التأويل في الحلف بالطلاق وغيره - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         الصراع مع اليهود (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 2 - عددالزوار : 34 )           »          الوقـف الإســلامي ودوره في الإصلاح والتغيير العهد الزنكي والأيوبي نموذجاً (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          أفكار للتربية السليمة للطفل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          لزوم جماعة المسلمين يديم الأمن والاستقرار (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          منهجُ السَّلَف الصالح منهجٌ مُستمرٌّ لا يتقيَّدُ بزمَانٍ ولا ينحصِرُ بمكانٍ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 38 - عددالزوار : 1195 )           »          الحكمـة ضالـة المؤمن ***متجددة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 72 - عددالزوار : 16910 )           »          حوارات الآخرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 15 )           »          الخواطر (الظن الكاذب) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          الإنفــاق العــام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > فتاوى وأحكام منوعة

فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 24-02-2020, 03:11 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,025
الدولة : Egypt
افتراضي التأويل في الحلف بالطلاق وغيره

التأويل في الحلف بالطلاق وغيره


الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك









قوله: "ومعناه: أن يريد بلفظه ما يُخالف ظاهره كنيَّتِّه بنسائه طوالق بناته ونحوهن، فإذا حلف وتأول في يمينه نفعه التأويل، فلا يحنث إلا أن يكون ظالمًا فلا ينفعه التأويل..." إلى آخره[1].

قال في "المقنع": "ومعنى التأويل: أن يريد بلفظه ما يُخالف ظاهره، فإن كان الحالف ظالمًا لم ينفعه تأويله؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يمينك على ما يصدقك به صاحبك"[2]، وإن لم يكن ظالمًا فله تأويله، فإذا أكلا تمرًا فحلف لتخبرني بعدد ما أكلت، أو لتميزن نوى ما أكلت، فإنها تفرد كل نواة وحدها وتعد من واحدٍ إلى عدد يتحقق دخول ما أكل فيه.

وإن حلف: ليقعدن على بارية في بيته، ولا يدخله بارية، فإنه يدخل قصبًا فينسجه فيه.

وإن حلف: ليطبخن قدرًا برطل ملح، ويأكل منه، ولا يجد طعم الملح، فإنه يسلق به بيضًا.

وإن حلف: لا يأكل بيضًا ولا تفاحًا، وليأكلن مما في هذا الوعاء، فوجده بيضًا وتفاحًا، فإنه يعمل من البيض ناطفًا، ومن التفاح شرابًا.

وإن كان على سُلَّم فحلف: لا صعدت إليك، ولا نزلت إلى هذه، ولا أقمت مكاني ساعة، فلتنزل العليا، وتصعد السفلى، فتنحل يمينه.

وإن حلف: لا أقمت عليه، ولا نزلت منه، ولا صعدت فيه، فإنه ينتقل إلى سُلم آخر.

وإن حلف: لا أقمت في هذا الماء، ولا خرجت منه، فإن كان جاريًا لم يحنث إذا نوى ذلك بعينه، وإن كان واقفًا حمل منه مُكرهًا.

وإن استحلفه ظالم: ما لفلان عندك وديعة؟ وكانت له عنده وديعة، فإنه يعني بـ(ما): الذي، ويَبَر في يمينه، وإن حلف له: ما فلان هاهنا، وعنى موضعًا مُعينًا بر في يمينه.

وإن حلف على امرأته: لا سرقت مني شيئًا، فخانته في وديعته، لم يحنث، إلا أن ينوي"[3].




قال في "الحاشية": "قوله: (باب التأويل في الحلف) لا تخلو حال الحالف المتأول من ثلاثة أحوال:

الأول: أن يكون مظلومًا، مثل أن يستحلفه ظالمٌ على شيءٍ لو صدقه لظلمه، أو ظلم غيره، فهذا له تأويله، كما روى أبو داود عن سويد بن حنظلة، قال: خرجنا نريد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعنا وائل بن حجر، فأخذه عدوٌّ له، فتحرج القوم أن يحلفوا، فحلفت أنه أخي فخلى سبيله، فأتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرنا ذلك له فقال: "أنت كنت أصدقهم وأبرهم، المسلم أخو المسلم"[4].

الثاني: أن يكون الحالف ظالمًا فلا ينفعه تأويله، بل تنصرف يمينه إلى ظاهر الذي عناه المستحلف، لما ذكره المصنف، وعن أبي هريرة مرفوعًا: "اليمين على نية المستحلف"، رواه مسلم[5].

الثالث: ألا يكون ظالمًا ولا مظلومًا، فإنه ينفعه تأويله، وهو المذهب([6])، وهو مذهب الشافعي".




قال في "الشرح": "ولا نعلم في هذا خلافًا، وقيل: لا ينفعه تأويله والحالة هذه، حكاها الشيخ تقي الدين، وقال: ظاهر كلام أحمد: المنع من اليمين به[7].




فائدة: يجوز التعريض في المخاطبة لغير ظالم بلا حاجة على الصحيح من المذهب[8]، اختاره أكثر الأصحاب، وقيل[9]: لا يجوز، ذكره الشيخ تقي الدين واختاره؛ لأنه تدليس كتدليس المبيع.

وكره الإمام أحمد التدليس، والمنصوص[10]: لا يجوز التعريض مع اليمين، ويقبل في الحكم مع قرب الاحتمال من الظاهر، ولا يُقبل مع بعده، ومع توسطه روايتان[11]: إحداهما: يُقبل، جزم به أبو محمد الجوزي وصححه في "تصحيح المحرر".




تنبيه: اعلم أن هذا الباب مبنيٌّ على التخلص مما حلف عليه بالحيل، والمذهب المنصوص عن أحمد[12]: أن الحيل لا يجوز فعلها ولا يبر بها.

وقد نص أحمد[13] على مسائل، من ذلك: إذا حلف ليطأنها في نهار رمضان، فسافر ووطئها، لا يُعجبني؛ لأنه حيلة، وقال أيضًا: من احتال بحيلة فهو حانث، ونقل عنه الميموني: نحن لا نرى الحيلة إلا بما يجوز، فقال له: إنهم يقولون لمن قال لامرأته وهي على درجة سُلم: إن صعدت أو نزلت فأنت طالق، فقالوا: تحمل عنه أو تنتقل عنه إلى سُلم آخر، فقال: ليس هذا بحيلة هذا هو الحنث بعينه، وقالوا: إذا حلف لا يطأ بساطًا فوطئ اثنين، وإذا حلف لا يدخل دارًا فحمل إليها وأُدخل إليها طائعًا.




قال ابن حامد وغيره: وجملة مذهبه: أنه لا يجوز التحيُّل في اليمين، وأنه لا يخرج منها إلا بما ورد به سماع كنسيان وإكراه واستثناء، وقاله في "الترغيب".

وقد ذكر أبو الخطاب وجماعة كثيرة جواز ذلك، وذكروا من ذلك مسائل كثيرة.

قال في "الإنصاف": الذي يُقطع به: أن ذلك ليس بمذهب لأحمد مع هذه النصوص المصرحة بالحنث، ولم يرد عنه ما يخالفها[14].




قوله: "حمل منه مُكرهًا" والصحيح من المذهب[15]: أنه يحنث؛ لأنه حيلة.

قوله: "وإن استحلفه ظالم..." إلى آخره، وبرأ أيضًا إن نوى غير الوديعة أو استثنى بقلبه، فإن لم يتأول أثم وهو دون إثم إقراره بها، ويُكفر على الصحيح[16]، ولو لم يحلف لم يضمن عند أبي الخطاب، وعند ابن عقيل: لا يسقط ضمانه كخوفه من وقوع طلاق، بل يضمن بدفعها افتداءً عن يمينه[17]"[18].




وقال في "الاختيارات": "وإذا حلف لا يفعل شيئًا ففعله ناسيًا ليمينه، أو جاهلًا بأنه المحلوف عليه فلا حنث عليه، ولو في الطلاق والعتاق وغيرهما ويمينه باقية، وهو رواية عن أحمد[19]، ورواتها بقدر رواة التفرقة، ويدخل في هذا: من فعله متأولًا إما تقليدًا لمن أفتاه، أو مُقلدًا لعالم ميت، مصيبًا كان أو مُخطئًا.

ويدخل في هذا: إذا خالع وفعل المحلوف عليه مُعتقدًا أن الفعل بعد الخلع لم تتناوله يمينه، أو فعل المحلوف عليه مُعتقدًا زوال النكاح ولم يكن كذلك، ولو حلف على شيء يعتقده كما حلف عليه فتبين بخلافه فهذه المسألة أولى بعدم الحنث من مسألة فعل المحلوف عليه ناسيًا أو جاهلًا.

وقد ظن طائفةٌ من الفقهاء أنه إذا حلف بالطلاق على أمر يعتقده كما حلف فتبين بخلافه أنه يحنث قولًا واحدًا، وهذا خطأ بل الخلاف في مذهب أحمد، ولو حلف على نفسه أو غيره ليفعلن شيئًا فجهله أو نسيه فلا حنث عليه؛ إذ لا فرق بين أن يتعذر المحلوف عليه لعدم العلم أو لعدم القدرة.

ويتوجه فيما إذا نسي اليمين بالكلية أن يقضي الفعل إن أمكن قضاؤه، وإن لم يعلم المحلوف عليه بيمين الحالف كالناسي...




إلى أن قال: قال في "المجرد" و"الفصول": فإن كان بيد زوجته تمرةٌ فقال: إن أكلتيها فأنت طالق، وإن لم تأكليها فأنت طالق، فأكلت بعضها حنث بناء على قولنا في من حلف ألا يأكل هذا الرغيف فأكل بعضه.

قال أبو العباس: ينبغي أن يقال في مثل هذه اليمين، ومثله قوله في مسألة السُّلم، وهي إن نزلت، أو صعدت، أو أقمت في الماء، أو خرجت أن يحنث بكل حال؛ لمنعه لها من الأكل ومن تركه، فكأن الطلاق معلَّق بوجود الشيء وبعدمه، فوجود بعضه وعدم البعض لا يخرج عن الصفتين،كما[20] إذا علق بحال الوجود فقط، أبو بحال العدم فقط[21]".




وقال البخاري: "باب النية في الأيمان".

وذكر حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إنما الأعمال بالنية وإنما لامرئ ما نوى..." الحديث[22]".

قال الحافظ: "ومناسبته للترجمة: أن اليمين من جملة الأعمال، فيستدل به على تخصيص الألفاظ بالنية زمانًا ومكانًا، وإن لم يكن في اللفظ ما يقتضي ذلك، كمن حلف ألا يدخل دار زيد، وأراد في شهر أو سنة مثلًا، أو حلف ألا يكلم زيدًا مثلًا، وأراد في منزله دون غيره فلا يحنث إذا دخل بعد شهر أو سنة في الأولى، ولا إذا كلمه في دار أخرى في الثانية.

واستدل به الشافعي[23] ومن تبعه في من قال: إن فعلت كذا فأنت طالق، ونوى عددًا أنه يعتبر العدد المذكور وإن لم يلفظ به، وكذا من قال: إن فعلت كذا فأنت بائن، إن نوى ثلاثًا بانت، وإن نوى ما دونها وقع ما نوى رجعيًا، وخالف الحنفية[24] في الصورتين.

واستدل به على أن اليمين على نية الحالف، لكن فيما عدا حقوق الآدميين فهي على نية المُستحلف، ولا ينتفع بالتورية في ذلك إذا اقتطع بها حقًا لغيره، وهذا إذا تحاكما، وأما في غير المحاكمة فقال الأكثر: نية الحالف.

وقال مالك[25] وطائفة: نية المحلوف له.




وقال النووي[26]: من ادَّعى حقًا على رجل فأحلفه الحاكم انعقدت يمينه على ما نواه الحاكم، ولا تنفعه التورية اتفاقًا، فإن حلف بغير استحلاف الحاكم نفعت التورية إلا أنه إن أبطل بها حقًا أثم وإن لم يحنث، وهذا كله إذا حلف بالله، فإن حلف بالطلاق أو العتاق نفعته التورية ولو حلَّفه الحاكم؛ لأن الحاكم ليس له أن يُحلفه بذلك، كذا أطلق، وينبغي فيما إذا كان الحاكم يرى جواز التحليف بذلك ألا تنفعه التورية"[27].

قال البخاري أيضًا: "باب في ترك الحيل وأن لكل امرئ ما نوى في الأيمان وغيرها"، وذكر حديث عمر"[28].




قال الحافظ: "قوله: بسم الله الرحمن الرحيم، كتاب الحيل، جمع: حيلة، وهي ما يتوصل به إلى مقصود بطريق خفي، وهي عند العلماء على أقسام بحسب الحامل عليها، فإن توصل بها بطريق مباح إلى إبطال حق أو إثبات باطل فهي حرام، أو إلى إثبات حق أو دفع باطل فهي واجبة، أو مُستحبة، وإن توصل بها بطريق مباح إلى سلامة من وقوع في مكروه فهي مستحبة، أو مباحة، أو إلى ترك مندوب فهي مكروهة.

ووقع الخلاف بين الأئمة في القسم الأول، هل يصحُّ مُطلقًا، وينفذ ظاهرًا وباطنًا، أو يبطل مُطلقًا، أو يصح مع الإثم؟ ولمن أجازها مُطلقًا، أو أبطلها مُطلقًا، أدلة كثيرة، فمن الأول: قوله تعالى: ﴿ وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ ﴾ [ص: 44] وقد عمل به النبي صلى الله عليه وسلم في حقِّ الضعيف الذي زنى، وهو من حديث أبي أمامة بن سهل في "السنن"[29]، ومنه قوله تعالى: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ﴾ [الطلاق: 2] وفي الحيل مخارج من المضايق، ومنه: مشروعية الاستثناء، فإن فيه تخليصًا من الحنث، وكذلك الشروط كلها، فإن فيها سلامة من الوقوع في الحرج، ومنه حديث أبي هريرة، وأبي سعيد في قصة بلال: "بع الجمع بالدراهم ثم ابتع بالدراهم جنيبًا"[30].

ومن الثاني: قصة أصحاب السبت[31] وحديث: "حُرمت عليهم الشحوم فجملوها فباعوها وأكلوا ثمنها"[32]، وحديث النهي عن النجش[33]، وحديث: "لعن المحلل والمحلل له"[34]، والأصل في اختلاف العلماء في ذلك: اختلافهم هل المعتبر في صيغ العقود ألفاظها أو معانيها؟ فمن قال بالأول أجاز الحيل، ومن قال بالثاني أبطلها ولم يُجز منها إلا ما وافق فيه اللفظ المعنى الذي تدل عليه القرائن الحالية، وقد اشتهر القول بالحيل عن الحنفية[35]؛ لكون أبي يوسف صنَّف فيها كتابًا، لكن المعروف عنه، وعن كثير من أئمتهم تقييد أعمالها بقصد الحق.




قال صاحب "المحيط": أصل الحيل قوله تعالى: ﴿ وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا... ﴾ الآية، وضابطها: إن كانت للفرار من الحرام، والتباعد من الإثم فحسن، وإن كانت لإبطال حق مسلم فلا، بل هي إثم وعدوان.

وقوله: "بابٌ في ترك الحيل".

قال ابن المنير[36] [37]: أدخل البخاري الترك في الترجمة؛ لئلا يتُوهم – أي من الترجمة الأولى – إجازة الحيل، قال: وهو بخلاف ما ذكره في باب بيعة الصغير، فإنه أورد فيه: أنه لم يُبايعه بل دعا له ومسح برأسه، فلم يقل: بابُ ترك بيعة الصغير؛ وذلك أن بيعته لو وقعت لم يكن فيها إنكار بخلاف الحيل، فإن في القول بجوازها عمومًا إبطال حقوق وجبت، وإثبات حقوق لا تجب فتحرى فيها لذلك.

قال الحافظ: وإنما أطلق أولًا للإشارة إلى أن من الحيل ما يُشرع فلا يُترك مُطلقًا.

قوله: "وإنما[38] لكل امرئ ما نوى"، في الأيمان وغيرها.




قال ابن المنيِّر: اتَّسع البخاري في الاستنباط، والمشهور عند النُّظار حمل الحديث على العبادات، فحمله البخاري عليها وعلى المعاملات، وتبع مالكًا في القول بسد الذرائع واعتبار المقاصد، فلو فسد اللفظ وصح القصد أُلغي اللفظ وأعمل القصد تصحيحًا وإبطالًا، قال: والاستدلال بهذا الحديث على سد الذرائع، وإبطال التحيل من أقوى الأدلة.

ووجه التعميم: أن المحذوف المقدر الاعتبار، فمعنى الاعتبار في العبادات إجزاؤها وبيان مراتبها، وفي المعاملات وكذلك الأيمان الرد إلى القصد، وقد تقدم في باب ما جاء أن الأعمال بالنية من كتاب الإيمان في أوائل الكتاب تصريح البخاري بدخول الأحكام كلها في هذا الحديث... إلى أن قال: واستدل به من قال بإبطال الحيل، ومن قال بإعمالها؛ لأن مرجع كل من الفريقين إلى نية العامل.

وسيأتي في أثناء الأبواب التي ذكرها المصنف إشارة إلى بيان ذلك، والضابط ما تقدمت الإشارة إليه إن كان فيه خلاص مظلوم مثلًا فهو مطلوب، وإن كان فيه فوات حق فهو مذموم.




ونص الشافعي[39] على كراهة تعاطي الحيل في تفويت الحقوق، فقال بعض أصحابه: هي كراهة تنزيه، وقال كثير من محققيهم – كالغزالي –: هي كراهة تحريم، ويأثم بقصده، ويدل عليه: "وإنما لكل امرئ ما نوى"[40]، فمن نوى بعقد البيع الربا وقع في الربا، ولا يخلصه من الإثم صورة البيع، ومن نوى بعقد النكاح التحليل كان محللًا ودخل في الوعيد على ذلك باللعن، ولا يخلصه من ذلك صورة النكاح.

وكلُّ شيء قصد به تحريم ما أحل الله، أو تحليل ما حرَّم الله كان إثمًا، ولا فرق في حصول الإثم في التحيل على الفعل المحرم بين الفعل الموضوع له والفعل الموضوع لغيره إذا جعل ذريعة له.




واستدل به على أنه لا تصح العبادة من الكافر والمجنون؛ لأنهما ليسا من أهل العبادة، وعلى سقوط القود في شبه العمد؛ لأنه لم يقصد القتل، وعلى عدم مؤاخذة المخطئ والناسي والمكره في الطلاق والعتاق ونحوهما، واستدل به لمن قال – كالمالكية[41] –: اليمين على نية المحلوف له، ولا تنفعه التورية، وعكسه غيرهم، وقد تقدم بيانه في الأيمان، واستدلوا بما أخرجه مسلم عن أبي هريرة مرفوعًا: "اليمين على نية المستحلف"[42]، وفي لفظ له: "يمينك على ما يُصدقك به صاحبك"[43]، وحمله الشافعية[44] على ما إذا كان المستحلف الحاكم، واستدل به لمالك على القول بسد الذرائع، واعتبار المقاصد بالقرائن، كما تقدمت الإشارة إليه، وضبط بعضهم ذلك بأن الألفاظ بالنسبة إلى مقاصد المتكلم ثلاثة أقسام:

أحدها: أن تظهر المطابقة إما يقينًا، وإما ظنًا غالبًا.

والثاني: أن يظهر أن المتكلم لم يرد معناه إما يقينًا، وإما ظنًا.

والثالث: أن يظهر في معناه ويقع التردد في إرادة غيره، وعدمها على حد سواء، فإذا ظهر قصد المتكلم لمعنى ما تكلم به "أو لم [45]" يظهر قصد يخالف كلامه وجب حمل كلامه على ظاهره، وإذا ظهرت إرادته بخلاف ذلك فهل يستمر الحكم على الظاهر ولا عبرة بخلاف ذلك، أو يعمل بما ظهر من إرادته؟.




فاستدل للأول: بأن البيع لو كان يفسد – بأن يقال: هذه الصيغة فيها ذريعة إلى الربا، ونية المتعاقدين فيها فاسدة – لكان إفساد البيع بما يتحقق تحريمه أولى أن يفسد به البيع من هذا الظن، كما لو نوى رجلٌ بشراء سيف أن يقتل به رجلًا مسلمًا بغير حق، فإن العقد صحيح، وإن كانت نيته فاسدة جزمًا فلم يستلزم تحريم القتل بطلان البيع، وإن كان العقد لا يفسد بمثل هذا فلا يفسد بالظن والتوهم بطريق الأولى.

واستدل للثاني: بأن النية تؤثر في الفعل فيصير بها تارة حرامًا وتارة حلالًا، كما يصير العقد بها تارة صحيحًا وتارة فاسدًا كالذبح مثلًا، فإن الحيوان يحل إذا ذُبح لأجل الأكل، ويحرم إذا ذبح لغير الله، والصورة واحدة، والرجل يشتري الجارية لوكيله فتحرم عليه، ولنفسه فتحل له، وصورة العقد واحدة، وكذلك صورة القرض في الذمة، وبيع النقد بمثله إلى أجل صورتهما واحدة، والأول: قربة صحيحة، والثاني: معصية باطلة.

وفي الجملة: فلا يلزم من صحة العقد في الظاهر رفع الحرج عمن يتعاطى الحيلة الباطلة في الباطن، والله أعلم.

وقد نقل النسفي الحنفي في "الكافي" عن محمد بن الحسن قال: ليس من أخلاق المؤمنين الفرار من أحكام الله بالحيل الموصلة إلى إبطال الحق"[46].

وقال البخاري أيضًا: "(باب في الصلاة).

حدثني إسحاق [بن نصر]، حدثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن همام، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ"[47]".

قال الحافظ: "قوله: باب في الصلاة، أي: دخول الحيلة فيها، وقال ابن المنير[48]: أشار البخاري بهذه الترجمة إلى الرد على قول من قال بصحة صلاة من أحدث عمدًا في أثناء الجلوس الأخير، ويكون حدثه كسلامه، بأن ذلك من الحيل لتصحيح الصلاة مع الحدث"[49].

وقال البخاري أيضًا: "(باب في الزكاة، وألا يفرق بين مجتمع، ولا يجمع بين متفرق خشية الصدقة...) إلى أن قال بعد حديث طلحة: وقال بعض الناس في عشرين ومئة بعير حقتان: فإن أهلكها متعمدًا، أو وهبها، أو احتال فيها فرارًا من الزكاة فلا شيء عليه[50]، ثم ذكر حديث أبي هريرة[51].

وقال بعض الناس في رجل له إبل فخاف أن تجب عليه الصدقة فباعها بإبل مثلها، أو بغنم أو ببقر، أو بدراهم فرارًا من الصدقة بيوم احتيالًا فلا بأس عليه، وهو يقول: إن زكى إبله قبل أن يحول الحول بيومٍ أو بستةٍ جازت عنه[52].

ثم ذكر حديث ابن عباس.
يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 24-02-2020, 03:12 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,025
الدولة : Egypt
افتراضي رد: التأويل في الحلف بالطلاق وغيره




وقال بعض الناس: إذا بلغت الإبل عشرين ففيها أربع شياه، فإن وهبها قبل الحول أو باعها فرارًا أو احتيالًا لإسقاط الزكاة فلا شيء عليه، وكذلك إن أتلفها فمات فلا شيء في ماله[53]" انتهى مُلخصًا.

قال الحافظ: "قوله: بابٌ في الزكاة أي: ترك الحيل في إسقاطها.

قال ابن بطَّال[54]: أجمع العلماء على أن للمرء قبل الحول التصرف في ماله بالبيع، والهبة، والذبح إذا لم ينو الفرار من الصدقة[55].




وأجمعوا على أنه إذا حال الحول أنه لا يحلُّ التحيُّل بأن يُفرق بين مجتمع، أو يجمع بين متفرِّق[56]، ثم اختلفوا:

فقال مالك[57]: من فوَّت من ماله شيئًا ينوي به الفرار من الزكاة قبل الحول بشهر أو نحوه لزمته الزكاة عند الحول؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (خشية الصدقة).

وقال أبو حنيفة[58]: إن نوى بتفويته الفرار من الزكاة قبل الحول بيوم لا تضره النية؛ لأن ذلك لا يلزمه إلا بتمام الحول، ولا يتوجه إليه معنى قوله: (خشية الصدقة) إلا حينئذ.

قال: وقال المهلب: قصد البخاري أن كل حيلة يتحيل بها أحدٌ في إسقاط الزكاة فإن إثم ذلك عليه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما منع من جمع الغنم أو تفرقتها خشية الصدقة فُهم منه هذا المعنى، وفهم من حديث طلحة: أن قوله: "أفلح إن صدق[59]" أن من رام أن ينقص شيئًا من فرائض الله بحيلة يحتالها أنه لا يُفلح.

قال: وما أجاب به من الفقهاء من تصرُّف ذي المال في ماله قُرب حلول الحول ثم يريد بذلك الفرار من الزكاة، ومن نوى ذلك فالإثم عنه غير ساقط، وهو كمن فرَّ عن صيام رمضان قبل رؤية الهلال بيوم، واستعمل سفرًا لا يحتاج إليه ليفطر، فالوعيد إليه يتوجه...

إلى أن قال: الحديث الرابع: حديث ابن عباس قال: استفتى سعد بن عبادة... إلى آخره، قال المُهلب: فيه حجة على أن الزكاة لا تسقط بالحيلة ولا بالموت؛ لأن النذر لما لم يسقط بالموت، والزكاة أوكد منه، كانت لازمة لا تسقط بالموت وأولى؛ لأنه لما ألزم الولي بقضاء النذر عن أمه كان قضاء الزكاة التي فرضها الله أشد لزومًا.

قال الحافظ: ومن الحيل في إسقاط الزكاة: أن ينوي بعُرُوض التجارة القُنية قبل الحول، فإذا دخل الآخر استأنف التجارة حتى إذا قرب الحول أبطل التجارة ونوى القنية، وهذا لا يأثم جزمًا، والذي يقوى أنه لا تسقط الزكاة عنه، والعلم عند الله تعالى"[60].




وقال البخاري أيضًا: "(باب الحيلة في النكاح)".

قال الحافظ: "ذكر فيه حديث ابن عمر في النهي عن الشغار[61]".

قال ابن المنير: إدخال البخاري الشغار في باب الحيل مع أن القائل بالجواز يبطل الشغار ويوجب مهر المثل مشكل، ويمكن أن يقال: إنه أخذه مما نقل أن العرب كانت تأنف من التلفظ بالنكاح من جانب المرأة، فرجعوا إلى التلفظ بالشغار؛ لوجود المساواة التي تدفع الأنفة، فمحا الشرعُ رسم الجاهلية فحرم الشغار وشدد فيه ما لم يُشدد في النكاح الخالي عن ذكر الصداق، فلو صححنا النكاح بلفظ الشغار وأوجبنا مهر المثل أبقينا غرض الجاهلية بهذه الحيلة.

قال الحافظ: وفيه نظرٌ؛ لأن الذي نقله عن العرب لا أصل له؛ لأن الشِّغار في العرب بالنسبة إلى غيره قليل، وقضية ما ذكره أن تكون أنكحتهم كلها كانت شغارًا؛ لوجود الأنفة في جميعهم، والذي يظهرُ لي: أن الحيلة في الشغار تتصور في موسر أراد تزويج بنت فقير فامتنع أو اشتط في المهر، فخدعه بأن قال له: زوجنيها وأنا أزوجك بنتي، فرغب الفقير في ذاك لسهولة ذلك عليه، فلما وقع العقد على ذلك وقيل له: إن العقد يصح ويلزم لكل منهما مهر المثل، فإنه يندم إذ لا قدرة له على مهر المثل لبنت المُوسر وحصل للموسر مقصوده بالتزويج لسهولة مهر المثل، فإذا أُبطل الشغار من أصله بطلت هذه الحيل.




قوله: وقال بعض الناس: إن احتال حتى تزوج على الشِّغار فهو جائز، والشرط باطل، وقال في المتعة: النكاح فاسد، والشرط باطل.

قال الحافظ: وهذا بناءً على قاعدة الحنفية: أن ما لم يُشرع بأصله باطل، وما شُرع بأصله دون وصفه فاسد، فالنكاح مشروع بأصله، وجعل البُضع صداقًا وصف فيه، فيفسد الصداق، ويصح النكاح بخلاف المتعة فإنها لما ثبت أنها منسوخة صارت غير مشروعة بأصلها.

قوله: (وقال بعضهم: المتعة والشِّغار جائزان، والشرط باطل)، أي: في كلّ منهما، كأنه يُشير إلى ما نُقل عن زفر: أنه أجاز النكاح المؤقت وألغى الوقت؛ لأنه شرط فاسد، والنكاح لا يبطل بالشروط الفاسدة، وردوا عليه بالفرق المذكور.

قال ابن بطَّال[62]: لا يكون البُضعُ صداقًا عند أحد من العلماء، وإنما قالوا: ينعقد النكاح بمهر المثل إذا اجتمعت شروطه، والصداق ليس بركن فيه فهو كما لو عقد بغير صداق، ثم ذكر الصَّداق، فصار ذكر البُضع كلا ذِكر.




قال الحافظ: وهذا محصل ما قاله أبو زيد وغيره من أئمة الحنفية[63]، وتعقبه ابن السمعاني فقال: ليس الشغار إلا النكاح الذي اختلفنا فيه، وقد ثبت النهي عنه، والنهي يقتضي فساد المنهي عنه؛ لأن العقد الشرعي إنما يجوز بالشرع، وإذا كان منهيًا لم يكن مشروعًا.

ومن جهة المعنى: أنه يمنع تمام الإيجاب في البُضع للزوج، والنكاح لا ينعقد إلا بإيجاب كامل، ووجه قولنا: يمنع، أن الذي أوجبه للزوج نكاحًا هو الذي أوجبه للمرأة صداقًا، فهو كمن جعل الشيء لشخص في عقدٍ ثم جعل عينه لشخص آخر، فإنه لا يكمل الجعل الأول.

قال: ولا يُعارض هذا ما لو زوج أمته آخر، فإن الزوج يملك التمتع بالفرج، والسيد يملك رقبة الفرج بدليل أنها لو وُطئت بعد بشبهة يكون المهر للسيد، والفرق أن الذي جعله السيد للزوج لم يبقه لنفسه؛ لأنه جعل ملك التمتع بالأمة للزوج، وما عدا ذلك باقٍ له، وفي مسألة الشِّغار جعل ملك التمتع الذي جعله للزوج بعينه صداقًا للمرأة الأخرى، ورقبة البُضع لا تدخل تحت ملك اليمين حتى يصح جعله صداقًا[64]".




وقال البخاري أيضًا: "(باب ما يُكره من الاحتيال في البيوع، ولا يمنع فضل الماء ليمنع به فضل الكلأ")[65].

قال المُهلب: "الراد: رجلٌ كان له بئرٌ وحولها كلأ مباح، فأراد الاختصاص به فيمنع فضل ماء بئره أن ترده نعم غيره للشرب، وهو لا حاجة به إلى الماء الذي يمنعه، وإنما حاجته إلى الكلأ، وهو لا يقدر على منعه لكونه غير مملوك له، فيمنع الماء فيتوفر له الكلأ؛ [لأن النَّعم لا تستغني عن الماء، بل إذا رعت الكلأ عطشت، ويكون ماء غير البئر بعيدًا عنها، فيرغب صاحبها عن ذلك الكلأ]، فيتوفر لصاحب البئر بهذه الحيلة"[66].

وقال البخاري أيضًا: "(باب ما يكره من التناجش)"[67].

قال الحافظ: "والمراد بالكراهة في الترجمة كراهة التحريم"[68].




وقال البخاري أيضًا: "باب ما يُنهى من الخداع في البيوع".

وقال أيوب: يخادعون الله كما[69] يخادعون آدميًا، لو أتوا الأمر عيانًا كان أهون عليَّ.

ثم ذكر حديث ابن عُمر: أن رجلًا ذكر للنبي صلى الله عليه وسلم أنه يُخدع في البيوع... الحديث[70]".




قال الكرماني: "قوله: (عيانًا)، أي: لو أعلموا بأخذ الزائد على الثمن معاينة بلا تدليس لكان أسهل؛ لأنه ما جعل الدين آلة للخداع.

قال الحافظ: ومن ثم كان سالك المكر والخديعة حتى يفعل المعصية أبغض عند الناس ممن يتظاهر بها، وفي قلوبهم أوضع، وهم عنه أشد نفرة...

إلى أن قال: وقال ابن القيم في "الإعلام"[71]: أحدث بعض المتأخرين حيلًا لم يصح القول بها عن أحد من الأئمة، ومن عرف سيرة الشافعي وفضله علم أنه لم يكن يأمر بفعل الحيل التي تُبنى على الخداع، وإن كان يُجري العقود على ظاهرها، ولا ينظر إلى قصد العاقد إذا خالف لفظه، فحاشاه أن يبيح للناس المكر والخديعة، فإن الفرق بين إجراء العقد على ظاهره فلا يُعتبر القصد في العقد وبين تجويز عقد قد عُلم بناؤه على المكر – بأن باطنه بخلاف ظاهره – ظاهر، ومن نسب حل الثاني إلى الشافعي فهو خصمه عند الله، فإن الذي جوزه بمنزلة الحاكم يُجري الحكم على ظاهره في عدالة الشهود فيحكم بظاهر عدالتهم، وإن كانوا في الباطن شهود زور، وكذا في مسألة العينة: إنما جوز أن يبيع السلعة ممن يشتريها جريًا منه على أن ظاهر عقود المسلمين سلامتها من المكر والخديعة، ولم يجوز قط أن المتعاقدين يتواطآن على ألف بألف ومئتين، ثم يحضران سلعة تحلل الربا، ولا سيما إن لم يقصد البائع بيعها ولا المشتري شراءها.




ويتأكَّد ذلك: إذا كانت ليست ملكًا للبائع، كأن يكون عنده سلعة لغيره فيوقع العقد ويدعي أنها ملكه، ويصدقه المشتري، فيوقعان العقد على الأكثر، ثم يستعيدها البائع بالأقل ويترتب الأكثر في ذمة المشتري في الظاهر، ولو علم الذي جوَّز ذلك بذلك لبادر إلى إنكاره؛ لأن لازم المذهب ليس بمذهب، فقد يذكُر العالم الشيء ولا يستحضر لازمه حتى إذا عرفه أنكره، وأطال في ذلك جدًا، وهذا مُحصله.

والتحقيق: أنه لا يلزم من الإثم في العقد بطلانه في ظاهر الحكم، فالشافعية يجوزون العقود على ظاهرها، ويقولون مع ذلك: إن من عمل الحيل بالمكر والخديعة يأثم في الباطن. وبهذا يحصل الانفصال عن إشكاله، والله أعلم"[72].




وقال البخاري أيضًا: "باب ما ينهى من الاحتيال للولي في اليتيمة المرغوبة وألا يكمل لها صداقها".

قال الحافظ: "ذكر فيه حديث عائشة في تفسير قوله تعالى: ï´؟ وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى ï´¾ [النساء: 3][73].

قال ابن بطال[74]: فيه: أنه لا يجوز للولي أن يتزوج يتيمة بأقل من صداقها، ولا أن يُعطيها من العروض في صداقها ما لا يفي بقيمة صداق مثلها"[75].

وقال البخاري أيضًا: "باب إذا غصب جارية فزعم أنها ماتت فقُضي بقيمة الجارية الميتة ثم وجدها صاحبها فهي له ويرد القيمة، ولا تكون القيمة ثمنًا، وقال بعض الناس: الجارية للغاصب لأخذه القيمة، وفي هذا احتيالٌ لمن اشتهى جارية رجل لا يبيعها فغصبها، واعتل بأنها ماتت حتى يأخذ ربُّها قيمتها فتطيب للغاصب جارية غيره، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أموالكم عليكم حرام، ولكل غادرٍ لواءٌ يوم القيامة"[76].

قال ابن بطال[77]: "خالف أبا حنيفة الجمهور في ذلك، فاحتج هو بأنه لا يجتمع الشيء وبدله في ملك شخص واحد، واحتج للجمهور بأنه لا يحل [مال] المسلم إلا عن طيب نفسه، ولأن القيمة إنما وجبت بناءً على صدق دعوة الغاصب أن الجارية ماتت، فلما تبين أنها لم تمت فهي باقية على ملك المغصوبة منه؛ لأنه لم يجر بينهما عقدٌ صحيحٌ فوجب أن تُرد إلى صاحبها"[78].




وقال البخاري أيضًا: "باب في النكاح".

وذكر حديث أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تُنكح البكر حتى تستأذن.." الحديث، وقال بعض الناس: إن لم تستأذن البكر ولم تُزوج فاحتال رجل فأقام شاهدي زور أنه تزوجها برضاها، فأثبت القاضي نكاحها والزوج يعلم أن الشهادة باطلة، فلا بأس أن يطأها وهو تزويج صحيح... إلى آخره([79]".




قال الحافظ: "قوله: "باب في النكاح" تقدم قريبًا: باب الحيلة في النكاح وذكر فيه الشغار والمتعة، وذكر هنا ما يتعلق بشهادة الزور في النكاح.

قوله: "وقال بعض الناس: إن احتال إنسان بشاهدي زور على تزويج امرأة ثيب بأمرها، فأثبت القاضي نكاحها إياه والزوج يعلم أنه لم يتزوجها قط"، فإنه يسعه هذا النكاح، ولا بأس بالمقام معها.

قال المهلب: اتفق العلماء على وجوب استئذان الثيب[80]، والأصل فيه: قوله تعالى: ï´؟ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا ï´¾ [البقرة: 232] فدل على أن النكاح يتوقف على الرضا من الزوجين، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم باستئذان ِّالثيب ورد نكاح من زوجت وهي كارهة، فقول الحنفية خارج عن هذا كله.

قوله: "وقال بعض الناس: إن هوي رجل جارية يتيمة أو بكرًا فأبت فاحتال فجاء بشاهدي زُور على أنه تزوجها، فأدركت، فرضيت اليتيمة، فقبل القاضي شهادة الزور والزوج يعلم ببطلان ذلك حلَّ له الوطء".

قال الحافظ: أي: مع علمه بكذب الشهادة المذكورة.

وقال ابن بطَّال[81]: لا يحل هذا النكاح عند أحد من العلماء، وحُكم القاضي بما ظهر له من عدالة الشاهدين في الظاهر لا يُحل للزوج ما حرَّم الله عليه، وقد اتفقوا على أنه لا يحل أكل مال غيره بمثل هذه الشهادة، ولا فرق بين أكل مال الحرام ووطء الفرج الحرام[82]".

وقال البخاري أيضًا: "باب ما يُكره من احتيال المرأة مع الزوج والضرائر، وما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك".




وذكر حديث عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب الحلواء ويحب العسل، وكان إذا صلى العصر أجاز على نسائه فيدنو منهن، فدخل على حفصة فاحتبس عندها أكثر مما كان يحتبس، فسألت عن ذلك؟ فقيل لي: أهدت [لها] امرأةٌ من قومها عكة عسل فسقت رسول الله صلى الله عليه وسلم منه شربةً، فقلت: أما والله لنحتالن له، فذكرت ذلك لسودة، قلت: إذا دخل عليك فإنه سيدنو منك فقولي له: يا رسول الله، أكلت مغافير، فإنه سيقول: لا، فقولي له: ما هذه الريح؟ وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يشتدُّ عليه أن يوجد منه الريح، فإنه سيقول: سقتني حفصة شربة عسل، فقولي له: جرست نحله العرفط، وسأقول ذلك... الحديث.

وفيه: فلما دخل على حفصة قالت له: يا رسول الله، ألا أسقيك منه؟ قال: "لا حاجة لي به"، قالت: تقول سودة: سبحان الله! لقد حرمناه، قالت: قلت لها: اسكتي[83]".

قال الحافظ: "وقال ابن المنيِّر: إنما ساغ لهن أن يقُلن: أكلت مغافير؛ لأنهن أوردنه على طريق الاستفهام بدليل جوابه، بقوله: (لا)، وأردن بذلك التعريض لا صريح الكذب، فهذا وجه الاحتيال الذي قالت عائشة: لنحتالنَّ له، ولو كان كذبًا محضًا لم يُسم حيلة؛ إذ لا شبهة لصاحبه"[84].

وقال البخاري أيضًا: "باب ما يُكره من الاحتيال في الفرار من الطاعون".

وذكر حديث عبد الرحمن بن عوف في النهي عن الخروج من البلد الذي يقع به الطاعون، وعن القدوم على البلد التي وقع بها[85]".

قال المهلب: "يتصور التحيل في الفرار من الطاعون بأن يخرج في تجارة، أو لزيارة مثلًا وهو ينوي بذلك الفرار من الطاعون[86]".




وقال البخاري أيضًا: "بابٌ في الهبة والشفعة".

وقال بعض الناس: إن وهب هبةً ألف درهم أو أكثر حتى مكث عنده سنين، واحتال في ذلك ثم رجع الواهب فيها فلا زكاة على واحدٍ منهما فخالف رسول الله صلى الله عليه وسلم في الهبة وأسقط الزكاة.
يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 24-02-2020, 03:13 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,025
الدولة : Egypt
افتراضي رد: التأويل في الحلف بالطلاق وغيره



حدثنا أبو نعيم، حدثنا سفيان، عن أيوب السختياني، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه ليس لنا مثل السوء"[87].

حدثنا عبد الله بن محمد، حدثنا هشام بن يوسف، أخبرنا معمرٌ، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن جابر بن عبد الله، قال: إنما جعل النبي صلى الله عليه وسلم الشفعة في كل ما لم يُقسم فإذا وقعت الحدود وصُرفت الطرق فلا شفعة. وقال بعض الناس: الشفعة للجوار ثم عمد إلى ما شدده فأبطله، وقال: إن اشترى دارًا فخاف أن يأخذ الجار بالشفعة فاشترى سهمًا من مئة سهم ثم اشترى الباقي وكان للجار الشفعة في السهم الأول ولا شفعة له في باقي الدار وله أن يحتال في ذلك[88].




حدثنا علي بن عبد الله، حدثنا سفيان، عن إبراهيم بن ميسرة، سمعت عمرو بن الشريد قال: جاء المسور بن مخرمة فوضع يده على منكبي فانطلقت معه إلى سعد فقال أبو رافع للمسور: ألا تأمر هذا أن يشتري مني بيتي الذي في داري، فقال: لا أزيده على أربعمئة، إما مقطعة وإما مُنجمة، قال: أُعطيت خمسمئة نقدًا فمنعه ولولا أني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "الجار أحق بصقبه" ما بعتكه – أو قال: ما أعطيتكه – قلت لسفيان: إن معمرًا لم يقل هكذا، قال: لكنه قال لي هكذا.

وقال بعض الناس: إذا أراد أن يبيع الشفعة فله أن يحتال حتى يُبطل الشفعة فيهب البائع للمشتري الدار ويحدها ويدفعها إليه ويُعوضه المشتري ألف درهم فلا يكون للشفيع فيها شفعة[89].




حدثنا محمد بن يوسف، حدثنا سفيان، عن إبراهيم بن ميسرة، عن عمرو بن الشريد، عن أبي رافع: أن سعدًا ساومه بيتًا بأربعمئة مثقال فقال: لولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "الجار أحق بصقبه" لما أعطيتك.

وقال بعض الناس: إن اشترى نصيب دارٍ فأراد أن يُبطل الشفعة وهب لابنه الصغير ولا يكون عليه يمين"[90].

قال المُهلب: "مناسبة ذكر حديث أبي رافع: أن كل ما جعله النبي صلى الله عليه وسلم حقًا لشخص لا يحل لأحد إبطاله بحيلة ولا غيرها"[91].

وقال البخاري أيضًا: "حدثنا أبو نعيم، حدثنا سفيان، عن إبراهيم بن ميسرة، عن عمرو بن الشريد، عن أبي رافع، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "الجار أحق بصقبه"، وقال بعض الناس: إن اشترى دارًا بعشرين ألف درهم فلا بأس أن يحتال حتى يشتري الدار بعشرين ألف درهم، وينقده تسعة آلاف درهم وتسعمئة درهم وتسعة وتسعين وينقده دينارًا بما بقي من العشرين الألف، فإن طلب الشفيع أخذها بعشرين ألف درهم، وإلا فلا سبيل له على الدار، فإن استحقت الدار رجع المشتري على البائع بما دفع إليه، وهو تسعة آلاف درهم وتسعمئة وتسعة وتسعون درهمًا ودينارًا؛ لأن البيع حين استحق انتقض الصَّرف في الدينار فإن وجد بهذه الدار عيبًا ولم تستحق فإنه يردها عليه بعشرين ألف درهم.




قال: فأجاز هذا الخداع بين المسلمين، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "بيع المسلم المسلم لا داء ولا خبثة ولا غائلة"[92].

حدثنا مسدد، حدثنا يحيى، عن سفيان، قال: حدثني إبراهيم بن ميسرة، عن عمرو بن الشريد: أن أبا رافع ساوم سعد بن مالك بيتًا بأربعمئة مثقال وقال: لولا أني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "الجار أحق بصقبه" ما أعطيتك[93]".

قال الحافظ: "قوله: "فأجاز هذا الخداع، أي: الحيلة في إيقاع الشريك في الغبن الشديد إن أخذ بالشفعة، أو إبطال حقه إن ترك خشية من الغبن في الثمن بالزيادة الفاحشة.

وإنما أورد البخاري مسألة الاستحقاق التي مضت ليستدل بها على أنه كان قاصدًا للحيلة في إبطال الشفعة، وعقب بذكر مسألة الرد بالعيب ليبين أنه تحكم، وكان مقتضاه أنه لا يرد إلا ما قبضه لا زائدًا عليه"[94].




وقال البخاري أيضًا: "باب احتيال العامل ليهدى له".

حدثنا عبيد بن إسماعيل، حدثنا أبو أسامة، عن هشام، عن أبيه، عن أبي حميد الساعدي، قال: استعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلًا على صدقات بني سليم يدعى ابن اللتبية فلما جاء حاسبه قال: هذا ما لكم وهذا هدية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فهلا جلست في بيت أبيك وأمك حتى تأتيك هديتك إن كنت صادقًا"، ثم خطبنا فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: "أما بعد، فإني أستعمل الرجل منكم على العمل مما ولاني الله فيأتي فيقول: هذا ما لكم وهذا هدية أهديت لي، أفلا جلس في بيت أبيه وأمه حتى تأتيه هديته، والله لا يأخذ أحدٌ منكم شيئًا بغير حقه إلا لقي الله يحمله يوم القيامة، فلأعرفن أحدًا منكم لقي الله يحمل بعيرًا له رغاء، أو بقرة لها خُوار أو شاة تيعر"، ثم رفع يده حتى رؤي بياض إبطه يقول: "اللهم هل بلغت"، بصر عيني وسمع أذني[95]".




قال الحافظ: "قوله: "باب احتيال العامل ليهدى له"، ذكر فيه حديث أبي حميد الساعدي في قصة ابن اللتبية، ومطابقته للترجمة من جهة أن تملكه ما أُهدي له إنما كان لعلة كونه عاملًا، فاعتقد أن الذي أهدي له يستبد به دون أصحاب الحقوق التي عمل فيها، فبيَّن له النبي صلى الله عليه وسلم أن الحقوق التي عمل لأجلها هي السبب في الإهداء له، وأنه لو أقام في منزله لم يُهد له شيءٌ، فلا ينبغي له أن يستحلها بمجرد كونها وصلت إليه على طريق الهدية، فإن ذاك إنما يكون حيث يتمحض الحق له.

قال المُهلب: حيلة العامل ليُهدى له تقع بأن يسامح بعض من عليه الحق؛ فلذلك قال: "هلا جلس في بيت أمه لينظر هل يُهدى له"، فأشار إلى أنه لولا الطمع في وضعه من الحق ما أُهدي له، قال: فأوجب النبي صلى الله عليه وسلم أخذ الهدية وضمها إلى أموال المسلمين، كذا قال، ولم أقف على أخذ ذلك منه صريحًا.




قال ابن بطال[96]: دلَّ الحديث على أن الهدية للعامل تكون لشُكر معروفه، أو للتحبب إليه أو للطمع في وضعه من الحق، فأشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى أنه فيما يُهدى له من ذلك كأحد المسلمين لا فضل له عليهم فيه، وأنه لا يجوز الاستئثار به.

قال الحافظ: والذي يظهر: أن الصورة الثالثة إن وقعت لم تحل للعامل جزمًا وما قبلها في طرف الاحتمال...

إلى أن قال: اشتمل كتاب الحيل من الأحاديث المرفوعة على أحد وثلاثين حديثًا، المُعلق منها واحد وسائرها موصول، وكلها مكررة فيه وفيما تقدم، وفيه أثرٌ واحدٌ عن أيوب، والله سبحانه وتعالى أعلم"[97].

قلت: ختم البخاري – رحمه الله تعالى – كتاب الحيل بقوله: "اللهم هل بلغت" فيه مناسبة لطيفة.





[1] الروض المربع ص 432.




[2] مسلم 1653، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.




[3] المقنع 3/213 - 215.




[4] أبو داود 3256. وأخرجه أيضًا ابن ماجه 2119، وأحمد 4/79، من طُرق عن إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق، قال: حدثنا إبراهيم بن عبد الأعلى، عن جدته، عن أبيها سويد بن حنظلة رضي الله عنه، بلفظ: "صدقت، المسلم أخو المسلم".

وأخرجه أحمد 4/79، حدثنا يزيد بن هارون، عن إسرائيل، عن يونس بن أبي إسحاق، حدثنا إبراهيم بن عبد الأعلى، عن جدته، عن أبيها سويد بن حنظلة رضي الله عنه، بلفظ المصنف.

وضعَّفه ابن القطان في بيان الوهم والإيهام 3/559 بجهالة حال جدَّة إبراهيم بن عبد الأعلى.




[5] 1653.




[6] شرح منتهى الإرادات 5/491، وكشاف القناع 12/370.




[7] الإنصاف مع المقنع والشرح الكبير 23/6.




[8] شرح منتهى الإرادات 5/491، وكشاف القناع 12/370.




[9] الإنصاف مع المقنع والشرح الكبير 23/8.




[10] كشاف القناع 12/371.




[11] الإنصاف مع المقنع والشرح الكبير 23/8 - 11.




[12] شرح منتهى الإرادات 5/492 - 493، وكشاف القناع 12/372 - 373.




[13] الإنصاف مع المقنع والشرح الكبير 23/13 - 14.




[14] الإنصاف مع المقنع والشرح الكبير 23/14.




[15] شرح منتهى الإرادات 5/494 - 495، وكشاف القناع 12/375.




[16] كشاف القناع 12/375.




[17] الإنصاف مع المقنع والشرح الكبير 23/18 - 19.




[18] انظر: حاشية المقنع 3/213 - 215، والشرح الكبير مع المقنع والإنصاف 22/6 - 19.




[19] الإنصاف مع المقنع والشرح الكبير 22/582 - 583.




[20] كذا في الأصل، وفي الاختيارات: "بخلاف".




[21] الاختيارات الفقهية ص 272 - 273.




[22] البخاري 6689.




[23] المهذب 2/104، وتحفة المحتاج 8/47 - 48، ونهاية المحتاج 6/455.




[24] فتح القدير 3/44 - 48، وحاشية ابن عابدين 3/263 - 264.




[25] الشرح الصغير 1/455، وحاشية الدسوقي 2/377.




[26] شرح النووي على صحيح مسلم 11/117.




[27] فتح الباري 11/572.




[28] البخاري 6953.




[29] أخرجه النسائي في الكبرى 4/313 7309، وابن ماجه 2574، وأحمد 5/222، والبيهقي 8/230، والطبراني 6/77 5521 و5522، كلهم من طريق محمد بن إسحاق، عن يعقوب بن عبد الله بن الأشج، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف، عن سعيد بن سعد بن عبادة به.

قال الألباني في الصحيحة 6/1215 2986: هذا إسناده رجاله ثقات، لكن ابن إسحاق مدلس، وقد عنعنه عندهم جميعًا، وعلى ضعف يسير في حفظه، وقد خالفه ابن عجلان فقال: حدثني يعقوب بن عبد الله بن الأشج، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف أن امرأة حملت... الحديث، نحوه، لم يذكر في إسناده: "سعيد بن سعد بن عبادة"، فأرسله، وهذا هو الصحيح أو الأصح.

قلت: وهذا الحديث يرويه يحيى بن سعيد، وأبو الزناد، وبكير بن الأشج، ويعقوب بن الأشج، وأبو حازم سلمة بن دينار، والزهري، عن أبي أمامة بن سهل بن حُنيف، وقد اختلف في وصله وإرساله عليه اختلافًا كثيرًا.

قال الدارقطني في العلل 12/276: والصحيح: عن أبي أمامة بن سهل مرسلًا.

وانظر: البدر المنير 8/625، والسلسلة الصحيحة 6/1215 2986.




[30] البخاري 2202، مسلم 1593.




[31] انظر: الآيات 163 - 166 من سورة الأعراف.




[32] البخاري 2223، مسلم 1582، من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه.




[33] البخاري 6963، مسلم 1516، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.




[34] أخرجه الترمذي 1120، والنسائي 6/149، من طرق عن سفيان، عن أبي قيس، عن هزيل بن شرحبيل، عن ابن مسعود رضي الله عنه، قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المحلل والمحلل له.

قال الترمذي: حديث حسن صحيح.

وقال ابن حجر في "التلخيص الحبير" 3/170 1530: وصححه ابن القطان وابن دقيق العيد على شرط البخاري.

قلت: وهو مروي من حديث أبي هريرة، وعلي بن أبي طالب، وجابر بن عبد الله، وابن عباس، وعقبة بن عامر رضي الله عنهم.

انظر: البدر المنير 7/612، والإرواء 6/307.




[35] المبسوط 30/209 - 215.




[36] في الأصل: البخاري، وما أثبتناه الصواب.




[37] المتواري على أبواب البخاري 1/163.




[38] كذا في الأصل، وفي الفتح: "وأن".




[39] تحفة المحتاج 4/291.




[40] البخاري 1، ومسلم 1907.




[41] الشرح الصغير 1/455، وحاشية الدسوقي 2/377.




[42] مسلم 1653.




[43] مسلم 1653.




[44] تحفة المحتاج 10/315، ونهاية المحتاج 8/354.




[45] في حاشية الأصل: "لعله: ولم".




[46] فتح الباري 12/326 - 329.




[47] البخاري 6954.




[48] المتواري على أبواب البخاري 1/163.




[49] فتح الباري 12/329.




[50] البخاري 6956.




[51] البخاري 6957: "يكون كنز أحدكم يوم القيامة شجاعًا أقرع...".




[52] البخاري 6958.




[53] البخاري 6959.




[54] شرح صحيح البخاري 8/314.




[55] المبسوط 2/166 - 167. والشرح الصغير 1/210. وتحفة المحتاج 3/235، الفروع 2/343.




[56] المبسوط 2/184 - 185. والمنتقى 2/139. وتحفة المحتاج 3/230، ونهاية المحتاج 3/60. وشرح منتهى الإرادات 2/213، وكشاف القناع 4/377.




[57] الشرح الصغير 1/210، وحاشية الدسوقي 1/437 و443.




[58] المبسوط 2/166، فتح القدير 1/487.




[59] البخاري 6956.




[60] فتح الباري 12/331 - 333.




[61] البخاري 6960.




[62] شرح صحيح البخاري 8/316.




[63] فتح القدير 2/434، وحاشية ابن عابدين 3/112 - 113.




[64] فتح الباري 12/334.




[65] البخاري قبل الحديث 6962.




[66] فتح الباري 12/335.




[67] البخاري قبل الحديث 6963.




[68] فتح الباري 12/336.




[69] كذا في الأصل، وفي الفتح: "كأنما".




[70] البخاري 6964.




[71] إعلام الموقعين 3/281، بتصرف.




[72] فتح الباري 12/366 - 337.




[73] البخاري 6965.




[74] شرح صحيح البخاري 8/319.




[75] فتح الباري 12/337.




[76] فتح الباري قبل الحديث 6966.




[77] شرح صحيح البخاري 8/321.




[78] فتح الباري 12/338.




[79] البخاري 6968.




[80] فتح القدير 2/401، وحاشية ابن عابدين 3/59. والشرح الصغير 1/381 - 382، وحاشية الدسوقي 2/223 - 224. وتحفة المحتاج 7/245، ونهاية المحتاج 6/229. وشرح منتهى الإرادات 5/124، وكشاف القناع 11/246.




[81] شرح صحيح البخاري 8/323.




[82] فتح الباري 12/340 - 341.




[83] البخاري 6972.




[84] فتح الباري 12/344.




[85] البخاري 6973.




[86] فتح الباري 12/344.




[87] البخاري 6975.




[88] البخاري 6976.




[89] البخاري 6977.




[90] البخاري 6978.




[91] فتح الباري 12/347.




[92] البخاري 6980.




[93] البخاري 6981.




[94] فتح الباري 12/350.





[95] البخاري 6979.




[96] شرح صحيح البخاري 8/333.




[97] فتح الباري 12/349 - 351.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 150.66 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 147.95 كيلو بايت... تم توفير 2.71 كيلو بايت...بمعدل (1.80%)]