عيد الأم بين الإهانة والتكريم - ملتقى الشفاء الإسلامي
 
اخر عشرة مواضيع :         متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12535 - عددالزوار : 215324 )           »          مشكلات أخي المصاب بالفصام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          المكملات الغذائية وإبر العضلات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          أنا متعلق بشخص خارج إرادتي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          مشكلة كثرة الخوف من الموت والتفكير به (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          أعاني من الاكتئاب والقلق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          اضطراباتي النفسية دمرتني (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          زوجي مصاب بالفصام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          مجالس تدبر القرآن ....(متجدد) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 182 - عددالزوار : 61192 )           »          مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن" (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 123 - عددالزوار : 29177 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الأسرة المسلمة > ملتقى الأمومة والطفل

ملتقى الأمومة والطفل يختص بكل ما يفيد الطفل وبتوعية الام وتثقيفها صحياً وتعليمياً ودينياً

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12-01-2020, 11:12 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,060
الدولة : Egypt
افتراضي عيد الأم بين الإهانة والتكريم

عيد الأم بين الإهانة والتكريم


مجدي داود




عيدُ الأمِّ:


نَصطَدِمُ كلَّ عامٍ بهذه العادةِ الدخيلة، وهذا التقليدِ المستورَد؛ ليُثِيرَ في النفوس شجونًا كثيرةً، وآلامًا وأحزانًا، ويُثِيرُ الذاكرةَ لاسترجاعِ بعضِ الأحداثِ المؤلِمة، أو المواقفِ المُحْزِنة، مواقف كثيرة.




وبين الإهانة والتكريم، يُثَار دومًا تساؤلٌ، هل نحن بحاجة إلى هذا العيدِ المزعوم؟ هل لا ينقصنا إلا ذلك؟

فكرةُ عيدِ الأمِّ في بلادنا العربية والإسلامية نَشَأتْ عندما تلقَّى الصحفيُّ المصري الشهير "علي أمين" مؤسِّس أخبار اليوم، رسالةً من إحدى السيِّدات تشكو له فيها جفاءَ أولادِها، وسوءَ معاملتِهم لها، ونكرانَهم للجميل، ثم حدث أن قامت إحدى الأمَّهات بزيارة لأخيه الصحفي "مصطفى أمين" في مكتبه وقصَّت عليه قصَّتها، وكيف أنها ترمَّلتْ وأولادُها صغارٌ، ولم تتزوَّج، وكرَّست حياتها من أجل أولادها، وظلَّت تَرعَاهم حتى تخرَّجوا في الجامعة، وتزوَّجوا، واستقلُّوا بحياتهم، وانصرفوا عنها تمامًا.



ومن هنا جاءت لهما فكرةُ جعلِ يومٍ كلَّ عامٍ يسمَّى بعيد الأم على غِرار الدول الغربية، وكتب علي أمين في "أخبار اليوم" قائلاً: "لِمَ لا نتَّفق علي يومٍ من أيام السنة نُطْلِق عليه يومَ الأمِّ، ونجعله عيدًا قوميًّا في بلادِنا وبلادِ الشرقِ، وفي هذا اليوم يقدِّم الأبناء لأمَّهاتِهم الهدايا الصغيرة، ويرسلون للأمهاتِ خطاباتٍ صغيرةً يقولون فيها: شكرًا، أو ربنا يخليك، لماذا لا نشجِّع الأطفال في هذا اليوم أن يعامِل كلٌّ منهم أمَّه كمَلِكة؛ فيَمْنَعوها من العمل، ويتولَّوا هم في هذا اليوم كلَّ أعمالِها المنزلية بدلاً منها، ولكن أي يوم في السنة نجعله عيد الأم؟".
وبعد نشر المقال، اختار القرَّاء تحديد يوم "21 مارس"، وهو بداية فصل الربيع؛ ليكون عيدًا للأمِّ؛ ليتماشى مع فصل العطاء، والصفاء، والخير.




لقد جاءت المرأة إلى "علي أمين"، والأخرى إلى أخيه، لا ليخترعا لهما ذلك الاختراعَ الفذَّ، بل أرادتا أن تَحْصُلا على حلٍّ للمشكلة، وبدلاً من أن يقوم الصحفي المُخَضْرَم، بكتابة مقالٍ قيِّم بأسلوب رائع عن مكانة الأم وفضلها، وضرورة العناية بها، والوقوف على راحتها، ليس ليومٍ واحدٍ في السنة، بل طيلة عمرها، وحرمة عقوق الأم، والتخويف من غضبها، وذكر منزلتها في الإسلام، وما قاله النبي - صلى الله عليه وسلم - بشأنها، أو يقوم بعمل تحقيقاتٍ وحواراتٍ مع رموز المؤسَّسة الدينية أو بعض العلماء والدُّعَاة، وغير ذلك مما هو متاحٌ له في جريدته التي يمتلكها ويُدِيرها، لكنه لم يفعل، ودعا إلى "عيد الأم".
هذه الدعوة وهذا العيد كان إهانةً كبيرةً من الصحفيين المخضرَمين إلى الأم؛ فالأمُّ التي جاءت لتشكوَ ولدها، وجحوده لها ولفضلها، فإذا بالردِّ يكون: "إنك لا تستحقين إلا يومًا واحدًا في العام، وحتى نزِيد من خداعك سنسميه عيدًا، وسيعطونك فيه الهدايا القيِّمة، مقابل أن تَنْسِيهم طيلة العام، ولا تزعجيهم أبدًا"، هذا هو لسان حال ما قاله الصحفي الكبير - مع كامل الاحترامِ له، ولسنا نتهمه بسوء النية، بل نناقش فعله - وكأن المشكلة كانت في قيمة هذه الهَدِيَّة، وأن المرأة المسكينة جاءتْه تشكو له عدم قيام ولدها بإعطائها هذه الهدية.



تلقّف العلمانيون ذلك الأمر، وطاروا به فرحًا، ظنوا أنهم جاؤوا بتكريم المرأة، وعندما بيَّن علماء الدين أن هذا لا أصل له في الإسلام، وأن في الإسلام ما يُغْنِي العالمَ كلَّه عن مثل هذه الأعياد، قامت الدنيا ولم تَقْعُد، واتُّهِم الإسلام بإهانةِ الأم، والتخلف، والرجعية، وغير ذلك من الاتهامات التي تُكَال للإسلام والمسلمين دون عقلٍ ولا منطقٍ، ولكنّ هؤلاء المستنيرين لم يفهموا - ولن يفهموا - أن هذا العيدَ المزعومَ هو عيدٌ للإهانةِ لا عيدٌ للتكريمِ، وأن التكريم لا يكون من خلال الأعياد، ولا من خلال الهدايا، ولا الزيارات.
في ظلِّ استيراد الثقافة الغربية - وخاصة فيما يتعلق بالأم - تَدَهوَر الحالُ بالنسبة لها أكثر وأكثر؛ فإن دُور المُسِنَّات تَعُجُّ بالأمهات ممن لا يَجِدْنَ عائلاً، أو يَلْقَين معاملةً سيئةً من أبنائهن أو أزواجهن، ولا يتذكَّروهن إلا كلَّ عامٍ مرَّة فيما يسمَّى بـ"عيد الأم"، يقدِّمون لهنَّ هدايا قيِّمة، ثم ينصرفون، ووفقًا لمؤيِّدي عيد الأم، فقد قاموا هكذا بالواجب المفروض عليهم تُجَاه الأم، وقد أَبْرَؤُوا ذمَّتهم منها، أما هذه الأم المسكينة، فمَن يفكر في معاناتها، وآلامها، واحتياجاتها النفسية، وغير ذلك، فليس له أدنى قيمةٍ عند من جعل المادَّة هي المحرِّك الأساسي له.



تقول الكاتبة الصحفية منى وهبة - خلال مهمَّة صحفية في إحدى دُور المسنِّين بالقاهرة -: جَلَستُ أتحدَّث إلى عددٍ من الأمَّهات عن أسباب إقامتِهن بهذه الدار، فحَكَت كلٌّ منهن حكايتها، أو مأساتها مع أبنائها، لكن الغريب - وإن كان ليس غريبًا على الأمهات - أنهن اشترطن جميعًا ألا أنشر أيَّة إشارة تُشِير إلى شخصيَّاتهن، لا لشيءٍ إلا حرصًا على سمعة واستقرار أبنائهن، رغم ما لَقِينه منهم من عقوق".
هذا هو جزاءُ الأمِّ بعد كل هذه السنين، ثم يومٌ في العام تحصل فيه على هديَّة، فبئس التكريم، وبئس العيد!




وبين التكريم والإهانة، أعرض هذه القصة الحقيقية:


"امرأةٌ أنجبت أربعًا من البنات، وليس لديها أولاد، تزوَّجت الأولى والثانية في يومٍ واحد، وبعد سنوات مات الأب، وقد بَلَغت الزوجة من العمر أكثر من ستين عامًا، ثم تزوَّجت الثالثة وبعدها الرابعة، وكلُّهن إلا الأولى تزوَّجن في بلاد بعيدة، وبَقِيت الأم وحدها في المنزل الكبير المكوَّن من طابقين، وعلى أطراف القرية بجوار الحقول الزراعية، مع العلم أنها مريضةٌ مرضًا مزمِنًا، وقد أُصِيبت من قبلُ بالسرطان أيضًا، ولكن عافاها الله منه".

أودُّ هنا أن أعرِف ما قيمة الهدايا، وأعياد الأم، وكل أعياد الدنيا مع هذه المرأة الكبيرة في السن مع مرضها المزمِن؟ وماذا كانت ستفعل الكلمات الرقيقة التي يعتاد هؤلاء على النطق بها في ذلك اليوم؟



"بعد زواج الابنة الصغرى، نظَّمت الأربع البنات الأسبوع بينهم، بحيث لا يخلو يومٌ من وجودِ إحداهن مع والدتهن، تقوم فيه بالأعمال المنزلية اليومية، وتجهيز الطعام، وظل الحال هكذا نحو عامين، حتى اشتدَّ المرض عليها، فاجتمعت الأسر الأربعة، ونقلوها إلى المستشفى، وظلُّوا بجوارها حتى فارقت الحياة".



هذا القصة بسيطة وتتكرَّر آلاف المرَّات، وليس في هذا عجبٌ، وقيمة الأم أرفع من ذلك، ولكن البعض تَستَهوِيه المناظر والأفكار المستورَدة، والكلمات البرَّاقة من تحرُّر وتمدُّن، ويخشى أن يشار إليه بالالتزام والتديُّن، أو التزمت والتخلف بلغة البعض.
إن تكريم الأم هو: في المعيشةِ معها، وتناولِ الطعام والشراب معها، والتشاورِ معها، وأخْذِ رأيها كما يأخذ المرءُ رأي زوجته أو صديقه.





وتكريمها يكون بالاهتمام بها، ورعايتها، والمحافظة على صحتها، وتحقيق طلباتها، وتنفيذ أوامرها.



وتكريمها يكون بالاهتمام بحالتها النفسية، تكريمها يكون بتحقيق أحلامها في أولادها، تكريمها هو أن تبقى عند حاجتها طيلة حياتها، أن تدعوَ لها بطول العمر، وأن تعرف أنها جنتك أو نارك، كما أخبرنا النبي - صلى الله عليه وسلم - لا بالهدايا، ولا بالأعياد، ولا بالأيام، ولا بالتحضُّر والتمدن المزعوم؛ فإن ذلك والله إهانة.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 54.06 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 52.31 كيلو بايت... تم توفير 1.75 كيلو بايت...بمعدل (3.24%)]