مفرقعات كلامية محمد بن عبد اللّه الهبدان - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         قراءة في مقال حقائق مذهلة عن الكون المدرك (اخر مشاركة : رضا البطاوى - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4387 - عددالزوار : 836929 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3919 - عددالزوار : 379447 )           »          متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 11942 - عددالزوار : 191303 )           »          سحور يوم 19 رمضان.. ساندوتشات فول مخبوزة خفيفة ولذيذة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 35 )           »          واتس اب بلس الذهبي (اخر مشاركة : whatsapp Girl - عددالردود : 2 - عددالزوار : 2671 )           »          الأمثال في القرآن ...فى ايام وليالى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 664 )           »          فقه الصيام - من كتاب المغنى-لابن قدامة المقدسى يوميا فى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 951 )           »          دروس شَهْر رَمضان (ثلاثون درسا)---- تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 1105 )           »          أسرتي الرمضانية .. كيف أرعاها ؟.....تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 857 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 22-04-2019, 12:07 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,615
الدولة : Egypt
افتراضي مفرقعات كلامية محمد بن عبد اللّه الهبدان

مفرقعات كلامية
محمد بن عبد اللّه الهبدان



الخطبة الأولى
(الم. غلبت الروم * في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون* في بضع سنين لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذٍ يفرح المؤمنون* بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم).
إن أمتكم أيها المسلمون أمة منصورة، أمة كتب الله لها البقاء، أمة كتب الله لها الظهور على مر العصور، إنها موعودة بوعد رباني، و عهد نبوي، يقول الله جل الله: (ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز) ويقول - سبحانه - (والعاقبة للمتقين) ويقول - صلى الله عليه وسلم -: " لا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم ".
ولما قام أسلافنا الأوائل بعوامل النصر، و أوجدوها على أرض الواقع، نصرهم الله في فترة وجيزة، لقد كانوا يترجمون مثاليات الإسلام إلى واقع عملي، فأصبحوا كأنهم قرآن يمشي على الأرض، يروي الصحابة عن أنفسهم يقولون: لم يكن أحدنا يستكثر من القرآن، إنما كنا نتعلم عشر آيات لانزيد عليهن حتى نعمل بما فيهن، فتعلمنا القرآن والعمل جميعاً (1).
فقد كانت كلمات القرآن وجمله بالنسبة لهم المنهج اليومي الذي يتلقاه المسلمون ليعملوا به فورا، لا يتخلف منهم أحد ولا يتباطأ إنسان، بل يتسابقون إلى ذلك ويتلقونه كما يتلقى الجندي في ثكنته، أو في ميدانه، أمر القائد فيعيه ويفهمه ويقوم مباشرة إلى التنفيذ.
ولذا برز جيل الصحابة - رضي الله عنهم - عندما أدركوا هذه القضية، قضية الاهتمام بالعمل والمبادرة إليه وإن كان قليلا، ورسخت في قلوبهم، ولذلك حملوا على كواهلهم أعباء هذا الدين ودعوة الناس إليه، واستعذبوا في سبيله أسمى آيات الصبر والتضحية، وواصلوا ليلهم بنهارهم، حتى حققوا لهذا الدين انتشاره، ولهذا الدين انتصاره، فما بين عشية وضحاها، قامت للمسلمين دولة، وتأسست لهم قيادة، وأخضعوا لحكمهم المملكتين العظيمتين فارس والروم، وامتد ظِلهم إلى بلاد السند شرقا، وبلاد الروس شمالا، ودخلت في عهدهم بلاد الشام ومصر وأفريقيا، وذلك كله في خمس وثلاثين سنة، وفي عهد بني أمية استبحر ملكهم، وامتد سلطانهم، وقد استطاع خليفة من خلفاء المسلمين أن يصور للعالم بسطة العالم الإسلامي، فلم يجد غير أن يخاطب السحابة التي تمر به ولا تمطره، فيقول هارون الرشيد: "أمطري حيث شئت فإن خراجك سيُحمل إلينا "
أيها الأفاضل: إذن فيوم قام المسلمون بنصرة دينهم، وجاهدوا أعداءهم بالحجة والبيان، والسيف والسنان، عزوا وسادوا، و أذل الله - تعالى -لهم أعداءهم، وكبت عدوهم، وصارت العاقبة لهم، وفتحت لهم الدنيا، فحازوا كنوز كسرى وقيصر.
لابد أن ندرك أيها الأكارم أن هذه الأمة تمتلك مقومات السيادة والريادة، فأي دين أعظم من دينها، وأي شريعة أكمل من شريعتها، وأي منهاج أكمل من منهاجها، وأي نبي أكرم من نبيها؟! وأي كتاب أعظم من كتابها؟! وأي لغة أسمى من لغتها؟!!
وإذا أتينا إلى العوامل الأرضية..فإذ أرضها أفضل الأراضي، وإذا بثرواتها أكثر الثروات، وإذا بأعدادها تفوق المليار!! فلماذا إذن أمة المليار ذليلة مهينة؟!! لماذا أمة المليار أصبحت أقل الأمم شأنا، وأحقرها مكانا، لماذا أصبحنا في مؤخرة الركب، وفي ذيل القافلة؟!!
أيها المسلمون: ألا إن من أسباب ذلك والذي ستكون وقفتنا معه هذا اليوم؛ أننا أصبحنا أمة صاحبة مفرقعات كلامية، وظاهرة صوتية، يطلقها الواحد منا في المجالس والمنتديات، ثم يعود إلى حياته اليومية، وكأن شيئا لم يكن!! لقد تخلى بعضنا عن العمل وأصبح همه القول والكسل.فماذا يجدي الكلام بلا عمل مدروس؟! هل يعيد الكلام حقا ضائعا، وحمى مستباحا؟!! وهل يرد غازيا؟! لقد كان الإمام مالك بن أنس - رحمه الله - يعيب كثرة الكلام ويقول: "لا يوجد إلا في النساء أو الضعفاء" وصدق القائل:
دقّ العدوّ من الحروب طبولا *** لكنْ قذفناه صدىً وعويــلا
ماذا عسانا لو أثرنا ضجـةً *** أتعيد موتى أو تردُّ قتيـــلا
لم تُرجع الأقوالُ حقاً ضائعا *** أو أسرجتْ يوم الجهاد خيولا
ما أكثرَ الندّابَ عند مصابنا *** صاروا إذا اشتد البلاءُ فلـولا
إنا اكتفينا من صراخٍ لم يكنْ *** عند النوائب باترا مسلــولا
الفعل والتخطيط أصدقُ همةً *** وأجلُّ مقدارا وأحسنُ قيــلا
أيها المسلمون: لقد امتلأت الساحة بالكلام، لكن أين الذين يعملون؟ أين الذين يتحركون بصمت؟ أين الذين ينظمون و يخططون ويفكرون؟ أين الذين يعملون بهدوء وروية؟ أين الذين يسهرون في الأسحار لمعالجة أوضاع الأمة الكبار؟ إننا لا ننكر وجود طائفة لكن كم نسبتهم؟ ‍‍
إلى متى يظل هم الواحد منا الكلام في المجالس والمنتديات ولكن إذا جاء المحك، وطلب منه العمل إذا به يتراجع ويتخاذل، ويتعذر بأعذار واهية، وحجج تافهة؟
إننا نرى أُناسا فضلاء؛ يتبرمون في مجالسهم من عورات المجتمع ونقائصه، ولكن هل ترجموا تلك الأحاديث إلى برامج عملية لإصلاح الأوضاع، والتغير بالجهد المستطاع؟!!
هل استفادوا من الجهد الذي بذلوه في حديثهم عن الأوضاع المأساوية لطرح الحلول الناجعة، وتقاسم الأدوار فيما بينهم، أم أنها أحاديث تنتهي بانتهاء المجالس فحسب؟!!
لله درك يا فـتى *** لو كنت تفعل ما تقول
إننا أيها الأخوة نعمل.. ولكن هذه الأعمال لا معنى لها، فأحدنا يعمل في الوظيفة ليسدد أقساط البيت ويسكن في البيت لينام ويأكل ويشرب، ويشرب ويأكل وينام ليستقوي على أداء العمل.... !، دوامة آلية ليس لها روح، ولكن الغارق فيها قد يلهو حتى عن إدراك الخلل... بل الخواء الذي يكتنفه.
أيها الأخ المبارك: سرح طرفك في كتاب الله - تعالى -لتقف على نماذج فذة، وصورٍ رائعة من المبادرة إلى العمل، دون التواني والكسل، لقد ذكر القرآن قصة الرجل الذي جاء يسعى ليخبر موسى - عليه السلام - بما هم فرعون به فقال - تعالى -: (وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى) لقد جاء هذا الرجل من أقصى المدينة فالمسافة بعيدة، وجاء وهو يشتد ساعياً لضيق الوقت وخشية من تمكن العدو من موسى - عليه السلام -، فهذا الرجل لم توهن إرادته العقبات، ولم تثن عزيمته العوائق، فلم يبق مكتوف اليدين، ولم يقل لعل غيري يقوم بهذه المهمة، ولم يقل أين دور العلماء؟ أين عمل الأمراء؟ بل قام هو بمبادرة من نفسه لتحذير موسى - عليه السلام - من كيد فرعون وبطشه.
وإبراهيم - عليه السلام - إمام الحنفاء، خرج في أمة عم الشرك فيها وطم، وعثت فيهم الوثنية وعبادة الأصنام، فهل اكتفى بالشكوى؟ هل اكتفى بالحوقلة؟ كلا؛ بل دعا وأنذر، ووعد وحذر، وحطم الأصنام بيده (وتالله لأكيدن أصنامكم بعد أن تولوا مدبرين).
وسألنا التاريخ هل في جعبته مواقف أخرى لأئمة الهدى.. فحدثنا قائلا كيف تنسون مواقف شيخ الإسلام ابن تيمية، الذي جاهد المبتدعة بالحجة والبيان، وجاهد التتار بالسيف والسنان، لقد كان زمن شيخ الإسلام زمناً سيطر عليه الجمود، وارتفعت فيه أصوات أهل الباطل، مع هزائم متتابعة أمام التتار، ولكنَّ شيخ الإسلام لم يسكت عن واقعه؟ ولم يكتف بعيب الزمان، وإلقاء اللائمة على غيره من المسلمين، ولذا حفظ لنا التاريخ مواقف لشيخ الإسلام لا تنسى ف- رحمه الله - رحمة واسعة.
أيها الفضلاء: وإذا فتحنا صفحة أخرى لنطالع ما عليه أعداء الملة المحمدية؛ إذ بنا نفاجأ بأنهم يترجمون أقوالهم عملياً، ويخرجون من لقاءاتهم واجتماعاتهم بتوصيات تطبق على أرض الواقع.
قولوا لي أيها الناس أي أمة هي أحقر وأذل وأصغر وأقل من أمة يهود؛ أعدادهم لا تتجاوز السبعة ملايين ومع ذلك استطاعوا أن يسيطروا على أقوى الأسلحة في العالم فأي دولة تمتلك رؤوساً ننووية كيهود؟ وأي دولة تملك السلاح الإعلامي كيهود؟ وأي دولة تملك الأرصدة الفلكية كيهود؟ فكيف وصلوا إلى ما وصلوا إليه؟ هل وصلوا إليه بالمهاترات الكلامية، والحوارات الفلسفية؟
وكم يتعجب المرءُ عندما يرى أمة وثنية؛ اتخذت من الشدائد منطلقاً لرقيها ومزاحمتها لأشد أعدائها، دون أن تستسلم للهزيمة النفسية، والإحباط المعنوي.
فهذه اليابان جعلت من حطام قنبلتي (هيروشيما، وناجازاكي) وقوداً سريع الإنضاج، لما وصلت إليه من رقى، وتحضر في أمور الدنيا؛ حتى أصبحت رقماً مهماً في المعادلة الاقتصادية الدولية، ولم تجعل من تلك الهزائم، والفواجع وسيلة للبكاء، واستدرار عطف الآخرين.
وصدق عمر - رضي الله عنه -: "عجبا لجلد الفاجر وعجز المؤمن"، أهل الشهوات يسعون بكل ما يملكون لتحقيق مآربهم ونحن نتقاعس عن نصرة ديننا، وتحقيق مبادئنا، هذا أحد دعاة تحرير المرأة المزعوم يقول "بأنه زار إحدى الجامعات الألمانية، ورأى هناك من أوضاع الطلاب ما يندى له الجبين، ثم قال: قلت في نفسي: متى أرى ذلك المنظر في جامعة أسيوط!! لكي تراه عيون أهل الصعيد، وتتعود عليه!، وما زال هذا الخبيث الهالك بمساعدة إخوانه الساقطين في إصرار عجيب على الترويج للفحشاء وتبريرها(2) حتى حصل لهم ما أرادوا ولا حول ولا قوة إلا بالله".
ونوال سعداوي.. " تلك المرأة التي كانت تقول في مذكراتها بأنها إذا رأت امرأة متحجبة أثارت اشمئزازها، وحركت أشجانها، وهل تكتفي بذلك؟ كلا؛ بل كانت تقول عن نفسها: إنها لا تنام تلك الليلة التي رأت فيها تلك المشاهد حتى تعد محاضرة أو تكتب مقالا أو تهيأ كلمة!! لقد قالوا عنها: إنها كانت داعية لتحرير المرأة، تستعمل الصوت والصورة، والقلم والخطاب، والمنبر والجريدة، وكرسي الجامعة، والندوة والسياسية، ومعارضة الحكام، ومساندة المحكومين، والجمعيات النسائية والرجالية، ومنابر الأمم المتحدة، وكل الأبواق التي تتيسر أمامها لإيصال القضية التي تدافع عنها إلى أوسع شريحة من الجماهير" (3)هكذا يتحركون، وهكذا يعملون؟!! ونحن نرى في كل يوم ما يفطر الأكباد، ويفتت الكبود، ومع ذلك بعضنا لا يحرك ساكنا، وكأن الأمر لا يعنيه لا من قريب ولا من بعيد، فلا حول ولا قوة إلا بالله.
ألم تعلم يا رعاك الله أن جنس الإنسان في خسار وبوار إلا من اتصف بصفات أربع، وذكر منها العمل، يقول الله - تعالى -: (والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر)
ولقد عاتب الله - تعالى -الذين يقولون ما لا يفعلون، فقال - سبحانه -: (يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون. كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون) فأي قلب لا يتأثر بعد هذا العتاب؟ وأي شعور لا يتمزق بعد هذا التأنيب؟!!
وأقول لك كما قال الجنيد - رحمه الله -: "هب أنك لا تخاف، ويحك.. ألا تشتاق) هب أنك لا تريد العمل، وتكتفي بالكلام، ألا تشتاق، ألا تشتاق أن تكون مباركا لهذه الأمة؟ ألا تشتاق أن تكون عضوا فاعلا في مجتمعك؟! ألا تشتاق أن تكون سبباً لتخفيف الشرور؟! إذن كفى كلاماً وبدأ وقت العمل!! ".
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم

الخطبة الثانية
أيها الأفاضل: لقد جاء دور العمل.. العمل الذي يراد به وجه الله - تعالى -، الموافق لسنة النبي - صلى الله عليه وسلم -.. قال - تعالى -: (ليبلوكم أيكم أحسن عملاً). فحسن العمل يدور على هذين القطبين، أي: أكثر إخلاصاً لله، وأكثر إصابة للشريعة، والتزاماً بالمنهج، قال الفـضيل بن عياض في تفـسير آية الملك: (أحسن عملاً)0: أي: أخلصه وأصوبه؛ فإن العمل إذا كان خالصاً، ولم يكن صواباً لم يقبل وإذا كان صـواباً ولم يكن خالصاً لم يقبل، فلا يقبل حتى يكون خالصاً صواباً.
أيها الأخوة الأكارم: لقد سمعنا كثيرا، وتكلمنا كثيرا، فلنعمل ولو قليلا.. نعم جاء دور العمل المدروس.. جاء دور التطبيق.. وليبدأ كل منا بنفسه أولاً فيغير من واقعها.. ويصحح من مسارها، فيؤدي الواجبات، ويجتنب المحرمات (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) ثم عليه أن يلاحظ المنكرات اليومية والتي ينبغي إزالتها من المجتمع، فيساهم بكتابة الموضوعات النقدية في الصحافة، ويقوم بإرسال رسالة ترد على موضوع، أو يؤيد موقفاً، أو يستنكر مقالة، أو أن تقوم بإرسال برقية إلى جهة، أو ترفع سماعة الهاتف مستنكراً برنامجاً سيئا، أو مؤيداً لمحاضرة موفقة، أو أن يقوم بالكتابة إلى وزير أو مسؤول يدعم رأيه الجيد في موقف، أو يستنكر منه الموقف السيئ، وهكذا يحاول أن يكون عملياً، ولو كان العمل صغيرا فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها، ولو عمل كل الناس بهذا المنهج، وأدى كل واحد واجبه، لأدى هذا الأمر إلى خير كثير، إذ سوف يستلم الصحفي والإعلامي والمدير والوزير، مئات بل ربما الآلاف من الردود أو المعارضة لموقف الشر، فيقود إلى الامتناع؟ أو على الأقل للتوقف عن المزيد، ولا يستغرب هذا الموقف، فحتى الفاسق من الناس ـ مهما كان سيئا ـ فهو بشر، إذا لم تمنعه الاعتراضات خشية من الله، فإنه سيمتنع خوفاً على مركزه، أو حرصا على سمعته، أما سكوت الجميع عن الشر، فسيقود إلى شر أكبر، وعدم تشجيع المعروف، يقود إلى الزهد في إتيانه.
ولا تنس يا رعاك الله: أن الله - تعالى -سيضاعف لك الأجر والثواب جزاء على أعمالك التي قدمتها لنصرة دينه يقول الله - تعالى -: (ليجزيهم الله أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضله) ويقول - سبحانه - (وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون) [الزخرف: 72].
ولا تنظر يا رعاك الله إلى تقصير المقصرين فكلا سيجازى بعمله (ووفيت كل نفس ما كسبت) ويقول (كل نفس بما كسبت رهينة) فاعمل الصالحات قبل أن تحل الزفرات.
اعمل ولو كان العمل يسيرا، ولو كان العمل حقيرا، فإن الإسلام لا يحتقر من الأعمال ولو كانت كمثقال ذرة، فهو عمل له أثره وإن صغر في عينك، يقول الله - تعالى -: (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره)
وأخيراً أيها المسلمون: إن اقتصارنا على الكلام في مجالسنا دون العمل لنصرة ديننا معناه انحسار ظل الفضيلة، وانتشار الرذيلة.
إن اقتصارنا على كلام المجالس معناه أن نجم الباطل في صعود، ونجم الحق في أفول، فأهل الباطل يتكلمون ويعملون ليلا ونهارا، سراً وجهارا.
إن اقتصارنا على كلام المجالس معناه ضياع أعمارنا في أماني التغيير، والتحسر إذا حصل المخطط الكبير من أهل العلمنة والتدمير.
إن اقتصارنا على كلام المجالس يا مسلمون معناه ضعف إيماننا، فليس الإيمان بالتمني ولا بالتحلي، ولكنَّ الإيمان ما وقر في القلب وصدقه العمل.
فهل آن الآوان لأن نبدأ العمل؟ اللهم اجعلنا من أنصار دينك، وحماة عقيدتك، وحراس ملتك، اللهم اجعلنا عاملين بكتابك، مهتدين بسنة نبيك، اللهم اجعلنا مباركين لأمة محمد - صلى الله عليه وسلم -، اللهم اجعلنا سلما لأوليائك، حربا على أعدائك.

المراجع:
(1) الآداب الشرعية لابن مفلح (1/37).
(2) انظر: عودة الحجاب (1 / 143).
(3) كتاب حجاب المسلمة بين انتحال المبطلين وتأويل الجاهلين ص 509.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 63.99 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 62.11 كيلو بايت... تم توفير 1.88 كيلو بايت...بمعدل (2.94%)]