتسال والتطيب والتزيّن:

وقد ورد هذا عن بعض السلف.

قال الحافظ ابن رجب: "كان النخعي يغتسل في العشر كله، ومنهم من كان يغتسل ويتطيّب في الليالي التي تكون أرجى لليلة القدر، وأمر زرّ بن حبيش بالاغتسال ليلة سبع وعشرين من رمضان.

ورُوي عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه إذا كان ليلة أربع وعشرين اغتسل وتطيّب ولبس حلّة إزاراً ورداءً، فإذا أصبح طواهما فلم يلبسهما إلى مثلها من قابل.

وكان أيوب السختياني يغتسل ليلة ثلاث وعشرين، وأربع وعشرين، ويلبس ثوبين جديدين، ويستجمر([12])، ويقول: ليلة ثلاث وعشرين هي ليلة أهل المدينة، والتي تليها ليلتنا، يعني البصريين.

وعن حماد بن سلمة: كان ثابت البناني، وحميد الطويل يلبسان أحسن ثيابهما ويتطيّبان، ويطيّبون المسجد بالنضوح والدخنة([13]) في الليلة التي يرجى فيها ليلة القدر.

فتبيّن بهذا أنه يستحبّ في الليالي التي ترجى فيها ليلة القدر التنظّف والتزيّن، والتطيّب بالغسل والطيب واللباس الحسن، كما يشرع ذلك في الجُمع والأعياد، وكذلك يُشرع أخذ الزينة بالثياب في سائر الصلوات، كما قال تعالى: {خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلّ مَسْجِدٍ} [الأعراف:31]، وقال ابن عمر: (الله أحق أن يتزيّن له)، ورُوي عنه مرفوعاً ([14]).

ولا يَكْمُل التزيُّنُ الظاهر إلاّ بتزيين الباطن ؛ بالتوبة والإنابة إلى الله تعالى، وتطهيره من أدناس الذنوب وأوضارها ؛ فإن زينة الظاهر مع خراب الباطن لا تغني شيئاً"([15]).



--------------------------------------------------------------------------------

([1]) قال الحافظ ابن حجر في سبب تسميتها بالتراويح: "لأنهم أول ما اجتمعوا عليها كانوا يستريحون بين كل تسليمتين" فتح الباري (4/294).

([2]) رواه البخاري (2/62) كتاب فضل ليلة القدر باب فضل ليلة القدر رقم (2014) ومسلم (1/524) كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب الترغيب في قيام رمضان وهو التراويح رقم (760).

([3]) رواه البخاري (2/61) كتاب صلاة التراويح باب فضل من قام رمضان رقم (2013). ومسلم (1/509) كتاب صلاة المسافرين، باب: صلاة الليل وعدد ركعا ت النبي صلى الله عليه وسلم رقم (738).

([4]) رواه البخاري (1/168) كتاب الصلاة باب الحلق والجلوس في المسجد رقم (472) ومسلم (1/516) كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب صلاة الليل مثنى مثنى رقم (749).

([5]) مجموع الفتاوى (22/272).

([6]) رواه الترمذي (5/534) كتاب الدعوات، باب حدثنا يوسـف بن عيسى رقـم (3513). وابـن ماجـه (2/1265) كتاب الدعاء، باب الدعاء بالعفو والعافية. وأحمد في المسند (6/171، 182، 183). والحاكم (1/530)، قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح"، وقال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، ولم يتعقبه الذهبي.

([7]) رواه البخاري (2/65) كتاب الاعتكاف باب الاعتكاف في العشر الأواخر رقم (2025) ومسلم (2/830) كتاب الاعتكاف باب اعتكاف العشر الأواخر رقم (1171).

([8]) فتح الباري (4/320).

([9]) رواه البخاري (2/64) كتاب فضل ليلة القدر باب العمل في العشر الأواخر من رمضان رقم (2024) ومسلم (2/732) كتاب الاعتكاف باب الاجتهاد وفي العشر الأواخر من شهر رمضان رقم (1174).

([10]) مجموع الفتاوى (22/304).

([11]) المواهب اللدنية (4/393-394) باختصار.

([12]) مِن: الجَمْر ، والمراد: يتطيّب بالبخور.

([13]) النضوح: نوع من الطيب تفوح رائحته، والدُّخنة: ما يُتبخّر به من الطيب.

([14]) رواه الطبراني في الأوسط عن ابن عمر ولفظه: "إذا صلى أحدكم فليصل في ثوبين، فإن لم يكن عليه ثوب فليتزر به، ثم ليصل، ولا تشتملوا اشتمال اليهود، فإن الله أحق أن يتزيّن له" (8/29-30) . وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (2/51): إسناده حسن.

([15]) لطائف المعارف (ص346-347).
__________________
لرعاية الاسلام والمسلمين
ونشر الخير لكل الناس
رد مع اقتباس
  #16  
قديم 22-09-2006, 01:03 AM
جمعية حضن الاسلام جمعية حضن الاسلام غير متصل
عضو متميز
 
تاريخ التسجيل: Mar 2006
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 298
الدولة : Egypt
افتراضي

تلاوة القرآن في رمضان وآدابها













رمضان شهر القرآن:




قال تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ ?لَّذِى أُنزِلَ فِيهِ ?لْقُرْآنُ هُدًى لّلنَّاسِ وَبَيِّنَـ?تٍ مِّنَ ?لْهُدَى? وَ?لْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى? سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ ?للَّهُ بِكُمُ ?لْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ ?لْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ ?لْعِدَّةَ وَلِتُكَبّرُواْ ?للَّهَ عَلَى? مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [البقرة:185].

قال ابن كثير: "يمدح تعالى شهر الصيام من بين سائر الشهور بأن اختاره من بينهن لإنزال القرآن العظيم"([1]).

قال ابن رجب الحنبلي: "وشهر رمضان له خصوصية بالقرآن كما قال تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ ?لَّذِى أُنزِلَ فِيهِ ?لْقُرْآنُ}"([2]).

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخير، وأجود ما يكون في شهر رمضان؛ لأن جبريل كان يلقاه في كل ليلة في شهر رمضان حتى ينسلخ، يعرض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن، فإذا لقيه جبريل كان أجود بالخير من الريح المرسلة ([3]).

قال ابن رجب: "دل الحديث على استحباب دراسة القرآن في رمضان والاجتماع على ذلك، وفيه دليل على استحباب الإكثار من تلاوة القرآن في شهر رمضان"([4]).





--------------------------------------------------------------------------------

([1]) تفسير القرآن العظيم (1/222).

([2]) لطائف المعارف (ص315).

([3]) رواه البخاري: فضائل القرآن، باب كان جبريل يعرض القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم (4997)، ومسلم: الفضائل (2308).

([4]) لطائف المعارف (ص315) بتصرف يسير.















فضائل القرآن من الكتاب والسنة:




قال تعالى: {إِنَّ ?لَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَـ?بَ ?للَّهِ وَأَقَامُواْ ?لصَّلَو?ةَ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَـ?هُمْ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً يَرْجُونَ تِجَـ?رَةً لَّن تَبُورَ c لِيُوَفّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مّن فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ} [فاطر:29، 30].

قال ابن كثير: "يخبر تعالى عن عباده المؤمنين الذين يتلون كتابه، ويؤمنون به، ويعملون بما فيه من إقام الصلاة والإنفاق مما رزقهم الله تعالى في الأوقات المشروعة ليلاً ونهاراً، سراً وعلانية {يَرْجُونَ تِجَـ?رَةً لَّن تَبُورَ} أي يرجون ثواباً عند الله لا بد من حصوله"([1]).

وقال عز وجل: {إِنَّ هَـ?ذَا ?لْقُرْءانَ يِهْدِى لِلَّتِى هِىَ أَقْوَمُ وَيُبَشّرُ ?لْمُؤْمِنِينَ ?لَّذِينَ يَعْمَلُونَ ?لصَّـ?لِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا * وأَنَّ ?لَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِ?لآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} [الإسراء:9، 10].

قال ابن جرير: "يقول تعالى ذكره إن هذا القرآن الذي أنزلناه على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يرشد ويسدد من اهتدى به {لِلَّتِى هِىَ أَقْوَمُ} يقول: للسبيل التي هي أقوم من غيرها من السبل، وذلك دين الله الذي بعث به أنبياءه وهو الإسلام، يقول جل ثناؤه: فهذا القرآن يهدي عباد الله المهتدين به إلى قصد السبيل التي ضل عنها سائر أهل الملل المكذبين به"([2]).

وقال تعالى: {وَنُنَزّلُ مِنَ ?لْقُرْءانِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ ?لظَّـ?لِمِينَ إَلاَّ خَسَارًا} [الإسراء:82].

قال ابن جرير: "يقول تعالى ذكره: وننزل عليك يا محمد من القرآن ما هو شفاء يستشفى به من الجهل من الضلالة، ويبصر به من العمى للمؤمنين ورحمة لهم دون الكافرين به؛ لأن المؤمنين يعملون بما فيه من فرائض الله، ويحلون حلاله، ويحرمون حرامه فيدخلهم بذلك الجنة، وينجيهم من عذابه فهو لهم رحمة ونعمة من الله أنعم بها عليهم {وَلاَ يَزِيدُ ?لظَّـ?لِمِينَ إَلاَّ خَسَارًا} يقول: ولا يزيد هذا الذي ننزل عليك من القرآن الكافرين به إلا خساراً، يقول: إهلاكاً؛ لأنهم كلما نزل فيه أمر من الله بشيء أو نهي عن شيء كفروا به، فلم يأتمروا لأمره، ولم ينتهوا عما نهاهم عنه فزادهم ذلك خساراً إلى ما كانوا فيه قبل ذلك من الخسار رجساً إلى رجسهم قبل"([3]).

وقال عز وجل: {ي?أَيُّهَا ?لنَّاسُ قَدْ جَاءتْكُمْ مَّوْعِظَةٌ مّن رَّبّكُمْ وَشِفَاء لِمَا فِى ?لصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لّلْمُؤْمِنِينَ * قُلْ بِفَضْلِ ?للَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مّمَّا يَجْمَعُونَ} [يونس:57، 58].

قال ابن كثير: "يقول تعالى ممتناً على خلقه بما أنزله من القرآن العظيم على رسوله الكريم: {ي?أَيُّهَا ?لنَّاسُ قَدْ جَاءتْكُمْ مَّوْعِظَةٌ مّن رَّبّكُمْ} أي زاجراً عن الفواحش {وَشِفَاء لِمَا فِى ?لصُّدُورِ} أي من الشبه والشكوك، وهو إزالة ما فيها من رجس ودنس {وَهُدًى وَرَحْمَةٌ} أي يحصل به الهداية والرحمة من الله تعالى، وإنما ذلك للمؤمنين به والمصدقين الموقنين بما فيه وقوله تعالى: {قُلْ بِفَضْلِ ?للَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ} أي بهذا الذي جاءهم من الله من الهدى ودين الحق فليفرحوا، فإنه أولى ما يفرحون به {هُوَ خَيْرٌ مّمَّا يَجْمَعُونَ} أي من حطام الدنيا وما فيها من الزهرة الفانية الذاهبة لا محالة"([4]).

وقال سبحانه: {?للَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ ?لْحَدِيثِ كِتَـ?باً مُّتَشَـ?بِهاً مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ ?لَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى? ذِكْرِ ?للَّهِ ذَلِكَ هُدَى ?للَّهِ يَهْدِى بِهِ مَن يَشَاء وَمَن يُضْلِلِ ?للَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} [الزمر:23].

قال ابن كثير: "هذا مدح من الله عز وجل لكتابه القرآن العظيم المنزل على رسوله الكريم"([5]).

وقال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي: "فأحسن الحديث كلام الله، وأحسن الكتب المنزلة من كلام الله هذا القرآن، وإذا كان هو الأحسن عُلم أن ألفاظه أفصح الألفاظ وأوضحها، وأن معانيه أجل المعاني؛ لأنه أحسن الحديث في لفظه ومعناه متشابهاً في الحسن والائتلاف وعدم الاختلاف بوجه من الوجوه حتى إنه كلما تدبره المتدبر، وتفكر فيه المتفكر رأى من اتفاقه حتى في معانيه الغامضة ما يبهر الناظرين، ويجزم بأنه لا يصدر إلا من حكيم عليم"([6]).

وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((مثل الذي يقرأ القرآن كالأترجة طعمها طيب وريحها طيب، والذي لا يقرأ القرآن كالتمرة طعمها طيب ولا ريح فيها، ومثل الفاجر الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة ريحها طيب وطعمها مرّ، ومثل الفاجر الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة طعمها مر ولا ريح فيها)) ([7]).

قال ابن بطال: "لما كان ما جمع طيب الريح وطيب المطعم أفضل المأكولات، وشبه النبي صلى الله عليه وسلم المؤمن الذي يقرأ القرآن بالأترجه التي جمعت طيب الريح وطيب المطعم، دل ذلك أن القرآن أفضل الكلام"([8]).

وقال النووي: "فيه فضيلة حافظ القرآن"([9]).

وعن أبي عبد الرحمن السلمي عن عثمان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((خيركم من تعلم القرآن وعلّمه)) وأقرأ أبو عبد الرحمن السلمي في إمرة عثمان حتى كان الحجاج، قال: وذلك الذي أقعدني مقعدي هذا([10]).

قال ابن بطال: "حديث عثمان يدل أن قراءة القرآن أفضل أعمال البر كلها؛ لأنه لما كان من تَعلّم القرآن أو علمه أفضل الناس وخيرهم دلّ ذلك على ما قلناه؛ لأنه إنما وجبت له الخيرية والفضل من أجل القرآن، وكان له فضل التعليم جارياً ما دام كل من علمه تالياً"([11]).

وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا حسد إلا على اثنتين: رجل آتاه الله الكتاب وقام به آناء الليل، ورجل أعطاه الله مالاً فهو يتصدق به آناء الليل وآناء النهار))([12]).

قال ابن كثير: "ومضمون الحديث أن صاحب القرآن في غبطة وهي حسن الحال، فينبغي أن يكون شديد الاغتباط بما هو فيه، ويستحب تغبيطه بذلك"([13]).

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران))([14]).

قال القاضي عياض: "يحتمل - والله أعلم - أن له في الآخرة منازل يكون فيها رفيقاً للملائكة السفرة لاتصافه بوصفهم بحمل كتاب الله، ويحتمل أن يكون المراد أنه عامل لعمل السفرة وسالك مسلكهم"([15]).

وعن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال: كان رجل يقرأ سورة الكهف وإلى جانبه حصان مربوط بشطَنَيْن، فتغشته سحابة فجعلت تدنو وتدنو، وجعل فرسه ينفر، فلما أصبح أتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فقال: ((تلك السكينة تنزلت للقرآن))([16]).

قال النووي: "قد قيل في معنى السكينة هنا أشياء، والمختار منها: أنها شيء من مخلوقات الله تعالى فيه طمأنينة ورحمة، ومعه الملائكة، وفي الحديث فضيلة القراءة وأنها سبب نزول الرحمة وحضور الملائكة، وفيه فضيلة استماع القرآن"([17]).

وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في الصفة فقال: ((أيكم يحب أن يغدو كل يوم إلى بطحان أو إلى العقيق فيأتي منه بناقتين كَوْماويْن([18]) في غير إثم ولا قطع رحم))؟ فقلنا: يا رسول الله نحب ذلك، قال: ((أفلا يغدو أحدكم إلى المسجد فيعلم أو يقرأ آيتين من كتاب الله عز وجل خير له من ناقتين وثلاث خير له من ثلاث، وأربع خير له من أربع ومن أعدادهن من الإبل؟))([19]).

قال أبو العباس القرطبي: "ومقصود الحديث الترغيب في تعلم القرآن وتعليمه، وخاطبهم على ما تعارفوه، فإنهم أهل إبل، وإلا فأقلّ جزء من ثواب القرآن وتعليمه خير من الدنيا وما فيها"([20]).



--------------------------------------------------------------------------------

([1]) تفسير القرآن العظيم (3/561).

([2]) جامع البيان (8/43).

([3]) جامع البيان (8/139).

([4]) تفسير القرآن العظيم (2/436).

([5]) تفسير القرآن العظيم (4/55).

([6]) تيسير الكريم الرحمن (6/463-464).

([7]) أخرجه البخاري: فضائل القرآن، باب فضل القرآن على سائر الكلام (5020)، ومسلم: صلاة المسافرين (797).

([8]) شرح البخاري (10/256).

([9]) شرح صحيح مسلم (6/83).

([10]) أخرجه البخار ي: فضائل القرآن، باب خيركم من تعلم القرآن وعلمه (5027).

([11]) شرح البخاري (10/265).

([12]) أخرجه البخاري: فضائل القرآن، اغتباط صاحب القرآن (5025)، ومسلم: صلاة المسافرين (815).

([13]) فضائل القرآن لابن كثير (ص129).

([14]) أخرجه البخاري: التفسير، سورة عبس (4937)، ومسلم كتاب: صلاة المسافرين باب : نزول السكينة لقراءة القرآن. (798).

([15]) إكمال المعلم (3/166).

([16]) أخرجه البخاري: فضائل القرآن، فضل الكهف (5011)، ومسلم: صلاة المسافرين (795).

([17]) شرح صحيح مسلم (6/82).

([18]) الكَوْماء من الإبل: مشرفة السنام عاليته (النهاية في غريب الحديث 4/211).

([19]) أخرجه مسلم كتاب: صلاة المسافرين باب: فضل قراءة القرآن في الصلاة وتعلمه (803).

([20]) المفهم (2/429).








آداب قراءة القرآن :




1. الإخلاص لله تعالى:


قال النووي: "أول ما ينبغي للمقرئ والقارئ أن يقصدا بذلك رضا الله تعالى، قال الله تعالى: {وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ ?للَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ?لدّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُواْ ?لصَّلَو?ةَ وَيُؤْتُواْ ?لزَّكَو?ةَ وَذَلِكَ دِينُ ?لقَيّمَةِ} [البينة:5]. أي: الملة المستقيمة، وفي الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى))([1]) " ([2]).



2. الطهارة:

قال النووي: "يستحب أن يقرأ وهو على طهارة، فإن قرأ محدثاً جاز بإجماع المسلمين، والأحاديث فيه كثيرة معروفة"([3]).



3. الاستياك:

قال النووي: "وينبغي إذا أراد القراءة أن ينظف فاه بالسواك وغيره"([4]).



4. حسن الهيئة عند القراءة:

قال الغزالي مبينا آداب التلاوة: "الأول أن يكون على الوضوء واقفاً على هيئة الأدب والسكون، إما قائماً وإما جالساً مستقبل القبلة، مطرقاً رأسه غير متربع ولا متكئ ولا جالس على هيئة التكبر، فإن قرأ على غير وضوء وكان مضطجعاً في الفراش فله أيضاً ولكنه دون ذلك، قال الله تعالى: {?لَّذِينَ يَذْكُرُونَ ?للَّهَ قِيَـ?ماً وَقُعُوداً وَعَلَى? جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِى خَلْقِ ?لسَّمَـ?و?تِ وَ?لأرْضِ} [آل عمران:191]. فأثنى على الكل، ولكن قدّم القيام في الذكر، ثم القعود، ثم الذكر مضطجعاً"([5]).



5. نظافة المكان الذي يقرأ فيه:

قال النووي: "ويستحب أن تكون القراءة في مكان نظيف مختار، ولهذا استحب جماعة من العلماء القراءة في المسجد لكونه جامعاً للنظافة وشرف البقعة"([6]).



6. الاستعاذة عند بداية القراءة:

والدليل قوله تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ ?لْقُرْءانَ فَ?سْتَعِذْ بِ?للَّهِ مِنَ ?لشَّيْطَـ?نِ ?لرَّجِيمِ} [النحل:98].

قال ابن جرير: "يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: وإذا كنت يا محمد قارئاً القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم" ([7]).

وصيغة التعوذ أن يقول: (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم)([8]).

وله صيغة أخرى وهي: (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه).

وصيغة ثالثة بزيادة هي: (أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه) ([9]).



7. الترتيل:

قال تعالى: {وَرَتّلِ ?لْقُرْءانَ تَرْتِيلاً} [المزمل:4].

قال ابن جرير: "يقول جل ثناؤه وبيّن القرآن إذا قرأته تبييناً وترسّل فيه ترسلاً"([10]).

وقال ابن كثير: "أي: اقرأه على تمهل، فإنه يكون عوناً على فهم القرآن وتدبره"([11]).

وعن قتادة قال: سئل أنس، كيف كانت قراءة النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: كانت مداً، ثم قرأ بسم الله الرحمن الرحيم، يمد ببسم الله، ويمد بالرحمن، ويمد بالرحيم([12]).

قال أبو بكر الآجري: "ثم ينبغي لمن قرأ القرآن أن يرتل كما قال الله عز وجل: {وَرَتّلِ ?لْقُرْءانَ تَرْتِيلاً} قيل في التفسير: تبينه تبييناً، واعلم أنه إذا رتله وبينه انتفع به من يسمعه منه، وانتفع هو بذلك؛ لأنه قرأه كما أمر الله عز وجل في قوله تعالى: {وَقُرْءانًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى ?لنَّاسِ عَلَى? مُكْثٍ} [الإسراء:106]، على تؤدة"([13]).

وعن أبي وائل قال: جاء رجل يقال له نهيك بن سنان إلى عبد الله فقال: يا أبا عبد الرحمن كيف تقرأ هذا الحرف، ألفاً تجده أم ياء: من ماء غير آسن أو من ماء غير ياسن، فقال عبد الله: وكل القرآن قد أحصيت غير هذا؟ قال: إني لأقرأ المفصّل في ركعة، فقال عبد الله: هذَّاً كهذِّ الشعر؟ إن أقواماً يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، ولكن إذا وقع في القلب فرسخ فيه نفع ... الحديث([14]).

قال ابن كثير: "وفيه دليل على استحباب ترتيل القراءة والترسل فيها من غير هذرمة ولا بسرعة مفرطة، بل بتأمل وتفكر، قال الله تعالى: {كِتَـ?بٌ أَنزَلْنَـ?هُ إِلَيْكَ مُبَـ?رَكٌ لّيَدَّبَّرُواْ ءايَـ?تِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُو ?لاْلْبَـ?بِ} [ص:29]" ([15]).



8. تحسين الصوت بالقرآن:

عن أبي موسى رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: ((يا أبا موسى لقد أوتيت مزماراً من مزامير آل داود)) ([16]).

وعن أبي هريرة أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن يجهر به)) ([17]).

قال أبو بكر الآجري: "ينبغي لمن رزقه الله حسن الصوت بالقرآن أن يعلم أن الله قد خصه بخير عظيم، فليعرف قدر ما خصه الله به، وليقرأ لله لا للمخلوقين، وليحذر من الميل إلى أن يستمع منه ليحظى به عند السامعين رغبة في الدنيا، فمن مالت نفسه إلى ما نهيته عنه خِفْته أن يكون حُسْن صوته فتنة عليه، وكان مراده أن يستمع منه القرآن لينتبه أهل الغفلة عن غفلتهم، فيرغبوا فيما رغبهم الله عز وجل، وينتهوا عما نهاهم، فمن كانت هذه صفته انتفع بحسن صوته وانتفع به الناس"([18]).



9. الجهر بالقراءة:

قال تعالى: {وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَ?بْتَغِ بَيْنَ ذ?لِكَ سَبِيلاً} [الإسراء:110].

عن ابن عباس رضي الله عنهما قال في تفسير الآية: نزلت ورسول الله صلى الله عليه وسلم متوارٍ بمكة فكان إذا صلّى بأصحابه رفع صوته بالقرآن، فإذا سمع ذلك المشركون سبّوا القرآن ومن أنزله ومن جاء به، فقال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: {وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ} فيسمع المشركون قراءتك {وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا} عن أصحابك، أسمعهم القرآن، ولا تجهر ذلك الجهر {وَ?بْتَغِ بَيْنَ ذ?لِكَ سَبِيلاً} يقول بين الجهر والمخافتة"([19]).

قال ابن جرير: "فتأويل الكلام: قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أياً ما تدعوا فله الأسماء الحسنى، ولا تجهر يا محمد بقراءتك في صلاتك، ودعائك فيها ربك ومسألتك إياه وذكرك فيها فيؤذيك بجهرك بذلك المشركون، ولا تخافت بها فلا يسمعها أصحابك {وَ?بْتَغِ بَيْنَ ذ?لِكَ سَبِيلاً} ولكن التمس بين الجهر والمخافتة طريقاً إلى أن تسمع أصحابك ولا يسمعه المشركون فيؤذوك"([20]).

وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الجاهر بالقرآن كالجاهر بالصدقة، والمسر بالقرآن كالمسر بالصدقة))([21]).

وقال الترمذي: "ومعنى هذا الحديث: أن الذي يُسرُّ بقراءة القرآن أفضل من الذي يجهر بقراءة القرآن؛ لأن صدقة السر أفضل عند أهل العلم من صدقة العلانية، وإنما معنى هذا عند أهل العلم لكي يأمن الرجل من العجب؛ لأن الذي يُسرُّ العمل لا يُخاف عليه العجب ما يُخاف عليه من علانيته"([22]).

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: اعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد، فسمعهم يجهرون بالقراءة، فكشف الستر وقال: ((ألا إن كلكم مناج ربه، فلا يؤذين بعضكم بعضاً، ولا يرفع بعضكم على بعض في القراءة)) أو قال: ((في الصلاة)) ([23]).

قال الغزالي: "ووجه الجمع أن الإسرار أبعد عن الرياء والتصنع، فهو أفضل في حق من يخاف ذلك على نفسه، فإن لم يخف ولم يكن في الجهر ما يشوّش الوقت على مُصَلِّ آخر فالجهر أفضل؛ لأن العمل فيه أكثر، ولأن فائدته أيضاً تتعلق بغيره، فالخير المتعدي أفضل من اللازم، ولأنه يوقظ قلب القارئ، ويجمع همه إلى الفكر، ويصرف إليه سمعه، ولأنه يطرد النوم في رفع الصوت، ولأنه يزيد في نشاطه للقراءة ويقلل من كسله"([24]).



10. التدبر:

قال تعالى: {كِتَـ?بٌ أَنزَلْنَـ?هُ إِلَيْكَ مُبَـ?رَكٌ لّيَدَّبَّرُواْ ءايَـ?تِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُو ?لألْبَـ?بِ} [ص:29].

قال ابن جرير: "يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: وهذا القرآن كتاب أنزلناه إليك يا محمد مبارك ليدبروا آياته، يقول: ليتدبروا حجج الله التي فيه وما شرع فيه من شرائعه، فيتعظوا ويعملوا به"([25]).

قال الآجري: "ثم إن الله عز وجل حثّ خلقه على أن يتدبروا القرآن فقال عز وجل: {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ ?لْقُرْءانَ أَمْ عَلَى? قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد:24].

وقال عز وجل: {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ ?لْقُرْءانَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ ?للَّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ ?خْتِلَـ?فاً كَثِيراً} [النساء:82].

ألا ترون - رحمكم الله - إلى مولاكم الكريم كيف يحث خلقه على أن يتدبروا كلامه، ومن تدبر كلامه عرف الرب عز وجل وعرف عظيم سلطانه وقدرته وعرف عظيم تفضله على المؤمنين، وعرف ما عليه من فرض عبادته، فألزم نفسه الواجب فحذر مما حذره مولاه الكريم ورغب فيما رغبه فيه، ومن كانت هذه صفته عند تلاوته للقرآن وعند استماعه من غيره كان القرآن له شفاء فاستغنى بلا مال وعزّ بلا عشيرة وأنس بما يستوحش منه غيره، وكان همه عند التلاوة للسورة إذا افتتحها، متى أتعظ بما أتلوا؟! ولم يكن متى أختم السورة، وإنما مراده متى أعقل عن الله الخطاب، متى أزدجر، متى أعتبر؟! لأن تلاوته للقرآن عبادة، والعبادة لا تكون بغفلة والله الموفق"([26]).



11. البكاء :

قال تعالى: {قُلْ ءامِنُواْ بِهِ أَوْ لاَ تُؤْمِنُواْ إِنَّ ?لَّذِينَ أُوتُواْ ?لْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى? عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأذْقَانِ سُجَّدًا * وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبّنَا لَمَفْعُولاً * وَيَخِرُّونَ لِلأذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا} [الإسراء:107-109].

قال ابن جرير: "يقول تعالى ذكره: ويخرّ هؤلاء الذين أوتوا العلم من مؤمني أهل الكتابين من قبل نزول الفرقان إذا يتلى عليهم القرآن لأذقانهم يبكون، ويزيدهم ما في القرآن من المواعظ والصبر خشوعاً، يعني: خضوعاً لأمر الله وطاعته واستكانة له"([27]).

وقال عز وجل: {أُولَـئِكَ ?لَّذِينَ أَنْعَمَ ?للَّهُ عَلَيْهِم مّنَ ?لنَّبِيّيْنَ مِن ذُرّيَّةِ ءادَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرّيَّةِ إِبْر?هِيمَ وَإِسْر?ءيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَ?جْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى? عَلَيْهِمْ ءايَـ?تُ ?لرَّحْمَـ?نِ خَرُّواْ سُجَّداً وَبُكِيّاً} [مريم:58].

قال ابن جرير: "يقول: إذا تتلى على هؤلاء الذين أنعم الله عليهم من النبيين أدلة الله وحججه التي أنزلها عليهم في كتبه {خَرُّواْ} لله {سُجَّداً} استكانة له وتذللاً وخضوعاً لأمره وانقياداً، {وَبُكِيّاً} يقول: خروا سجداً وهم باكون"([28]).

قال الآجري: "فأحب لمن يقرأ القرآن أن يتحزن عند قراءته ويتباكى ويخشع قلبه ويتفكر في الوعد والوعيد ليستجلب بذلك الحزن، ألم تسمع إلى ما نعت الله عز وجل من هو بهذه الصفة وأخبرنا بفضلهم، فقال: {?للَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ ?لْحَدِيثِ كِتَـ?باً مُّتَشَـ?بِهاً مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ ?لَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى? ذِكْرِ ?للَّهِ}[الزمر:23].

ثم ذمّ قوماً استمعوا القرآن فلم تخشع له قلوبهم فقال عز وجل: {أَفَمِنْ هَـ?ذَا ?لْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ G وَتَضْحَكُونَ وَلاَ تَبْكُونَ * وَأَنتُمْ سَـ?مِدُونَ} [النجم:59-61]"([29]).

وقال الغزالي: "ووجه احضار الحزن أن يتأمل ما فيه من التهديد والوعيد والمواثيق والعهود، ثم يتأمل تقصيره في أوامره وزواجره فيحزن لا محالة ويبكي، فإن لم يحضره حزن وبكاء كما يحضر أرباب القلوب الصافية فليبك على فقد الحزن والبكاء فإن ذلك أعظم المصائب"([30]).




12.مراعاة حق الآيات:

عن حذيفة رضي الله عنه قال: صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فافتتح البقرة، فقلت: يركع عند المائة، ثم مضى، فقلت: يصلي بها في ركعة، فمضى، فقلت: يركع بها، ثم افتتح النساء فقرأها، ثم افتتح آل عمران فقرأها، يقرأ مسترسلاً: إذا مرّ بآية فيها تسبيح سبح، وإذا مرّ بسؤال سأل، وإذا مر بتعوذ تعوذ ... الحديث"([31]).

قال الآجري: "وأحب إذا درس فمرت به آية رحمة سأل مولاه الكريم، وإذا مرت به آية عذاب استعاذ بالله عز وجل من النار، وإذا مر بآية تنزيه لله عز وجل عما قال أهل الكفر سبح الله وعظمه"([32]).



13.المحافظة على سجود التلاوة:

قال تعالى: {إِذَا تُتْلَى? عَلَيْهِمْ ءايَـ?تُ ?لرَّحْمَـ?نِ خَرُّواْ سُجَّداً وَبُكِيّاً} [مريم:58].

قال ابن كثير: "أي إذا سمعوا كلام الله المتضمن حججه ودلائله وبراهينه سجدوا لربهم خضوعاً واستكانة، حمداً وشكراً على ما هم فيه من النعم العظيمة، فلهذا أجمع العلماء على شرعية السجود ههنا اقتداء بهم واتباعاً لمنوالهم"([33]).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكي، يقول: يا ويله، أمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة، وأمرت بالسجود فعصيت فلي النار)) ([34]).

قال الآجري: "وأحب للقارئ أن يأخذ نفسه بسجود القرآن كلما مر بسجدة سجد فيها، وفي القرآن خمس عشرة سجدة، وقد قيل أربع عشرة سجدة، وقد قيل إحدى عشرة سجدة، والذي أختار له أن يسجد كلما مرت به سجدة، فإنه يرضي ربه عز وجل، ويغيظ عدوه الشيطان"([35]).



14.الاجتماع عند التلاوة:

عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله تعالى يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده))([36]).

وعن أبي هريرة وأبي سعيد رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما من قوم يذكرون الله إلا حفّت بهم الملائكة وغشيتهم الرحمة ونزلت عليهم السكينة وذكرهم الله فيمن عنده)) ([37]).

قال النووي: "اعلم أن قراءة الجماعة مجتمعين مستحبة بالدلائل الظاهرة وأفعال السلف والخلف المتظاهرة"، ثم ذكر الحديثين السابقين فقال: "وروى ابن أبي داود فعل الدراسة مجتمعين عن جماعات من أفاضل السلف والخلف وقضاة المتقدمين"([38]).



--------------------------------------------------------------------------------

([1]) أخرجه البخاري: بدء الوحي ، باب بدء الوحي (1)، ومسلم في : الإمارة ، باب : قوله صلى الله عليه وسلم: ((إنما الأعمال...)) (1907).

([2]) التبيان في آداب حملة القرآن (ص17).

([3]) المصدر السابق (ص38).

([4]) المصدر السابق (ص37).

([5]) إحياء علوم الدين (1/365).

([6]) التبيان (ص40).

([7]) تفسير ابن جرير (7/644).

([8]) التبيان (ص41).

([9]) أخرجه والذي قبله أبو داود: الصلاة، باب: رأي الاستفتاح بسبحانك اللهم وبحمدك (775)، والترمذي: الصلاة، باب: ما يقول عند افتتاح الصلاة (242)، والدارمي: الصلاة، باب: ما يقال بعد افتتاح الصلاة (1241) من حديث أبي سعيد الخدري وصححه الألباني في الإرواء برقم (341، 342). وقد فسر ألفاظه عمرو بن مرة عند ابن ماجه (1/265، 807) ومطر الوراق عند الدرامي (ص325) بالرقم السابق فقالا: همزه: الموتة، ونفثه: الشعر، ونفخه: الكبر.

([10]) تفسير ابن جرير (12/280).

([11]) تفسير القرآن العظيم (4/463).

([12]) أخرجه البخاري: فضائل القرآن، باب مدّ القراءة (5046).

([13]) أخلاق حملة القرآن (220/221).

([14]) أخرجه البخاري: فضائل القرآن، باب: الترتيل في القراءة (5043)، ومسلم: صلاة المسافرين (722) واللفظ له.

([15]) فضائل القرآن (ص158).

([16]) أخرجه البخاري: فضائل القرآن، باب: حسن الصوت بالقراءة للقرآن (5048)، ومسلم: صلاة المسافرين (793).

([17]) أخرجه البخاري: فضائل القرآن، باب: من لم يتغن بالقرآن (5023)، ومسلم: صلاة المسافرين (792).

([18]) أخلاق حملة القرآن (ص210).

([19]) أخرجه البخاري: التفسير، باب: ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها (4722)، ومسلم: الصلاة (446).

([20]) جامع البيان (17/588-589).

([21]) رواه أبو داود: الصلاة، باب: رفع الصوت بالقراءة في صلاة الليل (1333)، والترمذي: فضائل القرآن، والنسائي: الزكاة، باب: المسر بالصدقة (2561)، والحاكم: فضائل القرآن (1/155)، وقال: صحيح على شرط البخاري وصححه الألباني في صحيح أبي داود برقم (1184) (1/247).

([22]) جامع الترمذي (5/165-166).

([23]) رواه أبو داود: الصلاة، باب: رفع الصوت بالقراءة في صلاة الليل (1332)، والنسائي: في فضائل القرآن، باب: ذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم لا يجهر بعضكم على بعض في القرآن (117)، وابن خزيمة: أبواب صلاة التطوع بالليل، باب: الزجر عن الجهر بالقراءة في الصلاة (1162)، والحاكم في المستدرك: صلاة التطوع (1/311)، وقال: صحيح على شرط الشيخين، وصححه الألباني في صحيح أبي داود (1183)، وفي الصحيحة (1597)، (1603).

([24]) إحياء علوم الدين (1/370).

([25]) جامع البيان (21/190).

([26]) أخلاق حملة القرآن (ص111).

([27]) جامع البيان (17/579).

([28]) جامع البيان (18/58).

([29]) أخلاق حملة القرآن (ص220).

([30]) إحياء علوم الدين (1/368).

([31]) رواه مسلم: صلاة المسافرين (272).

([32]) أخلاق حملة القرآن (ص201).

([33]) تفسير القرآن العظيم (3/134) بتصرف يسير.

([34]) أخرجه مسلم: الإيمان (81) ولكن قال (فأبيت) بدل (فعصيت).

([35]) أخلاق حملة القرآن (ص198).

([36]) أخرجه مسلم: الذكر والدعاء باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكر (2699).

([37]) أخرجه مسلم: الذكر والدعاء (2700).

([38]) التبيان في آداب حملة القرآن (ص51).
__________________
لرعاية الاسلام والمسلمين
ونشر الخير لكل الناس
رد مع اقتباس
  #17  
قديم 22-09-2006, 01:04 AM
جمعية حضن الاسلام جمعية حضن الاسلام غير متصل
عضو متميز
 
تاريخ التسجيل: Mar 2006
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 298
الدولة : Egypt
افتراضي

الدروس المستفادة من رمضان








1 ـ رمضان شهر الصبر:




الصـبر:

قال ابن فارس: "الصاد والباء والراء أصول ثلاثة: الأول الحبس، والثاني أعالي الشيء، والثالث جنس من الحجارة" ([1]).

قال أبو عبيد: "وأصل الصبر: الحبس، وكل من حبس شيئاً فقد صبره" ([2]).

قال عنترة:

فصبرت عارفة لذلك حرّة ترسو إذا نفس الجبان تطلّع

يقول: حبست نفساً صابرة ([3]).

قال الراغب: "الصبر الإمساك في ضيق" ([4]).

وقال: "وسمي الصوم صبراً لكونه كالنوع له" ([5]).

قال تعالى: {وَ?سْتَعِينُواْ بِ?لصَّبْرِ وَ?لصَّلَو?ةِ} [البقرة:45].

قال ابن جرير: "وقد قيل: إن معنى الصبر في هذا الموضع: الصوم، والصوم بعض معاني الصبر عندنا" ([6]).



رمضان والصبر:


عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((شهر الصبر وثلاثة أيام من كل شهر صوم الدهر))([7]).

قال السيوطي: "شهر الصبر هو شهر رمضان، وأصل الصبر: الحبس، فسمي الصوم صبراً لما فيه من حبس النفس عن الطعام والشراب والنكاحً([8]).

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجلٍ: ((صُمْ شهر الصبر ويوماً من كل شهر))، قال: زدني فإن بي قوة، قال: ((صُمْ يومين))، قال: زدني، قال: ((صُمْ ثلاثة أيام))، قال: زدني، قال: ((صُمْ من الحُرُم واترك، صُمْ من الحُرُم واترك، صُمْ من الحُرُم واترك))، وقال بأصابعه الثلاثة فضمها ثم أرسلها ([9]).

قال الخطابي: "وقوله: ((من الحُرُم)) فإن الحرم أربعة أشهر، وهي التي ذكرها الله سبحانه وتعالى في كتابه، فقال: {إِنَّ عِدَّةَ ?لشُّهُورِ عِندَ ?للَّهِ ?ثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَـ?بِ ?للَّهِ يَوْمَ خَلَقَ ?لسَّم?و?ت وَ?لأرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ} [التوبة:36]. وهي شهر رجب وذي القعدة وذي الحجة والمحرم" ([10]).

رمضان مدرسة لتعلم الصبر:

قال ابن رجب الحنبلي: "وأفضل أنواع الصبر: الصيام، فإنه يجمع الصبر على الأنواع الثلاثة؛ لأنه صبر على طاعة الله عز وجل، وصبر عن معاصي الله ؛ لأن العبد يترك شهواته لله ونفسه قد تنازعه إليها، ولهذا جاء في الحديث الصحيح أن الله عز وجل يقول: ((كل عمل ابن آدم له إلا الصيام، فإنه لي، وأنا أجزي به، إنه ترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي)) ([11]).

وفيه أيضاً صبرٌ على الأقدار المؤلمة بما قد يحصل للصائم من الجوع والعطش، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يسمي شهر الصيام شهر الصبر"([12]).



أنواع الصبر:


قال ابن القيم: "الصبر باعتبار متعلقه ثلاثة أقسام: صبر على الأوامر والطاعات حتى يؤديها، وصبرٌ عن المناهي والمخالفات حتى لا يقع فيها، وصبر على الأقدار والأقضية حتى لا يتسخطها" ([13]).





--------------------------------------------------------------------------------

([1]) المقاييس (4/329).

([2]) تهذيب اللغة (12/171).

([3]) الصحاح (2/706).

([4]) المفردات (ص474).

([5]) المرجع السابق.

([6]) تفسير الطبري (1/259).

([7]) أخرجه النسائي في الصيام، باب ذكر الاختلاف على أبي عثمان في حديث أبي هريرة (3408).

([8]) شرح سنن النسائي (4/218).

([9]) أبو داود (2428) في الصوم، باب في صوم أشهر الحرم، ابن ماجه (1741) في الصيام، باب صيام أشهر الحرم، أحمد (19811).

([10]) معالم السنن (3/306).

([11]) رواه البخاري في الصوم، باب هل يقول إني صائم إذا شتم (1805)، ومسلم في الصيام باب فضل الصيـام (1151).

([12]) جامع العلوم والحكم (1/26).

([13]) مدارج السالكين (2/165).
















2 ـ رمضان شهر الجود والإحسان والبر والصلة:



عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، فلَرَسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة([1]).

قال ابن حجر: "فيه أن مدارسة القرآن تجدد العهد بمزيد غنى النفس، والغنى سبب الجود، والجود في الشرع: إعطاء ما ينبغي لمن ينبغي، وهو أعم من الصدقة. وأيضاً فرمضان موسم الخيرت ؛ لأن نعم الله على عباده فيه زائدة على غيره، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يؤثر متابعة سنة الله في عباده، فبِمجْموع ما ذكر من الوقت والمنزول به والنازل والمذاكرة حصل المزيد في الجود، والعلم عند الله" ([2]).

من مجالات الجود والإحسان والبر والصلة:



1- تفطير الصائم:

عن زيد بن خالد الجهني قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من فطّر صائماً كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئاً))([3]).

قال المباركفوري: "قوله: ((من فطّر صائماً)) قال ابن عبد الملك: التفطير جعل أحد مفطراً، أي: من أطعم صائماً، انتهى. قال القاري: أي عند إفطاره، ((كان له)) أي لمن فطّر ((مثل أجره)) أي الصائم" ([4]).



2- بر الوالدين وصلة الأرحام:

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجلٌ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: ((أمك))، قال: ثم من؟ قال: ((ثم أمك))، قال: ثم من؟ قال: ((ثم أمك))، قال: ثم من؟ قال: ((ثم أبوك))([5]).

وعن أنس بن مالك قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من سره أن يبسط عليه رزقه، أو ينسأ في أثره فليصل رحمه))([6]).

قال النووي: "ينسأ، مهموز أي: يؤخر، والأثر: الأجل؛ لأنه تابع للحياة في أثرها، وبسط الرزق، توسيعه وكثرته، وقيل: البركة فيه" ([7]).

قال عطاء: "لدرهم أضعه في قرابتي أحب إلي من ألفٍ أضعها في فاقة. قال له قائل: يا أبا محمد، وإن كان قرابتي مثلي في الغنى، قال: وإن كان أغني منك"([8]).



3- الصدقة والإنفاق وغير ذلك من أعمال الخير:

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كل سلامى من الناس عليه صدقة، كل يوم تطلع فيه الشمس، تعدل بين الاثنين صدقة، وتعين الرجل في دابته فتحمله عليها، أو ترفع له عليها متاعه صدقة، والكلمة الطيبة صدقة، وكل خطوة تمشيها إلى الصلاة صدقة، وتميط الأذى عن الطريق صدقة))([9]).

قال النووي: "قال العلماء: المراد: صدقة ندب وترغيب، لا إيجاب وإلزام"([10]).





--------------------------------------------------------------------------------

([1]) البخاري (6) في بدء الوحي، باب بدء الوحي، مسلم (2308) في الفضائل، باب كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس.

([2]) فتح الباري (1/31).

([3]) الترمذي (807) في الصوم، باب ما جاء في فضل من فطر صائماً، ابن ماجه (1746) في الصيام، باب في ثواب من فطّر صائماً، والدارمي (2/14) في الصوم، باب الفضل لمن فطر صائماً، وعبد الرزاق (4/311)، وابن حبان في صحيحه (10/491) وقال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح".

([4]) تحفة الأحوذي (3/533).

([5]) البخاري (5971) في الأدب، باب من أحق الناس بحسن الصحبة ؟، ومسلم (2548) في البر والصلة والآداب، باب بر الوالدين وأنهما أحق به.

([6]) البخاري (5985) في الأدب، باب من بُسط له في الرزق بصلة الرحم. مسلم (2557) في البر والصلة والآداب، باب صلة الرحم، وتحريم قطيعتها.

([7]) شرح مسلم (16/114).

([8]) مكارم الأخلاق لابن أبي الدنيا (62).

([9]) البخاري (2989) في الجهاد، باب من أخذ بالركاب ونحوه، ومسلم (1009) في الزكاة، باب بيان أن اسم الصدقة يقع على كل أنواع من المعروف، واللفظ له.

([10]) شرح مسلم (7/95).













3 ـ رمضان شهر الجهاد والانتصارات والفتوح:


1- غزوة بدر الكبرى:

قال تعالى: {وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى? عَبْدِنَا يَوْمَ ?لْفُرْقَانِ يَوْمَ ?لْتَقَى ?لْجَمْعَانِ} [الأنفال:41].

قال عروة بن الزبير في قوله: {يَوْمَ ?لْفُرْقَانِ}: "يوم فرّق الله بين الحق والباطل، وهو يوم بدر، وهو أول مشهد شهده رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان رأس المشركين عتبة بن ربيعة، فالتقوا يوم الجمعة لتسع عشرة ليلة مضت من شهر رمضان، وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مائة وبضعة عشر رجلاً، والمشركون ما بين الألف والتسع مائة، فهزم الله يومئذ المشركين، وقتل منهم زيادة على سبعين، وأسر منهم"([1]).


2- فتح مكة:

عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج في رمضان من المدينة ومعه عشرة آلاف، وذلك على رأس ثمان سنين ونصف من مقدمه المدينة، فسار هو ومن معه من المسلمين إلى مكة، يصوم ويصومون حتى بلغ الكَدِيد – وهو ماء بين عسْفان وقُدَيْد – أفطَرَ وأفطروا([2]).

وعنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غزا غزوة الفتح في رمضان([3]).

3- عين جالوت:

وقعت معركة عين جالوت بين جيوش التتار بقيادة هولاكو المغولي، وبين جيوش المماليك المصرية، بقيادة الملك المظفر قطز، في يوم الجمعة الخامس والعشرين من شهر رمضان عام 658هـ، وانتصر فيها المسلمون انتصاراً عظيماً([4]).


4- وقعة شقحب:

وقعت هذه الوقعة يوم السبت للأول من رمضان من عام 702هـ، واستمرت إلى اليوم الثاني بين التتار والجيوش الإسلامية، وشارك فيها شيخ الإسلام ابن تيمية، وكانت الغلبة فيها للمسلمين.

قال ابن كثير: "وحرّض – أي ابن تيمية – السلطان على القتال وبشّره بالنصر، وجعل يحلف له بالله إن شاء الله تحقيقاً لا تعليقاً. وأفتى الناس بالفطر مدة قتالهم، وأفطر هو أيضاً، وكان يدور على الأطلاب([5]) والأمراء، فيأكل من شيء معه في يده، ليعلمهم أن إفطارهم ليتقووا على القتال أفضل، فيأكل الناس"([6]).



--------------------------------------------------------------------------------

([1]) رواه الطبري في تفسيره (10/9)، وانظر تفصيل الحديث عن الغزوة في سيرة ابن هشام (2/606-633).

([2]) البخاري (4276) في المغازي، باب غزوة الفتح في رمضان.

([3]) البخاري (4275) في المغازي، باب: غزوة الفتح في رمضان.

([4]) انظر تفاصيل المعركة في البداية والنهاية (17/403) ط التركي.

([5]) الأطلاب جمع طلب، وهو لفظ كردي، معناه الأمير الذي يقود مائتي فارس في ميدان القتال، ويطلق أيضاً على قائد المائة أو السبعين، ثم عـدل مـدلوله فأصـبح يطلق على الكتيبة من الجيش، انظر حاشية البداية والنهاية (18/28).

([6]) انظر تفاصيل الوقعة في البداية والنهاية (18/26) ط التركي.















4 ـ رمضان شهر القرآن والقيام:



القرآن وشهر رمضان:


قال تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ ?لَّذِى أُنزِلَ فِيهِ ?لْقُرْآنُ هُدًى لّلنَّاسِ وَبَيِّنَـ?تٍ مِّنَ ?لْهُدَى? وَ?لْفُرْقَانِ} [البقرة:185].

عن ابن عباس قال: (أنزل القرآن كله جملة واحدة في ليلة القدر في رمضان إلى السماء الدنيا، فكان الله إذا أراد أن يحدث في الأرض شيئاً أنزله منه حتى جمعه)([1]).

وعنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان، فيدارسه القرآن، فلرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة ([2]).

قال النووي: "إن مما يؤخذ من الحديث من الأحكام المستفادة: استحباب مدارسة القرآن في هذا الشهر المبارك"([3]).

وقال ابن حجر: "وفي الحديث من الفوائد... تعظيم شهر رمضان؛ لاختصاصه بابتداء نزول القرآن فيه، ثم معارضته ما نزل منه فيه، ويلزم من ذلك كثرة نزول جبريل فيه، وفي كثرة نزوله من توارد الخيرات والبركات ما لا يحصى، ويستفاد منه: أن فضل الزمان إنما يحصل بزيادة العبادة، وفيه أن مداومة التلاوة توجب زيادة الخير، وفيه استحباب تكثير العبادة في آخر العمر، ومذاكرة الفاضل بالخير والعلم، وإن كان هو لا يخفى عليه لزيادة التذكرة والاتعاظ، وفيه أن ليل رمضان أفضل من نهاره، وأن المقصود من التلاوة الحضور والفهم ؛ لأن الليل مظنة لذلك، لما في النهار من الشواغل والعوارض الدنيوية"([4]).




صور من اجتهاد السلف في تلاوة القرآن في شهر رمضان:



قال إبراهيم النخعي: "كان الأسود يختم القرآن في رمضان في كل ليلتين، فكان ينام بين المغرب والعشاء، وكان يختم القرآن في غير رمضان في كل ست ليالٍ"([5]).

وقال سلام بن أبي مطيع: "كان قتادة يختم القرآن في سبع، وإذا جاء رمضان ختم في كل ثلاث، فإذا جاء العشر ختم كل ليلة"([6]).

وقال الربيع بن سليمان: "كان الشافعي يختم القرآن في شهر رمضان ستين ختمة"([7]).

وقال موسى بن معاوية: "رحلت من القيروان وما أظن أحداً أخشع من البهلول بن راشد، حتى لقيت وكيعاً، وكان يقرأ في رمضان في الليل ختمه، وثلثاً، ويصلي ثنتي عشرة من الضحى، ويصلي من الظهر إلى العصر"([8]).

وقال محمد بن زهير بن محمد: "كان أبي يجمعنا في وقت ختمه للقرآن في شهر رمضان في كل يوم وليلة ثلاث مرات، يختم تسعين ختمة في رمضان"([9]).

وقال مسبح بن سعيد: "كان محمد بن إسماعيل – يعني البخاري – يختم في رمضان في النهار كل يوم ختمة، ويقوم بعد التراويح كل ثلاث ليال بختمة"([10]).

وقال أبو بكر الحداد: "أخذت نفسي بما رواه الربيع عن الشافعي أنه كان يختم في رمضان ستين ختمة، سوى ما يقرأ في الصلاة، فأكثر ما قعدت عليه تسعا وخمسين، وأتيت في غير رمضان بثلاثين ختمة"([11]).




القيام وشهر رمضان:



عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه))([12]).

قال ابن حجر: "أي قام لياليه مصلياً، والمراد من قيام الليل: ما يحصل به مطلق القيام"([13]).

وقال النووي: "معنى ((إيماناً)) تصديقاً بأنه حق مقتصد فضيلته، ومعنى ((واحتساباً)) أن يريد الله تعالى وحده، لا يقصد رؤية الناس، ولا غير ذلك مما يخالف الإخلاص، والمراد بقيام رمضان: صلاة التراويح"([14]).

من صور اجتهاد السلف في قيام رمضان:

قال علي ابن المديني: "كان سويد بن غفلة يؤمّنا في شهر رمضان في القيام، وقد أتى عليه عشرون ومائة سنة"([15]).



--------------------------------------------------------------------------------

([1]) أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره (2/145) بسند صحيح.

([2]) البخاري (6) في بدء الوحي، باب كيفية بدء الوحي، مسلم (2308) في الفضائل، باب كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس.

([3]) شرح مسلم (15/69).

([4]) فتح الباري (9/45).

([5]) سير أعلام النبلاء (4/51).

([6]) سير أعلام النبلاء (5/276).

([7]) سير أعلام النبلاء (10/36).

([8]) سير أعلام النبلاء (12/109).

([9]) سير أعلام النبلاء (12/361).

([10]) سير أعلام النبلاء (12/439).

([11]) سير أعلام النبلاء (15/447).

([12]) البخاري (37) في الإيمان، باب تطوع قيام رمضان من الإيمان، ومسلم (759) في الصيام، باب الترغيب في قيام رمضان.

([13]) فتح الباري (4/251).

([14]) شرح مسلم (6/39).

([15]) سير أعلام النبلاء (4/72).












5 ـ رمضان شهر التآخي والمحبة:



النفوس جبلت على حب من أحسن إليها، وتتجلى مظاهر التآخي والمحبة، في تفطير الصائمين، وهي إحدى حِكم حث الشارع عليها:

عن زيد بن خالد الجهني، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من فطّر صائماً كان له مثل أجره، غير أنه لا ينتقص من أجر الصائم شيئاً))([1]).

وفي إخراج زكاة الفطر مظهر من مظاهر ذلك:

عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير على العبد والحر والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين، وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة([2]).



--------------------------------------------------------------------------------

([1]) تقدم تخريجه.

([2]) البخاري (1503) في الزكاة، باب فرض صدقة الفطر، مسلم (986) في الزكاة، باب الأمر بإخراج زكاة الفطر قبل الصلاة.















6 ـ رمضان شهر المغفرة والعتق من النيران:



ويتجلى ذلك في أعمالٍ ثلاثة:


1- صوم شهر رمضان إيماناً واحتساباً.

2- قيام شهر رمضان إيماناً واحتساباً.

3- قيام ليلة القدر إيماناً واحتساباً.

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه))([1]).

وعنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ماتقدم من ذنبه)) ([2]).

إيماناً: أي بدافع الإيمان بالله ورسوله، واليوم الآخر، وأنه حق، لا عن عادة أو تقليد.

احتساباً: أي خالصاً لوجه الله عز وجل([3]).

وغاية المغفرة العتق من النار.



--------------------------------------------------------------------------------

([1]) البخاري (1901) في الصوم، باب من صام رمضان إيماناً واحتساباً ونية. ومسلم (760) في صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل والإجابة فيه، واللفظ له.

([2]) البخاري (37) في الإيمان، باب تطوع قيام رمضان عن الإيمان، ومسلم (759) في الصيام، باب الترغيب في قيام رمضان.

([3]) انظر شرح النووي على مسلم (6/39).














7 ـ رمضان شهر التوبة والتقوى:




عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلّقت أبواب النار، وصفدت الشياطين))([1]).

قال القاضي عياض: "ويحتمل أن يكون فتح أبواب الجنة عبارة عما يفتحه الله تعالى لعباده من الطاعات في هذا الشهر التي لا تقع في غيره عموما كالصيام والقيام، وكذلك تغليق أبواب النار وتصفيد الشياطين عبارة عما ينكفون عنه من المخالفات"([2]).

رمضان فرصة لأرباب الذنوب للتوبة:

يا من ما كفاه الذنب في رجب حتى عصى الله في شهر شعبان

لقد أظلك شهر الصوم بعدهمـا فلا تصيّره أيضاً شهر عصيان([3])

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((رغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصلِّ عليَّ، ورغم أنف رجل دخل عليه رمضان، ثم انسلخ قبل أن يغفر له، ورغم أنف رجلٍ أدرك عنده أبواه الكبر، فلم يدخلاه الجنة))([4]).

رمضان موسم لتكفير الذنوب والخطايا:

عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: ((الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنب الكبائر))([5]).

رمضان مدرسة للتربية على التقوى، وهي حِكمة من حكم تشريع صومه:

قال تعالى: {ي?أَيُّهَا ?لَّذِينَ ءامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ ?لصّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ?لَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة:183].

قال القرطبي: "قيل: معناه هنا: تضعفون، فإنه كلما قل الأكل ضعفت الشهوة، وكلما ضعفت الشهوة قلّت المعاصي، وهذا وجد مجازي حسن، وقيل: لتتقوا المعاصي، وقيل: هو على العموم، ولأن الصيام كما قال عليه السلام: ((الصيام جُنّة ووجاء)) وسبب تقوى، لأنه يميت الشهوات"([6]).

وقال ابن كثير: "{لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} لأن الصوم فيه تزكية للبدن، وتضييق لمسالك الشيطان، لهذا ثبت في الصحيحين: ((يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء))([7])"([8]).

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه))([9]).

قال ابن المنير: "هو كناية عن عدم القبول كما يقول المغضب لمن رد عليه شيئاً طلبه عنه فلم يقم به: لا حاجة لي بكذا، فالمراد: رد الصوم المتلبس بالزور، وقبول السالم منه"([10]).



--------------------------------------------------------------------------------

([1]) مسلم (1079) في الصيام، باب فضل شهر رمضان.

([2]) نقلاً عن شرح مسلم للنووي (7/188).

([3]) لطائف المعارف (ص282).

([4]) الترمذي (3545) في الدعوات، باب قول رسول الله صلى الله عليه وسلم رغم أنف رجلٍ، أحمد (7402) ونحوه عند ابن خزيمة (1888) في الصيام، باب استحباب الاجتهاد في رمضان.

([5]) صحيح مسلم (333) في الطهارة، باب الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان.

([6]) تفسير القرطبي (2/275-276).

([7]) البخاري (5065) في النكاح، باب: قول النبي صلى الله عليه وسلم من استطاع ، ومسلم (1400) في النكاح، باب: استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه.

([8]) تفسير ابن كثير (1/219).

([9]) البخاري (1903) في الصوم، باب من لم يدع قول الزور والعمل به في الصوم.

([10]) نقلاً عن فتح الباري (4/117).















8 ـ رمضان شهر الإخلاص والصدق:



عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال سول الله صلى الله عليه وسلم: ((كل عمل ابن آدم يضاعف، الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، قال الله عز وجل: إلا الصوم فإنه لي، وأنا أجزي به، يدع شهوته وطعامه من أجلي، للصائم فرحتان: فرحة عند فطره، وفرحة عندلقاء ربه، ولخلوف فيه أطيب عند الله من ريح المسك))([1]).

قال القرطبي: "لما كانت الأعمال يدخلها الرياء، والصوم لا يطَّلع عليه بمجرد فعله إلا الله، فأضافه الله إلى نفسه ولهذا قال في هذا الحديث: ((يدع شهوته من أجلي))"([2]).

وقال ابن الجوزي: "جميع العبادات تظهر بفعلها، وقلّ أن يسلم ما يظهر من شوب، بخلاف الصوم"([3]).

صور من إخلاص السلف وصدقهم:

قال الفلاس: "سمعت ابن أبي عدي يقول: "صام داود بن أبي هند أربعين سنة لا يعلم به أهله، كان خزازاً يحمل غداءه فيتصدق به في الطريق"([4]).





--------------------------------------------------------------------------------

([1]) البخاري (5927) في اللباس، باب ما يذكر في المسك، مسلم (1151) في الصيام، باب فضل الصيام، اللفظ لمسلم.

([2]) نقله في فتح الباري (4/107).

([3]) نقله في فتح الباري (4/107).

([4]) سير أعلام النبلاء (6/378).
__________________
لرعاية الاسلام والمسلمين
ونشر الخير لكل الناس
رد مع اقتباس
  #18  
قديم 22-09-2006, 01:08 AM
جمعية حضن الاسلام جمعية حضن الاسلام غير متصل
عضو متميز
 
تاريخ التسجيل: Mar 2006
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 298
الدولة : Egypt
افتراضي

أحاديث شهر القرآن









أولاً: أحاديث في فضل الصيام:




1- عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((من صام يوما في سبيل الله بعَّد الله وجهَه عن النار سبعين خريفا([1]))) متفق عليه([2]).

2- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((قال الله عز وجل: كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به، والصيام جُنَّة([3])، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفُث يومئذ([4]) ولا يصخب([5])، فإن سابَّه أحد أو قاتله فليقل: إني امرؤ صائم. والذي نفس محمد بيده، لخلوف فم الصائم([6]) أطيب عند الله يوم القيامة من ريح المسك. وللصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ربَّه فرح بصومه)) متفق عليه واللفظ لمسلم([7]).

3- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من أنفق زوجين([8]) في سبيل الله نودي من أبواب الجنة: يا عبد الله، هذا خير، فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة، ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد، ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الريان، ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة))، فقال أبو بكر رضي الله عنه: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، ما على من دعي من تلك الأبواب من ضرورة، فهل يدعى أحد من تلك الأبواب كلها؟ قال: ((نعم، وأرجو أن تكون منهم)) متفق عليه([9]).

4- عن سهل رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن في الجنة بابا يقال له: الريان، يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخل منه أحد غيرهم، يقال: أين الصائمون؟ فيقومون، لا يدخل منه أحد غيرهم، فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل منه أحد)) متفق عليه واللفظ للبخاري([10]).

5- عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: أي رب، منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفِّعني فيه، ويقول القرآن: منعته النوم بالليل فشفعني فيه، قال: فيُشفَّعان)) رواه أحمد([11]).





--------------------------------------------------------------------------------

([1]) أي: سبعين عاما. قال الحافظ في الفتح: "تخصيص الخريف بالذكر دون بقية الفصول لأن الخريف أزكى الفصول لكونه يُجنى فيه الثمار".

([2]) أخرجه البخاري في الجهاد (2840)، ومسلم في الصيام (1153).

([3]) بضم الجيم، أي: وقاية وستر يقيه من النار ومن شهوات نفسه.

([4]) بضم الفاء، أي: لا يتكلم بالكلام الفاحش البذيء.

([5]) الصخب الخصام والصياح.

([6]) أي: الرائحة التي تنبعث من فمه من أثر الصوم.

([7]) أخرجه البخاري في الصوم (1904)، ومسلم في الصيام (1151).

([8]) المراد بالزوجين إنفاق شيئين من أي صنف من أصناف المال من نوع واحد، فرسان أو عبدان أو بعيران..

([9]) أخرجه البخاري في الصوم (1897)، ومسلم في الزكاة (1027).

([10]) أخرجه البخاري في الصوم (1896)، ومسلم في الصيام (1152).

([11]) أخرجه أحمد (2/174)، وصححه الحاكم (2036)، وقال المنذري في الترغيب (2/84): "رواه أحمد والطبراني في الكبير ورجاله محتج بهم في الصحيح، ورواه ابن أبي الدنيا في كتاب الجوع وغيره بإسناد حسن"، وقال الهيثمي في المجمع (10/381): "رواه أحمد وإسناده حسن على ضعف في ابن لهيعة وقد وثق"، وصححه الألباني في صحيح الترغيب (984، 1429).

















ثانياً: أحاديث في فضل رمضان والعمل فيه:





6- عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم أجودَ الناس بالخير، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان جبريل عليه السلام يلقاه كلَّ ليلة في رمضان حتى ينسلخ([1])، يعرض عليه النبيُّ صلى الله عليه وسلم القرآن، فإذا لقيه جبريل عليه السلام كان أجودَ بالخير من الريح المرسلة([2]). متفق عليه([3]).

7- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه)) متفق عليه([4]).

8- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من قام رمضان إيمانا واحتسابا غُفر له ما تقدم من ذنبه)) متفق عليه([5]).

9- عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى ذات ليلة في المسجد، فصلى بصلاته ناس، ثم صلى من القابلة فكثر الناس، ثم اجتمعوا من الليلة الثالثة أو الرابعة، فلم يخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما أصبح قال: ((قد رأيت الذي صنعتم، ولم يمنعني من الخروج إليكم إلا أني خشيت أن تفرض عليكم)) وذلك في رمضان. متفق عليه([6]).

10- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا دخل شهر رمضان فتِّحت أبواب السماء، وغلِّقت أبواب جهنم، وسُلسلت الشياطين)) متفق عليه واللفظ للبخاري([7]).

11- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: ((الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن إذا اجتنب الكبائر)) رواه مسلم([8]).


--------------------------------------------------------------------------------

([1]) أي: حتى ينقضي.

([2]) المراد: هو في الإنفاق كالريح في إسراعها وعمومها.

([3]) أخرجه البخاري في الصوم (1902)، ومسلم في الفضائل (2308).

([4]) أخرجه البخاري في الإيمان (38)، ومسلم في صلاة المسافرين (760).

([5]) أخرجه البخاري في الإيمان (37)، ومسلم في صلاة المسافرين (759).

([6]) أخرجه البخاري في الجمعة (1129)، ومسلم في صلاة المسافرين (761).

([7]) أخرجه البخاري في الصوم (1899)، ومسلم في الصيام (1079).

([8]) أخرجه مسلم في الطهارة (233).




















ثالثاً: أحاديث في فضل العشر الأواخر وليلة القدر:





12- عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه)) متفق عليه([1]).

13- عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر شدَّ مئزره([2])، وأحيا ليله، وأيقظ أهله. متفق عليه واللفظ للبخاري([3]).

14- عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره. رواه مسلم([4]).

15- عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتكف العشر الأول من رمضان، ثم اعتكف العشر الأوسط في قُبَّة تركية على سُدَّتها حصير، قال: فأخذ الحصير بيده، فنحاها في ناحية القبَّة، ثم أطلع رأسه فكلَّم الناس، فدنوا منه فقال: ((إني اعتكفتُ العشرَ الأول ألتمس هذه الليلة، ثم اعتكفتُ العشر الأوسط، ثم أتيت فقيل لي: إنها في العشر الأواخر، فمن أحبَّ منكم أن يعتكف فليعتكف))، فاعتكف الناس معه، قال: ((وإني أُريتها ليلةَ وتر، وإني أسجد صبيحتها في طين وماء))، فأصبح من ليلة إحدى وعشرين وقد قام إلى الصبح، فمطرت السماء فوكف المسجد([5])، فأبصرت الطين والماء، فخرج حين فرغ من صلاة الصبح وجبينه وروثة أنفه([6]) فيهما الطين والماء، وإذا هي ليلة إحدى وعشرين من العشر الأواخر. متفق عليه واللفظ لمسلم([7]).

16- عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رجالا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أُروا ليلة القدر في المنام في السبع الأواخر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر، فمن كان متحرِّيَها فليتحرَّها في السبع الأواخر)) متفق عليه([8]).

17- عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان)) متفق عليه واللفظ للبخاري([9]).

18- عن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت: يا رسول الله، أرأيتَ إن علمتُ أي ليلةٍ ليلةُ القدر ما أقول فيها؟ قال: ((قولي: اللهم إنك عفو كريم، تحب العفو، فاعف عني)) رواه أحمد وأصحاب السنن واللفظ للترمذي([10]).





--------------------------------------------------------------------------------

([1]) أخرجه البخاري في الصوم (1901)، ومسلم في صلاة المسافرين (760).

([2]) أي: اعتزل نساءه، وقال: المراد الجد والاجتهاد في العبادة.

([3]) أخرجه البخاري في الاعتكاف (2024)، ومسلم في الاعتكاف (1174).

([4]) أخرجه مسلم في الاعتكاف (1175).

([5]) أي: سال من سقفه المطر.

([6]) أي: طرفه، ويقال لها أيضا: أرنبة.

([7]) أخرجه البخاري في الاعتكاف (2027)، ومسلم في الاعتكاف (1167).

([8]) أخرجه البخاري في صلاة التراويح (2015)، ومسلم في الصيام (1165).

([9]) أخرجه البخاري في صلاة التراويح (2017)، ومسلم في الصيام (1169).

([10]) أخرجه أحمد (6/182)، والترمذي في الدعوات (3580)، والنسائي في الكبرى (3130)، وابن ماجه في الدعاء (3850)، قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح"، وصححه الحاكم (1/530)، ووافقه الذهبي، وصححه الألباني في صحيح الترمذي (2789).


















رابعاً: أحاديث في أحكام الصيام وآدابه:



19- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن غَبِي عليكم([1]) فأكملوا عدة شعبان ثلاثين)) متفق عليه واللفظ للبخاري([2]).

20- عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: تراءى الناس الهلال، فأخبرتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم أني رأيته، فصامه وأمر الناس بصيامه. رواه الدارمي وأبو داود([3]).

21- عن حفصة رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من لم يبيِّت الصيامَ قبل الفجر([4]) فلا صيام له)) رواه أحمد وأصحاب السنن([5]).

22- عن عائشة رضي الله عنها قالت: دخل عليَّ النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال: ((هل عندكم شيء؟)) فقلنا: لا، قال: ((فإني إذن صائم))، ثم أتانا يوما آخر فقلنا: يا رسول الله، أُهدي لنا حَيس([6])، فقال: ((أرِينيه، فلقد أصبحت صائما))، فأكل. رواه مسلم([7]).

23- عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يزال الناس بخير ما عجَّلوا الفطر)) متفق عليه([8]).

24- عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((تسحَّروا فإن في السحور بركة)) متفق عليه([9]).

25- عن عمرو بن العاص رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((فصلُ ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلةُ السحر)) رواه مسلم([10]).

26- عن أنس عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: تسحَّرنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم قام إلى الصلاة، قلت: كم كان بين الأذان والسحور؟ قال: قدر خمسين آية. متفق عليه([11]).

27- عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم مؤذنان بلال وابن أم مكتوم الأعمى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن بلالا يؤذِّن بليل، فكلوا واشربوا حتى يؤذِّن ابن أم مكتوم))، قال: ولم يكن بينهما إلا أن ينزل هذا ويرقى هذا. متفق عليه واللفظ لمسلم([12]).

28- عن عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدركه الفجر وهو جنب من أهله ثم يغتسل ويصوم. متفق عليه واللفظ للبخاري([13]).

29- عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا أقبل الليل من ها هنا، وأدبر النهار من ها هنا، وغربت الشمس، فقد أفطر الصائم([14]))) متفق عليه([15]).

30- عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يفطر قبل أن يصلي على رُطَبات، فإن لم تكن رُطَبات فتُميرات، فإن لم تكن تميرات حسا حسوات من ماء([16]). رواه أحمد وأبو داود والترمذي([17]).

31- عن سلمان بن عامر الضبي رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر فإنه بركة، فمن لم يجد فليفطر على ماء فإنه طهور)) رواه أحمد وأصحاب السنن واللفظ للترمذي([18]).

32- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوصال في الصوم([19])، فقال له رجل من المسلمين: إنك تواصل يا رسول الله!! قال: ((وأيكم مثلي؟! إني أبيت يطعمني ربي ويسقين))، فلما أبوا أن ينتهوا عن الوصال واصل بهم يوما ثم يوما، ثم رأوا الهلال فقال: ((لو تأخَّر لزدتكم)) كالتنكيل لهم حين أبوا أن ينتهوا. متفق عليه واللفظ للبخاري([20]).

33- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من لم يدع قول الزور والعملَ به([21]) فليس لله حاجةٌ في أن يدعَ طعامه وشرابَه)) رواه البخاري([22]).

34- عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من فطَّر صائما كان له مثلُ أجرِه غيرَ أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئا)) رواه أحمد وأصحاب السنن واللفظ للترمذي([23]).

35- عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبِّل وهو صائم، ويباشر وهو صائم([24])، ولكنه أملكُكُم لأَرَبه([25]). متفق عليه واللفظ لمسلم([26]).

36- عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو محرم، واحتجم وهو صائم. رواه البخاري، وروى مسلم شطره الأول([27]).

37- عن شداد بن أوس رضي الله عنه أنه مرَّ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم زمنَ الفتح على رجل يحتجم بالبقيع لثمان عشرةَ خلت من رمضان وهو آخذ بيدي فقال: ((أفطر الحاجم والمحجوم)) رواه أحمد واللفظ له، وأصحاب السنن([28]).

38- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتمَّ صومه؛ فإنما أطعمه الله وسقاه)) متفق عليه واللفظ لمسلم([29]).

39- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من ذَرَعه القيء([30]) فليس عليه قضاء، ومن استقاء عمدًا فليقضِ)) رواه أحمد وأصحاب السنن واللفظ للترمذي([31]).

40- عن لقيط بن صبرة رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله، أخبرني عن الوضوء، قال: ((أسبغ الوضوء، وخلِّل بين الأصابع، وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما)) رواه أحمد وأصحاب السنن([32]).

41- عن جابر رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فرأى رجلا قد اجتمع الناس عليه، وقد ظلل عليه، فقال: ((ما له؟)) قالوا: رجل صائم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ليس من البر أن تصوموا في السفر)) متفق عليه واللفظ لمسلم([33]).

42- عن حمزة بن عمرو الأسلمي رضي الله عنه أنه قال: يا رسول الله، أجد بي قوةً على الصيام في السفر، فهل عليَّ جناح؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((هي رخصة من الله، فمن أخذ بها فحسن، ومن أحبَّ أن يصوم فلا جناح عليه)) متفق عليه واللفظ لمسلم([34]).

43- عن أبي سعيد الخدري وجابر بن عبد الله رضي الله عنهم قالا: سافرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيصوم الصائم، ويفطر المفطر، فلا يعيب بعضهم على بعض. رواه مسلم([35]).

44- عن أنس رضي الله عنه قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في السفر، فمنا الصائم ومنا المفطر، قال: فنزلنا منزلا في يوم حارٍّ، أكثرنا ظلا صاحب الكساء، ومنا من يتقي الشمس بيده، قال: فسقط الصُوَّام، وقام المفطرون فضربوا الأبنيةَ وسقوا الرِّكاب([36])، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ذهب المفطرون اليوم بالأجر)) متفق عليه واللفظ لمسلم([37]).

45- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: بينما نحن جلوسٌ عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل فقال: يا رسول الله هلكت، قال: ((ما لك؟)) قال: وقعت على امرأتي وأنا صائم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((هل تجد رقبةً تعتقها؟)) قال: لا، قال: ((فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟)) قال: لا، فقال: ((فهل تجد إطعام ستين مسكينا؟)) قال: لا، قال: فمكث النبي صلى الله عليه وسلم، فبينا نحن على ذلك أُتي النبي صلى الله عليه وسلم بعَرَقٍ فيها تمر([38])، والعرق المِكتل، قال: ((أين السائل؟)) فقال: أنا، قال: ((خذها فتصدق به))، فقال الرجل: أعلى أفقر مني يا رسول الله؟ فوالله ما بين لابتيها([39]) ـ يريد الحرتين ـ أهل بيت أفقر من أهل بيتي، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه ثم قال: ((أطعمه أهلك)) متفق عليه واللفظ للبخاري([40]).

46- عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان يكون عليَّ الصومُ من رمضان، فما أستطيع أن أقضي إلا في شعبان. متفق عليه([41]).

47- عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من مات وعليه صيام صام عنه وليه)) متفق عليه([42]).





--------------------------------------------------------------------------------

([1]) غبِيَ عليكم بالتخفيف أي: خفِي عليكم.

([2]) أخرجه البخاري في الصوم (1909)، ومسلم في الصيام (1081) ولفظه عنده: ((فإن غُمِي عليكم فأكملوا العدد)).

([3]) أخرجه الدارمي في الصوم (1691)، وأبو داود في الصوم (2342)، والدارقطني (2/156) وقال: "تفرد به مروان بن محمد عن ابن وهب، وهو ثقة"، وصححه ابن حبان (3447)، والحاكم (1/423)، وابن حزم في المحلى (6/236)، والألباني في الإرواء (908).

([4]) أي: من لم ينو الصوم بالليل قبل طلوع الفجر.

([5]) أخرجه أحمد (6/287)، وأبو داود في الصوم (2454)، والترمذي في الصوم (730)، والنسائي في الصيام (2331)، وابن ماجه في الصيام (1700)، واختلف في رفعه ووقفه، فقال الترمذي: "حديث حفصة حديث لا نعرفه مرفوعا إلا من هذا الوجه، وقد روي عن نافع عن ابن عمر قوله وهو أصح، وهكذا أيضا روي هذا الحديث عن الزهري موقوفا، ولا نعلم أحدا رفعه إلا يحيى بن أيوب"، ونقل في العلل (202) عن البخاري أنه قال: "عن سالم عن أبيه عن حفصة عن النبي صلى الله عليه وسلم خطأ، وهو حديث فيه اضطراب، والصحيح عن ابن عمر موقوف"، وقال النسائي في الكبرى (2649): "والصواب عندنا موقوف، ولم يصح رفعه والله أعلم"، وقال أبو حاتم في العلل كما في التلخيص الحبير (2/188): "لا أدري أيهما أصح، لكن الوقف أشبه"، وصححه ابن خزيمة (1933)، وابن حزم في المحلى (6/162)، وقال الدارقطني (2/172): "رفعه عبد الله بن أبي بكر عن الزهري، وهو من الثقات الرفعاء"، وقال البيهقي (4/202): "قد اختُلف على الزهري في إسناده وفي رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وعبد الله بن أبي بكر أقام إسناده ورفعه، وهو من الثقات الأثبات"، وصححه الألباني في الإرواء (914).

([6]) الحَيْس بفتح الحاء المهملة هو التمر مع السمن والقط.

([7]) أخرجه مسلم في الصيام (1154).

([8]) أخرجه البخاري في الصوم (1957)، ومسلم في الصيام (1098).

([9]) أخرجه البخاري في الصوم (1922)، ومسلم في الصيام (1095).

([10]) أخرجه مسلم في الصيام (1096).

([11]) أخرجه البخاري في الصوم (1921)، ومسلم في الصيام (1097).

([12]) أخرجه البخاري في الصوم (1919)، ومسلم في الصيام (1092).

([13]) أخرجه البخاري في الصوم (1926)، ومسلم في الصيام (1109).

([14]) أي: دخل في وقت الإفطار، وهو خبر بمعنى الأمر، أي: فليفطر.

([15]) أخرجه البخاري في الصوم (1954)، ومسلم في الصيام (1100).

([16]) أي: شرب جرعات من ماء.

([17]) أخرجه أحمد (3/164)، وأبو داود في الصوم (2356)، والترمذي في الصوم (696)، وقال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب"، وصححه الدارقطني (2/185)، والحاكم (1575)، وحسنه الألباني في الإرواء (932).

([18]) أخرجه أحمد (4/17)، وأبو داود في الصوم (2355)، والترمذي في الصوم (691)، والنسائي في الكبرى (3315)، وابن ماجه في الصيام (1699)، وقال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح"، وصححه ابن حبان (3514)، والحاكم (1/431-432)، ووافقه الذهبي، لكن في السند الرباب بنت صليع الضبية الراوية عن سلمان، قال الذهبي في الميزان (7/468): "لا تعرف إلا برواية حفصة بنت سيرين عنها"، وقال ابن حجر في التقريب (8582): "مقبولة"، وضعف الحديث الألباني في ضعيف الترمذي (110).

([19]) الوصال هو قصد الترك في ليالي الصيام لما يفطِر بالنهار.

([20]) أخرجه البخاري في الصوم (1965)، ومسلم في الصيام (1103).

([21]) المراد بقول الزور الكذب بجميع أنواعه، والمراد بالعمل به العمل بمقتضاه.

([22]) أخرجه البخاري في الصوم (1903).

([23]) أخرجه أحمد (4/114-115)، والترمذي في الصوم (804)، والنسائي في الكبرى (3330)، وابن ماجه في الصيام (1746)، وقال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح"، وصححه ابن حبان (3429)، وهو في صحيح الترمذي (647).

([24]) معنى المباشرة هنا اللمس باليد، وهو من التقاء البشرتين.

([25]) قال الحافظ في الفتح: "بفتح الهمزة والراء وبالموحَّدة، أي: حاجته، ويُروى بكسر الهمزة وسكون الراء، أي: عضوه، والأول أشهر، وإلى ترجيحه أشار البخاري بما أورده من التفسير".أ

([26]) أخرجه البخاري في الصوم (1927)، ومسلم في الصيام (1106).

([27]) أخرجه البخاري في الصوم (1938)، ومسلم في الحج (1202).

([28]) أخرجه أحمد (4/123)، وأبو داود في الصوم (2369)، والنسائي في الكبرى (3138)، وابن ماجه في الصيام (1681)، قال ابن خزيمة عقب الحديث (1965): "ثبتت الأخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((أفطر الحاجم والمحجوم))"، وصححه ابن حبان (3533)، والحاكم (1/428)، ووافقه الذهبي، ونقل البيهقي في الكبرى (4/267) تصحيح أحمد وابن راهويه وابن المديني والدارمي لهذا الحديث، وهو في صحيح أبي داود (2076).

([29]) أخرجه البخاري في الصوم (1933)، ومسلم في الصيام (1155).

([30]) ذرعه القيء أي: غلبه وسبقه.

([31]) أخرجه أحمد (2/498)، وأبو داود في الصوم (2380)، والترمذي في الصوم (720)، والنسائي في الكبرى (3130)، وابن ماجه في الصيام (1176)، قال الترمذي: "حديث حسن غريب، لا نعرفه من حديث هشام عن ابن سيرين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من حديث عيسى بن يونس، و قال محمد ـ يعني البخاري ـ: لا أراه محفوظا"، وصححه ابن الجارود (385)، وابن خزيمة (1960، 1961)، وابن حبان (3518)، والحاكم (1/426-427)، ووافقه الذهبي، وصححه الألباني في الإرواء (930).

([32]) أخرجه أحمد (4/33)، وأبو داود في الصوم (2366)، والترمذي في الصوم (788)، والنسائي في الطهارة (87)، وابن ماجه في الطهارة (407)، قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح"، وصححه ابن الجارود (80)، وابن خزيمة (150)، وابن حبان (1087)، والحاكم (522)، وصححه الألباني في صحيح الإرواء (935).

([33]) أخرجه البخاري في الصوم (1946)، ومسلم في الصيام (1115).

([34]) أخرجه البخاري في الصوم (1943)، ومسلم في الصيام (1121).

([35]) أخرجه مسلم في الصيام (1117).

([36]) أي: سقوا الإبل.

([37]) أخرجه البخاري في الجهاد (2890)، ومسلم في الصيام (1119).

([38]) العرق بفتح أوله وثانيه، هذا هو الصواب المشهور في الرواية واللغة، ويقال له أيضا: الزَّبيل والزِّنبيل والقُفَّة والسفيفة والمِكتل بكسر الميم.

([39]) اللابتان واحدها لابة، وهي الحرة وهي الحجارة السود.

([40]) أخرجه البخاري في الصوم (1936)، ومسلم في الصيام (1111).

([41]) أخرجه البخاري في الصوم (1950)، ومسلم في الصيام (1146).

([42]) أخرجه البخاري في الصوم (1952)، ومسلم في الصيام (1147).
__________________
لرعاية الاسلام والمسلمين
ونشر الخير لكل الناس
رد مع اقتباس
  #19  
قديم 22-09-2006, 01:08 AM
جمعية حضن الاسلام جمعية حضن الاسلام غير متصل
عضو متميز
 
تاريخ التسجيل: Mar 2006
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 298
الدولة : Egypt
افتراضي







خامساً: أحاديث في فضل القيام:



48- عن عائشة رضي الله عنها أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه([1])، فقالت عائشة: لِم تصنع هذا يا رسول الله، وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟! قال: ((أفلا أحبُّ أن أكون عبدا شكورا؟!)) فلما كثر لحمه صلى جالسا، فإذا أراد أن يركع قام فقرأ ثم ركع. متفق عليه واللفظ للبخاري([2]).

49- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد، يضرب كلَّ عقدة: عليك ليل طويل فارقد. فإن استيقظ فذكر الله انحلت عقدة، فإن توضأ انحلت عقدة، فإن صلى انحلت عقدة، فأصبح نشيطا طيبَ النفس، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان)) متفق عليه([3]).

50- عن عبد الله بن سلام رضي الله عنه قال: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة انجفل([4]) الناس إليه، وقيل: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم. فجئت في الناس لأنظر إليه، فلما استثبتُّ وجهَ([5]) رسول الله صلى الله عليه وسلم عرفتُ أن وجهه ليس بوجه كذاب، وكان أول شيء تكلم به أن قال: ((أيها الناس، أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام)) رواه أحمد والترمذي وابن ماجه([6]).

51- عن جابر رضي الله عنهما قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن في الليل لساعة لا يوافقها رجل مسلم يسأل الله خيرا من أمر الدنيا والآخرة إلا أعطاه إياه، وذلك كل ليلة)) رواه مسلم([7]).

52- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((رحم الله رجلا قام من الليل فصلى، ثم أيقظ امرأته فصلت، فإن أبت نضح في وجهها الماء([8])، ورحم الله امرأة قامت من الليل فصلت، ثم أيقظت زوجها فصلى، فإن أبى نضحت في وجهه الماء)) رواه أحمد وأصحاب السنن([9]).

53- عن أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهما قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا أيقظ الرجل أهلَه من الليل فصليا أو صلى ركعتين جميعا كُتبا في الذاكرين والذاكرات)) رواه أبو داود وابن ماجه([10]).





--------------------------------------------------------------------------------

([1]) أي: تتشقق.

([2]) أخرجه البخاري في تفسير القرآن (4837)، ومسلم في صفة القيامة (2820).

([3]) أخرجه البخاري في الجمعة (1142)، ومسلم في صلاة المسافرين (776).

([4]) انجفل الناس بالجيم أي: أسرعوا ومضوا كلهم.

([5]) استثبته أي: تحققته وتبينته.

([6]) أخرجه أحمد، والترمذي في الجمعة (1142)، وابن ماجه في صلاة المسافرين (776)، وقال الترمذي: "هذا حديث صحيح"، وصححه الحاكم (4283)، وهو في السلسلة الصحيحة (569).

([7]) أخرجه مسلم في صلاة المسافرين (757).

([8]) أي: رشَّ وجهها بالماء.

([9]) أخرجه أحمد (2/250)، وأبو داود في الصلاة (1113)، والنسائي في قيام الليل وتطوع النهار (1592)، وابن ماجه في إقامة الصلاة والسنة فيها (1326)، وصححه ابن خزيمة (1148)، وابن حبان (2567)، والحاكم (1164)، والنووي في الرياض (1181)، وهو في صحيح أبي داود (1160).

([10]) أخرجه أبو داود في الصلاة (1309)، والنسائي في الكبرى (1310)، وابن ماجه في إقامة الصلاة والسنة فيها (1335)، وصححه ابن حبان (2569)، والحاكم (3561)، والنووي في الرياض (1182)، وهو في صحيح أبي داود (1161).





















سادساً: أحاديث في فضل قراءة القرآن:



54- عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((اقرؤوا القرآن؛ فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه، اقرؤوا الزهراوين البقرة وسورة آل عمران؛ فإنهما تأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان ـ أو ـ كأنهما غيايتان([1]) ـ أو ـ كأنهما فرقان من طير([2]) صوافّ تحاجَّان عن أصحابهما، اقرؤوا سورة البقرة؛ فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا تستطيعها البطلة([3]))) رواه مسلم([4]).

55- عن عثمان رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((خيركم من تعلم القرآن وعلمه)) رواه البخاري([5]).

56- عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الماهر بالقرآن([6]) مع السفرة([7]) الكرام البررة([8])، والذي يقرأ القرآن ويتَتَعْتع فيه([9]) وهو عليه شاقٌّ له أجران)) متفق عليه واللفظ لمسلم([10]).

57- عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجَّة ريحها طيب وطعمها طيب، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة لا ريح لها وطعمها حلو، ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن مثل الريحانة([11]) ريحها طيب وطعمها مر، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة([12]) ليس لها ريح وطعمها مر)) متفق عليه([13]).

58- عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا حسد إلا في اثنتين([14]): رجل آتاه الله القرآن فهو يتلوه آناء الليل وآناء النهار، ورجل آتاه الله مالا فهو ينفقه آناء الليل وآناء النهار)) متفق عليه([15]).

59- عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: كان رجل يقرأ سورة الكهف وعنده فرس مربوط بشطنين([16])، فتغشته سحابة، فجعلت تدور وتدنو، وجعل فرسه ينفر منها، فلما أصبح أتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، فقال: ((تلك السكينة تنزَّلت للقرآن)) متفق عليه([17]).

60- عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يقال لصاحب القرآن: اقرأ وارتقِ([18])، ورتِّل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلك عند آخر آية تقرؤها)) رواه أحمد وأبو داود والترمذي([19]).

61- عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول: الم حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف)) رواه الترمذي([20]).

62- عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: ((اقرأ عليَّ))، قلت: ءأقرأ عليك وعليك أنزل؟‍!‍ قال: ((فإني أحب أن أسمعه من غيري))، فقرأت عليه سورة النساء، حتى بلغت: {فَكَيْفَ إِذَاْ جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاَءِ شَهِيدًا}، قال: ((أمسك))، فإذا عيناه تذرفان. متفق عليه واللفظ للبخاري([21]).





--------------------------------------------------------------------------------

([1]) الغمامة والغياية كل شيء أظل الإنسان فوق رأسه من سحابة وغبرة وغيرهما.

([2]) أي: قطيعان وجماعتان.

([3]) قال معاوية بن سلام أحد رواة الحديث: "بلغني أن البطلة السحرة".

([4]) أخرجه مسلم في صلاة المسافرين (804).

([5]) أخرجه البخاري في فضائل القرآن (5027).

([6]) الماهر هو الحاذق الكامل الحفظ الذي لا يتوقف ولا يشق عليه القراءة لجودة حفظه وإتقانه.

([7]) السفرة جمع سافر وهم الرسل، وقيل: هم الكتبة.

([8]) البررة المطيعون، من البر وهو الطاعة.

([9]) الذي يتتعتع هو الذي يتردَّد في تلاوته لضعف حفظه.

([10]) أخرجه البخاري في تفسير القرآن (4937)، ومسلم في صلاة المسافرين (798).

([11]) هي كل نبت طيب الريح من أنواع المشموم.

([12]) الحنظلة نبات يمتد على الأرض كالبطيخ، وثمره يشبه ثمر البطيخ، لكنه أصغر منه جدا، ويضرب المثل بمرارته.

([13]) أخرجه البخاري في الأطعمة (5427)، ومسلم في صلاة المسافرين (797).

([14]) المراد: لا غبطة محبوبة إلا في هاتين الخصلتين وما في معناهما.

([15]) أخرجه البخاري في التوحيد (7529)، ومسلم في صلاة المسافرين (815).

([16]) أي: حبلين.

([17]) أخرجه البخاري في فضائل القرآن (5011)، ومسلم في صلاة المسافرين (795).

([18]) أي: اعلُ وارتفع.

([19]) أخرجه أحمد (2/192)، وأبو داود في الصلاة (1464)، الترمذي في فضائل القرآن (2914) وقال: "هذا حديث حسن صحيح"، وصححه ابن حبان (766)، والحاكم (2030)، وهو في صحيح أبي داود (1300).

([20]) أخرجه الترمذي في فضائل القرآن (2910) وقال: "هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه"، وهو في صحيح الترمذي (2327).

([21]) أخرجه البخاري في تفسير القرآن (4582)، ومسلم في صلاة المسافرين (800).
__________________
لرعاية الاسلام والمسلمين
ونشر الخير لكل الناس
رد مع اقتباس
  #20  
قديم 22-09-2006, 01:10 AM
جمعية حضن الاسلام جمعية حضن الاسلام غير متصل
عضو متميز
 
تاريخ التسجيل: Mar 2006
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 298
الدولة : Egypt
افتراضي

ثالثاً: الصوم المحرّم:




1. صوم الدهر:


عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: أُخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أني أقول: والله لأصومن النهار ولأقومن الليل ما عشت، فقلت له: قد قلته بأبي أنت وأمي، قال: ((فإنك لا تستطيع ذلك، فصم وأفطر، وقم ونم، وصم من الشهر ثلاثة أيام ؛ فإن الحسنة بعشر أمثالها، وذلك مثل صيام الدهر))([1]).

وعن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا صام من صام الأبد))([2]).

وعن عبد الله بن عمرو قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا عبد الله بن عمرو إنك لتصوم الدهر وتقوم الليل، وإنك إذا فعلت ذلك هجمت له العين، ونهكت. لا صام من صام الدهر، صوم ثلاثة أيام من الشهر صوم الدهر كله))([3]).

وعن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من صام الدهر ضيقت عليه جهنم – هكذا – وقبض كفّه))([4]).

قال الحافظ ابن حجر: "وظاهره أنها تضيق عليه حصراً له فيها ؛ لتشديده على نفسه وحمله عليها، وغربته عن سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، واعتقاده أن غير سنته أفضل منها، وهذا يقتضي الوعيد الشديد فيكون حراماً"([5]).




2. صوم العيدين: الفطر والأضحى:

عن أبي سعيد رضي الله عنه: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم الفطر والنحر([6]).

وعنه قال: سمعت أربعاً من النبي صلى الله عليه وسلم فأعجبنني، قال: لا تسافر المرأة مسيرة يومين إلا ومعها زوجها أو ذو محرم، ولا صوم في يومين: الفطر والأضحى... الحديث([7]).

قال النووي: "قد أجمع العلماء على تحريم صوم هذين اليومين بكل حال، سواء صامهما عن نذر أو تطوع أو كفارة أو غير ذلك، ولو نذر صومهما متعمداً لعينهما، قال الشافعي والجمهور: لا ينعقد نذره ولا يلزمه قضاؤهما. وقال أبو حنيفة: ينعقد، ويلزمه قضاؤهما. قال: فإن صامهما أجزأه. وخالف الناس كلهم في ذلك"([8]).






3. صوم المرأة بغير إذن زوجها:

عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تصوم المرأة وبعلها شاهدٌ إلا بإذنه))([9]).

وقال ابن حزم: "لا يحل لذات الزوج أن تصوم تطوعاً بغير إذنه، فإن كان غائباً لا تقدر على استئذانه أو تعذّر، فلتصم بالتطوّع إن شاءت"([10]).

قال الكاساني: "وليس للمرأة التي لها زوج أن تصوم تطوعاً إلا بإذن زوجها، ولأن له حق الاستمتاع بها، ولا يمكنه ذلك في حال الصوم، فله أن يمنعها إن كان يضره. فإن كان صيامها لا يضره بأن كان صائماً أو مريضاً لا يقدر على الجماع، فليس له أن يمنعها؛ لأن المنع كان لاستيفاء حقه، فإذا لم يقدر على الاستمتاع فلا معنى للمنع"([11]).

قال أبو الطيب العظيم آبادي: "لا تصوم امرأة نفلاً وزوجها حاضرٌ معها في بلدها إلا بإذنه تصريحاً أو تلويحاً ؛ لئلا يفوت عليه حقه في الاستمتاع بها"([12]).





4. صوم الحائض والنفساء:

قال النووي: "لا يصح صوم الحائض والنفساء، ولا يجب عليهما، ويحرم عليهما، ويجب قضاؤه، وهذا كله مجمع عليه، ولو أمسكت لا بنية الصوم لم تأثم، وإنما تأثم إذا نوته، وإن كان لا ينعقد"([13]).

وقال ابن الحاج: "ومنهن من تصوم مدة الحيض وتقضيها بعده، وفاعلة ذلك منهن آثمة في صومها في أيام حيضها، مصيبةٌ في القضاء بعده"([14]).





5. صوم أيام التشريق تطوعاً:

عن نبيشة الهذلي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أيام التشريق أيام أكل وشرب)) وفي رواية: ((وذكر لله))([15]).

عن كعب بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه وأوس بن الحدثان أيام التشريق فنادى: ((أنه لا يدخل الجنة إلا مؤمن، وأيام منى أيام أكل وشرب))([16]).

قال ابن عبد البر: "وأما صيام أيام التشريق فلا خلاف بين فقهاء الأمصار فيما علمت أنه لا يجوز لأحد صومها تطوعاً، وقد روي عن الزبير وابن عمر والأسود بن يزيد وأبي طلحة ما يدل على أنهم كانوا يصومون أيام التشريق تطوعاً، وفي أسانيد أخبارهم تلك ضعفٌ.

وجمهور العلماء من الفقهاء وأهل الحديث على كراهية ذلك...." ([17]).

قال الحافظ ابن رجب: "إنما نهى عن صيام أيام التشريق لأنها أعياد المسلمين مع يوم النحر، فلا تصام بمنى ولا غيرها عند جمهور العلماء خلافاً لعطاء في قوله: إن النهي يختص بأهل منى، وإنما نهى عن التطوع بصيامها سواء وافق عادة أو لم يوافق، فأما صيامها عن قضاء فرض أو نذر أو صيامها بمنى للمتمتع إذا لم يجد الهدى ففيه اختلاف مشهور بين العلماء، ولا فرق بين يومٍ منها ويوم عند الأكثرين، إلا عند مالك فإنه قال في اليوم الثالث منها يجوز صيامه عن نذر خاص"([18]).





6. صيام يوم الشك لمن لم يصادفه فيه عادة:

ويوم الشك هو: يوم الثلاثين من شعبان إذا كان في السماء ما يمنع رؤية الهلال، وأما إذا كانت السماء صحواً فلا شك([19]).

عن عمار بن ياسر رضي الله عنه قالمن صام اليوم الذي يشك فيه فقد عصى أبا القاسم)([20]).

وقد ذهب إلى تحريم صيامه جماعة من أهل العلم، ونقله ابن المنذر عن عمر وعلي وابن عباس وابن مسعود وعمار وحذيفة وأنس وأبي هريرة والأوزاعي، وهو مذهب الشافعية، واختيار ابن المنذر وابن حزم.

ورجحه الشيخ ابن عثيمين([21]).

قال الخطابي: "اختلف الناس في معنى النهي عن صيام يوم الشك؛ فقال قومٌ: إنما نهي عن صيامه إذا نوى به أن يكون عن رمضان؛ فأما من نوى به صوم يومٍ من شعبان فهو جائز، وقالت طائفة لا يصام ذلك اليوم عن فرضٍ ولا تطوّع للنهي فيه، وليقع الفصل بذلك بين شعبان ورمضان"([22]).





7. تقدم رمضان بصيام يومٍ أو يومين:

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين إلا رجلاً يصوم صوماً فليصمه))([23]).

قال النووي: "فيه التصريح بالنهي عن استقبال رمضان بصوم يوم أو يومين لمن لم يصادف عادةً له أو يصله بما قبله، فإن لم يصله ولا صادف عادة فهو حرام، هذا هو الصحيح من مذهبنا"([24]).

وقال ابن مفلح: "فتقدمه اليوم واليومين أولى عنده – يعني: أحمد – بالتحريم ؛ لصحة النهي فيه، ولا معارض، ووجه تحريم استقباله – فقط – النهي، وفيه زيادة على المشروع"([25]).



--------------------------------------------------------------------------------

([1]) تقدم تخريجه.

([2]) رواه مسلم كتاب: الصيام باب: النهي عن صوم الدهر رقم (1159).

([3]) رواه البخاري كتاب: الصوم، باب: صوم داود عليه السلام رقم (1979) ومسلم كتاب: الصيام، باب: النهي عن صوم الدهر رقم (1159) واللفظ له.

([4]) رواه أحمد (4/414)، وأبو داود الطيالسي (514)، وابن أبي شيبة (3/78)، وصححه ابن خزيمة (3/313) وابن حبان (8/349).

([5]) الفتح (4/261).

([6]) رواه البخاري كتاب الصوم باب: صوم يوم الفطر رقم (1991).

([7]) رواه البخاري كتاب: الصوم، باب: صوم يوم النحر رقم (1995) واللفظ له، ومسلم كتاب: الصيام، باب: النهي عن صوم يوم الفطر (827).

([8]) شرح صحيح مسلم (8/15).

([9]) رواه البخاري كتاب: النكاح باب: صوم المرأة بإذن زوجها، رقم (5192) ومسلم كتاب: الزكاة، باب: ما أنفق العبد من مال مولاه رقم (1026).

([10]) المحلى (7/30).

([11]) بدائع الصنائع (2/107).

([12]) عون المعبود (7/128-129) بتصرف.

([13]) المجموع شرح المهذب (6/257) وانظر: المهذب (1/177)، وروضة الطالبين (2/365) وشرح زيد بن رسلان (1/155).

([14]) المدخل لابن الحاج (2/272-273) وانظر: البحر الرائق (2/277) وفتح القدير (2/234).

([15]) رواه مسلم في الصيام، باب: تحريم صوم أيام التشريق رقم (1141).

([16]) رواه مسلم في الصيام باب: تحريم صوم أيام التشريق رقم (1142).

([17]) التمهيد (14/127).

([18]) لطائف المعارف (304-305). وانظر: الفروع: (3/128)، والشرح الممتع (6/482-483).

([19]) الشرح الممتع (6/480)، وانظر: المجموع (6/454) للنووي، والفروع (3/125).

([20]) علقه البخاري (2/32) كتاب: الصوم، باب: قول النبي صلى الله عليه وسلم إذا رأيتم الهلال... ووصله أبو داود، كتاب الصوم باب: كراهية صوم يوم الشك رقم (2334) والترمذي كتاب الصوم باب: ما جاء في كراهية صوم يوم الشك رقم (686)، وابن ماجه كتاب الصيام باب: ما جاء في صيـام يوم الشـك رقـم (1645) والنسائي كتاب الصيام باب: صيام يوم الشك رقم (2187)، وأورد الحافظ ابن حجر له طرقاً وشواهد في تغليق التعليق (3/141-142) يُحسّن الحديث بها، والله أعلم.

([21]) الشرح الممتع (6/480).

([22]) معالم السنن للخطابي (2/85) باختصار، وانظر: فتح الباري (4/153-154).

([23]) رواه البخاري، كتاب: الصوم، باب: لا يتقدم رمضان بيوم ولا يومين رقم (1914).

([24]) شرح مسلم (7/194).

([25]) الفروع (3/117).














رابعاً الصوم المكروه:





1. صيام يوم النيروز والمهرجان بغير قصد التعظيم:

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وأما النيروز والمهرجان ونحوهما من أعياد المشركين، فمن لم يكره صوم يوم السبت من الأصحاب وغيرهم، قد لا يكره صوم ذلك اليوم ؛ بل ربما يستحبه لأجل مخالفتهم، وكرههما أكثر الأصحاب. وقد قال أحمد في رواية عبد الله: حدثنا وكيع، عن سفيان، عن رجل، عن أنس والحسين: كرها صوم يوم النيروز والمهرجان، وقد اختلف الأصحاب هل يدل ذلك على مذهبه؟ على وجهين:

وعللوا ذلك بأنهما يومان تعظمهما الكفار، فيكون تخصيصهما بالصيام دون غيرهما موافقةً لهم في تعظيمهما فكُره، كيوم السبت، قال الإمام أبو محمد المقدسي: وعلى قياس هذا ؛ كل عيدٍ للكفار، أو يوم يفردونه بالتعظيم([1]).

وقد يُقال: يكره صوم يوم النيروز والمهرجان، ونحوهما من الأيام التي لا تعرف بحساب العرب بخلاف ما جاء في الحديث من يوم السبت والأحد، فإنهما من حساب المسلمين، فليس في صومهما مفسدة، فيكون استحباب صوم أعيادهم المعروفة بالحساب العربي الإسلامي مع كراهة الأعياد المعروفة بالحساب الجاهلي العجمي، توفيقاً بين الآثار والله أعلم"([2]).

وقال المرداوي: "(يكره صومهما) وهو المذهب، وعليه جماهير الأصحاب، وقطع به كثير منهم، وهو من مفردات المذهب، واختار المجد أنه لا يكره لأنهم لا يعظمونهما بالصوم"([3]).





2. إفراد يوم الجمعة بالصوم:

عن محمد بن عباد بن جعفر قال: سألت جابر بن عبد الله: أنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم الجمعة؟ قال: نعم([4]).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تصوموا يوم الجمعة إلا وقبله يوم أو بعده يوم))([5]).

قال الحافظ ابن حجر: "استدل بأحاديث الباب على منع إفراد يوم الجمعة بالصيام، وذهب الجمهور إلى أن النهي فيه للتنزيه، وعن مالك وأبي حنيفة لا يكره، واختلف في سبب النهي عن إفراده على أقوال:

أحدهما: لكونه يوم عيد والعيد لا يصام، ثانيها: لئلا يضعف عن العبادة، ثالثها: خوف المبالغة في تعظيمه فيفتتن به كما افتتن اليهود بالسبت، رابعها: خوف اعتقاد وجوبه، خامسها: خشية أن يفرض عليهم كما خشي صلى الله عليه وسلم من قيامهم الليل ذلك، سادسها: مخالفة النصارى لأنه يجب عليهم صومه، ونحن مأمورون بمخالفتهم، وأقوى الأقوال وأولاها بالصواب أولها"([6]).





3. إفراد يوم السبت بالصوم:

اختلف أهل العلم في حكم إفراد يوم السبت بالصيام، هل هو مكروه أم مباح؟على قولين:

القول الأول: يكره إفراد يوم السبت بالصيام، وهو مذهب جماهير أهل العلم من الحنفية ([7])، والمالكية ([8])، والشافعية ([9])، ورواية عن أحمد اعتمدها أتباعه([10]).

القول الثاني: لا يكره إفراده بالصيام، ورجحه جماعة من أهل العلم منهم: الزهري، والأوزاعي، وأبو داود، ورواية عن أحمد اختارها الأثرم([11]). ورجحه الطحاوي ([12])، وشيخ الإسلام ابن تيمية ([13])، وابن القيم([14])، وابن حجر([15]).

حجة أصحاب القول الأول:

احتجوا بحديث عبد الله بن بسر عن أخته الصماء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم، وإن لم يجد أحدكم إلا لحاء عنب أو عود شجرة فليمصه))([16]).

قال النووي: "يكره إفراد يوم السبت بالصوم: فإن صام قبله أو بعده معه لم يكره"([17]).

حجة أصحاب القول الثاني:

احتجوا بحديث أم سلمة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم يوم السبت والأحد أكثر ما يصوم من الأيام، ويقول: ((إنهما يوما عيد للمشركين فأنا أحب أن أخالفهم))([18]) وبإن الأصل الإباحة، ولا دليل صحيح على الكراهة.

قال الطحاوي: "ففي هذه الآثار المروية إباحة صوم يوم السبت، وهي أشهر وأظهر في أيدي العلماء من هذا الحديث الشاذ الذي قد خالفها"([19]).

قال ابن حجر في معرض حديثه عن مخالفة أهل الكتاب: "والذي قاله بعضهم من كراهة إفراد السبت وكذا الأحد ليس جيداً، بل الأولى من المحافظة على ذلك يوم الجمعة كما ورد الحديث الصحيح فيه([20]). وأما السبت والأحد فالأولى أن يصاما معاً وفرادى امتثالاً لعموم الأمر بمخالفة أهل الكتاب"([21]).





4. صوم الوصال:

عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوصال، قالوا: إنك تواصل، قال: ((إني لست مثلكم إني أطعم وأسقى))([22]).

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوصال رحمةً لهم، فقالوا: إنك تواصل، قال: ((إني لست كهيأتكم، إني يطعمني ربي ويسقين))([23]).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوصال في الصوم، فقال له رجلٌ من المسلمين: إنك تواصل يا رسول الله، قال: ((وأيكم مثلي؟ إني أبيت يطعمني ربي ويسقين))، فلما أبوا أن ينتهوا عن الوصال واصل بهم يوماً ثم يوماً، ثم رأوا الهلال، فقال: ((لو تأخّر لزدتكم))، كالتنكيل لهم حين أبوا أن ينتهوا([24]).

قال ابن قدامة: "الوصال وهو أن لا يفطر بين اليومين بأكلٍ ولا شرب . وهو مكروهٌ في قول أكثر أهل العلم – إلى أن قال – وأما النهي فإنما أتى به رحمةً لهم ورفقاً بهم؛ لما فيه من المشقة عليهم كما نهى عبد الله بن عمرو عن صيام النهار وقيام الليل، وعن قراءة القرآن في أقلّ من ثلاث، قالت عائشة: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوصال رحمةً لهم، وهذا لا يقتضي التحريم، ولهذا لم يفهم منه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم التحريم؛ بدليل أنهم واصلوا بعده، ولو فهموا منه التحريم لما استجازوا فعله"([25]).

وقال ابن دقيق العيد: "في الحديث دليل على كراهة الوصال، واختلف الناس فيه، ونقل عن بعض المتقدمين فعله، ومن الناس من أجازه إلى السحر لحديث أبي سعيد الخدري([26])، وفي حديث أبي سعيد الخدري دليل على أن النهي عنه نهي كراهة لا نهي تحريم، وقد يُقال: إن الوصال المنهي عنه ما اتصل باليوم الثاني، فلا يتناوله الوصال إلى السحر، إلا أن قوله عليه السلام: ((فأيكم أراد أن يواصل فليواصل إلى السحر)) يقتضي تسميته وصالاً، والنهي عن الوصال يمكن تعليله بالتعريض بصوم اليوم الثاني، فإن كان واجباً كان بمثابة الحجامة والفصد وسائر ما يتعرض به الصوم للإبطال، وتكون الكراهة شديدة، وإن كان صوم نفل ففيه التعريض لإبطال ما شرع فيه من العبادة، وإبطالها إما ممنوع على مذهب بعض الفقهاء، وإما مكروه، وكيفما كان فعلّة الكراهة موجودة إلا أنها تختلف رتبتها"([27]).

وقال الحافظ ابن حجر: "... اختلف في المنع المذكور فقيل: على سبيل التحريم، وقيل على سبيل الكراهة، وقيل: يحرم على من شق عليه، ويباح لمن لم يشق عليه، وقد اختلف السلف في ذلك فنقل التفصيل عن عبد الله بن الزبير، وروى ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عنه أنه كان يواصل خمسة عشر يوماً([28])، وذهب إليه من الصحابة أيضاً أخت أبي سعيد ومن التابعين عبد الرحمن بن أبي نعم وعامر بن عبد الله بن الزبير وإبراهيم بن زيد التيمي وأبو الجوزاء كما نقله أبو نعيم في ترجمته في الحلية([29])، وغيرهم رواه الطبري وغيره، ومن حجتهم أنه صلى الله عليه وسلم واصل بأصحابه بعد النهي، فلو كان النهي للتحريم لما أقرهم على فعله، فعلم أنه أراد بالنهي الرحمة لهم والتخفيف عنهم كما صرّحت به عائشة في حديثها"([30]).





5. الصوم في السفر لمن يشقّ عليه:

عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فرأى زحاماً ورجلاً قد ظُلل عليه فقال: ((ما هذا؟)) فقالوا: صائم، فقال: ((ليس من البر الصوم في السفر))([31]).

وعنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عام الفتح إلى مكة في رمضان، فصام حتى بلغ كراع الغميم، فصام الناس، ثم دعا بقدح من ماءٍ فرفعه، حتى نظر الناس إليه، ثم شرب، فقيل له بعد ذلك: إن بعض الناس قد صام. فقال: ((أولئك العصاة أولئك العصاة))([32]).

قال ابن دقيق العيد: "أخذ من هذا أن كراهة الصوم في السفر لمن هو في مثل هذه الحالة ممن يجهده الصوم ويشق عليه، أو يؤدي به إلى ترك ما هو أولى من القربات، ويكون قوله: ((ليس من البر الصيام في السفر)) منزلاً على مثل هذه الحالة"([33]).

وقال ابن تيمية: "والصحيح أنه إن شق عليه الصوم بأن يكون ماشياً أو لا يجد عشاءً يقوّيه، أو بين يديه عدوّ يخاف الضعف عنه بالصوم، أو يصير كلاًّ على رفقائه، أو يسوء خلقه، ونحو ذلك؛ كره له الصوم، وكذلك إن صام تعمقاً وغلواً، بحيث يعتقد أن الفطر نقص في الديّن ونحو ذلك"([34]).





6. صوم يوم عرفة للحاج:

عن أبي هريرة رضي الله عنه: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيام يوم عرفة بعرفة([35]).

وهذا الحديث في صحّته نظر، لكن يؤيّده أن الناس شكّوا في صومه صلى الله عليه وسلم يوم عرفة، فأُرسل إليه بقدح من لبنٍ فشربه ضحى يوم عرفة، والناس ينظرون، حتى يتبيّن أنه لم يصم، ولأن هذا اليوم يوم دعاءٍ وعمل، ولا سيما أن أفضل زمن الدعاء هو آخر هذا اليوم، فإذا صام الإنسان فسوف يأتيه آخر اليوم وهو في كسل وتعب، لا سيما في أيام الصيف وطول النهار وشدّة الحر، فإنّه يتعب وتزول الفائدة العظيمة الحاصلة بهذا اليوم، والصوم يُدْرك في وقت آخر.

ولهذا نقول: صوم يوم عرفة للحاج مكروه، وأما لغير الحاج فهو سنة مؤكّدة([36]).



--------------------------------------------------------------------------------

([1]) المغني (3/53).

([2]) اقتضاء الصراط المستقيم (2/579-580)، ويلخص كلامه ابن القيم تلخيصاً حسـناً في تهذيب سنن أبي داود (8/52).

([3]) الإنصاف (3/349). وانظر:حاشية ابن عابدين(2/399)، وفتح القدير (2/349) وبدائع الصنائع (2/79).

([4]) رواه البخاري في الصوم باب صوم يوم الجمعة (1984)، ومسلم في الصيام، باب: كراهية صيام يوم الجمعة متفرداً (1143).

([5]) رواه البخاري في الصوم باب: صوم يوم الجمعة (1985)، ومسلم في الصيام، باب: كراهية صيام يوم الجمعة منفرداً (1144).

([6]) فتح الباري (4/235) باختصار.

([7]) بدائع الصنائع للكاساني (2/79).

([8]) القوانين الفقهية لابن جزي (110).

([9]) المجموع للنووي (6/439).

([10]) شرح العمدة (2/653- الصيام -).

([11]) المرجع السابق (5/655).

([12]) شرح معاني الآثار (2/80).

([13]) الفروع لابن مفلح (3/124).

([14]) تهذيب السنين (7/67).

([15]) فتح الباري (10/362).

([16]) رواه الإمام أحمد (4/189)، وأبو داود في الصوم باب النهي أن يخص يوم السبت بصوم (2421)، والترمذي في الصيام ما جاء في صوم يوم السـبت (744)، وابن ماجه في الصوم، باب: ما جاء في صيـام يوم السبت (1726) وقد اختلف أهل العلم في حكمهم على هذا الحديث بين مصحح ومضعف، وممن صححه الترمذي، وابن خزيمة، وابن حبان (8/379)، وممن أعله ورده الزهري (أخرجه الحاكم 1/602) ومالك والأوزاعي (أخرجه أبو داود 1/736)، والقطان (انظر تهذيب السنن 7/67)، والطحاوي (شرح المعاني 2/80)، وحكم أبو داود بنسخه (1/736).

([17]) المجموع (6/439).

([18]) رواه الإمام أحمد (6/324)، وابن خزيمة في صحيحه (3/318)، وابن حبان (الإحسان 8/381).

([19]) شرح المعاني (2/80).

([20]) تقدم ذكره وتخريجه.

([21]) فتح الباري (10/362) بتصرف واختصار.

([22]) رواه البخاري كتاب الصوم باب: الوصال رقم (1962).

([23]) رواه البخاري في الصوم، باب: الوصال رقم (1964).

([24]) رواه البخاري في الصوم باب: التنكيل لمن أكثر الوصال رقم (1965).

([25]) المغني (4/436-437).

([26]) حديث أبي سعيد الخدري هو قوله صلى الله عليه وسلم: ((فأيكم أراد أن يواصل، فليواصل إلى السحر)) رواه البخاري (الصوم باب: الوصال إلى السحر).

([27]) إحكام الأحكام (2/233-234).

([28]) مصنف ابن أبي شيبة (2/496).

([29]) حلية الأولياء (3/79-80).

([30]) فتح الباري (4/240-241).

([31]) رواه البخاري في الصوم باب: قول النبي صلى الله عليه وسلم لمن ظُلل واشتد الحر ((ليس من البر الصوم في السفر)) رقم (1946).ومسلم في الصيام باب: جواز الصوم والفطر في شهر رمضان للمسافر رقم (1115).

([32]) رواه مسلم كتاب الصوم باب: جواز الصوم والفطر في شهر رمضان للمسافر رقم (1114) والترمذي كتاب الصوم باب: ما جاء في كراهية الصوم في السفر رقم (710).

([33]) إحكام الأحكام (2/225)، وانظر: فتح الباري (4/217-218).

([34]) شرح العمدة (1/237- الصيام).

([35]) أخرجه أحمد (2/304-446) وأبو داود (2440) وابن ماجه (1732) وفي إسناده ضعف، وقال العقيلي في الضعفاء (1/298): "ولا يصح عنه أنه نهى عن صومه".

([36]) الشرح الممتع (6/472-473) لابن عثيمين.
__________________
لرعاية الاسلام والمسلمين
ونشر الخير لكل الناس
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
خطوات عملية للمحافظة على الأوقات في رمضان : nourhoda رمضانيات 2 31-08-2007 09:51 PM
عاشوراء...كل ما تحتاجه عن يوم عاشوراء في سؤال وجواب بإذن الله نبيه الملتقى الاسلامي العام 9 29-01-2007 01:41 AM
أيهان كتاب الله ونحن في مسجد الله وفي رمضان وفي البلد الحرام ؟؟؟!!! قاصرة الطرف الملتقى العام 13 02-01-2007 11:09 AM
احبتي في الله......لا تنسو العشر الأواخر من رمضان منونة رمضانيات 4 15-10-2006 01:18 PM
فضل الله: الأحد أول أيام رمضان ! ابــو أيهــم ! رمضانيات 7 27-09-2006 01:23 AM


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 274.42 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 268.07 كيلو بايت... تم توفير 6.35 كيلو بايت...بمعدل (2.32%)]