|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
عبادة الملائكة
عبادة الملائكة الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي بعد هذا البيان الوارد في شأن الملائكة الكرام من وصفٍ لخلقتهم ومكانتهم وشرفهم، وقدرهم عن ربهم، وما وُكِلَ إليهم من مهام عظام، وأعمال كبيرة جسام، فهم مع ذلك كله مربوبون مسخَّرون لخالقهم، مطيعون غير خارجين عن أمره وعن طاعته وعبادته، فهم مَفطورون على العبادة، ومجبولون عليها، والعبودية وصفٌ لازم لهم، وهم من أشرف الخلق وأكرمهم على ربهم سبحانه وتعالى، وقد وُصِفُوا في كتاب الله بأشرف وصف؛ كما قال سبحانه: ﴿ وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ * لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ ﴾ [الأنبياء: 26، 27]. وقال الله تعالى في وصف طاعتهم المطلقة له سبحانه بأنهم: ﴿ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ [االتحريم:6]. وقال في وصف عبادتهم وذكرهم له سبحانه: ﴿ وَمَنْ عِنْدَهُ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلاَ يَسْتَحْسِرُونَ يُسَبّحُونَ الْلَّيْلَ وَٱلنَّهَارَ لاَ يَفْتُرُونَ ﴾ [الأنبياء: 19، 20]، وقال سبحانه: ﴿ وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ ﴾ [الشورى:5]. ووُصِفُوا بأنهم يخافونه سبحانه من فوقهم؛ كما قال ربنا: ﴿ يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ [النحل: 50]، وَوُصِفَت خشيتُهم له سبحانه في قوله تعالى: ﴿ وَهُمْ مشْفِقُونَ ﴾ [الأنبياء: 28]، ووُصِفَ ذُلُّهم وخُضُوعُهم وصنوفُ عباداتهم لله في قوله سبحانه: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ عِندَ رَبّكَ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ ﴾ [الأعراف: 206]. وقد ثبت عند البخاري من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: (إذا قضى الله الأمر في السماء، ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانًا لقوله كأنها سلسلة على صفوان، فإذا فُزِّعَ عن قلوبهم، قالوا: ماذا قال ربكم؟ قالوا للذي قال: الحق، وهو العلي الكبير)[1]. ومن مشاهدة عبوديتهم وصلاتهم يوميًّا في الملأ الأعلى، ودخولهم البيت المعمورة للصلاة فيه - ما ثبت في الصحيحين من حديث منْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ - رضي الله عنهما- في حديث المعراج الطويل أن الملائكة كل يومٍ تدخلُ البيتَ المعمور في السماوات العلا تُصلِّي لله تعالى فيه، وفيه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " فَرُفِعَ لِي البَيْتُ المَعْمُورُ، فَسَأَلْتُ جِبْرِيلَ، فَقَالَ: هَذَا البَيْتُ المَعْمُورُ يُصَلِّي فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ، إِذَا خَرَجُوا لَمْ يَعُودُوا إِلَيْهِ"[2]. ومن مشاهدة عبوديتهم كذلك: مَن حاله منهم القيام الدائم لله، ومَن حاله منهم السجود الدائم لله تبارك وتعالى، يبيِّن ذلك ما ثبت عندي الطبراني في الكبير وصححه الألباني رحمه الله تعالى في السلسلة الصحيحة من حديث حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ رضي الله عنه قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي أَصْحَابِهِ إِذْ قَالَ لَهُمْ: (تَسْمَعُونَ مَا أَسْمَعُ؟)، قَالُوا: مَا نَسْمَعُ مِنْ شَيْءٍ، قَالَ: (إِنِّي لَأَسْمَعُ أَطِيطَ السَّمَاءِ، وَمَا تُلَامُ أَنْ تَئِطَّ، وَمَا فِيهَا مَوْضِعُ شِبْرٍ إِلَّا وَعَلَيْهِ مَلَكٌ سَاجِدٌ أَوْ قَائِمٌ) [3]. وما ثبت كذلك عند الترمذي وحسنه الألباني رحمه الله تعالى في صحيح الجامع منْ حديث أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ، وَأَسْمَعُ مَا لَا تَسْمَعُونَ أَطَّتِ السَّمَاءُ، وَحُقَّ لَهَا أَنْ تَئِطَّ مَا فِيهَا مَوْضِعُ أَرْبَعِ أَصَابِعَ إِلَّا وَمَلَكٌ وَاضِعٌ جَبْهَتَهُ سَاجِدًا لِلَّهِ"[4]، فسبحان من سجدت له الأملاك كلها. [1] البخاري4800). [2] رواه البخاري (3207) ومسلم (164). [3] رواه الطبراني في الكبير (3112) وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة (2/ 506). [4] رواه الترمذي (2312) وحسنه الألباني في صحيح الجامع (1/ 481) قال ابن الأثير: الأَطِيط صَوْتُ الْأَقْتَابِ. وأَطِيطُ الْإِبِلِ: أصْوَاتُها وحَنِينُها. أَيْ أَنَّ كَثْرَةَ ما فيها من الملائكة قد أثقلها حَتَّى أَطَّتْ، وَهَذَا مَثَلٌ وَإِيذَانٌ بِكَثْرَةِ الْمَلَائِكَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ َثم أَطِيطٌ، وَإِنَّمَا هُوَ كلامُ تَقْرِيبٍ أُرِيدَ بِهِ تَقْرِيرُ عَظَمَةِ اللَّهِ تَعَالَى. النهاية في غريب الحديث والأثر (1/ 54).
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |