|
|
ملتقى أعلام وشخصيات ملتقى يختص بعرض السير التاريخية للشخصيات الاسلامية والعربية والعالمية من مفكرين وأدباء وسياسيين بارزين |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
طاف ثمانين أسبوعا
طاف ثمانين أسبوعا د. عبدالحكيم الأنيس كنتُ مرة قبل سنين خلتْ أطالعُ في كتاب "الروض المعطار في خبر الأقطار" فرأيتُ في الكلام على الجزعة - وهو موضع في الكعبة - ص167 ما يأتي: "وذكروا أنّهم رأوا (الرشيدَ) في الليلة التي عَلّقَ الشروطَ فيها أو صبيحتِها، وهو يطوفُ بالبيت، فعدُّوا له ثمانين أسبوعاً، وأنه لم يزلْ في ركوعٍ، وسجودٍ، وبكاءٍ، وتضرُّعٍ، وابتهالٍ، ليلَه كلَّه". قلتُ: وقد رجعتُ إلى "تاريخ" الطبري في حوادث سنة 186هـ وهي السنة التي علَّق الرشيدُ فيها البيعة لولديه الأمين والمأمون، فلم أجد لطوافهِ هذا ذكراً، ولم أعرف المقصودَ حين ذاك بـ"أسبوع"، فسألتُ الوالدَ - رحمه الله - فقال: "ثمانين أسبوعاً أي ثمانين سبعة، وهذا شيءٌ عظيمٌ لا يتهيأُ لكلِّ أحد". وتابع الوالدُ قائلًا: "وسمعتُ رجلاً لا أعرفه من أهل حلب قال للشيخ أبي الخير زين العابدين أمام الكعبة (سنة 1386هـ أو التي بعدها): ما تقولُ في رجلٍ طاف بالبيت خمساً وسبعين سبعة! فقال الشيخُ أبو الخير: أرنيهِ حتى أقبِّلَ رجله[1]. ثم أرشدني الوالدُ إلى نصٍ جاء في كتاب: "المصنوع في معرفة الحديث الموضوع" لعلي القاري ص 188وهو: "حديث: مَنْ طاف بهذا البيت أسبوعاً، وصلّى خلفَ المقام ركعتين، وشرب من ماء زمزم، غُفرت له ذنوبُه بالغة ما بلغتْ! قال السخاوي[2]: لا يصح. وقد ولع به العامةُ كثيراً لا سيما بمكة، بحيث كُتِبَ على بعض جُدرها الملاصق لزمزم، وتعلقوا في ثبوته بمنامٍ وشبههِ، ممّا لا تَثبتُ الأحاديثُ النبويةُ بمثلهِ". وقد علّق الشيخُ عبد الفتاح أبو غدة -رحمه الله- على قوله (أسبوعاً) بقوله: "أي سبعة أشواط حول الكعبة المعظمة". • • • أمّا سبب طواف الرشيد وما ذُكر مِن صلاته وبكائه وابتهاله وتضرُّعه فلعله ما نقله الطبري إذ قال: "ذكَرَ عبدُ الله بن محمد ومحمدُ بن يزيد التميمي وإبراهيم الحجبيأنَّ الرشيد حَضَرَ وأحضرَ وجوه بني هاشم والقواد والفقهاء، وأُدْخِلوا البيتَ الحرام، وأمرَ بقراءة الكتاب (كتاب البيعة والشروط) على عبد الله (المأمون) ومحمد (الأمين)، وأشهد عليهما جماعة مَنْ حضر، ثم رأى أنْ يُعلَّق الكتاب في الكعبة، فلمّا رُفِع ليُعلَّقَ وقعَ، فقيل: إنَّ هذا الأمر سريعٌ انتقاضُه قبل تمامه". وقد قرأتُ هذا الخبر للوالد فرقَّ ودمعتْ عيناه وقال: كأنَّ الرشيدَ خاف من هذا، وضاق صدرُهُ ممّا رأى، فلجأ إلى الصلاة والطواف والدعاء خوفاً على ولديه، والرعية. والله أعلم. [1] قال الوالد: وقد حضَّني الشيخُ عبد الرحمن السَّبْسَبي الرفاعي - رحمه الله تعالى - على الطواف سبع سبعات ليلة الجمعة، وقال لي: وحين كنتُ أطوفُ سبع سبعات رأيتُ رجلاً يطوفُ زاحفاً على مقعده، وانتهينا معاً! مع أنني كنتُ في قوّتي وشدة حيلي، فظننتُ أنّه الخضر لما رأيتُه منهُ"! ويظهر أنَّ الشيخ كان يرى بقاء حياته. وأما الطواف المذكور فهو تصرفٌ شخصي، لا على سبيل الالتزام. [2] أي في "المقاصد الحسنة" ص 655.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |