أم وأخت مصريتان - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4412 - عددالزوار : 850097 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3942 - عددالزوار : 386272 )           »          الجوانب الأخلاقية في المعاملات التجارية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 63 )           »          حتّى يكون ابنك متميّزا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 60 )           »          كيف يستثمر الأبناء فراغ الصيف؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 57 )           »          غربة الدين في ممالك المادة والهوى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 69 )           »          أهمية الوقت والتخطيط في حياة الشاب المسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 64 )           »          الإسلام والغرب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 66 )           »          من أساليب تربية الأبناء: تعليمهم مراقبة الله تعالى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 55 )           »          همسة في أذن الآباء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 2 - عددالزوار : 56 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العام > الملتقى العام > ملتقى أعلام وشخصيات

ملتقى أعلام وشخصيات ملتقى يختص بعرض السير التاريخية للشخصيات الاسلامية والعربية والعالمية من مفكرين وأدباء وسياسيين بارزين

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 27-02-2020, 03:59 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,534
الدولة : Egypt
افتراضي أم وأخت مصريتان

أم وأخت مصريتان


د. عبدالحكيم الأنيس



الحياةُ مواقف.... نعم، ورُبَّ موقفٍ نبيلٍ تركَ مِن الآثار ما لا تمحوه الأيام، ورُبَّ كلمةٍ طيبةٍ أثارتْ مِن العزائم المتقدة ما لا تطفئه الليالي.

والإنسانُ جملةُ مشاعر، يَسمعُ كلمةً جميلةً فتَفْتَحُ قلبَه، وتشعلُ لبَّه، وتُخرجُهُ من حال إلى حال.
ويرى موقفاً إنسانياً فتشرق نفسُه، ويتفتح حسُّه، ويكون ذلك زاداً له في مواجهة الشدائد والآلام.

والموقفُ النبيلُ إذا جاء في وقته ازداد نبلاً.
والكلمةُ الجميلةُ إذا قيلتْ في وقتها ازدادتْ جمالاً.

وليس ذلك مقصوراً على الرجال، فكم وقفت المرأةُ الموقفَ النبيل، ولكم قالتْ الكلمةَ الجميلةَ، والمرأةُ هذا الكائنُ الرقيقُ قد يكون أسرعَ إلى النجدة، وأنفعَ عند الشدة، وإليكم الدليل:
• • •

في سنة (1352هـ) وُلد في "شبراخيت" إحدى مراكز محافظة البحيرة بمصر طفلٌ كان ترتيبه الثالث بين ستةٍ من الإخوة، لأبوين ليسا مِنْ ذوي البسطة في المال.

وُلِدَ سليماً معافىً، وما إنْ بلغ السادسة مِنْ عمره حتى أُصيبتْ عيناه برمدٍ صديدي تردَّدَ بسببه إلى حلاق القرية، وكان الحلاق هو الطبيب!!

كانت أمُّه تحملُهُ إليه وهي تريد له الشفاء قطعاً، ولكنْ ما للحلاق ولطبِّ العيون؟

كان الحلَّاق يعبث بِمِرْوَدِهِ في عينه، مما أدَّى إلى ضياع العين اليسرى، وبقيت اليمنى وبها ضعفٌ، كأنها تشكو ضياعَ أختها، فظلَّ يصارِعُ بها شدائدَ الحياة.

وقد حفظ هذا الصبيُّ القرآنَ في بلدته.
ثم التحق بمعهد الإسكندرية الديني.

وحين كان في السنة الرابعة الابتدائية وقد بلغ من العمر سبعةَ عشر عاماً بدأ يشعرُ بعينه اليمنى تأخذُ في الضعف.

وفي ذلك يقول:
(شعرتُ بعيني اليمنى تأخذُ في الضعف، وداخلني شعورٌ غريبٌ بألمٍ دفينٍ، وكأني كنتُ أنظرُ مِنْ وراء الحجب لأستشفَّ ماذا ينتظرني كمَنْ يُساقُ إلى الموت وهو يَنظرُ، فحياتي حياةُ علمٍ ومدارسةٍ، وحاسةُ البصر بَعْدَ حاسة السمع في تحصيل العلم، فماذا أصنعُ لو فُوجئتُ يوماً بأنني في حاجةٍ إلى مَنْ يأخذ بيدي بعد أن كنتُ حراً طليقاً؟

ماذا أصنعُ عندما أكون في حاجة أَمَسَّ إلى مَن يقرأ لي علوماً أَدخلُ بها الامتحان، وأَحرصُ بها على ترتيبي في النجاح، وكان طوال السنين السابقةِ الأولَ؟

ماذا أصنعُ قبل هذا وبعده عندما أجدني "رهينَ المحبسين": "البيت والعمى" مقيَّدَ الحرية محدودَ الحركة...

ومرَّت الأيامُ سريعة، وكلما انشقَّ وأضاء نهارٌ ازدادت الظلمةُ في عيني، وقبل الامتحان بشهرٍ عدنا إلى بلدنا لنذاكر وقد أوشكت الدنيا أن تُحكِمَ حلقاتها مِنْ حولي، وكأني أمشي بخطى سريعةٍ إلى سجن العمى، ولما عزمتُ على الرحيل لأداء الامتحان كانتْ تراودني فكرةٌ هزَّتني من الأعماق هزَّاً عنيفاً: هل إذا ذهبتُ لأداء الامتحان وحدي سأستطيعُ أنْ أعودَ مِنْ هنالك وحدي؟).

وحصل الذي توقَّعه فما إنْ فرغ مِن أداء الامتحان حتى فَقَدَ بصرَه تماماً، وكتَبَ إلى أبيه خطاباً بمساعدةِ صديقٍ له ليأتي ويأخذه.

وقد وَصَفَ كلَّ هذا وصفاً حزيناً مؤثراً جداً.
• • •

ووقف معه أبوه - على شدةِ الحاجة والفقر - وراجَعَ به طبيباً في بلدٍ مجاورٍ سنةً كاملةً ولكن دون جدوى.

ثم قصَدَ به القاهرة، وأَصرَّ الطبيبُ - الذي تردَّدَ عليه سنةً كاملةً أخرى ـ على أخذ أجرة العملية - وهو خمسون جنيهاً- قبل إجرائها، ولم يكن لدى الأب هذا المبلغ، ولم يَرضَ الطبيبُ بدفعِ نصفِ الأجرِ قبلَ العمليةِ ونصفهِ الآخر بعدَها، فعادا إلى القرية لتدبير المال.

وهنا كان الموقفُ النبيلُ الذي بدأنا الحديث به:
كانتْ شقيقتُه الكبرى تملكُ بعضَ الحُلي، وها هو أخوها أمامَ عمليةٍ قد تُعيد إليه بصرَه، فما كان منها إلا التصميم على بيع حُليّها، وتقديم ثمنه إلى أخيها!

وكان لدى الأسرة مذياعٌ فباعتْه، وتوجهوا إلى الطبيب لإجراء العملية.

ونام المريضُ على ظهره خمسةَ عشرَ يوماً مربوطَ العينين، وجاءت الساعةُ الرهيبةُ وهي ساعة حلِّ الرباط، وحلَّ الطبيبُ الرباطَ، وحرَّك يدَه أمامَه وقال: هل ترى شيئاً؟ فأجاب بالنفي. فردَّ في عصبيةٍ وعنفٍ قائلاً: أنت ترى ولكنّك تنكِرُ، فقال له: ولِمَ الإنكار! وأنا الذي أتمنى أنْ أرى...

وعاد إلى القرية يائساً حزيناً ليرى أيضاً أنَّ جدارَ الغرفة التي كانوا يقيمون فيها قد سقط، وأُقيمتْ على أعمدةٍ مِنْ خشبٍ فبعَثَ هذا في نفوسهم ألماً عميقاً، وانطوى الشابُّ على نفسهِ، وجلسَ في البيت يُصارِعُ الآلام.
• • •

وذاتَ ليلة - وكان قد انقطعَ عن الدراسة سنتين كاملتين - قال له والدُهُ في صوتٍ حنونٍ: (ما ضرَّ لو واصلتَ التعليم، وسأوصي عليك[1] زملاءَك أنْ يُراعوك؟).

فماذا كان جوابُهُ؟
يُحدِّثنا الشابُّ عن ذلك فيقول:
(وثارتْ في نفسي ذكرياتُ الألم!!
مَن الذي سيَأخذُ بيدي ويَقومُ على خدمتي ويُذاكِرُ لي العلوم؟!

وتحرَّكتْ علاماتُ الاستفهام أمامَ ناظري كأنَّها ألسنةُ اللهب لولا أنْ أطفأتْها دموعٌ غزارٌ، فأُسدل الستارُ على هذا المشهد الكئيب).

وتُوفيَ الأبُ مُثقلاً بالهمِّ والمرض والفقر، وكان لرحيله وقعٌ شديدٌ على هذا الشاب والأسرةِ كلها...

واقترحَ عليه أخوه الأكبرُ أنْ يلتحق بمعهد القاهرة الديني ليُواصِلَ مسيرةَ التعليم بالأزهر، ويعيشَ معه في القاهرة -وقد كان هو طالباً في كلية الحقوق-. وكان ذلك، ولكن بدأتْ مشكلةُ الذهاب والإياب...
• • •

ثم انتقلت الأسرةُ كلُّها إلى القاهرة، وتابع الشابُّ دراستَه بمعاناةٍ شديدةٍ جداً من الفقر، والحاجةِ إلى مُعينٍ يقرأ له، ويصحبُهُ في ذهابه وإيابه.

وقد اتفقَ وهو في السنة الخامسة من الثانوية - وهي الأخيرة قبل المرحلة الجامعية - اتفقَ مع طالبٍ ليُذاكرا معاً، وحين اقترب موعدُ الامتحان تخلَّى هذا الطالبُ عنه، ووضعهُ في موقفٍ شديدٍ جداً، يحدِّثُنا عنه فيقول:
(أشهدُ أنني دخلتُ البيت حزيناً، أغدو وأروح كالطير يمشي من الألم وهو مذبوح، ومضتْ هذه الليلة ثقيلةً وئيدةً، لولا ما كان يكتنفُها مِن دعواتٍ أتوجَّه بها إلى الله أستغيثُ به في كشف الضرِّ، فهو الذي وحدَهُ يُجيبُ المُضطرَّ إذا دعاه ويكشفُ السوء).

وهنا كان للكلمة الجميلة دورُها الحاسمُ، لا سيما وقد جاءتْ مِنَ الأُمِّ الحنون.

يُتابع الشابُّ حديثَه قائلاً:
"وطلع النهارُ فجلستُ في فكرٍ وحزنٍ، وسألتني أمِّي: ما يحزنُكَ؟
وأخبرتُها بما حدَثَ.

فقالتْ لي بلسان اليقينِ، ومنطق الحقِّ المُبين:
لا تحزنْ فإنَّ الله سيزيل هذا الكرب.
ودعتْ لي بدعواتٍ صادفتْ ساعة الإجابة، وما هي إلا لحظاتٌ وطرَقَ البابَ طارقٌ) وكان الفرجَ الذي يبحث عنه، إنه زميلٌ له جاء يعرضُ عليه أنْ يذاكرا معاً!

أرأيتَ إلى هذه الكلمة الجميلة مِنْ تلك الأمِّ الحنون؟
• • •

ونجحَ الشابُّ وكان الأولَ على أقرانه، ودخل كليةَ أصول الدين، وتخرَّجَ فيها بتفوّق أيضاً، وهو مع ذلك يخطبُ الجمعة، ويُلقي الدروسَ في المساجد، وبعد تخرُّجهِ انصرفَ للعمل فيها انصرافاً تاماً.

وما زال نجمُهُ يسطع، وذكرُهُ يرتفع حتى أصبح خطيبَ مصر الأول، وارتبط اسمُهُ بمصر، فلم ينزِل بها مسافرٌ إلا سعى أن يصلِّي عنده ويسمع خطبته.

وتقلَّبت به الحياة، ورأى شدةً وليناً، وحرية وقيداً، وخوفاً وأمناً، ولكنه ظلَّ على منهجه الذي سار عليه، يدعو إلى الله على بصيرة، دون ميلٍ إلى أحد، أو ارتباطٍ بجهة.

وحين أدركه الأجلُ وهو يصلِّي في بيته يومَ جمعةٍ من عام (1417هـ) كان خلفه مكتبةٌ علميةٌ كبيرةٌ مقروءةٌ ومسموعةٌ، منها تفسيرٌ كامل للقرآن بعنوان: "في رحاب التفسير".

هل علمتم بعد هذا مَنْ يكون؟
إنه الداعيةُ الكبيرُ، والخطيبُ الخطيرُ، الشيخُ المفسِّر الواعظُ الشهيرُ عبد الحميد كشك، أشهرُ خطباء مصر في عصره.
ومَن شاء المزيدَ فليعدْ إلى الكتاب الذي أملاه عن نفسه: "قصة أيامي" وهناك سيجدُ خبرَ الأخت والأم[2].
لقد دوَّنَ الشيخُ خبريهما فظلَّ في الدنيا وسامَ فخرٍ واعتزازٍ، وهو عند الله مذخورٌ مذكورٌ مأجورٌ، وما عند اللهِ خيرٌ وأبقى.


[1] هكذا درجتْ لدى الناس، ويقصد: أوصي بك.

[2] المصادر:
• "قصة أيامي"(صفحات متفرقة).
• و"إتمام الأعلام" لنزار أباظة ومحمد رياض المالح ص223.
• ومتابعة شخصية.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 61.03 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 59.09 كيلو بايت... تم توفير 1.93 كيلو بايت...بمعدل (3.17%)]