فوائد من زاد المعاد - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         مجالس تدبر القرآن ....(متجدد) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 171 - عددالزوار : 59781 )           »          شرح كتاب فضائل القرآن من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 7 - عددالزوار : 162 )           »          مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن" (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 112 - عددالزوار : 28257 )           »          الدِّين الإبراهيمي بين الحقيقة والضلال (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 64 - عددالزوار : 795 )           »          طرق تساعد على تنمية ذكاء الطفل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 43 )           »          السلفيون ومراعاة المصالح والمفاسد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 44 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 25 - عددالزوار : 686 )           »          العمل التطوعي.. أسسه ومهاراته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 7 - عددالزوار : 100 )           »          الحكمـة ضالـة المؤمن ***متجددة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 64 - عددالزوار : 16036 )           »          افتراءات وشبهات حول دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 5 - عددالزوار : 65 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى الشباب المسلم

ملتقى الشباب المسلم ملتقى يهتم بقضايا الشباب اليومية ومشاكلهم الحياتية والاجتماعية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 08-12-2019, 05:35 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,445
الدولة : Egypt
افتراضي فوائد من زاد المعاد

فوائد من زاد المعاد (1-4)


فهد بن عبد العزيز الشويرخ




الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين...أما بعد: فمن أفضل وأشهر كتب العلامة ابن القيم كتابه الموسوم بـ " زاد المعاد في خير العباد" فقد جمع واستوعب في بيان هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم, مع استطراد في ذكر فوائد متنوعة, يسّر الله الكريم فجمعتُ شيئاً منها, لا تغني عن قراءة الكتاب, أسأل الله أن ينفع بها, ويبارك فيها.

القرآن الكريم شفاء لجميع الأدواء القلبية والبدنية:
قال الله تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ القُرآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحمَةٌ لِلمُؤمِنينَ } [الإسراء:82] والصحيحُ: أن " من " هاهنا لبيان الجنس لا التبعيض, وقال تعالى: {يا أَيُّهَا النّاسُ قَد جاءَتكُم مَوعِظَةٌ مِن رَبِّكُم وَشِفاءٌ لِما فِي الصُّدورِ } [يونس:57]
فالقرآن هو الشفاء التام من جميع الأدواء القلبية والبدنية, وأدواء الدنيا والآخرة, وما كل أحدٍ يُؤهل ولا يُوفق للاستشفاء به, وإذا أحسن العليل التداوي به, ووضعه على دائه بصدق وإيمان, وقبول تام, واعتقاد جازم, واستيفاء شروطه, لم يقاومه الداء أبداً, وكيف تقاوم الأدواء كلام ربِّ الأرض والسماء الذي لو نزل على الجبال لصدعها, أو على الأرض لقطعها.
فاتحة الكتاب وأم القرآن والسبع المثاني, والشفاء التام, والدواء النافع, والرقية التامة, ومفتاح الغنى والفلاح, وحافظة القوة, ودافعة الهم والغم والخوف والحزن لمن عرف مقدارها وأعطاها حقها, وأحسن تنزيلها على دائه, وعرف وجه الاستشفاء والتداوي بها, والسر الذي لأجله كانت كذلك.
علاج حرِّ المصيبة وحُزنها:
قال تعالى: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّـهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَـٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} [البقرة:155-157] وفي المسند عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: {ما من أحد تصيبه مُصيبة فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيراً منها إلا أجاره الله في مصيبته, وأخلف له خيراً منها} وهذه الكلمة من أبلغ علاج المصاب, وأنفعه له في عاجلته وآجلته فإنها تتضمن أصلين عظيمين إذا تحقق العبد بمعرفتهما تسلَّى عن مصيبته
أحدهما: أن العبد وأهله وماله ملك له عز وجل حقيقية, وقد جعله عند العبد عارية, فإذا أخذه منه, فهو كالمعير يأخذ متاعه من المستعير, وأيضاً فإنه محفوف بعدمين: عدم قبله, وعدمٍ بعده, وملك العبد له متعة معارة في زمن يسير, وأيضاً فإنه ليس الذي أوجده عن عدمه, حتى يكون ملكه حقيقةً, ولا هو الذي يحفظه من الآفات بعد وجوده, ولا يُبقي عليه وجوده, فليس له فيه تأثير, ولا ملك حقيقي.
والثاني: أن مصير العبد ومرجعه إلى الله مولاه الحق, ولا بد أن يُخلِّف الدنيا وراءَ ظهره, ويجيء ربه فرداً كما خلقه أول مرة بلا أهل ولا مال ولا عشيرة, ولكن بالحسنات والسيئات, فإذا كانت هذه بداية وما خُوله ونهايته, فكيف يفرح بموجود, أو يأسى على مفقود, ففكره في مبدئه ومعاده من أعظم علاج هذا الداء.
ومن علاجه: أن ينظر إلى ما أصيب به, فيجد ربه قد أبقي عليه مثله, أو أفضل منه, وادخر له – إن صبر ورضي – ما هو أعظم من فوات تلك المصيبة بأضعافٍ مُضاعفة, وأنه لو شاء لجعلها أعظم مما هي.
ومن علاجها: أن يعلم علم اليقين أن ما أصابه لم يكن ليخطئه, وما أخطأه لم يكن ليصيبه.قال تعالى: {مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّـهِ يَسِيرٌ * لِّكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّـهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ } [الحديد:22-23]
ومن علاجه: أن يُطفئ نار مصيبته ببرد التأسي بأهل المصائب, وليعلم أنه في كل وادٍ بنو سعد, ولينظر يمنة فهل إلا محنة ؟ ثم ليعطف يسرة, فهل يرى إلا حسره ؟ وأنه لو فتش العالم لم ير فيهم إلا مبتلى, إما بفوات محبوب, أو حصول مكروه, وأن شرور الدنيا أحلامُ نوم أو كظل زائل, إن أضحكت قليلاً, أبكت كثيراً, وإن سرت يوماً ساءت دهراً, وإن متعت قليلاً منعت كثيراً, وما ملأت داراً خيرةً إلا ملأتها عبرة, ولا سرته بيوم سرور إلا خبأت له يوم شرور.
ومن علاجها: أن يعلم أن الجزع لا يردها, بل يُضاعفها, وهو في الحقيقة من تزايد المرض.
ومن علاجها: أن يعلم أن فوات ثواب الصبر والتسليم, وهو الصلاة والرحمة والهداية التي ضمنها الله على الصبر والاسترجاع أعظمُ من المصيبة في الحقيقة.
ومن علاجها: أن يروح قلبه بروح رجاء الخلف من الله, فإنه من كل شيء عوض إلا الله, فما منه عوض.
ومن علاجها: أن يعلم أن ما يعقبه الصبرُ والاحتساب من اللذة والمسرة أضعاف ما كان يحصل له ببقاء ما أُصيب به لو بقي عليه, ويكفيه من ذلك بيتُ الحمد الذي يُبنى له في الجنة على حمده لربه واسترجاعه, فلينظر: أي المصيبتين أعظم ؟ مصيبةُ العاجلة, أو مصيبة فوات بيت الحمد في جنة الخلد.
ومن علاجها: أن يعلم أن الجزع يُشمت عدوه, ويسوء صديقه, ويُغضب ربه, ويسرُّ شيطانه, ويُحبط أجره, ويُضعف نفسه, وإذا صبر واحتسب أنضى شيطانه, ورده خاسئاً, وأرضى ربه, وسرَّ صديقه, وساء عدوه, وحمل عن إخوانه, وعزَّاهم هو قبل أن يُعزُّوه, فهذا هو الثبات والكمال الأعظم, لا لطم الخدود, وشقّ الجيوب, والدعاءُ بالويل والثبور, والسخط هو المقدور.
ومن علاجها: أن يعلم أن حظه من المصيبة ما تُحدث له, فمن رضي فله الرضى, ومن سخط فله السخط, فحظك منها ما أحدثته لك, فاختر خير الحظوظ أو شرها, فإن أحدثت له سخطاً وكفراً كُتِبَ في ديوان الهالكين, وإن أحدثت له جزعاً وتفريطاً في ترك واجب, أو فعل محرم كتب في ديوان المفرِّطين, وإن أحدثت له شكاية وعدم صبر كتب في ديوان المغبونين, وإن أحدثت له اعتراضاً على الله وقدحاً في حكمته فقد قرع باب الزندقة أو ولجه, وإن أحدثت له صبراً وثباتاً لله كتب في ديوان الصابرين, وإن أحدثت له الرضى عن الله كتب في ديوان الراضين, وإن أحدثت له الحمد والشكر كتب في ديوان الشاكرين, وكان تحت لواء الحمد مع الحمَّادين, وإن أحدثت له محبة واشتياقاً إلى لقاء ربه, كُتِبَ في ديوان المحبين المخلصين, وفي مسند أحمد والنرمذي من محمود بن لبيد يرفعه: «إن الله إذا أحبَّ قوماً ابتلاهم, فمن رضي فله الرضى, ومن سخط فله السخط» زاد أحمد: «ومن جزع فله الجزع»
ومن علاجها: أن يعلم أنه وإن بلغ في الجزع غايته فآخر أمره إلى صبر الاضطرار, وهو غير محمود ولا مُثاب, قال بعض الحكماء: العاقلُ يفعل في أول يوم من المصيبة ما يفعله الجاهل بعد أيام, ومن لم يصبر صبر الكرام, سلا سُلُوَّ البهائم.
ومن علاجها: أن يعلم أن أنفع الأدوية له موافقة ربه وإلهه فيما أحبه ورضيه له, وأن خاصية المحبة موافقة المحبوب, فمن ادعى محبة محبوب ثم سخط ما يُحبُّه وأحبَّ ما يُسخطه, فقد شهد على نفسه بكذبه, وتمقَّت إلى محبوبه.
ومن علاجها: أن يوازن بين أعظم اللذتين والتمتعين وأدومهما, لذة تمتعه بما أُصيب به, ولذة تمتعه بثواب الله له, فإن ظهر له الرجحان فآثر الراجح فليحمد الله على توفيقه, وإن آثر المرجوح من كل وجه فليعلم أن مصيبته في عقله وقلبه ودينه أعظم من مصيبته التي أُصيب بها في دنياه.
ومن علاجها: أن يعلم أن الذي ابتلاه بها أحكم الحاكمين, وأرحم الراحمين, وأنه سبحانه لم يرسل إليه البلاء ليهلكه به, ولا ليعذبه به, ولا ليجتاحه, وإنما افتقده به ليمتحن صبره ورضاه عنه وإيمانه, وليسمع تضرعه وابتهاله, وليراه طريحاً ببابه, لائذاً بجنابه, مكسور القلب بين يديه, رافعاً قصص الشكوى إليه.
ومن علاجها: أن يعلم أنه لولا مِحَنُ الدنيا ومصائبها لأصاب العبد من أدواء الكِبرِ والعجب والفرعنة وقسوة القلب ما هو سبب هلاكه عاجلاً وآجلاً, فمن رحمة أرحم الراحمين أن يتفقده في الأحيان بأنواع من أدوية المصائب تكون حمية له من هذه الأدواء, وحفظاً لصحة عُبوديته, واستفراغاً للمواد الفاسدة الرديئة المهلكة منه, فسبحان من يرحم ببلائه ويبتلي بنعمائه.

فلولا أنه سبحانه يداوي عباده بأدوية المحن والابتلاء لطغوا, وبغوا, وعتوا, والله سبحانه إذا أراد بعبد خيراً سقاه دواء من الابتلاء والامتحان على قدر حاله يستفرغُ به من الأدواء المهلكة حتى إذا هذبه ونقاه وصفاه أهَّله لأشراف مراتب الدنيا وهي عبوديته, وأرفع ثواب الآخرة, وهو رؤيته وقربه.









__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 08-12-2019, 05:38 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,445
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فوائد من زاد المعاد

فوائد من زاد المعاد (2-4)


فهد بن عبد العزيز الشويرخ


ومن علاجها: أن يعلم أن مرارة الدنيا هي بعينها حلاوة الآخرة, قلبها الله سبحانه كذلك, وحلاوة الدنيا بعينها مرارة الآخرة, ولأن ينتقل من مرارة منقطعة إلى حلاوة دائمة خير له من عكس ذلك, فإن خفي عليك هذا, فانظر إلى قول الصادق المصدوق: «حُفَّتِ الجنَّةُ بالمكاره وحُفَّتِ النارُ بالشهوات»
وفي هذا المقام تفاوتت عقول الخلائق, وظهرت حقائق الرجال, فأكثرهم آثر الحلاوة المنقطعة على الحلاوة الدائمة التي لا تزول, ومن لم يحتمل مرارة ساعة لحلاوة الأبد, ولا ذُلَّ ساعةٍ لعز الأبد, ولا محنة ساعة لعافية الأبد, فإن الحاضر عنده شهاده, والمنتظر غيب, والإيمان ضعيف, وسلطان الشهوة حاكم, فتولد من ذلك إيثار العاجلة, ورفضُ الآخرة, وهذا حال النظر الواقع على ظواهر الأمور, وأوائلها ومبادئها, وأما النظر الثاقب الذي يخرق حجب العاجلة, ويجاوزه إلى العواقب والغايات, فله شأن آخر.
فادع نفسك إلى ما أعد الله لأوليائه وأهل طاعته من النعيم المقيم, والسعادة الأبدية, والفوز الأكبر, وما أعد لأهل البطالة والإضاعة من الخزي والعقاب والحسرات الدائمة, ثم اختر أيُّ القسمين أليق بك, وكلّ يعمل على شاكلته, وكلُّ أحد يصبو إلى ما يُناسبه, وما هو الأولى به, ولا تستطل هذا العلاج, فشدة الحاجة إليه من الطبيب والعليل دعت إلى بسطه, وبالله التوفيق.
الأدوية الروحانية لها تأثير في دفع العلل وحصول الشفاء أعظم من الأدوية الطبيعية
ها هنا من الأدوية التي تشفى من الأمراض ما لم يهتد إليها عقول أكابر الأطباء، ولم تصل إليها علومهم وتجاربهم وأقيستهم، من الأدوية القلبية، والروحانية، وقوة القلب، واعتماده على الله، والتوكل عليه، والالتجاء إليه، والانطراح والانكسار بين يديه، والتذلل له، والصدقة، والدعاء، والتوبة، والاستغفار، والإحسان إلى الخلق، وإغاثة الملهوف، والتفريج عن المكروب، فإن هذه الأدوية قد جربتها الأمم على اختلاف أدينها ومللها، فوجدوا لها من التأثير في الشفاء، ما لم يصل إليه علم أعلم الأطباء، ولا تجربته، ولا قياسه، وقد جربنا نحن، وغيرنا من هذا أموراً كثيرة، ورأيناها تفعل ما لا تفعل الأدوية الحسية،....ومن أعظم علاجات المرض فعل الخير والإحسان والذكر والدعاء والتضرع والابتهال إلى الله والتوبة، ولهذه الأمور تأثير في دفع العلل وحصول الشفاء أعظم من الأدوية الطبيعية.
أفضل أيام العبد يوم توبته إلى الله وقبول الله توبته:
خير أيام العبد على الإطلاق وأفضلها يوم توبته إلى الله, وقبول الله توبته, لقول النبي صلى الله عليه وسلم لكعب: «أبشر بخير يوم مرَّ عليك منذ ولدتك أمك»
فإن قيل: فكيف يكون هذا اليوم خيراً من يوم إسلامه ؟ قيل: هو مكمل ليوم إسلامه, ومن تمامه, فيومُ إسلامه بداية سعادته, ويوم توبته كمالها وتمامها.
تنكر الأرض والنفس والأهل والولد للمذنب:
قول كعب رضي الله عنه حتى تنكرت لي الأرض, فما هي بالتي أعرف ) هذا التنكرُ يجده المذنب العاصي بحسب جرمه حتى في خلق زوجته وولده وخادمه, ودابته, ويجده في نفسه أيضاً, فتتنكر له نفسه حتى ما كأنه هو, ولا كأن أهله وأصحابه ومن يُشفقُ عليه بالذين يعرفهم, وهذا سر من الله لا يخفى إلا على من هو ميت القلب, وعلى حسب حياة القلب, يكون إدراك هذا التنكر والوحشة, وما لجرح بميت إيلام.
من هان على الله جل جلاله خلى بينه وبين معاصيه:
الرب سبحانه...يؤدِّبُ عبده المؤمن الذي يُحبهُ وهو كريم عنده بأدنى زلة وهفوة, فلا يزال مستيقظاً حذراً, وأما من سقط من عينه وهان عليه, فإنه يخلي بينه وبين معاصيه, وكلما أحدث ذنباً أحدث له نعمة, والمغرور يظن أن ذلك من كرامته عليه, ولا يعلم أن ذلك عينُ الإهانة, وأنه يريد به العذاب الشديد, والعقوبة التي لا عاقبة معها, كما في الحديث المشهور: « إذا أراد الله بعبدٍ خيراً عجل له عقوبته في الدنيا, وإذا أراد بعبدٍ شراً أمسك عنه عقوبته في الدنيا, فيرِدُ يوم القيامة بذنوبه»
إن عاق الهمّ والحزن العبد عن المعاصي كانا خير له:
وإن عاقه الهمُّ والحزنُ عن شهواته التي تضره في معاشه ومعاده, انتفع به من هذا الوجه, وهذا من حكمة العزيز الحكيم أن سلَّط هذين الجندين على القلوب المعرضة عنه, الفارغة من محبته, وخوفه, ورجائه, والإنابة إليه, والتوكل عليه, والأنس به, والفرار إليه, والانقطاع إليه, ليردها بما يبتليها من الهموم والغموم والأحزان والآلام القلبية عن كثير من معاصيها وشهواتها المُردية.
ما يدفعُ به الحزن والهم:
ما مضى لا يُدفع بالحزن بل بالرضى والحمد والصبر والإيمان بالقدر, وقول:قَدرُ اللهُ وما شاءَ فَعَلَ.وما يُستقبل لا يُدفع أيضاً بالهمِّ بل إما أن يكون له حيلة في دفعه, فلا يعجز عنه, وإما أن لا تكون له حيلة في دفعه فلا يجزع منه, ويلبسُ له لباسه ويأخذُ له عُدته ويتأهب له أهبته اللائقة به ويستجن بجُنةٍ حصينة من التوحيد, والتوكل والانطراح بين يدي الرب تعالى والاستسلام له والرضى به رباً في كل شيء ولا يرضى به رباً فيما يحب دون ما يكره فإن كان هكذا, لم يرضَ به رباً على الإطلاق
صرع الأرواح الخبيثة وعلاج ذلك:
الصرع صرعان: صرع من الأرواح الخبيثة الأرضية, وصرع من الأخلاط الرديئة. والثاني: هو الذي يتكلم فيه الأطباء في سببه وعلاجه.
وأما صرع الأرواح, فأئمتهم وعقلاؤهم يعترفون به, ولا يدفعونه, ويعترفون بأن علاجه بمقابلة الأرواح الشريفة الخيرة العُلوية لتلك الأرواح الشريرة الخبيثة, فتدفع آثارها, وتعارض أفعالها وتُبطلها,..وأما جهلة الأطباء..ومن يعتقد بالزندقة فضيلة, فأولئك ينكرون صرع الأرواح, ولا يُقرون بأنها تُؤثر في بدن المصروع, وليس معهم إلا الجهل وإلا فليس في الصناعة الطبية ما يدفع ذلك والحس والوجود شاهد به..وقدماء الأطباء كانوا يسمون هذا الصرع المرض الإلهي وقالوا: إنه من الأرواح
وعلاج هذا النوع يكون بأمرين: أمرٍ من جهة المصروع, وأمر من جهة المعالج, فالذي من جهة المصروع يكون بقوة نفسه, وصدق توجهه إلى فاطر هذه الأرواح وبارئها, والتعوذ الصحيح الذي قد تواطأ عليه القلب واللسان, فإن هذا نوع محاربة, والمحارب لا يتم له الانتصاف من عدوه بالسلاح إلا بأمرين: أن يكون السلاح صحيحاً في نفسه جيداً, وأن يكون الساعد قوياً, فمتى تخلف أحدهما لم يُغن السلاح كثير طائل, فكيف إذا عدم الأمران جميعاً: يكون القلب خراباً من التوحيد, والتقوى, والتوجه, ولا سلاح له.
والثاني: من جهة المعالج, بأن يكون فيه هذا الأمران أيضاً, حتى إن من المعالجين من يكتفي بقوله: " اخرج منه " والنبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: «اخرج عدو الله أنا رسول الله» وشاهدت شيخنا يُعالج بآية الكرسي, وكان يأمر بكثرة قراءتها المصروع ومن يُعالجه بها, وبقراءة المعوذتين.
وأكثر تسلط الأرواح الخبيثة على أهله تكون من جهة قلة دينهم, وخراب قلوبهم وألسنتهم من حقائق الذكر, والتعاويذ, والتحصُّنات النبوية الإيمانية, فتلقى الروح الخبيثة الرجل أعزل لا سلاح معه...فتؤثر فيه هذا.ولو كشف الغطاء, لرأيت أكثر النفوس البشرية صرعى هذه الأرواح الخبيثة, وهي في أسرها وقبضتها تسوقها حيث شاءت, ولا يمكنها الامتناع عنها ولا مخالفتها, وبها الصرع الأعظم الذي لا يفيق صاحبه إلا عند المفارقة والمعاينة, فهناك يتحقق أنه كان هو المصروع حقيقة,
وعلاج هذا الصرع باقتران العقل الصحيح إلى الإيمان بما جاءت به الرسل, وأن تكون الجنةُ والنارُ نُصب عينيه وقبلة قلبه, ويستحضر أهل الدنيا, وحلول المثلات والآفات بهم, ووقوعها خلال ديارهم كمواقع القطر, وهم صرعى لا يفيقون, وما أشدَّ داءَ هذا الصرع, ولكن لما عمَّت البلية به بحيث لا يرى إلا مصروعاً, لم يصر مستغرباً ولا مستنكراً, بل صار لكثرة المصروعين عين المستنكر المستغرب خلافه.
المريض له مدد من الله يُغذيه به بحسب انكساره وانطراحه بين يدي ربه عز وجل:
المريض له مدد من الله تعالى يُغذيه به زائداً على ما ذكره الأطباء من تغذيته بالدم, وهذا المدد بحسب ضعفه وانكساره وانطراحه بين يدي ربه عز وجل, فيحصل له من ذلك ما يُوجب له قرباً من ربه, فإن العبد أقربُ ما يكون من ربه إذا انكسر قلبُهُ, ورحمةُ ربه عندئذٍ قريبة منه, فإن كان ولياً له, حصل له من الأغذية القلبية ما تقوى به قوى طبيعته, وتتنعش به قواه أعظم من قوتها, وانتعاشها بالأغذية البدنية, وكلما قوى إيمانه وحبه لربه, وأنسه به, وفرحُه به, وقوى يقينه بربه, واشتد شوقه إليه ورضاه به وعنه, ووجد في نفسه من هذه القوة ما لا يُعبرُ عنه, ولا يدركه وصف طبيب, ولا يناله علمه.
تفريج نفس المريض, وتطيب قلبه, له تأثير عجيب في شفاء علته وخفتها:
تفريج نفس المريض, وتطيب قلبه, وإدخال ما يسُرُّه عليه, له تأثير عجيب في شفاء علته وخفتها, فإن الأرواح والقوى تقوى بذلك, فتساعد الطبيعة على دفع المؤذي, وقد شاهد الناس كثيراً من المرضى تنتعش قواه بعيادة من يُحبونه, ويعظمونه, ورؤيتهم لهم, ولُطفهم بهم, ومكالمتهم إياهم, وهذا أحد فوائد عيادة المرضى التي تتعلق بهم, فإن فيها أربعة أنواع من الفوائد: نوع يرجع إلى المريض, ونوع يعود على العائد, ونوع يعود على أهل المريض, ونوع يعود على العامة.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 71.72 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 69.38 كيلو بايت... تم توفير 2.34 كيلو بايت...بمعدل (3.26%)]