|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
الحقيقة المرجعية في أسئلة نقد القارئ
الحقيقة المرجعية في أسئلة نقد القارئ حسن الطويل استتبع ارتضاء القارئ بؤرة جديدة للتركيز النقدي تبرز ظواهر ثقافية تستدعي الفحص والتأمل، فتجاوز الضلعين الآخرين للمثلث النصي (المؤلِّف - النص اللغوي) ينبِّه إلى مغايرة في العلاقات بين أطراف تركيبته الثلاثية، كما يشير إلى بروز فلسفة جديدة تقدم آراءً تخلخل تمثُّلاتنا التقليدية للظاهرة الإبداعية، وإذا عدنا إلى المرجعيات التي نهل منها رواد نظريات القارئ يمكن تَبَيُّن جملة من الأسئلة الدقيقة التي رافقت النقلة الحاسمة صوب القارئ. أشار "روبرت هولب" إلى خمسة أصول وفَّرت الفرش النظري لنقد القارئ، تهمُّنا منها الفلسفةُ الظاهرتية، فانطلاقًا من المباحث التي انكبت على دراستها، تمَّ الانتهاء إلى استنتاج حجم الهوَّة الفاصلة بين الموضوع المرجعي في تطابقه التام مع نفسه وبين ظهوره في تحقق لُغوي مثقل بإرغامات خِطابية لا مفرَّ من اعتبارها، فالذات التي تنصرف إلى إدراك موضوعٍ ما تترك أثرها فيه، فيصبح الموضوع المحدَّد كِيانا مرتبطًا بالذات المُدرِكة، ومغايرًا لمرحلته في المرجع الأول، وهنا سنكون بصدد إشكال قصدية المؤلف في نقل الأشياء ضمن نصٍّ إبداعي. وإذا أضفنا ما يفعله القارئ في حق النص الإبداعي؛ من زيادة إلى معناه، وتأويل لإشاراته، سننتهي إلى تأكيد أن الحقيقة المرجعية في الإبداع تقترب من درجة الصفر؛ فقد اجتمعت عليها عوامل الهدم تهدُّ كيانها من مُختلف الجوانب، حتى لم تعد لها أي فرصة تسمح لها بالظهور في صورتها الأصلية. وفي النظريات التي اشتغلت على بيان أهمية القارئ في التأثير في الأثر الأدبي، نقرأ كلامًا يبين إسهام التفاعل القرائي في تحديد المعاني التي يُفترض اندراجها في النص، والفيلسوف الفرنسي "جون بول سارتر" أوضح أن النموذج الأدبي المفارق لبنيته القرائية يبقى مجرد خطوط سوداء لا تتوافر على بعد دلالي إلا بعد دخولها في علاقات افتراضية بقارئ محدد، والإقبال على التفاعل مع النص ليس عملية تحصيلية تترجم وجوده بالقوة إلى وجود بالفعل، فسارتر أكد أن فعل القراءة يتكون من جملة افتراضات وآمال وخيبات تعقبها يقظات، وهذا يعني أن الحقيقة المرجعية لا تسكن النص؛ وإنما تتميز بوجود إشكالي أساسه الانسجام الكلي مع القارئ، ومع رواد نظرية التلقي في مدرسة "كونستانس الألمانية" نقف على مصطلحات خاصة تبين بوضوح ارتهان دلالات النص المُتوقعة إلى الجهود القرائية المتعاقبة عليها، ولعل مصطلح "أفق التوقع" يدل على استبعاد وجود حقيقة قارة أولية في نصٍّ ما، فهو يعني جملة من المقاييس الذاتية والثقافية التي يستخدمها القراء في فهم النصوص والحكم عليها، ويعني التخييل، بوصفه مفهومًا لصيقًا بالنص الأدبي، يفسِّر نشوءه وصياغته جملة من إجراءات العدول الأسلوبية التي تصنع لها صورة دلالية (صورة المعنى)، يُشترط فيها الابتعاد عن نقل المعنى الحقيقي بطريقة عكسية، أفليس هذا دليلاً آخر، مأخوذًا من جوهر النص، يثبت أن الحقيقة المرجعية تخبو جذوتها لمَّا تحلُّ في نص إبداعي ما؟ صحيح أن نوع النص يفرض سلطته في تحديد درجة ابتعاد الحقيقة المرجعية في النص الإبداعي، والأمر فصَّل فيه القدماء عند حديثهم عن درجات حضور الكذب في أنواع النصوص، والمُستفاد مما كتبوه في هذا الموضوع، أن النص حينما يوغل في التخييل - أي: لمَّا تشتد صلته بالأدب - تصير فيه الحقيقة المرجعية هباء هشيمًا تذروه الرياح.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |