الشعر في صدر الإسلام - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         الجوانب الأخلاقية في المعاملات التجارية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »          حتّى يكون ابنك متميّزا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »          كيف يستثمر الأبناء فراغ الصيف؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »          غربة الدين في ممالك المادة والهوى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »          أهمية الوقت والتخطيط في حياة الشاب المسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 35 )           »          الإسلام والغرب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          من أساليب تربية الأبناء: تعليمهم مراقبة الله تعالى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          همسة في أذن الآباء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 2 - عددالزوار : 34 )           »          تعظيم خطاب الله عزوجل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          رسـائـل الإصـلاح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 36 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى الشعر والخواطر

ملتقى الشعر والخواطر كل ما يخص الشعر والشعراء والابداع واحساس الكلمة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10-04-2019, 12:16 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,534
الدولة : Egypt
افتراضي الشعر في صدر الإسلام

الشعر في صدر الإسلام


د. سامية منيسي



كان الشعر أقوى الأسلحة القولية في الحياة الجاهلية عند العرب، وكان يحمل في ثناياه كل القيم الجاهلية، ويقف دونها ويدافع عنها دفاع المستميت من أجلها. فلما جاء الإسلام، وغيَّر من معالم الحياة وأطاح بكثير من القيم المتعارفة والعادات الموروثة في الجاهلية لقيه أكثرهم بالحرب والكيد، وسلُّوا في وجهه كل سلاح، فكان الشعر ضمن هذه الأسلحة المرفوعة في وجه الإسلام، فنظموا القصائد يهجون بها الهادي البشير صلى الله عليه وسلم وصحابته، وينالون من دعوته وعقيدته أشد النيل.
وبذلك سخَّر المشركون أقوى الأجهزة الإعلامية في وجه الدعوة الإسلامية، ليحولوا الجزيرة العربية كلها ضدّ هذه الدعوة وصاحبها رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذا في الوقت الذي لم تكن هذه الدعوة تملك جهازًا إعلاميًّا واحدًا تقف به أمام تلك الأبواق الحاقدة، مما كان له الأثر السيئ والقاسي في نفس الهادي البشير صلى الله عليه وسلم ونفوس أصحابه، وكان ذلك يقف سدًا منيعًا ضد الدعوة ليحول دون وصولها إلى الناس لأن الشعر في العصر الجاهلي كان يمتاز بمكانة لا تُغلب، كما كان سريع التغلغل والانتشار بين القبائل، وخاصة إذا كان مرتبطًا بلون من ألوان الصراع. وقد كان الصراع بين المشركين والدعوة الإسلامية أعظم صراع شهدته جزيرة العرب؛ لأنه من جهة يمثل حربًا بين الشرك والتوحيد، ومن جهة أخرى تشترك فيه قريش كراعية للسلم، وحامية للأماكن المقدسة.
وقد كان الشعر يمثل عقبة كأداء في سبيل الدعوة، ويؤثر في نفوس القبائل المجاورة ويصرفهم عن سماع الهدى ليس في مكة والمدينة وحدهما، ولكن في أنحاء جزيرة العرب لينقل صورة مشوهة عن الإسلام، ويفسد دعاة التوحيد إلى القبائل المختلفة[1]. فقد كان موقف الشعر من الإسلام تعبيرًا عن موقف الجاهلية بكل ما فيها من قيم معادية لمبادئ الإسلام، وما نادى به من التوحيد وإسلام الوجه لله تعالى والبعد عن الموبقات والفواحش والسمو بكل أخلاقيات الإنسانية.
هذا عن موقف الشعر من الإسلام، فماذا كان موقف الإسلام من الشعر؟
لقد جاء الإسلام حاملًا راية التوحيد ثائرًا على كل موبقات الجاهلية، وكان القرآن الكريم هو السلاح الأول ليردّ على أبواق المشركين ويفسد عليهم تأثيرهم بالشعر، فقد أبطل القرآنُ الكريم ببلاغته وفصاحته، وما فيه من نسق بياني تأثير شعراء المشركين على أمتهم وشعوبهم.
لقد كان فضل القرآن الكريم على اللغة العربية فضلاً كبيرًا إلى حد يصعب حصره وتقديره، فقد حفظ هذه اللغة من الضياع وخلّدها بخلوده، فقد نزل القرآن الكريم بفصاحته العالية، وبلاغته التي ليس لها حدود على قلب الهادي البشير صلى الله عليه وسلم، ليدحض بلاغة العرب قاطبة وهي الأمة التي كانت تتباهى بالبلاغة والشعر والفصاحة والتي ذكر أنه لو جمعت أشعار أمم العالم قاطبة في كفّة ميزان، وجمعت أشعار العرب في الكفّة الأخرى لرجحت أشعار العرب، الذين كانوا يقيمون أسواقًا للشعر يحكّمون فيها رجالات الشعر وفقهاءه، وكانوا بحكم عروبتهم وطبيعة حياتهم يقرضون الشعر في كل وقت وكل مجال، رجالهم ونساءهم، لقد ذكر ابن سلام مدى قوة الشعر وتأثيره في حياة العرب فقال: (وكان الشعر في الجاهلية عند العرب ديوان علومهم ومنتهى حكمهم، به يأخذون، وإليه يصيرون)[2].
ولو عددنا فضائل القرآن الكريم في هذا المجال وغيره فلن نوفيه حقه، ولكن نقول إن القرآن الكريم بداية قد تحدى العرب وبلغاء العرب في أن يأتوا بمثله قال تعالى: ﴿ قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا ﴾ [الإسراء: 88]. أو يأتوا بعشر سور مثله، قال تعالى: ﴿ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [هود: 13]، أو أن يأتوا بسورة مثله، قال تعالى: ﴿ وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [البقرة: 23].
وقد حاول الكثير أن يفعلوا ذلك ففشلوا فشلًا ذريعًا، ومنهم مسيلمة الكذاب وغيره ممن سخط الله عليهم.
أما الشهادة لكتاب الله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم فقد كانت على لسان بعض المشركين حينما عجزوا عجزًا مطلقًا على أن يأتوا بمثل هذا الكتاب المعجز أو بسورة مثله، فقد قال الوليد بن المغيرة الذي كان من ألد خصوم الدعوة الإسلامية، ومن أشدّ المعارضين لرسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ قال لقومه الذين زعم بعضهم أن الرسول صلى الله عليه وسلم شاعر متقدم فيهم - قال متحيرًا -: ما هو بشاعر، لقد عرفنا الشعر كله، رجزه وهزجه وقريضه ومقبوضه ومبسوطه، فما هو بالشعر. ثم لم يستطع أن يخفي إعجابه وما تركه من أثر في نفسه، وأضاف قائلا: والله، إن لقوله لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق[3].
وفي قول آخر قال الوليد بن المغيرة حينما سمع القرآن الكريم من الهادي البشير صلى الله عليه وسلم: ((والله لقد سمعت من محمد كلاماً، ما هو من كلام الإنس ولا الجن، وإن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وإنه يعلو ولا يُعلى عليه))[4].
حتى إن قريشًا قالت: صبأ والله الوليد، لتصبأن قريش كلها.
فقال أبو جهل أنا أكفيكموه، وظل به حتى قال عليه صلى الله عليه وسلم: إنه ساحر فردّ القرآن الكريم على ذلك في (سورة المدثر)، بأن الله تعالى قد أعدّ له نارًا في (سقر) تصليه جزاء عمله، انظر سورة المدثر (11 - 26).
وظل الكفار كذلك حتى هدى الله قلوب المؤمنين للإسلام ودخلوا في دين الله أفواجًا وعرفوا حقيقة القرآن، وذاقوا حلاوة الإيمان، فربحوا الدارين: الدنيا والآخرة.
إن فضل القرآن الكريم على اللغة العربية كثير إلى حد يصعب حصره وتقديره فهو حفظها من الضياع والتفكك وخلدها بخلوده، ووحّد لهجاتها في لهجة قريش التي سادت مختلف البقاع العربية والإسلامية، وحملها من موطنها الأصلي في بلاد العرب إلى وطن الإسلام الشامل في مختلف أصقاع الأرض وبقاعها مشارقها ومغاربها، فأصبحت لغة الإنسانية الأولى طوال عدة قرون. كما وسع عالمها اللغوي بإدخال مصطلحات دينية خاصة ومعاني شرعية بالإضافة إلى ألفاظ فارسية ورومية ويونانية وحبشية لاختلاط العرب بهذه الأمم الأعجمية.
أما عن أثر القرآن في الأدب العربي فإنه كان واضحًا في مبناه ومضامينه الفكرية، إذ أبعد الشعراء والخطباء عن غرابة اللفظ ووعورة المسالك اللغوية وجدد في أغراضهم الأدبية بموضوعات لم يألفوها من قبل، وأدخل عليهم قيمًا إنسانية أحلت مكان أثرة الفرد وعصبية القبيلة إيثار الجماعة ووحدة الأمة الإسلامية.
ثم لا ننسى أن القرآن المجيد هو الدرع الواقي للغة العربية من عبث العابثين وسهام خصوم العربية والإسلام، لأنه فرض على المسلم العربي التمسُّك بلغته والحرص عليها، وحرّم على القائمين على رعاياتها الخروج على نظامها اللغوي حيث إن في ذلك بعدًا عن القرآن وهجرًا له.
لقد كان أثر القرآن الكريم على لغة العرب أنها نقلتها من لغة قوم من الناس في الجاهلية يقيمون على إرث آبائهم في لغاتهم وآدابهم ودياناتهم إلى لغة الأمة الإسلامية في مشارق الأرض ومغاربها إلى يوم الدين[5].
وهذا، وقد اختلف الأسلوب القرآني في مكة عن المدينة نظرًا لطبيعة الاختلاف بين المجتمعين.
فقد خاطبهم في مكة بلغتهم التي يتفاهمون بها، فإن مصدره الإلهي جعله نسيجًا فريدًا، فلا هو بالنثر الذي عهدوه، ولا هو بالشعر الذي نظموه، فكان حُجّة عليهم ومعجزًا لهم إلى يوم الدين، وفي مكة خاطب الأسلوب القرآني عقل العرب وقلبه معًا لتقتلع العقائد الجاهلية وتحل محلها العقيدة الإسلامية مكانها.
لذلك تتكرر آيات الترغيب والترهيب في كثير من السور المكية والمدنية لما لها من تأثير في نفوس الناس، دافعًا إلى الخير وأهله وردعًا لهم عن الشر وباطله.
أما في المدينة المنورة حيث استقر الهادي البشير صلى الله عليه وسلم واتخذها عاصمة لدولة الإسلام الأولى؛ فإن نهجًا جديدًا أخذ يظهر في الآيات القرآنية، وخاصة فيما شرع الله للناس من أحكام تنظيم علاقة المسلم بنفسه وعلاقته بغيره من المسلمين وغيرهم في المعاملات والعقوبات.. وغير ذلك من العلاقات[6].
وإذا كان أسلوب القرآن الأدبي قد طغى عند الترغيب والترهيب في المواقف التي تستدعي إثارة المشاعر وتحريكها عند الحديث عن الثواب والعقاب والجنة والنار، إلا أن الأسلوب العلمي كان هو الذي يوضح الحقائق في أقصر السبل وأيسرها منالاً في تحديد الحقوق والواجبات وهو الظاهر على آيات التشريع[7]...
أما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد أوتي جوامع الكلم، وهو أول من تأثر بالقرآن الكريم؛ لأنه على صدره الواعي تنزّل، وفي ذهنه الصافي تمثّل، وعلى لسانه الطاهر جرى، فكان من خصائص أسلوبه صلى الله عليه وسلم - وقد أوتي جوامع الكلم - سهولة اللفظ، ووضوح المعنى وبلوغ المرام بأقصر السبل وأيسرها، بعيدًا عن التكلف والصناعة اللفظية، مع ميله صلى الله عليه وسلم إلى الإيجاز حينما يستدعي الأمر ذلك، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم ((أنا أفصح العرب بيد أني من قريش، واستُرضعت في سعد بن بكر))[8].
وقد كره النبي صلى الله عليه وسلم سجع الكهان الذي نهى الإسلام عنه، ولا ننسى أن المشركين نسبوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم الكهانة لتوهّمهم قرب أسلوب القرآن من سجع الكهان، فكان ردّ الله تعالى عليهم بقوله: ﴿ وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ * وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ﴾ [الحاقة: 41، 42]. وقد جاء السجع أحيانًا عفوًا في بعض أحاديثه صلى الله عليه وسلم ولكنه كان سالما من العيوب فهو زينة وحلية في الكلام، لا يأباه أدب البلاغة النبوية، أما السجع المتكلف لسجع الكهان فهو ما كان يأباه صلى الله عليه وسلم، ومن فضائل رسول الله صلى الله عليه وسلم على اللغة العربية أنه زيّنها وأثراها بعبارات وتراكيب لم يُسبق إليها، ولم تُسمع عن العرب من قبل مثل قوله صلى الله عليه وسلم (حمي الوطيس) و(إياكم وخضراء الدمن )... إلخ[9].
هذا، وقد وصف واحد من أئمة البلاغة والفصاحة بلاغة حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: ((وهو الكلام الذي قلّ عدد حروفه، وكثرت معانيه، وجلّ عن الصنعة، ونزّ عن التكلف.. فلم ينطق إلا عن ميراث حكمه، لم تسقط له كلمة، ولا زلّت به قدم، ولا بارت له حجّة، ولم يقم له خصم، ولا أفحمه خطيب، بل يبذّ الخطب الطوال بالكلام القصير، ولا يلتمس إسكات الخصم إلا بما يعرفه الخصم، لا يحتجّ إلا بالصدق.. ثم لم يسمع بكلام قطّ أعمّ نفعًا ولا أقصد لفظًا، ولا أعدل وزنًا، ولا أجمل مذهبًا، ولا أكرم مطلبًا، ولا أحسن موقعًا، ولا أسهل مخرجًا، ولا أفصح معنى، ولا أبين فحوى من كلامه صلى الله عليه وسلم))[10].
لذلك كان لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أثره العظيم في نفوس صحابته، وكذلك خطبه في المناسبات العديدة حيث أصبحت الخطابة لسان الدعوة الإسلامية، وأداتها الأولى - بعد القرآن الكريم بالطبع - التي تدعو العرب إلى نبذ العقائد الجاهلية وتحثهم على اعتناق الإسلام الذي ينقلهم من الظلمات إلى النور.
فقد كانت الخطابة في فجر الإسلام هي لسان النبي صلى الله عليه وسلم في نشر دعوته وتوجيه عسكره، وسياسة رعيته.
لذلك كانت خطبه صلى الله عليه وسلم تمثل مع أقواله وأفعاله المصدر الثاني للشريعة الإسلامية بعد كتاب الله الكريم، إلا أنه لم يصل إلينا منها إلا النذر اليسير، مع كثرة الدواعي والمواقف التي كان يقف فيها خطيبًا بين الناس بعامة وبين المسلمين على وجه الخصوص، ولعل مردّ ذلك إلى أن المسلمين الأوائل شغلوا - في أول أمرهم - بالقرآن الكريم، دون سواه، وذلك لاهتمام النبي صلى الله عليه وسلم به حتى لا يختلط الأمر على المسلمين بين كلام الله تعالى، وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم.
ومع ذلك فقد رصد الباحثون العديد من الخطب النبوية، معظمها صغيرة الحجم، إلا أنها غزيرة المعاني، وافية بالمراد، مراعية لمقتضى الحال.
ومن مقولاته المختصرة، والتي تصيب الهدف دائمًا؛ قوله للأنصار: ((إنكم لتقلُّون عند الطمع، وتكثرون عند الفزع)).
وقوله صلى الله عليه وسلم: ((المسلمون تتكافأ دماؤهم، ويسعى بذمتهم أدناهم، وهم يد على من سواهم)). وقال لأبي سفيان بن حرب: ((الناس معادن، خيارُهم في الجاهلية خيارُهم في الإسلام إذا فقهوا))، وقال: ((المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً)). وقوله لحكيم بن حزام: ((اليد العليا خير من اليد السفلى)). وقوله صلى الله عليه وسلم: ((يد الله مع الجماعة))[11].. وغير ذلك من الأحاديث الشريفة التي تنم عن بلاغته صلى الله عليه وسلم دون استطراد، فقد أوتي صلى الله عليه وسلم جوامع الكلم..


[1] انظر د. شكري فيصل: المجتمعات الإسلامية في القرن الأول، بيروت، دار العلم للملايين، 1966، ص327، محمد العيد الخطراوي: المدينة في صدر الإسلام - الحياة الأدبية ص9 - 11 بيروت – دمشق - مؤسسة علوم القرآن، المدينة، مكتبة دار التراث، [دراسة حول المدينة المنورة - 6] الطبعة الأولى، 1404هـ/ 1984م.

[2] انظر: محمد بن سلام الجمحي: طبقات فحول الشعراء ج1 ص24، 25، تحقيق محمد محمود شاكر، القاهرة، مطبعة المدني، 1974م.

[3] مغدق: كثير الخير والعطاء. انظر: الأدب الإسلامي في عهد النبوة وخلافة الراشدين: د. نايف معروف، بيروت، دار النفائس ط1/ 1410 1990م، ص13 - 15.

[4] القول المبين في سيرة سيد المرسلين، د. محمد الطيب النجار ص92 - 93.

[5] انظر: الأدب الإسلامي في عهد النبوة وخلافة الراشدين ص16 - 18.

[6] المرجع السابق ص18، 19.

[7] نفس المرجع ص19 - 20

[8] انظر زهر الآداب وثمر الألباب لأبي إسحق إبراهيم بن علي الحصري القيرواني ج1 ص23، دار الفكر العربي بالقاهرة، تحقيق علي محمد البجاوي.

[9] الأدب الإسلامي 26 - 29.

[10] البيان والتبيين للجاحظ: أبو عثمان عمرو بن بحر، ج2 ص17، 18، تحقيق، مكتبة الخانجي، القاهرة، 1388هـ/ 1968م.

[11] انظر زهر الآداب وثمر الألباب، ج1 ص24 وما بعدها.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 64.32 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 62.44 كيلو بايت... تم توفير 1.88 كيلو بايت...بمعدل (2.92%)]