تاريخ السنة النبوية ومناهج المحدثين (متجدد) - الصفحة 3 - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         ألفاظ قرآنية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 2 - عددالزوار : 43 )           »          شرح النووي لحديث عمر: وافقت ربي في ثلاث (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          شرح النووي لحديث: قد كان يكون في الأمم قبلكم محدثون (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          شرح النووي على مسلم لحديث: ما لقيك الشيطان قط سالكا فجا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          أخذ العبرة في حياتنا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          نزغ الشيطان بينهما (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          وقوفات القرّاء المجترئين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4411 - عددالزوار : 849220 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3941 - عددالزوار : 385682 )           »          مجالس تدبر القرآن ....(متجدد) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 171 - عددالزوار : 59788 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث

ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #21  
قديم 22-02-2019, 05:50 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,453
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تاريخ السنة النبوية ومناهج المحدثين (متجدد)

تاريخ السنة النبوية ومناهج المحدثين

ا.د.فالح بن محمد الصغير

الحلقة (21)



عوامل صيانة السنة وحفظها(1-3)


العامل الخامس:


وهو أن تكون المادة العلمية نافعة ومفيدة في حياة الفرد والجماعة، كي يكون هناك حماس يدفع إلى التضحية وتحمل المشاق في سبيل تحصيلها – فقد انطبق على السنة النبوية تمام الانطباق:

· إذ هي مثل القرآن، وصنوه في التشريع، كما قال صلى الله عليه وسلم: (ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه، ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه)(1).

· وهي أيضا المفسرة، والمبينة، والشارحة للقرآن مصداقا لقوله تعالى: (وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)، (وَمَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمْ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) [سورة النحل /44-64].

· وهي كذلك تستقل بتشريع أحكام زائدة على القرآن، مصداقا لقوله تعالى:

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) [سورة النساء / 59].

وقوله: (وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا). [سورة الحشر /7].

ومصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم: (...ألا يوشك رجل ينثنى شبعان على أريكته، يقول: عليكم بالقرآن، فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه، وما وجدتم فيه من حرام فحرموه، ألا لا يحل لكم لحم الحمار الأهلي، ولا كل ذي ناب من السباع، ألا ولا لقطة من مال معاهد إلا أن يستغنى عنها صاحبها، ومن نزل بقوم فعليهم أن يقروهم(2)، فإن لم يقروهم فلهم أن يعقبوهم بمثل قراهم)(3).


وأما العامل السادس:


وهو أن يدرك الطالب أهمية، وفائدة ما يتعلمه ليقبل على التعليم بهمة ونشاط، مستعذبا التعب، ومستسهلا الصعب – فقد تحقق بجلاء، ووضوح في الصحابة رضوان الله تعالى عليهم أجمعين.

· إذا كانت تقع لهم حوادث خاصة في أنفسهم، أو في أهليهم، وذويهم ويبحثون عن المخرج،فلا يجدون سوى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

· وأيضا فالحق تبارك وتعالى أمرهم بالرجوع إليه في كل شيء، وحذر من معصيته ومخالفته قائلا: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ) [سورة آل عمران /31]. (فَلْيَحْذَرْ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [سورة النور: 63].





(1) الحديث أخرجه أبو داود في السنن، كتاب السنة، باب لزوم السنة (رقم 4604)، والترمذي في السنن، كتاب العلم،باب ما نهى عنه أنه يقال عند حديث النبي صلى الله عليه وسلم (رقم 2663)، وقال حديث حسن غريب من هذا الوجه، وابن ماجه في السنن، المقدمة،باب تعظيم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم والتغليظ على من عارضه (رقم 13)، وابن حبان في صحيحه، رقم (12 الإحسان)، وصححه الحاكم (1/109) وأقره الذهبي.
(2) معنى يقروهم أي: يحسنوا إليهم بأن يقدموا لهم حق الضيافة المشروع، انظر: مختار الصحاح للرازي ص 533.
(3) الحديث سبق تخريجه.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #22  
قديم 22-02-2019, 05:51 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,453
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تاريخ السنة النبوية ومناهج المحدثين (متجدد)

تاريخ السنة النبوية ومناهج المحدثين

ا.د.فالح بن محمد الصغير

الحلقة (22)



عوامل صيانة السنة وحفظها(2-3)



عوامل صيانة السنة وحفظها

العامل السابع:


وهو أن تكون هناك مشاركة عامة من الجميع رجالا ونساءاً، صغارا، وكباراً في طلب العلم – فقد تجلى بوضوح في مشاركة النساء للرجال في هذا الأمر .

إذ كانت المرأة تأتي فتسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الأمور التي تتصل بحياتها، فيجيبها، فإذا لم تفهم أحالها إلى واحدة من أمهات المؤمنين،لتتولى تفهيمها .

كما حدث في قصة المرأة التي سألته – صلى الله عليه وسلم: كيف تتطهر من الحيض، فقال لها: (خذي فرصة(1) ممسكة، فتتبعي بها أثر الدم، فلما لم تفهم، قال: يا عائشة خذيها فعلميها)(2) .

بل لقد طلبت جماعة النساء منه صلى الله عليه وسلم:أن يجعل لهن يوما خاصا بهن في الموعظة، فأجابهن إلى ذلك:

ففي الحديث:أنه جاء نسوة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلن يا رسول الله ما نقدر عليك في مجلسك من الرجال؟ فواعدنا منك يوما نأتيك فيه، فقال:موعدكن بيت فلان،وأتاهن في ذلك اليوم، ولذلك الموعد . قال – أبو هريرة راوي الحديث –فكان مما قال لهن: ما من امرأة تقدم ثلاثا من الولد تحتسبهن إلا دخلت الجنة، فقالت المرأة منهن أو اثنتان؟ قال أو اثنتان)(3).






(1) الفرصة:قطعة من صوف، أو قطن،أو خرقة ونحوها . انظر: النهاية 3/193.
(2) الحديث أخرجه البخاري في الصحيح: كتاب الحيض: باب دلك نفسها إذا تطهرت، وباب غسل المحيض 1/85-86، وكتاب الاعتصام بالكتاب والسنة: باب الأحكام التي تعرف بالدلائل 9/134-135.
ومسلم في الصحيح: كتاب الحيض: باب استحباب استعمال المغتسلة من الحيض فرصة من مسك في موضع الدم 1/260-261 رقم 60-61.
(3) الحديث أخرجه البخاري في الصحيح:كتاب العلم: بل هل يجعل للنساء يوم على حدة في العلم 1/36-37، وكتاب الاعتصام بالكتاب والسنة: باب تعليم النبي صلى الله عليه وسلم أمته من الرجال والنساء مما علمه الله ليس برأي ولا تمثيل 9/124، من حديث أبي سعيد الخدري .
ومسلم في الصحيح: كتاب البر والصلة والآداب: باب فضل من يموت له ولد فيحتسبه 4/2028-2029 رقم 152، 153، من حديث أبي سعيد الخدري .

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #23  
قديم 24-02-2019, 04:47 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,453
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تاريخ السنة النبوية ومناهج المحدثين (متجدد)

تاريخ السنة النبوية ومناهج المحدثين

ا.د.فالح بن محمد الصغير

الحلقة (23)



عوامل صيانة السنة وحفظها(3-3)



وأما العامل الثامن:

وهو أن يكون الطالب ذا منهج صحيح في التلقي والسماع – فقد تحقق كذلك في الصحابة – رضي الله عنهم – بشكل لا نظير له.

وقام هذا المنهج على الأسس التالية:

1- الحرص الشديد على حضور مجلسه صلى الله عليه وسلم إلى جانب قيامهم بأعمالهم المعاشية من الرعي، أو التجارة، أو الزراعة، أو نحوها، فإن تعذر على بعضهم الحضور تناوبوا فيما بينهم مجلسه صلى الله عليه وسلم.

كما كان يفعل عمر –رضي الله تعالى عنه – مع جاره الأنصاري إذ يقول: (كنت أنا وجار لي من الأنصار في بني أمية بن زيد، وهي من عوالي المدينة، وكنا نتناوب النزول على رسول الله صلى الله عليه وسلم.ينزل يوما، وأنزل يوما، فإذا نزلت جئته بخبر ذلك اليوم من الوحي، وغيره،وإذا نزل فعل مثل ذلك، فنزل صاحبي الأنصاري يوم نوبته، فضرب بابي ضربا شديدا، فقال: أثم هو؟ ففزعت، فخرجت إليه فقال: قد حدث أمر عظيم، قال: فدخلت على حفصة فإذا هي تبكي، فقلت: طلقكن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: لا أدري... الحديث)(1).

2- تعليم الشاهد الغائب ما فاته من العلم امتثالا لقوله صلى الله عليه وسلم: (ليبلغ الشاهد الغائب)، (نضر أمرءاً سمع منى حديثا، فأداه كما سمعه...الحديث)(2).

ويقول البراء بن عازب – رضي الله تعالى عنه -: (ما كل الحديث سمعناه من رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يحدثنا أصحابنا عنه، كانت تشغلنا عنه رعية الإبل)(3).

3- الإنصات التام له صلى الله عليه وسلم كيلا يفوتهم شيء مما يقول: فقد جاء في الخبر: (أنه كان صلى الله عليه وسلم إذا تكلم أطرق جلساؤه كأنما على رءوسهم الطير، فإذا سكت تكلموا... الحديث)(4).

4- السؤال عما لم يفهموا، فإذا استحيا بعضهم أمر غيره بالسؤال، كما جاء في حديث على رضي الله تعالى عنه قال: (كنت رجلا مذاء(5)، فأمرت المقداد أن يسأل النبي صلى الله عليه وسلم، فسأله، فقال: فيه الوضوء)(6).

5- عدم تنازع الحديث عنده صلى الله عليه وسلم، وإنما حديثهم عنده حديث أولهم، ومن تكلم منهم أنصتوا له، ولم يقاطعوه حتى يفرغ.

فقد جاء الخبر: (أنهم كانوا لا يتنازعون عنده الحديث، ومن تكلم عنده أنصتوا له حتى يفرغ، حديثهم عنده حديث أولهم)(7).






(1) الحديث أخرجه البخاري في الصحيح: كتاب العلم: باب التناوب في العلم 1/33، وكتاب المظالم، باب الغرفة والعلية المشرفة وغير المشرفة في السطوح وغيرها 3/174-177، وكتاب النكاح: باب موعظة الرجل ابنته لحال زوجها 7/36-38 من حديث عبدالله بن عباس عن عمر بن الخطاب مختصرا أو مطولاً.
ومسلم في الصحيح: كتاب الطلاق: باب في الإيلاء واعتزال النساء وتخييرهن وقوله تعالى: (وإن تظاهرا عليه)2/1108-1110 رقم 31 بمعناه مطولا من حديث ابن عباس عن عمر.
(2) الحديث سبق تخريجه.
(3) الحديث أخرجه أحمد في المسند 4/283 من حديث البراء بن عازب بلفظه، والحاكم في معرفة علوم الحديث: النوع الثالث ص 14، ولفظه عنده (ما كل الحديث سمعناه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان يحدثنا أصحابنا، وكنا مشتغلين في رعاية الإبل، وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يطلبون ما يفوتهم سماعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيسمعونه من أقرانهم، وممن هو أحفظ منهم، وكانوا يشددون على من يسمعون منه).
(4) الخبر أخرجه الترمذي في الشمايل المحمدية ص 375 بهامش الاتحافات الربانية للشيخ أحمد عبدالجواد الدومي ط التجارية بمصر الأولى 1381هـ، من حيث الحسين بن علي بن أبي طالب، عن أبيه، وابن الأثير في أسد الغابة، باب ذكر صفته وشيء من أخلاقه صلى الله عليه وسلم 1/33 من حديث الحسين بن علي، عن أبيه به.
(5) مذاء أي كثير المذى، والمذى: هو البلل اللزج الذي يخرج من الذكر عند ملاعبة النساء، ولا يجب فيه الغسل، وهو نجس يجب غسله، وينقض الوضوء.
وأما الودي فهو: البلل اللزج الذي يخرج من الذكر بعد البول، وحكمه حكم المذى.
انظر: النهاية في غريب الحديث 4/86، 202-203، والمصباح المنير 3/874-875، 1014.
(6) الحديث أخرجه البخاري في الصحيح: كتاب العلم: باب من استحيا فأمر غيره بالسؤال 1/45، وكتاب الوضوء: باب من لم ير الوضوء إلا من المخرجين من القبل والدبر 1/55-56، وكتاب الغسل: باب غسل المذى والوضوء منه 1/76.
(7) الخبر أخرجه الترمذي في الشمايل المحمدية ص 375 بهامش الاتحافات الربانية للدومي، وابن الأثير في أسد الغابة 1/33 كلاهما من حديث الحسين بن علي، عن أبيه به.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #24  
قديم 24-02-2019, 04:48 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,453
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تاريخ السنة النبوية ومناهج المحدثين (متجدد)

تاريخ السنة النبوية ومناهج المحدثين

ا.د.فالح بن محمد الصغير

الحلقة (24)



عوامل انتشار السنة وذيوعها(1-3)




وكما توافرت عوامل ساعدت على صيانة السنة وحفظها فقد توافرت عوامل كذلك أدت إلى ذيوع السنة وانتشارها، وتتخلص هذه العوامل فيما يلي:

* العامل الأول:

نشاطه صلى الله عليه وسلم، وحده في تبليغ الدعوة ونشر الإسلام: فمنذ اللحظة التي بعث فيها صلى الله عليه وسلم حتى لقي ربه لم يسترح ساعة واحدة بل قضى جميع أوقاته في نشر الدعوة، وتبليغها:

لقد مكث يدعو سرا ً ثلاث سنين، ثم جهر بالدعوة فلما عورض أكثر من مرة توجه إلى الطائف، ولما لم يجد آذانا صاغية بدأ يعرض نفسه على القبائل الوافدة إلى مكة في موسم الحج، حتى قيض الله – عز وجل – له رجالا من أهل المدينة، فحملوه إليها بعد بيعات ثلاثة.

وفي المدينة بدأ مرحلة الجهاد والغزوات حتى دانت الجزيرة كلها، ودخل الناس في دين الله أفواجا، فكان هذا التحرك المستمر الذي قام به – صلى الله عليه وسلم – عاملا مهما في ذيوع السنة وانتشارها.

* العامل الثاني:

طبيعة الإسلام، ونظامه الجديد: فقد دفعت طبيعة الإسلام ونظامه الجديد الناس إلى البحث والسؤال عنه، وعن أحكامه، وعن أهدافه، وعن رسوله، فإذا ما وقفوا على حقيقة ذلك كله: أسلموا، وانطلقوا إلى قومهم يبلغونهم ما رأوا، ويخبرونهم بما سمعوا.

* العامل الثالث:

نشاط الصحابة – رضوان الله تعالى عليهم – رجالا ونساء في طلب العلم، وحفظه، وتبليغه، بحيث لم يهدأ لهم بال حتى صارت السنة في كل قلب، وعلى كل لسان، وقد حملهم على هذا النشاط:

أ- تنفيذ أمره – صلى الله عليه وسلم – إذ قال: (بلغوا عني ولو آية، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج… الحديث)(1). وقال: (ليبلغ الشاهد الغائب)(2).

ب- الظفر بالثواب الذي ربطه الله عز وجل بتحصيل العلم، وتبلغيه، إذا قال صلى الله عليه وسلم: (نضر الله امرءاً سمع مقالتي، فوعاها، فأداها كما سمعها، فرب مبلغ أوعى من سامع، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه)(3).

ج- الخروج من إثم كتمان العلم: قال الله عز وجل: (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنْ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُوْلَئِكَ يَلْعَنُهُمْ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمْ اللاَّعِنُونَ (159) إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُوْلَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) [ سورة البقرة /159-160 ].






(1)
الحديث أخرجه البخاري في: الصحيح: كتاب الأنبياء: باب ما ذكر عن بني إسرائيل 4/207 من حديث عبد الله بن عمرو، وزاد في آخره: (ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار)، والترمذي في السنن: كتاب العلم: باب ما جاء في الحديث عن بني إسرائيل 5/40 رقم 6 من 269 حديث عبد الله بن عمرو، وقال عقبه: (هذا حديث حسن صحيح).
(2) الحديث سبق تخريجه.
(3) الحديث سبق تخريجه.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #25  
قديم 24-02-2019, 04:48 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,453
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تاريخ السنة النبوية ومناهج المحدثين (متجدد)

تاريخ السنة النبوية ومناهج المحدثين

ا.د.فالح بن محمد الصغير

الحلقة (25)



عوامل انتشار السنة وذيوعها(2-3)

العامل الرابع:
نشاط أمهات المؤمنين في حفظ السنة، وتبليغها، لاسيما ما يتصل بأمر النساء، وقد اشتهرت عائشة – رضي الله تعالى عنها – من بين أمهات المؤمنين بعلمها الغزير، وحرصها على فهم الأحكام، حتى كانت – بعد انتقاله صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى – محط أنظار طلاب العلم، ومرجعهم في كثير من أمور دينهم.
* العامل الخامس:
ولاته وبعوثه إلى القبائل المسلمة لتبليغها الدعوة، وتعليمها إياها: فقد كانت القبيلة إذا أسلمت تطلب منه صلى الله عليه وسلم من يعلمها ويفقهها، ويقضي بينها، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يبعث واحداً أو أكثر من الصحابة يتوسم فيه الفقه، والحكمة ليقوم بهذا الدور، وكان كثيرا ما يوصى هؤلاء بالتيسير، والتبشير، والرفق بالناس.
جاء في الحديث أنه صلى الله عليه وسلم لما بعث أبا موسى الأشعري، ومعاذ بن جبل إلى اليمن، وصاهما قائلا: (ادعوا الناس، وبشرا ولا تنفرا، ويسرا ولا تعسرا)(1).
وكذلك كان يعلمهم كيفية الدعوة، إذ يقول لمعاذ – لما أرسله إلى اليمن -: (إنك تأتي قوما من أهل الكتاب، فادعهم إلى شهادة ألا إله إلا الله، وأني رسول الله، فإن هم أطاعوا لذلك، فأعلمهم:أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوا لذلك، فأعلمهم: أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم، فترد في فقرائهم، فإن هم أطاعوا لذلك: فإياك وكرائم أموالهم، واتق دعوة المظلوم، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب)(2).
وكان صلى الله عليه وسلم كثيرا ما يشجع هؤلاء، ويدعو لهم بالتثبيت، والنجاح في مهمتهم.
جاء عن علي – رضي الله تعالى عنه – قال: (بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن، فقلت: يا رسول الله، إنك تبعثني إلى قوم هم أسن مني لأقضى بينهم، قال: إذهب، فإن الله تعالى سيثبت لسانك، ويهدي قلبك)(3).
* العامل السادس:
رسله وكتبه إلى الملوك، والأمراء، ورؤساء القبائل المجاورين يدعوهم إلى الإسلام، إذ بعد صلح الحديبية بدأ صلى الله عليه وسلم يوجه رسله، يحملون كتبه إلى الملوك، والأمراء، ورؤساء القبائل المجاورين يطالبهم فيها بالدخول في الإسلام، حتى انطلق في يوم واحد ستة نفر إلى جهات مختلفة، كل منهم يتكلم بلغة ولهجة القوم الذي بعث إليهم، لقد أرسل صلى الله عليه وسلم رسله إلى قيصر الروم، وإلى أمير بصري، وإلى الحارث ابن أبي شمر أمين دمشق من قبل هرقل، وإلى المقوقس أمير مصر من قبل هرقل، وإلى النجاشي ملك الحبشة، وإلى كسرى ملك الفرس، وإلى المنذر بن ساوي ملك البحرين، كما أرسل رسله وكتبه إلى عمان، واليمامة وغيرها.
وكان هؤلاء الرسل يجيبون عما يسألهم عنه الملوك، والأمراء، ورؤساء القبائل، ويبينون لهم الإسلام، وأهدافه، وغاياته على ضوء ما زودهم به الرسول صلى الله عليه وسلم من التوجيه والإرشاد. وكانت هذه الإجابة يسمعها الحاضرون، ويخرجون فينشروها في الناس. فتذاع وتشتهر.

(1) الحديث أخرجه البخاري في الصحيح: كتاب المغازي: باب بعث أبي موسى، ومعاذ إلى اليمن قبل حجة الوداع 5/204 -206، وكتاب الأحكام: باب أمر الوالي إذا وجه أميرين 9/87-88. ومسلم في الصحيح:كتاب الأشربة: باب بيان أن كل مسكر خمر 3/1568-1587 رقم 70-71، وكتاب الجهاد والسير: باب في الأمر بالتيسير وترك النفير 3/1358-1359 رقم 6، 7، 8.
(2) الحديث أخرجه البخاري في الصحيح، كتاب الزكاة: باب وجوب الزكاة، وباب لا تؤخذ كرائم أموال الناس في الصدقة 2/130، 147، وكتاب التوحيد: باب ما جاء في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم أمته إلى توحيد الله تبارك وتعالى 9/140، وكتاب المغازي: باب بعث أبي موسى ومعاذ إلى اليمن قبل حجة الوداع 5/205-206.
ومسلم في الصحيح: كتاب الإيمان: باب الدعاء إلى الشهادتين، وشرائع الإسلام 1/50-51 رقم 29، 30، 31.
(3) الحديث أخرجه أبو داود في السنن: كتاب الأقضية: باب كيف القضاء 2/270. وابن ماجه في السنن: كتاب الأحكام: باب ذكر القضاة 2/774 رقم 2310. وأحمد في المسند 1/88، 136، 149، 156 كلهم من حديث على مرفوعا به.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #26  
قديم 26-02-2019, 05:04 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,453
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تاريخ السنة النبوية ومناهج المحدثين (متجدد)

تاريخ السنة النبوية ومناهج المحدثين

ا.د.فالح بن محمد الصغير

الحلقة (26)



عوامل انتشار السنة وذيوعها(3-3)



* العامل السابع:

غزوة الفتح الأعظم: ففي العام الثامن من الهجرة النبوية نقضت قريش صلح الحديبية، فما كان من النبي صلى الله عليه وسلم إلا أن سار بجيشه إلى مكة،فقوض دعائم الشرك، والوثنية، وهدم الأصنام التي كانت حول الكعبة، ثم قام في الناس خطيبا، فعفا عن أعدائه الذين آذوه واضطهدوه،ثم أعلن كثيرا من أحكام الإسلام: منها:
ألا يقتل مسلم بكافر، وإلا يتوارث أهل ملتين، وألا تنكح المرأة على عمتها أو خالتها... ألخ، ثم أقبل الناس بعد ذلك يبابعونه، وحمل كل ما سمع إلى أهله وذويه في مكة، وفي غيرها.
* العامل الثامن:

حجة الوداع، فقد خرج صلى الله عليه وسلم في ذي الحجة من العام العاشر للهجرة إلى مكة المكرمة حاجا ومعتمرا بالناس، وخرجت معه جموع غفيرة جدا من المسلمين بلغت أربعين ألفا، أو تسعين ألفا على خلاف في ذلك.
وعلى جبل عرفات وقف صلى الله عليه وسلم يخطب فيهم، ويرشدهم، ويبين لهم معالم الحلال والحرام، كحرمة دماء المسلمين، وأموالهم، وأعراضهم، وضرورة أداء الأمانات، ووضع ربا الجاهلية، وإبطاله، ومنع العادات الجاهلية الباطلة... ألخ ما جاء في هذه الخطبة.
ثم تفرق المسلمون كل إلى موطنه، وقد حملوا معهم علما غزيرا إلى أهليهم وذويهم، فبلغوهم إياه تحقيقا وتطبيقا لقوله صلى الله عليه وسلم في تلك الخطبة: (ألا هل بلغت؟ اللهم فاشهد، فليبلغ الشاهد منكم الغائب).
* العامل التاسع:

الوفود بعد فتح مكة، وحجة الوداع:


إذ بعد فتح مكة أقبلت الوفود من كل أنحاء الجزيرة العربية تبايع الرسول صلى الله عليه وسلم، وتنضوي تحت لواء الإسلام، وكثرت هذه الوفود كثرة عجيبة عقب الفراغ من حجة الوداع.
وكان صلى الله عليه وسلم يرحب بهذه الوفود، ويكرمها، ويعلمها الإسلام، ويزودها بنصائحه وتوجيهاته، بل ربما أقامت عنده هذه الوفود أياما تتعلم منه الإسلام، ثم تعود إلى قبائلها فتبلغها إياه، وقد مضت قصة مالك بن الحويرث في هذا الشأن.
ومن أشهر هذه الوفود: وفد بني سعد بن بكر، وكان وافدهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم هو ضمام بن ثعلبة سنة تسع من الهجرة، وكذلك وفد عبد القيس، وأيضا وفد تجيب، وكانوا ثلاثة عشر رجلا ساقوا معهم صدقات أموالهم التي فرض الله عز وجل عليهم، فسر النبي صلى الله عليه وسلم بهم، وأكرم مثواهم... وغير هؤلاء كثير(1).
وهكذا ساعدت العوامل التي ذكرنا على ذيوع السنة وانتشارها بحيث وصلت إلى كل قلب، وجرت على كل لسان.



(1) انظر السنة قبل التدوين للدكتور محمد عجاج الخطيب ص 68-74 بتصرف كثير.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #27  
قديم 26-02-2019, 05:05 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,453
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تاريخ السنة النبوية ومناهج المحدثين (متجدد)

تاريخ السنة النبوية ومناهج المحدثين

ا.د.فالح بن محمد الصغير

الحلقة (27)

من عوامل العناية بالسنة في عصر النبوة (1-2)


ثالثا: تأسيس المنهج العلمي للرواية:


لم تقتصر العناية بالسنة في العصر النبوي علي الصيانة والحفظ، ولا علي الذيوع والانتشار، بل أسس المنهج العلمي للرواية: تحملا وأداء، وقد وضع أسس هذا المنهج ورسخ معالمه القرآن الكريم والسنة المطهرة، وتتلخص هذه الأسس في الآتي:




أولا:تحريم الكذب.


إن تحريم الكذب يعني فرض الأمانة العلمية من ناحية، وتحريم الخيانة العلمية من ناحية أخري

، ولخطورة الكذب في الرواية جاءت النصوص ظاهرة في الزجر عنه وتغليظ حرمته، حتي إنه جعل من صفات الكافرين والمنافقين، قال الله تعالي: (إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ....)(1)، وقال تعالي: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّي الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِسُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ)(2).

وروي البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة عن النبي صلي الله عليه وسلم قال: (آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان)(3).

وحذر رسول الله صلي عليه وسلم من الكذب عليه خاصة، وتوعد الكاذب عليه بمقعد من النار، فقال صلي الله عليه وسلم: (إن كذبا علي ليس ككذب علي أحد، فمن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار)(4).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: (مـن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار)(5).

فهذه الأحاديث تقرر تحـريم الكذب علي النبي صلي الله عليه وسلم، وأنه فاحشـة عظيمة، وموبقة كبيرة، وذلك لعظم مفسدته، فإنه يصير شرعا مستمرا إلي يوم القيامة، بخلاف الكذب علي غيره والشهادة، فإن مفسدتهما قاصرة ليست عامة، ولذا ناسب أن تكون عقوبة الكاذب فيه أغلظ وأبلغ، حماية لحياض الشريعة واحتياطا لسنة صاحبها عليه الصلاة والسلام.

والمقصود من هذا: أن تغليظ الكذب علي رسول الله صلي الله عليه وسلم وتشديد عقوبته يعد الأساس الأول والعامل القوي الذي كان يدفع المسلمين إلي تحري الصدق فـي رواية الحديث وتحاشي الكذب علي رسول الله صلي الله عليه وسلم خوفا من الوقوع في هذا الوعيد، ولذا كانوا يجتهدون في حفظ الحديث وضبط ألفاظه، ولا يقدمون علي روايته إلا إذا كانوا متأكدين من صحة ما يقولون، وكان كثير منهم يتحاشي كثرة الرواية خوفا من ذلك.

روي البخاري ومسلم في صحيحيهما عن انس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: إنه ليمنعني أن أحدثكم حديثا كثيرا: أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: (من تعمد علي كذبا فليتبوأ مقعده من النار)(6).

وروي البخاري عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه قال: قلت للزبير: إني لا أسمعك تحدث عن رسول الله صلي الله عليه وسلم كما يحدث فلان وفلان، قال: أما إني لم أفارقه ولكن سمعته يقول: (من كذب علي فليتبوأ مقعده من النار)(7).

وبناء علي هذا قرر كثير من العلماء أن من كذب علي رسول الله صلي الله عليه وسلم عمدا في حديث واحد فسق وردت رواياته كلها، وبطل الاحتجاج بها جميعها، حتي لو تاب وحسنت توبته، لا فرق في ذلك بين ما يتعلق منها بالأحكام وما لا يتعلق بها كالترغيب والترهيب والمواعظ.

هذا هو الأصل الأول من الأصول العديدة التـي هيأها الإسلام لحماية السنة ونقلها نقلا صحيحا دونما زيادة أو تحريف.





(1) سورة النحل / 105.
(2) سورة الأعراف / 33.
(3) صحيح البخاري، كتاب الإيمان، باب علامات المنافق (33)، وصحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب خصال المنافق (211).
(4) أخرجه مسلم، المقدمة (5) ط: دار السلام.
(5) أخرجه مسلم، المقدمة (4).
(6) صحيح البخاري، كتاب العلم، باب إثم من كذب علي النبي صلي الله عليه وسلم (108)، وصحيح مسلم، المقدمة (3).
(7) صحيح البخاري، الكتاب والباب السابقين (107).


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #28  
قديم 26-02-2019, 05:05 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,453
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تاريخ السنة النبوية ومناهج المحدثين (متجدد)

تاريخ السنة النبوية ومناهج المحدثين

ا.د.فالح بن محمد الصغير

الحلقة (28)

من عوامل العناية بالسنة في عصر النبوة (2-2)



ثانيا: رفض رواية الفاسق.

لقد أمر الله سبحانه وتعالي برد رواية الفاسق وحذر من قبولها ، فقال تعالي: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ)(1).
والمراد بالنبأ الخبر ، وهو نكرة في سياق الشرط فيعم كل خبر سواء أخبر به عن رسول الله صلي الله عليه وسلم او عن غيره ، بل يدخل فيه الخبر المتعلق برسول الله صلي الله عليه وسلم قبل الخبر المتعلق بغيره ، لما يترتب علي الكذب عليه صلي الله عليه وسلم من المفاسد الدينية وطمس معالم الإسلام ، ولذا كان الكذب علي رسول الله صلي الله عليه وسلم من أفحش الذنوب وأعظمها جرما وأشدها عقابا كما سبق.
قال ابن العربي مستنبطا من الآية السابقة: (من ثبت فسقه بطل قوله في الأخبار إجماعا ، لأن الخبر أمانة ، والفسق قرينة تبطلها)(2).
وقال السيوطي: (في -الآية- رد خبر الفاسق ، واشتراط العدالة في المخبر ، راويا كان أو شاهدا أو مفتيا)(3).
وقال السعدي: (الواجب عند خبر الفاسق ، التثبت والتبين ، فإن دلت الدلائل والقرائن علي
صدقه ، عمل به وصدق ، وإن دلت علي كذبه ، كذب ولم يعمل به ، ففيه دليل علي أن خبر الصادق مقبول ، وخبر الكاذب مردود ، وخبر الفاسق متوقف فيه)(4).
ومما جاء في التحذير من قبول رواية الفاسق قول النبي صلي الله عليه وسلم: (من حدث عني بحديث يري أنه كذب فهو أحد الكاذبين)(5).
فالحديث يفيد التحذير عن أن يحدث احد عن رسول الله صلي الله عليه وسلم إلا بما تحقق صدقه علما أو ظنا ، إلا أن يحدث بذلك علي جهة إظهار الكذب ، فإنه لا يتناوله الحديث(6).

(1) سورة الحجرات / 6.
(2) أحام القرآن 4 / 147.
(3) الإكليل في استنباط التنزيل 3 / 1195.
(4) تيسير الكريم الرحمن ص 800.
(5) أخرجه مسلم ، المقدمة (!).
(6) انظر: المفهم للقرطبي 1 / 112.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #29  
قديم 02-03-2019, 08:33 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,453
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تاريخ السنة النبوية ومناهج المحدثين (متجدد)

تاريخ السنة النبوية ومناهج المحدثين

ا.د.فالح بن محمد الصغير

الحلقة (29)

من أسس المنهج العلمي للرواية (1-2)


رابعا: التثبت من كل قضية.

لقد ربى القرآن الأمة ـ وعلى رأسها جيل الصحابة ـ على التثبت في الأمور ، قال تعالى: (ولا تقف ما ليس لك به علم)(1)، فقد أوجبت هذه الآية التأكد من صحة العلم النقلي، وذلك لما كان عليه حال المجتمع في عصره صلي الله عليه وسلم ، حيث كان فيه الكفار والمنافقون الذين حاولوا الدس والكذب على رسول الله صلي الله عليه وسلم وأصحابه وزوجاته.
وكان من تلك الأكاذيب: واقعة الإفك التي نزل فيها القرآن الكريم تبرئة لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها مما قال فيها أهل الإفك(2).
وكان من تربية الله لهم قوله تعالى: (لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنـون والمؤمنات بأنفسهم خيرا وقالوا هذا إفك مبين)(3)، وقوله: (إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم. ولـولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم)(4).
وبما أننا نتحدث هنا عـن علم الرواية وهي من العلم النقلي ، فمعنى ذلك أنه لا يقبل شئ من الراوي فيما ينقله إلا بعد أن يتثبت من صحته ، ومطابقته للأصل الذي صدر عن صاحبه.
كما أنها أوجبت علي كل من سمع حديثا أن يتوثق ولا يروي حتي يتثبت ويأخذ بالاحتياط ، وهذا
ما أخذ به الصحابة ومن بعدهم كما سيأتي(5).
قال قتادة: لا تقل: رأيت ، ولم تر ، وسمعت ، ولم تسمع ، وعلمت ، ولم تعلم ، فإن الله سائلك عن ذلك كله(6).
وقال السعدي: (ولا تتبع ما ليس لك به علم ، بل تثبت في كل ما تقوله وتفعله ، فلا تظن ذلك يذهب لا لك ولا عليك (إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا) فحقيق بالعبد الذي يعرف أنه مسؤول عما قاله وفعله...أن يعد للسؤال جوابا)(7).


خامسا: النهي عن التحديث بكل ما سمع الإنسان.

الإنسان في العادة يسمع الصدق والكذب ، فإذا حدث بكل ما سمع فقد وقع في الكذب لإخباره بما لم يكن ، وقد ورد في النهي عـن التحديث بكل ما يسمعه المرء قول النبي صلي الله عليه وسلم: (كفي بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع)(8).
قال القرطبي: (ومعنى الحديث: أن من حدث بكل ما سمع حصل له الحظ الكافي من الكذب ، فإن الإنسان يسمع الغث والسمين ، والصحيح والسقيم ، فإذا حدث بكل ذلك حدث بالسقيم وبالكذب ، ثم يحمل عنه فيكذب في نفسه ، أو يكذب بسببه)(9).
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (بحسب المرء من الكذب أن يحدث بكل ما سمع)(10).
وبمثل ما قال عمر قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، وقد تأصل هذا المنهج
في الأجيال التالية.
فقال مالك: (اعلم أنه ليس يسلم رجل حدث بكل ما سمع ، ولا يكون إماما أبدا وهو يحدث بكل ما سمع)(11).
فقول مالك (ولا يكون إماما أبدا) أي: إذا وجد الكذب في روايته لم يوثق بحديثه ، وكان ذلك جرحا فلا يصلح ليقتدي به أحد ـ ولو كان عالما ـ فلو بين الصحيح من السقيم ، والصادق من الكاذب ، سلم من ذلك ، وتقصي عن عهدة ما يجب عليه من النصيحة الدينية(12).
وقال عبد الرحمن بن مهدي: (لا يكـون الرجل إماما يقتدي به حتي يمسك عـن بعض ما سمع)(13).
وعن سفيان بن حسين قال: سألني إياس بن معاوية فقال: إني أراك قد كلفت بعلم القرآن فاقرأ علي سورة ، وفسر حتي انظر فيما علمت ـ قال ـ ففعلت ، فقال لي: احفظ علي ما أقول لك: إياك والشناعة في الحديث ، فإنه قلما حملها أحد إلا ذل في نفسه وكذب في حديثه(14).
فهذه الآثار وغيرها كثير تفيد أن هذا الأصل كان باعثا علي الاحتياط في الرواية ، وعدم الإقدام عليها إلا بعد التأكد من صحة المروي ، والتثبت من صحة ما يسمعه المرء لاسيما ما يسمعه من الأحاديث.


(1) سورة الإسراء / 36.
(2) نظر القصة في صحيح البخاري ، كتاب التفسير (تفسير سورة النور) ، باب: لولا إذ سمعتموه (4750).
(3) سورة النور / 12.
(4) سورة النور / 15- 16.
(5) انظر: المنهج العلمي للتعامل مع السنة ص 9.
(6) عمدة التفسير 2 / 432.
(7) تيسير الكريم الرحمن ص 457.
(8) أخرجه مسلم ، المقدمة (7).
(9) المفهم 1 / 117.
(10) أخرجه مسلم ، المقدمة (9).
(11) أخرجه مسلم ، المقدمة (10).
(12) انظر: المفهم 1 /117.
(13) أخرجه مسلم ، المقدمة (12).
(14) أخرجه مسلم ، المقدمة (13).
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #30  
قديم 02-03-2019, 08:35 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,453
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تاريخ السنة النبوية ومناهج المحدثين (متجدد)

تاريخ السنة النبوية ومناهج المحدثين

ا.د.فالح بن محمد الصغير

الحلقة (30)

من أسس المنهج العلمي للرواية (2-2)



سادسا: التحذير من قبول رواية الضعفاء وأهل البدع والأهواء.


لقد حذر رسول الله صلي الله عليه وسلم من قبول رواية الضعفاء والوضاعين ، فقال: (يكون في آخر الزمان دجالون كذابون يأتونكم من الأحاديث بما لم تسمعوا أنتم ولا آباؤكم فإياكم وإياهم لا يضلونكم ولا يفتنونكم)(1).
فهذا الحديث إخبار من النبي صلي الله عليه وسلم بأنه سيوجد بعده كذابون عليه ، يضلون الناس بما يضعونه ويختلقونه ، وقد وجد ذلك علي نحو ما قاله ، ومن ثم كان التحذير النبوي لتحصين الأمة: (فإياكم وإياهم ، لا يضلونكم ، ولا يفتنونكم).
وقد بوب النووي لهذا الحديث ولغيره من الآثار بقوله: (باب النهي عن الرواية عن الضعفاء والاحتياط في تحملها).
وقد وعي الصحابة ومن بعدهم هذا الأمر فاحتاطوا في الرواية ، وأمروا غيرهم بالاحتياط.
قال أبو هريرة وابن عباس وابن سيرين رضي الله عنهم: (إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم)(2).
قال القرطبي معلقا علي هذا: (لما كان مرجع الدين إلي الكتاب والسنة ، والسنة لا تؤخذ عن كل أحد ، تعين النظر في حال النقلة واتصال روايتهم ، ولولا ذلك لاختلط الصادق بالكاذب ، والحق بالباطل ، ولما وجب الفرق بينهما وجب النظر في الأسانيد... وهو أمر واضح الوجوب لا يختلف فيه ، وقال عقبة بن نافع لبنيه: يا بني ! لا تقبلوا الحديث إلا من ثقة ، وقال ابن معين: كان فيما أوصي به صهيب بنيه أن قال: يا بني ! لا تقبلوا الحديث عن رسول الله صلي الله عليه وسلم إلا من ثقة... وقال سليمان بن موسي: قلت لطاووس: إن فلانا حدثني بكذا وكذا ، فقال: إن كان مثبتا فخذ عنه)(3).
وهذا بشير العدوي يأتي إلي ابن عباس فجعل يحدث ويقول: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم ، قال رسول الله صلي الله عليه وسلم ، فجعل ابن عباس لا يأذن لحديثه ولا ينظر إليه ، فقال: يا ابن عباس ! ما لي لا أراك تسمع لحديثي ؟ أحدثك عن رسول الله صلي الله عليه وسلم ولا تسمع ، فقال ابن عباس: إنا كنا مرة إذا سمعنا رجلا يقول: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم ابتدرته أبصارنا ، وأصغينا إليه بآذاننا ، فلما ركب الناس الصعبة والذلول ن لم نأخذ من الناس إلا ما نعرف(4).
فابن عباس يقرر أنه كان في أول الأمر يحدث عن الصحابة - لأنهم عدول - ويأخذ عنهم ، لأن سماعه من رسول الله صلي الله عليه وسلم كان قليلا لصغر سنه ، فكان حاله مع الصحابة كما قال ، فلما تلاحق التابعون وحدثوا ، وظهر له ما يوجب الريبة لم يأخذ عنهم ، كما فعل مع بشير العدوي.
وقوله: (فلما ركب الناس الصعب والذلول لم نأخذ من الناس إلا ما نعرف) هذا مثل ، وأصله في الإبل ، ومعناه: أن الناس تسامحوا في الحديث عن رسول الله صلي الله عليه وسلم واجترؤوا عليه ، فتحدثوا بالمرضي عنه ، الذي مثله بالذلول من الإبل ، وبالمنكر منه الممثل بالصعب من الإبل(5).

سابعا: رد ما يتنازع فيه إلي الكتاب والسنة الصحيحة.
لقد أمر الله سبحانه وتعالى برد ما يتردد فيه ، وما يقع فيه تنازع لعدم تصديق النقل أو العقل له
إلي كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلي الله عليه وسلم الثابتة حتي لو ظن صحة روايته ، ويدل علي هذا قول الله تعالى: (فإن تنازعتم في شئ فردوه إلي الله والرسول)(6).
- إذ المراد بالرد إلي الله الرجوع إلي كتابه القرآن الكريم.
- وبالرد إلي الرسول الرجوع إليه صلي الله عليه وسلم حال حياته ، وإلي سنته بعد مماته.
- وبالشئ الذي يتنازع فيه كل شئ من أمور الدين والدنيا لأنه نكرة في سياق الشرط فيعم كل ما يتنازع فيه المسلمون ، ويدخل في ذلك ما يتنازعون في قبوله من الأحاديث ، بل هو أولي بذلك من غيره لخطر ما يترتب عليه ، وعلي هذا وضع العلماء قاعدة مشهورة للحكم علي الحديث ، وهي قولهم: (إذا رأيت الحديث يباين المعقول ، أو يخالف المنقول ، أو يناقض الأصول فاعلم أنه موضوع)(7).
هذه أبرز الأسس العلمية التي وضعت في عصر النبي صلي الله عليه وسلم للرواية ، وقد أخذ بهذه الأسس - في خدمة السنة - الصحابة الكرام والأجيال اللاحقة ، إذ حكمتهم هذه التعاليم ، وحددت سيرهم ، وبعثت فيهم النشاط لحفظها ، وألهبت في صدورهم الغيرة عليها ، والدفاع عنها ، والذود عن حياضها.
وتأتي أهمية هذه الأصول التي صانت السنة وكانت سياجا قويا لحفظها ، وخطا منيعا للدفاع عنها من أن الذي رسخها وعمقها في نفوس الأمة جيلا بعد جيل هو القرآن الكريم والسنة المطهرة ، وبهذا يتضح أن قواعد المحدثين التي وضعوها ، وضوابطهم التي احتكموا إليها في تدوين السنة والمحافظة عليها لم تأت من فراغ ، ولم تبن علي غير أساس ، وإنما أسسها القرآن وبنتها السنة ، ومع هذه الدلالة الظاهرة الواضحة بنصوصها فقد غفل كثير من الباحثين عنها وعن أهميتها ودورها في تأصيل قواعد الرواية والنقل الصحيحين.


(1) أخرجه مسلم ، المقدمة (15 - 16).
(2) الأثر أخرجه عن أبي هريرة وابن عباس ابن حبان في كتابه المجروحين (1 / 21 ، 22) وأخرجه عن ابن سيرين مسلم في مقدمة صحيحه رقم (26).
(3) المفهم 1 / 121 - 122.
(4) مقدمة صحيح مسلم ، رقم (21)
(5) انظر: المفهم 1 / 124.
(6) سورة النساء / 59.
(7) انظر: تيسير علوم الحديث ص 20.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 154.45 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 148.39 كيلو بايت... تم توفير 6.06 كيلو بايت...بمعدل (3.92%)]