حديث الدعاء يوم الأربعاء لا يصح

[ابوالوليد المسلم]

حديث الدعاء يوم الأربعاء لا يصح

عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا في مسجد الفتح ثلاثاً يوم الاثنين ويوم الثلاثاء ويوم الأربعاء، فاستجيب له يوم الأربعاء بين الصلاتين، فعرف البشر في وجهه، قال جابر: فلم ينزل بي أمر مهم غليظ إلا توخيت تلك الساعة فأدعو فيها فأعرف الإجابة.

إسناده لين لوجود كثير بن زيد الأسلمي ثم السهمي أبو محمد المدني ابن مافنة، قال عنه النسائي: ضعيف (انظر تهذيب الكمال في أسماء الرجال للحافظ المزي (24/115) رقم (4941).

قال أبو زرعة: صدوق فيه لين.
قال أبو حاتم: صالح ليس بالقوي يكتب حديثه.
قال عنه يحيى بن معين: ليس بذاك.
وقال ابن محرز عنه: ضعيف.
وقال عنه: صالح.
وقال عنه: ثقة.
وقال عنه: ليس به بأس!
وقال عنه يعقوب بن شيبة: ليس بذاك الساقط وإلى الضعف ما هو.
وقال عنه الإمام أحمد: ما أرى به بأسا.
وذكره ابن حبان في الثقات.
وقال ابن عدي: لم أر به بأساً وأرجو أنه لا بأس به.
ونقل الحافظ ابن حجر أبو الفضل رحمه الله تعالى قول أبي جعفر الطبري: وكثير بن زيد عندهم ممن لا يحتج بنقله.
وقال عنه الحافظ في التقريب (ص808 رقم 5646): صدوق يخطئ.
قلت: وكثير بن زيد هذا روى هذا الحديث عن عبدالله بن عبدالرحمن بن كعب بن مالك الأنصاري، وهذا فيه نظر، وفي «تعجيل المنفعة بزوائد رجال الأئمة الأربعة»: قال رحمه الله تعالى (1/750) رقم (563): عبدالله بن عبدالرحمن بن كعب بن مالك الأنصاري عن أبيه وجابر وعنه كثير بن زيد وعبد الله بن محمد.
ابن عقيل: فيه نظر.
قلت: ووافقه الحافظ ابن حجر.
قال الحافظا بن حجر رحمه الله تعالى: «أما الذي روى عن جابر وروى عنه كثير بن زيد فهو كما ذكر وحديثه عن جابر في الدعاء في مسجد الفتح».
قلت: وحديث جابر هذا رواه أحمد (3/332) ورواه البخاري في الأدب المفرد (رقم 704)، وابن سعد في الطبقات الكبرى (2/73)، والبيهقي في شعب الإيمان (رقم 3874) كلهم رووه من طريق كثير بن زيد عن عبدالله بن عبدالرحمن بن كعب، وليس له طريق آخر يعضده ويشد من أزره، وأورده البخاري في التاريخ الكبير (5/133) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلاً.
وابن أبي حاتم كذلك ما جرحه ولا عدله (5/95): ليس له حديث كثير.
وذكره ابن حبان في الثقات (7/3).
قلت: فهو غير مشهور بالعلم ولا عرفه أهل العلم، فهو مجهول الحال.
وكل من نص على تعريف مجهول الحال فيما وقفت عليه - والعلم عند الله جل وعلا لم يقيدوه بعبارة «ولم يوثق أو يجرح» إلا كلام الحافظ أبي الفضل ابن حجر رحمه الله تعالى، فقد أصاب رحمه الله تعالى لأن الجهالة بأنواعها هي لا شك طعن في المجهول الذي هو من ألفاظ الجرح.
قال الخطيب البغدادي رحمه الله تعالى: المجهول عند أصحاب الحديث هو من لم يشتهر بطلب العلم في نفسه ولا عرفه العلماء به ومن لم يعُرف حديثه إلا من جهة راو واحد.
وباستقراء وتتبع كلام المحدثين رحمهم الله تعالى فإن الراوي يكون معروفاً عندهم بإحدى الطرق الأربعة الآتية:
1- أن يذكر في كتب التراجم والحديث من غير طريق هذا الذي تفرد به.
2- أن يعّرفه من تفرد عنه بذكر بعض أخباره.
3- أن يكون معروفاً برواية الحديث وذلك بأن يروي عدداً من الأحاديث أو التراجم.
4- أن يروي عنه ثقة من كبار الحفاظ أو من قيل عنه: إنه لا يروي إلا عن ثقة، ثم يسميه بحيث لا يشتبه بغيره فلا يقول: حدثني صالح أو حدثني أبو محمد المدني، ونحو ذلك من الأسماء التي يشترك فيها الكثيرون.
قلت: فمجهول الحال صالح للاعتبار إذا توبع، والذي تحصل لي - والله أعلم - أنه ليس له متابع يشد من عضده ويقوي أزره فيبقى حديثه ضعيفا لتفرد كثير هذا، وهذه العلة الأولى، ولوجود العلة الثانية وهي عبدالله بن عبد الرحمن بن كعب.
تنبيه:
حسن شيخنا حافظ الوقت الألباني حديث جابر هذا في صحيح الأدب المفرد رقم (1/704،246) وفي صحيح الترغيب له رحمه الله تعالى (2/143 رقم 1185).
وكذلك الأخ حسين العوايشة شارح الأدب المفرد جزاه الله خيرا (2/380-381) والحق أنه حديث ضعيف لا يعمل به.
وقال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى في «اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم» (1/433): وهذا الحديث يعمل به طائفة من أصحابنا وغيرهم فيتحرون الدعاء في هذا كما نقل عن جابر رضي الله عنه ولم نستدل عن جابر رضي الله عنه أنه تحرى الدعاء في المكان بل في الزمان.
فأنت ترى أن شيخ الإسلام لا يعمل به ولا يحث عليه، بل أشار إلى ضعف الحديث بقوله رحمه الله تعالى «كما نقل عن جابر» ولم يقل: كما ثبت عن جابر, أو نحو ذلك.


اعداد: أبو عمر حاي الحاي