|
|
الملتقى العام ملتقى عام يهتم بكافة المواضيع |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
إشكالية العمل الإحصائي في فلسطين
إشكالية العمل الإحصائي في فلسطين د. نزار نبيل أبو منشار هذه قضية لا بد من إثارتها هنا، لأنك مقيد بقيود تزفك من باب بيتك حتى تصل إلى حيث تريد، لا بد للقارئ أن يَعيَها حق الوعي؛ حتى لا يهضم الناس مجهوداتهم، وحتى لا يعيب على إنسان تحجرت أمامه الأبواب، وصدئت أمام مفاتحه الأقفال. عندما يريد الإنسان الفلسطيني عموماً أن يحصل على أي معلومة تختص بالجانب الإحصائي أو الاستقرائي؛ ضاقت أم اتسعت دائرة شمولها، فإنه لا محالة مصطدم بجدار إسمنتي صلب؛ من حيث الجهد البحثي المضاعف والوقت الكثير المهدور. تظهر المشكلة جلية في كون الواقع الفلسطيني قد غمرته أمواج التيه، وتركته يستنجد وحده بعد أن كممّت فمَه ولم تترك له مجالاً للصراخ، فكان أهل العلم يبحرون بسفينة إبداعهم بما تيسر لهم من معلومات، وهي مهما وصلت في دقتها فلن تبلغ الدرجات القصوى، ذلك أن الاحتلال أفرز حالة من الحصار والتضييق شملت مختلف مناحي الحياة. فالمؤسسات المدنية أغلقت، وغُلقَت " بديمقراطيتهم " ظاهرها وباطنها، ومراكز الأبحاث وئدت، ومؤسسات الدراسات الإقليمية والمحلية والدولية كلها تَعرقل عملها، بل أصابه الشلل التام؛ حتى ما عادت تنفع معه يد الطب، ولا جراحة الأخصائيين. وحتى لما قامت المشاريع السلمية مع الكيان الغاصب، ووُلد مشروع أوسلو المسخ، بدأت شرارات العمل الإحصائي تظهر وتشق طريقها إلى عالم الأحياء، ولكنها لا زالت تصطدم بالحواجز والعراقيل التي تكبّل حركتها، وتقلّص امتدادها، وبالتالي؛ تزيد هامش الخطأ في الإحصائيات التي تقدمها، مما يعني وبشكل لا جدال فيه أن النظرة المبنية على هذه الإحصاءات لن تكون دقيقة بحال، مما سيعكس حالة من الفوضى السياسية، والتخبط في التخطيط، والعفوية في الإدارة، ليبقى المستفيد الوحيد منها هو الاحتلال البغيض الجاثم على ثرانا، والمتربع في جناننا المغتصبة. إن هذه النظرة ليست في مجال نقد أو تخطيء، فها هي مراكز الإحصاء عينها تقرّ بالعقبات التي تواجهها، وتنشر للرأي العام المخاطر الجاثمة فوق صدر الإحصائيين والدارسين وأهل الاستقرار. يقول الدكتور حسن أبولبدة: ((وفي المقابل نلاحظ أن النشاط الإحصائي قبل اندلاع الانتفاضة قد اقتصر على بعض النشاطات الضيقة فقط، الأمر الذي أدى إلى انتشار ظاهرة تصدّق أي رقم إحصائي يتم طرحه وتداوله، وهو ما أفسح المجال أمام وجود أرقام متناقضة ومذهلة في الأراضي المحتلة)) [1]. وهذا كلام مدير مركز الإحصاء الفلسطيني عينه. وقد لمست هذا الأمر جليا أثناء كتابتي لهذه الأوراق البحثية، حيث وجدت كل الصعوبات قد انصهرت أمامي حاجزاً فولاذياً، لولا إرادتي لوقفت أمامه عاجزاً، فمن أين سيجد الباحث الإحصائيات التي هي المستند الأول والأرفع في أي تحرك علمي؟؟ من أي نبع سيكشف الكاتب المواقع والأسماء والوقائع؟؟ مع كل هذه المرارة، أوهنت هذه العقبات عزائم كثيرين، فوقفوا مكتوفي الأيدي أمام التحدي القائم، ولو أن كل أديب أو باحث أو مؤلف شمّر عن سواعد البحث - ولو كان ذاتياً - لأمكنه أن يخطو خطوة تلقاء شاطئ المعرفة، فنحن نعلم أن "هممُ الرجال عليةٌ لا تَصغُر". [1] الواقع الإحصائي في الأراضي المحتلة والتحديات المستقبلية، د. حسن أبولبدة، مركز البحوث والدراسات الفلسطينية - نابلس، طبعة عام 1994، الطبعة الأولى،ص 8.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |