موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشوره - الصفحة 97 - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         السيول والأمطار دروس وعبر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          مضى رمضان.. فلا تبطلوا أعمالكم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          فضل علم الحديث ورجاله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          سورة العصر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          الترهيب من قطيعة الرحم من السنة النبوية المباركة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          لمحات في عقيدة الإسماعيلية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          عقيدة الشيعة فيك لم تتغير (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          شرح حديث: تابِعوا بينَ الحجِّ والعمرةِ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          كيف تعود عزة المسلمين إليهم؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          أدومه وإن قل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > الملتقى العلمي والثقافي

الملتقى العلمي والثقافي قسم يختص بكل النظريات والدراسات الاعجازية والثقافية والعلمية

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #961  
قديم 11-11-2013, 07:17 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو

القرآن الكريم والإشارة إلى الدخان الكوني


بقلم الدكتور زغلول النجار
قال الله تعالى (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ) (فصلت : 11).
في الثلث الأول من القرن العشرين لاحظ الفلكيون عملية توسع الكون التي دار من حولها جدل طويل حتى سلم العلماء بحقيقتها‏,‏ وقد سبق القرآن الكريم بالإشارة إلى تلك الحقيقة قبل ألف وأربعمائة سنة بقول الحق‏(‏تبارك وتعالى‏):‏(وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ {47} وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ) ‏(‏ الذاريات‏:47)‏.

وكانت هذه الآية الكريمة قد نزلت والعالم كله ينادي بثبات الكون‏,‏ وعدم تغيره‏,‏ وظل هذا الاعتقاد سائدا حتي منتصف القرن العشرين حين أثبتت الأرصاد الفلكية حقيقة توسع الكون‏,‏ وتباعد مجراته عنا‏,‏ وعن بعضها البعض بمعدلات تقترب أحيانا من سرعة الضوء‏(‏ المقدرة بنحو ثلاثمائة ألف كيلو متر في الثانية‏),‏ وقد أيدت كل من المعادلات الرياضية وقوانين الفيزياء النظرية استنتاجات الفلكيين في ذلك‏.‏

وانطلاقا من هذه الملاحظة الصحيحة نادي كل من علماء الفلك‏,‏ والفيزياء الفلكية والنظرية بأننا إذا عدنا بهذا الاتساع الكوني إلى الوراء مع الزمن فلابد أن تلتقي كل صور المادة والطاقة الموجودة في الكون‏(‏المدرك منها وغير المدرك‏)‏ وتتكدس علي بعضها البعض في جرم ابتدائي واحد يتناهى في الصغر إلى ما يقرب الصفر أو العدم‏,‏ وتنكمش في هذه النقطة أبعاد كل من المكان والزمان حتى تتلاشي‏(‏مرحلة الرتق‏).‏
وهذا الجرم الابتدائي كان في حالة من الكثافة والحرارة تتوقف عندهما كل القوانين الفيزيائية المعروفة‏,‏ ومن ثم فإن العقل البشري لا يكاد يتصورهما‏,‏ فانفجر هذا الجرم الأولي بأمر الله‏(‏تعالى‏)‏ في ظاهرة يسميها العلماء عملية الانفجار الكوني العظيم ، ويسميها القرآن الكريم باسم الفتق فقد سبق القرآن الكريم كل المعارف الإنسانية بالإشارة إلى ذلك الحدث الكوني العظيم من قبل ألف وأربعمائة من السنين بقول الحق‏(‏تبارك وتعالى‏)
(أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ) ‏(‏الأنبياء‏:30)‏.
وتشير دراسات الفيزياء النظرية في أواخر القرن العشرين إلى أن جرما بمواصفات الجرم الابتدائي للكون عندما ينفجر يتحول إلى غلالة من الدخان الذي تخلقت منه الأرض وكل أجرام السماء‏,‏وقد سبق القرآن الكريم بألف وأربعمائة سنة كل المعارف الإنسانية وذلك بإشارته إلى مرحلة الدخان في قول الحق‏(‏ تبارك وتعالى‏):
(قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ {9}وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاء لِّلسَّائِلِينَ {10} ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ) ‏(‏فصلت‏:9‏ ــ‏11)‏.
وفي‏8‏ نوفمبر سنة‏1989‏ م أطلقت وكالة الفضاء الأمريكية‏ مركبة فضائية باسم مكتشف الخلفية الاشعاعية للكون وذلك في مدار علي ارتفاع ستمائة كيلومتر حول الأرض بعيدا عن تأثير كل من السحب والملوثات في النطق الدنيا من الغلاف الغازي للأرض‏,‏ وقد قام هذا القمر الصنعي بإرسال ملايين الصور والمعلومات إلى الأرض عن آثار الدخان الأول الذي نتج عن عملية الانفجار العظيم للكون من علي بعد عشرة مليارات من السنين الضوئية‏,‏ وهي حالة دخانية معتمة سادت الكون قبل خلق الأرض والسماوات‏,‏ فسبحان الذي أنزل من قبل ألف وأبعمائة سنة قوله الحق‏:‏ (ثم استوي إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض إئتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين)‏(‏ فصلت‏:11).‏
بقايا الدخان الكوني الناتج عن الانفجار الكوني الكبير

دخانية السماء بعد الانفجار الكوني العظيم‏(‏ أي بعد فتق الرتق‏):‏
بعد التسليم بحقيقة توسع الكون‏,‏ وبرد ذلك التوسع إلى الوراء مع الزمن حتي الوصول إلى جرم ابتدائي واحد متناه في الضآلة حجما إلى الصفر أو ما يقرب من العدم‏,‏ ومتناه في الكثافة والحرارة إلى حد لا يكاد العقل الانساني أن يتخيله‏,‏ لتوقف كل قوانين الفيزياء المعروفة عنده‏(‏مرحلة الرتق‏),‏ وبعد التسليم بانفجار هذا الجرم الابتدائي‏(‏ مرحلة الفتق‏)‏ في ظاهرة كونية يسميها العلماء الانفجار الكوني الكبير بدأ كل من علماء الفلك والفيزياء الفلكية والنظرية في تحليل مسار الأحداث الكونية بعد هذا الحدث الكوني الرهيب‏.‏
ومع إيماننا بان تلك الأحداث الموغلة في تاريخ الكون تقع في صميم الغيب الذي أخبر ربنا‏(‏تبارك وتعالى‏)‏ عنه بقوله‏(‏ عز من قائل‏):
(ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم وما كنت متخذ المضلين عضدا)‏(‏ الكهف‏:51)‏، إلا أن السنن التي فطر الله‏(‏ تعالي‏)‏ الكون عليها لها من الاطراد‏,‏ والاستمرار‏,‏ والثبات‏,‏ ما يمكن أن يعين الانسان علي الوصول إلى شيء من التصور الصحيح لتلك الأحداث الغيبية الموغلة في أبعاد التاريخ الكوني علي الرغم من حس الانسان المحدود‏,‏ وقدرات عقله المحدودة‏,‏ ومحدودية كل من زمانه ومكانه‏.‏
كذلك فان التقنيات المتطورة من مثل الصواريخ العابرة لمسافات كبيرة في السماء‏,‏ والأقمار الصنعية التي تطلقها تلك الصواريخ‏,‏ والأجهزة القياسية والتسجيلية الدقيقة التي تحملها قد ساعدت علي الوصول إلى تصوير الدخان الكوني الأول الذي نتج عن عملية الانفجار العظيم‏,‏ والذي وجدت بقايا أثرية له علي أطراف الجزء المدرك من الكون‏,‏ وعلي أبعاد تصل إلى عشرة مليارات من السنين الضوئية لتثبت دقة التعبير القرآني بلفظة دخان التي وصف بها حالة الكون قبل خلق السماوات والأرض‏.‏

الفيزياء الفلكية ودخانية الكون‏:‏
بعد الانفجار العظيم تحول الكون الى غلالة من الدخان الذى خلقت منه الارض والسماوات . و تشير الحسابات الفيزيائية إلى أن حجم الكون قبل الانفجار العظيم كاد يقترب من الصفر‏,‏ وكان في حالة غريبة من تكدس كل من المادة والطاقة‏,‏ وتلاشي كل من المكان والزمان‏,‏ تتوقف عندها كل قوانين الفيزياء المعروفة‏(‏ مرحلة الرتق‏),‏ ثم انفجر هذا الجرم الابتدائي الأولي في ظاهرة كبري تعرف بظاهرة الانفجار الكوني العظيم مرحلة الفتق وبانفجاره تحول إلى كرة من الإشعاع والجسيمات الأولية أخذت في التمدد والتبرد بسرعات فائقة حتي تحولت إلى غلالة من الدخان‏.‏
فبعد ثانية واحدة من واقعة الانفجار العظيم تقدر الحسابات الفيزيائية انخفاض درجة حرارة الكون من تريليونات الدرجات المطلقة إلى عشرة بلايين من الدرجات المطلقة‏[‏ ستيفن و‏.‏ هوكنج‏1988‏ م]
وعندها تحول الكون إلى غلالة من الدخان المكون من الفوتونات والإلكترونات والنيوترينوات واضداد هذه الجسيمات مع قليل من البروتونات والنيوترونات. ولولا استمرار الكون في التوسع والتبرد بمعدلات منضبطة بدقة فائقة لأفنت الجسيمات الأولية للمادة وأضدادها بعضها بعضا‏,‏ وانتهي الكون‏,‏ ولكنه حفظ بحفظ الله الذي أتقن كل شيء خلقه‏.‏ والنيوترونات يمكن أن توجد في الكون علي هيئة ما يسمي باسم المادة الداكنة .وينادي آلان جوث بأن التمدد عند بدء الانفجار العظيم كان بمعدلات فائقة التصور أدت إلى زيادة قطر الكون بمعدل‏2910‏ مرة في جزء من الثانية ‏,‏ وتشير حسابات الفيزياء النظرية إلى الاستمرار في انخفاض درجة حرارة الكون إلى بليون‏(‏ ألف مليون‏)‏ درجة مطلقة بعد ذلك بقليل‏,‏ وعند تلك الدرجة اتحدت البروتونات والنيوترونات لتكوين نوي ذرات الإيدروجين الثقيل أو الديوتريوم التي تحللت إلى الإيدروجين أو اتحدت مع مزيد من البروتونات والنيوترونات لتكون نوي ذرات الهيليوم
‏(Helium Nuclei)‏والقليل من نوي ذرات عناصر أعلي مثل نوي ذرات الليثيوم ونوي ذرات البريليوم ‏,‏ ولكن بقيت النسبة الغالبة لنوي ذرات غازي الأيدروجين والهيليوم‏,‏ وتشير الحسابات النظرية إلى أنه بعد ذلك بقليل توقف إنتاج كل من الهيليوم والعناصر التالية له‏,‏ واستمر الكون في الاتساع والتمدد والتبرد لفترة زمنية طويلة‏,‏ ومع التبرد انخفضت درجة حرارة الكون إلى آلاف قليلة من الدرجات المطلقة حين بدأت ذرات العناصر في التكون والتجمع وبدأ الدخان الكوني في التكدس علي هيئة أعداد من السدم الكونية الهائلة‏.‏

ومع استمرار عملية الاتساع والتبرد في الكون بدأت أجزاء من تلك السدم في التكثف علي ذاتها بفعل الجاذبية وبالدوران حول نفسها بسرعات متزايدة بالتدريج حتي تخلقت بداخلها كتل من الغازات المتكثفة‏,‏ ومع استمرار دوران تلك الكتل الكثيفة في داخل السدم بدأت كميات من غازي الإيدروجين والهيليوم الموجودة بداخلها في التكدس علي ذاتها بمعدلات أكبر‏,‏ مما أدي إلى مزيد من الارتفاع في درجات حرارتها حتي وصلت إلى الدرجات اللازمة لبدء عملية الاندماج النووي فتكونت النجوم المنتجة للضوء والحرارة‏.‏
وفي النجوم الكبيرة الكتلة استمرت عملية الاندماج النووي لتخليق العناصر الأعلي في وزنها الذري بالتدريج مثل الكربون والأوكسيجين وما يليهما حتي يتحول لب النجم بالكامل إلى الحديد فينفجر هذا
النجم المستعر‏(Nova)‏علي هيئة فوق المستعر وتتناثر أشلاء فوق المستعرات وما بها من عناصر ثقيلة في داخل المجرة لتتكون منها الكواكب والكويكبات‏,‏ بينما يبقي منها في غازات المجرة ما يمكن أن يدخل في بناء نجم آخر بإذن الله‏.‏
وتحتوي شمسنا علي نحو‏2%‏ من كتلتها من العناصر الأثقل في أوزانها الذرية من غازي الإيدروجين والهيليوم‏,‏ وهما المكونان الأساسيان لها‏,‏ وهذه العناصر الثقيلة لم تتكون كلها بالقطع في داخل الشمس بل جاءت إليها من بقايا انفجار بعض من فوق المستعرات‏.‏

وعلي الرغم من تكدس كل من المادة والطاقة في أجرام السماء‏(‏ مثل النجوم وتوابعها‏)‏ فان الكون المدرك يبدو لنا متجانسا علي نطاق واسع‏,‏ في كل الاتجاهات‏,‏ وتحده خلفية إشعاعية متساوية حيثما نظر الراصد‏.‏
كذلك فان توسع الكون لم يتجاوز بعد الحد الحرج الذي يمكن أن يؤدي إلى انهياره علي ذاته‏,‏وتكدسه من جديد‏,‏ مما يؤكد أنه محكوم بضوابط بالغة الدقة والاحكام‏,‏ ولا يزال الكون المدرك مستمرا في توسعه بعد أكثر من عشرة مليارات من السنين‏(‏هي العمر الأدني المقدر للكون‏)‏ وذلك بنفس معدل التوسع الحرج‏,‏ ولو تجاوزه بجزء من مئات البلايين من المعدل الحالي للتوسع لانهار الكون علي الفور‏,‏ فسبحان الذي حفظه من الانهيار‏..!!‏
والنظرية النسبية لا يمكنها تفسير ذلك لأن كل القوانين الفيزيائية‏,‏ وكل الأبعاد المكانية والزمانية تنهار عند الجرم الابتدائي للكون قبل انفجاره‏(‏ مرحلة الرتق‏)‏ بكتلته‏,‏ وكثافته وحرارته الفائقة‏,‏ وانعدام حجمه إلى ما يقرب من الصفر‏,‏ ولا يمكن لعاقل أن يتصور مصدرا لخلق هذا الكون بهذا القدر من الإحكام غير كونه أمرا من الخالق‏(‏ سبحانه وتعالى‏) الذي (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُون)‏(‏ يس‏:82)‏.
فعلي سبيل المثال لا الحصر يذكر علماء الفيزياء أنه إذا تغيرت الشحنة الكهربائية للإليكترون قليلا‏,‏ ما استطاعت النجوم القيام بعملية الاندماج النووي‏,‏ ولعجزت عن الانفجار علي هيئة ما يسمي بفوق المستعرإذا تمكنت فرضا من القيام بعملية الاندماج النووي‏.‏
والمعدل المتوسط لعملية اتساع الكون لابد وأنه قد اختير بحكمة بالغة لأن معدله الحالي لا يزال قريبا من الحد الحرج اللازم لمنع الكون من الانهيار علي ذاته‏.‏
ويقرر علماء الفيزياء النظرية والفلكية أن الدخان الكوني كان خليطا من الغازات الحارة المعتمة التي تتخللها بعض الجسيمات الأولية للمادة وأضداد المادة حتى تشهد هذه الصورة من صور الزوجية السائدة في الكون لله وحده بالتفرد بالوحدانية فوق كافة خلقه‏,‏ ولا توجد كلمة توفي هذه الحالة حقها من الوصف مثل كلمة دخان فسبحان الذي أنزلها في كتابه من قبل ألف وأربعمائة من السنين‏.‏
وقد تكونت من تلك الجسيمات الأولية للمادة في الدخان الكوني الأولي نوي ذرات غازي الإيدروجين والهيليوم‏,‏ وبعد ذلك وصلت إلى الحد الذي يسمح بتكوين ذرات ثابتة لعناصر أكبر وزنا وذلك باتحاد نوي ذرات الإيدروجين والهيليوم‏.‏ وظل هذا الدخان المعتم سائدا ومحتويا علي ذرات العناصر التي خلق منها بعد ذلك كل من الأرض والسماء‏.‏

وتفيد الدراسات النظرية أن الكون في حالته الدخانية كان يتميز بقدر من التجانس مع تفاوت بسيط في كل من الكثافة ودرجات الحرارة بين منطقة وأخرى‏,‏ وذلك نظرا لبدء تحول أجزاء من ذلك الدخان بتقدير من الله‏(‏ تعالي‏)‏ إلى مناطق تتركز فيها كميات كبيرة من كل من المادة والطاقة علي هيئة السدم‏.‏ ولما كانت الجاذبية في تلك المناطق تتناسب تناسبا طردياً مع كم المادة والطاقة المتمركزة فيها‏,‏ فقد أدي ذلك إلى مزيد من تكدس المادة والطاقة والذي بواسطته بدأ تخلق النجوم وبقية أجرام السماء في داخل تلك السدم‏,‏ وتكونت النجوم في مراحلها الأولي من العناصر الخفيفة مثل الإيدروجين والهيليوم‏,‏ والتي أخذت في التحول إلى العناصر الأعلى وزنا بالتدريج مع بدء عملية الاندماج النووي في داخل تلك النجوم حسب كتلة كل منها‏.‏

تصوير الدخان الكوني
في الثامن من نوفمبر سنة‏1989‏ م أطلقت وكالة الفضاء الأمريكية مركبة باسم مكتشف الخلفية الإشعاعية للكون التي ارتفعت إلى مدار حول الأرض يبلغ ارتفاعه ستمائة كيلومتر فوق مستوي سطح البحر‏,‏ وذلك لقياس درجة حرارة الخلفية الإشعاعية للكون‏,‏ وقياس كل من الكثافة المادية والضوئية والموجات الدقيقة في الكون المدرك‏,‏ بعيدا عن تأثير كل من السحب والملوثات في النطق الدنيا من الغلاف الغازي للأرض‏,‏ وقام هذا القمر الصنعي المستكشف بإرسال قدر هائل من المعلومات وملايين الصور لآثار الدخان الكوني الأول الذي نتج عن عملية الانفجار العظيم للكون‏,‏ من علي بعد عشرة مليارات من السنين الضوئية‏,‏ وأثبتت تلك الصور أن هذا الدخان الكوني في حالة معتمة تماما تمثل حالة الإظلام التي سادت الكون في مراحله الأولى‏.‏
هذه الصورة التقطت للإشعاع الخلفي للكون ( Back ground radiation ) البقع الحمراء تمثل المناطق الحارة والزرقاء تمثل المناطق الباردة

ويقدر العلماء كتلة هذا الدخان المعتم بحوالي‏90%‏ من كتلة المادة في الكون المنظور‏,‏ وكتب جورج سموت أحد المسئولين عن رحلة المستكشف تقريرا نشره سنة ‏1992‏ م بالنتائج المستقاة من هذا العدد الهائل من الصور الكونية كان من أهمها الحالة الدخانية المتجانسة التي سادت الوجود عقب الانفجار الكوني العظيم‏,‏ وكذلك درجة الحرارة المتبقية علي هيئة خلفية اشعاعية أكدت حدوث ذلك الانفجار الكبير‏,‏ وكان في تلك الكشوف أبلغ الرد علي النظريات الخاطئة التي حاولت ــ من منطلقات الكفر والإلحاد ــ تجاوز الخلق‏,‏ والجحود بالخالق‏(‏سبحانه وتعالى‏)‏ فنادت كذبا بديمومة الكون بلا بداية ولا نهاية من مثل نظرية الكون المستمر التي سبق أن أعلنها ودافع عنها كل من
هيرمان بوندي ‏ وفريد هويلفي سنة‏1949‏ م‏,‏ ونظرية الكون المتذبذب‏ التي نادي بها ريتشارد تولمان من قبل‏..‏ فقد كان في إثبات وجود الدخان الكوني والخلفية الإشعاعية للكون بعد إثبات توسع الكون ما يجزم بأن كوننا مخلوق له بداية ولابد أن ستكون له في يوم من الأيام نهاية‏,‏ وقد أكدت الصور التي بثتها مركبة المستكشف‏ للخلفية الإشعاعية والتي نشرت في ابريل سنة‏1992‏ م كل تلك الحقائق‏.‏

تكوين نوى المجرات من الدخان الكوني
كان الجرم الابتدائي للكون مفعما بالمادة والطاقة المكدسة تكديسا رهيبا يكاد ينعدم فيه الحجم إلى الصفر‏,‏ وتتلاشي فيه كل أبعاد المكان والزمان‏,‏ وتتوقف كل قوانين الفيزياء المعروفة لنا كما سبق وأن أشرنا‏(‏ مرحلة الرتق‏),‏ وبعد انفجار هذا الجرم الأولي وبدء الكون في التوسع‏,‏ تمدد الإشعاع وظل الكون مليئا دوما بالطاقة الكهرمغناطيسية‏,‏ علي أنه كلما تمدد الكون قل تركيز الطاقة فيه‏,‏ ونقصت كثافته‏,‏ وانخفضت درجة حرارته‏.‏

وأول صورة من صور الطاقة في الكون هي قوة الجاذبية، وهي قوي كونية بمعني أن كل جسم في الكون يخضع لقوي الجاذبية حسب كتلته أو كمية الطاقة فيه‏,‏ وهي قوي جاذبة تعمل عبر مسافات طويلة‏,‏ وتحفظ للجزء المدرك من الكون بناءه وأبعاده ولعلها هي المقصودة بقول الحق‏(‏ تبارك وتعالى
):)اللّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُّسَمًّى يُدَبِّرُ الأَمْرَ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لَعَلَّكُم بِلِقَاء رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ ‏...)(‏ الرعد‏:2)‏ وقوله‏(‏ عز من قائل‏):‏ (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّمَاء أَن تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيم)‏(‏ الحج‏:65).‏
وقوله‏(‏ سبحانه وتعالى‏):‏(وَمِنْ آيَاتِهِ أَن تَقُومَ السَّمَاء وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِّنَ الْأَرْضِ إِذَا أَنتُمْ تَخْرُجُونَ)‏(‏ الروم‏:25).‏
وقوله‏(‏ تبارك اسمه‏):‏ (خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا‏...)(‏لقمان‏:10).‏
وقوله‏(‏ تعالي‏):‏ (إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَن تَزُولَا وَلَئِن زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا ‏)(‏ فاطر‏:41).‏
ويقسم ربنا‏(‏ تبارك وتعالى‏)‏ وهو الغني عن القسم في مطلع سورة الطور بـ السقف المرفوع وهذا القسم القرآني جاء بالسماء المرفوعة بغير عمد مرئية‏..!!‏
والصورة الثانية من صور الطاقة المنتشرة في الكون هي القوي الكهربائية‏/‏المغناطيسية‏(‏ أو الكهرومغناطيسية‏) وهي قوي تعمل بين الجسيمات المشحونة بالكهرباء‏,‏ وهي أقوي من الجاذبية بملايين المرات‏(‏ بحوالي‏4110‏ مرة‏),‏ وتتمثل في قوي التجاذب بين الجسيمات التي تحمل شحنات كهربية مختلفة‏(‏ موجبة وسالبة‏),‏ كما تتمثل في قوي التنافر بين الجسيمات الحاملة لشحنات كهربية متشابهة‏,‏ وتكاد هذه القوي من التجاذب والتنافر يلغي بعضها بعضا‏,‏ وعلي ذلك فان حاصل القوي الكهرومغناطيسية في الكون يكاد يكون صفرا‏,‏ ولكن علي مستوي الجزيئات والذرات المكونة للمادة تبقي هي القوي السائدة‏.‏

والقوي الكهرومغناطيسية هي التي تضطر الاليكترونات في ذرات العناصر إلى الدوران حول النواة بنفس الصورة التي تجبر فيها قوي الجاذبية الأرض‏(‏ وغيرها من كواكب المجموعة الشمسية‏)‏ إلى الدوران حول الشمس‏,‏ وإن دل ذلك علي شيء فإنما يدل علي وحدة البناء في الكون من أدق دقائقه إلى أكبر وحداته‏,‏ وهو ما يشهد للخالق‏(‏ سبحانه وتعالى‏)‏ بالوحدانية المطلقة بغير شريك ولا شبيه ولا منازع‏.‏

ويصور الفيزيائيون القوي الكهرومغناطيسية علي أنها تنتج من تبادل أعداد كبيرة من جسيمات تكاد تكون معدومة الوزن تسمي بالفوتونات والقوي الثالثة في الكون هي القوي النووية القوية وهي القوي التي تمسك باللبنات الأولية للمادة في داخل كل من البروتونات والنيوترونات في نواة الذرة‏,‏ وهذه القوي تصل إلى أقصي قدرتها في المستويات العادية من الطاقة‏,‏ ولكنها تضعف مع ارتفاع مستويات الطاقة باستمرار‏.‏

والقوة الرابعة في الكون هي القوي النووية الضعيفة وهي القوي المسئولة عن عملية النشاط الإشعاعي وفي الوقت الذي تضعف فيه القوي النووية القوية في المستويات العليا للطاقة‏,‏ فان كلا من القوي النووية الضعيفة والقوي الكهرومغناطيسية تقوي في تلك المستويات العليا للطاقة‏.‏

وحدة القوي في الكون
يوحد علماء الفيزياء النظرية بين كل من القوي الكهرومغناطيسية‏,‏ والقوي النووية القوية والضعيفة فيما يسمي بنظرية التوحد الكبرى والتي تعتبر تمهيدا لنظرية أكبر توحد بين كافة القوي الكونية في قوة عظمي‏,‏ واحدة تشهد لله الخالق بالوحدانية المطلقة‏,‏ وعن هذه القوة العظمي انبثقت القوي الكبرى الأربع المعروفة في الكون‏:‏ قوة الجاذبية‏,‏ القوة الكهرومغناطيسية وكل من القوتين النوويتين الشديدة والضعيفة مع عملية الانفجار الكوني الكبير مباشرة‏(‏ الفتق بعد الرتق‏).‏
وباستثناء الجاذبية فان القوي الكونية الأخرى تصل إلى نفس المعدل عند مستويات عالية جدا من الطاقة تسمي باسم الطاقة العظمي للتوحد‏,‏
ومن هنا فان هذه الصور الثلاث للطاقة تعتبر ثلاثة أوجه لقوة واحدة‏,‏ لا يستبعد انضمام الجاذبية إليها‏,‏ باعتبارها قوة ذات مدي طويل جدا‏,‏ تتحكم في أجرام الكون وفي التجمعات الكبيرة للمادة ومن ثم يمكن نظريا غض الطرف عنها من قبيل التبسيط عندما يقصر التعامل علي الجسيمات الأولية للمادة‏,‏ أو حتى مع ذرات العناصر‏.‏
وهذه الصورة من وحدة البناء في الكون‏,‏ ووحدة صور الطاقة فيه‏,‏ مع شيوع الزوجية في الخلق ــ كل الخلق ــ هي شهادة الكون لخالقه‏(‏ سبحانه وتعالى‏)‏ بالتفرد بالوحدانية المطلقة فوق كافة خلقه بغير شبيه ولا شريك ولا منازع‏,‏ وصدق الله العظيم إذ يقول
‏:‏ (وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)‏(‏ الذاريات‏:49).‏ويقول‏:‏ (لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُون) ‏(‏ الأنبياء‏:22).‏

وسبحانه وتعالى إذ أنزل من قبل ألف وأربعمائة سنة قوله الحق‏:
(ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِين)(‏ فصلت‏:11).‏
المصدر :مقالة للدكتور زغلول النجار نشرت في جريدة الأهرام بتاريخ 4 /6/2001م
مواقع تتحدث عن الغبار الكونيأو الدخان كما ذكره القرآن.
http://www.whyevolution.com/nothing.html


  #962  
قديم 11-11-2013, 07:19 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو

و السماء و الطارق


بقلم الدكتور زغلول النجار
قال تعالى : ( والسماء والطارق وما أدراك ما الطارق‏ النجم الثاقب‏)
يستهل ربنا‏(‏ تبارك وتعالى‏)‏ سورة الطارق بقسم عظيم يقسم به‏(‏ سبحانه‏)‏ ـ وهو الغني عن القسم ـ بكل من السماء والطارق‏,‏ ثم يثني باستفهام تفخيمي عن ماهية الطارق ويحدده بالنجم الثاقب‏,‏ فيقول‏(‏ عز من قائل‏)‏ مخاطبا خاتم أنبيائه ورسله‏(‏ صلي الله وسلم وبارك عليه وعليهم أجمعين‏):‏ والسماء والطارق‏*‏ وما أدراك ما الطارق‏*‏ النجم الثاقب‏*‏‏(‏الطارق‏:1‏ ـ‏3)‏
وقد اختلف المفسرون في تحديد المقصود من الطارق‏,‏ فمنهم من قال إن الوصف ينطبق علي كل نجم‏,‏ ولا سبيل إلي تحديد نجم بذاته‏,‏ ولا ضرورة لهذا التحديد‏,‏ بل إن الإطلاق أولي ليكون المعني‏:‏ والسماء ونجومها الثاقبة للظلام‏,‏ النافذة من هذا الحجاب الذي يستر الأشياء‏...,‏ كما قال صاحب الظلال‏(‏ يرحمه الله رحمة واسعة‏)..‏
ومنهم من قال إنه الثريا أو النجم الذي يقال له كوكب الصباح‏,‏ أو نجم آخر محدد بذاته‏,‏
ومنهم من قال إن الوصف ينطبق علي الشهب التي وصفها القرآن الكريم بأنها ثاقبة‏,‏ كما في قول الحق‏(‏ تبارك وتعالى‏):‏( إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب‏‏‏ )(الصافات‏:10)‏.
وذلك علي الرغم من الفروق الضخمة بين كل من النجم والكوكب والشهاب‏.‏
ولكن‏,‏ الواضح من الآيات أن القسم جاء هنا بنجم خاص بذاته سماه ربنا تبارك وتعالى بـ الطارق‏,‏ ووصفه بالنجم الثاقب‏,‏ فما هو هذا النجم المحدد الذي استوجب هذا القسم القرآني التفخيمي‏,‏ وجاء مقرونا بالسماء علي عظم شأنها؟ خاصة أن القسم في القرآن الكريم يأتي من أجل تنبيهنا إلي أهمية الأمر المقسوم به‏,‏ وإلي ضرورته لاستقامة الكون ومكوناته‏,‏ أو لاستقامة الحياة فيه‏,‏ أو لكليهما معا‏,‏ وذلك لأن الله‏(‏ تعالى‏)‏ غني عن القسم لعباده‏,‏ كما سبق وأن أشرنا وكررنا لمرات عديدة‏,‏ وعندي أن معني الطارق النجم الثاقب لا ينجلي إلا بمعرفة دقيقة لطبيعة النجوم وأنواعها ومراحل تكونها‏,‏ لأن هذه قضية علمية صرفة‏,‏ وكطبيعة كل الإشارات الكونية في القرآن الكريم‏,‏ لابد من توظيف المعارف العلمية لفهم دلالاتها‏,‏ حيث لا يمكن لتلك الدلالات أن تتضح في الإطار اللغوي وحده‏.‏
المدلول اللغوي للفظة الطارق

لفظة الطارق اسم فاعل من الطرق بمعني الضرب بشدة‏,‏ وأصل الطرق الدق‏,‏ ومنه سميت المطرقة التي يطرق بها‏,‏ وهذا هو الأصل‏,‏ ولكن استخدمت اللفظة مجازا لتدل علي الطريق أي السبيل‏,‏ لأن السابلة تطرقها بأقدامها‏,‏ ثم صارت اسما لسالك الطريق‏,‏ باعتبار أنه يطرقها بقدميه‏,‏ ولفظة الطريق تذكر وتؤنث‏,‏ وجمعها أطرقة‏,‏ وطرق‏.‏
كذلك استخدم لفظ الطريقة بمعني الوسيلة أو الحالة‏.‏
واستخدم الطرق والمطروق للإشارة إلي ماء السماء الذي تطرقه الإبل بعد سقوطه علي الأرض‏,‏ واستخدم لفظ الطارق علي سبيل المجاز للتعبير عن كل ما جاء بليل‏,‏ فسمي قاصد الليل طارقا لاحتياجه إلي طرق الأبواب المغلقة‏,‏ ثم اتسع هذا الاستعمال المجازي ليشمل كل ما ظهر بليل‏,‏ ثم زيد في توسيعه حتي أطلق علي الصور الخيالية البادية لبعض الناس بالليل‏.‏
وطريقة القوم وطرائقهم أماثلهم وخيارهم‏,‏ والطرائق الفرق والطرق‏.‏
والطرق أيضا الضرب بالحصي‏,‏ وهو من الكهانة والتكهن‏,‏ والطراق هم المتكهنون‏,‏ والطوارق هن المتكهنات‏.‏
آراء المفسرين في الطارق النجم الثاقب

ذكر ابن كثير قول قتادة وغيره من متقدمي المفسرين‏(‏ يرحمهم الله جميعا‏)‏ مانصه‏:‏ إنما سمي النجم طارقا‏,‏ لأنه إنما يري بالليل‏,‏ ويختفي بالنهار‏,‏ ويؤيده ما جاء بالحديث‏(‏ إلا طارقا يطرق بخير يارحمن‏),‏ وأضاف قول ابن عباس‏(‏ رضي الله تبارك وتعالى عنهما‏(‏ في شرح الثاقب بالمضيء‏,‏ وأشار إلي قول عكرمة‏(‏ رضي الله عنه‏):‏ هو مضيء ومحرق للشيطان‏.‏
وذكر صاحب الظلال‏(‏ يرحمه الله‏):‏ أن هذا الوصف ينطبق علي جنس النجم‏,‏ ولا سبيل إلي تحديد نجم بذاته من هذا النص‏,‏ ولا ضرورة لهذا التحديد‏,‏ بل إن الإطلاق أولي ليكون المعني‏:‏ والسماء ونجومها الثاقبة للظلام‏,‏ النافذة من هذا الحجاب الذي يستر الأشياء‏...‏وذكر مخلوف‏(‏ يرحمه الله‏):‏ أن‏...‏ المراد هنا النجم البادي بالليل‏,‏ وأضاف‏(‏ النجم الثاقب‏)‏ أي المضيء‏,‏ كأنه يثقب الظلام بنوره فينفذ فيه‏,‏ والمراد به الجنس‏,‏ فإن لكل كوكب ضوءا ثاقبا‏,‏ أو هو معهود وهو الثريا‏,‏ أو النجم الذي يقال له‏(‏ كوكب الصباح‏)...‏
ووافق كل من الصابوني‏(‏ أمد الله في عمره‏),‏ وأصحاب المنتخب في تفسير القرآن الكريم‏(‏ جزاهم الله خيرا‏),‏ ما قال به ابن كثير‏(‏ يرحمه الله‏),‏ علي الرغم من أن القسم واضح الدلالة علي نجم محدد بذاته‏,‏ وفيه من التحديد والتخصيص ما لا يمكن تجاهله‏,‏ فلو كان الوصف بالطارق ينطبق علي كل نجم‏,‏ ما خصص في هذه الآية الكريمة بهذا التحديد الدقيق‏,‏ ولما أعطي اسما محددا الطارق‏,‏ ولا صفة محددة النجم الثاقب‏,‏ ولما ورد به القسم مع السماء بهذه الصورة المفخمة‏,‏ ولما وجه السؤال إلي خاتم الأنبياء والمرسلين‏(‏ صلي الله وسلم وبارك عليه وعليهم أجمعين‏)‏ عقب القسم مباشرة‏:‏ والسماء والطارق‏*‏ وما أدراك ما الطارق‏*‏
ولما أتي الجواب قاطعا‏,‏ حاسما من الله‏(‏ تعالى‏)‏ بقوله‏(‏ عز من قائل‏):‏ النجم الثاقب‏*‏
والنجوم قد ورد ذكرها في القرآن الكريم ثلاث عشرة مرة‏,‏ أربع منها بالإفراد‏(‏ النجم‏),‏ وتسع بالجمع‏(‏ النجوم‏),‏ ولم يوصف أي منها بالطارق النجم الثاقب‏,‏ إلا في هذه السورة المباركة التي نحن بصددها‏,‏ والتي حملت اسم الطارق تأكيدا أن الطارق نجم محدد بذاته‏,‏ ولكي نفهم حقيقة هذا النجم الطارق الثاقب‏,‏ لابد لنا من التعرف علي أنواع النجوم‏,‏ لنجد ما يمكن أن ينطبق عليه هذا الوصف القرآني المحدد‏.‏
ماهية النجوم؟‏

النجوم هي مصابيح السماء الدنيا‏,‏ وهذه المصابيح السماوية عبارة عن أجرام غازية في غالبيتها‏,‏ ضخمة الحجم‏,‏ ولكنها تبدو لنا ضئيلة لتعاظم أبعادها عنا‏,‏ فأقرب النجوم إلينا وهي الشمس تبعد عنا بنحو مائة وخمسين مليون كيلومتر‏(149,6‏ مليون كيلومتر‏)‏ وأقرب نجوم مجرتنا إلينا بعد الشمس واسمه الأقرب القنطوري ‏(Proxima Centauri)
يقدر بعده عنا بأكثر من أربعة آلاف مليون مليون كيلومتر‏(4,3‏ من السنين الضوئية‏),‏ ومن النجوم ما يبعد عنا بأكثر من عشرة بلايين من السنين الضوئية‏.‏
والنجوم أجرام سماوية شديدة الحرارة‏,‏ ملتهبة‏,‏ مشتعلة‏,‏ ومضيئة بذاتها‏,‏ يغلب علي تركيبها غاز الإيدروجين‏,‏ ويليه في الكثرة غاز الهيليوم‏,‏ والقليل من العناصر الأخري الأثقل وزنا‏,‏ وتحتوي مادة النجم الغازية‏(‏ في أغلبها‏)‏ بعملية التجاذب الداخلي إلي مركز النجم الناتجة عن دورانه حول محوره‏,‏ وتؤدي هذه العملية إلي اتحاد نوي ذرات الإيدروجين مع بعضها البعض بالاندماج أو الانصهار النووي ‏(
NuclearFusion)
وينطلق عن ذلك كميات هائلة من الطاقة علي هيئة عدد من الإشعاعات الكهرومغناطيسية التي من أهمها الضوء والحرارة‏.‏
ويؤدي تسلسل عملية الاندماج النووي من عنصر إلي آخر‏,‏ إلي تكوين عناصر أعلي في وزنها الذري باستمرار‏,‏ مما يؤدي بدوره إلي تعقيد كل من التركيب الكيميائي والبناء الداخلي للنجم‏,‏ الذي يتقلص حجمه بالتدريج وتزداد كثافته بطريقة مطردة‏,‏ وترتفع درجة حرارته باستمرار‏,‏ فيمر بذلك في عدد من الأطوار المتتالية حتي نهاية حياته‏,‏ وتسمي هذه المراحل المتتالية بدورة حياة النجم‏.‏
دورة حياة النجوم‏

خلقت النجوم ابتداء من الدخان الكوني‏,‏ الذي نشأ عن انفجار الجرم الأولي للكون‏(‏ فتق الرتق‏),‏ ولا تزال النجوم تتخلق أمام أنظار الفلكيين من دخان كل من السدم والمسافات بين النجمية وبين المجرية‏,‏ عبر مراحل متتالية‏,‏ وذلك بواسطة عدد من الدوامات العاتية التي تعرف باسم دوامات تركيز المادة
‏(
Material Accretion Whorlsor Vertigos)
التي تعمل علي تكثيف المادة في داخل سحابات الدخان بفعل عملية التجاذب التثاقلي ‏(
GravitationalAttraction)
فتؤدي إلي إحداث تصادمات متكررة بين جسيمات المادة ينتج عنها الارتفاع التدريجي في درجة حرارتها حتي تصبح قادرة علي بث الأشعة تحت الحمراء فيولد ما يسمي بالنجم الابتدائي ‏
Pro-(or) Proto-Star

وتستمر جزيئات المادة في هذا النجم الأولي في التجمع والانجذاب أكثر نحو المركز حتى تتجمع الكتلة اللازمة لبدء عملية الاندماج النووي‏,‏ فتزداد الاصطدامات بينها‏,‏ ويزداد الضغط إلي الدرجة التي تسمح ببدء التفاعلات النووية الاندماجية بين نوي ذرات الإيدروجين‏,‏ فيتوهج النجم الأولي وتنطلق منه الطاقة‏,‏ وينبثق الضوء المرئي‏,‏ وعند ذلك يكون النجم الابتدائي قد وصل إلي طور النضج المسمي باسم نجوم النسق الرئيسي
‏(
Main SequenceStars)
ويستمر النجم في هذا الطور غالبية عمره‏(90%‏ من عمره‏),‏ حيث يتوقف انكماش مادته نحو المركز بسبب الحرارة والضغط البالغين المتولدين في مركز النجم‏.‏
وينتج عن استمرار التفاعلات النووية في داخل نجم النسق الرئيسي استهلاك كميات كبيرة من غاز الإيدروجين الذي تحوله إلي الهيليوم‏,‏ وبالتدريج تتخلق العناصر الأثقل من مثل الكربون‏,‏ والنيتروجين‏,‏ والأوكسجين‏,‏ وفي مراحل لاحقة يتحول لب النجم إلي الحديد‏,‏ فتتوقف عملية الاندماج النووي‏,‏ ويدخل النجم في مرحلة الاحتضار علي هيئة النموذج الأول لانفجار المستعر الأعظم ‏(
TypeI SupernovaExplosion)
ينتهي به إلي دخان السماء عبر مراحل من العمالقة الحمر
‏(
RedGiants)
ثم مرحلة النجوم الزرقاء شديدة الحرارة والمحاطة بهالة من الإيدروجين المتأين والمعروفة باسم السدم الكوكبية ‏(
Planetary Nebulae)
ثم مرحلة الأقزام البيض ‏(
White Dwarfs)


صورة بالاشعة السينية لسديم السرطان وبداخله نجم نيوترونى
إذا كانت الكتلة الابتدائية للنجم قليلة نسبيا‏(‏ في حدود كتلة الشمس تقريبا‏),‏ أما اذا كانت الكتلة الابتدائية للنجم عدة مرات قدر كتلة الشمس‏,‏ فإنه يمر بمراحل من العمالقة العظام
‏(
Supergiants)
ثم النموذج الثاني لانفجار المستعر الأعظم
‏(
TypeIISupernova Explosion)‏
الذي تتبقي عنه النجوم النيوترونية
‏(
NeutronStars)
أو الثقوب السود
‏(
Black Holes)
والتي أسميها باسم النجوم الخانسة الكانسة
‏(
The Concealedor Hidden Sweeping Stars)
كما يصفها القرآن الكريم‏,‏ والتي تبتلع كل ما تمر به أو يصل إلي أفق حدثها ‏(
EventHorizon)

من مختلف صور المادة والطاقة‏,‏ ثم ينتهي بها المطاف إلي دخان السماء عن طريق تفككها وتبخر مادتها عالية الكثافة‏,‏ كما يعتقد غالبية الدارسين لموضوعات الفيزياء الفلكية‏,‏ وإن كانوا لم يتمكنوا بعد من تحديد كيفية حدوث ذلك‏,‏ ويري بعض الفلكيين أن أشباه النجوم ‏(
Quasars)‏
مرشحة لتكون المرحلة الانتقالية من الثقوب السود إلي دخان السماء‏,‏ وهي أجرام شاسعة البعد عنا‏,‏ ضعيفة الإضاءة‏(‏ ربما لبعدها الشاسع عنا‏),‏ منها ما يطلق أقوي الموجات الراديوية المعروفة في السماء الدنيا ويعرف باسم أشباه النجوم الراديوية ‏(
Quasi-Stellar Radio SourcesorQuasars)
ومنها ما لا يصدر مثل تلك الموجات الراديوية ويعرف باسم أشباه النجوم غير الراديوية
‏(
Radio-Quiet Quasi-Stellar Objectsor QSOs)‏
وغالبية نجوم السماء من النوع العادي‏,‏ أو ما يعرف باسم نجوم النسق الرئيسي ‏(
Main SequenceStars)
التي تمثل مرحلة نضج النجم وأوج شبابه‏,‏ وهي أطول مرحلة في حياة النجوم‏,‏ حيث يمضي النجم‏90%‏ من عمره في هذه المرحلة‏,‏ التي تتميز بتعادل دقيق بين قوي التجاذب إلي مركز النجم‏(‏ والناتجة عن دوران النجم حول محوره‏),‏ وقوي دفع مادة النجم إلي الخارج‏(‏ نتيجة لتمدده بالحرارة الشديدة الناتجة عن عملية الاندماج النووي في لبه‏),‏ ويبقي النجم في هذا الطور حتي ينفذ وقوده من غاز الإيدروجين‏,‏ أو يكاد ينفد‏,‏ فيبدأ بالتوهج الشديد حتي تصل شدة إضاءته إلي مليون مرة قدر شدة إضاءة الشمس‏,‏ ثم يبدأ في الانكدار التدريجي حتي يطمس ضوؤه بالكامل‏,‏ ويختفي كلية عن الأنظار علي هيئة النجم الخانس الكانس‏(‏ أو الثقب الأسود‏),‏ عبر عدد من مراحل الانكدار‏.‏
ومن النجوم المنكدرة ما يعرف باسم السدم الكوكبية
‏(
PlanetaryNebulae) والأقزام البيض ‏(White Dwarfs) والنجوم النيوترونية ‏(Neutron Stars) ومنها النابض وغير النابض
Pulsating Neutron Stars (or Pulsars)andNon-pulsating Neutron Stars
وغيرها من صور انكدار النجوم‏,‏ وسبحان الذي أنزل من فوق سبع سماوات‏,‏ ومن قبل ألف وأربعمائة سنة قوله الحق‏:‏ إذا الشمس كورت‏*‏ وإذا النجوم انكدرت‏*‏ ‏(‏ التكوير‏:2).‏ وقوله‏(‏ عز من قائل‏):‏ فإذا النجوم طمست‏*‏ ‏(‏المرسلات‏:8)‏

والآيات الثلاث من مظاهر الآخرة‏,‏ إلا أن من رحمة الله‏(‏ تعالى‏)‏ بنا‏,‏ أن يبقي لنا في سماء الدنيا من ظواهر انكدار النجوم وطمسها‏,‏ ما يؤكد إمكانية حدوث ذلك في الآخرة بكيفيات ومعدلات مغايرة لكيفيات ومعدلات الدنيا‏,‏ لأن الآخرة لها من السنن ما يغاير سنن الدنيا‏.‏
أحجام النجوم

تتفاوت النجوم في أحجامها تفاوتا كبيرا‏,‏ فمنها العماليق العظام‏(Supergiants)التي تزيد أقطارها عن أربعمائة ضعف قطر الشمس‏(‏ أي نحو خمسمائة وستين مليون كيلومتر‏),‏ ومنها الأقزام البيض ‏(White Dwarfs)التي لا تتعدي أطوال أقطارها واحدا من مائة من طول قطر الشمس في المتوسط‏(‏ أي لا تتعدي‏14000‏ كيلومتر‏),‏ ومنها النجوم النيوترونية ‏(Neutron Stars)التي لا يتعدي طول قطر الواحد منها ستة عشر كيلومترا‏,‏ ومنها النجوم الخانسة الكانسة‏(‏ أو ما يعرف باسم الثقوب السود‏)
(
Concealedor Hidden Sweeping Stars (or Black Holes) التي يتضاءل فيها قطر النجم إلي ما لا يستطيع العقل البشري أن يتصوره‏,‏ وهي صورة واقعية راهنة تعيد إلي الأذهان نقطة البداية الأولي التي انفجرت فخلق الله تعالى منها كل السماوات والأرض‏(‏ الرتق‏)‏ مع الفارق الشاسع بين النقطتين في تناهي الحجم والكتلة‏,‏ وكم الطاقة ودرجة الحرارة وغير ذلك من الصفات‏,‏ ولكنها رحمة الله‏(‏ تعالى‏)‏ بنا‏,‏ أن يبقي لنا في صفحة السماء ما يمكن أن يعين أصحاب البصائر علي تدبر الخلق الأول‏,‏ وعلي تصور إمكانية إفنائه‏,‏ وإعادة خلقه من جديد‏,‏ وهي من القضايا التي طالما جادل فيها الكافرون والمتشككون والمنكرون بغير علم ولا هدي ولا سلطان منير‏.‏
كثافة وكتل النجوم

كما تتفاوت النجوم في أحجامها‏,‏ فإنها تتفاوت في كل من كثافة مادتها وكتلتها‏,‏ وبصورة عامة تقل كثافة النجم كلما زاد حجمه وبالعكس‏,‏ تزداد كثافته كلما قل حجمه‏,‏ وقد لوحظ أن كثافة مادة النجوم تتفاوت بين واحد من مائة من متوسط كثافة الشمس‏(‏ المقدرة بنحو‏1,41‏ جرام للسنتيمتر المكعب‏)‏ في العماليق العظام ‏(Supergiants)
إلي طن واحد للسنتيمتر المكعب‏(610‏ جرام‏/‏سم‏3)‏ في الأقزام البيض‏(
White Dwarfs)الي بليون طن للسنتيمتر المكعب‏(1510‏ جرام‏/‏سم‏3)‏ في النجوم النيوترونية إلي أضعاف مضاعفة لتلك الكثافة في النجوم الخانسة الكانسة‏(‏ الثقوب السود‏).‏
ويمكن تعيين كتل النجوم خاصة الثنائية والثلاثية منها‏,‏ إما بصريا أو طيفيا بتطبيق قانون الجاذبية‏,‏ أو بتطبيق قوانين الازاحة الطيفية ‏(
Red Shift) (‏ انزياح أضواء النجوم إلي الطيف الأحمر‏),‏ وهناك علاقة بين كتلة النجم ودرجة اضاءته‏(‏ في مرحلة نجوم النسق الرئيسي‏),‏ أي بين كتلة المادة التي يحتويها النجم‏,‏ وبين كمية الطاقة المتولدة في جوفه‏,‏ فإذا كان النجم في حالة اتزان بين قوي الجذب إلي مركزه وقوي الدفع إلي الخارج‏(‏ أي لا يتمدد ولا ينكمش‏)‏ فإن جميع خواصه الفيزيائية تعتمد علي كل من كتلته وتوزيع العناصر الكيميائية في مادته‏.‏
وتعتبر كثافة النجم دالة قوية علي مرحلة تطوره‏,‏ فكلما زادت كثافة النجم‏,‏ كان أكبر عمرا وأقرب إلي نهايته من النجوم الأقل كثافة‏.‏
درجات حرارة النجوم
تتفاوت النجوم في درجة حرارة سطحها بين‏2300‏ درجة مطلقة في النجوم الحمراء‏,‏و وأكثر من خمسين ألف درجة مطلقة في النجوم الزرقاء‏,‏ ويتم قياس درجة حرارة سطح النجم بعدد من التقنيات التي منها قياسات لون النجم‏,‏ لإن إشعاعه يخضع لقوانين إشعاع الجسم الأسود ‏(Black BodyRadiation) فإذا كانت درجة حرارة النجم منخفضة نسبيا‏,‏ مالت معظم الإشعاعات التي يصدرها إلي اللون الأحمر‏,‏ وإذا كانت درجة حرارته عالية مالت إشعاعاته إلي الزرقة‏,‏ وتسمي درجة الحرارة المقاسة باسم درجة حرارة اللون‏(ColourTemperature)ومنها قياس شدة خطوط الامتصاص الطيفية لأشعة النجم في مراحل مختلفة من التأين والإثارة وتسمي درجة الحرارة المقاسة باسم درجة الحرارة الطيفية ‏(Spectral Temperature).‏
وتتفاوت النجوم أيضا في درجة حرارة جوفها بين عشرات الملايين في نجوم النسق الرئيسي‏,‏ ومئات البلايين من الدرجات المطلقة في المستعرات وما فوقها‏.‏
أقدار النجوم
هي مقاييس عددية تعبر عن درجة لمعان النجم‏,‏ وتقاس شدة الإضاءة الظاهرية للنجم بكمية الضوء الواصل منه إلي نقطة معينة في وحدة من وحدات الزمن‏,‏ والقدر الظاهري للنجم قيمة عددية لوغاريتمية تعبر عن شدة إضاءته الظاهرية بالنسبة لغيره من النجوم‏,‏ بمعني أن الأرقام الأقل تعبر عن درجة لمعان أعلي‏,‏ ويعتمد القدر الظاهري للنجم علي كمية الطاقة المنطلقة منه في الثانية‏(‏ القدر المطلق‏),‏ وعلي بعد النجم عنا‏,‏ ويمكن معرفة القدر المطلق للنجم بمعرفة بعده عن الأرض‏,‏ ويبلغ مدي القدر النجمي المطلق نحو‏27‏ درجة‏(‏ تتراوح بين‏-9‏ في أشدها لمعانا‏,‏ و‏+18‏ في أخفتها‏).‏
وتبلغ درجة لمعان الشمس‏(‏ قدرها المطلق‏)+5,‏ بينما يقترب ذلك من أقصي قدر‏(-9)‏ في كل من العماليق الحمر‏,‏ والعماليق العظام والمستعرات وما فوقها‏,‏ حيث تبلغ شدة إضاءة النجم أكثر من مليون ضعف إضاءة الشمس‏,‏ وتتدني شدة الإضاءة الي واحد من ألف من شدة إضاءة الشمس في النجوم المنكدرة من مثل الأقزام البيض‏,‏ والنجوم النيوترونية‏,‏ إلي الطمس الكامل والإظلام التام في النجوم الخانسة الكانسة‏(‏ الثقوب السود‏)‏ وأشباهها من الأجرام المستترة في ظلمة الكون‏.‏
التغير في أقدار النجوم أو‏(‏ النجوم المتغيرة‏)‏
بالإضافة إلي التباين الشديد في درجة لمعان النجوم‏,‏ فإن بعض النجوم العادية ‏(Main SequenceStars)
تتفاوت شدة إضاءة النجم الواحد منها من وقت إلي آخر‏,‏ عبر فترات زمنية تطول أو تقصر‏,‏ وبشكل مفاجيء أو بصورة هادئة متدرجة‏,‏ لا تكاد أن تدرك‏,‏ ولذلك عرفت باسم النجوم المتغيرة أو المتغيرات‏.‏
احتضار النجوم‏
يبدأ النجم العادي‏(‏ مرحلة النسق الرئيسي‏)‏ في الاحتضار‏,‏ بالتوهج الشديد علي هيئة عملاق أحمر ‏(RedGiant)
إذا كانت كتلته الابتدائية في حدود كتلة الشمس‏(‏ أو قريبة من ذلك‏),‏ أو علي هيئة عملاق أعظم ‏(
Supergiant)
اذا فاقت كتلته الابتدائية كتلة الشمس بعدة مرات‏,‏ وينشأ في الحالة الأولي نجم أزرق شديد الحرارة محاط بهالة من الإيدروجين المتأين‏(‏ أي الحامل لشحنة كهربية‏),‏ ويعرف باسم السديم الكوكبي
‏(
ThePlanetary Nebula)
الذي سرعان ما يتبرد وينكمش علي هيئة ما يعرف باسم القزم الأبيض‏,‏ وقد تدب الروح في القزم الأبيض فيعاود الانفجار علي هيئة عملاق أحمر‏,‏ ثم نخبو جذوته إلي قزم أبيض عدة مرات حتي ينتهي به العمر إلي الانفجار علي هيئة مستعر أعظم من النمط الأول ‏(
TypeI Supernova)

فتنتهي مادته وطاقته إلي دخان السماء لتدخل في دورة ميلاد نجم جديد‏.‏
وفي حالة النجوم فائقة الكتلة‏,‏ ينفجر نجم النسق الرئيسي علي هيئة عملاق أعظم‏,‏ الذي يعاود الانفجار علي هيئة مستعر أعظم من النمط الثاني‏,‏ عائدا إلي دخان السماء عودة جزئية‏,‏ ومكدسا جزءا كبيرا من كتلته علي هيئة نجم نيوتروني أو ثقب أسود‏(‏ نجم خانس كانس‏),‏ إما مباشرة أو عبر مرحلة النجم النيوتروني حسب الكتلة الابتدائية للنجم‏.‏
والمراحل المتأخرة من حياة النجوم مثل النجوم الزرقاء الحارة‏,‏ والنجوم النيوترونية‏,‏ والنجوم الخانسة الكانسة‏(‏ الثقوب السود‏),‏ وأشباه النجوم ترسل بوابل من الأشعة والجسيمات الكونية‏,‏ أو بأحزمة متصلة من الأشعة السينية أو الأشعة الراديوية عبر السماء الدنيا‏,‏ فتفقد من كتلتها باستمرار إلي دخان السماء‏.‏
ومن أهم هذه المراحل المتأخرة في حياة النجوم ما يعرف باسم النجوم النيوترونية النابضة أو النوابض‏,‏ وهي نجوم نيوترونية شديدة التضاغط ترسل بنبضات منتظمة من الأشعة الراديوية المتسارعة في كل جزء من الثانية‏,‏ أو في كل عدد قليل من الثواني‏,‏ وقد يصل عدد النبضات الي ثلاثين نبضة في الثانية‏,‏ ويعتمد عدد النبضات علي سرعة دوران النجم حول محوره‏,‏ حيث أنه من المعتقد أن كل دورة كاملة للنجم حول محوره تصاحبها نبضة من نبضات الموجات الراديوية التي تسجلها المقربات‏(‏ التليسكوبات‏)‏ الراديوية بوضوح تام‏.‏
كيفية تكون النجوم النيوترونية
يعتبر انفجار العماليق العظام علي هيئة مستعر أعظم من النمط الثاني‏,‏ واحدا من أعظم الانفجارات الكونية المروعة‏,‏ التي تؤدي إلي تدمير النجم وإلي تدمير كل ما يدور في فلكه أو يقع في طريق انفجاره من أجرام سماوية في زمن قياسي‏,‏ وذلك بتكون تيارات حمل عنيفة في داخل النجم تدفع بواسطة وابل غزير من النيوترينوات
Neutrino-Driven ConvectionCurrents
فتقوم بتكوين دوامات متفاوتة في أحجامها‏,‏ وفي شدة دورانها‏,‏ يؤدي تصادمها إلي مزيد من تفجير النجم‏,‏ وتندفع ألسنة اللهب بعنف شديد من داخل النجم إلي خارجه علي هيئة أصابع عملاقة ملتوية ومتكسرة‏,‏ وتظل طاقة النيوترينو تضخ في داخل النجم المتفجر لمسافة آلاف الكيلومترات في العمق‏,‏ مما يؤدي إلي تكرار عمليات الانفجار مرات عديدة حتي تخبو فتنطلق رياح عاتية مندفعة بتيار النيوترينو من نجم ذي كثافة فائقة قد تكون داخل حطام النجم المنفجر‏,‏ ويعرف هذا النجم الوليد باسم النجم النيوتروني الابتدائي‏,‏ والذي سرعان ما يتحول الي نجم نيوتروني عادي الحجم بجاذبية قليلة نسبيا‏,‏ ثم الي نجم نيوتروني شديد التضاغط بجاذبية عالية جدا‏,‏ وهو نجم ضئيل الحجم جدا‏,‏ سريع الدوران حول محوره مطلقا كمية هائلة من الأشعة الراديوية‏,‏ ولذا يعرف باسم النابض الراديوي‏(
RadioPulsar)‏
وباقي نواتج الانفجار تقذف إلي صفحة السماء علي هيئة موجات لافحة من الكتل الغازية الملتهبة‏,‏ تعرف باسم فضلات انفجار المستعرات العظمي‏,‏ وهذه الفضلات الدخانية قد تدور في مدارات حول نجوم أخري لتتخلق منها أجرام تتبع تلك النجوم‏,‏ أو قد تنتهي إلي المادة بين النجوم لتشارك في ميلاد نجوم جديدة‏.‏
ومن رحمة الله بنا أن مثل هذه الانفجارات النجمية المروعة والمدمرة والمعروفة باسم انفجار المستعر الأعظم‏
Supernova Explosion
قد أصبحت قليلة جدا بعد أن كانت نشطة في بدء الخلق كما تدل آثارها الباقية في صفحة السماء‏,‏ فلا يتعدي وقوعها اليوم مرة واحدة كل عدة قرون‏,‏ فحتي سنة‏1987‏ م لم يعرف الفلكيون سوي ثلاث حالات فقط مسجلة في التاريخ المدون‏,‏ وقعت إحداها في سنة‏1054‏ م‏,‏ وخلفت من ورائها نجما نيوترونيا نابضا في سديم السرطان ‏(
Crab Nebula)
الذي يبعد عنا بنحو ألف فرسخ فلكي‏(3,300‏ سنة ضوئية‏)‏ ويدور هذا النابض حول محوره ثلاثين مرة في كل ثانية مطلقا إشعاعا دوارا من الأشعة السينية‏.‏
وسجلت الثانية في سنة‏1604‏ م في مجرتنا‏(‏ درب اللبانة‏),‏ ولاتزال آثار هذا الانفجار باقية علي هيئة دوامات شديدة من الموجات الصدمية
‏(
Shock Waves)
التي يمكن رصدها‏,‏ ووقعت الثالثة في‏1987/2/24‏ م في سحب ماجيلان الكبيرة ‏(
The Large MagellanicClouds)‏
وهي إحدي المجرات المجاورة لمجرتنا‏.‏
والانفجار الواحد من هذه الانفجارات العظمي‏,‏ تفوق شدته الطاقة المنطلقة من جميع النجوم في مجرة كاملة‏,‏ ويكون الضوء المصاحب له أشد لمعانا من ضوء المجرة بالكامل‏,‏ ويتبقي عنه نفثات كونية من أشعة جاما ‏(
Cosmological Gamma Ray Bursts)‏ يطلق عليها اسم المرددات الدقيقة لأشعة جاما‏ .(Soft Gamma Ray Repeatersor SGRs)‏
التي تصدر انبثاقات هائلة من الأشعة السينية لتختفي ثم تظهر من جديد بعد عدة شهور‏,‏ أو عدة سنوات حسب بعدها عنا‏,‏ والنفثة الواحدة التي ينفثها واحد من تلك المرددات في ثانية واحدة تساوي كل ما تنفثه الشمس من الأشعة السينية في سنة كاملة من سنينا‏.‏
وفي سنة‏1992‏ م تمكن الفلكيون من اثبات أن مرددات الأشعة السينية تلك‏,‏ ما هي إلا نجوم نيوترونية شديدة المغنطة
‏(
Super Magnetized Neutron Stars)‏
أطلقوا عليها اسم الممغنطات ‏(
Magnetars)‏
وأثبتوا لها حقلا مغناطيسيا فائق الشدة‏,‏ تفوق شدته شدة جاذبية الحقل المغناطيسي للأرض بأكثر من ألف وخمسمائة مليون مليون مرة‏(1667‏ مليون مليون مرة‏),‏ وللشمس بنحو الألف مليون مليون مرة‏,‏ وهذه الممغنطات هي نجوم نيوترونية نابضة ‏(
Pulsating Neutron Starsor Pulsars)
تدور حول محورها بسرعات فائقة مطلقة الأشعة السينية بكميات غزيرة‏.‏
ما هو الطارق النجم الثاقب؟
ينطبق الوصف القرآني‏'‏ بالطارق النجم الثاقب‏'‏ علي مصادر الإشعاع الراديوي المميز بالسماء الدنيا ومن أهمها النجوم النيوترونية شديدة التضاغط ‏(Theultra-compactNeutronstars) والمعروفة باسم النجوم النابضة ‏(Pulsating Stars) أو النابضات أو النوابض ‏(Pulsars) وهي نجوم ذات كثافة وجاذبية فائقة وحجم صغير‏,‏ ولذا فإنها تدور حول محورها بسرعات فائقة مطلقة كميات هائلة من الموجات الراديوية ولذا تعرف باسم النوابض الراديوية ‏(Radio Pulsars)
لأنها ترسل نبضات منتظمة من الأشعة الراديوية في كل جزء من الثانية أو في كل عدد قليل من الثواني حسب حجمها‏,‏ وسرعة دورانها حول محورها‏,‏ وقد يصل عدد نبضات تلك النجوم إلي ثلاثين نبضة في الثانية الواحدة‏,‏ ويعتقد أن النابض الراديوي يطلق نبضة واحدة من الموجات الراديوية في كل دورة كاملة حول محوره‏,‏ وتسجل المقربات‏(‏ التليسكوبات‏)‏ الراديوية تلك النبضات بدقة فائقة‏.‏
ومن رحمة الله بنا أن أقرب النوابض الراديوية إلينا يبعد عنا بمسافة خمسة آلاف من السنين الضوئية‏,‏ و إلا لكان لنبضاتها المتسارعة أثر مدمر للحياة علي الأرض‏.‏
ومن مصادر الإشعاع الراديوي المتميز أيضا أشباه النحوم ‏(
Quasars)
وهي أجرام سماوية شديدة البعد عنا‏,‏ ضعيفة الإضاءة‏(‏ ربما لبعدها البالغ عنا‏),‏ ومنها مايطلق أقوي الموجات الراديوية المعروفة في السماء الدنيا‏,‏ ولذا تعرف باسم أشباه النجوم المصدرة للموجات الراديوية ‏(
Radio Sources Quasars)‏ تمييزا لها عن غيرها من أشباه النجوم التي لاتصدر موجات راديوية ‏(Radio-Quiet Quasi-Stellarobjects (QSOs) وعلي الرغم من بعدها الشاسع عنا فإن أشباه النجوم تتباعد عنا بسرعات فائقة‏,‏ وتعتبر أبعد ما قد تم رصده من أجرام السماء بالنسبة لنا‏,‏ وتبدو وكأنها علي أطراف السماء الدنيا تطرق أبوابها لتوصل إشاراتها الراديوية إلينا‏.‏
وأشباه النجوم في حالة من حالات المادة الخاصة غير المعروفة لنا‏,‏ وتقدر كتلة شبيه النجم بنحو مائة مليون ضعف كتلة الشمس‏,‏ وهو قليل الكثافة جدا إذ تقدر كثافته بحدود واحد من ألف مليون مليون من الجرام للسنتيمتر المكعب‏(1510/1‏ جم‏/‏سم‏3),‏ وتقدر الطاقة الناتجة عنه بمائة مليون مليون مرة قدر طاقة الشمس‏,‏ وقد تم الكشف عن حوالي ألف وخمسمائة من أشباه النجوم علي أطراف الجزء المدرك من الكون‏,‏ ويتوقع الفلكيون وجود آلاف أخري منها لم تكتشف بعد‏.‏
وكلتا المرحلتين من مراحل حياة النجوم‏:‏
النوابض الراديوية ‏(Radio Pulsars)‏ وأشباه النجوم الراديوية ‏(Radio Quasars) يعتبر من أهم المصادر الراديوية ‏(Radio Sources) في السماء الدنيا‏,‏ وكلتاهما من مراحل احتضار النجوم وانكدارها التي تسبق الطمس والخنوس‏,‏ كما في حالة النوابض‏,‏ أو من مراحل التحول إلي دخان السماء اللاحقة علي مرحلة الخنوس كما في حالة أشباه النجوم‏.‏
ولعل هذه المراحل الراديوية المتميزة في ختام حياة النجوم هي المقصودة بالوصف القرآني الطارق النجم الثاقب لأنها تطرق صفحة السماء وتثقب صمتها بنبضاتها السريعة التردد‏,‏ وموجاتها الراديوية الخاطفة‏,‏ والله تعالى أعلم‏.‏
وإن في سبق القرآن الكريم بالإشارة إلي تلك المراحل من حياة النجوم والتي لم يعرفها الإنسان إلا في العقود المتأخرة من القرن العشرين لهو من الشهادات الناطقة بربانية القرآن الكريم‏,‏ وبنبوة خاتم الأنبياء والمرسلين‏(‏ صلي الله وسلم وبارك عليه وعلي آله وصحبه أجمعين‏),‏ الذي تلقي هذا الوحي الخاتم من قبل ألف وأربعمائة من السنين بهذه الدقة العلمية المبهرة في مجتمع لم يكن له من العلم أي نصيب‏.‏
وبعد هذا القسم بالسماء والطارق يأتي جواب القسم‏:‏
إن كل نفس لما عليها حافظ ‏(‏ الطارق‏:4)‏
أي أن كل نفس عليها من الله‏(‏ تعالى‏)‏ حافظ موكل بها من الملائكة‏,‏ يحفظها بأمر الله‏,‏ ويحفظ عنها بأمر الله كذلك‏,‏ في مراقبة دائمة‏,‏ فكما يصلنا طرق النوابض وأشباه النجوم عبر بلايين السنين الضوئية تعرج أعمالنا لحظة بلحظة إلي الله‏(‏ تعالى‏)‏ علام الغيوب الذي لا تخفي عليه خافية في الأرض ولا في السماء‏!!‏
ثم أتبع تعالى ذلك بدعوة الإنسان‏(‏ في نفس السورة‏)‏ إلي النظر في نشأته الأولي كي يعلم أن خالقه قادر علي إعادة بعثه‏,‏ وعلي محاسبته وجزائه‏,‏ فيجتهد في عمل الخير حتى يجد ما ينجيه في الآخرة‏,‏ حيث إن الأمر ليس بالهزل‏,‏ ولذلك يختتم السورة الكريمة بعدد من الآيات الكونية الأخرى وبقوله تعالى‏:‏ إنه لقول فصل‏*‏ وما هو بالهزل‏*‏
ثم بإنذار ووعيد للكافرين بالله والمشركين به والمتمردين علي أوامره‏(‏ تعالى‏)‏ بهذا الجزم الآلهي القاطع‏:‏
‏(‏ إنهم يكيدون كيدا‏*‏ وأكيد كيدا‏*‏ فمهل الكافرين أمهلهم رويدا‏*)‏‏(‏ الطارق‏:17‏ ـ‏19)‏.
  #963  
قديم 11-11-2013, 07:22 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو

البناء الكوني كلمات قرآنية يردّدها علماء الغرب

إعداد المهندس عبد الدائم الكحيل
كاتب متخصص في الإعجاز العلمي في القرآن
ملخص البحث
لقد بدأ علماء الكون حديثاً بإطلاق مصطلحات غريبة، فالصور التي رسمتها أجهزة السوبر كومبيوتر في القرن الحادي والعشرين أظهرت الكون وكأن المجرات فيه لآلِئ تزين العقد! ولذلك فهم يتحدثون اليوم عن زينة السماء بهذه المجرات، وأن هنالك نسيجاً كونياً تتوضع المجرات على خيوطه!! كذلك اكتشفوا أن الكون بناء محكم لا فراغ فيه فأطلقوا مصطلح "بناء" بدلاً من "فضاء"، لقد اكتشفوا أشياء كثيرة وما زالوا. وكل يوم نجدهم يطلقون أبحاثاً جديدة وينفقون بلايين الدولارات في سبيل هذه الاكتشافات، بل ويؤكدون هذه الاكتشافات عبر آلاف الأبحاث العلمية.
والعجيب جداً أن القرآن الكريم تحدث بدقة فائقة عن كل هذه الأمور! والدلائل التي سنشاهدها ونلمسها من خلال هذا البحث هي حجّة قوية جداً على ذلك. وسوف نضع أقوال أهم الباحثين على مستوى العالم بحرفيتها، وبلغتهم التي ينشرون بها أبحاثهم، ومن على مواقعهم على الإنترنت، والتي يمكن لكل إنسان أن يرى هذه الأقوال مباشرة. ونتأمل بالمقابل كلام الله الحقّ عزّ وجلّ، ونقارن ونتدبّر دون أن نحمِّل هذه الآيات ما لا تحتمله من التأويلات أو التفسيرات.
سوف نرى التطابق الكامل بين ما يكشفه العلم اليوم وبين ما تحدث عنه القرآن قبل قرون طويلة. وفي هذا إثبات على صدق قول الحق تبارك وتعالى:(أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا) [النساء: 82].
مقدمة
إن أروع اللحظات هي تلك التي يكتشف فيها المؤمن معجزة جديدة في كتاب الله تعالى، عندما يعيش للمرة الأولى مع فهم جديد لآية من آيات الله، عندما يتذكر قول الحقّ عزَّ وجلَّ: (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) [النمل: 93]. وفي هذا البحث سوف نعيش مع آية جديدة ومعجزة مبهرة وحقائق يقينية تحدث عنها القرآن قبل أربعة عشر قرناً، ويأتي علماء الغرب اليوم في القرن الحادي والعشرين ليردِّدوها بحرفيتها!!
ولا نعجب إذا علمنا أن العلماء قد بدءوا فعلاً بالعودة إلى نفس التعبير القرآني! وهذا الكلام ليس فيه مبالغة أو مغالطة، بل هو حقيقة واقعة سوف نثبتها وفق مبدأ بسيط (من فَمِكَ أُدينُك). وفي هذا رد على كل من يدعي بأن القرآن ليس معجزاً من الناحية العلمية والكونية.
فقد كانت تستوقفني آيات من كتاب الله تعالى لا أجد لها تفسيراً منطقياً أو علمياً، وبعد رحلة من البحث بين المواقع العلمية وما يجدّ من اكتشافات في علوم الفلك والفضاء والكون، إذا بي أُفاجأ بأن ما يكتشفه العلماء اليوم قد تحدث عنه القرآن بمنتهى الوضوح والدقة والبيان.
ولكن هذه المرة حدث العكس، فقد لاحظتُ شيئاً عجيباً في الأبحاث الصادرة عن تركيب الكون ونشوئه وبنائه. فقد بدأ علماء الفلك حديثاً باستخدام كلمة جديدة وهي: (بناء). فعندما بدأ العلماء باكتشاف الكون أطلقوا عليه كلمة (فضاء) أي space، وذلك لظنّهم بأن الكون مليء "بالفراغ". ولكن بعدما تطورت معرفتهم بالكون واستطاعوا رؤية بنيته بدقة مذهلة، ورأوا نسيجاً كونياً cosmic webمحكماً ومترابطاً، بدءوا بإطلاق مصطلح جديد هو (بناء) أي building.
إنهم بالفعل بدءوا برؤية بناء هندسي مُحكم، فالمجرات وتجمعاتها تشكل لبنات هذا البناء، كما بدءوا يتحدثون عن هندسة بناء الكون ويطلقون مصطلحات جديدة مثل الجسور الكونية، والجدران الكونية، وأن هنالك مادة غير مرئية سمّوها بالمادة المظلمة أي dark matter، وهذه المادة تملأ الكون وتسيطر على توزع المجرات فيه، وتشكل جسوراً تربط هذه المجرات بعضها ببعض(1).
انتقادات واهية
صدرت بعض المقالات مؤخراً يتساءل أصحابُها: إذا كانت هذه الحقائق العلمية والكونية موجودة في القرآن منذ 1400 سنة، فلماذا تنتظرون الغرب حتى يكتشفها ثم تقولون إن القرآن قد سبقهم للحديث عنها؟ ولماذا تحمّلون النص القرآني ما لا يحتمل من التأويل والتفسير؟
والجواب نجده في نفس الآيات التي جاء فيها التطابق بين العلم والقرآن، فهذه الآيات موجهة أساساً للملحدين الذين لا يؤمنون بالقرآن، خاطبهم بها الله تعالى بأنهم هم من سيرى هذه الحقائق الكونية وهم من سيكتشفها. لذلك نجد البيان الإلهي يقول لهم: (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) [فصلت: 53].
هذه الآية الصريحة تخاطب أولئك الذين يشككون بالقرآن، وأن الله سيريهم آياته ومعجزاته حتى يدركوا ويستيقنوا أن هذا القرآن هو الحق، وأنه كتاب الله تعالى. ويخاطبهم أيضاً بل ويناديهم بقوله تعالى: (أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً) [النساء: 82]. إذن لو كان هذا القرآن من عند بشر غير الله تعالى، لرأينا فيه الاختلافات والتناقضات، ولكن إذا رأيناه موافقاً ومطابقاً للعلم الحديث ولا يناقضه أبداً، فهذا دليل على أنه صادر من الله تبارك وتعالى فهو خالق الكون وهو منزِّل القرآن.
وهذا هو هدف الإعجاز العلمي، أن نرى فيه التناسق في كل شيء، ولا نجد فيه أي خلل أو خطأ أو تناقض، وهذه مواصفات كتاب الله تعالى. بينما كتب البشر مهما أتقنها مؤلفوها سيبقى فيها التناقض والاختلاف والأخطاء. وأكبر دليل على صدق هذه الحقيقة القرآنية أن العلماء بدءوا يغيرون مصطلحاتهم الكونية: مثل (فضاء) إلى (بناء). إذن هم اكتشفوا أنهم مخطئون في هذه التسمية فعدلوا عنها إلى ما هو أدق وأصحّ منها بعدما اكتشفوا المادة المظلمة. ولكن القرآن المنزَّل من الذي يعلم أسرار السماوات والأرض، أعطانا التعبير الدقيق مباشرة، وهذا ما سنراه الآن.
إن هذه الاكتشافات لو تمَّت على أيدي مؤمنين ثم قالوا إنها موجودة في القرآن إذن لشكَّك الملحدون بمصداقيتها، وقالوا بأنها غير صحيحة. ولكن المعجزة أنك تجد من ينكر القرآن يردِّد كلمات هذا القرآن وهو لا يشعر!!
وفي هذا إعجاز أكبر مما لو تمَّ الاكتشاف على أيدي المؤمنين. ولو تتبعنا آيات القرآن الكونية نجدها غالباً ما تخاطب الملحدين البعيدين عن كتاب الله والمنكرين لكلامه تبارك وتعالى. فالمؤمن يؤمن بكل ما أنزل الله تعالى، وهذه الحقائق العلمية تزيده يقيناً وإيماناً بخالقه سبحانه وتعالى. أما الملحد فيجب عليه أن ينظر ويتأمل ليصل إلى إيمان عن قناعة، وليدرك من وراء هذه الحقائق صدق هذا الدين وصدق رسالة الإسلام.
تطور الحقائق العلمية
في القرن السابع الميلادي عندما نزل القرآن الكريم، كان الاعتقاد السائد عند الناس أن الأرض هي مركز الكون وأن النجوم والكواكب تدور حولها. لم يكن لأحد علم ببنية الكون، أو نشوئه أو تطوره. لم يكن أحد يتخيل الأعداد الضخمة للمجرات، بل لم يكن أحد يعرف شيئاً عن المجرات. وبقي الوضع كما هو حتى جاءت النهضة العلمية الحديثة، عندما بدأ العلماء بالنظر إلى السماء عبر التليسكوبات المكبرة، وتطور علم الفضاء أكثر عندما استخدم العلماء وسائل التحليل الطيفي لضوء المجرات البعيدة. ثم بدأ عصر جديد عندما بدأ هؤلاء الباحثون باستخدام تقنيات المعالجة بالحاسوب للحصول على المعلومات الكونية.
ولكن وفي مطلع الألفية الثالثة، أي قبل خمس سنوات من تاريخ كتابة هذه المقالة، دخل علم الفضاء عصراً جديداً باستخدام السوبر كومبيوتر، عندما قام العلماء برسم مخطط للكون ثلاثي الأبعاد، وقد كانت النتيجة اليقينية التي توصل إليها العلماء هي حقيقة أن كل شيء في هذا الكون يمثل بناءً محكماً.
"لبنات بناء"
وهذا مثال على كلمات رددها علماء غربيون حديثاً وهي موجودة في القرآن قبل مئات السنين. ففي أحد الأبحاث التي أطلقها المرصد الأوروبي الجنوبي يصرح مجموعة من العلماء بأنهم يفضلون استخدام كلمة (لبنات بناء من المجرات) بدلاً من كلمة (المجرات)، ويؤكدون أن الكون مزيَّن بهذه الأبنية تماماً كالخرز المصفوفة على العقد أو الخيط!!
شكل (1) عندما نتأمل السماء من فوقنا نجدها تزدحم بالنجوم والمجرات والغبار والغاز والدخان الكوني. إن الدخان الكوني سوف يتحول إلى نجم لامع، إن العلماء اليوم يدرسون كيفية تشكل هذه النجوم والمجرات بدقة مذهلة، أي هم يدرسون كيف تم بناء الكون، أي هم ينظرون إلى السماء ويدرسون كيفية بنائها، والسؤال: أليست هذه الدراسة هي تطبيق لقول الله تعالى: (أَفَلَمْ يَنظُرُوا إِلَى السَّمَاء فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا)؟
ففي هذا البحث يقول بول ميلر وزملاؤه:
"The first galaxies or rather, the first galaxy building blocks, will form inside the threads of the web. When they start emitting light, they will be seen to mark out the otherwise invisible threads, much like beads on a string".
وهذا معناه: "إن المجرات الأولى، أو بالأحرى لبنات البناء الأولى من المجرات، سوف تتشكل في خيوط النسيج. وعندما تبدأ ببث الضوء، سوف تُرى وهي تحدّد مختلف الخيوط غير المرئية، وتشبه إلى حد كبير الخرز على العقد" (2).
وبعد أن أبحرتُ في الكثير من المقالات والأبحاث العلمية والصادرة حديثاً حول الكون وتركيبه، تأكدتُ أن هذا العالم ليس هو الوحيد الذي يعتقد بذلك، بل جميع العلماء يؤكدون حقيقة البناء الكوني، ولا تكاد تخلو مقالة أو بحث من استخدام مصطلح بنية الكون structure of universe.
وهذا يدل على أن العلماء متفقون اليوم على هذه الحقيقة العلمية، أي حقيقة البناء. وذهبتُ مباشرة إلى كتاب الحقائق – القرآن، وفتَّشتُ عن كلمة البناء وما هي دلالات هذه الكلمة، وكانت المفاجأة أن هذه الكلمة وردت كصفة للسماء في قوله تعالى: (اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَاراً وَالسَّمَاء بِنَاء وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) [غافر: 64]. وفي آية أخرى نجد قوله أيضاً: (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً) [البقرة: 22].

وسبحان الله تعالى! كلمة يستخدمها القرآن في القرن السابع، ويأتي العلماء في القرن الحادي والعشرين ليستخدموا نفس الكلمة بعدما تأكدوا وتثبَّتوا بأن هذه الكلمة تعبِّر تعبيراً دقيقاً عن حقيقة الكون وأنه بناء محكم، فهل هذه مصادفة أم معجزة؟!
شكل (2) تظهر الصور الملتقطة حديثاً للكون وجود مادة مظلمة لا تُرى اتضح أنها تشكل أكثر من 95% من البناء الكوني. وأن كل ما نراه من مجرات وغبار وغاز ودخان كوني لا يشكل إلا أقل من 5 % من الكون. وهذه المجرات تظهر بألوان زاهية ومتنوعة ويشبهها العلماء اليوم بأنها كاللآلئ التي تزين العقد! وأن المادة والطاقة يملآن الكون فلا وجود للفراغ. إذن الحقيقة الكونية اليقينية التي يراها العلماء اليوم يمكن تلخيصها: "الكون هو بناء، وهو مزيَّن، ولا يوجد فيه فراغ أو شقوق". والعجيب أن القرآن قد سبق هؤلاء العلماء ولخص لنا هذه الحقائق في آية واحدة في قوله تعالى: (أَفَلَمْ يَنظُرُوا إِلَى السَّمَاء فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وزَيَّنَّاهَا وما لها مِنْ فُرُوجٍ)؟
لآلئ تزيِّن العقد!
وفي أقوال العلماء عندما تحدثوا عن البناء الكوني نجدهم يتحدثون أيضاً عن تشبيه جديد وهو أن المجرات وتجمعاتها تشكل منظراً رائعاً بمختلف الألوان الأزرق والأصفر والأخضر مثل الخرز على العقد، أو مثل اللآلئ المصفوفة على خيط. أي أن هؤلاء العلماء يرون بناءً وزينةً.
ففي إحدى المقالات العلمية نجد كبار علماء الفلك في العالم يصرحون بعدما رأوا بأعينهم هذه الزينة:
وهذا معناه: "يقول العلماء: إن المادة في الكون تشكل نسيجاً كونياً، تتشكل فيه المجرات على طول الخيوط للمادة العادية والمادة المظلمة مثل اللآلئ على العقد" (3).
إذن في أبحاثهم يتساءلون عن كيفية بناء الكون، ثم يقررون وجود بناء محكم، ويتحدثون عن زينة هذا البناء. ويقررون أن الكون يمتلئ بالمادة العادية المرئية والمادة المظلمة التي لا تُرى، أي لا وجود للفراغ أو الشقوق أو الفروج فيه.
وقد كانت المفاجأة الثانية عندما وجدتُ أن القرآن يتحدث بدقة تامة وتطابق مذهل عن هذه الحقائق في آية واحدة فقط!!! والأعجب من ذلك أن هذه الآية تخاطب الملحدين الذين كذبوا بالقرآن، يخاطبهم بل ويدعوهم للنظر والتأمل والبحث عن كيفية هذا البناء وهذه الزينة الكونية، وتأمل ما بين هذه الزينة كإشارة إلى المادة المظلمة، تماماً مثلما يرون!!! يقول تعالى: (أَفَلَمْ يَنظُرُوا إِلَى السَّمَاء فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ) [ق: 6 ]. والفروج في اللغة هي الشقوق كما في معجم لسان العرب.
وتأمل أخي القارئ كيف يتحدث هؤلاء العلماء في أحدث اكتشاف لهم عن كيفية البناء لهذه المجرات، وكيف تتشكل وكيف تُزين السماء كما تزين اللآلئ العقد، وتأمل أيضاً ماذا يقول البيان الإلهي مخاطباً هؤلاء العلماء وغيرهم من غير المؤمنين: (أَفَلَمْ يَنظُرُوا إِلَى السَّمَاء فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ) [ق: 6 ]. حتى الفراغ بين المجرات والذي ظنّه العلماء أنه خالٍ تماماً، اتضح حديثاً أنه ممتلئ تماماً بالمادة المظلمة، وهذا يثبت أن السماء خالية من أية فروج أو شقوق أو فراغ.
كلمات قرآنية في مصطلحات الغرب!
وسبحان الذي أنزل هذا القرآن! الحقُّ تعالى يطلب منهم أن ينظروا إلى السماء من فوقهم، ويطلب منهم أن يبحثوا عن كيفية البناء وكيف زيَّنها، وهم يتحدثون عن هذا البناء وأنهم يرونه واضحاً، ويتحدثون عن شكل المجرات الذي يبدو لهم كالخرز الذي يزين العقد. ونجدهم في أبحاثهم يستخدمون نفس كلمات القرآن!
ففي المقالات الصادرة حديثاً نجد هؤلاء العلماء يطرحون سؤالاً يبدءونه بنفس الكلمة القرآنية (كيف) how، وعلى سبيل المثال مقالة بعنوان: "How Did Structure Form in the Universe?" ، أي "كيف تشكل البناء الكوني". لقد استخدم هذا العالم نفس الكلمة القرآنية وهي كلمة (كيف) ولو قرأنا هذه المقالة نجد أنها تتحدث عن بنية الكون وهو ما تحدثت عنه الآية (كَيْفَ بَنَيْنَاهَا)!
حتى إننا نجد في القرن الحادي والعشرين الجوائز العالمية تُمنح تباعاً في سبيل الإجابة عن هذا سؤال طرحه القرآن في القرن السابع أي قبل أربعة عشر قرناً، أليس هذا إعجازاً مبهراً لكتاب الله تعالى؟!
ولكن الذي أذهلني عندما تأملتُ مشتقات هذه الكلمة أي (بناء)، أن المصطلحات التي يستخدمها العلماء وما يؤكدونه في أبحاثهم وما يرونه يقيناً اليوم، قد سبقهم القرآن إلى استخدامه، وبشكل أكثر دقة ووضوحاً وجمالاً.
ولو بحثنا في كتاب الله جل وعلا في الآيات التي تناولت بناء الكون، لوجدنا أن البيان الإلهي يؤكد دائماً هذه الحقيقة أي حقيقة البناء القوي والمتماسك والشديد. يقول تعالى: (أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا) [النازعات: 27]. والعلماء يؤكدون أن القوى الموجودة في الكون تفوق أي خيال. ويمكن مراجعة الروابط في نهاية البحث لأخذ فكرة عن ضخامة القوى التي تتحكم بالكون، مثلاً الطاقة المظلمة! بل إن الله عز وجل قد أقسم بهذا البناء فقال: (وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا) [الشمس: 5]. والله تعالى لا يُقسم إلا بعظيم.
وهذا هو أحد العلماء يؤكد أن الكون بأكمله عبارة عن بناء عظيم فيقول:
ومعنى هذا: " إن من أكثر الحقائق وضوحاً حول الكون أنه يُظهر غِنىً في البناء على كافة المقاييس من الكواكب والنجوم والمجرات وحتى تجمعات المجرات والتجمعات المجرية الكبيرة الممتدة لمئات الملايين من السنوات الضوئية" (4).
شكل (3) جدار من النجوم والدخان الكوني يبلغ طوله 1500 سنة ضوئية، هذا الجدار يوجد منه الملايين في الكون، إن الذي يتأمل اكتشافات العلماء في الكون وحديثهم عن وجود جدران كونية وجسور كونية تربط بينها يستنتج بأن الكون هو بناء هندسي عظيم. وسبحان الذي حدثنا عن هذا البناء قبل أن يكتشفه علماء الغرب بقرون طويلة فقال: (والسماءَ بناءً) [البقرة: 22]. وكلمة (بناء) الواردة في هذه الآية هي ذاتها التي يستخدمها العلماء اليوم "building".
وهنا نتوقف لحظة ونتأمل
هؤلاء العلماء ينكرون كلام الله وهو القرآن، ويقولون إنه من صنع محمد صلى الله عليه وسلم. وربما لا يؤمنون بوجود خالق لهذا الكون، فهم في تخبّط واختلاط. والعجيب أن الله تعالى يصف حالهم هذه في قوله عزّ وجلّ: (بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ) [ق: 5]. أي أن هؤلاء المكذبين بالقرآن وهو الحقّ، هم في حيرة واختلاط من أمرهم.
على الرغم من ذلك يدعوهم الله تعالى في الآية التالية مباشرة للنظر والتأمل في كيفية بناء وتزيين الكون، ويؤكد لهم أنه هو الذي بنى هذه المجرات وهو الذي جعلها كالزينة للسماء (كَيْفَبَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا) ، بل ويسخر لهم أسباب هذا النظر وأسباب هذه الاكتشافات، وذلك ليستدلوا بهذا البناء على الباني سبحانه وتعالى. وليخرجوا من حيرتهم وتخبُّطهم ويتفكروا في هذا البناء الكوني المتناسق والمحكم، ليستيقنوا بوجود الخالق العظيم تبارك وتعالى. والسؤال: أليست هذه دعوة من الله تعالى بلغة العلم للإيمان بهذا الخالق العظيم؟
إن الدين الذي يتعامل مع غير المسلمين بهذا المنهج العلمي للإقناع، هل هو دين تخلف وإرهاب، أم دين علم وتسامح وإقناع؟!! ألا نرى في خطاب الله تعالى لغير المسلمين خطاباً علمياً قمَّةَ التسامح حتى مع أعداء الإسلام؟ أليس الإعجاز العلمي أسلوباً حضارياً للدعوة إلى الله تعالى؟
إذا كان الإعجاز العلمي والذي هو الأسلوب الذي تعامل به القرآن مع أعدائه ودعاهم للنظر والتدبر، إذا كان هذا الإعجاز ـ كما يقول البعض ـ وسيلة غير ناجحة للدعوة إلى الله تعالى، إذن ما هي الوسيلة التي نخاطب بها الملحدين في عصر العلم والمادة الذي نعيشه اليوم؟
في رحاب التفسير
قال الإمام الطبري رحمه الله تعالى، وقوله: (أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها) يقول تعالى ذكره : أفلم ينظر هؤلاء المكذبون بالبعث بعد الموت المنكرون قدرتننا على إحيائهم بعد بلائهم، (إلى السماء فوقهم كيف بنيناها) فسوَّيناها سقفاً محفوظاً، وزيَّناها بالنجوم؟ (وما لها من فروج) يعني : وما لها من صدوع وفتوق . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
وقال الإمام القرطبي رحمه الله: التفسير قوله تعالى : (أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم) نظر اعتبار وتفكر وأن القادر على إيجادها قادر على الإعادة (كيف بنيناها) فرفعناها بلا عمد (وزيناها) بالنجوم (وما لها من فروج) جمع فرج وهو الشق. وقال الكسائي ليس فيها تفاوت ولا اختلاف ولا فتوق.
وفي تفسير الطبري رحمه الله تعالى،نجده يقول: القول في تأويل قوله: (والسماء بناءً). قال أبو جعفر: وإنما سميت السماء سماءً لعلوِّها على الأرض وعلى سكانها من خلقه، وكل شيء كان فوق شيء آخر فهو لما تحته سماة. ولذلك قيل لسقف البيت: سماوة، لأنه فوقه مرتفع عليه. فكذلك السماء سميت للأرض سماء، لعلوِّها وإشرافها عليها. وعن قتادة في قول الله: (والسماء بناء)، قال: جعل السماء سقفاً لك.
ونتساءل الآن: أليس ما فهمه المفسرون رحمهم الله تعالى من هذه الآيات، هو ما يكتشفه العلماء اليوم؟ أليست المادة تملأ الكون؟ أليست النجوم والمجرات كالزينة في السماء؟ أليست هذه السماء خالية من أي فروج أو شقوق أو فراغات؟ وهذا يؤكد وضوح وبيان النص القرآني وأن كل من يقرأ كتاب الله تعالى، يدرك هذه الحقائق كلٌّ حسب اختصاصه وحسب معلومات عصره.
أوجه الإعجاز والسبق العلمي للآيات
تساؤلات نكررها دائماً: لو كان القرآن من تأليف محمد عليه صلوات الله وسلامه، إذن كيف استطاع وهو النبي الأمي أن يطرح سؤالاً على الملحدين ويدعوهم للنظر في كيفية بناء الكون؟ كيف حدَّد أن النجوم تزين السماء؟ ومن أين أتى بمصطلح علمي دقيق مثل "بناء"؟ كيف علم بأن الكون لا يوجد فيه أية فراغات أو شقوق أو فروج أو تفاوت؟ من الذي علَّمه هذه العلوم الكونية في عصر الخرافات الذي عاش فيه؟
إن وجود تعابير علمية دقيقة ومطابقة لما يراه العلماء اليوم دليل على إعجاز القرآن الكوني، ودليل على السبق العلمي لكتاب الله تعالى في علم الفلك الحديث. وفي كتاب الله تعالى نجد أن كلمة (بناء) ارتبطت دائماً بكلمة (السماء). وكذلك ارتبطت بزينة الكون وتوسعه، يقول تعالى:(وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ) [الذاريات: 47]. والعجيب أننا لا نكاد نجد بحثاً حديثاً يتناول البناء الكوني، إلا ونجدهم يتحدثون فيه عن توسع الكون!! وهذا ما فعله القرآن تماماً في هذه الآية العظيمة عندما تحدث عن بنية الكون (بَنَيْنَاهَا) وعن توسع الكون (لَمُوسِعُونَ).
أي أن القرآن هو أول كتاب ربط بين بناء الكون وتوسعه. وسؤالنا من جديد: ماذا يعني أن نجد العلماء يستخدمون التعبير القرآني بحرفيَّته؟ إنه يعني شيئاً واحداً وهو أن الله تعالى يريد أن يؤكد لكل من يشكّ بهذا القرآن، أنهم مهما بحثوا ومهما تطوروا لا بدّ في النهاية أن يعودوا للقرآن!
هنالك إشارة مهمة في هذه الآيات وهي أنها حددت من سيكتشف حقيقة البناء الكوني، لذلك وجَّهت الخطاب لهم. ففي جميع الآيات التي تناولت البناء الكوني نجد الخطاب للمشككين بالقرآن، ليتخذوا من اكتشافاتهم هذه طريقاً للوصول إلى الله واليقين والإيمان برسالته الخاتمة.
واستمع معي إلى هذا البيان الإلهي : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ * وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ) [البقرة: 21-24].
ــــــــــــ
بقلم عبد الدائم الكحيل
www.kaheel7.com/ar

الهوامش
(1) المادة المظلمة هي مادة تملأ أكثر من 95 % من الكون، وهي لا تُرى أبداً ولكن هنالك دلائل كثيرة تؤكد وجودها.
(2) مقالة بعنوان "ملامح النسيج الكوني" لثلاثة من علماء الغرب الأكثر شهرة في هذا المجال وهم: عالم الفلك بول ميلر من معهد الفيزياء الفلكية بألمانيا وجون فينبو من نفس المعهد، وبارن تومسون من معهد الفيزياء والفلك بالدانمارك، ويمكن للقارئ الكريم الاطلاع على تفاصيل هذا الاكتشاف على موقع المرصد الأوروبي الجنوبي بألمانيا: www.eso.org
(3) انظر مقالة حديثة حول كيفية تشكل الكون وبنائه منشورة على الموقع:
www.govertschilling.nl
(4) انظر خبر بعنوان: "كيف تشكل البناء الكوني" جائزة كارفورد لعام 2005 والصادرة عن الأكاديمية السويدية الملكية للعلوم، والمقالة هي للباحثين الثلاثة: جيمس كان وجيمس بيبلس من جامعة برينستون الأمريكية، ومارتين ريز من معهد الفلك في جامعة كامبريدج البريطانية. هذه المقالة متوفرة على موقع الأكاديمية السويدية: www.kva.se
  #964  
قديم 11-11-2013, 07:24 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو

الأنهار في القرآن

بقلم الأستاذ الدكتور حسني حمدان حمامة
أستاذ علوم الأرض في جامعة المنصورة
يقول الحق تبارك وتعالى: قال الله تعالى:(أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَّابِيًا وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاء حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِّثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ )[سورة الرعد].
أي أن الله أنزل من السماء مطراً فأخذ كل واد (Channel)بحسبه، فهذا كبير وسع كثيراً من الماء، وهذا صغير وسع بقدر، جاء على وجه الماء الذي سال في هذه الأودية زبد (Foam)عال عليه. وكان من حمولة السيل ما يسبك في النار من حلية (Ornament)ذهب وفضة ونحاس طلباً للزينة، أو ما يجعل منه متاعاً. وتشير الآية إلى وجوه عدة، نذكر منها ما يلي:
1. رتبة النهر: يشير قول الله تعالى:( فسالت أودية بقدرها) إلى ما يعرف في العلم برتبة الأنهار (Steam order)، حيث تصب الأنهار الصغيرة في الأنهار الكبيرة، وبذلك توجد أنهار رئيسية وروافد لها. والنهر ذو الرتبة الأولى First Order stream لا يتبعه روافد، والنهر ذو الرتبة الثانية ينشأ من التقاء نهرين من أنهار الرتبة الأولى، وهكذا بقية الرتب.
2. حمولة النهر: تحتوي معظم أنهار العالم الكبيرة ما يقرب من 110ـ 120جزء من المليون من الأيونات الذائبة (Dissolved Ions)،أي أن كل لتر من ماء الأنهار يحتوي على 1/10من الجرم من المواد الذائبة. وتحمل أغلب أنهار العالم الجزء الأكبر من حمولتها في هيئة معلقات (Suspended Loads).
وتوجد حمولة القاع (Bed Load)على هيئة حمولة متدحرجة (Rolling)أو منزلقة (Sliding)أو منقذفة (Saltation).
الشكل التالي يحدد عدد مستويات الروافد التي تصب في النهر. الشكل التالي يبين بعض أشكال الأنهار الصغيرة التي تصب في الأنهار الكبيرة كما يظهر تنوع رتب الأنهار بحسب المجرى
ومما لا شك فيه أن معظم الحمولة سواء كانت معلقة أو حتى الذائبة، بالإضافة إلى حمولة القاع، مصيرها أن تستقر على القاع بعملية الترسيب، مكونة الرواسب المختلفة التي تتماسك بعد ترسيبها، وتتكون الصخور الرسوبية.
وتلك الحمولة المستقرة تتحدث عنها الآية الكريمة (وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض).
وتعطي الآية السابقة مدخلاً لدراسة كل من:
أ‌- رواسب المكث (Placer deposits)(ابتغاء حلية):
توجد علاقة حميمة بين الذهب والصخور النارية. ويتم تركيز الذهب بطريقة ميكانيكية، فعلى سبيل المثال يقوم نهر النيل بتركيز الذهب الذي تحمله المياه من جبال الحبشة، وأيضاً تقوم الأودية التي تسيل بالمياه بتركيز الذهب من المناطق الجبلية التي تخترقها. ويتركز الذهب ومعه كثير من المعادن الثقيلة ذات الأوزان النوعية العالية مثل الفضة والجارنت والروتيل والفلورايت وغيرها، حيث تمكث في قاع النهر. ففي الولايات المتحدة الأمريكية يستخرج الذهب بنسبة 5 ـ 10 من الإنتاج من رواسب المكث.
ب‌- الرواسب والصخور الرسوبية (Sediments and Sedimentary Rocks)(وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض).
تتكون الرواسب النوعية مثل رواسب المكث السابقة في قاع النهر أو على شاطئ البحر. وتكون الرواسب بصفة عامة الأرضية الخصبة في دلتا الأنهار، وقد تحتوي ثروات الغاز كمصدر مهم من مصادر الطاقة. ويتسع مدلول قوله تعالى : (ما ينفع الناس) ليشمل رواسب الرمل المستخدمة في صناعة الزجاجيات، ومواد البناء، وكذا رواسب الطين المستخدمة في صناعة الخزفيات والأسمنت وغيرها، ويتسع مفهوم المنفعة إلى الرواسب التي تحملها الأنهار إلى قاع البحر. وهكذا نجد أن الآية تشير إلى علم أساسي من علوم الأرض وهو علم الصخور الرسوبية.
صورة لمجرى نهر الأمازون
الأنهار البديعة والأنهار الأسيرة:
من بديع صنع الله من المحير حقاً أن تشق الأنهار مجاريها ذات الجوانب الحادة في سلاسل الجبال في تحد عجيب. ولكن لماذا ينحت النهر مجراه في السلسلة الجبلية فيما حولها؟ حاول العلم الإجابة عن هذا السؤال فأعطى المداخل التالية:
1. عادة ما ينشأ النهر في الأرض الممهدة ذات الانحدار اللطيف التي تغطي سلسلة الجبال المدفونة تحت سطحها، أي أنه يركب فوقها. وينحت النهر رواسب الأرض ويكون أخدوداً في السلسلة الجبلية إنها يد القدرة التي مكنت وأوحت إلى النهر أن يتحدى الجبال الراسيات. وكثير من السبل في الجبال ما هي إلا أودية جافة، وصدق الله العظيم حيث يقول: (وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلًا لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ) [سورة الأنبياء].
2. يحدث أحياناً أن ينشأ النهر في أرض ممهدة قبل تكون سلسلة الجبال بعدة ملايين من السنين. وبعد أن تنتصب الجبال يستمر النهر في تحد غريب في تعميق مجراه قاطعاً السلسلة الجبلية. وتشير الآية القرآنية إلى تلك الحالة إشارة معجزة: (أَمَّن جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ)[سورة النمل].
تأمل الترتيب البديع من قرار الأرض إلى خلق الأنهار إلى نشأة الجبال الرواسي ثم تكوين الحاجز بين البحرين. غور ماء الأنهار في قوله تعالى أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا فَلَن تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا)[سورة الكهف]. إشارة إلى غور ماء الأنهار، لأنه قد ذكر الله الجنتين، وقد فجر في الجنتين نهراً.
ومن الظواهر المعروفة تشكلات الكارست، وهي التي تنتج في الأقاليم المتكونة من الأحجار الجيرية والمواد القابلة للذوبان. ويعرف دارسو علم الأرض والجغرافيا أن الأنهار قد تختفي إذا انتهت إلى إحدى الحفر الوعائية (Sinkhole)المتكونة في الحجر الجيري أو في سطح الأرض بصفة عامة.
صورة أحد الحفر الوعائية التي تغور فيها المياه إلى الكهوف الأرضية العميقة
. أخي القارئ من أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن رتب الأنهار أو عن ما تحمله من حُلي وهو الإنسان الأمي الذي لم يرى في حياته نهراً فكيف يعرف ما فيه..
إنه رب العالمين
يستقبل الدكتور حسني حمدان اقتراحاتكم وآرائكم على المقالة على الإيميل التالي:
  #965  
قديم 11-11-2013, 07:25 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو

معجزة الإسـراء والمعراج من منظـور علـمي

أ.د/ كارم السيد غنيم
أستاذ بكلية العلوم جامعة الأزهر
أمين جمعية الإعجاز العلمي للقرآن والسنة
صورة لمسجد قبة الصخرة
أدمج إينشتين المكان والزمان في نظرية النسبية الخاصة عام 1905م، وأعلن أنه (ليس لنا أن نتحدث عن الزمان دون المكان، ولا عن المكان دون الزمان، ومادام كل شيء يتحرك فلابد أن يحمل زمنه معه، وكلما تحرك الشيء أسرع فإن زمنه سينكمش بالنسبة لما حوله من أزمنة مرتبطة بحركات أخرى أبطأ منه) . ولقد تحققت ظاهرة انكماش الزمن علميا في معامل الفيزياء، حيث لوحظ أن الجسيمات الذرية atomic particles تطول أعمارها في نظر راصدها إذا ما تحركت بسرعة قريبة من سرعة الضوء . وعلى سبيل المثال، يزداد نصف العمر لجسيم البيون (نصف العمر هو الزمن اللازم لينحل هذا الجسيم إشعاعيا حتى يصل إلى نصف كميته) في الساعة المعملية الأرضية إلى سبعة أمثال قيمته المعروفة إذا تحرك بسرعة قدرها 99% من سرعة الضوء .
وطبقا لنظرية أينشتين، فإننا إذا تخيلنا أن صاروخا اقتربت سرعته من سرعة الضوء اقترابا شديدا، فإنه يقطع رحلة تستغرق خمسين ألف سنة (حسب الساعة الأرضية) في يوم واحد فقط (بالنسبة لطاقم الصاروخ) !! وإذا فكرت في زيارة أطراف الكون فإنك ستعود إلى الكرة الأرضية لتجد أجيالا أخرى وتغيرات كبيرة حدثت على هذا الكوكب الذي سيكون قد مر عليه حينئذ آلاف أو ملايين أو بلايين السنين بحساب أهل الأرض الذين لم يخوضوا معك هذه الرحلة المذهلة، وذلك إذا كنت قد تحركت في رحلتك بسرعة قريبة من سرعة الضوء ...!! وخلاصة القول: إن الزمن ينكمش مع ازدياد السرعة، وتزداد السرعة مع ازدياد القدرة على ذلك .
هكذا أصبح من المقنع للماديين أن السرعة والزمن والقدرة أشياء مترابطة، ولكن إذا كان هناك مخلوق أقوى من الإنسان (ينتمي إلى غير الجنس البشري، كأن يكون من الجن أو من الملائكة) فإنه يتحرك بقوانين أخرى غـــير قوانين الإنسان، فيقطع المسـافات ويعبر
الحواجز، وأشياء أخرى كثيرة لا يتخيلها الإنسان الذي يسكن كوكبه الأرضي . وطبقا للنظرية النسبية أيضا، فإنه إذا وجد كائن يسير بسرعة أكبر من سرعة الضوء، فإن المسافات تنطوي أمامه وينمحي الزمن في قطعه هذه المسافات
وبالرغم من أن سرعة الضوء في الفراغ (أو الهواء) هي أعلى سرعة معروفة حتى الآن، فإن العلم الحديث لا ينكر وجود سرعة أكبر من سرعة الضوء في الفراغ، وإن لم يصل إليها حتى الآن، رغم سريان دقائق بيتا ( B - particles) في الماء بسرعة أكبر من سرعة الضوء فيه، لأن هذه الدقائق اخترقت حاجز الضوء في الماء فقط وليس في الهواء أو الفراغ، فتسببت في صدور إشعاع يدعى إشعاع كيرنكوف ..!!
لماذا نتدارس معجزة الإسراء والمعراج ؟
لقد أوردنا هذا العرض العلمي لكي نقرب للناس فهم إحدى المعجزات الحسية التي جرت لرسول الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، إنها " معجزة الإسراء والمعراج " . ولسنا نسعى من وراء هذا العرض وما يليه من إيضاحات أن نثبت صدق هذه المعجزة، وإنما نريد فقط أن نقرب فهمها للذين يستبعدون حدوثها من غير المسلمين . وهذه المعجزة من الصنف الذي لم يجره الله بقصد التحدي (أي: تحدي البشر)، وأعجب ما في هذه المعجزة (بشقيها) أنها غيب من جملة الغيوب التي يجب على المسلم أن يصدق بها ويثق فيها مطلقا .
وهذه المعجزة إذا ناقشناها، فإنما نناقشها لإثبات استحالة وقوعها لبشر عادي، بكل المقاييس العلمية، أو حتى بتطبيق الفروض أو النظريات ... وإلا لانتفت صفتها كمعجزة، ولأمكن للإنسان العادي أن يحققها عن طريق استخدامه لأية طاقات أو سبل يخترعها العلم بمرور الزمن .
والكلام في المعجزات الحسية لرسول الله صلى الله عليه وسلم لا يجب أن نسرف فيه، بل لا يجب أن نعول على هذه المعجزات كثيرا في الإقناع برسالة الرسول صلى الله عليه وسلم، لأنها معجزات وقعت وانقضت، وقد نهى رسول الله ذاته عن التعلق بهذه المعجزات المادية، وأمرنا بالانتباه إلى معجزة واحدة باقية على مر الزمان، هى القرآن الكريم، الذي تنكشف وجوه الإعجاز فيه كلما تقادم الزمن وتوالت الأجيال، وكل جيل يكشف عن وجه أو وجوه فيه لم يكن قد كشفها الجيل السابق ...فقد حدث في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم أن انكسفت الشمس عندما مات إبراهيم بن رسول الله، فقال الناس: لقد انكسفت الشمس لموت إبراهيم، فقال لهم الرسول: (إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته) .
تشتمل " معجزة الإسراء والمعراج " ضمن ما تشتمل السرعة الخارقة والقدرة المذهلة التي انتقل بها رسول الله صلى الله عليه وسلم في الشق الأول من المعجزة، وهو " الرحلة الأرضية "، من المسجد الحرام بمكة (في الجزيرة العربية) إلى المسجد الأقصى بالقدس (في فلسطين)، ثم السرعة والقدرة اللتان لا يستطيع الإنسان - مهما أوتى من علوم وتكنولوجيا – أن يحددهما، وذلك في الشق الثاني من المعجزة وهو " الرحلة العلوية "، أي: الصعود من حيث انتهت الرحلة الأرضية إلى الأعلى في رحلة سماوية اخترق الرسول بها طبقات الجو كلها وعبر أرجاء الكون إلى سماء لا ولن يستطيع الإنسان أن يصل إلى تحديد أي شىء فيها، ولن يعرف عنها أي شيء سوى ما أخبره به القرآن الكريم ...
رحلة الإسراء ( الرحلة الأرضية في عالم الملك ):
يقول الله سبحانه: " سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا، إنه هـو السميـع البصيـر (1) " [سورة الإسراء]. " سبحان "، أي: تنزه الله في قولـه عن كل قول، وتنزه الله في فعله عن كل فعل، وتنزه الله في صفاته عن كل صفات . " الذي أسرى "، أي: الذي أكرم رسوله بالمسير والانتقال ليلا . " بعبده "، أي: بمخلوقه الإنسان الذي اختاره لهذه المهمة العظمى، وهى مهمة هداية البشر جميعا . ولم يقل الله سبحانه: " بخليله " أو " بحبيبه " أو " بنبيه "، وإنما قال: " بعبده "، وفي هذا ملحظ هام هو أن الرسول صلى الله عليه وسلم حقق مقام العبودية الخالصة لله سبحانه، فكان حقا " العبد الكامل " أو " الإنسان الكامل "، ولأن المطلب الأول للإسلام هو تحقيق العبودية الخالصة لله سبحانه ... " ليلا "، وفي هذا دلالة على أن الإسراء كان في جزء من الليل ولم يستغـرق الليل كله، وكان الليل هو وقت الرحلتين لأنه أحب أوقات الخلوة، وكان وقت الصلاة المفضل لدى رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل كان هو وقت الصلاة قبل أن تفرض الصلاة بالهيئة والأوقات المعروفة عليها، وكان الإسراء ليلا ليكون أيضا أبلغ للمؤمن في الإيمان بالغيب ...
وأما قوله تعالى: " من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى " فتفسيره: أن انتقال الرسول في رحلته الأرضية كان بين مسجدين، أولهما: المسجد الحرام بمكة في أرض الجزيرة العربية، وهو أحب بيوت الله في الأرض، والصلاة فيه تعدل مائة ألف صلاة في غيره من المساجد، وثانيهما: هو المسجد الأقصى بأرض فلسطين، مهد الأنبياء والرسل، وقد كان القبلة الأولى للمسلمين قبل أن يأتيهم الأمر بالتحول شطر المسجد الحرام الذي هو قبلتهم منذ ذلك الوقت إلى آخر الزمـان ... والمسجد الأقصى من أفضل مساجد الأرض جميعا، والصلاة فيه تعدل خمسمـائة صلاة في غيره من المساجد ... " الذي باركنا حوله " أي: الذي أفضنا عليه وعلى ما حوله بالبركات، دنيوية ومعنوية ... " لنريه من آياتنا " أي: بعض الآيات الدالة على قدرة الله وعظمته، وليس كل الآيات ...
هـل حدثت المعجزة بالروح أو بالجسد أو بهما معا ؟
قد يقول قائل: إن رحلة الإسراء (ومن باب أولى: رحلة المعراج) حدثت لرسول الله مناما، أي: رؤيا منامية، يعني بروحه دون جسده . ونحن نقول لهذا القائل: إن الرحلة الأرضية، وكذلك الرحلة العلوية، حدثتا معا بالروح والجسد معا، والأدلة الدامغة على ذلك كثيرة، وأقربها إلينا كلمات القرآن التي أوردناها سابقا، فلم يقل الله: ( سبحان الذي أسرى بروح عبده )، وإنما قال: " سبحان الذي أسرى بعبده "، أي: روحا وجسدا ... وهكذا يكون الإنسان (العبد) بشقيه الروح والجسد . وهنا أيضا دليل دامغ آخر يكمن في لفظة " سبحان " التي افتتحت بها الآية، بل السورة كلها، وهى تعني: يتنزه الله عن الشبيه والند والنصير، ويتنزه الله عن العجز والضعف، إذن تأتي هذه اللفظة للأمور العظيمة، وتأتي في مقدمة آية أو سورة لكي تهيئ القارئ، أو السامع، إلى أنه سيقرأ أو سيسمع أمرا عجيبا وغريبا وعظيما في نفس الوقت، وذلك إذا قاسه بمقاييسه البشرية، ولكنه هين وعادى وميسور بالنسبة لإله الكون وخالقه ومدبره وخالق نواميسه وقوانينه وقادر على خرق أي ناموس في أي وقت، وتنفيذ ما تشاء إرادته، جلت قدرته وتعالت عظمته .
وبدراسة الجو العام لحال المسلمين، والدعوة الإسلامية عموما، في ذلك الوقت، نعرف أن هذه المعجزة حدثت لغرض مهم – بالإضافة إلى أغراض أخرى – هو تمحيص قلوب المؤمنين بالرسول صلى الله عليه وسلم، ليثبت قوى الإيمان ويظهر ضعيف الإيمان، وينكشف أمره، وخصوصا أن الله سبحانه يعد المسلمين لحدث عظيم بعد عام واحد هو الهجرة الكبرى من مكة إلى المدينة لتأسيس أعظم مجتمع إسلامي عرفته البشرية على الكرة الأرضية .
فالماديون (قديما وحديثا) يقيسون كل شيء بالطول والعرض والعمق، بما لديهم من مقاييس معروفة، ويزنون كل شيء بأثقال متفق عليها فيما بينهم، فإذا صادفوا غير ذلك في حياتهم، حجما أو وزنا، أنكروه ورفضوه . وهكذا أنكر الماديـون " معجزة الإسراء والمعراج " جملة وتفصيلا، لأنها لا تخضع لقوانينهم وموازينهم .
هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، فإن الذين أفرطوا في الجانب الروحي وترهبنوا، اختلفوا فيما بينهم حول كون المعجزة تمت بالروح فقط، أو بالجسد فقط، أو بهما معا ؟ وقد رددنا على هؤلاء وأولئك، وأثبتنا أن المعجزة تمت للرسول صلى الله عليه وسلم بالروح والجسد معا، لأنهما إن حدثتا له بالروح فقط ما استحقت أن تكون معجزة، فالرؤيا الصادقة تحدث للصالحين من غير الأنبياء والرسل، والإنسان العادي يرى في منامه كل شيء لا يستطيع أن يبلغه في صحوه، فهو في منامه يطير ويتجول في أماكن بعيدة ومناطق فسيحة، ويحصل على آمال وينال مطالب في أحلامه فقط ...
ما هو البـراق ؟
بعد أن تمت الرحلتان وعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى موطنه وبيته بمكة، حكى للناس ما حدث، وكان ضمن ما قاله: إن " براقا " جاءه وأمر أن يركبه . وهذا البراق هو الوسيلة التي نقلته في رحلته الأرضية من مكة إلى القدس . فما هو البراق يا ترى ؟ أفاد أهل الاختصاص في اللغة العربية بأن البراق دابة أصغر من البغل وأكبر من الحمار، وقال بعض شراح أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم: إن البراق مشتق من البريق، ولونه أبيض، أو هو من " البراق "، وسمي كذلك لشدة لمعانه وصفائه وتلألؤه أو توهجه . فلا ضير، إذن، أن نقترح بأن يكون البراق هو البرق الذي حمل الرسول صلى الله عليه وسلم وسار بسرعة الضوء من مكة إلى القدس في الذهاب والإياب . وتبقى المعجزة في استعمال هذه الظاهرة الطبيعية كامنة في حماية الرسول صلى الله عليه وسلم من آثارها المدمرة والوقاية من أضرارها ...
وقبل أن نغادر الرحلة الأرضية (وهى الشق الأول من معجزة الإسراء والمعراج) وننتقل إلى الرحلة العلوية السماوية، نود القول بأن الذين يستبعدون حدوث الإسراء (ناهيك عن المعراج) عليهم أن يبحثوا في الأحداث السابقة لتاريخ هذه المعجزة، ليقرأوا من مصادر موثوقة (وأقواها بالطبع هو كتاب الله المجيد " القرآن الكريم " ) عددا من الأحداث أو الحوادث كانتقال عرش بلقيس من مملكة سبأ باليمن (جنوب الجزيرة العربية) إلى حيث كان يقيم رسول الله سليمان (عليه السلام) في الشام ( شرق البحر المتوسط ) . وموجز هذه الحادثة هو أن سليمان أرسل إلى بلقيس (مملكة سبأ) رسالة يعرض فيها عليها الإيمان بالله وحده لا شريك له في الخلق والملك والتدبير، وبعد مداولات بينها وبين وزرائها (أو شعبها) استقر رأيها أن تسلم لله رب العالمين . فاتجهت إلى بلاد الشام قاصدة سليمان، وقبل أن تقترب من هذه البلاد أعد سليمان صرحا عظيما لاستقبالها، ثم أراد أن يريها شيئا من دلائل عظمة قدرة الله، فقرر أن يأتي بعرشها (من اليمن) لتجلس هى على هذا الصرح الذي أعده لها . فتفقد سليمان قدرات من حضر مجلسه (جنا وإنسا) وإمكاناتهم في إتمام هذه المهمة، فقال له عفريت من الجن: أنا آتيك به – من اليمن إلى الشام – قبل أن تقوم من مقامك . وقال آخر – آتاه الله العلم والقدرة من لدنه -: أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك !! وبالفعل، جاء هذا الذي آتاه الله العلم والقدرة بعرش بلقيس في زمن لم يتعد طرفة عين، ولا يعرف لأحد حتى الآن كيف تم تنفيذ هذه المعجزة الخارقة . ومن نافلة القول: إن سليمان بن داود كان هو وأبوه نبيين أنعم الله عليهما بإنعامات كثيرة، وكان سليمان يأتي الخوارق كثيرا، ويحمد الله في كل مرة أن سخر له الكون وأخضع له الظواهر الطبيعية وخرق النواميس الكونية ...
المعراج ( الرحلة العلوية السماوية في عالم الملكوت ):
إن الكون الذي يستطيع الإنسان أن يبصر بعض أطرافه كون فسيح ضخم، بالرغم من أنه بكل ما يحتوي لا يمثل سوى السماء الأولى فقط، فلا نعلم ولا يعلم أحد مهما أوتى من العلم – إلا أن يكونه نبي أو رسول يتلقى الوحي – عن غير هذه السماء شيء، سواء كانت السماء الثانية أو الثالثة أو الرابعة أو ... إلخ .
هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، فإن فكرة الإله الذي يحتل مكانا محددا من الكون فكرة لا تتفق مع العقل الصحيح أو المنطق القويم، بل ربما نعتبر – نحن أهل الكوكب الأرضي – أناسا في سماء أخرى بالنسبة لمخلوقات غيرنا تعيش في كوكب أو مكان لا نعلمه نحن في مجـرتنا أو في مجرة أخرى من مجرات الكون الفسيح ...!! إذن فالخالق العظيم، أي: الله الواحد المالك المدبر، له قوة مطلقة ولا يستطيع أحد أن يحدد له سبحانه مكانا أو زمانا، بل هو سبحانه موجود قبل أن يكون هنالك زمان أو مكان ...
وقديمـا ذهب الناس إلى أن ما يرونه فوق رؤوسهم عبارة عن سماوات تسكنها الملائكة، ولكن العلم الحديث توصل إلى أن هذا ما هو إلا ظاهرة ضوئية تحدث في جو الأرض نتيجة لتشتت وتناثر ضوء الشمس الأزرق بوفرة فيه ... وتوصل العلم الحديث بعد الخروج من الغلاف الجوي والتجول في الفضاء الكوني، أن الأرض ما هي إلا كوكب موجود في مجموعة تابعة للشمس، ولا يزيد سمك غلاف هذا الكوكب 1000 كيلومتر، بما فيه تلك " القبة الزرقاء " التي ظنها الناس قديما مسكن الملائكة، ولكنها ظاهرة ضوئية تحدث في طبقة من الغلاف الجوي للأرض لا يزيد سمكها عن 200 كيلومتر ...
والأمر الثالث هو أن تحول المادة إلى طاقة، ثم عودة الطاقة إلى المادة، هو أمر معلوم الآن بالكشوف العلمية الحديثة، وهو وإن كان أمرا نظريا، فإنه مستحيل التنفيذ عمليا . إذن: فإذا قلنا بتحول جسد الرسول صلى الله عليه وسلم – وهو مادة – إلى ضوء – وهو طاقة – أو ما هو أعلى من الضوء، حتى يخترق آفاق الكون وما بعد الكون في ساعات قليلة بحسابنا البشري، فإننا بذلك نكون قد قدمنا اقتراحا لتقريب مفهوم الحدث، وإن كنا لا نجزم بما نقترحه . ولعل مما يدل على قصر مدة الرحلة بجانبيها – الإسراء والمعراج – هو ما رواه الرسول بعد عودته لأم هانيء - ابنة عمه – وما رواه لكل الناس بعد ذلك، ومن هذه الرواية أنه صلى العشاء مع أصحابه، ثم عاد وظهر وقت الفجر فصلى الفجر معهم ... !!
هذا مدخل ندخل منه إلى موضوع " المعراج "، وهو الصعود (أو آلة الصعود) من سطح الأرض إلى طبقات الجو العليا، إلى حيث الاختراق والنفاذ من أقطار الأرض وغيرها من الكواكب والنجوم، إلى حيث لا يعلم الإنسان حتى الآن . ولكننا نرى من الأفضل أن نعجل بقراءة آيات المعراج الواردة في القرآن الكريم، وهى الآيات التي لم تذكر " المعراج " صراحة، بل يفهم منها: " والنجم إذا هوى (1) ما ضل صاحبكم وما غوى (2) وما ينطق عن الهوى (3) إن هو إلا وحي يوحي (4) علمه شديد القوى (5) ذو مرة فاستوى (6) وهو بالأفق الأعلى (7) ثم دنا فتدلى (8) فكان قاب قوسين أو أدنى (9) فأوحى إلى عبده ما أوحى (10)ما كذب الفؤاد ما رأى (11) أفتمارونه على ما يرى(12)ولقد رآه نزلة أخرى (13) عند سدرة المنتهى (14)عندها جنة المأوى (15)إذ يغشى السدرة ما يغشى (16) ما زاغ البصر وما طغى (17)لقد رأى من آيات ربه الكبرى (18)" [سورة النجم ].
هكذا بدأت سورة " النجم " بالحديث عن معراج النبي صلى الله عليه وسلم، أي المعجزة العظيمة التي حدثت لرسول الله تكريما له، وقد رأى فيها عجائب صنع الله وغرائب خلقه في ملكوته العظيم الذي لا يحده حد . ولقد اقتضت حكمة الله أن يكون أول ألفاظ السورة جرم سماوي، أي: " النجم "، وهو إحدى الآيات الكونية التي خلقها الله، والله سبحانه يقسم بسقوط النجم أو أفوله أو انفجاره أو احتراقه، وهو قسم بشيء عظيم إذا فكر فيه الناس . وجاءت الآية الثانية لتؤكد لأهل مكة وقت تنزل القرآن بين ظهرانيهم أن رسول الله (أي: المبعوث فيهم) لم يضل ولم يختل ولم يزل، لأنه رسول مختار من قبل الله سبحانه، فلابد وأن ينطق الصدق ويقول الحق ويخبر بما رأى ويحكى ما سمع ويبلغ ما أمر أن يبلغه ...
صورة للصخرة التي عرج عليها النبي صلى الله عليه وسلم إلى السماوات العلى
كيف يضل وكيف يزل وهو الأميـن على القرآن – كتاب الله – إلى الناس جميعا ؟ إنه الوحي الذي يوحيه الله إلى رسوله صلى الله عليه وسلم، حيث كان يأتيه جبريل – عظيم الملائكة – به، ويقرئه إياه . وجبريل هذا هو ذو قوة شديدة، وذو حسن ونضارة، وقد " استوى "، أي: ظهر على صورته الحقيقية لرسول الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم في "الأفق الأعلى"، فاقتربا وكادا أن يتلامسا، ولكن جبريل فارق الرسول عند موضع لا تتعداه الملائكة، وقال له: إذا تقدمتَ – أي: يا محمد – اخترقت، وإذا تقدمتٌ – أي: أنا – احترقت . وبعد عبور هذا الموضع تجلىً الله لرسوله محمد بالإنعامات والتجليات والفيوضات، وأوحى إليه وحــيا مباشرا، وكانت الصلاة المعروفة لنا هى ما أوحى الله به ...
ولقد أقسم الله على أن ما يحدث به رسوله بعد عودته من هذه الرحلة هو الحـق والصدق وليس بالكـذب، لأنه لم يكذب قط طوال حياته ... ولقد رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم الآيات الكبرى لعظمة الله وقدرته المطلقة ...
وعلى الرغم من أن " الإسراء " و " المعراج " حدثا في نفس الليلة (ليلة السابع والعشرين من شهر رجب قبل الهجرة بعام واحد)، فإن موضعي ورودهما في القرآن الكريم لم يترادفا، بل ذكر الإسراء أولا (في سورة الإسراء)، وتأخر الحديث عن المعراج إلى سورة النجم التي وضعت بعد سورة الإسراء (في ترتيب سور القرآن) . وقد تكون الحكمة في هذا هى جعل الإسراء (وهو الرحلة الأرضية) مقدمة للإخبار بالمعراج، وهى الرحلة العلوية التي ذهل الناس عندما أخبروا بها، فارتد عن الإسلام وقتها ضعاف الإيمان، بينما ظل على الإيمان أقوياءه .
والمكذبون بهذا الحدث – قديما وحديثا – لا عقل مدركا واعيا لهم، لأنهم لو قرأوا التاريخ لعرفوا أن أحداثا قبل هذه الحادثة وقعت، منها مثلا حادثة نقل عرش بلقيس من اليمن إلى الشام في ملمح البصر، التي أشرنا إليها سابقا . فكيف بهم يكذبون رحلة الإسراء .. ؟! ولو أنهم قرأوا التاريخ لعرفوا أن أحداثا قبل هذه الحادثة وقعت، منها مثلا: رفع إدريس إلى السماء، ورفع إلياس إلى السماء، ورفع عيسى بن مريم إلى السماء ... وكلها أحداث قبل رفع رسول الله محمد بن عبد الله إلى السموات العلى، ولكنه عاد بعد الرفع ولم يمكث كما حدث لهؤلاء الأنبياء والرسل ... عاد ليكمل رسالته وينشر الهدى والحق والعدل في ربوع الكرة الأرضية .
هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، فإن هؤلاء المكذبين بـ " الإسراء والمعراج " لو أنهم قراوا التاريخ لعلموا أن الأنبياء والرسل جرت على أيديهم المعجزات وخوارق العادات، وأوقف الله لهم القوانين الطبيعية والسنن الكونية، ليكون هذا وذاك أدلة على صدق دعواهم للناس . والأمثلة في هذا الشأن كثيرة، منها النار التي ألقى فيها إبراهيم (عليه السلام) توقفت فيها خاصية الإحراق، وكانت بردا، بل وكانت أيضا " سلاما "، أي: أمانا ... وانفلاق البحر لموسى (عليه السلام) حتى ظهرت اليابسة، وعبر موسى وقومه فرارا من بطش فرعون مصر الجبار الآثم ... وانقلاب (تحول) عصى موسى إلى ثعبان ضخم ابتلع حبال وعصى السحــرة فأخزاهم الله، وعلى التـو ثابـوا إلى رشـدهم وتحولـوا إلى الإيمــان واتباع موسى (عليه السلام) ... وتسخيـر الظواهر الطبيعية لسليمان (عليه السلام) وكذلك الجن والدواب والحيوانات والطيور ... وإحياء الموتى على يدي عيسى (عليه السلام)، وإخراج الطير من الطين على يديه أيضا ... كل هذه وتلك معجزات وخوارق أجراها الله لأنبيائه ورسله ليصدقهم الناس ويتبعوا الهدى الذي جاءوا به ...
أغراض وأهداف " الإسراء والمعراج " :
ونحن إذ نتحدث في " المعراج "، فإننا لم نجد فيما توصل إليه الإنسان في زماننا الحالي اكتشافا أو اختراعا يستدل به على تقريب فهم هذا الحدث الجلل لغير المسلمين، اللهم إلا تحول المادة إلى طاقة وبالعكس، ولكننا نكرر القول بأنه إذا كان كل من الإسراء والمعراج معجزة، فهي ليست للتحدي، ولكنها وقعت لأهداف وأغراض، نوجز أبرزها فيما يلي:
1) توالت على رسول الله صلى الله عليه وسلم قبيل حادثة الإسراء والمعراج النكبات، فإلى جانب ما كان يلاقيه من عنت وعذاب الكفار له وتصديهم لدعوته وإنزال الأذى والضرر به وبمن تبعوه من أهل مكة بالجزيرة العربية، فقد نصيرا وظهيرا له هو عمه أبو طالب، وكذلك فقد إنسانة عزيزة جدا عليه هي زوجته خديجة التي كانت له السند والعون على تحمل الصعاب والمشقات في سبيل تبليغ دعوته السامية، فكلاهما مات في غضون أيام قبيل حادثة الإسراء والمعراج، ولذا سمى هذا العام " عام الحزن " . ومن هنا كان إنعام الله على عبده ورسوله محمد بهذه المعجزة العظيمة تطييبا لخاطره وتسرية له عن أحزانه وآلامه ... ثم ليشهد فيها من عجائب المخلوقات وغرائب المشاهد ما تدق خفاياها عن القلوب والأفهام ...
2) ولما كان الإسراء – وكذلك المعراج – خرقا لأمور طبيعية ألفها الناس، فقد كانوا يذهبون من مكة إلى الشام في شهر ويعودون في شهر، لكنه – أي: رسول الله – ذهب وعاد وعرج به إلى السماوات العلى، وكل هذا وذاك في أقل من ثلثي ليلة واحدة ... فكان هذا شيئا مذهل، أي أنه كان امتحانا واختبارا للناس جميعا، وخاصة الذين آمنوا بالرسالة الجديدة، فصدق أقوياء الإيمان وكذب ضعاف الإيمان وارتد بعضهم عن إسلامهم . وهكذا تكون صفوف المسلمين نظيفة، ويكون المسلمون الذين يعدهم الله للهجرة أشخاصا أتقياء أنقياء أقوياء، لهم عزائم متينة وإرادة صلبة، لأن الهجرة تحتاج أن تتوفر لديهم هذه الصفات ...
3) كان ضمن ما ورد على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه حينما وصل إلى بيت المقدس التف حوله جميع الأنبياء والرسل، واصطفوا وقدموه للإمامة، وصلى بهم ... وإن هذا ليعد احتفالا بميراث النبوة الذي انتقل إلى خاتم الأنبياء والرسل، وهو محمد بن عبد الله، وانتقل بذلك من ذرية إسحاق إلى ذرية إسماعيل أبي العرب . ويعد هذا أيضا دليلا واضحا على عالمية الرسالة الإسلامية، وأن الإسلام هو الدين الشامل المحتوي لكل الشرائع والعقائد السماوية السابقة، ولذا فهو خاتم الرسالات التي أنزلها الله إلى البشر لهدايتهم . وإضافة إلى هذا وذاك، فإن اجتماع الرسول بكل الأنبياء والرسل وصلاته بهم دليل على أن كافة الشرائع السماوية جاءت من أجل تحقيق هدف واحد، هو عبادة الله وحده لا شريك له، إلها واحدا أحدا ...
4) لقد كان الصعود من بيت المقدس ولم يكن من مكة، ذا دلالات، إحداها الأمر بنشر الإسلام وتوسعة إطاره، وذلك لأنه الدين الخاتم الشامل الجامع الذي ارتضاه الله للناس كافة على اختلاف أجناسهم وألوانهم وشعوبهم ولغاتهم ... وفيه أيضا أمر ضمني بنبذ الخلاف فيما بين المسلمين، بل الأمر بتوحدهم واجتماع مصالحهم .
5) يعتبر فرض الصلاة – بهيئتها المعروفة وعددها وأوقاتها اليومية المعروفة – على المسلمين في رحلة المعراج دليلا على أن الصلاة صلة بين العبد وربه، وهى معراجه الذي يعرج عليه إلى اله سبحانه وتعالى بروحه، وأنها الوقت الذي يناجي العبد فيه ربه ويبث إليه ما يرنو إليه . فالصلاة إذن عماد الدين، ومن تركها وأهملها فكأنه هدم دينه وأضاعه ... وهذه الصلاة بهيئتها الحركية أفضل الحركات لمصالح الجسد الصحية، إضافة إلى معطياتها النفسية والروحية .
وختاما: فإننا لا نستطيع إحصاء ما للإسراء والمعراج من فضائل وفوائد، وإنما سقنا ما أفاء الله به علينا وعرضناه بإيجاز، ولابد من التأكيد مرة أخرى على أن معجزة " الإسراء والمعراج " معجزة لم يتحد الله بها البشر، لأن البشر لن يفكروا مطلقا في الإتيان بمثلها، أو بما يشابهها، مهما بلغت قواهم وارتقت عقولهم وتطورت مخترعاتهم ... وإنما هي معجزة لاختبار قوة العقيدة وتمحيص قلوب المؤمنين، فمن كان إيمانه قويما صدق ومن كان غير ذلك كذب أو استكثر حدوث ما حدث ... هذا، والله ولى التوفيق
يمكن إرسال تعليقاتكم وآرائكم إلى مؤلف المقالة على الإيميل:
  #966  
قديم 11-11-2013, 07:27 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو

سُنـّة الله في الآفاق وفي الأنفس دلالة قاطعة على التوحيد.

الشكل يظهر بعض كواكب المجموعة الشمسية
"لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا، فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ"(الأنبياء:22).
بقلم أ.د./ ناصر أحمد سنه
كاتب وأكاديمي من مصر
المتأمل في الآفاق والأنفس يرى سُنناً، شاملة وثابتة ومطردة، و"وحدة بناء" تدل دلالات قاطعة على أن وراء ـ ذلك الكون، وخلف هذه السنن، وتلك الوحدة خالقا واحداً أحداً.. عليماً خبيراً، مريداً قديراً، سميعاً بصيراً .. سبحانه وتعالى. فمن المعلوم أن التعدد "مدعاة للفساد والخلاف والاضطراب والتناقض والعلو، ولا سيما أن شأن الإلوهية الكبرياء والجلال، والعظمة والتفرد". وهذه السطور طواف سريع ببعض سنن الله تعالى في الآفاق، وفي الأنفس، واستعراض لبعض مظاهر وظواهر نسق "البناء الواحد" الدال على الوحدانية فـ: (لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلا اللَّهُ لَفَسَدَتَا، فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ)(الأنبياء:22).
"السنة" لغةً: هي القاعدة، أو الطريقة أو السيرة.. وكل من ابتدأ أمراً فعمل (أستـَن) به آخرون من بعده فهو إلى (سَـنّهُ) [1]. أما اصطلاحاً شرعياً فهي: "كل ما صدر عن النبي، محمد صلى الله عليه وسلم، من قول أو فعل أو تقرير، أو صفة خًلقية، أو خُلقية. وهي ـ متى ثبت إسنادها، وصح نسبتها ـ المصدر الثاني لتعاليم الإسلام، بعد القرآن الكريم. كما هي العمل المحمود في الدين مما ليس فرضاً ولا واجباً. أما "سُنة الله في الآفاق والأنفس": فإنها القوانين، الشاملة والثابتة والمطردة، التي سنّها الله، عز وجل، لكل شيء هذا الوجود، وأخضع لها كل موجود ـ جامد وحيّ ـ من مخلوقاته، فلا يحيد عنه.
ولقد تكررت مادة "سنة" ومشتقاتها في القرآن الكريم نحو (16 مرة) [2] منها قوله تعالى:"اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّةَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلًا"(فاطر:43)، وقوله تعالى: "سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا وَلَا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلًا"(الإسراء:77)، وقوله عز من قائل: "وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمْ الْهُدَى وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمْ الْعَذَابُ قُبُلًا(الكهف:55)، وقوله سبحانه:"سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا"(الأحزاب:62)، وقوله تعالى: "فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ"(غافر: 85).
سُـّنة الله في الآفاق
- السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقهما الله تعالى، والسماوات مرفوعة بغير عمد، والكون يتمدد ويبرد، ومن الماء كل شيء حي.. وهذا ما أكده العلم الحديث: "أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا،وَجَعَلْنَا مِنْ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ"(الأنبياء:30)، ويقول تعالى:"وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْيدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ"(الذاريات:47).
- وفي نطاق الذرة..هناك الإلكترونات، وفي نطاق مجرتنا (درب التبانة) وباقي المجرات..الأرض والكواكب السيارة، والقمر وكل الأقمار، تسبح/تدور عكس عقارب الساعة. وطوافنا بداية من "الحجر الأسود" حول الكعبة المشرفة "أول بيت وضع للناس، ذو المركزية الخاصة في الأرض" هو ـأيضاًـ عكس عقارب الساعة. وفي تتابع الأرض دورتها حول الشمس بلا كلل أو ملل، دورة تتسبب في منشأ الفصول – تلك الظاهرة التي تضبط لنا الضوء (ثمة تفرقة في القرآن بين الضياء والنور)، والحرارة التي نتلقاها من الشمس. وهي تلعب دوراً مهماً في كل الظواهر المناخية التي تحكم نظام الهواء وتضبط فترات المطر وتحدد تدفق الأنهر وتنظِّم بالتالي نشاط النباتات وسلوك الحيوانات وحياة البشر، بل وإبصار الأشياء، يقول تعالى:" وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا"(الإسراء: 12).
- الإلكترونات حول ذراتها، والأرض وباقي كواكب مجرتنا تسبح/ تدور حول نجمها (الشمس)، في أفلاكها على مدار بيضاوي أهليليجي Elliptical (كثيراً من تسلك مباضع الجراحين في بداية عملياتهم هذا الشكل). كما أن محاور الأرض والقمر والمريخ والشمس مائلة. والكون وفق "أرسطو": "منظم جداً، ومحدد وكل شيء فيه له مكانه الخاص".
- عناصر الوجود وذراته (أشار القرآن الكريم لما هو أصغر من الذرة) تقوم على الزوجية المتكاملة داخل تلك "الوحدة"، فشحنات سالبة وأخرى موجبة. وتلك عناصر وما بها من بروتونات والكترونات تحدد "الوزن الذري" لكل عنصر من العناصر، وخواصه، كما صنفها "مندليف" في "الجدول الدوري". وتم ملء ما تركه من فراغات لعناصر كانت لم تكتشف وقته، بيد أنه حدد ـ كأنه يراهاـ كل خواصها وفق موضعها المفترض في جدوله.
- جميع أشكال الحياة في بنيتها وشكلها وأنسجتها على علاقة "وحدة وتكامل" بحركة الكون. فقد اكتشف Chapman وBarterls في عام 1940م أن شدة الحقل المغناطيسي للأرض تخضع لتغيرات ساعة بعد ساعة مردها اليوم والشهر القمري. وقد أكد اليابانيان Matsushita و Maeda هذه الظاهرة وقدَّما ملاحظات إضافية حولها. ولا يخفى على أحد اليوم أهمية أشعة الشمس للحياة بكل أشكالها على الأرض. فالشمس نجم في فوران دائم، توفر الضوء والحرارة، فهناك عواصف مغناطيسية، اندفاعات لغازات مشتعلة تنشأ على سطحها وتندفع في الفضاء، والأرض تسبح في فضاء شمسي، وتتأثر "كهربائيتها" بالشمس.[3].
صورة للشمس
- ويؤثر القمر – وهو الجسم السماوي الأقرب إلينا – على الأرض بنوعين من الحركات: فدوران الأرض حول نفسها في 24 ساعة، مسؤولة عن ظاهرة المدّ والجزر التي تحدث مرتين يومياً. الوقت الذي يفصل بين مد وجزر هو 12 ساعة 4/10، وهي الفترة بين مرورين متتاليين للقمر على مدار المكان.
أما الحركة الثانية للقمر هي دورانه حول الأرض، والشهر القمري (28 يوماً) يفصل بين ظهورين للقمر. وخلال الشهر القمري يحدث تغيُّر هام في الشدة الضوئية التي تبلغ أوجها عندما يكون القمر بدراً، أي عندما يكون في مقابل الشمس تماماً.
- أثبتت الأقمار الإصطناعية أن قمرنا في بعض مواضعه بالنسبة للشمس يحوِّل اتجاه الرياح الشمسية، وسيل القسيمات الأولية الذي ينبثق منها وتتأثير به الأرض. كما أن المغناطيسية الأرضية وتأيُّن ionization الفضاء يتبدلان بحسب أطوار القمر.
- يؤكد العلم الحديث أن دور الكواكب الأخرى ليس هامشياً بالنسبة للأرض، يقول د."بيكاردي" من جامعة فلورنسا: أن مجمل هذه النتائج كافٍ ليسمح لنا بنقل فرضياتنا عن تأثير الكواكب على الأرض إلى مجال الحقائق المثبتة والمقاسة علمياً.
ويرى الفيزيائي الأسترالي E. K. Bigg أن الفعالية الجيومغناطيسية تنخفض عندما تصطف الكواكب على خط مستقيم بين الشمس والأرض. فكوكب الزهرة يشكل حاجزاً في وجه الرياح الشمسية.
- أثبت الروسيان Maksimov وChouvalov أن الاضطرابات في الجاذبية الكوكبية تُحدِث على الشمس نوعاً من "المدّ والجزر" الذي يؤثر بدوره على النشاط الشمسي. وقد أجرى الفرنسي Trellis حسابات تتعلق بهذا الأمر، وقدم للأكاديمية العلمية في 1966م ثلاثة تقارير تثبت أن مساحة البقع الشمسية تكبر مع المدّ الذي يحدث بتأثير الكواكب عما هي عليه في حالة الجزر. وهو يعتبر أن التأثيرات الكوكبية تؤثر، على ضآلتها، على كوكبنا.
فيزياء "التوحيد"، وجوهر الحقيقة
- وللوصول "لجوهر الحقيقة".. كان سعي طويل ولاهث لعلم وعلماء الفيزياء، ومن خلفهما "فلسفة العلم، ونظرة المعرفة (الإبستمولوجيا). فلزمن طويل، ظن بعض العلماء أن قوى وظواهر الكون الفيزيائية الأربع: الجاذبية، والكهربية، والمغناطيسية، والنووية هي قوى متمايزة متباينة عن بعضها البعض، وليس ثمة "نظرية شاملة" تستطيع تفسيرها. بيد أن "الدافعية للتوحيد" كان تقف دوماً خلف السعي الحثيث للعلم الحديث كي يثبت أنه يمكن "توحيدها" وإرجاعها إلى ظاهرة واحدة، ومن ثم تفسرها "نظرية/ سُـنة" واحدة تجمعها جميعاً.
لوحة زيتية لعالم الفيزياء إسحاق نيوتن
- لقد بدأ هذا "التوحيد" اسحق نيوتن (1642-1727م) عبر قوانينه عن الحركة والقوة والكتلة، ولفهم حركة الأجسام والأجرام السماوية والأرضية، والتجاذب الثقالي بين الكتلات: [قوة الجاذبية بين جسمين تتناسب طردياً مع كتلة كل منهما، وعكسياً مع مربع المسافة بينهما (قانون الجاذبية). الجسم يظل في حالة سكون أو حركة بسرعة ثابتة في خط مستقيم ما لم تؤثر عليه قوة خارجية (قانون القصور الذاتي). القوة المؤثرة على الجسم تساوي حاصل ضرب كتلته بعجلة حركته (والعجلة هي معدل تبدل السرعة مع الزمن). لكل قوة مثيلتها المضادة المساوية لها بالمقدار، والمعاكسة لها بالاتجاه]. لذا قام " نيوتن" "بتوحيد" ظاهرتي الجاذبية الأرضية والجاذبية بين الجرام السماوية، وصاغ "قانون الجاذبية العام". وبات لقوانينه تلك تطبيقات واسعة ومتنوعة في عالم الفلك والفضاء والصواريخ والطائرات والمدفعية الخ.
- وتابع "جيمس ماكسويل" (1831ـ1879م) عملية "التوحيد التام والشامل"، فاستوعب وبنى على أعمال من سبقوه أمثال: "كولمب" و"أمبير" و"فاراداي"، "فوحد" بين القوى الكهربائية والمغناطيسية (اللذين كانا منفصلين تماماً في القرن الثامن عشر) في ظاهرة واحدة هي "الحقل والمجال الكهرومغناطيسي"، وصاغ لها معادلات رياضية شهيرة، بسيطة وأنيقة المظهر. وكان "ماكسويل" قد اكتشف شيئين هامين: إمكانية وجود أمواج كهرطيسية، وأن الأمواج الضوئية هي في الحقيقة نوع من الأمواج الكهرطيسية، وقد تم فعلاً اكتشاف هذه الأمواج من قبل "هاينريخ هيرتز"(1857-1894م) بعد سنوات من تنبؤات "ماكسويل".

- جرى تعميم وتعميق جهود وأبحاث "ماكسويل" في "قصة/ نظرية ميكانيكا الكم المثيرة Quantum Mechanics "[4]g، وأثبت "أينشتين" (1879-1955م) في القرن العشرين أن المجالين الكهربائي والمغناطيسي هما في الواقع من " طبيعة واحدة". وأن وجود أحدهما أو عدم وجوده يعود إلي حركة إطار الراصد الذي يجري التجربة. وقد قام "أينشتين" طيلة حياته بالبحث عن "نظرية موحدة" نستطيع عن طريقها اشتقاق (استنتاج) المغناطيسية الكهربية وظواهر الجاذبية، والتفاعل الثقالي من مجموعة واحدة من المعادلات.
- في سبعينيات القرن الماضي نجح كلاً من الفيزيائي الباكستاني "عبد السلام"، و"اينبرغ، و"غلاشاو" في "توحيد" التفاعلين الكهرومغناطيسي، والتفاعل النووي الضعيف، في نظرية واحدة أطلق عليها" كهروضعيفة". مما زاد من أمل وحلم وجهود العلماء في إمكانية جمع التفاعلات النووية القوية إلى الشكلين السابقين اللذين تم توحيدهما، ومن ثم ضم جميع التفاعلات والقوى المعروفة في الطبيعة إلى تلك "السُنة" المرشحة ليضعها العلماء لتفسير ذلك. وفي هذا الإطار لإيجاد "نظرية التوحيد الكبير"، تم اقتراح "فرضية/نظرية الوتر الفائق"، أو "النظرية الفائقة M-Theory" التي يأمل منظروها وأنصارها أن تكون النظرية التي "تشرح كل شيء"، مما يؤكد أن العالم المادي يشكل ظاهرة/ حقلاً تفاعلياً واحداً، ووحدة متكاملة يخضع لمنهاج واحد، وتحكمه سنن شاملة يكمل بعضها بعضاً[5].
وقفة هامة لازمة
- من المؤكد أنه كلما تقدم الإنسان في العلم، ظهرت دلائل جديدة تقطع بـ " الوحدانية والتوحيد"، وكأن لهذه الصفة الجليلة طابعاً يطبع كل ذرات الكون، من الذرة إلى المجرة، وسنن الله التي تقف خلفها بخاتم التوحيد. لذا فالسؤال المطروح: كم كان حجم الفساد الحاصل في هذا الكون لو سعت آلهة ـ تعالى الله على التعدد والشريك والشبيه والوالد والولد علوا كبيراً ـ فغيرت وبدلت من قوانين ونواميس الكون في إطار إثبات تنازعها لإثبات ألوهيتها؟، فذهب بعضها لحجب الشمس، أو تغيير موقع الأرض منها، أو سعى أخرون لجعل اليل أو النهار سرمداً:" قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلَا تَسْمَعُونَ، قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ، وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمْ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ" (القصص:71-73).
- ويزداد الأمر وضوحاً حين يضرب الله تعالى المثل: "ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا رَجُلاً فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَمًا لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ" (الزمر: 29) ماذا لو كان إله الشمس غير إله الأرض، وحاشا لله، فأقام لها قوانين لا نفهمها أو بدل اليوم لها قانون غير قانون الأمس، ألم تكن الحياة على الأرض لتضطرب ثم تنعدم، وهل يترك خالق الأرض خالق الشمس يعبث بأهل الأرض أم يتقاتل الجبابرة فيهلك الخلق مثل خرافات وأساطير آلهة اليونان في القديم. فرب الأرض يطالب بعبادتك له بحق أنه خلقك ورزقك وسخر لك ما في الأرض جميعاً، ورب الشمس يطلب منك عبادته أكثر من رب الأرض لأنه لو حرمك ضوء الشمس لهلكت. وكيف كان لله تعالى أن يقول في كتابه لأهل الأرض:"الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ" (الرحمن:5) إن لم يكن له الخلق والأمر وليس معه شريك ولا نصير.
- لقد تكررت آيات القراَن الكريم التي تقرر الوحدانية في النفوس وتنزع أدنى شبهة قد تطرأ على ذهن أحد من البشر بدلالة تفرد الله تعالى بالخلق والأمر وعدم إدعاء أحد أنه خلق في هذا الكون شيئاً. ورد الله تعالى على كل من ادعى وجود الشريك، قال تعالى: "قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قُلِ اللَّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ لا يَمْلِكُونَ لأَنْفُسِهِمْ نَفْعًا وَلا ضَرًّا قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ" (الرعد:16). وقال تعالى: "قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ" (الأحقاف:4)، ويقول تعالى: "وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ" (المؤمنون:117).
سُـّنة الله في الأنفس

- في هذا الكون وحدة مظهرها تكامل أجزائه، وهي قد رتبت بدقة كاملة، من هواء رتبت نسب تركيبه بدقة بالغة، فبه أوكسجين نافع (ولو زادت نسبته لاشتعلت الحرائق في الكون) [7]، للإنسان والحيوان فيتنفساه (التصعيد في السماء يجعل صدر الصاعد ضيقاً حرجا لغياب الأوكسجين، وهو ما أثبته العلم الحديث ورحلات الفضاء)، مخرجين ثاني أكسيد الكربون (بإسراف الإنسان في عمليات انبعاثه أقبل خطر الاحتباس الحراري، وارتفاع حرارة الأرض والخشية من ذوبان الجليد القطبي، وغرق مساحات شاسعة من الأرض) ضمن ما يقومان به من عملية "أكسدة وتقويض"، ومن ثم يقوم النبات في عمليه البناء الضوئي Photosynthesis بعملية "الإرجاع والتركيب" لتكتمل دورة الحياة [8].
- من الماء كل شيء حي، وللماء دورته الهامة حول الأرض، وثمة "زوجية تكاملية" في النبات والحيوان والطير والإنسان: "وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ" (الذاريات:49) ليبقى الله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد: "سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ"(يس:36). فتكوين الأجنة، وتصويرها في الأرحام، على اختلاف أنواعها وأجناسها، يبدأ من التقاء نطفة ذكر مع بويضة أنثى، ومن ثم تتكون خلية واحدة، ثم اثنتين، فأربع فثمان، ثم ست عشرة إلخ...وفي مراحل لاحقة تتخصص كل مجموعة من الخلايا المتكاثرة لتكوين عضو من أعضاء المخلوق الجديد إلى اكتمال نموه.. مخلوقاً كاملاً متميزاً في ذاته وشخصيته، وبصمة أصبعه ورائحته وصوته وأسنانه وعينيه، ثم شفرته الوارثية الخاصة والفريدة.."...فتبارك الله أحسن الخالقين"(المؤمنون:14). إنه نسق موحد في تخليق الأجنة الحية المختلفة، تؤكد بأنها جميعاً تخضع لمنهاج واحد من السنن الربانية الشاملة.
- والبشر منذ أن خلقوا من طين، ثم من نسل من أدم وحواء يتزايدون تعدادياً، بيد أن كل نفس ذائقة الموت وتعود الأجساد إلى تراب ومن ثم بعث ـ ويبقى هو ذو الجلال والإكرام ـ الباقي.. الأول والآخر والظاهر والباطن، وجميعهم حتماً إلى خالقهم عائدون: "كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنْ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ"(آل عمران: 185) والبلاء سنة، ترفع درجات أقوام وتحط آخرين، ومغفرة للصالحين، وعبرة للعاصين: "كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ"(الأنبياء:35)..
- جميع الكائنات الحية خلقت على قاعدة "الخلية".. وحدات متشابهة في التركيب، وكل خلية لها "ذاكرتها" وبها مادة صبغية ورائية في النواة تحمل صفات المخلوق "وبرمجته" [9]، وتنقلها بالتزاوج والتكاثر من جيل لآخر داخل النوع نفسه. وبنيت جميع المادة الوراثية من أربعة أحرف حتى بات العلماء ينقلون الجينات من نبات إلى آخر أو حتى من نبات إلى حيوان؟ وما ذلك إلا لأن الخالق واحد.
- في جسم الإنسان والحيوان سنن بديعة ورائعة تخضع لها أجهزتهما وحواسهما جميعها. فسنن للجهاز العصبي والنفسجسماني والمناعي والدوري والحركي والبولي ـ التناسلي والهضمي الخ. خذ على سبيل المثال تأكيد القرآن على تقديم وأسبقية حاسة السمع على حاسة الإبصار، وقد أثبت العلم الحديث ذلك [10]. كذلك تتناسب كل مادة وعصارة هاضمة وهرمون وأنزيم مفرز ليعمل بطريقة محددة ودقيقة، وفي وقت (ساعة بيولوجية) وموضع مناسب ومهيئ تهيئة كاملة لوظيفته، ومختص لنوع أو أنواع معينة من النشاطات والسلوكيات والاستجابات والنتائج الخ. وثمة تأكيد في القرآن الكريم على أن غالب الإحساس يأتي من الجلد، والإشارة إلى أذى المحيض وتحريم الخمر والميسر والميتة والدم ولحم الخنزير، وأكل الربا.. سنن أثبتتها طرائق العلم الحديث كل في مجاله.
- النوم واليقظة صورتان مصغرتان دالتان على حقيقة الموت والحياة، ولغة الضحك والبكاء موحدة وواحدة بين البشر على اختلافهم وتنوعهم:"وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى"(النجم:43)، ومن الطبائع العامة للنفوس البشرية أن تصاب بشيء من اليأس والقنوط في حالات الضيق والبأساء والشدة، وبشيء من الفرح والزهو والفخر في حالات السعة والنعماء.
- إن ملكات الناس جميعاً على اختلافاتهم، العلمية والثقافية والطبقية الخ، منسجمة متفقة مع كلام الله تعالى.. قرآناً وشعائر وشرائع. لقد كان فطاحل قريش من المشركين، كأبي جهل وغيره، كثيراً ما يسترقون السمع ليشنفوا أذانهم بآي الذكر الحكيم، فيتعاهدون على عدم العود لتكرار ذلك، فتخونهم نفوسهم التي تهفو إلى سماع الحق .. كلام الله رب العالمين.
- العالم المادي الكوني ليس فقط محكوماً بالسنن، ونسق البناء الواحد، بل الأنفس والعمران البشري وسبل الحضارة والتحضر تخضع أيضاً لسنن وقوانين.[11]. ولقد عرض علينا القرآن الكريم العديد والعديد من تلك السنن، خذ أمثلة على ذلك: صلاح الإنسان/ المجتمعات، أو شقائه (ئها) مرهون بالدين والتدين الصحيح وبالتزكيتة أو التدسية:"وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا، فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا، قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا، وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا"(الشمس:7-10)، ويقول تعالى: "قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى، وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى"(طه:123ـ124)، ويقول تعالى: "وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنْ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ" (الأعراف:96)، ويقول تعالى: "فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ" (الأنعام:44). إن مصير المجتمعات مرهون بسلوك أفرادها: " لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ"( الرعد:11) ، وهلاكها رهن بإفسادها: "وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا" (الإسراء:16)، ويقول تعالى:"فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ"(غافر: 85)، ويقول صلى الله عليه وسلم:" لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الأوجاع التي لم تكن في أسلافهم، ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا، ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط عليهم عدواً من غيرهم يأخذ بعض ما في أيديهم، وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله إلا جعل بأسهم بينهم شديد" [12].
- هذه السنن، وغيرها كثير، في الأنفس والإجتماع والعمران البشري وقصص ومآلات الأقوام السابقة حدت "بابن خلدون" ـ وهو ابن الحضارة العربية الإسلاميةـ أن يضع "مقدمته" الرائعة في أسس علم العمران/ الإجتماع البشري وقوانينه الحاكمة له [13].
خرق الله سبحانه للسنن دلالة على طلاقة قدرته تعالى، وعدم "ميكانيكية" الكون.
بقي الإشارة إلى أن "الكون لا يسير وحده"، ميكانيكاً، و"لا يقوم بذاته فيستغني عن إله" كما يدعي الماديون الملحدون. بل إن الله تعالى بقيوميته يفعل ما يشاء بقوله كن فيكون، فكل البشر من زوجين، إلا آدم وحواء وعيسى بن مريم عليهم السلام: "إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ" (آل عمران:59). وقد يجتمع الزوجان فلا ينجبان، وقد يتم إنجاب أطفال ذات إحتياجات خاصة إلخ. ولقد أمد وأيد ـ سبحانه وتعالى ـ بمعجزاته رسله وأنبيائه، ودون تعطيل لنظام الكون كله فينقلب إنقلاباً كاملاً، فالنار من شأنها أن تحرق، والسكين أن تقطع لكن تلك السنن توقفت مع "أبي الأنبياء" إبراهيم عليه السلام. ولقد تحولت العصا لحية، وتفجير اثنتي عشرة عيناً بضربه من العصا، وفلق البحر لنبي الله موسى عليه السلام، وتكلم المسيح عليه السلام في المهد، كما أبرأ الأبرص والأكمه بإذن الله تعالى، وانشق القمر وحن الجذع لرسول الله صلى الله عليه وسلم، إلخ آخر تلك المعجزات الحسية العينية، فضلاً عن المعنوية.
في الختام
يقول الفيزائي الفرنسي "لوانكازي" (1854ـ1912م): "اكتشفنا بعضاً من أسرار الطبيعة، وسنكتشف أخرى كل يوم، ونحن لا نطالب الطبيعة بمخالفة قوانينها، فهي لا تستطيع ذلك، وليس بمقدورها ذلك. بل نخضع ونرضخ لها ولقوانينها بكل رضا، ويمكننا أن نتعامل مع الطبيعة بالرضوخ لقوانينها". [14].
لقد أثبتت الفيزياء أن الطبيعة لا تعرف أي تحوُّل مجاني عشوائي. وكل ذرات الكون قد بنيت على نسق واحد. من أبسط الذرات التي يدور فيها إليكترون واحد حول بروتون واحد إلى أثقل الذرات المعروفة وكل قوانين الفيزياء ثابتة على امتداد الكون حتى بات من الممكن حساب كل مسألة في الكون بنفس القوانين. فأي أمر يحدث فيها له دور يؤديه في "سيمفونية" القوى الطبيعية الكونية. ويقول الأمريكي "جون موير":"عندما يشد المرء إليه بقوة شيئاً واحداً في الطبيعة سيجد أنه مربوط بإحكام إلى سائر الكون"[15].
كلمة في التوحيد
في كل ما سبق وغيره يتبن أن الوحدانية والتوحيد نعمة تستحق الشكر:"الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ"(العنكبوت:63). فالله تعالى ليس له ولد ولا شريك ولا ولي من الذل، ليخرج منه (أي الذل) أوليائه الذين يحبهم ويحبونه. أليس هذا الإله بمستحق للتفرد بالعبادة والتودد بالحب:"وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا" (الإسراء:111)
ولقد وضع علماء التوحيد كذلك الحدود والشروط والأركان والواجبات لقضية الإيمان، وكذلك النواقض التي تخرج من الإيمان، والمخالفات التي تخالف الإيمان ولا تنقض أصله، وكل ذلك لضبط هذا العلم وأقسامه، وبيان حدوده إلخ. ويرجع لها في مظانها. ولا يكون العبد مؤمناً بالله حقاً إلا إذا اعتقد وحدانيته سبحانه وتعالى في جميع ما كان من صفاته وأفعاله وحده، وإلا إذا عبده سبحانه وتعالى وحده. فهو سبحانه وتعالى خالق كل شيء، ولا يشاركه في الخلق أحد قط، فمن اعتقد أن هناك من خلق ذرة في هذا الكون، أو أنه يخلق شيئاً فهو كافر مشرك بالله سبحانه وتعالى. وكما كان الخلق لله وحده فالملك لله وحده قال تعالى: "تبارك الذي بيده الملك(الملك:1) وقال: "قُلْ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنْ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنْ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ" (آل عمران: 26-27).
وينبغي الإيمان بتصريفه تعالى، وتدبيره (الأمر الكوني القدري) بالإحياء والإماتة، والإعزاز والإذلال، والإغناء والإفقار، والمرض والصحة، والهدى والضلال، والسلم والحرب، والظلم والعدل.. إلخ (القضاء والقدر).
فكل ما يعتري المخلوق في شؤونه، وما يعتري العوالم كلها وجوداً وعدماً، وبداية ونهاية، وحرباً وسلماً وظلماً وعدلاً، فكله جار بتصريف الله سبحانه وتعالى، لا يملك أحد منهم لنفسه نفعاً ولا ضراً. بل جميع مقادير المخاليق من ملائكة وجن وإنس وحيوان ونبات كلها جارية وفق أمر الله الكوني القدري. يقول تعالى: قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ، أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ الْأَقْدَمُونَ، فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ، الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِي، وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِي، وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِي، وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ، وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ" (الشعراء 75-82).
وكما هو أن الأمر الكوني القدري هو لله وحده سبحانه وتعالى ليس لأحد معه من الأمر شيء، فكذلك الأمر التشريعي، وهو المستحق وحده بالعبادة دون سواه، ولذلك جعل العبادة حقاً له وحده، حقاً له على جميع موجوداته ملائكة وجناً وإنساً، وسماءاً وأرضاً، وقد أجمل النبي صلى الله عليه وسلم بيان هذا في حديث ابن مسعود: [أتدري ماحق الله على العباد؟ وما حق العباد على الله] قال: قلت: الله ورسوله أعلم: قال صلى الله عليه وسلم: [حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً، وحق العباد على الله ألا يعذب من لا يشرك به شيئاً].
جملة القول: " إن الواحد لا يصدر إلا عن الواحد"، ووحدة البناء تؤكد وحدانية الخالق سبحانه وتعالى. فكل ما يتصف بوحدة النظام والتنسيق والإنسجام والجمع بين المتنافرات والمتناقضات والتنوع داخل النوع والوحدة لا بد أن يقف وراء كل ذلك واحداً احداً. ولو استقل أحد المتعددين بالتصرف تعطلت صفات الآخرين، ولو اشتركوا تعطلت بعض صفات كل منهم، وتعطيل صفات الألوهية يتنافي مع جلالها وعظمتها فلابد أن يكون الإله واحداً أحداً. يقول تعالى: "قُلْ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى أَاللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ، أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُمْ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَءلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ، أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَءلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ، أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَءلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ، أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَءلَهٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ، أَمَّنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنْ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ(النمل:59-64). ويقول تعالى:"قُلْ لَوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذًا لَابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا، سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا"(الاسراء:42-43). فالحمد لله على نعمة التوحيد والإسلام وكفى بهما نعمة.
يمكن التواصل مع الكاتب أ. د. ناصر أحمد سنه على الإيميل التالي:
المراجع:
[1]- انظر: المعجم الوجيز، طبعة وزارة التربية والتعليم المصرية، 1993م.
[2]- راجع المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم،من وضع محمد فؤاد عبد الباقي: دار الحديثط 3، 1411هـ، 1991م
[3]- د. نبيل حسن: "علم النفس الكوني" مقال علي الشبكة الدولية للمعلومات.
[4]- بانيش هوفمان: "قصة الكم المثيرة"، ترجمة أحمد مستجير، المؤسسة المصرية العامة للتأليف والنشر، دار الكاتب العربي،د.ت، وكذلك د. محمد علي العمر: مسيرة الفيزياء علي الحبل المشدود بين النظرية والتجربة: من نيوتن إلي آينشتين، وما بعد. ، سلسلة عالم الفكر: "مناهج البحث العلمي"، العدد الأول، 1989م، ص 29ـ128، وكذلك موسوعة ويكبيديا الألكترونية.
[5]- للمزيد راجع د. أحمد محمد كنعان: "أزمتنا الحضارية في ضوء سنة الله في الخلق"، كتاب الأمة، العدد 26، المحرم 1411هـ، أغسطس، 1990م، قطر.
[6]- راجع موسوعة ويكبيديا الألكترونية، مواقع ذات صلة بعلم الفيزياء وتلك النظرية.
[7]- أنظر د.خلوق نور باقي:"الإنسان ومعجزة الحياة"، ترجمة أورخان محمد علي، دار الصحوة للنشر،19 86مً:ص27-28.
[8]- راجع سعيد حوى:" الله جل جلاله"، مكتبة وهبة، ص80-86.
[9]- راجع د.خلوق نور باقي: الإنسان ومعجزة الحياة"، م.س.، ص:17-24.
[10]- للمزيد د. زغلول النجار: "في نور القرآن الكريم..تأملات في كتاب الله"، الدار المصرية اللبنانية، القاهرة، ط 1، 2008م.
[11]- د. أحمد محمد كنعان: "أزمتنا الحضارية في ضوء سنة الله في الخلق"، م.س.
[12]- رواه اين ماجه والبزر والبيهقي (واللفظ له) ـ فقه السنة ـ السيد سابق 1/332.
[13]- راجع مقدمة ابن خلدون، ضمن كتاب الشعب، 1970م، " وكذلك د. عبد الحليم عويس: "التأصيل الإسلامي لنظريات ابن خلدون"، كتاب الأمة العدد: 50، ذو القعدة 1416 هـ، ابريل 1996م، ابن خلدون: "المختار من المقدمة"، الهيئة المصرية العامة لكتاب، ضمن مكتبة الأسرة 1997م.
[14]- د. محمد علي العمر: مسيرة الفيزياء علي الحبل المشدود بين النظرية والتجربة، م.س.، ص 29ـ128.
[15]- أدوارد "روكي" كولب: عن توحد الطبيعة، ضمن كتاب: "تعلم العلم في القرن الحادي والعشرين" لنخبة من العلماء والمربين، ترجمة مصطفي إبراهيم فهمي، دار العين للنشر، ط1، 2004، ص:91-101.
  #967  
قديم 11-11-2013, 07:28 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو

من حقائق علم تأريخ الكون فى رحاب القرآن بين عبقرية المفسرين وآراء العلماء


صورة لمجموعة من النجوم في السماء
الدكتور حسني حمدان الدسوقي
أستاذ علوم الأرض في جامعة المنصورة ـ باحث إسلامي
الخلاصة:

إننى أهدف من هذا البحث إلى بيان سمو النص القرآنى المتعلق بتأريخ الكون, وعلوه فوق ما نعتبره اليوم من حقائق العلم, وتقديم خدمة جليلة للعلم ذاته من خلال مراجعة وتصحيح مداخله لتتسق مع النصوص القرآنية ذات الصلة. كما أهدف إلى توضيح الرؤى العلمية الثاقبة لمفسرى القرآن الكريم والتى يجدر بعلماء الكون والفلك اليوم أن يستفيدوا منها فى استشراف آفاق العلم اليوم وفى المستقبل. كما أنه تولدت لدى قناعة راسخة بأن قمة الرسوخ فى علوم الكون تستلزم استخدام نفس المصطلح القرآنى. ومن خلال عرض حقائق أساسية عشر لعلم تأريخ الكون (الكسمولوجيا). وقد تبين لى أن تلك الحقائق القرآنية العلمية هى الأساس الذى يقوم عليه ذلك العلم. ومما لا شك فيه أن الحقائق المطلقة المتعلقة بمولد الكون وتطوره عبر الزمن ونهايته لا يمكن أن تعرف على الوجه الحقيقى إلا من الخالق عز وجل. وبالتالى فإن القرآن والسنة الصحيحة هما المصدران الفاصلان فى بيان حقيقة الخلق, ونعنى هنا بحقائق تأريخ الكون. ومن درر القرآن التى يتيه بها على العلم الحديث فتق الرتق, ودخان السماء, وبناء السماء , وحبك السماء , وملكوت السماوات والأرض, وتعدد العوالم, ونفصيل معالم مآلات السماوات والأرض والحياة. وعجيب أن يناقش علماء الكون نفس القضايا العلمية التى تناولها القرآن بالإشارة والتصريح, وأيضا نفس الفهم الذى قدمه المفسرون حول تلك القضايا فى وقت مضى لم تعرف فيه علوم الكون والفلك على النحو الذى نعرفه اليوم.
ويبدأ البحث بعد تلك التذكرة بمقدمة بعرض حقائق علم تأريخ الكون ثم ذكر بعض التوصيات. وإننى إذ أسأل الله التوفيق؛ أطلب منه تعالى العفوعما قد أكون قصرت فيه, وليس لى من زاد سوى حب الله تعالى ورسوله والقرآن وسنة النبى محمد صلى الله عله وسلم.
أولا : المقدمة
من روائع الإعجاز العلمى فى القرآن الكريم أن نجد تاريخ الكون منذ مولده حتى نهايته مسطرا فى ثمان آيات محكمات من آيات أم الكتاب. وستظل إشارات القرآن حقائق خلق السماوات والأرض منارات تهدى العلماء إلى فهم التأريخ الكونى فهما صحيحا. وتضم تلك الآيات آية واحدة تتحدث عن مولد السماوات ولأرض "الكون" وهى قوله تعالى : " أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ " ( الأنبياء : 30), وآية أخرى تشير إلى اتساع السماء وهى قوله تعالى : وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ " ( الذرايات : 47 ), وأربع آيات فصلت ثلاث مراحل لتطور السماوات والأرض "العالمين" وردت فى قوله تعالى : : قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ * وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاء لِّلسَّائِلِينَ * ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ * فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاء أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ " ( فصلت : 9-12 ), وأخيرا آيتان تصفان نهاية الأرض بالقبض والسماوات بالطى هما قوله تعالى : (( وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ )) ( الزمر : 67), وقوله تعالى فى وصف مآل السماء: (( يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاء كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ )) ( الأنبياء : 104 ). وتمثل تلك الآيات الثمانى دررا يجب أن تتحلى بها علوم الفلك والكون (الكسمولوجيا). وغاية سعى علماء الكون كما سنرى من خلال البحث أن يكتشفوا سر تلك الآيات. ولذلك يجب أن تتصدر الآيات السابقات المباركات أي حديث عن الكون وتاريخه. ولو فطن علماء الكون لجعلوا من تلك الآيات مرشدا لهم في أبحاثهم.
وقبل أن أستعرض مفردات هذا البحث أريد أن يكون منطلقي أولا القرآن الكريم, وذلك لسبب بسيط هو أنه مهما تقدمت علوم الكونيات والفلك بأنواعها المختلفة, فلن تصل إلى الحقائق المطلقة فى خلق السماوات والأرض. كما أننى قد توصلت إلى نتيجة عظيمة سأركزعليها فى ثنايا البحث فحواها أن أدق مفردات علوم الكون هى نفسها مفردات الإشارات القرآنية الكونية من مثل اتساع السماء (Etsaesamaa) وليس اتساع الكون (Expansion of the universe), وفتق الرتق (Fatqerratq)وليس الإنفجار الأعظم (Big Bang), والفتق (Fatq) وليس التضخم الأعظم (Big Inflation) وطى السماء (Tayesmaa) وليس الإنسحاق الأعظم (Big Crunch) إلى غير ذلك من مفردات مثل بناء السماء, وحبك السماء, ورجع السماء وغيرها من كلمات القرآن الواردة فى هذا الشأن.
وليس استخدام نفس المفردات القرآنية فى وصف الظواهر الكونية تقديسا للقرآن وأسلمة للعلوم فقط, وكفى بهما غايتان عظيمتان , ولكن من باب أن المفردات العلمية السابق ذكرها وغيرها ليست دقيقة بالقدر الكافى مقارنة بالمصطلحات القرآنية التى تعبر عن الحقائق المطلقة لأشياء لم ير الناس خلقها, بالإضافة إلى أن مفردات القرآن فى هذا الشأن تصحح للعلماء ما اختلفوا فيه, وتفتح أمامهم نافذة على علوم المستقبل فى علوم تأريخ الكون والفلك. ومن دواعى دهشتى أنك لو كتبت المصطلح القرآنى المجرد ثم تجولت بين المجلات العلمية وشبكة المعلومات الدولية لوجدت العلماء -كما أشرت سابقا- يستخدمون اللفظ القرآنى كما ورد فى القرآن الكريم.
وكان من دواعى سرورى أننى حينما انتهيت من كتابة هذا البحث, إذا بى أشاهد برنامجا وثائقيا على قناة اقرأ الفضائية يسجل خواطر علماء وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا". وفى نهاية البرتامج سأل المذيع كل عالم على حدة سؤالا حول ما يشغله حقا. ومن الرائع حقا أن ما يشغلهم ويتمنون الوصول إليه موجود فى القرآن الكريم. والحمد لله رب العالمين على أننى كنت قد استعرضت بعض حقائق علم تأريخ الكون فى القرآن قبل أن أشاهد ذلك البرنامج. وكانت أمنيات العلماء المشاركين فى البرنامج كالتالى:
1- قال أحدهم أريد أن أعرف حقا ماذا قبل الانفجار الأعظم "البج بانج".
2- وقال الثانى أود أن أعرف على وجه الحقيقة ماذا حدث فى اللحظات الأولى من عمر الكون.
3- وقال الثالث هل الزمن من صنع الإنسان أم أنه قيمة مجردة
4- وقال الأخير ما يشغلني حقا هو معرفة مصير الكون, لأن معرفة الحقيقة ستجعل لحياتنا طعما خاصا.
عرض بعض حقائق علم تأريخ الكون فى القرآن والعلم الحديث
يهتم علم تأريخ الكون (Cosmology) أو الكسمولوجيا بمحاولة الوصول إلى الإجابة عن الأسئلة الثلاثة التالية:
1- من أين أتى الكون؟
2- وإلى أين يذهب وكيف ينتهى؟
3- وما حال الكون بين البداية والنهاية؟
ومع أن الإجابة على تلك التساؤلات أمر عسير فى الأوساط العلمية؛ إلا أن الإجابة الحقيقية الشافية لا توجد إلا فى القرآن الكريم, والتى ستأتى تفصيلاتها فى ثنايا هذا البحث.
تلك هى مبادئ علم التأريخ الكون فى ضوء إشارات القرآن والعلم الحديث:
الحقيقة الأولى: فتق الرتق مولد السماوات والأرض.
الحقيقة الثانية: دخان السماء أصل السماوات والأرض .
الحقيقة الثالثة: اتساع السماء صفة ملازمة للكون.
الحقيقة الرابعة: مراحل خلق السماوات والأرض ثلاثة.
الحقيقة الخامسة: توصيف السماوات.
الحقيقة السادسة: حبك السماء.
الحقيقة السابعة: العالمين والأكوان.
الحقيقة الثامنة: التسخير الإلهي.
الحقيقة التاسعة: الحياة خارج الأرض قائمة.
الحقيقة العاشرة: الهلاك والتبدل مآل السماوات والأرض.
بعض هذه الحقائق بالتفصيل
الحقيقة الأولى : مولد الكون : فتق الرتق أحق من الإنفجار الأعظم:
The First Principle: Fatqerratq
مختصر التفسير:

أصل الكون في كتاب الله رتق فتقه الله، وأصل الحياة الماء يقول الحق تبارك وتعالى: ((أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ ))الأنبياء 30
فسرت الآية السابقة على وجوه ثلاثة
1 - القول الأول: قَالَ اِبْن عَبَّاس وَالْحَسَن وَعَطَاء وَالضَّحَّاك وَقَتَادَة : يَعْنِي أَنَّهَا كَانَتْ شَيْئًا وَاحِدًا مُلْتَزِقَتَيْنِ فَفَصَلَ اللَّه بَيْنهمَا بِالْهَوَاء وهذا الرأي لا يبعد كثيرا عن رأي فريق من العلماء يرى أن الكون بدأ متجانسا (Homogeneous).
2- الَقَوْل الثَانى: قَالَهُ مُجَاهِد وَالسُّدِّيّ وَأَبُوصالح: وَالرَّتْق السَّدّ ضِدّ الْفَتْق , وَقَدْ رَتَقْت الْفَتْق أَرْتُقهُ فَارْتَتَقَ أَيْ اِلْتَأَمَ , وَمِنْهُ الرَّتْقَاء لِلْمُنْضَمَّةِ الْفَرْج. قال أبو صَالِح : كَانَتْ السَّمَوَات مُؤْتَلِفَة طَبَقَة وَاحِدَة فَفَتَقَهَا فَجَعَلَهَا سَبْع سَمَوَات , وَكَذَلِكَ الْأَرَضِينَ كَانَتْ مُرْتَتِقَة طَبَقَة وَاحِدَة فَفَتَقَهَا فَجَعَلَهَا سَبْعًا.وهذا الرأى أيضا لا يبعد عن رأى فريق آخر من العلماء على رأسهم ستيفن هوكنز الذى يرى أن الكون بدأ غير متجانس عند لحظة الإنفجار الأعظم.
صورة لستيفن هوكنز العالم الفيزيائي الشهير
3- وَالقَوْل الثَالِث: قَالَهُ عِكْرِمَة وَعَطِيَّة وَابْن زَيْد وَابْن عَبَّاس أَيْضًا فِيمَا ذَكَرَ الْمَهْدَوِيّ : إِنَّ السَّمَوَات كَانَتْ رَتْقًا لَا تُمْطِر , وَالْأَرْض كَانَتْ رَتْقًا لَا تُنْبِت. فَفَتَقَ السَّمَاء بِالْمَطَر, وَالْأَرْض بِالنَّبَاتِ. وَاخْتَارَ هَذَا الْقَوْل الطَّبَرِيّ ; لِأَنَّ بَعْده " وَجَعَلْنَا مِنْ الْمَاء كُلّ شَيْء حَيّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ ".
ومن المؤكد أن الحقيقة المطلقة فى خلق السماوات والأرض وخلق الإنسان لا يمكن معرفتها على وجه اليقين إلا من القرآن الكريم لأن الإنسان لم يكن شاهدا بداية خلقهما مصداقا لقوله تعالى:
{((مَا أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً)) الكهف51
ومن بديع القرآن أن الحق تعالى يسأل– وهو أعلم– :" أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا ". وتأتى إرهاصات الجواب على لسان غير مسلمين من أمثال جورج ليتمر سنة 1931, وجورج جاموف الروسى سنة 1948. وقد أتى علماء الكونيات بنظرية الانفجار الأعظم (Big Bang). وحديثا يعتقد العلماء أن الكون وقت الانفجار الأعظم كان حجمه صفرا، ومن النقطة الصفرية؛ اللانهائية الكثافة اللانهائية التكور أتى الكون من انفجار تلك المفردة (Singularity) (شكل:1). والعجيب أيضا أن يصرح أبرز المنظرين فى رياضيات الكون، الدكتور/ ستيفن هوكنج قائلا فى كتابه موجز الزمان فى صفحةـ 107 :" إننا واثقون تماما من أن لدينا الصورة الصحيحة على الأقل بما يرجع وراء إلى ما يقرب من الثانية الأولى بعد الانفجار الكبير".
على العلم أن يصحح مساره مسترشدا بحقيقة فتق الرتق . فقد تتغير صفة المفردة إلى شيء آخر, لكنها لن تخرج عن مجال الشيء الرتق أي المُلتَئِم المُنضَم ، وكذا الحال فى صفة التضخم الكونى الأولىْ ولكن صحيحها سيكون فتقا. ولا يسع المسلم اليوم إلا أن يعجب بفقه علماء القرآن حينما يقرأ تفسيراتهم للآية السابقة ويدرك مدى توافق آراء علماء الفلك والكون اليوم مع آرائهم.
من يسأل من أين جاء الكون؟ نقول له من فتق الرتق. ومن يسأل ما هو الرتق والفتق؟ قلنا له الرتق هو الشيء المضموم المسدود المجمع, والفتق عكس الرتق. ومن يسأل من أين جاء الرتق؟ قلنا له من الله. والسماوات والأرض شىء. والشيء لكي يكون موجودا لابد أن يكون وراءه الخالق. والخالق هو الله
وفي وقت ضل فيه بعض الناس واتبعوا أهواءهم فادعوا أن الكون أزلي, بمعنى أن ليس له بداية, وادعوا أيضا أن ذلك الكون لن يكون له نهاية, جاء العلم يكذبهم ويدمغهم بالغباء. أمن المعقول مثلا أن تكون شمسنا أبدية بلا بداية وهي تفقد في كل ثانية 4600 مليون طن من مادتها وطاقتها. وجود الشمس اليوم يعني أن لها بداية وإلا فنيت. وعلى هؤلاء النفر أن يقرأوا النص القرآني لعلكهم يؤمنون بربهم القائل: "أو لم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما.." (الأنبياء: 30).
. ومن العجيب أن العلماء قد سجلوا صوت "فتق الرتق" من تحليل الموجات الدقيقة (Microwaves) التى تكون خلفية الكون.
وحينما تعرض نظرية الإنفجار الأعظم كأصل لنشأة الكون, على القرآن الكريم. نقول: إن العلماء لم يكونوا موفقين في اختيار المسمى حينما قالوا "الانفجار". فالانفجار يعقبه دمار. فكيف يكون الكون البهي المتناسق المتسق المتجانس في مقاييسه الكبرى والصغرى قد جاء من انفجار؛ اللهم إلا إذا كان هذا الإنفجار منضبطا جدا, وانضباط الانفجار في الثواني الأولى من عمر الكون شيء قد اعترف به كبار العلماء من أمثال ستيفن هوكنج الذي قال: ذلك الإنفجار لا يكون كذلك إلا بقصد".
ثم إن كلمة "الانفجار" لا تناسب إطلاقا في تسميتها الحدث الأكبر الذي ولد منه الزمان والمكان. وكنت من قبل لا اثق فى المسمى وأتنبأ بتغييره في المستقبل القريب, وقد استبدل بمصطلح "البج بانج" بمصطلح آخر جديد منذ عام 1980 أطلق عليه مسمى "التضخم الأعظم Big Inflation)). فهل يأتي على علماء الكون وقت يستخدمون كلمات النص القرآن بمفرداته فتق- رتق. إنني أعلم أن العلماء يستخدمون اليوم مصطلح فترة التضخم ليعبر عن برهة من الزمن لا تعدو جزءا من الثانية الأولى من عمر الكون , وهذا ما يشير إليه حرف الفاء فى قوله تعالى: "ففتقناهما" التى تفيد التعقيب السريع. وننبه العلماء في ضوء القرآن بأنه لا الانفجار الأعظم, ولا حقبة التضخم تعبر عن الحدث الفريد. بل في مقابلة الأول فإن فتق الرتق أحق أن يتبع, وفي مقابلة الثانية فإن "ففتقناهما" أولى بالاتباع.
الحقيقة الخامسة: تعريف السماء فى القرآن
The Fifth Principle: Definition of Heavens
من الرائع حقا أن ينفرد القرآن بتحديد خصائص السماء, فى الوقت الذى يصعب على العلماء المتخصصين فى علوم الكون والفلك الإجابة على سؤال بسيط هو: ما هي السماوات؟ . ونؤكد على حقيقة أن معاني السماء فى القرآن تفتح آفاقا جديدة فى علوم الكون والفلك. ونعرض هنا بإيجاز إلى الخصائص العامة للسماء والصفات ذات الصبغة العلمية: وسوف أقصر الحديث على المعانى العلمية للسماء.
هل يستطيع علماء الفلك أوالكون إخبارنا بحقائق السماء التي وردت فى القرآن؟ ربما يكون متاحا فى ضوء العلم الحديث معرفة بعض خصائص السماء, إلا أنه تظل أشياء غائبة. وما أحاوله هنا ما هو إلاشارة لبعض أسرار السماء التى ذكرت فى القرآن عسى أن تفتح للعلماء آفاقا جديدة عن السماء. وفيما يلى ذكر تلك الصفات:
1- السماوات سبع:
• (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) البقرة29
2- السماوات سبع طرائق.
• (وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ) المؤمنون17
3- وجود سبع أراضين.
• (للَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً) الطلاق12
4-السماء سبع شداد.
• (وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِدَاداً) النبأ12
5-في السماء معارج.
• (مِّنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ) المعارج3
6- للسماء بناء
• (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاء بِنَاء وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ) البقرة22
• (اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَاراً وَالسَّمَاء بِنَاء وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) غافر 64
• (أَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّمَاء بَنَاهَا * رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا) النازعات:27- 28
• (وَالسَّمَاء وَمَا بَنَاهَا) الشمس5
الحقيقة الثامنة :التسخير وليس "المبدأ الإنساني" أصل قرآني
The Eighth Principle: Principles of "Taskheer"
المبدأ الإنساني أصل إسلامي:
ما هو المبدأ الإنساني؟ أصحاب ذلك المبدأ يقسمونه إلي المبدأ الإنساني الضعيف والمبدأ الإنساني القوي. وهما صنوان لوجه واحد. والمبدأ الإنساني الضعيف "يقرر أنه في كون كبير أو لا متناه في المكان والزمان "مثل الكون الحالي" فإن الشروط الضرورية لنشأة حياة ذكية لايتم الوفاء بها إلا في مناطق معينة تكون محدودة الزمان والمكان. والكائنات الذكية في هذه المناطق ينبغي إذن ألا تفاجأ لو لاحظت أن موضعها في الكون يفي بالشروط الضرورية لوجودها. بمعني أبسط؛ الكون متناهي الأرجاء ولكن لاتوجد حياة عاقلة مثل الإنسان إلا في موضع واحد وهو الأرض. فلماذا كل هذا الكون الكبير؟ الإجابة لكي نعيش نحن البشر علي الأرض. وهذا هو ما يطلق عليه المبدأ الإنساني.
صورة براندون كارتر العالم الفيزيائي الشهير

كون كبير مسخر لإنسان يعيش علي بقعة لا تعدو إلا أن تكون ذرة أو هباءة في ملكوت السماوات.
وقد لاحظ الفيزيائي براندون كارتر (Brandon Carter) أن الثوابت الفيزيائية يجب أن تعمل فى مدى ضيق لتفي بوجود حياة كالتى نعرفها. ولذا يبدو الكون ملائما لوجود الحياة. ويقول كارتر أن مرجع ذلك إلى "المصمم الأعظم" "The Great Desiner " الذى خلق كوننا (مع تحفظي على كلمة المصمم الأعظم لأنها ليست من أسماء الله الحسنى). ونظرا لتعقيد الماكينات المصممة فإننا نرى قوانين فيزيائية وبيولوجية وكيميائية. وربما يرى إنسان ما أن التصميم البيولوجى يمكن أن يتطور من خلال المحاولة والخطأ, ولكن كيف تكون الثوابت الفيزيائية مناسبة تماما لعمل الكون. فى الواقع يوجد كوكب واحد يحمل الحياة. وكما يقول ستيفن هوكنج: يبدو أن قيم أرقام حجم شحنة الإلكترون ونسبة كتلة البروتون إلي كتلة الإلكترون قد ضبطت ضبطا دقيقا جدا لتجعل نشأة الحياة ممكنة. فلو أن الشحنة الكهربائية للإلكترون كانت تختلف فقط اختلافا هينا؛ لما أمكن للنجوم أن تحرق الهيدروجين والهيليوم. أو أنها ما كانت بالتالي ستنفجر".
أما عن المبدأ الإنساني القوي فيري هوكنج أنه في حالة وجود أكوان غير هذا الكون,أو في حالة وجود مناطق مختلفة في كون واحد, فلربما تميز كل منها بقوانين علمية خاصة به, إلا أنه لن تنشأ حياة ذكية إلا في أكوان قليلة مثل كوننا. وبمعني أبسط أنه قد توجد حياة عاقلة في أكوان أخرى أو في مناطق أخرى من ذلك الكون.
والآن لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد كما يقول الحق تبارك وتعالى؛ ليعلم أصحاب المبدأ الإنساني أن نصوص القرآن الكريم قررت ما يرددونه اليوم, حيث يقرر الحق تبارك وتعالى: أن ما في الارض مسخر للإنسان, وأن ما في الأرض والسماء مسخر للإنسان. وبالمعنى الواسع أن الكون كله بأرضه وسمائه مسخر لخدمة الخليفة وهو الإنسان. يقول الحق تعالي:
(هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (البقرة:29)
وتتعدد آيات تسخير الله الكون بأسره للإنسان كما فى قوله تعالى:
• (أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ) لقمان20
• (وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِّنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لَّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) الجاثية13
الحقيقة التاسعة: الحياة خارج الأرض
The Ninth Principal: Extraterrestrial life

حينما يسعى الإنسان, حاليا وفي المستقبل, إلي غزو الفضاء في محاولة البحث عن حياة في السماء, سوف يجد القرآن أمامه دليلا له. نعم توجد حياة في السماء. توجد حياة في الأرض, وفي الأرض دواب. وفي السماء دواب. وعلى العلماء الباحثين عن حياة خارج الأرض, على المريخ مثلا أن يتدبروا قوله تعالى المسطر في القرآن منذ ما يزيد علي 1400 عام , حيث نقف أمام النص القرآني الخالد:
{وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِن دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ }الشورى29".
تفسير الآية: ((وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِن دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاء قَدِيرٌ)) (29 الشورى)
ابن كثير: يَقُول تَعَالَى" وَمِنْ آيَاته " الدَّالَّة عَلَى عَظَمَته وَقُدْرَته الْعَظِيمَة وَسُلْطَانه الْقَاهِر " خَلْقُ السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَمَا بَثَّ فِيهِمَا " أَيْ ذَرَأَ فِيهِمَا أَيْ فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض " مِنْ دَابَّة " وَهَذَا يَشْمَل الْمَلَائِكَة وَالْإِنْس وَالْجِنّ وَسَائِر الْحَيَوَانَات عَلَى اِخْتِلَاف أَشْكَالهمْ وَأَلْوَانهمْ وَلُغَاتهمْ وَطِبَاعهمْ وَأَجْنَاسهمْ وَأَنْوَاعهمْ وَقَدْ فَرَّقَهُمْ فِي أَرْجَاء أَقْطَار السَّمَاوَات وَالْأَرْض " وَهُوَ " مَعَ هَذَا كُلّه " عَلَى جَمْعهمْ إِذَا يَشَاء قَدِير " أَيْ يَوْم الْقِيَامَة يَجْمَع الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ وَسَائِر الْخَلَائِق فِي صَعِيد وَاحِد يَسْمَعهُمْ الدَّاعِي وَيَنْفُذهُمْ الْبَصَر فَيَحْكُم فِيهِمْ بِحُكْمِهِ الْعَدْل الْحَقّ .
الجلالين: "وَمِنْ آيَاته خَلْق السَّمَاوَات وَالْأَرْض" خَلْق "وَمَا بَثَّ" فَرَّقَ وَنَشَرَ "فِيهِمَا مِنْ دَابَّة" هِيَ مَا يَدِبّ عَلَى الْأَرْض مِنْ النَّاس وَغَيْرهمْ "وَهُوَ عَلَى جَمْعهمْ" لِلْحَشْرِ "إذَا يَشَاء قَدِير" فِي الضَّمِير تَغْلِيب الْعَاقِل عَلَى غَيْره"
الطبرى: يَعْنِي وَمَا فَرَّقَ فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض مِنْ دَابَّة . عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّة } قَالَ : النَّاس وَالْمَلَائِكَة .
القرطبى: قَالَ مُجَاهِد : يَدْخُل فِي هَذَا الْمَلَائِكَة وَالنَّاس , وَقَدْ قَالَ تَعَالَى : " وَيَخْلُق مَا لَا تَعْلَمُونَ " [ النَّحْل : 8 ] . وَقَالَ الْفَرَّاء أَرَادَ مَا بَثَّ فِي الْأَرْض دُون السَّمَاء.
ويلاحظ من الآية أن : 1- الدواب بثها الله فى السماوات والأرض.
2- لم توصف الملائكة بأنها دواب فى القرآن الكريم.
3- مادة خلق الدواب غير مادة خلق الملائكة.
4- وجود حرف الواو فى الآية يعنى المغايرة.
5- مشيئة الله بجمع دواب الأرض والسماء يجب الا تحدد فقط بوقت يوم القيامة.
6- ليس فى الآية قرينة تقصر بث الدواب فى الأرض دون السماء. كما توجد آيات أخرى يفهم من إشاراتها عدم استبعاد حياة فى السماء
وأنا كمسلم أوقن بأن الله لم يفرط في الكتاب من شيء. وأرى أن قدرة الله على جمع ما يدب علي الأرض وما يدب في السماء لا يحدها زمان ولا مكان. وها نحن نتابع اليوم رحلات المريخ الاستكشافية بفضول شديد, كما تابعنا استكشاف الانسان للقمر والهبوط على سطحه. والإسلام لأنه دين العلم ودين الهدي, يدعو الناس الي ارتياد أجواء الفضاء طبقا عن طبق كما أسلفنا, والنفاذ من اقطار السماوات والأرض.
هل يوجد كواكب مثل الارض
وهنا أود أن أخلص إلى أن فكرة البحث عن حياة خارج الارض, لا يوجد مانع من القرآن من البحث فيها, بل العكس تماما هو ما تدعو اليه آيات القرآن حتى يتبين للناس آيات الله في السماء كما بدت لنا آياته في الارض. وعلينا أن نأخذ محاولات الإنسان لغزو الفضاء باعتبارها محاولة لكشف بعض أسرار الله في الكون. ثم ماذا لو غزا الإنسان المريخ واستعمره أو حتى غزا مجرة درب التبانة كاملا؟ سيجد أن ما استعمره في الكون لا يعدو سوى موضع قدم في مدينة عامرة. وذلك لأن ملك الله أوسع بكثير مما يتخيله الإنسان. إن الله بنى السماء بقدرته ويوسعها باستمرار. ولا يظن الإنسان الذي غزا القمر من قبل؛ وإن غزا المريخ اليوم, وإن تمكن من غزو المجرة كاملة في خلال ملايين السنين القادمة؛ لا يظن أنه يعجز رب العالمين {وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاء وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ }العنكبوت22. سبحانه وتعالى قادر علي الإنسان حيثما كان في الأرض وفي السماء.
ويبدو لى أنني قد خلصت إلي ثلاث اشارات كونية ذكرت في القرآن الكريم وهي:
أولاً: الاشارة الي وجود دواب في السماء. ثانيا: الاشارة إلي ارتياد الفضاء
ثالثا: الإشارة إلي استعمار الفضاء, وحتى لو تم ذلك فالبشر غير معجزى الله.
آيات بينات:
إلى الباحثين عن وجود حياة خارج كوكب الأرض, نسوق للتدبر والتفكر الآيات التالية من كتاب الله العزيز:
• (وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِن دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ) الشورى.29
• (أَفَغَيْرَ دِينِ اللّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُون) آل عمران83
• (ألَمْ تَرَ أَنَّ اللّهَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحقِّ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ) إبراهيم19
• (وَلِلّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مِن دَآبَّةٍ وَالْمَلآئِكَةُ وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُون) النحل49
• (وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُوراً) الإسراء55
• (أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُون) النمل25
• (وَلَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ) الروم26
• (أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِن شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيماً قَدِيراً) فاطر44
• (يَسْأَلُهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ) الرحمن29

يستقبل الدكتور حسني حمدان اقتراحاتكم وآرائكم على المقالة على الإيميل التالي:
المراجع العربية
1- تاريخ موجز الزمان – د. ستيفن هوكنج – ترجمة د. مصطفى إبراهيم فهمى – الهيئة المصرية العامة للكتاب – 2001.
5- الإسلام يتحدى – وحيد الدين خان – ترجمة ظفر الإسلام خان – مراجعة وتقديم د. عبدالصبور شاهين - المختار الاسلامى – 260 صفحة.
6- الإعجاز العلمى فى الإسلام – محمد كامل عبدالصمد – الدار المصرية اللبنانية – 400 صفحة – 1993.
7- الأرض بين الآيات القرآنية والعلم الحديث – د. حسنى حمدان – المجلس الأعلى للشئون الاسلامية – القاهرة – العددان 83 ، 85 – 2002.
8- مقدمة التأريخ للأرض ودراسة طبقاتها - د. حسنى حمدان – لجنة التعريب والترجمة – جامعة قطر – 313 صفحة – 2000.
9- مقدمة فى الجيولوجيا الطبيعية والتاريخية – د. حسنى حمدان – 158 صفحة – جامعة المنصورة – 1979.
10- السجل الجيولوجى عبر الزمن – د. حسنى حمدان – 275 صفحة – تحت الطبع.
9- الجينوم والهندسة الوراثية والاستنساخ بين العلم والقرآن – د. حسنى حمدان – تحت الطبع- المجلس الأعلى
10- الإسلام فى عصر العلم – د. أحمد محمد الغمراوى – دار الإنسان بالقاهرة – 1991.
11- الكون والإعجاز العلمى فى القرآن – منصور حسب النبى – دار الفكر العربى – 1996.
12- الإشارات العلمية فى القرآن الكريم – د. كارم السيد غنيم – دار الفكر العربى – القاهرة – 1996
13- التفسير العلمى للقرآن فى الميزان – دكتور أحمد عمر أبوحجر – دار قتيبة – 563 صفحة – 1991.
14- الإعجاز العلمى فى الإسلام – محمد كامل عبدالصمد – الدار المصرية اللبنانية – 400 صفحة – 1993.
المراجع الاجنبية
• Adams G. and Michael S. Turner (2004): From slowdown to speedup. American Science,Vol.20,No5/4,pp.74-79.
• Bucher, A. Martin and Sperge N. David (1999): Inflation in a low-density universe.
• Caldwell, R. Robert and Kamionkowski M. (2001):
• Echoes from the Big Bang. American Science, Vol. 17, No10, pp 34-39.
• David B. Kline (2003): The search for dark matter. ): American Science, Vol. 19, No5.9/8, pp50-55&63.
• Glenn D. and Lawrence M. Krauss: (1999). American Science, Vol. 16, No11, pp18-25
• Georgi Dvali (2004): Out of the darkness. American Science,Vol.20,No5/4,pp.80-87.
• Greenberg, J.Mayo (2001): The secrets of stardust. A merican Science,Vol. 17,No9/8.pp56-61.
• Guillermo Gonzalez, Donald Brownlee and Peter D. Warrd (2003): Refuge for life in a hostile universe. American Science, Vol. 19, No5.9/8, pp56-602.
• Hogan, C.G., Kirshner R.P. and Suntzeff. N.B. (1999): Surveying space-time with supernova. American Science, Vol. 52, No11, pp 52-57.
• Kraous, M. L. (2004): Questions that plague physics (2004): American Science, Vol. 20, No9/8, pp62-65.
• Landy, D. Steven (.Mapping the universe. A merican Science, Vol. 15, No11.pp24-31.


  #968  
قديم 11-11-2013, 07:33 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو

من حقائق علم تأريخ الكون في رحاب القرآن بين عبقرية المفسرين وآراء العلماء - 2 -

صورة لسديم Crab_Nebula
الدكتور حسني حمدان الدسوقي
أستاذ علوم الأرض في جامعة المنصورة ـ باحث إسلامي
الحقيقة الثانية :دخان السماء والبينية وظلمة السماء
The Second Principle: Dokhanesamaa and Darkness
يقول تعالى : (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ * فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاء أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظاً ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيم) (فصلت 11-12)
وجهان للإعجاز في الآية: تشير الآية السابقة إلى وجهين عظيمين من وجوه الإعجاز العلمي تجليا في عصر العلم. والوجهان هما إشارة القرآن إلى الأصل الدخاني للسماء والإشارة إلى تسجيل صدى قول السماوات والأرض " قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ". ويندرج تحت الآية إعجازان آخران يتعلقان بظلمة السماء وما بين السماء والأرض من خلق. وتلك الوجوه الأربعة تكون محور المبدأ الثانى الوارد في عنوان هذا المبحث: وفيما يلى تناول هذه الوجوه المعجزة من الناحية التفسيرية والعلمية .
وأبدأ بالمحور الأول:
أولاً: الأصل الدخاني للسماء:
1- مختصر تفسير الآية:
في الجلالين: استوى" قصد "إلى السماء وهي دخان" بخار مرتفع
في مختصرابن كثير: وَقَوْله تَبَارَكَ وَتَعَالَى " ثُمَّ اِسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَان" وَهُوَ بُخَار الْمَاء الْمُتَصَاعِد مِنْهُ حِين خُلِقَتْ الْأَرْض". "
في القرطبي: وَفِي قَوْله تَعَالَى لَهُمَا وَجْهَانِ" قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ ": أَحَدهمَا أَنَّهُ قَوْل تُكُلِّمَ بِهِ, الثَّانِي أَنَّهَا قُدْرَة مِنْهُ ظَهَرَتْ لَهُمَا فَقَامَ مَقَام الْكَلَام فِي بُلُوغ الْمُرَاد ; ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيّ
في حين أن القرآن الكريم تحدث منذ ما يزيد على 1400 سنة عن الأصل الدخاني للسماء , فإن غبار مابين النجوم لم يكتشف إلا حينما صنع الألمان أجهزة كشف الغبار. واليوم ترسم خرائط للأوساط بين الكواكب والنجوم والمجرات (شكل: 2 )
إن الأقاليم بين النجوم كتلك التي في مجرة درب التبانة لهى أبعد كل البعد من أن تكون فارغة, بل هى في الحقيقة مملوءة بالغاز والغبار والمجالات المغناطيسية والجسيمات المشحونة. وتعرف تلك المناطق بالوسط البيننجمي (interstellar medium). ويشكل الغاز 99% من ذلك الوسط , بينما يمثل الغبار ال 1% المتبقية. وتبلغ الكتلة الكلية للغاز والغبار 15% من كتلة مجرة درب اللبانة. ويمثل الأيدروجين 90% من وزن الغاز , والبقية ممثلة بغاز الهيليوم. ويظهر الغاز على شكل سحب باردة وأيدروجين مؤين. وتعد السحب المادة الخام لتكوين النجوم.
أما عن الغبار بين النجوم, فقد اكتشف العلماء أن عالمنا هو عالم ترابي ( (Our universe is a very dusty place. والغبار الكوني الحالي ليس سوى جزء متبقي من دخان السماء. وحتى الآن يحار العلماء في وصف حبيبات الغبار البيننجمي (بين النجوم). والغبار الكوني (Cosmic Dust) هو جسيمات تمثل تجمعات من جزيئات قليلة في الفضاء تصل أحجام حبيباتها إلى 1 من مائة من المليمتر. ويتميز الغبار على حسب مكان توزيعه في الفضاء؛ فهناك الغبار بين النجوم, وبين الكواكب والغبار الكوني, والغبار المحيط بالكواكب..إلخ. ويتكون الغبار من صفائح رقيقة أو جرافيت إبرى الشكل (كربون) وسليكات عصوية الشكل محاطة بماء متثلج. ولا يعرف العلماء حتى اليوم طبيعة وأصل الغبار بين النجوم.
شكل (2): غبار ما بين الكواكب (Courtesy of E.K., Münster, and Don Brownlee)
وحبيبات غبار ما بين النجوم في حالتها المثالية لا تزيد أحجامها على كسرمن الميكرون, وهي غير منتظمة الشكل وتتكون من الكربون والسليكات. وحينما يمتص الضوء بواسطة هذا الغبار تظهر مناطق كبيرة مظلمة في مجرتنا وفي المجرات الأخرى, وتسمى تلك السحب السدم السوداء مثل تلك التي تجاور سديم رأس الحصان(شكل 2). Interstellar) الإظلام
ورائع حقاً أن يقترح العالم جـ . مايو جرينبرج (J. Mayo Greenberg) نموذجاً أسماه نموذج الغبار الموحد (Unified dust model), يرى وفقاً له أن الغبار بين النجوم يعد مصدراً رئيسياً للمعلومات عن ولادة النجوم والكواكب والمذنبات. حيث تمثل سٌحٌب الغبار "السٌدٌم " بيوت حضانة نجمية, فيها تحجز حبيبات الغبار الإشعاع داخل السحب الغازية, وهذا يسهل انهيار تلك السحب وتشكيلها للنجوم. ومن الأصح أن يستخدم جرينبرج اللفظ القرآني" الدخان" بدلاً من الغبار البيننجمي (بين النجوم), خاصة أنه ذكرأن أكبر حببيبات الغبار تشبه " دخان السيجارة". وقد استنتج جرينبرج أن أصل مجرتنا درب التبانة غبار. ولن يعتبر الفلكيون بعد اليوم الغبار بين النجوم أمراً مزعجاً, بل مصدراً رئيسا للمعلومات عن ولادة النجوم والكواكب والمذنبات, وقد يكون حاملاً لدلالات عن أصل الحياة ذاتها. وهكذا تحكي لنا حبة الغبار قصة تاريخ السماء
ثانياً: صدى "أَتَيْنَا طَائِعِينَ":
كيف تكلمت السماء والأرض؟ تأتى الإجابة على لسان عالم الفلك Mark Whittle في جامعة فرجينيا. الذي قام بتحليل إشعاع خلفية الكون(Cosmic Microwave Background radiation (CMB) التي ولدت في ال 400,000 سنة الأولى في عمر الكون بعد حادث "الانفجار الأعظم". يقول هذا العالم أنه مندهش من أنه لم يصل أحد من قبله إلى كشف السر الذي توصل إليه. وقد توصل مارك هويتل إلى أن آخر سجلات التموجات (Ripples) المصاحبة لإشعاع خلفية الكون التي تأتى مباشرة بعد التضخم الأعظم (Big Inflation) تشبه الأمواج الصوتية المنسابة عبر الكون. إن هذه التموجات (Subtle Ripples) تعكس تأرجحات في كثافة مادة الكون الأولية ناشئة من أمواج صوتية, وقد بلغ عرض تلك الموجات 30,000 سنة ضوئية, و55 أوكتاف تحت ما يمكن للبشر سماعه..
وحينما تم استيضاح هذه الموجات أمكن سماع ضجيج مخاض الكون (the cry from the birth of the cosmos can be heard)
. وأنا بدوري أقول إن هذا الصراخ ما هو إلا الصوت المصاحب لفتق الرتق وصدى قول السماوات والأرض بالطاعة لأمر الله
(( ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ)) . وهذا هو النص باللغة الإنجليزية الذي ترجم فحواه.
Mark Whittle of the University of Virginia has analyzed the so-called cosmic background radiation that was born 400,000 years after the Big Bang. He said: "I was a little surprised that someone had not done it before. He took the latest data about the Cosmic Microwave Background radiation (CMB) which comes from an era just after the Big Bang. Ripples in the radiation are like sound waves bouncing through the cosmos. Over the first million years the music of the cosmos changed from a bright major chord to a somber minor one. They show ripples in the CMB which are subtle variations in the density of matter which can, in one sense, be thought of as sound waves. These cosmic sound waves are 30,000 light-years wide and are 55 octaves below what humans can hear. But when they are shifted to regions of the audible spectrum, the cry from the birth of the cosmos can be heard.
ثالثاً: المادة المعتمة(Dark matter):
ظلمات الكون: وردت كلمة "ظلمات" في القرآن الكريم 23 مرة. وتشير الكلمة إلى معان معنوية متعلقة بالضلالة في كثير من المواضع, كما تشير إلى معان حسية ترتبط بظلمات السماء, وظلمات الأرض, وظلمات البحر اللجي, وظلمات البر والبحر, وظلمات متراكبة, وظلمات بطن الحوت الذي التقم نبي الله يونس عليه السلام, وظلمات الخلق في بطون الأمهات. وحينما يقترن ذكر الظلمات والنور نجد أن الظلمات تأتى بصيغة الجمع بينما يأتي النور بصيغة الإفراد, وأيضا تتقدم الظلمات على النور. ويعنينا هنا الأيات التي تتحدث عن ظلمات الكون والتي يمكن ذكرها على النحو الآتي:
1- الظلمات على إطلاقها في قوله تعالى:
((الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِم يَعْدِلُونَ)) (الأنعام:1).
2- ظلمات من السحاب في قوله تعالى:
((أَوْ كَصَيِّبٍ مِّنَ السَّمَاء فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصْابِعَهُمْ فِي آذَانِهِم مِّنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ واللّهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ)) (البقرة:29).
3-ظلمات الأرض في قوله تعالى:
((وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ(( (الأنعام:59).
4- ظلمات البر والبحر كما في قوله تعالى:
((أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَن يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ)) (النمل:63).
5- ظلمات البحر في قوله تعالى:
((أوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ)) (النور:40).
المعالجة العلمية: تسبح الطيور في جو السماء, وتسبح كائنات البحار في الماء, وتسبح كائنات الأرض معها حول الشمس .وتسبح جميع أجرام السماء في وسط لا نبصره. ويسود الاعتقاد بين علماء الفلك بأن ذلك الوسط يتكون من مادة مرئية, وطاقة ومادة غريبتين أطلقوا عليهما الطاقة السوداء أو المعتمة والمادة السوداء أو المعتمة. هي شىء ما هناك في مكان ما. ولو استطعنا رؤية المادة المعتمة لبدت مجرة درب اللبانة مكانا مختلفا تماماً؛ حيث يبدو قرصها ملتفاً بضباب كثيف من جسيمات تلك المادة المعتمة.
ومن العجيب أن علماء الفلك يؤكدون على أن النجوم ومجراتها وأسوارها الأعظمية وأجرام السماء على اختلافها لا تمثل سوى 1% من كتلة الكون. وأن الغاز الكوني مع أشكال المادة العادية تمثل أقل من 5%. ومعرفة طبيعة كتلة الكون المتبقية والتي تبلغ 95 % معلق على رصد تلك المادة المعتمة. ويطلق العلماء على الجسيم المكون لتلك المادة النيوترالينوNeutralino. وليس ذلك الجسيم أبيبا (بروتونا) ولا كهربا (إلكترونا) ولا المتعادل (النيترون) ولا الجسيم الخفيف الحر الطليق (النيوترينو). ولكن ذلك "الساحر الأسود" ما هو إلا جسيم بارد ثقيل مستقر, لا شحنة له, إنه جسيم شديد التحفظ عزوف عن التصادم, ومن ثم تسبح في مادته كل الأجرام. والنيوترالينوهات متجانسة فائقة التناظر.
وتسبح الشمس في المادة المعتمة بسرعة 220 كيلومتر في الثانية قاطرة معها أفراد أسرتها كريشة في مهب الريح. وهذه المادة وفيرة جداً في الكون؛ حتى أن العلماء يقدرون بليوناً من جسيماتها متدفقاً عبر كل متر مربع في الثانية الواحدة. ولن نجد تعبيراً أدق من وصف القرآن لها [إنها الوسط الذي يسبح فيه كل شىء ((كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ))(الأنبياء:33) . ولم يكن الوصف القرآني سابقاً على اكتشاف تلك المادة فقط؛ بل مخبراً بوجودها, علماً بأن العلماء لم يتمكنوا من رصدها حتى هذه اللحظة. وسبحانه وتعالى يقسم بما يشاء, سواء أبصرناه أو لم نبصره, يقول تعالى: ( فلا أفسم بما تبصرون * وما لا تبصرون* إنه لقول رسول كريم)(الحاقة:38-40).
كيف سترصد الماد المعتمة؟ لم تر تلك المادة حتى الآن لسببين؛ لأنه لم يكتشف أثرها في المادة المعتمة, أو بسبب الضجيج (التشويش) الناجم عن النشاط الإشعاعي الطبيعى والأشعة الكونية. ويعتمد رصد المادة المعتمة على رصد النبضات الضوئية والحرارية الناتجة من اصطدام مكوناتها مع أنوية المادة العادية. ويترقب العلماء الكشف عن التأثير الضوئي والحراري الناتج بفعل مرور جسيمات المادة المعتمة في المادة العادية. ويتم ذلك عن طريق كشافات التلألؤ الضوئي والكشافات فائقة التبريد. وللتغلب على ضجيج الأشعة الكونية المربكة؛ توضع الكشافات في أماكن عميقة تحت سطح الأرض بعد تغليفها بدروع خاصة, بجانب تنقية مادة الكشافات لخفض التلوث الإشعاعي.
وإنني ألمح الكثير من الإشارات القرآنية تشير إلى وجود تلك المادة المعتمة, منها:
1- إشارة القرآن إلى سباحة الأجرام , حيث أن السباحة تحتاج إلى وسط يسبح فيه. ((كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ )) (الأنبياء:33).
2- إشارة القرآن إلى خلق مابين السماوات والأرض في قرابة عشرين موضعاً. وأحسب أن أسرار ((وما بينهما)) التي ترد في القرآن في معرض خلق السماوات ستكون الشغل الشاغل لعلماء الفلك والكونيات في الخمسين سنة المقبلة.
3- القسم القرآني بما لا نبصر: ((َ فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ *وَمَا لَا تُبْصِرُونَ)) (الحاقة:38-39).
إن كشف المادة السوداء يعتمد على التأثير الناتج من لقاء المادة المظلمة مع المادة العادية بعد إزالة الضجيج الكوني, ويا حبذا لو كان الملتقى تحت الثرى. وأحسب والله أعلم أن اللقاء قد حدث فعلاً في أقدس مكانين على الأرض عند الكعبة المشرفة بمكة أم القرى, وفي الروضة الشريفة عند قبر الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة المنور. فقد أظهرت الصور الحديثة للأرض التي التقطتها وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا" حيث بدت الأرض مظلمة إلا في بقعتين منيرتين هما الكعبة المشرفة والمسجد النبوي الشريف. إن بعض جسيمات نور جسد الرسول صلى الله عليه وسلم المسجى تحت الثرى في قبره ربما قد تآزرت مع جسيمات المادة المعتمة فنتج عنها ومضات ضوئية أضاءت صورة الأرض المظلمة.
رابعاً: ظلمة الكون:
أولاً-السبق القرآني: تشير آيات القرآن إلى ظاهرة ظلام الكون التي لم يكتشفها العلم إلا مع غزو الإنسان للفضاء في نهاية الستينات من القرن العشرين. وتلك الآيات هى قول الحق تعالى:
1-(( فَالِقُ الإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ(( (الأنعام:96).
2-((وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَابًا مِّنَ السَّمَاء فَظَلُّواْ فِيهِ يَعْرُجُونَ *لَقَالُواْ إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَّسْحُورُونَ)) (الحجر:14-15).
3-((وَآيَةٌ لَّهُمْ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُم مُّظْلِمُونَ)) (يس:37).
4- ((أَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاء بَنَاهَا *رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا *وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا)) (النازعات:27-29).
5- ((هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُواْ فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ)) (يونس:67 ).
ثانيا- الإعجاز العلمي القرآني في ظلمة الكون أصابت الدهشة رواد الفضاء من عدم الإبصار في أجواز الفضاء؛ وذلك بسبب الظلام الذي يحيط بجميع الأجرام السماوية من نجوم وكواكب وأقمار تسبح وسط هذا الظلام الشامل. وهذا مشهد جديد في السماء لم يألفه الإنسان في جو الأرض. وحينما انطلق رواد الفضاء في غلاف الأرض المضيء, ماهي إلا ثوان معدودات حينما اخترقوا الفضاء حتى وجدوا تلك القشرة المنيرة من الغلاف الجوي تتحول تدريجيا من اللون الأزرق الفاتح لقبة السماء إلى اللون الفيروزي ثم الأزرق الغامق ثم البنفسجي وتصبح حالكة السواد على ارتفاع حوالي مائتي كيلومتر من سطح البحر. ويحدث هذا مع وجود الشمس التي تمثل السراج الوهاج. وهنا يتبين وجه الإعجاز في قوله تعالى: ((لَقَالُواْ إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا)) حيث لا تبصر العين في وجود الظلام الحالك. ثم إن الجزء المضيء من غلاف الأرض والذي لا يتعدى المائتي كيلومتر لو قسم على المسافة بيننا وبين الشمس والمقدرة بحوالي 150 مليون كيلومتر لم تكن نسبة الجزء المنير إلى الآخر المظلم شيئا مذكوراً. ويعبر عن ذلك بالفعل(نسلخ) في قوله تعالى: -((وَآيَةٌ لَّهُمْ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُم مُّظْلِمُونَ)). حقا إن الغلاف المضيء للأرض سلخة في ظلام الكون. ولكن كيف يخرج النهار المضيء من ليل السماء الغطش. والحقيقة أن ضوء الشمس يسافر في الفضاء دون أن يرى لانعدام التبعثر أو التشتت الضوئي, نظراً لتخلخل الجو وعدم احتوائه على الذرات الكافية لإحداث الانعكاس والتشتت للأشعة بالدرجة التي تجعلنا ندرك النور غير المباشر الذي نشعر به فقط في جو الأرض. وهنا يتجلى إعجاز قرآني آخر في ((وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا)) في قوله تعالى- ((هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُواْ فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ))؛ حيث يمثل الذر عيون النهار التي تبصر ضوء الشمس.
خامساً -البينية في خلق السماوات والأرض:
أولاً: البينية في القرآن:
خلق الله السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام. وفي ثلاثة آيات يذكر (( وما بينهما )) في قوله تعالى: (( الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ )) ( الفرقان : 59 ) وقوله تعالى (( اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ )) ( السجدة : 4 ) وقوله تعالى (( وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ )) ( ق : 38 ). وقد ذكرت السماء مفردة في موضعين (( وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاء وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ )) ( الأنبياء : 16 )، وقوله أيضاً: (( وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاء وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا )) ( ص : 27). ويضاف موضع ثالث يحدد فيه موضع السحاب في قوله تعالى( .. وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ )) ( البقرة : 164 ).
كلمتان في القرآن الكريم ستكونان هما الشغل الشاغل لعلماء الكون والفلك في العقود الأولى من القرن الحادى والعشرين. هاتان الكلمتان هما" وما بينهما " اللتان تذكران في معرض حديث القرآن عن خلق السماوات.
ثانياً- البينية في العلم:
ماذا تعني البينية السابقة في ضوء العلم الحديث؟ قد تعني أولاً طبقات الغلاف الجوي الممتد من سطح الأرض حتى الفضاء الخارجي التي سبق ذكرها، وهذا صحيح. وقد تعني غلاف الكواكب الأخرى غير كوكب الأرض. والمثير حقاً أن البينية أشمل وأعم وتعني الغلاف البينجمي وغلاف المجرات وأى غلاف في السماء. فلم يعد الفراغ بين النجوم والمجرات فارغا، بل تميز بوجود غلاف بينجمي وغلاف مجري يشبهان الغلاف الجوي للأرض في درجة تعقيده.
ومنذ عدة سنوات فقط صار معروفاً أن هناك غلافاً جوياً رقيقاً جداً يدعى الوسط البينجمي يغلف مجرتنا ويملأ الفضاء بين بلايين النجوم (شكل3). ويتكون هذا الغلاف من الهيدروجين على هيئة ذرات وجزيئات وبلازما من أيونات الهيدروجين.
شكل (3 ): دورة الغاز في المجرة (عن مايو جرينبرج. أسرار الغبار النجمي. مجلة العلوم-المجلد 17- العددان 8/9- 2001_ ص.60).
وللغاز بين النجوم دورة تشبه دورة الماء في الطبيعة حيث يتكاثف الغاز بين النجوم (البينجمي) فتتكون النجوم التي بدورها تتبخر. وتتبادل المجرات المواد مع الفضاء بين المجرات فتفقد المجرات جزء من كتلتها في الوسط البينجمي، وفي الوقت نفسه يغذي الوسط المجرات ( شكل:3). وهكذا أصبح الوسط البينجمي يحظى بأهمية تفوق ما كان يظنه العلماء في الماضي وأدركوا أنه ممتلئ بنوافير جبارة من الغاز الحار، وفقاقيع هائلة تحدثها النجوم المتفجرة. ويصل نصف قطر الفقاعة من 50 – 100 فرسخ فلكي، وتبدو الشمس ضمن فقاعة حارة، وكلما تكشفت أسرار جديدة عن الفراغ بين النجوم والمجرات تأكد العلماء أن ما بين السماوات والأرض خلق عظيم.
وهنا تلعب البينية التي أشرنا إليها دوراً إيجابياً في تكوين السماء. بمعنى أن خلق ما بين السماوات والأرض عملية مكملة ومتلازمة مع خلق السماوات والأرض, توثر إحداهما في الأخرى. ومن هنا ندرك أن خلقهما تم في ستة أيام معاً. وفي آيات يتم التركيز على خلق السماوات والأرض في ستة أيام, وفي آيات أخرى يتم التركيز على خلقهما وما بينهما في نفس الستة أيام., الأمر الذي يجزم بعظم البينية.
والفضاء الخاوي في النهاية ليس خاوياً . وما يزال الجزء الأعظم من كوننا مظلماً لا يؤخذ في الحسبان. وخلال العقد القادم، سوف تستمر الأبحاث عن المادة المظلمة وذلك من خلال تجارب حساسة تجري تحت الأرض في المقام الأول. وتلك المادة المسماة بالمادة الخفية المعتمة Black Matter, يعتقد العلماء وجودها مع أن أحدا لم يرصدها بعد، وما تزال طبيعتها لغزا، وصدق تعالى حيث يقول:" فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ * وَمَا لَا تُبْصِرُونَ * إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ " ( الحاقة : 38 - 40 ).
الحقيقة الثالثة: إتساع السماء
The Third Principle: The "Etsaessamaa
(وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ) (الذاريات-47)
مختصر التفسير:
مختصر تفسير ابن كثير: يَقُول تَعَالَى مُنَبِّهًا عَلَى خَلْق الْعَالَم الْعُلْوِيّ وَالسُّفْلِيّ" وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا " أَيْ جَعَلْنَاهَا سَقْفًا مَحْفُوظًا رَفِيعًا " بِأَيْدٍ " أَيْ بِقُوَّةٍ قَالَهُ اِبْن عَبَّاس وَمُجَاهِد وَقَتَادَة وَالثَّوْرِيّ وَغَيْر وَاحِد " وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ " أَيْ قَدْ وَسَّعْنَا أَرْجَاءَهَا وَرَفَعْنَاهَا بِغَيْرِ عَمَد حَتَّى اِسْتَقَلَّتْ كَمَا هِيَ.
تفسير الجلالين: وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ" بِقُوَّةٍ "وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ" قَادِرُونَ يُقَال : آدَ الرَّجُل يَئِيد قَوِيَ وَأَوْسَعَ الرَّجُل : صَارَ ذَا سِعَة وَقُوَّة
تفسير الطبري: في تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى: وَالسَّمَاء رَفَعْنَاهَا سَقْفًا بِقُوَّةٍ. عَنِ ابْن عَبَّاس, قَوْله: { وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ } يَقُول: بِقُوَّةٍ. عَنْ مُجَاهِد, قَوْله: { بِأَيْدٍ } قَالَ: بِقُوَّةٍ. عَنْ مَنْصُور أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَة: { وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ } قَالَ: بِقُوَّةٍ. قَالَ ابْن زَيْد فِي قَوْله: { وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ } قَالَ: بِقُوَّةٍ. عَنْ سُفْيَان {وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ } قَالَ: بِقُوَّةٍ. وَقَوْله: { وَإِنَّا لَمُوسِعُون} يَقُول: لَذُو سَعَة بِخَلْقِهَا وَخَلْق مَا شِئْنَا أَنْ نَخْلُقَهُ وَقُدْرَة عَلَيْهِ. قَالَ ابْن زَيْد فِي قَوْله: { وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ } قَالَ: أَوْسَعَهَا جَلَّ جَلَالُهُ.
ٍ"والكون" يتمدد بسرعات هائلة, فالمجرة التي تبعد عنا بنحو 650 مليون سنة ضوئية تبتعد عنا بسرعة 15000 كم في الثانيةالواحدة ، بينما تتراجع المجرات وأشباهها (الكوازرات) المتواجدة في أطراف الكون بسرعة تصل إلى 270 ألف كم في الثانية. حقاً, إنه توسع رهيب؛ ففي أقل من ثانية تتراجع المجرات التي تقع في أطراف الكون لمسافة تعدل عشرين ألف مرة قدر قطر الأرض.


يتبــــــــــــــع

  #969  
قديم 11-11-2013, 07:37 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو

يتبــــع الموضوع السابق
من حقائق علم تأريخ الكون في رحاب القرآن بين عبقرية المفسرين وآراء العلماء - 2 -


وجوه الإعجاز العلمى في آية اتساع السماء:
بالآية أربع إشارات تمثل قضايا علمية خطيرة يسعى العلماء اليوم في سبر أغوارها اليوم وفي المستقبل. وتلك الإشارات نطرحها على علماء الكون والفلك على هيئة أسئلة أربعة:
1- ما هي حقيقة السماء؟
2-- ما الذي يتسع, الكون أم الفضاء أم السماء؟
3- هل السماء بناء, وما هي معالم ذلك البناء؟
4- ما هي القوى التي تربط بناء السماء؟
وسأعالج السؤال الأول في بند مستقل. وأبدأ بتناول السؤال الثاني أولاً:
أولاً: ما الذي يتسع, الكون أم الفضاء أم السماء؟
تمثل فكرة إتساع الكون قلب علم الكسمولوجيا. ففي عام 1929 أعلن إدون هابل (Edwin Hubble), أن مشاهداته عن المجرات خارج مجرة درب اللبانة قد أظهرت أن تلك المجرات كانت تتحرك بعيداً عنا بطريقة منتظمة بسرعات تتناسب طردياً مع المسافة بيننا وبينها. وأبعد المجرات عنا هي الأسرع هروباً. وقد لاحظ هبل أن الضوء الآتي من تلك المجرات يحيد بعيداً نحو النهاية الحمراء لطيف الضوء.
ماذا يعني هذا الاتساع؟ بمعنى هل حينما نقول إن المجرة متحركة بعيداً عنا هل يشير ذلك إلى حركة طبيعية مثل حركة الأرض في مدارها؟ أم نتكلم عن امتداد الفضاء بيننا وبين المجرة؟ والذي ينجم بالتالي على هيئة مجرة متحركة بعيداً عنا. وبعبارة أكثر وضوحاً حينما نقول إن الكون في اتساع فنحن نتكلم عن إتساع الفضاء ذاته. وهنا يظهر أن هابل أصاب الحقيقة ولكنه أخطأ في الصياغة. وأن التصحيحات العصرية لنظرية اتساع الكون(Theory of Expanding Universe) تجعلها تقترب من حقيقة النص القرآني. والحقيقة المبهرة أنه حتى مع تنقيحح النظرية بالقول أن الفضاء هو الذي يتسع, فإنها ستحتاج إلى تصحيح آخرلابد أن يأتي في النهاية متفقاً مع النص القرآن الذي يشير إلى أن السماء هي التي تتسع, وحينئذ ترقى النظرية لتصبح حقيقة (شكل4-5).
ومن قبل حينما كنت أقرأ في علم تأريخ الكون وأجد اتفاق علماء الكونيات والفلك على أن أعظم اكتشاف في علم الفلك هو اتساع الكون, وأن هبل قد نال عن ذلك الإكتشاف جائزة نوبل في العلوم, كنت أسائل نفسي لماذا بعد الكشف بقرابة السبعين سنة ما زال الكشف يوصف بأنه نظرية؟ وبعد تمعني في فهم النص القرآني علمت أن السماء هي التي تتسع وليس الكون مصداقاً لقوله تعالى : (("وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْد وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ)). وهنا أهتف من قلبي حقاً القرآن يقود إلى العلم الصحيح, وبكلمات أكثر تحديداً؛ على العلم أن يثبت نفسه في القرآن بمعنى أن يتوافق مع القرآن, وليس العكس إطلاقاً.
شكل (4) لا الكون ولا الفراغ يتسعان, ولكن السماء تتسع باستمرار.
ويظل السؤال حائراً: لماذا يتسع الكون بمعدل متسارع؟
شكل(5): تصور لمراحل خلق الكون.
ثانياً: هل السماءبناء؟ وما هي معالم البناء؟
1- بناء السماء: تقع النجوم في تكتلات هائلة يفصل بينها فراغ شاسع (شكل:12). وتئز النجوم حول وسط المجرة الإهليجية كما يئز النحل حول خليته ومعظم هذه النجوم عتيقة جداً، وتنتظم النجوم في مجرات تمثل لبنات بناء السماء. تبعاً لنظام التصنيف الذي طوره هابل, ويمكن تقسيم المجرات بصورة عامة إلى ثلاثة أنواع رئيسية: إهليجية، وحلزونية، وغير منتظمة .. ويعتقد أن الثقوب السوداء الفائقة تقبع تقريبا في كل مجرة إهليجية أو حلزونية ذات انتفاخ.
2-مسح السماء وأسوار السماء الأعظمية: والمجرة مع ذلك لا تمثل لعلماء الكونيات سوى الوحدة الأساسية للمادة. وثمة بلايين من المجرات تملأ الكون الذي يبلغ نصف قطره قرابة 12 بليون سنة ضوئية، وهي تتجمع في حشود يبلغ قطرها ثلاثة ملايين، أو يزيد، من السنين الضوئية، وهذه الحشود تتجمع في بناء عظيم. وقد اكتشف مسح دقيق " سوراً عظيماً" من المجرات طوله 750 مليون سنة ضوئية، وعرضه أكثر من 250 مليون سنة ضوئية، وسمكه 20 مليون سنة ضوئية. ويجري الآن تخربط سور سلون العظيم والذي يمتد لمليار سنة ضوئية (شكل:6). ويوجد في الكون عدد هائل من تلك الأسوار الأعظيمة تحوي بينها فجوات ضخمة، إنها من معالم الجزء الثانى من الآية: " الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناءاً".
شكل ( 6): خرائط كونية يظهر فيها سوران أعظميان في بناء السماء.( عن مجلة العلوم: قراءة مخططات نشوء الكون. ميشيل ستراوس_ العددان5/4-2004- ص.70).
ثالثاً: الشبكة الكونية والقسم القرآني: Cosmic Architecture: spider's web& Cosmic web
إذا أقسم الله على شيء فعلى أصحاب العقول أن يتدبروا الشيء المقسم عليه لأنه لابد أن يكون ذلك الشيء خطيراً. أما القسم هنا فهو قول الله تعالى: : " وَالسَّمَاء وَمَا بَنَاهَا "(الشمس: 5). ومن المؤكد أن حفظ الآية وتكرار ترديدها شيء عظيم, ولكن الأعظم من ذلك تدبر الآية. وقد أدهشني وأنا أكتب عن بناء السماء أمران: أولهما أنك حينما تبحث في شبكة المعلومات (Inter-net) وبمجرد أن تكتب المصطلح القرآني من مثل بناء السماء (Building Heaven) تطالعك أوراق علمية متخصصة عنوانها نفس المصطلح القرآني. ومن هنا استقر في عقلي أن قمة العلوم الكونية المكتشفة لا بد أن تستخدم مصطلحات القرآن ذات الصلة حتى وإن كان كتابها لم يعرفوا عن القرآن شيئاً.
أما الأمر الثاني فهو اكتشاف العلماء لما يسمى بالشبكة الكونية أو الشبكة العنكبوتية الكونية باعتبارها إحدى أهم معالم هندسة الكون (شكلك7).
فراغات وأسوار اكتشف بعضها اليوم, وسيكتشف غيرها غداً, وسيمعن الناس النظر في الكون بأعينهم مرة ومرتين, وسيبحر العلماء بعقولهم وعلمهم وأجهزتهم مرات ومرات على الفرغات أو على التراخى. ومن المؤكد أنهم سيجدون كوناً واسعاً متسعاً متناسقاً لا تفاوت فيه مصداقاً لقوله تعالى: (الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً مَّا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِن تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِن فُطُورٍ * ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِأً وَهُوَ حَسِيرٌ) (الملك 3-4).
شكل (7):توزيع النجوم في سديم كراب
رابعاً: الاهتداء بالنجوم في مسح الزمكان :
النجم في القرآن الكريم يهتدى به، والنجم يهوي، والنجم يسجد، ومن النجم الطارق الثاقب, والخنس الكنس. وقد وردت في القرآن آيتان تشيران إلى الإهتداء بالنجم. وقد ذكر في القرآن أن النجوم يهتدى بها في ظلمات البر والبحر. إلا أن ما أثار اهتمامي أن آية سورة النحل قد أشارت إلى الاهتداء بالنجوم دون أن تحدد وجهاً محدداً لتلك الهداية, حيث يقول تعالى: " وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ " ( النحل:16). وكنت على يقين من أن عدم تحديد نوع الهداية في تلك الآية لابد أن يكون وراءها سر ما. وتبين لي ذلك السر حينما علمت أن بعض أنواع النجوم يهتدى بها في مسح الزمكان (space – time ). وتستخدم المستعرات من النمط Ia كشمعات في مسح الزمان والمكان معاً. ويستعرق توهج هذه الكتلة النارية قرابة ثلاثة أسابيع تبلغ فيها سطوعها الأعظم, ثم يخبو هذا السطوع خلال شهر. ويمكن من مسح رقعة السماء بآلة التصوير الشاملة الضخمة (Big Through Camera) بصفة منتظمة للعثور على مستعر أعظم.
والآن أرجو منك تأمل آخر سطر في الفقرة التالية التي أنقلها حرفياً من المجلد 15 العدد 11/ نوفمبر 1999 من مجلة أمريكا للعلوم مع تدبر النص القرآني:" وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ " ( النحل: 16) قبل زمن طويل (يقدر بنحو خمسة بلايين سنة)، وفي مجرة قََصِيّة (يفصلها عنا 2000 ميجا بارسك*)، انفجر نجم ميت منذ أمد بعيد، مصدراً وميضاً أسطع من ضوء بليون شمس. وقد انتشر ضوؤه, وخلال عشر دقائق، في إحدى الليالي المظلمة من عام 1997, حط بضع مئات من الفوتونات التي انطلقت من هذا المستعر الأعظم (Supernovaٍٍ على مرآة مقراب (تلسكوب) في جمهورية تشيلي وعندئذ ولد حاسوب في الرصد صورة ضوئية ضعيفة على شاشة. ومع أن النظر إلى هذه الرقعة الباهتة لم يكن شيئاً مثيراً للإعجاب, فقد كان منظرها بالنسبة إلينا في منتهى الإثارة إذ إنها مثلت لنا منارة جديدة نهتدي بها في مسح الزمان والمكان(الزمكان).
سادساً: الأيدي وقوى بناء السماء:
ويقول تعالى: " اللّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُّسَمًّى يُدَبِّرُ الأَمْرَ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لَعَلَّكُم بِلِقَاء رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ " ( الرعد : 2 ) .. ويقول أيضاً: " خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَابَّةٍ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ " ( لقمان : 10 ). وللمفسرين في قوله " بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا " قولان: أحدهما أنها مرفوعة بغير عمد ترونها. والثاني: لها عمد ولكنا لا نراها. والحقيقة أن السماوات ممسوكة ، وأن الذي يمسكها هو الله " وَيُمْسِكُ السَّمَاء أَن تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ " ( الحج : 65 ). يقول تعالى: ((إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده إنه كان حليماً غفوراً)) (فاطر: 41).
وعلماء الكون والفلك والرياضيات يبحثون عن الميزان الذي يوحد ويربط القوى الأربع المعروفة في كوننا. وتلك القوى هي:
1- القوى الكهرومغناطيسية التي تربط الذرات بعضها ببعض مثل التي تربط ذرات الأكسجين بذرات الهيدروجين ليتكون الماء.
2- القوى النووية الضعيفة التي تفكك وتحلل الجسيمات الأولية داخل الذرة، والمسؤولة عن التحلل الإشعاعي الذي يمد الأرض بالحرارة التي تحفظها من التجمد.
3- القوى النووية الشديدة التي تربط الجسيمات من مثل البروتونات والنيترونات والكواركات داخل النواة.
4- القوى التثاقلية. والقوى الأخيرة أمرها عجيب؛ فهي التي تمسك الكون على الرغم من ضعفها حيث تبلغ 10-39 ( واحد مقسوماً على عشرة أمامها 39 صفراً) من القوة النووية. ويسعى علماء الأرض من أهل التخصص, إلى إيجاد معادلة توحد تلك القوى.
ويسعى العلماء للحصول على نظرية توصف توحيد القوى؛ وبالتالي توصيف القوى الموحدة السائدة قبل فتق الرتق مباشرة؛ تلك اللحظة التي قال الله فيها للسماوات والأرض كونا فكانتاً. وفي حالة توحيد القوى في المستقبل سيطرح هذا السؤال نفسه بشدة: من كان في الأصل وراء ذلك التوحيد؟ يأتينا الجواب في قوله تعالى:" بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ. يقول الأستاذ مارتن ريس ( Martin Rees ) حامل اللقب الشرفي (فلكي ملكي ) " فقد يكتشف الفيزيائيون ذات يوم نظرية موحدة تحكم الواقع الفيزيائي بكامله، غير أنهم لن يكونوا قادرين على الإطلاق على إخبارنا عن الشيء الذي ينفخ الروح في معادلاتهم، وما الذي يجعلها أمراً واقعاً في كون حقيقي".( 2 )
الحقيقة الرابعة: مراحل تطور خلق الكون في القرآن الكريم
The Fourth Principle: Consequence of Cosmos Development:
آيات بينات:
يقول تعالى: ((قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَاداً ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِين* وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاء لِّلسَّائِلِينَ * ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ * فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاء أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظاً ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ )) (فصلت9-12)
يمثل تحديد عمر الكون حجر الزاوية في علم التأريخ الكوني(الكسمولوجيا:Cosmology), وهو في الحقيقة معضلة كبرى تثير خيال العلماء والفلاسفة على حد سواء. ويحدد عمر الكون باستخدام المداخل الرياضية, والفيزياء النظرية والفلكية. وتشير الأيات إلى ثلاث مراحل لا رابعة لهن:
أولاً- مرحلة خلق الأرض في يومين.
ثانياً- مرحلة جعل الرواسي والبركة في الأرض وتقدير أقواتها في يومين.
ثالثاً- مرحلة قضاء سبع سماوات من الدخان في يومين.
ووفقا للآيات السابقات فإن مراحل خلق السماوات والأرض ثلاثة متساوية في الزمن, كل مرحلة استغرقت يومين. ومرحلة ابتداء خلق الأرض من العدم, وأيضاً مرحلة تسوية السماوات السبع لا يمكن للعلماء رؤية شواهدهما مباشرة, وهذا شيء صعب حقيقة وليس يسيرا. ولكن رب العالمين قد ترك في الأرض علامات تدل على مرحلة من المراحل الثلاثة السابق ذكرها وهي التي أشار إليها القرآن في قوله تعالى: (( وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاء لِّلسَّائِلِينَ)). وعلم تلك المرحلة يعرفه علماء الجيولوجيا بكثير من التفصيل. وقد بدأت تلك المرحلة منذ بدأ تكوين أقدم الرواسي أى جبال الأرض, وما زالت تلك المرحلة مستمرة حتى اليوم. إنها ببساطة شديدة تستغرق فترة التاريخ الجيولوجى للأرض منذ أن تصلبت قشرتها حتى يومنا هذا.
والفكرة في تقدير عمر الأرض ببساطة تعتمد على معرفة تقدير عمر أقدم الرواسى والتي تمثل مرحلة من المراحل المتساوية الثلاثة. ومن ثم نضرب الرقم المقدر في ثلاثة لنحصل على عمر الكون. ومن المعروف لدى المتخصصين في علم الأرض أن الرواسي تحتوى على أقدم صخور قشرة الأرض, وأنها تمثل الأساس الذي أقيمت عليه عجائب الأرض. وقد استخدمت حديثاً بلورات معدن الزيركون التي جمعت من غرب استراليا في تقدير أقدم أعمار صخور الرواسى. وتم تقدير هذا العمر ب 4,4 بليون سنة. وبناء على ذلك فإن أقل عمر للأرض هو 4.4X3==13.2بليون سنة+عمر فترة ما قبل التاريخ الجيولوجي والمقدرة بحوالى 0.8 بليون سنة.
إذن عمر الكون في ضوء عمر أقدم الرواسي المقدرة اليوم=13.2+3×0.2=13.6 بليون سنة, بمعنى ثلاثة أضعاف عمر الأرض. والآن نقارن القيمة المقدرة علمياً الواردة بالنص التالي:
How old is the Universe?
Until recently, astronomers estimated that the Big Bang occurred between 12 and 14 billion years ago, but the most widely accepted age is around 15 billion years, or about three times older than the earth. Astronomers continue to refine their estimates as new observations produce new data. Astronomers estimate the age of the universe in two ways: 1) by looking for the oldest stars; and 2) by measuring the rate of expansion of the universe and the expansion rate tell them how long the galaxies have been traveling since the big bang, and thus provide a rough age for the Universe.
الحقيقة السادسة: حبك السماء
The Sixth Principle: "Hobbok" (Subtle ripples) of the heaven:
{وَالسَّمَاء ذَاتِ الْحُبُكِ }الذاريات7
حبك السماء سر الكون:
(( قد يستطيع العلماء قريباً إلقاء نظرة خاطفة على بدايات الكون، وذلك بدراسة التموجات الدقيقة (Subtle ripples ) التي تحدثها موجات تثاقلية (شكل: 9). وأصبحت تلك التموجات الوسيلة لفك رموز علم الكون)).(عن مجلة علوم أمريكا)
Scientists may soon glimpse the universe's beginnings by studying the subtle ripples made by gravitational waves
أدركت أن وراء القسم بحبك السماء سر عظيم, وتأكد لدي هذا الإدراك بعد أن وجدت التطابق بين آراء علماء الكون عن تموجات خلفية الكون وأراء المفسرين عن حبك السماء.
خلاصة أقوال المفسرين في تفسير قوله تعالى: {وَالسَّمَاء ذَاتِ الْحُبُكِ } الذاريات
الحبك: قَالَ الضَّحَّاك: ذَات الطَّرَائِق; يُقَال لِمَا تَرَاهُ فِي الْمَاء وَالرَّمْل إِذَا أَصَابَتْهُ الرِّيح حُبُك. وَنَحْوه قَوْل الْفَرَّاء قَالَ: الْحُبُك تَكَسُّر كُلّ شَيْء كَالرَّمْلِ إِذَا مَرَّتْ بِهِ الرِّيح السَّاكِنَة، وَالْمَاء الْقَائِم إِذَا مَرَّتْ بِهِ الرِّيح, وَدِرْع الْحَدِيد لَهَا حُبُك, وَالشَّعْرَة الْجَعْدَة تَكَسُّرهَا حُبُك. وَفِي حَدِيث الدَّجَّال: أَنَّ شَعْره حُبُك.
قَالَ زُهَيْر :
مُكَلَّل بِأُصُولِ النَّجْم تَنْسِجهُ رِيح خَرِيق لِضَاحِي مَائِهِ حُبُكُ... وَلَكِنَّهَا تَبْعُد مِنْ الْعِبَاد فَلَا يَرَوْنَهَا
وقال الضحّاك‏:‏ الرمل والزرع إذا ضربته الريح فينسج, ذات الجمال والبهاء والحسن والاستواء، وهو قول مجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير بعضه بعضاً طرائق طرائق، فذلك الحبك.
وعن أبي صالح ‏{‏ذات الحبك‏}‏ الشدة.
وقال خصيف ‏{‏ذات الحبك‏}‏ ذات الصفاقة.
وقال الحسن البصري‏:‏ ‏{‏ذات الحبك‏}‏ حبكت بالنجوم. وقال عبد اللّه بن عمرو ‏{‏والسماء ذات الحبك‏}‏ يعني السماء السابعة. وكل هذه الأقوال ترجع إلى شيء واحد وهو الحسن والبهاء، كما قال ابن عباس رضي اللّه عنهما فإنها من حسنها مرتفعة شفافة صفيقة، شديدة البناء، متسعة الأرجاء، أنيقة البهاء، مكللة بالنجوم الثوابت والسيارات، موشحة بالكواكب الزاهرات‏.‏ الحبك جمع الحباك ، كالكتب جمع كتاب، تستعمل تارة في الطرائق، كالطرائق التي ترى في السماء، وأُخرى في الشعر المجعد، وثالثة في حسن أثر الصنعة في الشيء واستوائه.
قال الراغب: (والسَّماء ذات الحبك) أي ذات الطرائق، فمن الناس من تصور منها الطرائق المحسوسة بالنجوم والمجرة. ولعلّ المراد منه هو المعنى الاَوّل أي السماء ذات الطرائق المختلفة، ويوَيده جواب القسم، وهو اختلاف الناس وتشتت طرائقهم، كما في قوله: (إنّكم لفي قول مختلف) ،و ربما يحتمل أنّ المراد هو المعنى الثالث أي أقسم بالسماء ذات الحسن والزينة، نظير قوله تعالى: (إِنّا زَيَّنا السَّماءَ الدُّنيا بزِينةٍ الكَواكِب) ولكنه لا يناسبه الجواب، إذ لا يصحّ أن يحلف حالف بالاَمواج الجميلة التي ترتسم بالسحب أو بالمجرّات العظيمة التي تبدو كأنّها تجاعيد الشعر على صفحة السماء، ثمّ يقول: (إِنّكم لفي قول مختلف)، أي إنّكم متناقضون في الكلام.
اكتشاف حبك السماء:
في عام 1993, رصد القمر الصناعي كوب (COBE Satellite) تموجات دقيقة في إشعاع خلفية الكون, وتلك التموجات تمثل بقايا السجلات القديم الدالة على عدم انتظام المادة الأصلية عند ولادة الكون. وقد تم تكبير تلك التموجات خلال السنين العشر الأخيرة من تاريخ الكون بفعل جاذبية المادة المعتمة. ويعتقد أن تلك التذبذبات الهينة هى المسؤولة عن نشأة بنيات عديدة غنية تظهر اليوم في مسح المجرات.
ولا يسعني إلا أن أسجل فخري واعتزازي بعلم بعض مفسري القرآن الكريم بعد أن جاء من بعدهم من علماء الكون والفلك بمئات السنين ليرددوا حرفياً ما قالوه. إن هولاء المفسرين العلماء قالوا كما أسلفت عن تفسير الْحُبُك: أنها تَكَسُّر كُلّ شَيْء كَالرَّمْلِ إِذَا مَرَّتْ بِهِ الرِّيح السَّاكِنَة, وَالْمَاء الْقَائِم إِذَا مَرَّتْ بِهِ الرِّيح, وَدِرْع الْحَدِيد لَهَا حُبُك, وَالشَّعْرَة الْجَعْدَة تَكَسُّرهَا حُبُك. ولننظر إلى التوافق العجيب بين قولهم وقول العلماء في وصف تذبذبات خلفية الكون (Subtle ripples) بأنها تشبه الأمواج الناتجة من جراء إلقاء حصاة في حمام سباحة, وتلك نص مقالتهم باللغة الإنجليزية:
(("subtle ripples" detected nowadays in the sky; they said that they are similar to sending out waves very much like the ripples in a pond when you throw in a pebble,")).
ورحم الله البعض من المفسرين الذين استبعدو أن يحلف حالف بالأمواج الجميلة التي ترتسم بالسحب أو بالمجرّات العظيمة التي تبدو كأنّها تجاعيد الشعر على صفحة السماء. ولكن العلماء الأمريكان يقولون: (( قد يستطيع العلماء قريباً إلقاء نظرة خاطفة على بدايات الكون، وذلك بدراسة التموجات الدقيقة (Subtle ripples ) التي تحدثها موجات تثاقلية (شكل:8-9). وأصبحت تلك التموجات الوسيلة لفك رموز علم الكون)). وما التموجات الدقيقة تلك إلا مفتاح من مفاتح حبك السماء. وحينما نقارن خرائط السماء التي ترسم بالموجات السابق ذكرها ندرك عظمة قول المفسرين عن الحبك في قولهم الحبك جمع الحباك ، كالكتب جمع كتاب، تستعمل تارة في الطرائق، كالطرائق التي ترى في السماء، وأُخرى في الشعر المجعد، وثالثة في حسن أثر الصنعة في الشيء واستوائه.
شكل(8): تترك البقايا المحفوظة في الإشعاع االناتجة عن موجات جاذبية فترة التضخم الأعظم بصمات واضحة في موجات سى إم بي (أنظر النص الأجنبى).(عن كالدويل و كاميونكوفسكى. أصداء من الانفجار الأعظم. مجلة العلوم-المجلد17-العدد 10-2001- ص.37).
RELIC IN THE RADIATION Inflationary gravitational waves would have left a distinctive imprint on the CMB. The diagram here depicts the simulated temperature variations and polarization patterns that would result from the distor Ripples at the Edge of the UniverseThe Cosmic Background Explorer satellite was launched twenty five years after the discovery of the microwave background radiation in 1964. In spectacular fashion in 1992, the COBE team announces that they had discovered `ripples at the edge of the universe', that is, the first sign of primordial fluctuations at 100,000 years after the Big Bang. These are the imprint of the seeds of galaxy formation.
والتموجات الدقيقة, هي تذبذبات طفيفة في إشعاعات خلفية الكون الميكرويفية, التي تتسلل بحذق في الكون كما تشير إلى ذلك الكلمة الإنجليزية (subtle ripples) . هذا وقد اكتشفت موجات CMB سنة 1965 عن طريق مركب الفضاء كوب ( COBE). ويرى العلماء أنها تولدت من موجات جاذبية عاتية تراوح طولها الموجي من واحد سنتيمتر حتى 1023 (واحد أمامه 23 صفراً ) كيلو متر أثناء التضخم الكوني ( التضخم يعبر عنه بلغة القرآن كلمة " ففتقناهما "). وقد سادت تلك الموجات العاتية الكون قرابة نصف مليون سنة بعد لحظة الانفجار الأعظم (شكل:9). وقد أحدثت تلك الموجات العاتية للثقالة (للجاذبية) تشوهات في مادة الكون الأولى (الحساء الكوني ), أدت إلى تكوين بنيات كبيرة الحجوم من المجرات وحشود المجرات الموجودة في عالمنا الحالي.
هذا كشف قرآني عجيب, لعل من يحققه عند أو بعد طبع تلك الكلمات بقليل يحصل على جائزة نوبل لاكتشافه حبك السماء. ومن يرجع إلى كتب التفسيرسيجد أن الحبك في قوله تعالى وهو يقسم: وذات الشدة، وذات المجرة، فكما ذكر فإن بُنْيات السماء أصلها التموجات. ولفظ الحبك لفظ جامع وشامل لكل تموجات السماء. والخلاصة أن هذا فتح علماً نقدمه للعلماء ليعلموا أن الذي أقسم بالسماء "ذات الحبك " هو الحق المبين.
شكل (9): تموجات السماء بين نظرية العلو وحقيقة حبك السماء القرآنية.(عن كالدويل و كاميونكوفسكى. أصداء من الانفجار الأعظم. مجلة العلوم-المجلد17-العدد 10-2001- ص.36)
وفي هذا المقام أسوق الترجمة بجانب النص الأصلي المكتوب باللغة الإنجليزية:
((المجرات سواء منها الكبيرة والصغيرة ما هى إلا نقاط في الكون. وترتب تلك المجرات أنفسها في سلاسل عريضة تمتد عبر مئات الملايين من السنين الضوئية. وما بيتنا درب التبانة سوى حبة في سلسلة مجرية تسمى التجمع الفائق المحلي. ووراء ذلك الحشد تقع حشود أخرى تنتظم عبر فراغ مثلما ينتظم شبكة بيت العنكبوت (شكل:10). ومن المثير حقاً أن هذا النظام الكوني يمكن تتبع أصوله وراء حتى بداية الكون. وهكذا يبدو الكون كما نراه اليوم عظيماً تنتظمه سلاسل طويلة من المجرات تحيط بفراغات عظيمة.
وقد نشر في مجلة أمريكا للعلوم (يونيو-1999) أن العالم ستيفي لاندى قد وجد أن المسافات في تلك الشبكة محددة بدقة (أنظر إلى النص الأجنبي)
Cosmic Architecture: spider's web
Galaxies large and small dot the cosmos. They arrange themselves into vast chains that can stretch across hundreds of millions of light-years. Our home galaxy, the Milky Way, is a link in one galactic chain, called the Local Super cluster. Beyond this super cluster lie others, strung across the void like the strands of a spider's web. This cosmic architecture can trace its heritage back to the beginning of the universe itself. The universe became much as we see it today: a cosmos crisscrossed by long chains of galaxies encircling gigantic voids.
"cosmologic web":
Stephen Landy, Scientific American, June, 1999 find that typical spacing between stars in galaxies are of order 1 pc, large galaxies have diameters of 100 kpc, and are separated in groups and clusters by distances of order 1 Mpc. Clusters have dimensions of order 1-10 Mpc, and are separated by similar distance scales, super clusters and voids occur on scales of 100 Mpc, and the largest structures yet observed extend over distances 150 Mpc.
لا تفاوت: عروة الحبك
يظهر توزيع المجرات نمطاً تكون فيه المسافة بين بعضها البعض500 مليون سنة ضوئية, وعلى الرغم من عدم وضوح ذلك النمط بحيث لا يرى بالعين المجردة, إلا أن الباحثين في مشروع مسح سولون الرقمي للسماء قد استخدموا بعض التقانات الرياضية في استخراج هذا النمط.
Other studies proved occurrence of ethereal pattern in the distribution of Galaxies. Galaxies have a very slight preference to be separated by 500 million light-years (3 billion-million-million miles) than other distances. This pattern is extremely weak; you would not be able to see it by eye. The SDSS researchers have used some mathematical techniques to extract this

شكل(10): سماء متسمة بالحبك. (في ماكس تيجمارك, قسم الطبيعة إم أي تى, مايو 2005, عن ماثز, لمسون, سبرينجر, كوفمان, هويت و ديكيل, 2001.
يستقبل الدكتور حسني حمدان اقتراحاتكم وآرائكم على المقالة على الإيميل التالي:
مراجع للإطلاع
• Fred Adams and Greg Laughlin, The Five Ages of the Universe
• Eric Chaisson, Cosmic Evolution
• Paul Davies, The Last Three Minutes
• Alan Guth, The Inflationary Universe
• Edward Robert Harrison, Masks of the Universe: Changing Ideas on the Nature of the Cosmos
• David Layzer, Cosmogenesis
• Andrei Linde, Particle Physics and Inflationary Cosmology
• Ilya Prigogine and Isabelle Stengers, Order out of Chaos: Man's New Dialogue with Nature
• Ilya Prigogine, Is Future Given?
• Lee Smolin, The Life of the Cosmos
• Lee Smolin, Three Roads to Quantum Gravity
• Phantom Energy and Cosmic Doomsday by Robert R. Caldwell, Marc Kamionkowski and Nevin N. Weinberg
• A Brief History of the End of Everything, a BBC 4 Radio series
• Cosmological parameters Linnea Hjalmarsdotter December 9, 2005

  #970  
قديم 11-11-2013, 07:39 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو

الضبط العلمي التجريبي في القرآن الكريم - رؤية جديدة -


بقلم الأستاذ الدكتور نظمي خليل أبو العطا
أستاذ العلوم جامعة عين شمس
من هلامية المنهجية عند أحد المدعين للعلمية قوله: أنه عندما يبحث في قضية أنه يلغي كل نتائج سابقة قد سبقه إليها غيره، فإن كل شيء عنده خاضع في منهاجه للبحث والتساؤل والغربلة والتشريح من أصغر الأشياء وصولاً إلى الذات الإلهية، وأنه يفصل لكل مسالة يبحثها منهاجًا خاصًا بها، وقد أدت هلامية منهاجه إلى فساد نتائجه، ولذلك قالت له إحدى الطالبات ( كلما قرأت لك احترمت عمق فلسفتك، ولكن كلما تعمقت فيما تكتب وجدت تناقضات تشتت " العقل " انتهى )، فانعدام الضوابط العلمية عند هذا العَلماني (بفتح العين) جعلته بجهله يقول أن الذات الإلهية عنده قابلة للتساؤل والغربلة والتشريح وهذا غرور وجهل مركب , فالإيمان بالغيب دعامة أساسية من دعامات الإيمان الستة وقد بين الله تعالى في بداية سورة البقرة صفات المهتدين بآيات الله فقال سبحانه (الم{1} ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ{2} الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ{3} والَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ{4} أُوْلَـئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ{5}) [البقرة: 1-5].
فالإيمان بالغيب أول صفة من صفات المهتدين بالقرآن وهو من التقوى، (وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) وهم لا يلغون كل ما سبق , ولا يحكمون عقولهم في كل شيء , وما لا يدركه عقله اعتبره غير صحيحًا، هذه منهجية هلامية فاسدة، وعقيدة باطلة، فالمؤمنون (يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ) والمعلوم أن هناك ضوابط علمية لإجراء البحوث والتجارب العلمية منها: تحديد مشكلة البحث، وتحديد مصطلحات البحث، وتعريف الدراسات السابقة في البحث، وإجراء تجربة النتائج التي تجرى للحصول على النتائج، وإجراء تجربة ضابطة لضبط المتغيرات في التجربة من حيث الوقت والعوامل البيئية الخارجية، والعوامل الحيوية الداخلية، وهناك النتائج، والاستنتاج العام من التجربة.
وقد حوى القرآن الكريم في الآية (259) من سورة البقرة أسس الضبط العلمي التجريبي وهذا ما سنوضحه بإذن الله في السطور التالية، ونبدأ بالآية حيث قال الله تعالى: ( أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىَ يُحْيِـي هَـَذِهِ اللّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللّهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ وَانظُرْ إِلَى العِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْماً فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ{259} ) [البقرة: 259].
قال الشيخ حسنين محمد مخلوف رحمه الله(1):
أنى يحيي: كيف، أو متى يحيي ؟
لم يتسنه: لم يتغير مع مرور السنين عليه.
ننشزها: نرفعها من الأرض لنؤلفها.
قال الشيخ عبدالرحمن بن السعدي رحمه الله(2):
( فهذا الرجل مر على قربة قد دمرت تدميرًا، وخوت على عروشها، وقد مات أهلها، وخربت عمارتها، فقال على وجه الشك والاستبعاد " ويقول البعض على وجه التعجب والاستفسار "(3) (أَنَّىَ يُحْيِـي هَـَذِهِ اللّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا) ؟ أي: ذلك بعيد وهي في هذه الحال، يعني وغيرها مثلها بحسب ما قام بقلبه تلك الساعة، فأراد الله رحمته ورحمة الناس حيث أماته الله مئة عام، وكان معه حمار فأماته معه، ومعه طعام وشراب، فأبقاهما الله بحالهما كل هذه المدة الطويلة , فلما مضت الأعوام المئة بعثه الله ( تعالى ) فقال ( له ): كم لبثت ؟ قال: لبثت يومًا أو بعض يوم )، وذلك بحسب ما ظنه فقال الله ( تعالى له ): ( بل لبثت مئة عام ). والظاهر أن هذه المجاوبة على يد بعض الأنبياء الكرام.
ومن تمام رحمة الله به وبالناس ( من بعده ) آراه ( الله تعالى ) الآية عيانًا ليقتنع بها، فبعد ما عرف أنه ميت وقد أحياه الله قيل له: انظر ( إلى طعامك وشرابك لم يتسنه )، أي لم يتغير في هذه المدة الطويلة، وذلك من آيات قدرة الله فإن الطعام والشراب – خصوصًا ما ذكره المفسرون - أنه فاكهة وعصير لا يلبث أن يتغير، وهذا قد حفظه الله ( تعالى ) مئة عام وقيل له ( انظر إلى حمارك ) فإذا هو قد تمزق وتفرق وصار عظامًا نخرة ( وانظر إلى العظام كيف ننشزها )، أي: نرفع بعضها إلى بعض ونصل بعضها ببعض بعد ما تفرقت وتمزقت ( ثم نكسوها )، بعد الالتئام ( لحمًا )، ثم نعيد فيه الحياة ( فلما تبين له )، أي رأى عين لا يقبل الريب بوجه من الوجوه ( قال: أعلم أن الله على كل شيء قدير ) فاعترف بقدرة الله على كل شيء، وصار آية للناس، لأنهم قد عرفوا موته وموت حماره، وعرفوا قضيته ثم شاهدوا هذه الآية. انتهى.
هذه قصة الرجل دون الدخول في خلاف من هو هذا الرجل فهذا ليس موضوع بحثنا، والآيات تتحمل كل هذه التفاسير والله أعلم.
الضبط العلمي التجريبي في الآية(4).
هذه الآية من آيات الإعجاز العلمي في القرآن الكريم، فيها مواصفات التجربة العلمية العملية المضبوطة من جميع الجوانب، وفيها ما يأخذ بألباب أهل العلم والتجريب في العصر الحديث، وفيها الضبط العلمي التجريبي السابق إجازه وفيما يلي توضيح ذلك وتفصيله:
أولاً: سؤال البحث: ( أنى يحيي هذه الله بعد موتها؟ )، فالسؤال يسأل عن القدرة القادرة على إحياء هذه القرية بعد تدميرها.
ثانيًا: تجربة النتائج: يظن البعض أن إحياء الحمار أمام صاحبه وإحياء الرجل هو المعجزة الكبرى، ولكن المعجزة كما أراها، والله أعلم، هي حفظ الطعام والشراب مئة عام، دون تغيير وتبديل في بيئة فيها كل عوامل التحلل من بكتيريا محللة، وفطريات مترممة، وحشرات مفسدة، وأكسدة ضوئية، وتفاعلات كيميائية حيوية، وحرارة مناسبة للتحلل، وأتربة ملوثة، وحيوانات آكلة , وغيرها من عوامل التغيير والفساد والتحلل والهلاك والاختفاء.
أمر الله سبحانه وتعالى بقدرته كل ما في المكان من عوامل الفساد والتحلل والهلاك السابق أن تخرج عن طبيعتها المفسدة، والمحللة والمهلكة وأن تقف عن عملها مئة عام.
فخرجت البكتيريا والفطريات وغيرها من الكائنات الحية الدقيقة في المكان عن طبيعتها المفسدة والمحللة , وتوقفت الإنزيمات والمركبات الكيميائية وغيرها عن عملها، وألغيت الطبيعة المؤكسدة للضوء وامتثلت العوامل الفيزيائية لأمر القادر الخالق , وتوقفت الحرارة والرطوبة والرياح والجفاف عن التأثير في الطعام والشراب.
وامتنعت الحشرات والقوارض، والطيور وغيرها بأمر الله من الاقتراب من الطعام والشراب، فكانت تجربة النتائج أن ظل الطعام والشراب مئة عام لم يتغير في خواصه النباتية، والحيوية والكيميائية، والفيزيائية، والغذائية، والجمالية والتركيبية، والسؤال الآن:
كيف ظل الطعام والشراب مئة عام دون تلف، وتغيير، وهلاك، رغم توافر كل عوامل التلف السابقة ؟!
ثالثًا: تجربة الضبط العلمي للتجربة السابقة:
المتغير الأكبر في التجربة السابقة والمعجزة هو مرور المئة عام، فكيف نتأكد من مرور هذا الوقت على الطعام والشراب ؛ هنا يأتي دور التجربة الضابطة، وهي تحول الحمار إلى عظام نخرة , لذلك قال الله تعالى للرجل (وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ وَانظُرْ إِلَى العِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْماً ).
وحتى يستيقن الرجل بمرور المئة عام، وأن هذه العظام هي عظام حماره فعلاً، أراه الله تعالى كيف يجمع العظام المبعثرة، ثم يكسوها باللحم والجلد والشعر، وتدب الحياة في الحمار ويتأكد أنه حماره.
ينظر الرجل حوله فيرى الشمس قد تغير وضعها عن يوم سؤاله ( انى يحيي هذه الله بعد موتها ) وأن الطعام والشراب لم يتغير، وأن الحمار هو حماره , وبذلك اكتملت التجربة العملية التجريبية بكامل عناصرها العملية وجاء وقت الاستنتاج العام.
رابعًا: الاستنتاج العام من التجربة:
تأتي النتيجة النهائية المؤكدة أن الله سبحانه وتعالى القادر على إحياء القرية وغيرها بعد موتها: (قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).
خامسًا: الدروس المستفادة من التجربة السابقة:
نستنتج من التجربة العلمية العملية المضبوطة علميًا السابقة ما يلي:
1- يعلمنا القرآن كيف يكون التجريب العملي درسًا من دروس التعليم والتعلم الناجح والمفيد والفعال.
2- سبق القرآن الكريم علماء العلوم الكونية في تقرير أهمية التجريب، والتعلم من خلاله وأهمية الملاحظة المباشرة، والتعلم الذاتي في إتقان التعليم والتعلم.
3- سبق القرآن الكريم رجال البحث العلمي في إيجاد سؤال البحث، والمشاهدة المؤدية إليه، وتجربة البحث , والتجربة الضابطة، والمشاهدة المستمرة، والخروج بالاستنتاج العام، والتعليق عليها والاستفادة منها وتطبيق نتائجها في حياة الناس ( ولنجعلك آية للناس )، مؤمنهم وكافرهم، وعالمهم وجاهلهم.
4- في القرآن الكريم أمثلة كثيرة على التجريب العلمي والرؤية والمشاهدة وأهميتها في عملية التعليم والتعلم الإيماني.
قال تعالى: ( وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِـي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَـكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً وَاعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ{260} ) [البقرة: 260].
قال: ( أولم تؤمن ).
قال: ( بلى ولكن ليطمئن قلبي )
قال: ( فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك ثم اجعل على كل جبل منهن جزءًا ثم ادعهن يأتينك سعيًا ).
والنتيجة: ( واعلم أن الله عزيز حكيم ).
سادسًا: التربية الإيمانية هي المقصد النهائي:
مما سبق يتبين لنا أن النتيجة النهائية لكل التجارب السابقة هي التربية الإيمانية ( قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) [البقرة: 259]، ( وَاعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) [البقرة: 260].
العلم يدعو إلى الإيمان وخشية الله:
يظن الجهلاء أن العلم يؤدي إلى البعد عن الله، وأن يصبح الباحث في العلوم الكونية عَلماني ( بفتح العين ) أي لا ديني، وأن إعمال العقل يبعد عن الدين، وأن الدين يبعد الموضوعية، والعقلانية، والتفكير العلمي من الحياة , وهذا ما تبطله كل الآيات القرآنية الداعية إلى التفكر في خلق الله، والإيمان العلمي بالموجودات التي تقع تحت إدراك حواسنا وأجهزتنا، وأن هناك غيبيات لا يفيد فيها البحث والتجريب وقد أخطأ العَلماني ( بفتح العين) عندما قال ( أن كل شيء خاضع في منهجي للبحث والتساؤل والغربلة اوالتشريح من أصغر الأشياء إلى الذات الإلهية )(5).
فهذا جهل مركب، وغرور كاذب، وتفكير يحتاج صاحبه إلى الاستتابة وهذا ما رددنا عليه فيه في مقالات عدة(5).
الله تعالى يقول: ( وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ{28} ) [فاطر: 28].
فعلماء التجريب والعلوم الكونية يخشون الله بما علموا من قدرته، ومن اغتر بعلمه، وألحد فهو ليس بعالم وإن كان من الباحثين في العلوم الكونية، والعلوم الأخرى، وهذا درس لكل عَلماني (بفتح العين) عليه أن يراجع نفسه في تصوره الخاطئ عن الإسلام والعلم.
أ.د. نظمي خليل أبو العطا موسى
الهوامش والمصادر
(1) كلمات القرآن تفسير وبيان، حسين محمد مخلوف، الإسكندرية (مصر): دار الصفا والمروة للنشر والتوزيع (2004م) (ص: 32).
(2) تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، عبدالرحمن بن ناصر السعدي، المملكة العربية السعودية: دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع (1426هـ) (ص: 114).
(3) يرجع إلى بعض كتب التفسير لبيان هذا الموضوع.
(4) آيات معجزات من القرآن الكريم وعالم النبات، نظمي خليل أبو العطا، القاهرة، دار الجميل للنشر والتوزيع والإعلام (1969م) (ص: 20).
(5) الهلامية في المنهجية، والفساد في العقيدة عند نهرو طنطاوي، نظمي خليل أبو العطا موسى، موقع نهرو طنطاوي، موقع دكتور نظمي خليل أبو العطا www.nazme.net - شبهات وردود.
أخبار الخليج – مع الصائمين- العدد(11136) الخميس 18 رمضان 1429هـ -18سبتمبر2008م
موضوع مغلق


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 81 ( الأعضاء 0 والزوار 81)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 349.66 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 343.86 كيلو بايت... تم توفير 5.80 كيلو بايت...بمعدل (1.66%)]