أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام كتاب الطهارة - الصفحة 2 - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         أسئلة بيانية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 26 - عددالزوار : 637 )           »          الدِّين الإبراهيمي بين الحقيقة والضلال (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 20 - عددالزوار : 269 )           »          معنى حديث «من ستر مسلماً ستره الله..» (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          صلاة التراويح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          حمل المأموم للمصحف في صلاة التراويح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          ركعتا تحية المسجد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          حكم صيام من دخل بعض الماء إلى جوفه دون قصد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          دروس رمضانية محمد بن سند الزهراني (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 15 - عددالزوار : 368 )           »          قراءة في مقال حقائق مذهلة عن الكون المدرك (اخر مشاركة : رضا البطاوى - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4387 - عددالزوار : 837018 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث

ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #11  
قديم 12-02-2020, 03:40 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,626
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام كتاب الطهارة

أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام (دخول الخلاء والاستطابة 2)


الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك







باب دخول الخلاء والاستطابة
(الحديث الثاني)











12- عن أبي أيوب الأنصاري - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "إذا أتيتم الغائط، فلا تستقبلوا القبلة بغائط ولا بول، ولا تستدبروها، ولكن شرقوا أو غربوا".





قال أبو أيوب: فقدمنا الشام، فوجدنا مراحيض قد بنيت نحو الكعبة فننحرف عنها، ونستغفر الله عز وجل.





(الغائط): الموضع المطمئن من الأرض، كانوا ينتابونه للحاجة، فكنوا به عن نفس الحدث كراهية لذكره بخاص اسمه.





و(المراحيض): جمع مرحاض، وهو المغتسل، وهو أيضا كناية عن موضع التخلي.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #12  
قديم 12-02-2020, 03:41 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,626
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام كتاب الطهارة

أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام (دخول الخلاء والاستطابة 3)


الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك






باب دخول الخلاء والاستطابة
(الحديث الثالث)



















13- عن عبد الله بن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه- قال: رقيت يوما على بيت حفصة، فرأيت النبي - صلى الله عليه وسلم- يقضي حاجته مستقبل الشام، مستدبر الكعبة.









قال البخاري: باب لا تستقبل القبلة بغائط أو بول إلا عند البناء جدار أو نحوه.









وساق حديث أبي أيوب بلفظ: "إذا أتى أحدكم الغائط فلا يستقبل القبلة ولا يولها ظهره، شرقوا أو غربوا"[1].









قال الحافظ: (قال الإسماعيلي: ليس في حديث الباب دلالة على الاستثناء المذكور، وأجيب بثلاثة أجوبة: أحدها: أنه تمسك بحقيقة الغائط لأنه المكان المطمئن من الأرض في الفضاء وهذه حقيقته اللغوية، وإن كان قد صار يطلق على كل مكان أعد لذلك مجازا فيختص النهي به، إذ الأصل في الإطلاق الحقيقة، وهذا الجواب للإسماعيلي وهو أقواها-إلى أن قال- ثالثها: الاستثناء مستفاد من حديث ابن عمر المذكور في الباب الذي بعده، لأن حديث النبي - صلى الله عليه وسلم- كله كأنه شيء واحد.









قاله ابن بطال، وارتضاه ابن التين وغيره)[2].









قال الحافظ: (فإن قيل: لم حملتم الغائط على حقيقته ولم تحملوه على ما هو أعم من ذلك ليتناول الفضاء والبنيان، لاسيما والصحابي راوي الحديث قد حمله على العموم فيهما لأنه قال- كما سيأتي عند المصنف في باب قبلة أهل المدينة في أوائل الصلاة-: فقدمنا الشام فوجدنا مراحيض بنيت قبل القبلة فننحرف ونستغفر؟









فالجواب: أن أبا أيوب أعمل لفظ الغائط في حقيقته ومجازه وهو المعتمد، وكأنه لم يبلغه حديث التخصيص، ولولا أن حديث ابن عمر دل على تخصيص ذلك بالأبنية لقلنا بالتعميم، لكن العمل بالدليلين أولى من إلغاء أحدهما، وقد جاء عن جابر فيما رواه أحمد وأبو داود وابن خزيمة وغيرهم تأييد ذلك، ولفظه عند أحمد: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ينهانا أن نستدبر القبلة أو نستقبلها بفروجنا إذا هرقنا الماء. قال: ثم رأيته قبل موته بعام يبول مستقبل القبلة، والحق أنه ليس بناسخ لحديث النهي خلافا لمن زعمه، بل هو محمول على أنه رآه في بناء أو نحوه، لأن ذلك هو المعهود من حاله - صلى الله عليه وسلم- لمبالغته في التستر، ورؤية ابن عمر له كانت عن غير قصد كما سيأتي فكذا رواية جابر، ودعوى خصوصية ذلك بالنبي - صلى الله عليه وسلم- لا دليل عليها إذ الخصائص لا تثبت بالاحتمال، ودل حديث ابن عمر الآتي على جواز استدبار القبلة في الأبنية، وحديث جابر على جواز استقبالها، ولولا ذلك لكان حديث أبي أيوب لا يخص من عمومه بحديث ابن عمر إلا جواز الاستدبار فقط.









قوله: (إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة بغائط ولا بول).









قال الحافظ: (والغائط الثاني غير الأول، أطلق على الخارج من الدبر مجازا من إطلاق اسم المحل على الحال كراهية لذكره بصريح اسمه.









قوله: (ولكن شرقوا وغربوا) هذا مخصوص بالمخاطبين من أهل المدينة، ويلحق بهم من كان على مثل سمتهم.









قوله: (رقيت يوما على بيت حفصة) وفي رواية: لقد ارتقيت يوما على ظهر بيت لنا فرأيت النبي - صلى الله عليه وسلم- على لبنتين مستقبلا بيت المقدس لحاجته[3].









قال الحافظ: (قوله: على لبنتين، ولابن خزيمة: فأشرفت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وهو على خلائه. وفي رواية له: فرأيته يقضي حاجته محجوبا عليه بلبن. وللحكيم الترمذي بسند صحيح: فرأيته في كنيف.









ولم يقصد ابن عمر الإشراف على النبي - صلى الله عليه وسلم- في تلك الحالة وإنما صعد السطح لضرورة له فحانت منه التفاتة، نعم لما اتفقت له رؤيته في تلك الحالة عن غير قصد أحب أن لا يخلي ذلك من فائدة، فحفظ هلا الحكم الشرعي، وكأنه إنما رآه من جهة ظهره حتى ساغ له تأمل الكيفية المذكورة من غير محذور، ودل ذلك على شدة حرص الصحابي على تتبع أحوال النبي ليتبعها، وكذا كان - رضي الله عنه- )[4]. انتهى، والله أعلم.








[1] فتح الباري: (1/ 245).



[2] فتح الباري: (1/ 245).



[3] فتح الباري: (1/ 246).



[4] فتح الباري: (1/ 236).




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #13  
قديم 12-02-2020, 03:41 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,626
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام كتاب الطهارة

أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام (دخول الخلاء والاستطابة 4)


الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك

باب دخول الخلاء والاستطابة











الحديث الرابع







14- عن أنس بن مالك - رضي الله عنه- أنه قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم- إذا دخل الخلاء فأحمل أنا وغلام نحوي إداوة من ماء وعنزة فيستنجي بالماء.







والعنزة: الحربة الصغيرة.



والإداوة: إناء صغير من جلد.







قال البخاري: (باب الاستنجاء بالماء، وساق الحديث بلفظ: كان النبي - صلى الله عليه وسلم- إذا خرج لحاجته أجيء أنا وغلام معنا إداوة من ماء، يعنى يستنجي به).







قال الحافظ: (أراد بهذه الترجمة الرد على من كرهه، وعلى من نفى وقوعه من النبي - صلى الله عليه وسلم-.







قوله: (فاحمل أنا وغلام نحوي).



قال الحافظ: (أي مقارب لي في السن، والغلام هو المترعرع. قاله أبو عبيد، وقال في المحكم من لدن الفطام إلى سبع سنين.







وحكي الزمخشري في "أساس البلاغة": أن الغلام هو الصغير إلى حد الالتحاء، فإن قيل له بعد الالتحاء غلام فهو مجاز.







قوله: (إداوة من ماء) الإداوة: إناء صغير من جلد.







قوله: (فيستنجي بالماء) وعند الإسماعيلي فأنطلق أنا وغلام من الأنصار معنا إداوة فيها ماء يستنجي منها النبي - صلى الله عليه وسلم- . وللبخاري: إذا تبرز لحاجته أتيته بماء فيغسل به. ولمسلم: فخرج علينا وقد استنجى بالماء)[1].







وقال البخاري: (باب حمل العنزة مع الماء في الاستنجاء، وذكر الحديث وقال في آخره: العنزة عصا عليه زج).







قال الحافظ: (العنزة: عصا أقصر من الرمح لها سنان، وقيل: هي الحربة القصيرة. قال: وفي "الطبقات" لابن سعد أن النجاشي كان أهداها للنبي - صلى الله عليه وسلم-، وهذا يؤيد كونها كانت على صفة الحربة، لأنها من آلات الحبشة)[2].







قوله: ثم يدخل (الخلاء).







قال الحافظ: (المراد به هنا الفضاء، لقوله في الرواية الأخرى: "كان إذا خرج لحاجته" ولقرينة حمل العنزة مع الماء، فإن الصلاة إليها إنما تكون حيث لا سترة غيرها، وأيضا فإن الأخلية التي في البيوت كان خدمته فيها متعلقة بأهله، وفهم بعضهم من تبويب البخاري أنها كانت تحمل ليستتر بها عند قضاء الحاجة وفيه نظر، لأن ضابط السترة في هذا ما يستر الأسافل، والعنزة ليست كذلك، نعم يحتمل أن يركزها أمامه ويضع عليها الثوب الساتر، أو يركزها بجنبه لتكون إشارة إلى منع من يروم المرور بقربه، أو تحمل لنبش الأرض الصلبة، أو لمنع ما يعرض من هوام الأرض، لكونه - صلى الله عليه وسلم- كان يبعد عند قضاء الحاجة أو تحمل لأنه كان إذا استنجى توضأ،وإذا توضأ صلى، وهذا أظهر الأوجه واستدل البخاري بهذا الحديث على غسل البول.







وفيه جواز استخدام الأحرار- خصوصا إذا أرصدوا لذلك- ليحصل لهم التمرن على التواضع.







وفيه أن في خدمة العالم شرفا للمتعلم، لكون أبي الدرداء مدح ابن مسعود بذلك، يعني قوله: (أليس منكم صاحب النعلين والطهور والوسادة)[3]. والله أعلم.







[1] فتح الباري: (1/ 250).



[2] فتح الباري: (1/ 252).



[3] فتح الباري: (1/ 252).


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #14  
قديم 12-02-2020, 03:42 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,626
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام كتاب الطهارة

أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام (دخول الخلاء والاستطابة 5)


الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك






باب دخول الخلاء والاستطابة
الحديث الخامس

15- عن أبي قتادة الحارث بن ربعي الأنصاري - رضي الله عنه- أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال:" لا يمسكن أحدكم ذكره بيمينه وهو يبول، ولا يتمسح من الخلاء بيمينه، ولا يتنفس في الإناء".

قال البخاري: باب لا يمسك ذكره بيمينه إذا بال. وساق الحديث بلفظ: "إذا بال أحدكم فلا يأخذن ذكره بيمينه، ولا يستنجي بيمينه، ولا يتنفس في الإناء".

قال الحافظ: (واستنبط منه بعضهم منع الاستنجاء باليد التي فيها الخاتم المنقوش فيه اسم الله تعالى لكون النهي عن ذلك لتشريف اليمين، فيكون ذلك من باب الأولى، وقيل: الحكمة في النهي لكون اليمين معدة للأكل بها، فلو تعاطى ذلك بها لأمكن أن يتذكره عند الأكل فيتأذى بذلك، والله أعلم.

قوله: (ولا يتمسح من الخلاء بيمينه) أي: لا يستجمر بيمينه ولا يستنج بها.

وقال البخاري: باب النهي عن الاستنجاء باليمين، وساق الحديث بلفظ: "إذا شرب أحدكم فلا يتنفس في الإناء وإذا أتى الخلاء فلا يمس ذكره بيمينه ولا يتمسح بيمينه.

قوله: (ولا يتنفس في الإناء).

قال الحافظ: (أي داخله، وأما إذا أبانه وتنفس فهي السنة كما سيأتي في حديث أنس في كتاب الأشربة إن شاء الله تعالى.

وهذا النهي للتأدب لإرادة المبالغة في النظافة، إذ قد يخرج مع النفس بصاق أو مخاط أو بخار رديء فيكسبه رائحة كريهة فيتقذر بها هو أو غيره عن شربه. والتنفس في الإناء مختص بحالة الشرب كما دل عليه سياق قوله: " إذا شرب أحدكم فلا يتنفس في الإناء" وللحاكم من حديث أبي هريرة - صلى الله عليه وسلم-: "لا يتنفس أحدكم في الإناء إذا كان يشرب منه ")[1].


[1] فتح الباري: (1/ 253).

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #15  
قديم 12-02-2020, 03:42 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,626
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام كتاب الطهارة

أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام (دخول الخلاء والاستطابة 6)


الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك






باب دخول الخلاء والاستطابة
(الحديث السادس)



16- عن ابن عباس - رضي الله عنه- أن النبي - صلى الله عليه وسلم- مر بقبرين فقال: "إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير، أما أحدهما فكان يمشى بالنميمة، وأما الأخر فكان لا يستتر من بوله" ثم دعا بجريدة رطبة فشقها نصفين، ثم غرز في كل قبر واحدة. فقالوا: يا رسول الله، لم فعلت هذا؟ قال: " لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا".

قوله: (مر النبي - صلى الله عليه وسلم- بقيرين) وفي رواية: مر النبي - صلى الله عليه وسلم- بحائط من حيطان المدينة أو مكة فسمع صوت إنسانين يعذبان في قبورهما، وللبخاري في الأدب: خرج النبي - صلى الله عليه وسلم- من بعض حيطان المدينة، وللدارقطني من حديث جابر: أن الحائط كان لأم مبشر الأنصارية.

قال الحافظ: وهو يقوي رواية الأدب لجزمها بالمدينة من غير شك.

قوله: (فقال: إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير) وفي رواية: فقال النبي - صلى الله عليه وسلم- : "يعذبان وما يعذبان في كبير" ثم قال: "بلى" أي وإنه لكبير، وصرح بذلك في "الأدب المفرد"، فقال: "وما يعذبان في كبير، وإنه لكبير" أي: ليس بكبير في اعتقادهما أو في اعتقاد المخاطبين، وهو عند الله كبير، كقوله تعالى: ï´؟ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ ï´¾ [النور: 15]

قوله: (أما أحدهما فكان لا يستتر من البول) وفي رواية: "يستبرئ"، ولمسلم: "يستنزه".

قال الحافظ: (فعلى رواية الأكثر معنى الاستتار أنه لا يجعل بينه وبين بوله سترة يعني لا يتحفظ منه، فتوافق رواية لا يستنزه، لأنها من التنزه وهو الإبعاد، وقال: وأما رواية الاستبراء فهي أبلغ في التوقي)[1] انتهى.

وقال البخاري: (باب ما جاء في غسل البول. وقال النبي - صلى الله عليه وسلم- لصاحب القبر: "كان لا يستتر من بوله" ولم يذكر سوى بول الناس).

قال ابن بطال: أراد البخاري أن المراد بقوله: "كان لا يستتر من البول " بول الناس لا بول سائر الحيوان، فلا يكون فيه حجة لمن حمله على العموم في بول جميع الحيوان.

قال الحافظ: (قوله: "من البول" اسم مفرد لا يقتضي العموم، ولو سلم فهو مخصوص بالأدلة المقتضية لطهارة بول ما يؤكل)[2].

قلت: الكلام للقرطبي وإنما نقله الحافظ.

قوله: (وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة).

قال ابن دقيق العيد: هي نقل كلام الناس. والمراد منه هنا ما كان بقصد الإضرار، فأما ما اقتضى فعل مصلحة أو ترك مفسدة فهو مطلوب[3].

وقال النووي: هي نقل كلام الغير بقصد الإضرار، وهي من أقبح القبائح.

قوله: (ثم دعا بجريدة رطبة) وفي رواية: فدعا بعسيب رطب.
قوله: (فشقها نصفين) وفي رواية: فكسرها كسرتين، فوضع على كل قبر منهما كسرة.

وفي حديث جابر الطويل عند مسلم في قصة أخرى أنه - صلى الله عليه وسلم- أمر جابرا فألقى الغصنين عن يمينه وعن يساره حيث كان النبي - صلى الله عليه وسلم- جالسا، وأن جابرا سأله عن ذلك فقال: "إني مررت بقبرين يعذبان، فأحببت بشفاعتي أن يرفع عنهما ما دام الغصنان رطبين".

قوله: (فقالوا: يا رسول الله لم فعلت هذا؟ قال: لعله أن يخفف عنهما ما لم تيبسا) أو "إلى أن ييبسا"[4].

وقال الخطابي: هو محمول على أنه دعا لهما بالتخفيف مدة بقاء النداوة، لا أن في الجريدة معنى يخصه، ولا أن في الرطب معنى ليس في اليابس.

قال: وقد قيل: إن المعنى فيه أنه يسبح ما دام رطبا فيحصل التخفيف ببركة التسبيح.

وفد استنكر الخطابي ومن تبعه وضع الناس الجريد ونحوه في القبر عملا بهذا الحديث.

قال الطرطوشي: لأن ذلك خاص ببركة يده.

وقال القاضي عياض: لأنه علل غرزهما على القبر بأمر مغيب وهو قوله: "ليعذبان".

قال الحافظ: لا يلزم من كوننا لا نعلم أيعذب أم لا أن لا نتسبب له في أمر يخفف عنه العذاب أن لو عذب، كما لا يمنع كوننا لا ندري أرحم أم لا أن لا ندعو له بالرحمة.

قال: وفي هذا الحديث من الفوائد غير ما تقدم:
- إثبات عذاب القبر.

- وفيه التحذير من ملابسة البول، ويلتحق به غيره من النجاسات في البدن والثوب.

- ويستدل به على وجوب إزالة النجاسة خلافا لمن خص الوجوب بوقت إرادة الصلاة.

تتمة:
قال ابن تيمية: (يحرم استقبال القبلة واستدبارها عند التخلي مطلقا، سواء الفضاء والبنيان، وهو رواية اختارها أبو بكر عبد العزيز، ولا يكفي انحرافه عن الجهة).

قلت: وهو ظاهر كلام جده.

(وبحمد الله في نفسه إذا عطس بخلاء وكذلك في صلاته، قال أبو داود للإمام أحمد: أيحرك بها لسانه؟ قال: نعم، قال القاضي: ونقل بكر بن محمد: يحرك به شفتيه في الخلاء؟ قال القاضي: بحيث لا يسمعه وقال: مالا يسمعه لا يكون كلاما فيجري مجرى الذكر في نفسه، ولا تبطل الصلاة في الرواية عنه وفاقا للقاضي وجعلها أولى الروايتين.

قال أبو العباس: أما مسألة الصلاة فتقارب مسألة الخلاء، فإن الحمد لله ذكر لله، ونص أحمد أنه يقوله في الصلاة بمنزلة أذكار المخافتة لكن لا يجهر به كما يجهر خارج الصلاة ليس أنه لا يسمع نفسه.

وأما مسالة الخلاء: فيحتمل أن يكون ما قال القاضي، ويحتمل أن الروايتين معناهما الذكر الخفي عن غيره كما في الصلاة، ويحتمل أن يكون في المسالة روايتان إحداهما في نفسه بلا لفظ، والثانية باللفظ.

ويكره السلت والنتر، ولم يصح الحديث في الأمر بالمشي، والتنحنح عقيب البول بدعة.

ويجزئ الاستجمار ولو بواحدة في الصفحتين والحشفة وغير ذلك لعموم الأدلة بجواز الاستجمار.

ولم ينقل عنه - صلى الله عليه وسلم- في ذلك تقدير، والأفضل الجمع بينهما، ولا يكره الاقتصار على الحجر على الصحيح.

وليس له البول في المسجد ولو في وعاء).

وقال في موضع آخر في البول حول البركة في المسجد: (هذا يشبه البول في قارورة في المسجد، ومنهم من نهى عنه، ومنهم من يرخص فيه للحاجة فأما اتخاذه مبالا فلا.

ولا يجوز أن يذبح في المسجد ضحايا ولا غيرها.

وليس للمسلم أن يتخذ المسجد طريقا فكيف إذا اتخذه الكافر طريقا.

ويحرم منع المحتاج إلي الطهارة ولو وقفت على طائفة معينة كمدرسة ورباط ولو في ملكه لأنها بموجب الشرع والعرف مبذولة للمحتاج، ولو قدر أن الواقف صرح بالمنع فإنما يسوغ مع الاستغناء وإلا فيجب بذل المنافع المحضة للمحتاج كسكنى داره والانتفاع بما حوته ولا أجرة لذلك، وهو ظاهر مذهب الإمام أحمد، ويمنع أهل الذمة من دخول بيت الخلاء إن حصل منهم تضييق أو فساد ماء أو تنجيس وإن لم يكن بهم ضرورة ولهم ما يستغنون به فليس لهم مزاحمتهم[5] والله أعلم.


[1] فتح الباري: (1/ 321).

[2] فتح الباري: (1/ 322).

[3] فتح الباري: (1/ 319).

[4] فتح الباري: (1/ 322).

[5] الفتاوى الكبرى: (5/300).

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #16  
قديم 13-02-2020, 04:18 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,626
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام كتاب الطهارة

أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام (باب السواك 1)












الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك










2- باب السواك




الحديث الأول









17- عن أبي هريرة- رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: " لو لا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة".









اتفق أكثر أهل العلم على أن السواك سنة مؤكدة لحديث النبي - صلى الله عليه وسلم- ومواظبته عليه، وترغيبه فيه، وندبه إليه.









وعن عائشة- رضي الله عنها- أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: (السواك مطهرة للفم مرضاة للرب" رواه أحمد والنسائي.









وهو مسنون في كل وقت، ويتأكد عند الصلاة والوضوء وقراءة القرآن وتغير الفم والاستيقاظ من النوم.









قال في "المغني ": (وإن إستاك بأصبعه أو خرقة فقد قيل: لا يصيب السنة، لأن الشرع لم يرد به ولا يحصل الإنقاء به، والصحيح أنه يصيب بقدر ما يحصل من الإنقاء، ولا يترك القليل من السنة للعجز عن كثيرها)[1] انتهى.









قوله: (لو لا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك).









قال الشافعي: فيه دليل على أن السواك ليس بواجب، لأنه لو كان واجبا لأمرهم، شق عليهم به أو لم يشق.









قوله: "مع كل وضوء" وفي رواية "مع كل صلاة" وفي رواية (عند كل صلاة). وللنسائي: "لولا أن أشق على أمتي لفرضت عليهم السواك مع كل وضوء".









وعند أحمد: "لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة كما يتوضؤون".









وله أيضا: "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم عند كل صلاة بوضوء، ومع كل وضوء بسواك".









واستدل بقوله: "كل صلاة" على استحباب السواك للفرائض والنوافل[2].









قال الحافظ: (وفيه ما كان الني - صلى الله عليه وسلم- عليه من الشفقة على أمته.









وقال المهلب: فيه: أن المندوبات ترتفع إذا خشي منها الحرج.









واستدل به النسائي على استحباب السواك للصائم بعد الزوال لعموم قوله: " كل صلاة".









قال ابن دقيق العيد: الحكمة في استحباب السواك عند القيام إلى الصلاة كونها حال تقرب إلى الله، فاقتض أن تكون حال كمال ونظافة إظهارا لشرف العبادة)[3].









وقال البخاري: (باب سواك الرطب واليابس للصائم.









ويذكر عن عامر بن ربيعة قال: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم- يستاك وهو صائم ما لا أحصي أو أعد.









وقال أبو هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم-: "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء".









ويروى نحوه عن جابر وزيد بن خالد عن النبي - صلى الله عليه وسلم- ، ولم يخص الصائم من غيره.









وقالت عائشة عن النبي: - صلى الله عليه وسلم- " السواك مطهرة للفم مرضاة للرب".









وقال عطاء وقتادة: يبتلع ريقه. ثم أورد حديث عثمان في الوضوء).









قال ابن المنير في الحاشية: أخذ البخاري شرعية السواك للصائم بالدليل الخاص، ثم انتزعه من أعم الأدلة العامة التي تناولت أحوال متناول السواك وأحوال ما يستاك به، ثم انتزع ذلك من أعم من السواك وهو المضمضة إذ هي أبلغ من السواك الرطب.









قوله: وقال عطاء وقتادة: يبتلع ريقه. ومناسبته للترجمة من جهة أن أقصى ما يخشى من السواك الرطب أن يتحلل منه في الفم شيء، وذلك الشيء كماء المضمضة فإذا قذفه من فيه لا يضره بعد ذلك أن يبتلع ريقه.









وقال البخاري أيضا: وقال ابن عمر: يستاك أول النهار وآخره ولا يبلع ريقه.









وقال عطاء: إن ازدرد ريقه لا أقول يفطر.









وقال ابن سيرين: لا بأس بالسواك الرطب، قيل: له طعم، قال: والماء له طعم وأنت تمضمض به[4] انتهى.









وقد نقل الترمذي: أن الشافعي قال: لا بأس بالسواك للصائم أول النهار وآخره، والله أعلم.








[1] (1/109)



[2] فتح الباري: (2/ 375).



[3] فتح الباري: (2/ 376).



[4] فتح الباري: (4/158).

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #17  
قديم 13-02-2020, 04:19 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,626
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام كتاب الطهارة

أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام (باب السواك 2)
الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك






الحديث الثاني

18- عن حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه- قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم- إذا قام من الليل يشوص فاه بالسواك.

معناه: يغسل أو يدلك، يقال: شاص يشوص وماص يموص إذا غسله، والشوص بالفتح الغسل والتنظيف.

قال ابن دقيق العيد: فيه استحباب السواك عند القيام من النوم، لأن النوم مقتض لتغير الفم لما يتصاعد إليه من أبخرة المعدة، والسواك آلة تنظيفه فيستحب عند مقتضاه[1].

الحديث الثالث

19- عن عائشة قالت: دخل عبد الرحمن بن أي بكر الصديق - رضي الله عنهما- على النبي - صلى الله عليه وسلم- وأنا مسندته إلى صدري، ومع عبد الرحمن سواك رطب يستن به، فأبده رسول الله - صلى الله عليه وسلم- بصره، فأخذت السواك فقضمته وطيبته، ثم دفعته إلى النبي - صلى الله عليه وسلم- فاستن به، فما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- استن استنانا قط أحسن منه، فما عدا أن فرغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم- رفع يده أو إصبعه ثم قال: "في الرفيق الأعلى"- ثلاثا- ثم قضى، وكانت تقول: مات بين حاقنتي وذاقنتي.

وفي لفظ: فرأيته ينظر إليه، وعرفت أنه يحب السواك، فقلت: آخذه لك؟ فأشار برأسه: أن نعم.

هذا لفظ البخاري، ولمسلم نحوه.

قولها: ( ومع عبد الرحمن سواك رطب يستن به) أي: يستاك،.

وفي رواية: مر عبد الرحمن وفي يده جريدة رطبة فنظر إليه، فظننت أن له بها حاجة، فأخذتها فمضغت رأسها ونفضتها فدفعتها إليه.

قولها: (فأبده رسول الله - صلى الله عليه وسلم- بصره) بتشديد الدال، أي: مد نظره إليه.

قولها: (فأخذت السواك فقضمته).

قال الحافظ: (بفتح القاف وكسر الضاد المعجمة أي مضغته والقضم الأخذ بطرف الأسنان، وفي رواية "فقصمته" بصاد مهمله أي كسرته.

قولها: "ونفضته" بالفاء والضاء المعجمه.

قولها: (فما عدا أن فرغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم- رفع يده أو إصبعه ثم قال: في الرفيق الأعلى- ثلاثا- ثم قضي) أي: مات.

وقوله - صلى الله عليه وسلم-: (في الرفيق الأعلى) إشارة منه - صلى الله عليه وسلم- إلي قوله تعالى: ï´؟ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ï´¾ [النساء: 69] عن عائشة قالت: كنت سمعت أنه لا يموت نبي حتى يخير بين الدنيا والآخرة، قالت: فأصابت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- بحة شديدة في مرضه، فسمعته يقول: ï´؟ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقً ï´¾ [النساء: 69] فظننت أنه خير، رواه البخاري[2].

قوله: (وكانت تقول: مات ورأسه بين حاقنتي وذاقنتي). وفي آخره: توفي في بيتي وفي يومي، وبين سحري ونحري، لان الله جمع ريقي وريقه عند موته في آخر يوم من الدنيا.

والحاقنة: ما سفل من الذقن، والمراد أنه مات ورأسه بين حنكها وصدرها- صلى الله عليه وسلم- ورضي عنها.

قوله: (فقلت آخذه لك؟ فأومأ برأسه أن نعم) وفي رواية: فأومأ.

قال الحافظ: (ويؤخذ منه العمل بالإشارة عند الحاجة إليها، وقوة فطنة عائشة)[3].

قال: (وفيه دلالة على تأكد أمر السواك لكونه - صلى الله عليه وسلم- لم يخل به مع ما هو فيه من شاغل المرض)[4].

وفي الحديث أيضا إصلاح السواك وتهيئته.

والاستياك بسواك الغير بعد تطهيره وتنظيفه.

وفيه العمل بما يفهم من الإشارة والحركات عند الحاجة إليها، والله أعلم[5].

الحديث الرابع

20- عن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه- قال: أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم- وهو يستاك بسواك رطب، قال: وطرف السواك على لسانه، وهو يقول: " أع أع " والسواك في فيه كأنه يتهوع.

قوله: (يستاك بسواك رطب) وفي رواية: فوجدته يستن بسواك بيده، يقول: ( أع أع) بضم الهمزة وسكون المهملة.

قوله: (وطرف السواك على لسانه).

قال الحافظ: ( والمراد طرفه الداخل كما عند أحمد: "يستن إلى فوق" ولهذا قال هنا: "كأنه يتهوع" والتهوع التقيؤ، أي: له صوت كصوت المتقيئ على سبيل المبالغة.

ويستفاد منه مشروعية السواك على اللسان طولا، أما الأسنان فالأحب فيها أن تكون عرضا.

قال وفيه تأكيد السواك وأنه لا يختص بالأسنان، وأنه من باب التنظيف والتطيب لا من باب إزالة القاذورات، لكونه - صلى الله عليه وسلم- لم يختف به، وبوبوا عليه: استياك الأمام بحضرة رعيته)[6].

تتمة:
قال ابن تيمية: (يطلق على الفعل وعلى ما يتسوك به وهو مذكر، قال الليث: وتؤنثه العرب أيضا، وغلطه الأزهري في ذلك وتبعه ابن سيده في المحكم، وهو في جميع الأوقات مستحب، والأصح ولو للصائم بعد الزوال، وهو رواية، وقاله مالك وغيره.

وقال: والسواك ما علمت أحدا كرهه في المسجد، والآثار تدل عليم)[7] انتهى والله أعلم.

وعن المقداد بن شريح عن أبيه قال: قلت لعائشة: بأي شيء كان يبدأ به النبي - صلى الله عليه وسلم- إذا دخل بيته قالت: بالسواك. رواه الجماعة إلا البخاري والترمذي، والله الموفق


[1] فتح الباري: (1/ 356).

[2] فتح الباري: (8/ 136).

[3] فتح الباري: (8/ 139).

[4] فتح الباري: (2/ 377).

[5] إحكام الأحكام: (1/ 69).

[6] فتح الباري: ( 1/ 356)

[7] الفتاوى الكبرى: ( 5/302)


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #18  
قديم 13-02-2020, 04:19 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,626
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام كتاب الطهارة

أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام


























3- باب المسح على الخفين

الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك




الحديث الأول










21- عن المغيرة بن شعبة- رضي الله عنه- قال: كنت مع النبي - صلى الله عليه وسلم- في سفر فأهويت لأنزع خفيه، فقال: "دعهما إني أدخلتهما طاهرتين" فمسح عليهما.









المسح على الخفين جائز عند عامة أهل العلم.









قال أحمد: ليس في قلبي من المسح شيء، فيه أربعون حديثا عن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، ما رفعوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم- وما وقفوا.









وعن الحسن قال: حدثني سبعون من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم- مسح على الخفين.









وعن ابن المبارك قال: ليس على المسح على الخفين عن الصحابة اختلاف، ولأن كل من روي عنه منهم إنكاره فقد روي عنه إثباته.









وعن جرير: أنه بال ثم توضأ ومسح على خفيه، فقيل له: تفعل هكذا. قال: نعم، رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- بال ثم توضأ ومسح على خفيه، قال إبراهيم: فكان يعجبهم هذا الحديث، لأن إسلام جرير كان بعد نزول المائدة. متفق عليه.









قال الحافظ: (وقد صرح جمع من الحفاظ بان المسح على الخفين متواتر، وجمع بعضهم رواته فجاوزوا الثمانين[1].









قال ابن المنذر: (اختلف العلماء أيهما أفضل: المسح على الخفين، أو نزعهما وغسل القدمين؟ قال: والذي أختاره أن المسح أفضل لأجل من طعن فيه من أهل البدع من الخوارج والروافض. قال: وإحياء ما طعن فيه المخالفون من السنن أفضل من تركه.









وقال أصبغ: المسح عن النبي - صلى الله عليه وسلم- وعن أكابر أصحابه في الحضر أثبت عندنا وأقوى من أن نتبع مالكا على خلافه.









قوله: (كنت مع النبي - صلى الله عليه وسلم- ) في سفر. وفي رواية: أنه خرج لحاجته.









ولمالك وأحمد وأبي داود: أنه كان في غزوة تبوك وأن ذلك كان عند صلاة الفجر.









وللبخاري: فأتبعه المغيرة بإداوة فيها ماء فصب عليه حين فرغ من حاجته فتوضأ ومسح على الخفين.









وفي رواية: أن النبي - صلى الله عليه وسلم- هو الذي أمره أن يتبعه بالإداوة وزاد: فانطلق حتى توارى عني فقضى حاجته ثم أقبل فتوضأ.









وعند أحمد من طريق أخرى عن المغيرة أن الماء الذي توضأ به أخذه المغيرة أعرابية صبته له من قربة كانت جلد ميتة، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال له: "سلها فإن كانت دبغتها فهو طهور" وأنها قالت: إي والله لقد دبغتها.




وللبخاري: وعليه جبة شامية فغسل وجهه ويديه.




وعند أحمد: أنه غسل كفيه.




وللبخاري: أنه تمضمض واستنشق وغسل وجهه. زاد أحمد: ثلاث مرات، فذهب يخرج يديه من كميه فكانا ضيقين، فأخرجهما من تحت الجبة.









وللبخاري: ومسح برأسه ولمسلم: ومسح بناصيته وعلى عمامته وعلى الخفين)[2].









قال الحافظ: (وفيه من الفوائد:




الإبعاد عند قضاء الحاجة والتواري عن الأعين.









واستحباب الدوام على الطهارة لأمره - صلى الله عليه وسلم- المغيرة أن يتبعه بالماء مع أنه لم يستنج به، وإنما توضأ به حين رجع.









وفيه جواز الاستعانة في الوضوء وغسل ما يصيب اليد من الأذى عند الاستجمار، وأنه لا يكفي إزالته بغير الماء، والاستعانة على إزالة الرائحة بالتراب ونحوه. وقد يستنبط منه أن ما انتشر عن المعتاد لا يزال إلا بالماء وفيه الانتفاع بجلود الميتة إذا دبغت.









والانتفاع بثياب الكفار حتى تتحقق نجاستها، لأنه - صلى الله عليه وسلم- لبس الجبة الرومية ولم يستفصل، واستدل به القرطبي على أن الصوف لا ينجس بالموت لأن الجبة كانت شامية وكانت الشام إذ ذاك دار كفر، ومأكول أهلها الميتات، كذا قال.









وفيه الرد على من زعم أن المسح على الخفين منسوخ بآية الوضوء التي المائدة، لأنها نزلت في غزوة المريسيع، وكانت هذه القصة في غزوة تبوك، وهي بعدها باتفاق، وسيأتي حديث جرير البجلي في معنى ذلك في كتاب الصلاة إن شاء الله تعالى.









وفيه التشمير في السفر، ولبس الثياب الضيقة فيه لكونها أعون على ذلك.









وفيه المواظبة على سنن الوضوء حتى في السفر.









وفيه قبول خبر الواحد في الأحكام ولو كانت امرأة، سواء كان ذلك فيما تعم به البلوى أم لا، لأنه - صلى الله عليه وسلم- قبل خبر الأعرابية.









فيه أن الاقتصار على غسل معظم المفروض غسله لا يجزئ، لإخراجه - صلى الله عليه وسلم- يديه من تحت الجبة، ولم يكتف فيما بقي منهما بالمسح عليه، وقد يستدل به على من ذهب إلى وجوب تعميم مسح الرأس لكونه كمل بالمسح على العمامة ولم يكتف بالمسح على ما بقي من ذراعيه)[3].









قال في "المغني": وما جرت العادة بكشفه من الرأس استحب أن يمسح عليه مع العمامة، نص عليه أحمد، ويجوز المسح على العمامة المحنكة إذا كانت ساترة لجميع الرأس إلا ما جرت العادة بكشفه، ولا يجوز على غير المحنكة إلا أن تكون ذات ذؤابة فيجوز في أحد الوجهين...









وإن لم يكن تحت الحنك منها ولا لها ذؤابة لم يجز المسح عليها، لأنها على صفة عمائم أهل الذمة ولا يؤثر نزعها[4].









قوله: (فأهويت لأنزع خفيه فقال: "فإني أدخلتهما طاهرتين" فمسح عليهما).









قال البخاري: (باب إذا أدخل رجليه وهما طاهرتان، وساق الحديث.









قال ابن بطال: فيه: خدمة العالم، وأن للخادم أن يقصد إلى ما يعرف من عادة مخدومه قبل أن يأمره. وفيه: الفهم عن الإشارة، ورد الجواب عما يفهم عنها، لقوله: فقال: "دعهما".









قوله: (فأني أدخلتهما) أي القدمين (طاهرتين) كذا للأكثر.









وللكشميهني: "وهما طاهرتان".









ولأبي داود: "فإني أدخلت القدمين الخفين وهما طاهرتان".









وللحميدي في "مسنده"، قلت: يا رسول الله أيمسح أحدنا على خفيه؟ قال:" نعم









إذا أدخلهما وهما طاهرتان".









ولابن خزيمة من حديث صفوان بن عسال: أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أن نمسح على الخفين إذا نحن أدخلناهما على طهر ثلاثا إذا سافرنا، ويوما وليلة إذا أقمنا) [5]انتهى، والله أعلم.








[1] فتح الباري: (1/306)



[2] فتح الباري: (1/ 305)



[3] فتح الباري: (1/307)



[4] الشرح الكبير لابن قدامة : (1/ 166، 167)، الإنصاف للمرداوي: (1/185).



[5] فتح الباري: (1/ 309)

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #19  
قديم 13-02-2020, 04:20 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,626
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام كتاب الطهارة

أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام





3- باب المسح على الخفين(2)

الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك





الحديث الثاني
22- عن حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه- قال: كنت مع النبي - صلى الله عليه وسلم- ، فبال وتوضأ ومسح على خفيه. مختصرا.

قوله: (كنت مع النبي - صلى الله عليه وسلم- )، وللبيهقي: إن كان ذلك بالمدينة وقد وقع في بعض النسخ كنت مع النبي - صلى الله عليه وسلم- في سفر. وهو غلط.

قوله: (فبال وتوضأ ومسح على خفيه. مختصرا).

قال البخاري: (باب البول قائما وقاعدا، وساق الحديث بلفظ: أتى النبي - صلى الله عليه وسلم- سباطة قوم فبال قائما ثم دعا بماء، فجئته بماء فتوضأ.

قال ابن بطال: دلالة الحديث على القعود بطريق الأولى، لأنه إذا جاز قائما فقاعدا أجوز.

قلت: ويحتمل أن يكون أشار بذلك إلى حديث عبد الرحمن بن حسنة الذي أخرجه النسائي وابن ماجه وغيرهما فإن فيه: بال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- جالسا، فقلنا انظروا إليه يبول كما تبول المرأة.

وحكي ابن ماجه عن بعض مشايخه أنه قال: كان من شأن العرب البول قائما، ألا تراه يقول في حديث عبد الرحمن بن حسنة: قعد يبول كما تبول المرأة. وقال في حديث حذيفة: فقام كما يقوم أحدكم.

ودل حديث عبد الرحمن المذكور على أنه - صلى الله عليه وسلم- كان يخالفهم في ذلك فيقعد لكونه أستر وأبعد من مماسة البول، وهو حديث صحيح صححه الدارقطني وغيره، ويدل عليه حديث عائشة قالت: ما بال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قائما منذ أنزل عليه القرآن. رواه أبو عوانه في صحيحه والحاكم.

قوله: سباطة قوم، هي المزبلة تكون بفناء الدور مرفقا لأهلها، وتكون في الغالب سهلة لا يرتد فيها البول على البائل.

وفي رواية أحمد عنه: أتى سباطة قوم فتباعدت منه، فأدناني حتى صرت قريبا من عقبيه فبال قائما، ودعا بماء فتوضأ ومسح على خفيه.

وكذا زاد مسلم وغيره فيه ذكر المسح على الخفين.

قال: واستدل به على جواز المسح في الحضر) [1]انتهى.

وقال البخاري أيضا: (باب البول عند صاحبه والتستر بالحائط، ثم ساق الحديث بلفظ: رأيتني أنا والنبي - صلى الله عليه وسلم- نتماشى، فأتى سباطة قوم خلف حائط فقام كما يقوم أحدكم، فبال فانتبذت منه، فأشار إلي فجئته، فقمت عند عقبه حتى فرغ)[2].

قال الحافظ: (قوله: فأشار إلي. يدل على أنه لم يبعد منه بحيث لا يراه. وإنما صنع ذلك ليجمع بين المصلحتين: عدم مشاهدته في تلك الحالة، وسماع ندائه كانت له حاجة، أو رؤية إشارته إذا أشار له وهو مستدبره. وليست فيه دلالة على جواز الكلام في حال البول لأن هذه الرواية بينت أن قوله في رواية مسلم: "ادنه" كان بالإشارة لا باللفظ، وأما مخالفته - صلى الله عليه وسلم- لما عرف من عادته من الإبعاد عند قضاء الحاجة عن الطرق المسلوكة وعن أعين النظارة، فقد قيل: فيه إنه - صلى الله عليه وسلم- كان مشغولا بمصالح المسلمين، فلعله طال عليه المجلس حتى احتاج إلى البول، فلو أبعد لتضرر، واستدنى حذيفة ليستره من خلفه من رؤية من لعله يمر به وكان قدامه مستورا بالحائط، أو لعله فعله لبيان الجواز. ثم هو في البول وهو أخف من الغائط لاحتياجه إلى زيادة تكشف، ولما يقترن به من الرائحة. والغرض من الإبعاد التستر وهو يحصل بإرخاء الذيل والدنو من الساتر.

وروى الطبراني من حديث عصمة بن مالك قال: خرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم- في بعض سكك المدينة، فانتهى إلى سباطة قوم فقال: "يا حذيفة استرني" فذكر الحديث.

وظهر منه الحكمة في إدنائه حذيفة في تلك الحالة، وكان حذيفة لما وقف خلفه عقبه استدبره، وظهر أيضا أن ذلك كان في الحضر لا في السفر.

ويستفاد من هذا الحديث: دفع أشد المفسدتين بأخفهما والإتيان بأعظم المصلحتين إذا لم يمكنا معا، وبيانه أنه - صلى الله عليه وسلم- كان يطيل الجلوس لمصالح الأمة ويكثر من زيارة أصحابه وعيادتهم، فلما حضره البول وه في بعض تلك الحالات لم يؤخره حتى يبعد كعادته لما يترتب على تأخيره من الضرر، فراعى أهم الأمرين، وقدم المصلحة في تقريب حذيفة منه ليستره من المارة على مصلحة تأخيره عنه إذ لم يمكن جمعهما.

وقال البخاري أيضا: باب البول عند سباطة قوم. وساق الحديث عن أبي وائل، قال: كان أبو موسى الأشعرى يشدد فى البول، ويقول: إن بني إسرائيل كان إذا أصاب ثوب أحدهم قرضه، فقال حذيفة: ليته أمسك، أتى رسول الله سباطة قوم فبال قائما)[3].

وقال الحافظ: (بين ابن المنذر وجه هذا التشديد، فاخرج من طريق عبد الرحمن ابن الأسود عن أبيه أنه سمع أبا موسى ورأى رجلا يبول قائما، فقال: ويحك أفلا قاعدا، ثم ذكر قصة بني إسرائيل، وبهذا يظهر مطابقة حديث حذيفة في تعقبه على أبي موسى)[4].

قال الحافظ: (وإنما احتج حذيفة بهذا الحديث، لأن البائل عن قيام قد يتعرض للرشاش ولم يلتفت النبي - صلى الله عليه وسلم- إلى هذا الاحتمال فدل على أن التشديد مخالف للسنة والله أعلم)[5].

قال أبو العباس: (وخفي أصله على كثير من السلف والخلف حتى أنكره بعض الصحابة وطائفة من أهل المدينة وأهل البيت، وصنف الإمام أحمد كتابا كبيرا في الأشربة في تحريم المسكر ولم يذكر فيه خلافا عن الصحابة، فقيل له في ذلك فقال: هذا صح فيه الخلاف عن الصحابة بخلاف المسكر، ومالك مع سعة علمه وعلو قدره أنكره في رواية، وأصحابه خالفوه في ذلك.

فقلت: وحكى ابن أبي شيبة إنكاره عن عائشة وأبي هريرة وابن عباس، وضعف الرواية عن الصحابة بإنكاره غير واحد، والله أعلم والذين خفي عليهم ظنوا معارضة آية المائدة للمسح لأنه أمر بغسل الرجلين فيها، واختلف في الآية مع المسح على الخفين، فقالت طائفة: المسح على الخفين ناسخ للآية. قاله الخطابي قال: وفيه دلالة على أنهم كانوا يرون نسخ القرآن بالسنة، قال الطبري: مخصص، وهو قول طائفة: هو أمر زائد على ما في الكتاب، وطائفة: بيان لما في الكتاب.

ومال إليه أبو العباس، وجميع ما يدعى من السنة أنه ناسخ للقرآن غلط، أما أحاديث المسح فهي تبين المراد بالقرآن إذ ليس فيه أن لابس الخف يجب عليه غسل الرجلين، وإنما فيه أن من قام إلى الصلاة يغسل، وهذا عام لكل قائم إلى الصلاة، لكن ليس عاما لأحواله بل هو مطلق في ذلك مسكوت عنه.

قال أبو عمر بن عبد البر: معاذ الله أن يخالف رسول الله - صلى الله عليه وسلم- كتاب الله بل يبين مراده به.

وطائفة قالت كالشافعي وابن القصار، ومال إليه أبو العباس أيضا أن الآية قرئت بالخفض والنصب فيحمل النصب، على غسل الرجلين والخفض على مسح الخفين فيكون القرآن كآيتين.

وهل المسح أفضل أم غسل الرجلين أم هما سواء؟ ثلاث روايات عن أحمد، والأفضل في حق كل أحد بحسب قدمه، فللابس الخف أن يمسح عليه ولا ينزع خفيه اقتداء به - صلى الله عليه وسلم- وأصحابه، ولمن قدماه مكشوفتان الغسل، ولا يتحرى لبسه ليمسح عليه وكان - صلى الله عليه وسلم- يغسل قدميه إذا كانتا مكشوفتين ويمسح إذا كان لابس الخفين.

ويجوز المسح على اللفائف في أحد الوجهين، حكاه ابن تميم وغيره، وعلى الخف المخرق ما دام اسمه باقيا والمشي فيه ممكن، هو قديم الشافعي، واختيار أبي البركات وغيره من العلماء، وعلى القدم ونعلها التي يشق نزعها إلا بيد أو رجل كما جاءت به الآثار، والاكتفاء بأكثر القدم هنا، والظاهر منها غسلا ومسحا أولى من مسح بعض الخف ولهذا لا يتوقت.

وذكر في موضع آخر أن الرجل لها ثلاث أحوال:
الكشف، له الغسل، وهو أعلى المراتب.

والستر المسح.

وحالة متوسطة وهي في النعل، فلا هي بارزة فيجب الغسل، فأعطيت حالة متوسطة وهو الرش، وحيث أطلق عليها لفظ المسح في هذا الحال فالمراد به الرش، وقد ورد الرش على النعلين والمسح عليها في "المسند" من حديث أوس ورواه ابن أوس، ورواه ابن حبان والبيهقي من حديث ابن عباس، ومنصوص أحمد المسح على الجوربين ما لم يخلع النعلين، فإذا أجاز عليهما فالزربول الذي لا يثبت إلا بسير يشده به متصلا ومنفصلا عنه أولى بالمسح عليه من الجوربين، وما لبسه من فرو أو قطن وغيرهما وثبت بشده بخيط متصل أو منفصل مسح عليه، وأما اشتراط الثبات بنفسه فلا أصل له في كلام أحمد وإنما المنصوص عنه ما ذكرناه.


وعلى القول باعتبار ذلك فالمراد به ما ثبت في الساق ولم يسترسل عند المشي ولا يعتبر موالاة المشي فيه كما ذكره أبو عبد الله ابن تيمية.

يجوز على العمامة الصماء وهي كالقلانس، والمحكي عن أحمد الكراهة والأقرب أنها كراهة لا ترتقي إلى التحريم كسفر النزهة، ومثله لا يمنع الرخص، وتحمل كراهة السلف لغير المحنكة على الحاجة إلى ذلك لجهاد أو غيره، والعمائم المكلبة بالكلاب تشبه المحنكة من بعض الوجوه، فإنه يمسكها كما تمسك الحنك العمامة ومن غسل إحدى رجليه ثم أدخلها الخف قبل غسل الأخرى فإنه يجوز المسح عليها من غير اشتراط خلع، ولبسه قبل إكمال الطهارة كلبسه بعدها، وكذا لبسها قبل كمالها، وهو إحدى الروايتين ومذهب أبي حنيفة قال ولا يتوقف مدة المسح في حق المسافر الذي يثق اشتغاله بالخلع، واللبس كالبريد المجهز في مصلحة المسلمين، وعليه تحمل قصة عقبة بن عامر، وهو نص مذهب مالك وغيره ممن لا يرى التوقيت، ولا ينتقض وضوء الماسح على الخف والعمامة بنزعها ولا بانقضاء المدة، ولا يجب عليه مسح رأسه ولا غسل قدميه، وهو مذهب الحسن البصري، كإزالة الشعر الممسوح على الصحيح من مذهب أحمد وقول الجمهور.

وإذا حل الجبيرة فهل تنتقض طهارته كالخف على قول من يقول بالنقض أو لا تنتقض كحلق الرأس؟ الذي ينبغي أن لا تنتقض الطهارة بناء على أنها لطهارة أصل لوجوبها في الطهارتين وعدم توقيتها، وأن الجبيرة بمنزلة باقي البشرة، لأن الفرض استتر بما يمنع وصول الماء إليه فانتقل الفرض إلى الحائل في طهارتين كما ينتقل الوضوء إلى منبت الشعر في الوجه والرأس للمشقة لا للشعر، وهذا قوي على قول من لا يشترط الطهارة لشدها.

فأما من اشترط الطهارة لشدها فألحقها بالحوائل البدلية فتنتقض الطهارة بزوالها كالعمامة والخف.

ويتوجه أن تنبني هذه على الروايتين في اشتراط الطهارة.

قلت: البدل عندنا في حل الجبيرة إن كان بعد البرء وإلا فكالخف إذا خلعه، وإن كان قبله فوجهان أصحهما كذلك، والله سبحانه وتعالى أعلم)[6].

وقال المجد في "المنتقى": باب المسح على الموقين وعلى الجوربين والنعلين جميعا.

عن بلال قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يمسح على الموقين والخمار. رواه أحمد.

ولأبي داود: كان يخرج يقضي حاجته فآتيه بالماء فيتوضأ ويمسح على عمامته وموقيه.

ولسعيد بن منصور في "سننه" عن بلال قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم-يقول: "امسحوا على النصيف والموق".

وعن المغيرة بن شعبة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- توضأ ومسح على الجوربين والنعلين.

رواه الخمسة إلا النسائي وصححه الترمذي.

قال الشوكاني: (والحديث بجميع رواياته يدل على جواز المسح على الموقين وهما ضرب من الخفاف قاله ابن سيده والأزهري، وهو مقطوع الساقين قاله في الضياء.

وقال الجوهري: الموق الذي يلبس فوق الخف قيل: وهو عربي، وقيل: فارسي معرب، وعلى جواز المسح على الخمار وهو العمامة كما قاله النووي.

وقد تقدم الكلام على ذلك في باب جواز المسح على العمامة وعلى جواز المسح على النصيف وهو أيضا الخمار قاله في الضياء. وعلى جواز المسح على الجورب وهو لفافة الرجل قاله في الضياء والقاموس، وقد تقدم أنه الخف الكبير.

وقد قال بجواز المسح عليه من ذكره أبو داود من الصحابة وزاد ابن سيد الناس في شرح الترمذي: عبد الله بن عمر وسعد بن أبي وقاص وأبا مسعود البدري عقبة بن عمرو.

وقد ذكر في الباب الأول أن المسح على الخفين مجمع عليه بين الصحابة. وعلى جواز المسح على النعلين. قيل: وإنما يجوز على النعلين إذا لبسهما فوق الجوربين، قال الشافعي: ولا يجوز مسح الجوربين إلا أن يكونا منعلين يمكن متابعة المشي فيهما)[7] انتهى والله أعلم.


[1] فتح الباري: ( 1/328).

[2] فتح الباري: ( 1/329).

[3] فتح الباري: ( 1/ 329)

[4] فتح الباري: ( 1/ 356)

[5] فتح الباري: ( 1/ 357)

[6] الفتاوى الكبرى: ( 5/303)

[7] نيل الأوطار: ( 1/226)


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #20  
قديم 13-02-2020, 04:20 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,626
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام كتاب الطهارة

أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام













4- باب في المذي وغيره (1)

الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك



الحديث الأول







23- عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه- قال: كنت رجلا مذاء، فاستحييت أن أسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم- لمكان ابنته مني، فأمرت المقداد بن الأسود فسأله، فقال: "يغسل ذكره، ويتوضأ".







وللبخاري: "أغسل ذكرك وتوضأ".







ولمسلم: "توضأ وانضح فرجك".







قال البخاري: (باب غسل المذي والوضوء منه. وساق الحديث بلفظ: كنت رجلا مذاء، فأمرت رجلا أن يسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم- لمكان ابنته، فسأل فقال: (تتوضأ واغسل ذكرك)[1].







قال الحافظ: (وفي المذي لغات أفصحها بفتح الميم وسكون الذال المعجمة وتخفيف الياء، ثم بكسر الذال وتشديد الياء، وهو ماء أبيض رقيق لزج يخرج عند الملاعبة أو تذكر الجماع أو إرادته، وقد لا يحس بخروجه.







قوله: (مذاء) صيغة مبالغة من المذي أي: كثير المذي.







قوله: (لمكان ابنته مني) وفي رواية لمسلم: "من أجل فاطمة- رضي الله عنه- ".







(فأمرت المقداد بن الأسود فسأله) وللنسائي. فقلت لرجل جالس إلي جنبي: سله، فسأله عن المذي يخرج من الإنسان، وفي رواية لأبي داود والنسائي وابن خزيمة: كنت رجلا مذاء، فجعلت أغتسل منه في الشتاء حتى تشقق ظهري، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم-:"لا تفعل".







وعن سهل بن حنيف قال: كنت ألقى من المذي شدة وعناء وكنت أكثر من الاغتسال، فذكرت ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم- فقال: "إنما يجزيك من ذلك الوضوء" فقلت: يا رسول الله، فكيف بما يصيب ثوبي منه؟ قال: "يكفيك بان تأخذ كفا من ماء فتنضح بها من ثوبك حيث ترى أنه أصابه". رواه أبو داود وابن ماجه والترمذي وقال: حديث حسن صحيح[2].







قوله: فقال: (يغسل ذكره ويتوضأ).







قال الحافظ: ( واستدل بقوله - صلى الله عليه وسلم-: "توضأ" على أن الغسل لا يجب بخروج المذي، وصرح بذلك في رواية لأبي داود وغيره، وهو إجماع، وعلى أن الأمر بالوضوء منه كالأمر بالوضوء من البول.







قوله: (وللبخاري: اغسل ذكرك وتوضأ) وفي رواية للبخاري: (توضأ واغسل ذكرك).







قال الحافظ: (قوله: "واغسل ذكرك " هكذا وقع في البخاري تقديم الأمر بالوضوء على غسله، ووقع في العمدة نسبة إلي البخاري بالعكس، لكن الواو لا ترتب فالمعنى واحد، وهي رواية الإسماعيلي، فيجوز تقديم غسله على الوضوء وهو أولى، ويجوز تقديم الوضوء على غسله لكن من يقول بنقض الوضوء بمسه يشترط أن يكون ذلك بحائل، واستدل به ابن دقيق العيد على تعين الماء فيه دون الأحجار ونحوها، لأن ظاهره يعين الغسل والمعين لا يقع الامتثال إلا به.







قال: واستدل به بعض المالكية والحنابلة على إيجاب استيعابه بالغسل عملا بالحقيقة.







قال: واستدل به أيضا على نجاسة المذي وهو ظاهر.







وقال: وفيه جواز الاستنابة في الاستفتاء وقد يؤخذ منه جواز دعوى الوكيل بحضرة موكله.







وفيه ما كان الصحابة عليه من حرمة النبي - صلى الله عليه وسلم- وتوقيره.







وفيه استعمال الأدب في ترك المواجهة بما يستحيي منه عرفا، وحسن المعاشرة مع الأصهار وترك ذكر ما يتعلق بجماع المرأة.







قوله: (ولمسلم: توضأ وانضح فرجك) النضح: يراد به الغسل هنا، لأنه المأمور به في الرواية الأخرى، وغسل الفرج يكون قبل الوضوء، والواو لا تقتضي الترتيب)[3] انتهى.







وقال البخاري أيضا: (باب من استحيا فأمر غيره بالسؤال. وساق الحديث بلفظ: كنت رجلا مذاء، فأمرت المقداد بن الأسود أن يسأل النبي - صلى الله عليه وسلم-، فسأله فقال: "فيه الوضوء".







قال الحافظ: لأن فيه جمعا بين المصلحتين: استعمال الحياء، وعدم التفريط في معرفة الحكم)[4].







[1] فتح الباري: (1/379).



[2] فتح الباري: (1/ 379).



[3] فتح الباري: (1/ 380).



[4] فتح الباري: (1/ 380).

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 175.48 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 169.42 كيلو بايت... تم توفير 6.06 كيلو بايت...بمعدل (3.45%)]