|
الملتقى العلمي والثقافي قسم يختص بكل النظريات والدراسات الاعجازية والثقافية والعلمية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
هل لهذا الكون من خالق؟
هل لهذا الكون من خالق؟ عبدالهادي صالح التويجري سؤال شغل بال البشرية منذ القدم، وانقسم حول إجابته الناس عبر العصور؛ تبعًا لما هداهم إليه تفكيرهم: فمنهم من آمن بوجود خالق مدبر أزلي لهذا الكون، له صفات عُليا لا يمكن أن تدركها الأبصار والعقول؛ هو الله الواحد القهار. ومنهم من وقف به تفكيره عند آيات الله في خلقه، فعبَد الشمس والقمر والنجوم. ومنهم مَن عبد الأصنام. ومنهم من أنكر وجود خالق لهذا الكون أصلًا، وأن هذا الكون بما فيه من مادة وطاقة نشأ من العدم بالصدفة، فألحد. ومنهم من قال: إن هذا الكون أزلي، وليس لنشأته بداية. والإجابة عن هذا السؤال تعتمد على المسؤول؛ فإذا سأل الطفلُ الصغير أباه فإنه لن يعطيه سوى جواب فضفاض غير مقنع، وسؤال شخص عادي لن يعطي السائلَ الإجابة المقنعة التي يرضاها عقله، وكذلك سؤال عالم دين لن يعطي إجابة شافية لمن يريد إجابة تُرضي عقلًا يريد أن يَربط بين ظواهر هذا الكون في عالم الشهادة وبين وجود خالق مدبر لهذه الظواهر في عالم الغيب. يقول أبو المنطق التجريبي في العلوم، الفيلسوفُ الإنجليزي (فرنسيس بيكن): "إن قليلًا من الفلسفة يؤدي إلى الإلحاد، ولكن التعمق في الفلسفة يؤدي إلى الإيمان". ويقول عالم الطبيعة الإنجليزي (اللورد كيلفي): "إذا فكرت تفكيرًا عميقًا فإن العلوم ستضطرك إلى الاعتقاد بوجود الله". إن الكشوف العلمية التي توصلت - ولا تزال تتوصل - إليها البشرية خلال المائة عام الأخيرة تُقدم لنا الجواب الشافيَ لهذا السؤال. ونعود إلى السؤال: هل نشأ هذا الكون صدفة، أم أنه أزلي وليس له بداية، أم أن له خالقًا أزليًّا مدبرًا له صفات فوق تصوُّر البشر؟ أولًا - البرهان من علوم الرياضيات والفيزياء: أما أن هذا الكون - بما فيه من بشر وحجر، يرتبط بعضه ببعض بنظام متفرد بالغِ الدقة - قد نشأ صدفة؛ فنظرية الاحتمالات الرياضية تؤكد استحالة ذلك تمامًا؛ فلو وضعتَ عشْرَ قطع معدنية مرقمة من 1 إلى 10، فإن احتمال سحب رقم معين (مثلًا 1) هو 10/1، واحتمال سحب رقم 1 ثم 2 هو 10/1 × 10/1 =100/1، واحتمال سحب الأرقام كلها مرتبة من 1 إلى 10 هو 10/1 × 10/1 × 10/1 × 10/1 × 10/1 × 10/1 × 10/1 × 10/1 × 10/1 × 10/1 = 10000000000/1 أي 1 إلى 10 مليارات؛ أي: احتمال النجاح هو مرة واحدة من عشرة مليارات مرة. والبروتينات تتركب من خمسة عناصر هي الأكسجين والنتروجين والهيدروجين والكبريت والكربون، وعدد العناصر في الطبيعة هي 92 عنصرًا. وقد حسب العالم السويسري (شارلزيوجين جاي) احتمال تخليق جزيء بروتين عددُ ذرَّاته 40000 ذرة من العناصر الخمسة السابقة، فوجد: ♦ احتمال تخليق جزيء البروتين صدفة وبصورة صحيحة هو 16010؛ أي: مرة واحدة صحيحة، مقابل 10 مضروبة في نفسها 160 مرة خطأ. ♦ كمية العناصر الخمسة المطلوبة لهذه العملية الخيالية أكثر مما هو موجود في العالم بملايين المرات. ♦ الزمن المطلوب لتخليق الجزيء بصورة صحيحة وصدفة هو 24310 سنة (10 مضروبة في نفسها 243 مرة)! هذا لجزيء بروتين واحد قصير جدًّا، فماذا سيكون عليه الحال لتخليق كون كامل - بنجومه وكواكبه، وقوانين الجاذبية والدوران فيه، والقوانين الحيوية؛ من بشر وحيوان ونبات - هل للصدفة مجالٌ فيه؟! وأما القول بأن هذا الكون أزلي فإن قوانين الديناميكا الحرارية تُثبت خطأ هذه المقولة عِلميًّا: فقانون الديناميكا الحرارية الأول ينص على أن كمية المادة لهذا الكون ثابتة لا تتغير بتحول المادة من حالة إلى أخرى، بينما القانون الثاني يقضي بأن نوعية المادة - أي: الطاقة، ويُطلق عليها علميًّا "إنتروبي" - تتآكل بمرور الزمن، وتتحول من طاقة صالحة للاستخدام - أي: متغيرة - إلى طاقة غير صالحة للاستخدام - أي: ثابتة - عبر استخدامها في الإنتاج والنمو والإصلاح. وهذا يفيد أنه بمرور الزمن فإن جميع الطاقة في الكون ستتحول إلى طاقة غير صالحة (الإنتروبي يَزيد) وتَزيد درجة الفوضى والعشوائية في الكون، وهذا يَعني أنه إذا كان للكون نشأة وبداية بالمفهوم العلمي؛ فإن الإنتروبي في بداية نشأة الكون كان صفرًا، والكون في أعلى درجة من الانتظام، ولكن سيصل إلى حالة من الفوضى والعشوائية؛ حيث يصل الإنتروبي إلى أقصى حد. قال تعالى: ﴿ إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ * وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ * وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ * وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ * وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ * وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ ﴾ [التكوير: 1 - 6]؛ أي: إن للكون نهاية، وليس أزليًّا، ولا بد من خالق أزلي له. ثانيًا - البرهان من علم الفلك والجغرافيا: عندما بدأ الإنسان غزو الفضاء في عام 1957، كان الهدف منه البحث عن كوكب - غير كوكبنا - يصلح للحياة عليه! وتسابَق العلماء من الولايات المتحدة وروسيا للوصول إلى هذا الهدف، وكان كوكب المريخ - في نظرهم - هو المكان الأمثل لذلك. وفي كل مرة تصل فيها مركبةُ فضاء إلى هذا الكوكب يبدأ العلماء في نشر تقارير تشير إلى وجود حياة بُدائية (مثل البكتريا)، أو آثار ماء عليه، والحياة التي يَنشُدها العلماء في دراستهم لكوكب المريخ - أو غيره - هي الحياة التي يَعرفها البشر، وتتمثل في النبات والحيوان والإنسان، أو قُل: "هي الحياة التي تقوم أساسًا على وجود الأحماض النووية؛ مثل (د.ن.أ) و(ر.ن.أ)، ولو كان لهؤلاء العلماء حظٌّ من إدراكِ مغزى ومفهوم خَلق الإنسان - كما وضَّحه القرآن الكريم - لكان لهم رأيٌ آخر في القضية. إن هذا الكون - بمجراته ونجومه، وكواكبه وأقماره وأرضه وما فيها وما عليها من قارات وبحار ومخلوقات - مسخَّر للإنسان؛ ﴿ أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ ﴾ [لقمان: 20]. والأرض هي المكان الأمثل - من بين مليارات الكواكب - الذي يصلح لسُكنى وعيشِ البشر، بل هي المكان الوحيد الصالح للحياة بين مجموعة الكواكب الشمسية التي تضمُّها شمسنا؛ كما يوضح الجدول التالي: الكوكب البعد عن الشمس/ مليون كم مدة الدورة حول الشمس/ سنة مدة الدوران حول نفسه/يوم عدد الأقمار مركبات الغلاف الجوي الرئيسة درجة الحرارة/مئوية الضغط الجوي / ض ج عطارد 58 0.24 59 0 - - - / 427 183 - / فراغ10 - 15 الزهرة 108.2 0.62 243 0 CO2 480 92 الأرض 150 1.00 1.00 1 15 1 المريخ 228 1.88 1.03 2 N، O - 63 0.009 - 0.004 المشتري 778.3 11.86 0.41 66 CO2 - 130 >1000 ساترن 1427 29.5 0.43 62 N،He - 130 >1000 أورانس 2870 102 0.72 27 H، He،NH4 - 200 >1000 نبتون 4500 165 0.67 13 H،He، NH4 - 200 >1000 نرى من الجدول السابق أن الظروف الملائمة لحياة الكائنات - وعلى رأسها البشر - لا تتوفر إلا للأرض؛ حيث يتوفر عنصر الحياة وهو غاز الأكسجين، كما أن الخصائص الطبيعية للأرض - مثل البعد عن الشمس ومدة الدورة حولها ومدة الدوران حول محورها ودرجة الحرارة والضغط الجوي - التي تميزها عن غيرها من الكواكب، تجعلها المكانَ الوحيد في الكون لحضانة أي حياة قوامها الخلية الحية. 1- الغلاف الجوي: يتكون من ست طبقات: أ - التروبوسفير: تمتد إلى 12 كيلو مترًا، وتقل سماكتها كلما زاد الارتفاع، وتتكون من 78% نتروجين، و 21% أكسجين، وآثار من ثاني أكسيد الكربون والماء وغاز الأرجون، وهي منطقة التغيرات المناخية، وتمتص الحرارة المنبثة من الأرض؛ لذا فهي المسؤولة عن ظاهرة الاحتباس الحراري. ب - الستراتوسفير: تمتد 50 كيلو مترًا فوق الطبقة السابقة، وتحوي طبقة الأوزون التي تحمي الأرض من الإشعاعات الكونية الضارة، وفيها منطقة الرياح الأفقية الضرورية للطيرانUV فوق البنفسجية. ج - الميزوسفير: تمتد 85 كيلو مترًا، وتبلغ درجة الحرارة فيها 90 درجة تحت الصفر، وفيها ما يسمى "غيوم الليل"، وهي بلورات ماء متجمد، تظهر كغيوم متوهجة بعد غروب الشمس في الأفق Noctilucent clouds. د - الثرموسفير: وهي طبقة تحوي أيونات بفعل الأشعة الكونية والأشعة فوق البنفسجية، وتمتد من80 - 1000 كيلو متر، أو الشفق القطبي".Aurora الجسيمات المتأينة التي تقذفها الرياح الشمسية، وتسمى "الأنوار الشمالية والجنوبية". هـ - الإكسوسفير: تمتد حتى ارتفاع 10000 كيلو متر فوق الأرض، وتتكون من غازات منخفضة الكثافة من الهيدروجين والهيليوم وآثار من الأكسجين وثاني أكسيد الكربون والنتروجين، وهي المنطقة التي تدور بها الأقمار الصناعية. والغلاف الجوي يحمي الحياة على الأرض من الأشعة الكونية القاتلة، ومن الشهب المنطلقة بسرعات كبيرة، ويحمل بخار الماء مسافات شاسعة إلى داخل القارات؛ ليُسقط مطرًا عذبًا يحيي الله به الأرضَ بعد موتها؛ ﴿ وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ النُّشُورُ ﴾ [فاطر: 9]. والتوازن بين غازي الأكسجين وثاني أكسيد الكربون في الطبيعة ليس عبثيًّا؛ فالحيوان يتنفس الأكسجين الضروريَّ لعمليات الجسم الحيوية، ويُخرج ثاني أكسيد الكربون، ولكن النبات يَستفيد من غاز ثاني أكسيد الكربون نهارًا في عملية التمثيل الضوئي لصُنع غذائه من النشويات، ويُخرج الأكسجين؛ وبذلك تبقى نسبة الغازين ثابتة في الطبيعة. 2- الجاذبية: وتنشأ من طبيعة تركيب باطن الأرض من النيكل والحديد، وهي لازمة لحفظ كل ما على الأرض ثابتًا في مكانه. 3- الغلاف المائي: ويتكون من مياه البحار والمحيطات (97.5%) والأنهار (2.5%)، ويَحوي أنواعًا لا تحصى من الحياة المائية. والماء مكوَّن من غاز الأكسجين - وهو الغاز اللازم للاحتراق - وغاز الهيدروجين؛ وهو أسرع الغازات احتراقًا وبشدة في وجود الأكسجين، وهذان الغازان يتحدان بنسبةِ جزءٍ أكسجين وجزأين هيدروجين؛ لتكوين جزء واحد من الماء الذي هو أساس الحياة. وخواص الماء الفيزيائية تجعله السائل الوحيد الصالح للحياة؛ فهو المنظِّم لدرجات الحرارة على الأرض؛ لأنه سائل بسبب ارتفاع ضغطه البخاري، وله درجة غليان مرتفعة نسبيًّا (100 درجة مئوية) ودرجة تجمد منخفضة (صفر مئوي)، وتقل كثافته إذا تجمد فيطفو ككتل جليدية فوق السطح؛ وبذلك يحافظ على الحياة المائية تحته، كما أنه بتجمده يطلق كميات كبيرة من الحرارة تحافظ على الحياة في البحار، وتسمح خاصية التوتر السطحي المرتفعة له بإيصال المواد الغذائية إلى النباتات والأشجار، وهو أفضلُ مُذيب للمواد الصلبة في الطبيعة؛ ولذا يلعب دورًا رئيسًا في العمليات الحيوية في الكائن الحي؛ ﴿ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ﴾ [الأنبياء: 30]. أما الأرض اليابسة فهي بيئة حياة للكائنات الأرضية؛ فالتربة تحوي عناصر الغذاء للنبات الذي بدَورِه يصبح غذاءً للإنسان والحيوان، كما تحوي الأرضُ المعادنَ التي هي سبب حضارة البشر في كل العصور. وحجم الأرض وموقعها في المجموعة الشمسية هو سبب صلاحيتها للحياة، فلو صغر قُطرها قليلًا عما هو عليه الآن لما احتفظت بالغلاف الجوي والمائي، ولارتفعَت درجة الحرارة عليها إلى مستوياتٍ قاتلة للحياة عليها، ولقلَّت جاذبيتها ولم يستقرَّ على سطحها شيء. ولو كان حجمها أضعاف ما هو عليه لزادت مساحتها، وتباعدت المسافات، وقلت المساحات الصالحة للحياة؛ بسبب زيادة المساحات الباردة، وانخفض ارتفاع الغلاف الجوي، وزاد ضغطه إلى أضعاف؛ وبذلك يتضاعف وزن الكائنات الحية - بما فيها الإنسان - إلى أضعاف ما هو عليه الآن، وصَغُر حجمها، ولما أمكن قيامُ حضارات بشرية. ولو زاد بُعد الأرض عن الشمس لقلت كمية الحرارة التي تتلقاها من الشمس، وزادت مدة دورتها حول الشمس - ومِن ثَم يزيد طول الفصول - وتجمدت الحياة عليها، أما إذا قلت المسافة بين الأرض والشمس فإن سرعتها المدارية حول الشمس تَزيد، ومن ثَم يقل طول الفصول، وتَزيد كمية الحرارة التي تتلقاها من الشمس إلى مستويات لا يمكن وجودُ حياة معها. يتبع
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |